أقلام حرة

أقلام حرة

الفراق ما أمرّ الفراق يا ابن خالتي.. أخبرتني قبل ساعتين أختي ايمان من النجف الأشرف أنك رحلت من عالم الفناء إلى عالم البقاء يوم أمس عصرا.

سالت الدموع من عينيّ وتذكرت بيتا للجواهري:

وإنّي والشجـــــاعةُ فيّ طبعٌ *** جبانٌ في مواجهــةِ الفراقِ

كنت سفير العراق في مجال الرياضة، كنت بطلا عالميا بكمال الأجسام

وقبل أن تكون بطل آسيا وقبل أن تحقق عدة مرات المركز الثالث عالميا، كنت قد سألتك يوما في احدى زيارراتك لنا، لماذالا تذهب الى هوليود فتؤدي دورا سينمائيا ؟، ففيك نفس مواصفات بطل كمال الأجسام ستيف فريز، الذي مثّل دور البطل في فلم هرقل الجبار، وقتها ابتسمت وقلت لي باللهجة العراقية (وهاي مديحة تكدر تعيش بامريكا)، مديحة هي الزوجة الاولى لعلي الكيار وهي من نفس عشيرة علي الكيار (الياسري) وقد غلب اسم الشهرة الكيار لانّ والده عطية كان يعمل في تبليط الشوارع بالكير، وكان يزورنا باستمرار ويستأنس بالقصص التي أقصها عليه

كان علي الكيار انسانا متواضعا منفتحا على الجميع محبوبا مسالما، كنت كثيرا ما أذهب لأزور خالتي بهّية والدته وكانت معروفة في مدينة الثورة (كوالة) والكوالة كلمة شعبية عراقية تعني شاعرة . كان اخوه عاشور يعيش في نفس البيت كان يعمل في البناء، أما اخوه كاظم فكان يردد دائما على اسماعي كلمة (فاشست)، ويقصد بها النظام السابق، شيئ مهم عن حياة على الكيار البطل العالمي لكمال الأجسام انه اعتقل في الانقلاب الدموي الفاشي في عام 1963 وقد اراني صورا له في معتقله، وقد افرج عنه بعد أشهر من اعتقاله، فهو لم يكن سياسيا او منتميا لحزب معين لكنه كان يندد بالظلم.

لقد عشت يا علي بطلا حقا في كمال الأجسام كرياضة، لكنك عشت كذلك بطلا في معترك الحياة

عشت مكافحا من أجل توفير الخبز لأطفالك . اعتمدت على نفسك، فعملت سائق تكسي . كان على الدولة أن تضمن لك راتبا باعتبارك بطلا عالميا في كمال الأجسام، مثلت العراق في بطولات عديدة ودوما كنت تحرز المرتبة الثاللثة عالميا .، فضلا عن احرازك المرتبة الاولى على ابطال آسيا على الدوام

كلنا سنرحل عن هذه الحياة الفانية، لكن سيبقى لنا الذكر الطيب وما عداه ستذروه الرياح.

فلك الذكر الطيب يا ابن خالتي

تغمدك الله برحمته الواسعة وأسكنك فسيح جناته

واسمح لي أن اختم مقالتي المبتسرة بهذا الفيديو

الرابط:

***

 جميل حسين الساعدي

......................................

ولد علي الكيار في مدينة العمارة بجنوبي العراق عام 1937 في عائلة عمالية وانتقل للعيش في مدينة الثورة ببغداد حيث بدأ حياته ملاكما قبل ان يتوجه الى رياضة كمال الاجسام ابتداء من 1953 ليحرز على التوالي بطولة العراق للناشئين عام 1964، ثم بطولة العراق للمتقدمين عامي 1965 و1966، ثم المركز الثالث في بطولة العالم عام 1966 والمركز الرابع عام 1970 والثامن عام 1971، فالمركز الثالث عام 1972 الى جانب المركز الأول في بطولة آسيا عام 1970 والثاني عام 1974، وبطل العرب والشرق الأوسط اعوام 1970 ــ 1971 ــ 1972، وبطل العراق منذ عام 1965 لغاية اعتزاله عام 1975. كما اشتهر عالميا بتغلبه على بطل بناء الأجسام الممثل الأمريكي الشهير وحاكم كاليفورونيا لاحقا أرنولد شوارزنيجر، حيث حصل على الكيار على المركز الرابع على مستوى العالم بينما حل أرنولد خامسا.

 

أستاذ لامع في إحدى الجامعات العريقة، متخصص بحضارة سامراء، إنتحى بي جانبا، عندما كنت أحضر مؤتمرا عن حضارات العراق، ولم تُذكَر فيه سامراء، فاعترضت معاتبا ومفندا الميل اللاموضوعي، نحو طروحات لا وطنية لا حضارية بل ولا إنسانية.

قال لي ذلك الأستاذ الأجنبي، أن سامراء أغنى بقعة حضارية آثارية فوق الأرض!!

إنهم يعرفونها أكثر مما نعرفها!!

وذات مرة وبعد إلقائي محاضرة في تجمع ثقافي عن حضارة سامراء، وإذا بطالب دكتوراه ألماني يقترب مني، ويحدثني على أنه يعمل رسالته عنها، وجاء ليتابع ما إكتشفه إرنست هرتسفيلد (1879 - 1948) فيها.

تعجبت من أمرنا وكيف نبخس أشياءنا، والآخرون يدركون قيمتها وثروتها المعرفية ، ففي واقعنا التعليمي لا نتعلم ثقافة المدينة، وكانوا يدرسوننا في الجغرافية مدن الدول الغربية، وما وجدنا مادة عن مدينة سامراء في مدارسها، وبغداد وبيت الحكمة، والإبداعات العلمية لأبناء الأمة عبر العصور، بل الثقافة سلبية، تعزز الدونية والذل والهوان والتبعية.

وتجدنا اليوم أمام أقوام تعادي سامراء، وفقا لتطلعات الضلال والبهتان وروح الإنتقام والعدوان!!

فإلى متى ستبقى المدينة في خندق "ساء مَن رأى"؟!!

وتحية لأبي تمام والبحتري وعلي بن الجهم ولإبن المعتز، الذين كانوا في ربوع قصورها ينشدون!!

***

د. صادق السامرائي

29\6\2024

لعبة الأمة لا تقرأ إنطلت على الأجيال منذ مطلع القرن العشرين، وهدفها تمرير المخططات الإفتراسية لوجود الأمة، وقد حققت مآربها وأهدافها، ولا تزال إسطوانة " الأمة لا تقرأ" تدور، وتردد ألحانها الغثيثة على مسامع الأجيال.

فهل تصدقون أن الأمة لا تقرأ؟

وإن لم تقرأ فيمكنها أن تقرأ في غضون بضعة سنوات لا أكثر.

فلماذا إعتبار عدم القراءة داء مستوطن في مجتمعات الأمة؟

إنها كذبة صارخة، ومادة تجارية يستنفع منها ذوي العاهات السلوكية المبرقعة بألوان متنوعة من الإدعاءات الباطلة.

الحقيقة الفاضحة أن الكراسي لا تقرأ، ولو إمتحنتموها باللغة العربية، لرسبت جميعها، فلا يوجد صاحب كرسي يجيد التعبير عما يريد قوله بلسان عربي فصيح!!

المجتمعات البشرية بحاجة إلى قدوات منيرة ذات قدرات معرفية عالية، تستنهضها وتأخذها إلى مقاماتها، لا أن تدوسها بحمقها وسذاجتها، وغفلتها وجهلها المشين.

لو تأملتم مصائب الأمة، لتبين بأنها من إنتاج الكراسي المعوّقة معرفيا، والساذجة سلوكيا، ولا دور للمجتمعات فيها، لأنها مرهونة بسطوة السمع والطاعة، وعدم الخروج عن طابور الجماعة.

عندما يكون في الكراسي أناس أذكياء مولعون بالمعرفة والعلم، عندها تحدثوا عن القراءة من عدمها.

المجتمعات لا تقرأ، لأن الكراسي لا تقرأ!!

فما نفع القراءة والكراسي لا تستمد قوتها من الشعب؟

الأمة تقرأ، ونسبة المتعلمين فيها تتنامى، ومعظم الخريجين من الجامعات، يواجهون مصير البطالة والإهمال، وعدم جدوى ما حصلوا عليه من معارف وعلوم، فالكراسي لا تستثمر في المتعلمين، وتراهن على زيادة مساحة الجهل والأمية، لكي تكون مطلقة في أخذ ما تريده.

فهل تحتاج المجتمعات لمئات السنين لتقرأ؟

علينا أن نتأمل المجتمع الصيني، الذي إنتقل في ليلة وضحاها من الظلام إلى النور، والذين يقرأون ويكتبون فيه سنة 2021 نسبتهم (99.83%)، وكانت مجتمعات الأمة أكثر تطورا منه في النصف الأول من القرن العشرين!!

فلماذا أضاؤا وإنطفأنا؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

الكلمات كائنات حية  تصنع وجودا متماسكا له كيانه المتميز، وهي مثل خلايا الأبدان  المتفاعلة، وفقا لمنظومة حياتية ذات قيمة مكانية، وصيرورة تواصلية مع ثوابت كونية مؤثرة في مسيرة المخلوقات الأرضية.

هذا الكائن الكلماتي تحقق العبث بذاته وجوهره، فتجدنا أمام مشاريع إلصاقية موجعة، تضع الكائن الكلماتي  في غير مواضعه، وتُحدث إضطرابا تعبيريا مؤلما.

الكلمات تتزاوج وتتآوى إلى بعضها، ولا تتنافر وتتقاتل، لتصنع تعبيرا ممقوتا يوجع رأس القارئ، ويسمى إبداعا وحداثة، وكأن الوصول إلى سواحل العصر، تتطلب منا خلع ملابسنا والتخلص من جلدنا.

ونعرف أن أي مخلوق إذا فقد جلده سيموت.

فلماذا نسعى للتخلص من جلدنا  وتعرية ما فينا، بذريعة الحداثة، وما عندنا منها شيئ.

هل نطعم أنفسنا، ونصنع حاجاتنا، ولدينا إرادة سيادية وقدرة عسكرية وقوة ذات مقام.

الكلمات عليها أن تعبر عن الواقع لا أن تتوهمه، وكأنها في عالم آخر.

إن ما تنشره الصحف والمواقع فيه كثير من موجعات الرؤوس  بأساليب تدويخية  تنفيرية، خالية من الفكرة الصالحة والرؤية الإنسانية الطيبة.

إنها الكلمات تلعن نفسها، والعبارت المجوفة كأنها الخليط الغير متجانس لكنها إبداع!!

***

د. صادق السامرائي

2\7\2024

 

أمسى الحزن مفهومًا ثابتًا يتداول في أروقة المكروبين، وصرخة يائسة تنبثق في الفراغ ليصطدم صداها بواقع غالبا ما نخلقه بمحض إرادتنا. الحزن جزء لا يتجزأ من عواطفنا، وتبرز معالمه بعد الخسائر المهمة في الحياة، ويحرك أوتار القلوب أثناء الكوارث. إن أعظم الخسائر وأكثرها إيلامًا هي عادة فقدان الأحباب، عندما يخطفهم الموت؛ أو عندما يصدر من كلام جارح، ويسبب حالة من الألم الداخلي، وغالبًا ما يكون له أثر مؤلم لدى المتلقي، أو يكون نتيجة مرحلة مؤلمة جدًا مرت في تاريخ المجتمع.

الإسراف في الحزن يتحول مع الوقت إلى متلازمة المرض النفسي التي تظهر بأشكال مختلفة، كالاكتئاب، والتوتر العصبي الذي بدوره يسبب تقلصات عضلية في صندوق الدماغ، مما يعيقه من التفكير والبحث عن مخرج.

عندما يتم تسييج هذه الحدود، يظل الإنسان محاطًا بجدار من اليأس والإحباط، وفقدان القدرة على التغلب على العوائق مهما كانت صغيرة.

المشكلة الأكبر، هي عندما يتحول الحزن إلى ظاهرة عامة تؤثر على المجتمع كله، ويصبح سلوكًا وثقافة، بل بعبعًا يهاجمهم في كل لحظة بعد أن احتل مكانة خاصة في حياة المجتمع كحالة طبيعية، ومهد لهم الطريق في بناء وطن في أعماقهم يسمى الحزن.

الحزن هو تجربة أكبر وأكثر تعقيدًا من مجرد الحزن، ولكن عندما نترك أصعب الأوقات وراءنا ونمضي قدمًا، فإننا غالبًا ما نعمق نظرتنا للحياة وما يهمنا حقًا.

الغالبية العظمى من الناس لديهم حاجة للحزن بعد خسارة كبيرة. ولذلك، فإننا نحرص على استيعاب الخسائر التي تعرضنا لها. نحاول أن نفهم ما مررنا به وكيفية التكيف مع وضع الحياة المتغير.

الحزن هو وسيلة لتجربة وإظهار هذا لأنفسنا والعالم الخارجي لمدة من الوقت، نحتاج إلى خفض مطالبنا على أنفسنا وإبطاء طاقاتنا ومواردنا واقتصادنا، لأن الحزن كثيرًا ما يجعلنا متعبين وغير مبالين بشكل دوري.

تحاول القوى السياسية الإسلامية الحالية ترسيخ ظاهرة الحداد كضرورة تاريخية عن طريق الإشارة إلى تذكيرها الدائم بالموتى الذين رحلوا عنا منذ آلاف السنين والبكاء على ذكراهم؛ ويمكن الإشارة أيضًا إلى الحقيقة المقنعة، وهي: أن المشايخ الجالسين على المنابر في المساجد، قد تعمدوا إلى أن يبدعوا في صياغة ألفاظهم بطريقة توحي "إن الحزن هو حالة دائمة يجب على كل فرد أن يعيشها".

هدف من نشر الرايات السوداء في كل شارع وزقاق هو ملء نفوس المواطنين بالحزن وإبعادهم عن التفكير في الفرح، والحب، والبهجة، والسعادة التي تنتجها الحياة.

ويستمر هذا الظلام الكالح في تسريب سمومه الخطيرة في محاولة حثيثة لقتل روح التضامن الشعبي، واستبدالها بالفشل، والخيبة، والاستسلام؛ وسلب قدرات الإنسان، وتحويلها إلى سراب من الأوهام والأساطير.

إنها سياسة تدمير جوهر الإنسان - أي - إلحاق الضرر به من الداخل للحيلولة دون الخروج من دائرة الحزن. مع العلم أن الحزن كمفهوم  ليس  الغاية منها التوقف عنه، لأن - كما قلنا - "الحزن مرتبط بالمشاعر والأحاسيس"، وهذا الأمر يُسَهِلُ عليهم إحكام السيطرة على مشاعر الناس، واحتواء أعداد هائلة منهم وتنظيمهم على صورة "القطيع".

إن الجماهير الغائبة وغير الواعية لمخاطر السموم التي تحقن لها من قبل قوى الظلام، عليها أن تنزع عن نفسها هذا الثوب الأسود؛ وتزيح الحزن الدائم عن طريقها، ولا ينبغي أن يكون حطبًا جاهزًا لمواقدهم.

ودون توافر المقومات الأساسية لبناء مجتمع قوي وسليم، متسلح بالطاقة، والقدرة المتاحة لمواكبة عصر التقدم والتكنولوجيا، ودون وجود الإنسان الصحي القويم، لا يمكن للأمة أن تقف شامخة، ويمكن للوطن أن ينهض.

***

كفاح الزهاوي

المقدمة: تناقلت العديد من الصحف ووسائل الإعلام خبر توقيع رئيس طاجيكستان (إمام علي رحمان) على خمسة وثلاثون قانوناً تهدف إلى حماية قيم الثقافة الوطنية لطاجيكستان، وتشمل هذه القوانين قوانين تحظر ارتداء الملابس "الغريبة" عن الثقافة، مثل "الحجاب".

رحمانوف: تم انتخابه في 6 نوفمبر 1994 وأدى اليمين بعد عشرة أيام، ليصبح الرئيس الثالث لطاجيكستان، وكان ذلك خلال الحرب الأهلية التي شهدتها البلاد، والتي استمرت من عام/ 1992 إلى عام/ 1997 وأسفرت عن مقتل ما يصل إلى مائة ألف شخص.

 وكان رحمن أيضًا زعيم حزب الشعب الديمقراطي اليساري، الذي يسيطر على برلمان طاجيكستان منذ 18 مارس1998، نجا من محاولة اغتيال في 30 أبريل 1997، والتي عارضها حزب المعارضة الموحد في طاجيكستان.

أولاً: ممنوعات رحمانوف

في بيان لليونسكو، قال رحمانوف إن الأزياء الوطنية في طاجيكستان مرادفة "لتقويض هويتنا الوطنية"، مضيفًا: "نحن كذلك"، ترويج ما يسمى بالملابس الدينية التي لا تلبي احتياجات بلادنا الدينية ولا تتماشى مع أخلاق بلادنا وثقافتها".. وقال: "علينا أن نتجنب التسلل ونحمي حقائق وقيم بلادنا"، مشددا على أن أولئك الذين يخالفون قرار حظر الحجاب والاحتفال سيتعرضون لغرامات تصل إلى 740 دولارًا.

لذلك منع رئيس طاجيكستان إمام علي رحمانوف الاتي:

- الشباب من الصلاة في المساجد والكنائس، بموجب قانون "المسؤولية الأبوية.

وقال رحمانوف  إن هناك حاجة إلى إجراءات صارمة لمنع انتشار ما سماها الأصولية الإسلامية في بلاده التي يسكنها 7،5ملايين نسمة منهم 95 بالمائة مسلمون.

ونص القانون على منع جميع السكان دون سن 18 عاما - باستثناء من يدرسون في المدارس الدينية- من العبادة في المساجد أو الكنائس أو غيرها من المواقع الدينية.

الرئيس الطاجيكي أمر بإغلاق 1560 مسجد و جامع في طاجكستان و حولها لدور ثقافة و مصحات و رياض أطفال و دور لرعاية المسنين و منع القصٌر من دخولها و قول:

(لا حاجة لنا بمساجد يتخرج منها دواعش وإرهابيون إسلاميون سأحمي شعبي من محرقة الإرهاب الديني الإسلامي المتطرف إنهم يقومون بغسيل مخ للشباب و الأطفال هؤلاء المشعوذون).

- كما حظر على الفتيات ارتداء الحلي باستثناء الأقراط، ومنع من هم دون سن 20 عاما من رسم الوشم أو ارتياد الملاهي الليلية أو مشاهدة الأفلام أو قراءة مواد "تروج للإباحية والعنف والتطرف والإرهاب"، إلا أنه لم تتضح عقوبة مخالفة هذا الحظر.

- أقدمت حكومة طاجيكستان على حلق لحى 13 ألف رجل خلال سنة/ 2015 ونزعت حجاب 1700 امرأة، وتعتبر الحكومة الطاجيكية هذه الإجراءات تدابير ضمن حملتها لـ"محاربة التطرف" في البلاد.

- صوت البرلمان، على قرار يمنع الأسماء العربية بعد ارتفاع تسمية المواليد الجدد باسم محمد.

ثانياً: المخاوف المشروعة

وتتخوف طاجيكستان من التهديد الذي يمكن أن يشكله المقاتلون الطاجيكيون الذين التحقوا بتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" على الحدود الأفغانية، في ما يطلق عليه التنظيم بولاية خراسان.

وحسب المعهد الملكي للشؤون الدولية في لندن، فإن حوالي 500 من مواطني هذا البلد عبروا إلى سورية للقتال في صفوف داعش، وقتل منهم حوالي 100 مقاتل.

- وتحظر الحكومة ارتداء الحجاب على التلميذات، كما تحظر حضور القاصرين، دون سن 18 الشعائر الدينية، باستثناء الجنائز، حسب تقرير وزارة الخارجية الأميركية حول الحرية الدينية سنة/2014.

- وتمنع الحكومة أيضا تلقي الأطفال، بين السابعة و18 تعليما دينيا، دون موافقة مكتوبة من أسرهم، على أن يتم ذلك في مدارس غير حكومية وخارج أوقات الدراسة.

-  منعت لجنة الشؤون الدينية والثقافية في البلاد الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 35 عاما من تقديم طلب لأداء مناسك الحج.

- ولا تقتصر الرقابة الشديدة على الديانة الإسلامية، بل تشمل مختلف المظاهر الدينية..منعت الحكومة الاحتفال بالكريسماس وبرأس السنة الجديدة.

- وأصدرت الحكومة قرارا بمنع الألعاب النارية والوجبات الاحتفالية وتبادل الهدايا ونصب شجرة عيد الميلاد.

ثالثاً: مصر أنموذجاً أخر

في عام 2013-2014  بلغ عدد المعاهد الأزهرية 9،7 ألف معهد، بينما وصل عدد المعاهد الأزهرية العام الحالي 2023-2024  الي 11،6 ألف معهد.

أذن يوجد في مصر ما يقرب من عشرة الأف معهد إعداد دعاة أوقاف، الدراسة فيها ثلاثة شهور لأي شخص يريد أن يصبح شيخًا، تضم ما يقرب من مليوني طالب، هل يتعلم طلاب الأزهر كيفية إعداد الطعام لأنفسهم ؟ هل يتعلمون كيفية صناعة ملابسهم؟ هل يتعلمون كيفية صناعة الورق والاقلام التي يستخدمونها ؟.

ميزانية الأزهر بلغت ثلاثة عشر مليار جنيه، بينما ميزانية وزارة الأوقاف المصرية بلغت 11 مليار جنيه.

السؤال الأول: هل يحتاج الشعب المصري فعلاً إلى كل هذه الأعداد من  الشيوخ ؟.

السؤال الثاني: هل قدم جميع خريجي هذه الكليات والمعاهد السابقون واللاحقون أي إضافة أو فائدة لبناء المجتمع، أو أي اختراع إبرة خياطة، حتى أي ابتكار أو تطوير لمصنع أو ورشة  أو أي مشروع تخرج ذات قيمة؟.

السؤال الأخير: لماذا الحكومات المصرية المتعاقبة مُصرة على استمرار عزل كل هذه الطاقات البشرية عن المشاركة في بناء مجتمع اقتصاد قوي، ومجتمع منتج فعلياً ؟.

رابعاً: السيدة " حليمة يعقوب " رئيسة سنغافورة

امرأة مسلمة متزوجه من رجل ماليزي من اصل يمني عاشت وزوجها بغرفة واحده بداية تخرجهما من الجامعة.

اجتمعت بالحكومة وقالت انا اسمي حليمة يعقوب(أمة من إماء الله أخشى الله وأخافه، من يريد أن يعمل معي لصالح الشعب السنغافوري، فأنا اخته بالله، همي رفع مستوى المعيشة لمواطني سنغافورة ولا يعنيني غيرها).

إنجازاتها:

- زيادة دخل سنغافورة ب 2 ترليون دولار.

- ارتفع دخل المواطن السنغافوري إلى 85 الف دولار.

- أصبح جواز السفر السنغافوري أغلى جواز سفر بالعالم، أصبحت نسبة البطالة 1 بالمائة.

- أنجزت ما يقارب من عشرة آلاف مشروع عملاق.

- أصبحت نسبة الفساد بسنغافورة صفر.

- شطبت جميع الضرائب على المنتجات السنغافورية.

- زيادة الدخل القومي بنسبة 5 تريلون فائض.

- يوميا تصلي الفجر مع عدد من موظفاتها في مسجد عام في العاصمة وبعد الصلاة تستمع لمشاكل مواطنيها.. هذا هو الإسلام الذي ترفضه بعض الشعوب.. لتعارضه مع مصالحهم الفاسدة،لم يكن أبدا الحجاب، تخلفا ولا رجعية.

***

شاكر عبد موسى/ العراق

......................

المصادر

 - الغارديان/ نيوزويك/ تقرير وزارة الخارجية الأميركية حول الحرية الدينية.

 - اليوم السابع/ حكاية وطن.. ارتفاع عدد المعاهد الأزهرية/ لؤي علي/ 2 أكتوبر 2023. https://www.youm7.com/story/2023/10/2/.

إذا كنت مثل جنابي تعيش في بلاد الرافدين حيث ضابط برتبة عميد يمكنه ان ياخذ معه رتل من الحمايات ليتجول في الكرادة، وينظر بعين الرضا الى حالة التعجب التي ترتسم على وحوه المواطنين .. فانت حتما ستشعر بالأسى وانت ترى رئيس وزراء هولندا الذي ودع المنصب قبل ايام قليلة، يخرح من مقر رئاسة الوزراء ليستقل درجاته الهوائية عابرا عشرات الحضور في الشارع. ياعزيزي القارئ هل ستشعر بالاسى مثلي او تضحك على رئيس وزراء يرفض ان ترافقه عشرات السيارات المصفحة ومعها افواج من الحمايات ..، ورغم كل هذه الكوميديا فأن المواطن العراقي يفتقد لـ"حكم" و"مآثر" إبراهيم الجعفري الذي اختفى في نعيم لندن، بعد أن أعطى لهذا الشعب خطباً عن المارد وقمقمه، لكنه في النهاية "قبض" المقسوم وذهب إلى بلاده بريطانيا، فالعراق كان مجرد كعكة يتم تقاسمها مع الأحباب الأصحاب.

أُدرك وأعي أنّ الأحزاب ستضعني في خانة "المتآمرين"، ولكن اسمحوا لي أن أواصل حكايتي، فرئيس الوزراء الهولندي خرج من باب الوزارة بعد ان خسر في الانتخابات، لم يخرج على الناس ليعلن انه سيستخدم الثلث المعطل، ولا حاصر مقر الحكومة .. فقط ركب دراجته ومضى .. هولندا التي لا تحمل سجلاً تاريخياً يضم حكايات علي بابا والأربعين حرامي، ولم تصنع سفناً فضائية قبل خمسة آلاف عام مثلما اخبرنا العلامة كاظم الحمامي، لكنها اليوم واحدة من أثرى البلدان، أتذكر أننا في بغداد لم نعرف هولندا إلا من ثلاثة أشياء: الرسام فان كوخ.. صاحب أشهر أُذن في التاريخ والتي دائماً ما تثار حادثة قطعها، هل قدّمها الرسام هدية إلى محبوبته، أم أنها فقدت في معركة ليلية مع الرسام غوغان؟ .. والشخصية الهولندية الثانية لاعب كرة القدم يوهان كرويف.. وثالث مشاهير هذه البلاد السيد جيرارد فيليبس مؤسس الشركة الشهيرة للصناعات الكهربائية، والذي سيطرت عليه عام 1891 فكرة واحدة فقط هي كيف يحقق حلم أديسون في تصنيع مصباح كهربائي، وهو الاختراع الذي أشاع البهجة والمعرفة والسرور في كل بيوت الكرة الأرضية بمختلف ديانات سكانها وألوانهم وقومياتهم باستثناء بيوت العراقيين، ولم يكتف السيد جيرار بذلك بل سحرنا بصندوق خشبي سمّي راديو "رمز الحرية الفكرية وركن الديمقراطية وفاضح كل أسرار الدنيا"، مثلما تغنّى به عزيز علي ذات يوم .

اليوم نسمع في نشرات الأخبار، لا في راديو فيلبيس، أن هولندا لم تعد تصدر الضوء والفن فقط، وإنما أيضا نموذجا للمسؤول الذي لا ينشغل بخطب والشعارات الفارغة، وإنما يسعى لاحترام المواطن أيا كانت هويته وطائفته.

***

علي حسين

 

قلة من الشعراء ألفوا كتبا في مناحي المعرفة، ومنهم أبو تمام، والرصافي وغيرهم، أما معظم الشعراء فأنهم يركزون على كتابة الشعر وإصدار الدواوين، وبعضهم كتب مذكراته أو سيرة حياته، وآخرون كتبوا مقالات جمعت في كتب.

أما تأليف كتاب عن الشعر ومفرداته وألفاظه وعباراته وأساليبه، فقلة من الشعراء حاولوا ذلك.

فالتراث المعرفي العربي فيه كتب عن مفردات الكتابة والخطابة، أما عن مفردات الشعر، فأنها نادرة أو لا وجود لها.

وهذه ظاهرة يصعب تفسيرها مهما أتينا من تبريرات وتسويغات، وهي من أسباب ميوعة صفة الشاعر.

فالكثير من الكلام يبدو كأنه شعر، لكنه في جوهره لا يعرف الشعر، والعديد من الشعراء، هم ليسوا كذلك، فالكلام الموزون لا يعني أنه شعر.

الشعر بحاجة إلى ألفاظ  قادرة على إستحضار المعنى وتجسيد الفكرة، وتأدية الغرض، والإنطلاق بأسلوب جذاب خلاب، يخطف القلوب والعقول والنفوس والأرواح.

وهناك العديد من المفردات التي لا يمكنها أن تكون في نص يسمى شعريا، لكن إقحامها لأسباب عروضية أو نحوية لا يعني أنها قد أدت وظيفة شعرية.

ومن أصعب الفنون أن نوضع الفكرة في كلمات  ذات معنى واضح وغرض ساطع، وقدرة على التأثير وإثارة العقل  وإلهام القارئ بما يعينه على بناء رؤية جديدة.

وتجدنا اليوم أمام كم هائل من النصوص المنشورة على أنها شعر، سواء كانت كلاسيكية أو حداثية، أو غيرها من الأشكال المستنسخة من بلاد الآخرين وماهي بشعر.

وفي الكثير منها يبدو إضطراب الأفكار جليا، وعدم قدرة كاتبها على الوصول إلى ما يريد قوله والإفصاح عنه، وكأنه لا يدري عمّاذا يكتب ولمن يكتب.

إنها حالة تخبطية أملتها إيقاعات القرن الحادي والعشرين، التي جعلت الكلمات تتطاير كالهباء المنثور.

وعندما نتحدث عن الطيف الشعري، تجدنا أمام ألف موشور وموشور، حتى لتحتار بما ترى من الألوان!!

***

د. صادق السامرائي

3\9\2021

أقرأ وأستمع لشعراء شباب يترنمون بقصائد في ذروة الإبداع والقدرات التعبيرية الأخاذة في معانيها ودلالاتها، وأجدهم يتفوقون على المتنبي وأمثاله بأشواط بعيدة.

فهم أبناء عصر الثورات المعلوماتية، ومواهبهم مصقولة في ميادين التفاعلات الإدراكية المعرفية العلمية الساطعة، وبهذا يتألقون بقصائدهم الفياضة بالطاقات الجمالية المذهلة.

كلمات مشحونة بالمعاني والأحاسيس والأفكار، والإشارات التصويرية الخيالية الفائقة المستويات.

جمهرة من عقول الأمة الشاعرة المدهشة، ولا نزال نتحدث عن شعراء غادروا الدنيا منذ قرون وقرون.

الشعراء أبناء زمانهم، وما كان عندهم من معارف ومعلومات لا يساوي شيئا مما عند أي شاعر معاصر، ولهذا كانت أغراضهم محدودة، ومقصورة على المديح والهجاء والغزل والرثاء، وبعضهم وصف وغيرهم حاول التحرر من النمطية الشعرية.

إن المرء المتأمل الدارس يقف إجلالا وإكراما أمام الأصوات الشعرية السامقة بالقصيد.

فهل يا ترى سنظل نجتر أسماء الغابرين، وننكر الأسماء المعاصرة المتوهجة المترعة بالمواهب الأصيلة.

إنها محنة ومعضلة إبداعية، فمن المستحسن أن نتجاوز المتنبي وأمثاله، ولننظر إلى كم شاعر متميز عندنا.

إن إرادة التمويت والتخميد تقتضي أن نستكين لأصوات القبور، ونتنكر لزغاريد وترانيم الساعين بإبداع فوق التراب؟

فلننظر لطاقاتنا الإبداعية الدفاقة الخلاقة الأصيلة المحتوى والتطلعات، ولكل عصر شعراؤه المتميزون، ولا يوجد شاعر لكل العصور!!

***

د. صادق السامرائي

10\8\2023

أخبار بغداد الثقافية مقلقة، في ظل سلطة المذهب والعشيرة التي تعمل على الإستيلاء على رئة بغداد الثقافية أو ما تبقى من رئتها المعطوبة، متسلحة بعصابات الجريمة المنظمة والميليشيات والآلة الدينية الطائفية. فالثقافة والوعي كانتا دوما تحت مرمى سهام المؤسسات الدينية، فعلاقة هذه المؤسسات والسلطات التي تستمد منها قوتها مع الثقافة والوعي علاقة عكسية، فكلما إنحسرت الثقافة وقلّ الوعي كلما إنتعشت هذه القوى بتجهيلها وتغييبها للوعي المجتمعي، عكس القوى الباحثة عن الثقافة كسلاح في وجه الطغيان الديني والعشائري الذي يلفّ العراق، إذ  تكون علاقتها طردية معها فكلمّا زادت ثقافة المجتمع وزاد وعيه، وجدت هذه القوى ساحة واسعة للعمل من خلالها.

ترييف بغداد والمدن الكبرى هدف أستراتيجي لقوى الظلام المهيمنة على مقاليد الحكم في عاصمة الرشيد، والشارع الذي يحمل إسمه فقد بريقه وموقعه كواحد من أجمل شوارع بغداد التراثية لأسباب طائفية موغلة في التاريخ. فهذا الشارع كان يمكن أن يكون شارعا للمشاة كالذي نراه في مختلف عواصم أوربا والعالم، شارع عامر بالمحال التجارية والأسواق وصالات السينما والمسارح والأندية الثقافية، شارع عامر بالمطاعم والمقاهي ليكون شارع جذب لمختلف فئات المجتمع. وهذا الترييف نراه من خلال مهاجمة المتريفين للتماثيل والنصب وتخريب مقابر شخصيات ساهمت مساهمة كبيرة في الحقل الثقافي والعلمي العراقي، ونراه في إهمال شارع الرشيد وتحويله الى مكب نفايات وهو في قلب بغداد التي يكن لها المتريفون حقد بدوي معاد لكل اشكال التحضر والتقدم.

خبر عابر أوردته السومرية نيوز بتاريخ 29/6/2024  حول شارع المتنبي المتفرع من شارع الرشيد، لا يجب أن يمر مرور الكرام على الوسط الثقافي العراقي بالمرّة. كون تحقيقه ولو بعد حين لهيمنة قوى الظلام على مقاليد البلد، يعني نهاية هذا الشارع الذي أصبح اليوم يشكل خطرا على الحكومة المتريفة ومعها المؤسستين الدينية والعشائرية. فقد شكا أصحاب المكتبات في شارع المتنبي وفق الوكالة " من تعرضّهم للأبتزاز والتهديد من قبل جماعات تسعى للأستيلاء على محالّهم، فيما طالبوا الجهات المختصّة بتوفير الحماية لهم".  ويتعرض " أصحاب المكتبات للتهديد ومحاولات فرض أتاوات من قبل جماعات تسعى للأستيلاء على محالّهم، من خلال الدخول في مزايدة علنية تقام كل ثلاث سنوات"!!

 أصحاب المكتبات ولضعفهم للأسف الشديد  يطالبون السلطة بضرورة التدخل " لوضع حد لما يتعرضون له"، متناسين أو خائفين أو يلوذون بسلطة تمثل هذه العصابات التي تهددهم،  سلطة تقيم مزادات علنية كل ثلاث سنوات لأجل بيع هذه المحال وتحديد مالكين جدد لها، وفي نهاية المطاف وإن أستمرت السلطة بهكذا مزادات، فأنّ العصابات بما تمتلكه من أموال وسطوة وسلاح وبدعم حكومي ديني عشائري، ستشتري جميع محال الشارع ليتحول الى مولات أو عمارات سكنية يمتلكها قطط سمان على ارتباط وثيق بالسلطة وتوابعها، ولنتذكر بعدها  الشارع ومكتباته في صور تباع في المولات الريفية.

لترتفع أصوات كل من يعزّ عليهم واقع العراق الثقافي في زمن المحنة والقحط الفكري والوطني الذي نعيشه اليوم عاليا لمنع السلطة من أقامة مزاد شارع المتنبي كل ثلاث سنوات، فالثقافة ليست سلعة بل معرفة مكتسبة ومتراكمة علينا تطويرها وفي كل الحقول الثقافية والمعرفية. ولنصرخ عاليا بوجه العصابات والشقاة الذين يعملون على تدمير بلدنا وتاريخنا وتراثنا، فشارع المتنبي اليوم هو الساتر الثقافي الأخير بوجه طغيان الريف الذي سيأكل الأخضر واليابس في بلد، كل شيء فيه يابس. وهؤلاء الشقاة لهم الباع الطويل في حرق الأسواق والمحال، فكيف بشارع كالمتنبي تخرج منه الكلمة التي تؤرقهم كما أرّقت أسلافهم وهم يحرقون الكتب والمفكرين...

***

زكي رضا - الدنمارك

29/6/2024

 

لقد أطلق الأدباء والمؤرخون والباحثون في الأدب العربي في منتصف القرن المنصرم، على الشاعر أحمد شوقي صفة (شاعر الأخلاق) وكيف لا! وقد تألق في وصف الأخلاق أيما تألق، ونالت أبيات له فيها صدارة الأحاديث والمناظرات والمهرجانات، ويُستشهد فيها على منصات ومحافل أدبية كثيرة، بل حتى المحافل البعيدة عن الشعر والأدب، إذ تبقى الأخلاق أساس كل قول وأسّ كل فعل في جوانب الحياة كافة. ففي غيض من فيض ما أنشده شوقي:

- وليس بعامرٍ بنيانُ قومٍ

إذا أخلاقُهم كانت خرابَا

- صلاحُ أمرِك للأخلاقِ مَرجعُه

فقوِّم النفسَ بالأخلاقِ تستقِمِ

- وإذا أُصيبَ القومُ في أَخلَاقِهِم

فَأَقِم عَلَيهِم مَأْتَمَا وَعَوِيْلَا

- إنَّمَا الأممُ الأخلاقُ ما بقيتْ

فإنْ همُ ذهبتْ أخلاقُهم ذهبُوا

والرصافي هو الآخر، أدرك أن الأخلاق سيدة التعاملات فقد أنشد:

هي الأخلاق تنبتُ كالنبات

إذا سُقيت بماء المكرمات

ولو توغلنا بتاريخنا العربي، نجد آخرين وضعوا للأخلاق مكانة، تعلو مكانة باقي خصال بني آدم الحميدة، فهذا أبو تمّام ينشد:

فلم أجدِ الأخلاقَ إِلا تخلقا

ولم أجدِ الأفضالَ إِلا تَفَضُّلا

ما لفت نظري قبل حين خبر، قرأته في إحدى الوكالات مفاده: في بريطانيا غُرمت طبيبة مبلغ 5000 جنيه استرليني، لتجاهلها إشعارا قضائيا من المحكمة، يطالبها بخفض الضوضاء الناتجة عن كلابها المزعجة للجيران. وذكرني هذا الخبر بحقيقة نقلها لي أحد الأصدقاء المتغربين عن العراق -وهم كثر- ان في نيوزيلاند، لايحق لك اقتناء كلب حراسة إلا بعد تقديم طلب الى مجلس بلدية المنطقة، يحوي إقرارا من جيرانك الأربعة الذين هم عن يمينك وعن شمالك وأمامك وخلفك، يضم موافقتهم على اقتنائك كلبا، كما يحق لهم وضع شروط لذلك، كتحديد اوقات نزهتها -الكلاب- في المنطقة، وشروطهم هذه تحتم عليك الالتزام بها وتطبيقها بحذافيرها، وعند إقرارك بالتزامك بهذه الشروط مجتمعة، يمنحونك إجازة اقتناء كلب. وكذا الحال في باقي البلدان (الفايخة) حيث يتوجب على متبوئي المناصب العليا الالتزام بتطبيق القانون قبل المواطنين البسطاء، وهذا الأمر تندرج تحته ايضا أصوات المذياع والتلفاز، ومنبهات المركبات والعجلات البخارية، وإلا فالبوليس بالمرصاد.

أذكر مامر به رئيس وزراء بريطانيا ونستون تشرشل، حين أركن مركبته في مكان ممنوع وغاب عنها برهة، وحين عاد وجد شرطي مرور يحرر له وصل غرامة، عندها ظن تشرشل ان رجل المرور لم يعرف انه رئيس وزراء بريطانيا العظمى، فتقبل منه الغرامة برحابة صدر، لكنه فوجئ بمبلغها، إذ كان عشرين باون، فبادر تشرشل قائلا لرجل المرور:

- "أليست الغرامة محددة بـ (عشرة باونات)" أجابه:

- "إن مبلغ العشرة باونات للمواطن البسيط، أما العشرين فهي بحقك أنت بالذات لأنك رئيس وزراء، وكان الأولى بك تطبيق القانون قبل الكل". وكان رد فعل ونستون أن حضنه وقال مقولته الشهيرة:

- "إذن، بريطانيا بخير".

هذا وغيره مما شابهه من أحداث -لو أردت الحديث عنها لطال بنا الوقت ونفدت الأوراق وجفت الأقلام- يحدث في دول فيها نسبة المؤمنين بالديانات السماوية قليلة نسبيا. يقابلها نسبة عالية من اللادينيين والملحدين.

هنا في عراقنا حيث يحتضن ترابه مراقد الاولياء والاوصياء، وأحاديث النبي وآله (ع) عن حسن الأخلاق نسمعها ونقرأها أنى نذهب، ما أروع ان نعمل بها على أتم وجه، أما الأكثر روعة، فهو ان يعمل بها مسؤولونا الكبار قبل المواطن البسيط، لعلنا نقول يوما: إذن، العراق بخير، و(رحمة على تشرشل) وألف رحمة على من قال:

لا تنه عن خلق وتاتي مثله

عار عليك اذا فعلت عظيم

***

علي علي

علاقة النساء بالذهب علاقة متينة وهي علاقة حب واعجاب من طرف واحد، وما نشهده اليوم من تهافت النساء على اقتناء الذهب والافتتان به ليست ظاهرة حديثة فرضتها الظروف الاقتصادية غير المستقرة انما هي ظاهرة قديمة عرفتها جميع شعوب المعمورة، فالمصادر التاريخية تشير الى ان أول من استخدم الذهب كمجوهرات كانت شعوب أوروبا الشرقية حوالي 4000 قبل الميلاد كذلك استخدمته الحضارات القديمة من السومريين واليونانيين ثم الرومان كما ان الاغريق ايضا عرفوا بشدة شغفهم بالمجوهرات الذهبية وقادهم هذا الشغف الى تطوير مجوهراتهم باستمرار .

 وعلى الرغم من ادراكي ان الذهب ذا قيمة ويلعب دورا مهما في حياتنا الا انه بقي خارج دائرة اهتمامي واعجابي، فقبل ان أدرك الصحة هي الثروة الحقيقية التي يتمتع بها الانسان وليس الذهب، وقبل ان اسمع ايضا ان الذهب زينة وخزينة ومصدر قوة تتسابق الدول على كنزه وزيادة رصيدها من احتياطه لتمتين اقتصادها ومواجهة الظروف الاستثنائية فان علاقتي بالذهب لم تكن علاقة ود واعجاب، فشخصيا كنت وما زلت أمقت التهافت على اقتناء الذهب والافتتان المبالغ به، فمنذ صغري وما زلت أشعر بنفور منه وكرهي للتحلي به، واكاد أجزم انه ليس وراء هذا النفور المثل القائل (الما ينوش العنب ...) فقد ولدت في عائلة ميسورة ومنذ الصغر وانا تلميذ في الابتدائية صاغ لي الأهل خاتما ذهبيا كان اسمي منقوشا عليه وعندما لاحظت انشغال اقراني التلاميذ بالتحديق المستمر في الخاتم لم يصبني هذا بالغرور بل على العكس كرهت هذا التميز بالمظاهر وكان اول عمل قمت به عند عودتي من المدرسة هو نزعي الخاتم ورميه في حضن أمي، كما انني اختلف مع القائلين ان الذهب يمنح القبح مسحة من الجمال كما لا اتفق مع المرأة التي تجد في بريق الذهب زينة، انما ارى الهدف من  لبسه رمز للرفاهية والثروة كما انه قناع لإخفاء علامات التقدم في السن، فليس بالذهب وحده يظهر المرء جميلا انما جمال المرأة في اخلاصها ورقتها وجمال روحها وثقافتها وكذلك بالحب الذي هو الذهب الوحيد الذي يزيّن الحياة مثلما يقول الشاعر الانكليزي (ألفريد تنيسون). والذي يؤكد موقفي هذا انه في أيام التحضير لقفص الزوجية الذي دخلته متأخرا بعد طول تمرد وعناد قدمّتْ لي خطيبتي مبلغا لأشتري بنفسي وحسب ذوقي خاتم خطوبتي لكنني بدلا من التوجه الى محلات الصاغة لشراء الخاتم توجهت صوب المكتبة واشتريت بالمبلغ المذكور مؤلفات الجاحظ لأزين بها صدر مكتبتي، وقد ظلت الخطيبة تراقب كفي عند كل لقاء فلا تجد فيه خاتما وحينما سألتني مستغربة عن اسباب عدم لبسي الخاتم لم اجد وسيلة للهروب من هذا المأزق الا الاستعانة بروايات الفقهاء المتضمنة حرمة لبس الذهب للرجال وحتى التختم به .

***

ثامر الحاج امين

الظلم شيمة بعض الأقلام، فالنزوع إلى الجور والقسوة على الآخر، وخصوصا أصحاب الرأي والكلمة فاعل في الساحة الثقافية، وله شواهده اليومية وأقلامه التي تجيد البطش والعدوان والتنكيل بالآخر، ظنا منها أنها ستكون بمحق غيرها.

بينما الموجودات الكونية تتشامخ وتتسامق بتفاعلها مع كلها.

فلا قيمة لفرد دون وجود المجموع، ولا معنى لكلمة بلا عبارة أو جملة تمنحها هدفا وغاية وفكرة.

والإبداع الجيد يكون لوجود إبداع غيره فتمايَز عليه.

وبدون إبداع وفير وعطاء جزيل، لن تلد الأمة مبدعيها القادرين على حمل رسالتها المنوِّرة، فالعطاءات تتوارد إلى غربال الأيام، وهو الذي يمحصها ويفرّقها ويبين طالحها من صالحها وأصيلها من دخيلها.

المبدع مهمته أن يتفانى في إبداعه، ويجتهد بما ينتجه من صور إبداعية أيا كان نوعها أو توصيفها، والمشكلة التي تواجه الواقع الثقافي ميوعة النقد وعدم جديته وعلميته ومنهجيته.

فالسائد في الكتابات المسماة نقدية  هو القديح والمديح، ويندر ما هو موضوعي ويضيف للقارئ جديدا ويعلمه شيئا.

فالناقد يخشى من النص الذي يتصدى له، لأن صاحبه سيثور، فنظرة الكاتب لما كتب وهمية خيالية، تمليها نشوة الإبداع وطاقاته التي تخلقت في النص.

أي أن الكاتب نفسه غير موضوعي وبعيد عن الواقع الإبداعي، وما يتوقعه أن الذي يقرأ نصه عليه أن يكتب عنه بذات النظرة الوهمية المتجسدة عنده.

ولا يوجد في واقعنا الثقافي كاتب ينقد نفسه أو يقرأ نصه بعيون ناقد.

والحقيقة التي يغفلها الكاتب أن ما يكتبه حال نشره يصبح من حق القارئ، فالذي يقرأ المنشور ويبدي رأيه فيه يقدم خدمة للكاتب أيا كان ذلك الرأي.

فلماذا نتفاعل بعدوانية وكأننا في غاب أكتب؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

حقيقة لا غبار عليها أكدتها تجارب التاريخ ونظريات العلم هي ان كل شيء متغير في الحياة والشيء الوحيد الثابت فيها كما يقول "هرقليطس" هو التغيير المستمر، كما جاءت هذه الحكمة ضمن العبارة الشهيرة (دوام الحال من الحال)، وعليه وفي ضوء هذه الحقيقة ينبغي على الانسان ان لا يتعجل في اطلاق الاحكام واتخاذ المواقف في ظروف غير طبيعية وفي مرحلة مبكرة من عمره يشوبها الاندفاع وعدم النضج والعاطفة التي تفتقر الى الحكمة وعدم الدراية الكاملة بحركة التاريخ، فمثل هذا التصرف يؤدي الى نتائج قد يندم عليها لاحقا .

ساقني الى هذه المقدمة عدد من الأوصاف والهالات وصيغ التعظيم التي لم نسمع بها قبل عام 2003 ولكنها دخلت ساحتنا السياسية ضمن حالات الرياء والفساد التي سادت واقعنا السياسي، ومن بينها (تاج الراس) حيث صارت هذه العبارة عند جمهور من مختلف التوجهات والهويات السياسية والدينية وسيلة للتبجيل واحاطة الموصوف بالهيبة والتقديس، وهكذا بين ليلة وضحاها صار الموصوفون بها رموزا لا يجوز المساس بهم ولا يحق لأحد نقدهم والتعرض لهم بالرغم من انهم أشخاص بلا كفاءة ولا منجز يذكر ولكن الصدفة جاءت بهم ونفختهم الأقلام المأجورة والضخ الاعلامي المستمر، وجمهور هذه العبارة لا يدركون تجارب التاريخ التي أثبتت ان قيمة الانسان ومكانته تقاس بما يقدمه من عطاء ومنجز فيه خير للبشرية عدا ذلك هو نفاق وعبودية طوعية،  كما انه سلوك من ناس شواذ يستمرؤون العبودية ويمعنون في اذلال انفسهم، فهؤلاء كما يصفهم اتيان دو لا بويسي مؤلف كتاب (العبودية المختارة) بأنهم (بؤساء يرون كنوز الطاغية تلمع ويبهرهم بريق اسرافه فيغترون بهذا الضوء ويقتربون منه)  فالحكمة تقول (لا تجعل ثقتك في الناس عمياء، لأنك ستبكي يوما على سذاجتك)، وللأسف أصبح وصف تاج الراس مادة للاستفزاز واثارة الكراهية بين الجمهور المختلف في التوجهات، وليت الذين يتزمتون بهذا الوصف في نقاشهم ودفاعهم عن رموزهم يراجعون ما قدمته هذه (التيجان) لشعبها من فساد وخراب، فكيف تسمح لنفسك ان توصف هذا وذاك بـ (تاج الرأس) وهو لم يحفظ كرامتك ولم يصن أدميتك ولم يوفر لك العيش الكريم في الأمان والخدمات والرفاهية، وهل يستحق هذا التكريم من يتركك تتلظى في لهيب الصيف ويعجز طيلة اكثر من عشرين عام عن توفير الكهرباء واعادة الزراعة والصناعة الى سابق عهدها وذلك بسبب سرقة الأموال المخصصة لراحتك وراحة عائلتك، او عندما لا يجد تاج راسك حلا للفساد الاداري والمالي المستشري في المؤسسات الحكومية المتمثل بالرشوة والواسطة الأمر الذي يضطرك الى التخلي عن استقامتك بدفع الرشوة من اجل انجاز معاملتك، وهل حقا يستحق هذه الرفعة من لم يحفظ حدود بلادك من التدخل الأجنبي ومن تسريب المخدرات لتدمير مجتمعك، ألا يكفي كل هذا الذل لانزال هذا التاج المزيف من على رأسك ورميه غير مأسوف عليه ؟ يقول الشاعر طرفة بن العبد (سَتُبدي لَكَ الأَيّامُ ما كُنتَ جاهِلاً .. وَيَأتيكَ بِالأَخبارِ مَن لَم تُزَوِّد) .

***

ثامر الحاج امين

من المتعارف عليه بين الدول ان يكون السفراء على درجة عاليه من الثقافه والسياسه ويتقن التكلم بلغه اجنبيه واحده على الاقل فضلا عن لغة بلادهم ويقضي السفير خدمه خارجيه في البلد الواحد مده قانونيه امدها خمس سنوات واحيانا تمدد سنه واحده كحد أقصى ويبذل السفير الحاذق خلال سنوات عمله أقصى جهد ممكن لتطوير العلاقه بين البلدين وتقريب وجهات النظر بما يحقق المصلحة المشتركه بعدها يعود الي بلاده او ينتقل إلى دوله أخرى حسب الحاجة او ما ترتئيه سيادة حكومته،، العلاقات الثقافية ركيزة حضارية لنمو العلاقات الدولية، ومساهمتها في تدعيم أواصر التعاون والتبادل الثقافي، وتكثيف مسارات العمل السعودي-الصيني المشترك في قطاعات ثقافية ناهضة جديدة، ذات إمكانات كبيرة، يمكن البناء عليها للتعاون والتبادل الثقافي الواعد مستقبلاً، فما أعظم العلاقات الدولية القائمة على تعزيز التواصل الإنساني بين الشعوب، عبر قنوات الثقافة بفروعها المتعددة، التي تفتح آفاقاً من التواصل الحضاري، وتبادل المعرفة حول الهوية الوطنية لكل دولة، وفلسفه إرثها التاريخي، وعمق تراثها الشعبي، واستشراف المستقبل بحاضرها، وفق استراتيجيات متكاملة الأركان تدعم مصائر الشعوب في جميع المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتعليمية والثقافية والرياضية،، علينا صدقا دعم دبلوماسية الثقافة، وتعزيز قواها الناعمة بأفكار ومنارات ثقافية تنتشر في دول العالم، ترسي دعائم الود والاحترام والتحاور، لا الصدام والتنافر، وان يتبنى عراقنا بدملوماسيه المحترفين للعديد من المبادرات العالمية التي تقرب الشعوب وتزيد من السلام، والتأسيس للعلاقات بين الأفراد والمؤسسات في مختلف المناطق والارتقاء بها إلى أعلى مستويات السياسة،، وان تكون الثقافة والفنون والآداب رمزنا في تعزيز التواصل الحضاري وتعميق التقارب الثقافي بين البلدين الصديقين، واستثمارًا لما يمتلكه البلدان إنسانيًا ورمزيًا وماديًا من إرث تاريخي حضاري وثقافي يمتد لآلاف السنين

دبلوماسية الثقافة ــــ تكمن في تعريف العالم بثقافتنا لا بمذهبنا وحربنا الطائفية، بل نبني وطنا بالثقافة وروافدها بين البلدين، والثقافة في الأساس مكون إنساني بامتياز، وهذا هو الأهم، لتصبح العلاقات الثقافية ركيزة حضارية لنمو العلاقات الدولية، ومساهمتها في تدعيم أواصر التعاون والتبادل الثقافي، وتكثيف مسارات العمل المشترك،

لذا ايها السادة، اتمنى ان تبعدوا الدبلوماسية والسفراء عن كانتونات الاحزاب والتخبط السياسي، واختاروا شخصيات يمتازون اكاديميا وحسب الشهادة والكفاءة، فقد شهدت السنوات الماضية حوادث عدة أثارت الجدل ضد مسؤولين في السلك الدبلوماسي العراقي، والحليم تكفيه الاشارة

*** 

نهاد الحديثي

الحياة هي تماماً مثل لعبة كرة القدم، قد يفوز فيها من لا يستحق الفوز ويخسر فيها اللائق للفوز والحياة الكريمة.

فريق كرة القدم مؤلّف من 11 لاعباً، كلّهم يلعبون ويسعون إلى تحقيق أفضل النّتائج لفرقهم وأنديتهم. يتقاتلون، يتدافعون وقد يخسر بعضهم القدم أو اليد نتيجة العنف أحياناً، لكن وعلى الدّوام يظهر بين الفرق لاعبان أو ثلاثة فقط يحصلون على الدّعم والمساندة ويسجّلون الأهداف، و يحق لهم وحدهم تسجيل الأهداف حتى لو كانت من ضربات جزاء. بالمقابل تكون لهم الشّهرة المطلقة والجوائز ومحبة وعشق الجمهور والمشجّعين، ومختلف وسائل الإعلام تكون مسلّطة عليهم، يرصدون أدق تفاصيل حياتهم، هذا بالإضافة إلى حجم الأموال التي تسجّل باسمهم؛ مع العلم أنّ بعضهم لا يستحقّ ذلك ولا يكون بالمستوى الذي يظهرونهم فيه وأنّ هناك لاعبون آخرون أفضل منهم من حيث مهارة وتقنية اللعب.

هكذا تتعامل الحياة مع البشر المتواجدين على سطح الأرض، ترفع من شأن بعض الأشخاص الذين لا يستحقون الشّأن الرّفيع والمقام الحسن، وتنزل من قيمة من هو جدير بالرّفعة والعيش الرّغيد.

نقطة أخرى أودّ الإشارة إليها تتعلّق أيضاً بلعبة كرة القدم حيث نجد بعض الفرق تلعب بشكل جيّد ومميّز، فتفوز وتصل إلى الأدوار المتقدّمة، وكذلك هناك فرق لا تجيد اللعب بالشّكل المطلوب، ولا تستحق الفوز، فتفوز وتتساوى في النّقاط مع الفرق الأخرى، وقد تُخسِرها في النّهاية وتحصل على أحد المراكز المتقدّمة أو المركز الأوّل.

بينما نجد فرقاً أخرى تلعب بمستوى متواضع جدا أو أقل من عادي ومن هجمة مرتدة يسجّلون هدفاً ويفوزون

أو قد تكون تميمة حظهم من الفريق الآخر الخصم لهم حين يسجّل أحد لاعبيهم هدفاً في مرماه عن طريق الخطأ.

هذا الأمر ينطبق على بعض العائلات التي يتلاعب دولاب حظّ الحياة في مصيرها، فيحقّق أفرادها حياة رفيعة هانئة مع بذل أقلّ جهد وتعب.

المضحك المبكي في هذا الأمر هو أنّ معظم هؤلاء الذين تتحالف معهم حظوظ الحياة ويفوزون بعشق ومحبة وتشجيع الآخرين، يقسّمون هؤلاء الآخرين إلى مؤيّدين ومعادين، ويشعلون لهيب معركة إعلامية واجتماعية في المجتمع وربّما بين أفراد الأسرة الواحدة أيضاً وكأنّهم يتقاسمون حظوظ وأموال وشهرة وسعادة المحظوظين.

***

نارين عمر

المقدمة: هناك ظاهرة غريبة تحدث بشكل نشط في واقع البلد، وقد توسع وجودها منذ سنين، نرى هذا الجيل يضفي على الموتى هالة من القداسة والمجد الأقصى، ويستذكر الظروف والأفكار التي عاشوها .

وهو ينقب عن الأحداث التاريخية ويتغنى بقيادة الموتى في ذلك العصر، قائلاً إنهم الأكثر قدرة والأقوى والأكثر تميزًا في الماضي والحاضر والمستقبل، ويجب أن يتولوا القيادة ويقرروا مصير الأحياء.. حتى البعض منهم ينتظر ميتاً سماوياً يأتي لينقذه من ظلم الحكام ويعيد له التيار الكهربائي، ويرفع مستواه المعيشي، ويقتل الفاسدين والمارقين والناكثين، بينما هو يده مغلولة الى عنقه.. هؤلاء قال عنهم المفكر الفرنسي جان بول سارتر1905-1980  (موتى بلا قبور) .

أعداء الدين

إن أكبر أعداء الدين والمذاهب الإسلامية هم المنافقون منذ قرون، والفتاوى الكاذبة والمضللة التي يصدرونها ضد الأخرين، لقد أصبح هؤلاء جحافل وفيالق من المتخرجين من المدارس والكليات والجامعات الدينية المنتشرة في كل مكان.

 الطائفيون الأغبياء والمتعصبون، تجار الدين ومنتجاته، يغطون في سبات عميق، ويختبئون في عفن التاريخ، ولا يستطيعون التفاعل مع العلم ومنجاته الفكرية، ويشوهون الدين بقلوب مريضة، ويدمرون ملايين البشر، كما يقتلون المسلمين. وكأنهم يريدون مسح الحضارة العربية - الإسلامية بأكملها من عام 11 هجرية حتى عام 656 هجرية.

انظروا .. كم من الناس قتلتهم فتوى دينية متحيزة ؟.

ففي الدول التي تحكمها أحزاب سياسية دينية، أصبحت حالات الاختفاء والخطف والقتل على أساس الهوية الدينية والمذهبية والسياسية والفكرية من الطقوس الدينية!!.وكل ذلك يتم بالفتاوى المقدسة وعلى يد المؤمنين العقائديين المطيعين وبعلم الحاكمين.. يسمون أنفسهم (حراس الدين)، ويعاملون المثقفين المتنورين ظلما وجورا.

الموروثات

إن معظم الموروثات والقصص والتفسيرات للأديان والطوائف هي إنسانية وتاريخية وعرضية وجغرافية وسياسية واجتماعية وثقافية ومقدسة، وهي نتيجة تراكم وتحول على مدى آلاف السنين. لكن اكتشافنا أن الدين ليس مطلقا ولا أبدي ولا مطلق،لا ينفي أن الدين يمثل ضمير المؤمنين، وجذورهم الروحية العميقة، وثقافتهم الاجتماعية، وتراثهم التاريخي. .إنه نعمة روحية للناس، وهبة روحية محيرة ومشوهة أحيانًا، وعلينا أن نوضحها ونطورها.

سيبقى المسلم مسلماً، والمسيحي سيبقى مسيحياً، والإيزيدي سيبقى إيزيدياً، والشيعي سيبقى شيعياً، والدرزي سيبقى درزياً، والسنّي سيبقى سنياً، لكننا نقيم دين المحبة، إسلام المحبة، والعقيدة الإنسانية، والإسلام الإنساني، والدين المتسامح الحضاري – الأخلاقي - العقلاني - المحسن، والقضاء على الطائفية والفجور والتعصب والغطرسة والتطرف.

ونحن نعارض كافة مخططات التحريض بين السنة والشيعة، وتعزيز الأخوة الإنسانية بين الطائفتين وجميع الأديان والشعوب الأخر، وتعزيز القيم الوطنية والحضارية والعالمية.

 المصالحة الحقيقية تبدأ عندما نبدأ في إصلاح موروثنا الديني، لكي نرتقي بديننا ونملأ أمتنا بالتنوير والتقدم والعلم والأمن والعدالة والإحسان والسلام والفرح.

الديمقراطية الفارغة

لم تزل الديموقراطية شعارات فارغة، يستخدمها الحكام الجدد لفرض رؤيتهم وسياستهم.

لماذا الديموقراطية ضعيفة في الشرق الأوسط؟.

ولماذا الديموقراطية غير موجودة في العراق .

فالعراق من استباحة البعث الدموي له (1968- 2003) الى استباحة دول الجوار(2003-2024 ) .

فكل شيء فيه معطل حتى منصب رئيس البرلمان.

في الواقع فإن مراجعة واعية لمنتجات الثقافة الغربية على صعيد السياسة أو العلم، جميعها منتجات تالفة لا معنى لها في العالم الواقعي.

هذا هو ما يخبرنا به سلوك أمريكا، الشرطي العالمي المدافع عن الديموقراطية.

الفقير والغني

تضاعفت ثروات الاثيوبيين 80 في المائة من عام/ 2013 الي عام/ 2022 حيث سجل مطار أديس ابابا كأفضل مطار في أفريقيا بالكامل، وتضاعف النظام الصناعي والزراعي في البلاد.

 بينما ارتفعت ايرادات العراق  80 في المائة في نفس هذه الأعوام مع تأخر في الصناعة والزراعة والبنى التحتية.

وهنا يأتي السؤال ما هو السبب الرئيسي في هذا الانحدار على كل المستويات علما بأن حاكم إثيوبيا علماني وحاكم العراق إسلامي ؟.

عيد الغدير

حشد السيد مقتدى الصدر الجميع على أن يكون 18 ذي الحجة المصادف 25 حزيران 2024 عيد وطنيا للعراقيين كافة، رغم تنوعهم القومي والمذهبي ونجح في ذلك بعد أن كسب أصوات الأخوة الأكراد في البرلمان العراقي.

وأنا لست معارضاً لهذا العيد الأغر أو ناكراً لسيرة سيد الأتقياء ويعسوب الدين عليه السلام، ولكن سيكون هذا اختبارا صعباً، ليس لجيلنا الذي سيخرج مصابا بالأمراض والعقد، بل للجيل الذي شهد في طفولته مذبحة الهويات.

وبشكل عام فإن التشيع يحتاج إلى تعديل وتنقية لما أدخله المتطرفون من أضافات تعتبر في حد ذاتها قضية خلافية ولا ينبغي أن تؤخذ على محمل الجد في القيام بدور الانشقاق والنزاعات الطائفية، والشيعة وعبر تاريخهم الطويل يكتسبون السلطة ويفقدونها.. وهذه الحالة تذكرني بالدولة البويهية الشيعية حينما حكمت بغداد(321-447ه هـ) وفرضها عيد الغدير عيداً رسمياً، مما أزعج الطرف الثاني في حينها،وكأن التاريخ يعيد نفسه ولكن بثوب عراقي جديد.

وكما قال المفكر الإيراني الدكتور (علي شريعتي 1933- 1977 ) في كتابه (الأمة والإمامة):

"يظهر أن المسلمين يفهمون «الإمام» نبياً كان أم وصي بأنه «إنسان ما فوق» لا إنه «ما فوق الإنسان» يعني أن الامام من نوع وجنس وماء وطين آخر غير طينتنا، ولو كان كذلك فلا يمكن أن يكون نموذجاً وقدوة لنبي الانسان.

وهذا النحو من التفكير الديني كان موجودًا قبل الاسلام، يعني رفع مستوى الأشخاص إلى مقام الآلهة، وقد حارب الاسلام هذا التفكير حرباً لا هوادة فيها.

فمنذ البدء أعلن بأن نبي الاسلام بشر مثلنا، وقد طرح الشعار الرسمي للمسلمين أن محمداً عبده ورسوله، فعبوديته مقدمة على رسالته".

واخيراً.. لماذا نحن موتى بلا قبور؟

* الحياة رحلة سنعيشها شئنا أم أبينا وهي ليست مضمار سباق، فالأقدار قد كتبت والأعمار حددت والأرزاق محسوبة، إذاً فلنمضي في رحلتنا مطمئنين وبأقدارنا راضين ونتعايش معها شاكرين حامدين مبتسمين لأن الحياة ألم يخفيه أمل.. وأمل يحققه عمل.. وعمل ينهيه أجل.

التحدي الأكبر في الحياة : هو أن تكون فصلا جميلا في حكاية كل إنسان تلتقي به، أو الأقل أن تمُرَّ بسلام  وانت مبتسم.. فأجمل ما يمكن الحفاظ عليه في هذا الزمن، هو الاحتفاظ بجمال جوهرك.

والسعادة هي الشيء الوحيد الذي نستطيع أن نعطيه ونحن قد لا نملكها، فإذا منحك الله السعادة فانثر شيئاً من عبيرها على مَن حولك، فلكل نعمة زكاة .

 فالحمد لله الذي جعل أشياء تكفي أشياء، وأشياء تذهب حزن أشياء، وأشياء تجعلنا لا نحتاج الى أشياء ... الحمد لله على تأخر الفرج الذي يُعلِّمنا الصبر، وعلى الوحدة التي يتخللها ونس، وعلى البلاء الذي يعقبه فرح ... الحمد لله على وجوده، وعلى نعمة حمده، والحمد لله على جميل صنعه معنا، والحمد لله على كل حال ... اللهم أنا نحمدك على كل شيء فأصلح لنا أمورنا كلها.

(أنْ تحج لله والجياع جنبك، أم أن تحج للجياع والله جنبك؟.

هكذا هي أسئلة المعنى، وهكذا هي القصة في المنهج الوجودي. وهكذا هي المدارات في فلسفة الدين..

المعنى والوجود والفلسفة على أفق واحد، في الصحراء وما بعدها.

الحقيقة لا تبحث عنا في أسئلة الدين، بل في أسئلة الوجود.. كذبنا حينما جعلنا لله بيتاً، بيوت التعساء بيوته.

.. دائماً تكذب المعابد وتكذب أسماؤها... علي شريعتي ).

***

شاكر عبد موسى/ العراق

 

ظهر علينا مؤخراً المحلل السياسي عماد المسافر في "نيو لوك" متطور، ليحدثنا عن مخاطر من أسماهم " التشارنة "، والرجل يقصد الشباب الذين شاركوا في تظاهرات تشرين التي أزعجت " سيادته " لأنها طالبت بالعدالة الاجتماعية ومحاسبة الفاسدين، وتقديم الخدمات للشعب، وهذه أمور يعتبرها محللنا السياسي من الكبائر، فكيف يجرؤ شباب على تحدي قادة البلد ويطالبونهم بمراعة الشعب، السيد المسافر أو المحلل أخبرنا بأريحية بأن الحكومة لو قررت أن تحارب إسرائيل " التشارنة راح يشيلون سلاحهم ويرحون، ويكولون إحنه مع قرار الدولة "، وفي لفتة مثيرة للاهتمام يضرب على المكتب يردد "ما يشاركون عمي " ويضيف :" شفتلك فصيل من المتنبي شارك بحرب داعش "، ولا أعرف سر انزعاج بعض المحللين السياسيين من شارع المتنبي، ولماذا يثير منظر الكتب كراهيتهم .. بعدها يضيف وهو يعدل غترته: " لو ما إحنه يكدرون يوم الجمعة يروحون يكلبون كتب " وليسمح لي السيد المسافر أن أسأله : هل شارك في المعارك ضد داعش، ومتى . وأين؟ .

يترك السيد المسافر " التشارنة " ليتحول إلى المدنيين العلمانيين واليساريين والذين يصفهم بالقلة وبأنهم أيضا لن يشاركوا في قتال إسرائيل .. المضحك في حديث محللنا السياسي أنه بسبب كرهه للقراءة والمعرفة فاته أن القوى العلمانية واليسارية العراقية ترتبط بعلاقة وجدانية مع فلسطين، وأن الكثير من اليساريين استشهدوا وهم يشاركون الفصائل الفلسطينية معركتها العادلة ضد الكيان الصهيوني، وأن أبرز الفصائل الفلسطينية ترتبط بعلاقات تاريخية مع قوى اليسار العراقي .

سيقول البعض يارجل: لماذا تريد مناقشة محلل سياسي يسخر من الثقافة ويعتبرها " رجس من عمل الشيطان "؟ ماذا يختلف عماد المسافر عن عامر الكفيشي ومحمود المشهداني، يملأون الفضائيات والصحف بحديث عن مخاطر المدنيين على المجتمع العراقي، ويخوضون معركة الإساءة لكل من يطالب ببناء دولة المواطنة ومحاسبة سراق البلاد والعباد .

منذ انطلاق تظاهرات تشرين والبعض يريد أن يؤكد للعالم بأن الذي سرق البلاد وخربها وأشاع الطائفية والمحاصصة وباع المناصب إنما هم العراقيون الذين تظاهروا في ساحات الوطن، وأن تحرير العراق من القوى المدنية بات مقدماً على تحرير العراق من الفساد والانتهازية.

في ظل نظام سياسي اعتقد المواطن المغلوب على أمره مثل جنابي أنه ديمقراطي، مازال البعض مثل عماد المسافر يعتقد بأنه يحمل تراخيص لتخوين الآخرين والدعوة إلى طردهم من بلاد الرافدين.

عندما يتقدم مواطن لطلب وظيفة بسيطة، سيُطلب منه أن يملأ استمارة عن خبرته ومؤهلاته، وسيرته، لكن المحلل السياسي عندنا لا يُسأل عن كفاءته، وثقافته، فقط عليه أن يشتم تظاهرات تشرين، وسيحصل على المال والسيارة الحديثة والمنصب وبطاقة سفر مجانية إلى الحج.

***

علي حسين

يقول الشاعر العباسي علي بن الجهم:

من ذا الذي تُرضى سجاياه كلها

كفى المرء نبلا أن تُعد معايبه

ما أسعدك يا ابن آدم إن قلّت معائبك وكثرت خصالك المحمودة! فالأخيرة سلاحك في الوجود مع أبناء جنسك، فالصدق والأمانة والنزاهة والشهامة والكرم، وغيرها كثير مما لا يحصرها قوسان، أفضل ما يُنعت به الإنسان وسط معيته، وقطعا ينضوي الالتزام بالمواعيد، والوفاء بالعهود المقطوعة تحت هذه الخصال، ولطالما نقل لنا العراقيون المسافرون بعد إيابهم من السفر، عن أهمية الموعد لدى الغربيين والشرقيين من سكان المعمورة، وأظننا نحن العراقيين أولى بهذه الخصال من مجتمعات كثيرة، وكيف لا وعمر موطننا موغل بالقدم، ولحضاراته بصمات طُبعت على حضارات أمم تلته. وسواء أكان الموعد مقيدا بالوقت، أم بتنفيذ عمل، أم بتحقيق منجز، فإن الإيفاء به، والالتزام بتنفيذه على أتمّ وجه، خصلة رائعة تضاف الى الخصال الحميدة التي من المفترض أن يتحلى بها الإنسان السوي، لاسيما إذا كان الموعودون رعية، يتحتم على الراعي إتقان واجباته تجاههم، فهو أولا وأخيرا مسؤول عن رعيته.

ولا يخفى أن العراقيين قد تعودوا طيلة عقود -بل قرون مضت- على إخلاف بعض أرباب مؤسسات البلد بمواعيدهم، إزاء ما موكل على عاتقهم من مهام، كذلك غدت خصلة نقض العهود سمة بارزة، يتسم بها بعض ساسة عراقنا -ولاسيما الجديد- بل هم يتفاخرون بعدم الاكتراث بمواثيق تربطهم مع ملايين العباد، الى حد بات المواطن يناشدهم بملء فيه:

لا تدعني ككمون بمزرعة

إن فاته الماء أغنته المواعيد

إن ما يؤسف له أن التأخير في تنفيذ الوعود ليس عفويا ولا مصادفة ولا ظرفا طارئا، بل هو مقصود ومتعمد، وقد مل العراقيون سماع مفردات التصبير والتطمين السرابية، وتحديدا تلك التي يواري المسؤولون بها تقصيرهم، فقد تشعبت تلك المفردات كثيرا في الخطابات والتصريحات، حتى ناءت بحملها المايكروفونات، وباتت الكلمات الجارية على ألسنة الناطقين بها، محفوظة واسطوانة مشروخة في أذن المواطن، مقابل أعذار جاهزة، وشماعات عديدة يميلون معها حيث مالت، وهم يظنون ان اتباعهم هذا السلوك في التملص من إتمام المسؤوليات الملقاة على عاتقهم، ينجيهم من وضعهم في قفص الاتهام عاجلا او آجلا، وقطعا هذا ناتج عن أمنهم واطمئنانهم من سوء العاقبة والعقاب، فقد قيل سابقا: (من أمن العقاب ساء الأدب). فكأن المماطلة والتسويف في المواعيد والعهود، صار ديدن من يتبوأون مناصب صنع القرار والبت فيه، وتشريع ما يخدم المواطن والمصلحة العامة، في الوقت الذي كان حريا بمن يتسنم مواقع كهذه، ان يطلق العنان للخصال الإيجابية، ليصل بها أعلى سقف في الأداء والإنجاز، ويسخِّر طاقاته لاختزال ما يمكن اختزاله من الزمن، من أجل اللحاق بالأمم التي سبقتنا بالتحضر، زمانا ومكانا ومكانة وازدهارا.

اليوم ونحن كما نقول (ولد اليوم) لدينا قياديون منتخبون ديمقراطيا لإدارة مؤسسات البلد، ومن المفترض ان يخرجوا من صومعة سلبيات من سبقهم، وعليهم استبدال الطالح من الأعمال بالصالح منها، وكذلك السيئ بالجيد، و (الشين بالزين)، وأن لا يبخلوا على مواطنيهم بإتمام ما وعدوهم به، فهل هم فاعلون؟ وهل يغيرون الصورة الموحشة التي تعكس سلبيات السابقين؟

***

علي علي

 

مهما توهمنا المعرفة فالجهل سيد المواقف، ولا يوجد مَن يعرف، فكلمة علاّمة لا وجود لها في الواقع البشري، السائد عدم المعرفة الحقيقية، وقليلون هم الذين يفوزون بدراية قاصرة، ويحسبون قطرة الماء التي عندهم بحارا.

تخيلوا حجم الكرة الأرضية في الكون الفسيح، وأحجامنا بين مخلوقات الأكوان التي لا تعد ولا تحصى، فكيف تدري القطرة بما تحويه المحيطات.

بل نحن جزيئ في قطرة، ذات ملايين الجزيئات المكونة لوجودها.

الكثيرون يدّعون المعرفة، ويتوهمونها بإصرار، ويحسبون أن لديهم القول الفصل ومسك الختام، وما عندهم أضغاث أحلام.

وبموجب ذلك صار تفاعل العقول هو الذي يتحكم ببوصلة الإدراك المعرفي، ولا يستطيع عقل واحد القول بالدراية الواسعة والإدراك الشامل.

فالشعوب التي يتولى مصيرها الأفراد تتهاوى للحضيض، والتي تسوسها العقول المتفاعلة تمتلك ناصية القيادة والإقتدار.

فهل لعقول الأمة أن تتفاعل؟

وهل لأفرادها أن تتنازل عن عرش الأوهام؟

إنها تساؤلات مصيرية، ونداءات واعية، لمعنى القوة والعزة والكرامة.

فهل نعرف؟

المعرفة قوة، وتتحقق بالتفاعلات الجماعية، وتفعيل العقول، وتبادل الآراء والعمل بتنمية الأفكار والإستثمار الإيجابي فيها.

فعلينا أن نكون بعقولنا المتفاعلة لا بنفوسنا المتحاملة، وفرديتنا المغفلة القاصرة.

والعلم مفتاح الفرج!!

***

د. صادق السامرائي

 

(النصُّ هو رأي شخصي)

ثمَّ إنهم قد سألوا ربَّ عملِهم بمكرٍ خفيف، وبلحن حرفٍ طفيف، وكانوا قد ظنّوا به أنه ربٌّ عملٍ جشغُ طموعٌ كسيفٍ غيرُ وليف:

"أنّى لك أن تُربيَ الأولاد بينما أنتَ تمكثُ سبعَ عشرةَ ساعة كل يومٍ في ميدان العمل ألا يا ايها المثابرُ الشريف؟! فردَّ عليهم بردٍّ حقيقٍ ظريف، وثيقٍ لطيفٍ، رقيقٍ غير عنيف:

" قد تركتُ فيهم عينَ أمٍّ راصدةٍ ودودٍ رصينةٍ حصينةٍ وحنونٍ أليف. وتلكم عينٌ لن تُخفيَ عنيَّ شيئاً، سواء أكان الرصدُ مؤلماً وللوجعِ يميلُ وغيرَ عفيف، أم كانَ مؤنساً طريفاُ وللبهاء يكيلُ وعليه يُضيف، وتركتُ كذلكَ فيهم عينَ أمِّ أبِيهم، وإذ هي الرصدٌ على ذاك الرصدِ الحنون الأليف. ثم إني سائلكم ذاتَ السؤال المُخيف، وبلا مكرٍ رجيفٍ وبلا وحيف:

"كيفَ لكم أن تُربوا الولدان بينما أنتَم حاضرونَ مع أعينكم الراصدة بين يديَّ كل يومٍ في ذا ميدان ثماني ساعاتٍ وماكثون بتوظيف"؟!

كاتب السطور لا يدري بمَ ردَّ السائلونَ على مديرِهم الطموعِ الكسيفِ أو هو الطموحِ الشريف، ولكن في الأعم والأغلب انهم قالوا بريقٍ يصارعُ التجفيف:

" قد تركناهم عند جَدَّتِهم ذي السبعين سنة وببصرٍ كاد يكونُ شبهَ كفيف، أو تركناهم وحدهم في الدار بصمتٍ رهيبٍ كصمتِ أفراخِ العشِّ بلا زقزقةٍ وبلا رفيف، أو رميناهم في حديقةٍ مُسيَّجةِ يُسمونها الناسُ إفكاً وزوراً {رياض أطفال} تحت زعمِ الترفيهِ والتثقيف، أو رُبَما عند عمَّتهم المتينة الكارهةِ لوسائلِ التنظيف، أو عند خالةٍ لهم ما فتأت متأوِّهةً بتأفيف" .

بيدَ أنَّ كاتبَ السطورِ يدري بل يعلمُ أن جندَ "إبليسَ" قد دخلوا مساكننا كلها كمثلِ ريحٍ صرٍّ عصيف، تحتَ غاياتِ تنعقُ بتزييفٍ وتحريفٍ وبتخريف، بأنَّ للمرأة حقَّ المساواة وما هي بكائنٍ تابعٍ ولا هي بوصيف، ولئن سألتَ أهلَ الدارِ ليقولنَّ: ألم ترَالى (خولة بنت الأزور) كيفَ كانت مع ضرارَ بالجوار وليس برديف، وهكذا لقَّنهمُ ابليسُ تلقيناً ذاتَ ردٍّ بليدٍ بلا تجذيف، كي يردُّوا به على مَن سألَهم بتعريف، ففتحوا أبوابَ الدارِ للشيطانِ وجندِهِ ليجتثوا منها عينَ الرصدِ الودودِ الرصينِ الحصينِ والحنون الأليف، وتركوا الجّدَّةَ ذي السبعين سنة وذاتَ البصر شبه الكفيف، تضربُ الكفَّ بالكفِّ بحَزَنٍ مُخيف، وتنظرُ للجنودِ وكيف في الدارِ قعدوا وأقعدوا الولدانَ في أحضانهم يربُّونَهم ويُشكلونهم كما يشاءُ السفيهُ "إبليس" ببوقِ إعلامهِ الشيطانيِّ الخادعِ السخيف.

ثمَّ..

إتَّكأ "إبليسُ" وجنودُهُ من بعدُ يضحكونَ مستهزئين بقولِ الله ﷻ: {يَا آدَمُ إِنَّ هَـٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ} بتكليف، ولسانُ حالهم يقولُ لربِّ آدمَ: "نظنُّ أنَّ الآوانَ قد آنَ كي تُصَححَ الآيةَ ولحرف (ألف المثنى) أن تُضيف، فهلّا جعلتَها: ( فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَيا) بتوظيف.

وأوَّاهٍ يا نحنُ بنو آدمَ!

ما أضيقَ معايشُ الحياةِ اليومَ ويا لضيقِ هِذي الفلاة بتخصيف! بعدما نبذنا وراءَ ظهورِنا ملةً ذاتَ ذكرٍ حكيمٍ بحرفٍ غيرِ ذي عوجٍ بل معجز رهيف، واتَّبعنا ثُلَّةً ذاتَ ترهاتٍ مُتهتِّكةٍ مُتَبَتِّكةٍ مُتفذلكةٍ بتخاريف.

ثم إنَّهُ الآن وحسب، قد فَهِمَ كاتبُ السطور ووعى بجلاءٍ دقيقٍ معانيَ ذلك الحديث النبوي الشريف: (لاَ يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ إِلَّا الَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ، حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ). ذاك أنه حديثٌ يبدو للسامع انه متضاد مع التفاؤل بتوقيف، ومع وقائع الأزمنة المتتابعة متناقضٌ بتصريف، فزمانُ "عمر بن عبد العزيز "كان خيراً من أزمنةِ خلفاء قد سبقوه بتصنيف، غيرَ أنَّ نبينا الأكرم ﷺ كانَ يتنبأُ مُحذراً الأفئدة من تفلُّتٍ ذميم، وما كان ليتنبأ بما سيكون في الأصعدةِ من ندرةِ طعامٍ على المائدة أو من كثرةٍ من رغيف، وما ينبغي لنبينا الوسيمِ القسيمِ ﷺ أن يتَنبَّأ بتحذيرِ وتسليةِ الأجسادِ من ضيقٍ عيشٍ وعُسرٍ كثيف، لأنهُ ﷺ ما بُعِثَ إلّا لتزكيةِ الأرواحِ والأولاد والأحفاد من كلِّ تحريفٍ للحياةٍ بتخريف.

(أكرر: رأي شخصي)

***

علي الجنابي

 

هذا استنتاج قابل للنقاش، مبني على تقييم نفسي سلوكي لما جرى في تركيا، بعد إنكسار الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، ومحاولات الدول المنتصرة عليها، أن تفترسها بقسوة ووحشية سافرة.

إذ تحولت الدولة بما فيها وعليها لملك مشاع للغالبين، وجرت المؤامرات لتمزيقها إربا إربا، والإطاحة بدينها ومحق وجودها.

وبقي الخليفة في الباب العالي دمية أو كالأسير الذي عليه أن ينفذ ما يُطلب منه، لأنه مهزوم.

ويبدو أن العسكري مصطفى أدرك مغزى اللعبة، وقرر أن يواجهها بلعبة تبدو على أنها تحقق مطامع المتنافسين على تدمير تركيا، فانطلق في مشروعه بخطوات عملية توهم أعداءها بأنه يعمل لصالح مشروعهم، القاضي بمحقها كرمز للإسلام وقوة ذات إرادة كبيرة، وكانت اللعبة أن يبدو وكأنه في حرب علنية على الإسلام، ومناهض لمفهوم الخلافة، ففعل الذي فعله بدوافع وطنية بحتة، للحفاظ على بلاده التي أريد لها أن تغيب.

فتوهم الغرب بأن تركيا قد طلقت الإسلام بالثلاث، وأصبحت لها كيانها الخاص المقطوع عن تأريخها المجيد، ومضت الأمور على هذا التصور لبضعة عقود، حتى أخذت تنطلق فيها نداءات الرجوع إلى أصلها، وأن قوتها ومجدها قد تحققا بالدين، فنشأت فيها الأحزاب الداعية لتمثل قيم الإسلام.

ولا يخفى أن الإسلام لم تخمد جذوته في أعماق الشعب التركي بل تأكد وتنامى، فالشعب التركي متدين وملتزم بتعاليم الدين رغم ما حصل.

وبعد أن دارت السنون بعقودها الحامية، وجدنا تركيا تستعيد ذاتها وتلتقي بجوهرها الحضاري، وتتمثل الإسلام بآليات معاصرة، ذات  قدرة على المطاولة والتحدي والإقدام.

ولهذا يمكن القول أن أتاتورك قد حافظ على تركيا بدهائه، ووفر للإسلام حاضنة ذات قدرة على التعبير الأمثل عن قيمه وأخلاقه، والأمور بخواتمها، وفي أقل من ستة عقود ظهرت نتائج ما قام به أتاتورك.

 فهل كان مستشرفا نبيها للمستقبل، ومدركا لعواقب التحديات؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

بين أحداث تمر مرور الكرام، وأخرى تحز في النفوس وتدمي القلوب وتخدش الخواطر، وثالثة تثير الاستهجان والامتعاض، ورابعة تدعو الى الانتفاض والتمرد، وخامسة وعاشرة وعشرين… حتى تعجز الأصابع عن عدها، ويضيق بها قوسان إن أردنا حصرها بينهما، يقضي العراقيون أعمارهم، ويشطبون سنوات من حياتهم، ويعدون العدة لأخريات وهم غير واثقين أن القادم من أعمارهم يبشر بخير، لا لقنوط تسرب الى نفوسهم، ولا لتشاؤم تطبعوا به من جراء ما صادفهم، بل لأن أسلوب إدارة بعض الولاة والحكام الذين تعاقبوا على حكم بلاد مابين النهرين، لم يكن بالمستوى المطلوب ولا نصف المطلوب، بل هو أحيانا يكون بعيدا عن كل ما مطلوب، في حين كان حريا بهم أن يتميزوا ويتفردوا في نهجهم الإداري، لاسيما أن منجم الخيرات اللامنقطعة واللامعدودة تحت تصرفهم، بما يعكس على شعوب البلاد مقومات السعادة والعيش الهني والرفاه والازدهار.

ولعلي لا أبالغ إن قلت أن نسبة سيئي الإدارة باستغلال هذه الثروات، كانت أضعافا مضاعفة عن الجيدين فيها، فمنهم من بددها وضيعها في حوائجه الخاصة، ومنهم من أحاط نفسه بزبانية سراق وفاسدين، فراحوا يعبّون منها جيوبهم وجيوب عوائلهم وخواصهم، وخزنة البلاد تئن تحت بسط أيديهم على مفاتيحها، ومنهم من سخرها في خوض حروب ومهالك، مع دول قريبة أو بعيدة، أتت على الزرع والضرع والأخضر واليابس، حيث يزجون البلاد وشعبها كل حين في (كونة) هنا أو غزوة هناك، غاضين نظرهم واهتمامهم عن المصالح العليا، ضاربين عرض الحائط مواكبة تطور أمم العالم. والطامة الكبرى -والطامات كثر- أن اللاحقين من السلاطين لم يتعظوا من أخطاء الأولين في سوء الأدارة، بل تمادوا في غيهم دون حسيب ورقيب، وهم يدّعون أن مسيرتهم حافلة بالنجاحات بقيادتهم الحكيمة، ورياستهم السليمة، وكياستهم في التعامل مع أقرانهم ونظرائهم في الخلق، ممن يجاورونهم مكانا أو من هم بعيدون عنهم. وبتراكم هذه السلبيات تولّدت خبرة لدى الشعوب على مدى عصور، بمصداقية حكامهم والقائمين على إدارة دفة سفينتهم، دون الحاجة الى محلل او خبير او منظّر او قارئة فنجان.

ولا يخفي أن بلادنا تزخر بالخيرات في باطن أرضها، وكذا الحال على سطحها ومائها وسمائها وموقعها، غير أن إرث سوء إدارتها وتحييد المصلحة العليا، مازالا يمثلان السمة الغالبة لبعض من يتبوأون الصفوف العليا في القيادة، وهذا ما يسهّل تدخل جهات خارجية متصيدة في عكر المياه، بشأن البلاد الداخلي لأغراض دنيئة شتى، وكناتج حتمي لهذه السياسة، نرى اتساع رقعة الخلافات ومساحة الاختلافات يوما بعد يوم، وتتتالى النزاعات وتتوالى الاحتدامات بتصعيد لا يخبو أواره يوما، إلا ليضطرم أياما وشهورا وسنوات، وتتنوع المكائد والمصائد التي ينصبها بعض ساسة البلد لبعضهم، بدل أن يكون: "بعضهم لبعض ظهيرا" حيث سايروا الطوفان القادم على البلاد، وأسهموا في الخراب والتخلف في جوانب عديدة من مفاصل البلاد.

ولم تعد هذه السياسة خفية على فكر المواطن، بل باتت حيثياتها معلومة لديه، وأدرك أن ما تصادفه بلاده من أحداث سيئة، لم تأتِ من المريخ أو من زحل، فهي بين موروثة ومفبركة، وبين مصطنعة ومتعمدة، وبين مستوردة ومحلية، وبين همزة لمزة، وبتحصيل حاصل سلبياتنا (منا وبينا). كذلك هي أحداث منها لا يتشرف مؤرخ بتدوينها، ولا تستحق من الأجيال استذكارها فيما بعد، ومنها تطبع في سجل الذكريات وتنقش يومياتها بالتفصيل الدقيق، وكلها بمجملها محزنة حدا يتجاوز البكاء والنحيب والعويل، وليس أمام المواطن غير اجترار ردود الأفعال ذاتها كل جيل، وصار بديهيا لديه استنساخ المتوارث منها، وترجمته إلى ردود محدثة بطريقة: (Copy Paste).

***

علي علي

دول الأمة تحت سطوة الكراسي المضحكة، فالقائلون بسلطة الشعب وقدرته على تغيير الأوضاع القائمة، واهمون، ويتناسون أن الشعب لا يمتلك القوة، وإن تظاهر تناهشته ذئاب الكراسي وفتكت به.

ذلك أن الكراسي لا تستمد قوتها من الشعب، وإنما من القِوى التي تخدم مصالحها بتفاني وإخلاص مطلق.

الشعب له دوره الكبير عندما تستمد الحكومات قوتها وشرعيتها منه، وهذا ما يبدو واضحا نسبيا في الدول المتقدمة، أما في الدول المتأخرة، فالكراسي عدوة الشعب وقاهرة لإرادته، وقابضة على مصيرة بشتى أنواع الحرمان من أبسط الحاجات، وبعرقلة أيامه وحشوها بالمعوقات والهموم المرعبات.

العديد من قوى المعارضة، تركز على أن الشعب سيمتلك إرادته ويقوم بدوره في المطالبة بحقوقه وتأمين وجوده الوطني والإنساني، وكأنها تغفل هيمنة الكراسي وأعوانها المسلحة التي تفتك بالمواطنين، بعد أن صار الشعار والمنطلق مزيّن بدين.

الشعوب المقهورة عبارة عن أرقام مجهولة، بلا حول ولا قوة.

لو أن عدد الشعب عشرات الملايين، فهو يساوي رقما أو بضعة أرقام تتحكم بوجوده، وتقرر مصيره وفقا لأجندات المصالح الأجنبية والمشاريع الإستحواذية على ثرواته.

فأين الشعب؟

الكراسي فاعلة، والشعب مفعول به، ومُسخّر لإدامة الكراسي في نعيمها الزاهر الألوان.

الكراسي تقول، والشعب عبدٌ مأمور!!

السمع والطاعة مذهب العصور، والكراسي تجور، والشعب يخور، ويتحقق تمزيقه وإذكاء الصراعات البينية الإلهاية في صفوفه، وتحويله إلى موجودات متناحرة، مستنزفة الطاقات والقدرات، تتشبث بأي شيئ كأنها الغريق في ويلات دولها، وتداعيات أيامها الفائقة الإنهاك والتدمير.

إذا تغيرت الكراسي، تغيرت المآسي، وربما ذهبت، إذا فاز الشعب بكرسي غيور!!

الجالسون على الكراسي في دول الأمة، أصحاب وكالات من أسيادهم الذين يستخدمونهم لإنجاز مشاريع الفساد المربح المشرعن بفتاوى ذوي العاهات، التي تمليها عليهم أمّارات السوء التي فيهم.

فهل وجدتم دولة ذات مَقام والكرسي فيها خائن مِقدام؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

يبدو أن الإسلام صار دين هذا وذاك، وما عاد كما كان دين فرقان وسنة، ومن تنزيل الرحمن الرحيم.

ففي كل عصر تجد مَن يدّعي المعرفة بالدين ويُسمى فقيها، ويأخذ بالإجتهاد والتفسير والتأويل، ويوهم العامة بأن ما يأتي به هو الدين القويم.

وبتزايد أعداد الأعلام  تزايدت الأوهام وتعدد الإسلام.

حتى أصحاب المذاهب الأربعة، ما هم إلا بشر، وكل منهم أدلى بدلوه، وحَسِبَ ما جاء به عين الصواب وفقا لما عنده من معلومات، وما توصل إليه نسبي، إبن زمانه ومكانه.

فهذا حنبلي، مالكي، شافعي، حنفي وغيرهم الكثير، لكنهم سادوا لأغراض سياسية، فالكراسي بحاجة لمطية ذات دين، ولهذا تم إستعمال المذاهب لتأمين الحكم.

مثلما فعل المأمون  مع المعتزلة، وكذلك فعل الآخرون، بهذا المذهب أو ذاك، فالكراسي بحاجة لعقائد، والمذاهب وسائل للتقرب للحكام، كما يُقال منذ سالف الأزمان، وهي تجارة مربحة.

فالمذاهب إبداعات سياسية أكثر منها دينية، فيحكمون وفقا لهذا المذهب أو ذاك، ولا يحكمون وفقا لمعطيات العصر، ولا يمتلكون القدرة على سن عقد إجتماعي صالح للمجتمع والأمة.

فهل أن الدين قمع للحريات، ومصادرة لحقوق وقيم الإنسان؟

إن المذاهب والمدارس وما يتصل بها تناهض أبسط حقوق الإنسان، الذي خلقه الله بأحسن تقويم، وإذا به أسفل سافلين بسلوكه المشين.

فأين الدين، يا أمة إياك نعبد وإياك نستعين؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

يعود تاريخ اختراع التلفاز بشكل بدائي إلى عام 1884، ثم أخذ يتطور تقنيا عقب الحرب العالمية الأولى، وشهد في بداية الخمسينيات طفرات نوعية حتى وصل إلى مانراه اليوم. وباختراع الأقمار الصناعية حدث ثورة الاتصالات الهائلة، وتعددت وسائل نقل الأخبار بصنوفها لعل أبرزها السوشيال ميديا، وصرنا نتابع ما يحلو لنا من برامج أنّى شئنا، وبما أن بلدنا يشهد تقلبات كثيرة على مدار الساعة تقريبا، لاسيما في الجانب السياسي، فإن وسائل التواصل سهلت متابعتها من قبل المواطن.

هو ليس تحليلا جديدا لحالة آخذة بالانتشار، بين جمهور يتابع وسائل الاتصالات أولا بأول، كما أنني لن أضيف بتناولها معلومة لأذهان متلقي مقالي هذا، ولا حق لي بنيل سبق صحفي في نشرها، تلك الحالة هي تعدد الإجابات وتذبذبها، على لسان مستضافين في برامج حوارية وتنظيرية تُعرض على شاشات التلفاز، مع أن السؤال المطروح عليهم واحد. وأكاد أجزم أن أغلب هذه الأسئلة لا تقبل إجابتين، وإن قبلت فمن باب اختلاف وجهات النظر وتعدد الآراء، وهذه حالة إيجابية تعزز هدف المحاورة أو التنظير، بإشباع رغبة الجمهور المتابع في الاطلاع على ما يمس مصلحته، أو تغطية حاجته في معرفة مايدور في بلده.

ولا تُنكر حاجة المواطن في الوقوف على كل كبيرة وصغيرة، للأحداث التي تغيب تفاصيل بعضها -بل أغلبها- عن تصوراته وتحليلاته، رغم أن مداركه وتوقعاته قد توسعت، وتعمقت قدرته على استقراء المستقبل، وفق معطيات الأحداث بما توفره له وسائل الاتصال الحديثة، ولا أبالغ حين أقول أنه لم تعد تنطلي عليه مخفية ومعلنة، أو شاردة واردة، أو همزة لمزة، وأصبح كما يقول مثلنا الدارج: (مفتّح باللبن). وكما أشرت أن الاختلاف حالة مشروعة في النقاشات، وتأتي أكله مع تنوع درجاته وأصنافه بالنافع والمفيد، ولا ضير في تشعبه وشموله مفاصل عدة، مادام الرأي السديد والتحليل المنطقي وقناعة الأطراف المختلفة، هي تحصيل حاصل يُدخل الطمأنينة إلى قلب متابع الحدث. غير أن الذي يعكر صفو الحوار أو المناظرة هو الخلاف، وشتان بين الخلاف والاختلاف، وما يزيد الطين بلة ويشوه الحقائق، هو تعنت المستضافين بآرائهم ومواقفهم، وعادة ما يكون أحدهم مصيبا، فيما يكون الثاني مجانبا للحق بعيدا عن الصواب، وله في هذا خلفية تحكمه وجهات تحدد مساحة طرحه، ويظل المستظافون يراوحون يمينا ويسارا ويتقافزون على الحقائق والدلائل، وينحسر هدف كل منهم في الانتصار على نده، مدعيا أنه الجانب الأحق والباقون كلهم باطل، وكأنه يجسد ما ينسب لإبي العتاهية (أو لغيره):

وكل يدعي وصلا بليلى

وليلى لا تقر له بذاك

ولطالما تحولت طاولة الحوار إلى حلبة مصارعة يضطرم فيها النزاع، فيبرز فيها كل ند عضلاته على الآخر، وغايتهم قطعا معروفة لدى المستمع، وهذا ما أدمنا رؤيته في أغلب البرامج، وفي الحقيقة أن من المعيب أن يبلغ الخلاف حدا، يتجاوز فيه المتحاورون دبلوماسية الحوار، وتختفي الكياسة المفترض توافرها فيهم، بل يتبجح بعضهم بـ (انعدام الأدب) أحيانا، فيطلقون العنان للألفاظ غير اللائقة بينهم بشكل مخزٍ، ولايقف خلافهم على التنابز وارتفاع الأصوات، بل يتفاقم إلى تشابك بالأيدي وباستخدام (السلاح الأبيض) في أحيان كثيرة، وهنا يفقد الحوار الهدف السامي لإجرائه، ويختلط حابل الحق مع نابل الباطل، ويحار الطرف المحق بأي الطرق يتحاور ليوصل صوته، وهكذا يضيع الحق كما "ضاع عقد على صدر خالصة".

***

علي علي

ظاهرة غريبة فاعلة في واقع الأمة وتنخر وجودها عبر العصور، فترى الأجيال تضفي هالة القدسية والمجد الأعظم على أمواتها، وتستحضرهم لقيادة الحياة، والتعبير عن أفكارهم المقبورة معهم.

فتراها منهمكة في نبش الأجداث، والتغني بقيادة الأموات لأيامها، فهم الأقدر والأقوى والذين لا مثيل لهم في الحاضر والمستقبل، وعليهم تسنم القيادة وتقرير مصير الأيام.

وبموجب ذلك، تجد أحياء الأمة وقادتها في صراعات مريرة، وأكثر عقولها المستنيرة هاربة أو مصابة بالتعطيل والتعويق، ووضع المصدات أمامها، والتنكيل بها ومحق وجودها وإلغاء دورها، وتنطلق نشاطات التغني بالأموات، وتخليد ذكراهم، وإخراجهم من طورهم الآدمي وتحويلهم إلى مخلوقات خيالية فادحة التأثير.

وهذا سلوك تحققت تنميته في القرن العشرين وتواصل تعزيزه على مر العقود، حتى ألفيتنا في رحاب الأموات الذين أيقظناهم من رميم القرون، فلا همَّ عندنا سوى الحديث عن الذي مضى وما إنقضى، وعن الرموز الآدمية الآسنة في وعينا الجمعي، والتي نحسبها لا تمت إلى البشرية بصلة، وإنما مخلوقات فنتازية أنجزت الملاحم الخارقة، وعلينا أن نستلهمها ونتغنى بها، ونموت في سبيلها، ولو إستيقظوا لإستخفوا بعقولنا، ولخجلوا من أحوالنا.

فنحن بسلوكنا نذلهم، ونستهين بهم، ولا نتعلم منهم ما يعيننا على صناعة حاضر مقتدر ومستقبل مزدهر، بل نتسبث بالرميم، ونحسب التقهقر سيخمد سعير الجحيم الذي تورطت فيه أمة ذات أدوات إحباطية وتيئيسية وتخاذلية فائقة التأثير والتمرير.

لو تصفحت المنصات الإعلامية، الورقية والإليكترونية، لتبين أن الأموات قادتنا، والأحياء أعداؤنا، وكأننا الأموات وهم الأحياء الفاعلون في صناعة وجودنا.

فتمجيد الأموات مذهبنا، ومناهضة الحياة منهجنا.

وما صح فينا القول: " إعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، وإعمل لآخرتك كأنك تموت غدا"!!

فجحود حق الحياة قانوننا، المشرعن بفتاوى مؤدينة!!

***

د. صادق السامرائي

الثورة التواصلية التي حولت الكرة الأرضية إلى رقعة صغيرة، هل ستصبح ذات تفاعلات كونية؟

لا يمكن الجزم مهما توهمنا واعتقدنا بأن الأرض لوحدها المأهولة في كون مطلق متسع فسيح، فيه ما لا يعد ولا يحصى من أمثال مجموعتنا الشمسية.

ولا يمكن الجزم أيضا بأننا أذكى المخلوقات الكونية.

فمن المرجح أن هناك كائنات أذكى منا، وأكثر تقدما، وربما عندما سنرتقي لبعض مستويات معارفها سيتحقق التواصل معها.

فالإنترنيت ذات قدرات إختراقية وتفاعلية  مع الطاقات المتنوعة في الكون.

إن هذا التفاعل سيكون أمرا واقعا في القرن الحادي والعشرين وما بعده. وسندرك بأن هناك مخلوقات ذكية ذات تطورات إدراكية خارقة.

وهذا التواصل الموعود سيكشف حقائق وسيمحق عقائد ورؤى وتصورات، وربما سنجد وثائق مصورة عن تأريخ البشرية منذ البداية وحتى اليوم.

وسيمكننا إستحضار أي فترة زمنية في أية بقعة أرضية حية ومجسمة، ونشاهدها ونستمع لرموزها وأبطالها وقادتها!!

فهل هذا محض خيال؟!!

وهل تهاوت أروقة المُحال؟!!

و" ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا.. ويأتيك بالأخبار مَن لم تزود"!!

***

د. صادق السامرائي

 

توقعت منظمة الصحة العالمية ارتفاع الحرارة هذا العام بدرجة غير مسبوقة، وحذرت وكالة ناسا من تبعات هذا الاحترار الذي يشير لعودة السلوكيات الفظة للإنسان ضد الطبيعة..

 الإحصائيات تتحدث عن وفيات فى الحج تعدت الثلاثمائة، أغلبهم مصريون، والسبب وفقاً للأنباء ارتفاع الحرارة غير المسبوق! رغم أن الليلة الأولي من ليالي التشريق حظيت بهطول أمطار استثنائية فى غير موعدها!

 كل هذا وغيره يحدث بينما لم يبدأ الصيف بعد! فكيف بالقادم؟ وماذا تقول التوقعات عن هذا الأمر الذي يمس حركة الناس فى الحياة وأرزاقهم وأعمالهم تحت الشمس..

مؤشر كورونا!

 عندما حدث حظر التجوال العالمي أثناء جائحة كورونا ما هي إلا أسابيع قليلة حتي تغير العالم بأكمله تغيراً فجائياً أدهش المراقبين؛ فاختفت الشبورة الأزلية فى لندن عاصمة الضباب، وانقشع الغبار المزمن من سماء البلدان الصناعية، ولم يعد أحد يتحدث عن مشاهدات للسحب السوداء الناتجة عن احتراق القش. أما أغرب ما تم إعلانه فى جميع الإذاعات العالمية والقنوات الفضائية أن ثقب الأوزون اختفي تماماً، بعد أن تم رتقه بشكل تلقائي عجيب!!

 يمكننا ببساطة وثقة أن نتخذ من هذا العام، 2020، ميزاناً ومؤشراً لمدي توحش وفجور آليات الصناعة وماكيناتها التي انطلقت تدور بضعف طاقتها الانتاجية ما بعد كورونا لتعويض سنة التوقف، والنتيجة عودة ثقب الأوزون بأسرع وأشد مما سبق.

 ثم عادت حرائق الغابات مجهولة السبب تلتهم آلاف الهكتارات من الأشجار الخضراء التي هي رئة العالم. هكذا تصاعد مؤشر الاحترار الكوني تصاعداً حثيثاً، حتي بلغ قمته فى عام 2024 ليشهد العالم درجات حرارة لم يشهد مثلها عبر التاريخ! كل هذا ولم يبدأ فصل الصيف بعد!

فوق الستين!

 درجات حرارة لم نسمع بمثلها من قبل صرنا نري تأثيرها رأي العين؛ إذ وصلت درجة الحرارة فى بعض مناطق صعيد مصر لما يزيد عن خمسين درجة، وهو شئ لم يحدث في أشد أيام الصيف سخونة فى أي سنة مضت.

 الغريب أن بعض الدول سجلت درجة حرارة زادت عن ستين درجة! حدث هذا في مدينة "ريودي جانيرو" بالبرازيل. إذ سجلت منطقة جواراتيبا بغرب ريودي جانيرو درجة حرارة بلغت 63 درجة، لتسجل رقماً قياسياً استثنائياً ينذر بالأسوأ.

 لقد أكدت الأمم المتحدة أن العقد الفائت كان الأشد حرارة على الإطلاق، وأن المتوقع أن يكون عام 2024 هو الأشد حرارة من سابقيه. وأن هناك أرقاماً تم تسجيلها عام 2023 أكدت تحطيم الأرقام القياسية في مستويات انبعاث الغازات الدفيئة وارتفاع مستوي سطح البحر وذوبان الجليد وتراجع حجم الأنهار الجليدية فى القطبين..

ظواهر منذرة

 أذكر أنني فى العام السابق تحدثت عن ظاهرتين حراريتين حدثتا فى منطقة الشرق الأوسط هما: ظاهرة "النينو" وظاهرة القبة الحرارية. أما هذا العام فهو موعد لظاهرة حرارية جديدة تُدعَي ظاهرة"النينا" التي تعقب ظاهرة النينو. وكلتاهما تحدثان فى المنطقة الوسطي من المحيط الهادي المتاخمة لخط الاستواء، وينتج عنهما خلل فى توزيع مناطق الضغط الجوي والحرارة وحركة الرياح والأمطار.

 بدايات الصيف لهذا العام تحذر من القادم؛ إذ تَسبب الجفاف ونقص الأمطار إلى جانب الانبعاثات الحرارية من تضاعف تأثير ارتفاع درجات الحرارة. فكيف ستكون درجات الحرارة مع البدء الفعلي للصيف فلكياً؟!

 الدول الصناعية الكبري يحلو لها أن تُسكت الأفواه وتُلجم المعترضين بمسرحية "قمة المناخ" التي أثبتت عدم جدواها وعدم جديتها؛ فمصانع الدول الصناعية تضاعف عددها وإنتاجها، وكميات الانبعاثات والأبخرة والعوادم في ازدياد مستمر، ما يعني أنها لا تنوي أن تجد حلاً فعلياً لمعضلة التغير المناخي، وإنما فقط أن تبث مسكنات دعائية لا تغير شيئاً من واقع مرير صرنا نلمس تداعياته. الأمر الذي يجعلنا نتشكك فى نوايا تلك الدول، فهل حدوث ظاهرة الاحترار الكوني مقصودة؟ وهل تُحقق فائدة اقتصادية للدول الصناعية خلاف تفوقها الصناعي والإنتاجي؟!

عودة نظرية المؤامرة

 لا أحب الزج بنظرية المؤامرة لتفسير أي ظاهرة عالمية غير مفهومة. لكن فى حالة الاحترار الكوني والتغير المناخي ربما أجد ما يجعلني أستدعيها سائلاً: هل هناك فئة يهمها ارتفاع الحرارة للدرجة التي تذيب أنهار الجليد وتضخم حجم المحيطات وتغرق شواطئ البحار؟!

 والإجابة: نعم. إنها الدول التي تنتظر ظهور الثروات التي يحفل بها القطب الشمالي، وتتمني الذوبان السريع للطبقة السطحية له، حتي يسهل التنقيب على الكنوز والمعادن التي تملأ باطن تلك المنطقة البكر الخصبة الغنية بالثروات.

 إننا نتحدث عن قارة تتصارع عليها عدة دول أوربية وآسيوية وأمريكية، وتتحرك من أجل حمايتها أساطيل هذه الدول، وبسبب الصراع القائم عليها حدث خلاف كان من نتيجته حدوث مواجهة مباشرة بين الناتو وروسيا فى أوكرانيا.

  لن أتحدثث هنا عن المنظمات السرية التي دعت لفكرة المليار الذهبي، وأن أمر سلامة البشرية لا يعنيهم فى قليل أو كثير، وأن غرق السواحل والفيضانات وحرائق الغابات  الناجمة عن الاحترار كلها تُعد من باب الأضرار الجانبية التي تسرع فى تنفيذ مخططهم بإهلاك الضعفاء نظير بقاء الأقوياء يحكمون ما سيبقي من الأرض والبشر!

عام ساخن جداً

 ليس فقط على صعيد المناخ العالمي، بل وعلى الصعيدين السياسي والعسكري..

المناطق الملتهبة يتسع نطاقها من أوكرانيا إلى غزة إلى جنوب لبنان إلى باب المندب إلى بحر الصين الجنوبي وما حول تايوان. ونتائج انتخابات البرلمان الأوروبي أحدثت زلزالاً سياسياً فى أهم الدول الأوروبية الكبري، معلنةً صعود اليمين المتطرف وحدوث انعكاس للبوصلة السياسية فى أوروبا ومن ورائها سياسات الناتو والاتحاد الأوروبي؛ وهناك قرارات ربما تُتخذ فى ملفات مصيرية كملف الحرب الأوكرانية والهجرة غير الشرعية وشروط الانضمام للاتحاد الأوروبي، والبعض يذهب إلى أن التأثيرات قد تصل لحد إحداث مزيد من الانشقاقات داخل الاتحاد الأوروبي نفسه تؤدى فى المستقبل البعيد لانهياره.

 وسوف ينتهي الصيف بانتخابات أمريكية تزيد الأحداث اشتعالاً بين مؤيدى ترامب وأنصار الحزب الديمقراطي. وبينما تذوب أنهار الثلج فى القطب الشمالي بفعل الاحترار، يزداد ارتفاع الجدار الجليدي بين قوى الشرق، روسيا والصين وإيران، وبين قوي الغرب، أمريكا وأوروبا وحلفائهما.

تجاوز حد الأمان

 منذ يونيو عام 2023 وحتى يونيو الحالي ارتفعت درجة الحرارة العالمية بمقدار تجاوز 1.5 درجة، وهو حد الأمان الذي سبق التحذير من تجاوزه، ليصل مدي الارتفاع إلى 1.63 درجة فوق متوسط ما قبل الصناعة (1850: 1900)، ولإدراك حجم ما وصلنا إليه، فلنعلم أن النصف الأول من القرن العشرين الذي شهد استخداماً مفرطاً للفحم والديزل والمازوت لم يتجاوز حد ارتفاع الحرارة نصف درجة فقط. وحتي وقت قريب وصل الارتفاع إلى 1.2 درجة ولم يتجاوز درجة ونصف إلا هذا العام.

 تحذيرات المختصين بتجاوز حد الأمان تنذر بتضاعف درجات الحرارة، وبتعرض عشرة ملايين شخص من ساكني الشواطئ لفيضانات وأخطار. وبفقدان كميات من الشعاب المرجانية وأنواع من الفقاريات والنباتات نتيجة لمخاطر بيئية شديدة. وكنتيجة للتغيرات المناخية الناجمة عن الاحترار قد تزداد مشاكل الأمن الغذائي، ويزداد عدد الفقراء فى العالم.

 المثل يقول: "مصائب قوم عند قوم فوائد". وهو ينطبق على أولئك الذين ينتفعون مما يحدث من كوارث بيئية دون أن يلقوا بالاً للمتضررين منها. ومهما كان الأمر علينا أن نحتاط ونستعد لما يحدث حولنا من تغيرات بيئية ترفع حرارة الجو، ومن تغيرات فى السياسة العالمية ترفع حرارة الصراع. فمَن للضعفاء والفقراء بين هذا وذاك؟!

***

د. عبد السلام فاروق

الفرق في آليات التفكير هو الذي يحدد ماهيات الفروق ما بين المجتمعات البشرية التي كيفما تفكر تكون.

وهذه الآليات تكون جماعية، أي أنها كالمنهاج الموحد الذي تمضي عليه أجيال المجتمع وتتواصل وتتطور.

وعندما نقارن آليات تفكيرنا، مع آليات تفكير غيرنا من مجتمعات الدنيا المتقدمة علينا، يبدو واضحا وساطعا أننا نغرق في الماضوية، ونتعبد في محراب "كان"، والمجتمعات الأخرى منهمكة في آنها، أي أنها في حاضرها وتتفاعل معه بأقصى قدراتها لإستيلاده غدها، الذي يتحول إلى آن نابض  بالإجتهاد والإندفاع نحو مرحلة تتلوها أخرى.

هذا التباين يجعل الأجيال أمام خيارين أما الجريان والترافد الدفاق، أو الإستكانة والتأسن والتعفن والتصادم والتصارع الفتاك.

والخيار الثاني هو القائم في مجتمعاتنا المحنظة، المكبلة بأصفاد الماضيات والغابرات، التي حجبت عنها رؤية الحاضر والتطلع نحو المستقبل.

فما فات مات، هكذا تتفاعل مجتمعات الدنيا التي لا تطيق النظر إلى البارحة.

ويبدو أن مجتمعاتنا أصبحت في محنة تفاعلية ما بين الأجيال، لأن الجيل المولود في القرن الحادي والعشرين، يختلف عن الأجيال التي سبقته، وذلك بتأثير التفاعل العولمي والتواصل ما بين أبناء الأرض، مما زعزع مرتكزات السكون، وأطلق إرادات الكينونة الحاضرة والمستقبلية، فما عادت كان وأخواتها تعنيه، بقدر ما يتحفز للوثوب إلى الأمام.

ولكي يتحقق المجتمع ويستثمر في طاقاته الواعدة، عليه أن يستوعب إرادة الجيل الصاعد المتطلع نحو مستقبل مشرق وحياة سعيدة كريمة ذات آفاق مطلقة.

فهل أدركت الأجيال الماضوية ماهية الجيل الآني الجديد؟!!

وكل جيل برؤاه رهين!!

فهل من يقظة وثورة عقلٍ فطين؟!!

و"الدهر كالدهر والأيام واحدة...والناس كالناس والدنيا لمن غلبا"!!

***

د. صادق السامرائي

13\2\2020

التفكير فريضة كما ورد في العديد من الآيات القرآنية ومنها:

"...وما يعقلها إلا العالمون"

"...لعلكم تعقلون" تكررت لمرات ومرات

"...أ فلا تعقلون" متكررة

"...بأنهم قوم لا يعقلون"متكررة

وغيرها من الايات التي تحث على التفكير وإعمال العقل في الحياة الدنيا، وكما ورد في المرويات فأول ما تنزل كلمة "إقرأ ".

فلماذا تجاهلنا عقولنا، وأذعنا لنفوسنا، وإتبعنا الذين يدينون بأهوائهم؟

هل هي الأمية القرآنية؟

هل هو الجهل المتنامي بالدين؟

مَن الذي حرّم التساؤل والتفكير؟

مَن الذي أضفى القدسية على النشاطات البشرية؟

إنها أمور محيرة طحنت أجيال الأمة، وحولتها إلى عجينة يسهل صبها في قوالب الطامعين بوجودها ومسيرتها الحضارية الرائدة.

أمة عاقلة متنورة تتفكر في خلق السماوات والأرض، وإذا بها تتحول إلى أعجاز نخلٍ خاوية، وأمسى نورها نارا، تحيلها إلى عصف مأكول!!

أمة قل هو الله أحد، صار أحدها ألف واحد ولا أحد!!

ماذا يجري في أمة تتوطن كراسيها الأحزاب المؤدينة، وأدعياء الطائفية والمذهبية، والشقاق والتضليل بالأفك والنفاق!!

فهل ستستعيد الأمة رشدها، وترتقي لجوهرها، وتحترم قيمة إنسانها، وتستضيئ بعقول أبنائها؟!!

وقل سيخرج الحي من الميت!!

***

د. صادق السامرائي

هل شاهدت مثلي فديو الفتاة "الخبازة" التي تخبرنا وهي تمارس "العجن" ان هناك من دفع لها اموال طائلة من اجل ان تخلع حجابها، لكنها رفضت واجهضت المؤامرة، تتمعن في وجه الفتاة فتجد ان ملامح " الخبازة " التي نعرفها غابت عن وجهها، وتترحم على سليمة الخبازة التي قدمها لنا المرحوم غائب طعمة فرمان في رائعته النخلة والجيران، وتسأل نفسك: كيف لفتاة تمتهن مهنة بسيطة مثل مهنة بيع الخبر تضع كل هذا المساحيق التي يعادل ثمنها ثمن بيع الخبز لمدة شهر بالتمام والكمال، وقبل ان تسأل نفسك ماذا تريد هذه الجباية ؟، يظهر لك فديو آخر لنفس الفتاة من دون مكياج تشكو فيه تعرضها لهجمة وتنمر  بسبب " العجن" وتكشف لنا سرا جديدا، فالخبازة ما هي إلا مقدمة برامج رفضت عرضا ماليا مغريا من احدى القنوات العربية الشهيرة للعمل مذيعة لان القائمين على القناة اشترطوا عليها خلع الحجاب، تنظر إلى وجه الفتاة من دون المساحيق فتجد ملامحها عادية جدا كما انها لا تمتلك صوتا متميزا حتى تجعل القنوات العربية تخوض حرب عالمية من اجل ان تجبرها على خلع الحجاب، وتنسى " المذيعة- الخبازة " ان الحجاب حرية شخصية على المجتمع ان يحترمها ويحميها، مثلما عليه ان يحترم الفتاة السافرة، من دون ان نقدم لهذا المجتمع مشاهد من النخلة والجيران. ان تترك فديو خبازة قناة الفرات، حتى يظهر أمامك فديو لمجموعة من الشباب يرتدون الملابس المودرن وهم يجيبون على سؤال يطرح عليهم: هل تقبل الزواج من فتاة سافرة ؟، لتكون الإجابات كالعادة انتقاص من الفتاة السافرة وتحميلها الخراب الذي حل ببلاد العرب، وتسمع اغرب اجابة من شاب جامعي يقول فيها و بالحرف الواحد " اني دافع بيها فلوس.. دافع مهر.. شلون اخلي واحد يشوفها ". وتسأل نفسك: ما الذي يجعل المجتمع ينحدر إلى هذا المستوى؟. وربما يكون الجواب عند الطبقة المثقفة التي أدارت ظهرها لمثل هذه الظواهر الخطيرة وقررت إنشاء كانتونات " ثقافية " طائفية !!.

***

علي حسين

من حق القارئ ان يعلق او ينتقد، مقال او نص أدبي، بالحجة واليقين،وان يترفع بالأخلاق ورداً،علی مقالي الأخير،الطريق الي البرلمان،وحب مضاجعة الكراسي، الجملة التي ازعجت البعض حب مضاجعة الكراسي ليست من تأليفي ولكن استخدمها علماء "المان ويابنيين"، الذی کتبته بالآمس نشر في مجلات علمية،

اذا كان الكاتب أو المؤلف يعتقد ان كلماته أو نصوصه ستصل الى عقل القارئ كما يعتقد، فهو يراهن على شراء سمكة في البحر،الكلمات عندما تدخل عقل القارئ تمر بنفق طويل من المرشحات والمصافي ونقاط التفتيش، والحراس والتأويلات،

وتفقد الكثير من معانيها الحقيقية. خلال هذا المرور، وتخضع للحذف والإضافة من كل قارئ، سلباً أم إيجاباً وعندما تقطع المسافة الى عقل القارئ لا تدخل مباشرة:

عليها الدخول في مصفاة أخلاقية لكل قارئ، ومصفاة نقدية، ومصفاة دينية، ومصفاة اجتماعية، ومعايير شخصية وعامة ...! حسب ثقافة القارئ وقيمه صواباً أم خطأ، وحسب تجاربه، وحسب مستوى ثقافته النقدية، وعند التفسير النهائي، يقوم القارئ بتفسير ما وصله من هذه المرشحات وليس النص نفسه، لقد ترجمه حسب قدرته لكي يفهمه كما يظن:عدد تأويلات القراءة بعدد سكان الأرض عدا لوائح القبور التي لا تتحمل التأويل إلا اذا تضمنت حكمة أو مقولة ولوائح عناوين الطرق والعلامات وإشارات المرور وتعليمات السجون، حتى القوانين التي درسها القاضي والمحامي يختلفون عليها في التفسير في المحاكم،

وهذا من أسباب تعدد الطوائف في الأديان. أما النص، خاصة الأدبي، فمن غير الممكن تفسيره من الجميع بطريقة واحدة للآسباب السابقة، ولا يتوقع كاتب محترف قراءة موحدة لنصوصه،

لأن القراءة الجمع، أي التفسير الجماعي للنصوص مستحيل، حتى الحالة الصحية والنفسية والعقلية والعاطفية للقارئ تحور النص، بل هناك من قال طريقة الجلوس في القراءة وذهنية القارئ تلك اللحظة تضيف وتحذف،ومن أكثر القراءات في النصوص الأدبية شيوعاً هو الربط بين [النص والكاتب] مع ان الكاتب" مات" بعد النشر وصار قارئاً، ونحن نقرأ /عن الحضارات الفرعونية والبابلية والسومارية والفينيقية واليونانية، ولا نعرف من هو مؤلفها ونعجب بها لأن القراءة هنا فصلت بين النص والشخص. لكن هذا القارئ لا يربط بين البائع وبين الشاورمة، ولا بين القطار وشركته، ولا بين الهاتف وصانعه، ولا بين الطائرة وصناعها، ولا بين بائعة تذاكر السفر وأخلاقها ولا بين الحذاء ومنتجه ولا بين الدواء ومكتشفه، مؤمناً أم كافراً، وهو السلوك الصحيح، ولو تم هذا الربط لمشينا حفاةً وبلا سفر ولا دواء ولا هواتف.القارئ أمام نص" ولا شيء خارج النص" بلغة الكاتب والفيلسوف {جاك دريدا} اقسمنا بحق الآية الكريمة (ن والقلم ومايسطرون) لم يغادرني قلمي ولا يستطيع احد ان يجف حبرة، فما دامت الحياة لم تفارقني فأنا في عزها وزهوها ولو زهقت مني الدنيا لكان الموت ازهق روحي في الوعكة الصحية الآخيرة، دعني اعيش حياتي بطولها وعرضها ما دمت ازرع الحب فيها وارم بذور الخير على جنباتها والتزم حدود ما امر الله به فما العيب والخطأ في ذلك

قولت في نفسي: قلمي سوف يغضب الكثير، وسوف تتوقف وتخشا

كلام الناس (والله احقُ أن تخشاهُ)

فقلت: في نفسي

ومتى توقف الناس عن الكلام وعن الغيبة والنميمه المحرمتين حتى اخاف من ان يرموني بسهامهم السامه من جديد

فأنا والله مرتاح الضمير سعيد الى ابعد الحدود واذني لاتستمع الا لما يفرحها ويطربها وبيني وبين ربي مودة ورحمه وانا متمسك بحبله ولا اهتم لآحد مهما بلغ شأنه،، ولينظر كل واحد الى نفسه ويؤدبها قبل ان يؤدب الآخرين المؤدبين اصحاب الفكر والقلم الحر ..!

حقاً انه زمن

رجال اخر الزمان

يبدو ان الساعة آن أوانها وقد اقتربت اشراطها

يا ويلنا يا ويلنا في زمن ضاع فيه كلمة أقلام حرة ..!!

***

محمد سعد عبد اللطيف - كاتب وباحث مصري

 

أصبحت عجلة الزمن المتسارعة تهوي إلى منحدر الحياة بسرعة تسحق كل من يقف أمامها تحطم كل ضعيف يحاول أن يتشبث بها وأصبح الوقت يذبح كالسيف كل من لا يسايره ولا يمشي على هديه فالحياة أصبحت كالقطار يجر عرباته بسرعة فائقة لا نعرف من يقوده فالفقير فيه مسحوق ومعدم والمفكر والمثقف غريب في محيطه والجهل السائد يُعشعش في عقول الناس المحبطة من الجهل التي تقبع في الدهاليز المظلمة وبين المتخمة بطونهم وجيوبهم من المال الحرام والتحايل على مقدرات الشعب من قبل سياسي الغفلة والصدفة الذين طفوا على سطح المياه الآسنة للزمن الظالم وتربعوا على عروش الفقراء والمعدمين في العالم أجمع وأيديهم تنحر رقاب كل من يُخالفهم الرأي والفعل والقول على دكت موتى العصاميين والمعدمين حيث فقدنا بوصلة المسير لا نعرف طرق الهداية ولا إلى ما ستؤول لها النهاية فقد أنفرط عقد الأسرة وانسلخت روابطها وأفلت وجوه القيم والمبادئ والأخلاق وران على قلوب البشر واستفحل الجشع والحقد والعنف والقتل وتبدل الإنسان ونزع من قلبه الإنسانية وانغمس بالعقد النفسية وأمراض الحياة التي فُرضت عليه وتعقد مشهد الحياة وتشعبت ملذاتها تحت وطأة أكوام الجهل والتخلف والإحباط أصبحنا لا نعرف ماذا نريد ونحب تبدلت حقوقنا إلى آمال وأحلام يصعب تحقيقيها عندما أصبحت أقدارنا بيد لا تعرف الرحمة ندور في فلك لا نعرف ماهيته ولا كنهه وكيف سيطر على الحياة وما الغرض من هذا المشروع الممنهج المعد على خارطة مرسومة بعناية تنضج في كل فترة من الزمن المظلم التي تتلاعب به أيادي خفية من وراء جدر عالية وصياصي قوية منيعة تطبخ على مواقدها أقدارنا وتطلعاتنا لتعقيد الحياة اليومية للإنسان على حساب صحته وعقليته وآلامه ومتطلبات حياته بصراع مستميت في الوقت الضائع الذي بقية من لا حول ولا قوة له فيه في وقت زاخر بالأحداث اليومية المعقدة الرهيبة التي تطل علينا بين الحين والآخر فمن المسئول عن هذه البرامج ومن هو المتحكم بمقدرات الشعوب في هذا الوقت المتأزم وما مصير وشكل الأيام القادمة وماذا يُحضر لها وما مدى قدرتها على الصمود بوجه هذه المتغيرات بعد رحيل آخر رعيل من الأجيال القوية المخلصة الذي كان يُعد الأقوى وصمام أمان للمجتمع أمام تحديات القوى الظلامية وأشد شكيمة وعزما وحكمة وتشبثا بالحياة قد يكون من أهم الأسباب الواضحة هو تركنا للإله الواحد الأحد في السماء عز وجل وعبادته وعبدنا آلهة متعددة من البشر في آفاق الأرض تُطاع وتُعبد خوفا وطمعا نقدم لهم القرابين وولاء الطاعة من البشر المعدمين والمظلومين في محارق داخلية وخارجية ليرضوا عنهم أسيادهم المتسلطين على رقابنا مقابل اللباس والطعام والعيش بمنة وذلة لنعيش قوت يوما بيوم بدون تطلعات نحو المستقبل المحرم علينا في عرف الأسياد.

***

ضياء محسن الاسدي

إنهم بشر وليسوا غير ذلك، مهما بلغوا من قدرات التعبير والتدوين المتراكم في الموسوعات الضخمة الموجودة في أدراج المكتبات التراثية، وما خفي منها بالمخطوطات المغيبة في المخازن الكبرى للمتاحف والمكتبات العملاقة.

هذه الكميات الهائلة من الكتابات المتحدية لإرادات القرون، دفعت الأجيال لإتخاذها كمصادر محكمة، وأصحابها من المنزهين من الأخطاء، وكأنهم لا يمتون للبشر بصلة، ويستحقون التقديس والتعظيم المطلق.

والقراءة المتبصرة لما سطروه، تظهر أن الكثير منهم توهم المعرفة ، وعندما تواجهه أسئلة العوام، يرى أن لابد من الإجابة اللازمة للضحك على العقول الجاهلة.

فتجد في التفسيرات والتأويلات موضوعات ذات خرافية عالية وأساطير بالية، محشورة في الكتب، وصارت حقائق وكينونات لا يجوز النظر إليها بعين أخرى.

ويبدو أن الذين يجيبون على الأسئلة لديهم قدرات إختلاقية عجيبة، ذات طاقات إقناعية وتضليلية فائقة.

حتى لتجد المستمعين مذعنين ومؤمنين بما يتوارد إليهم من حكايات، ما أنزل الله بها من سلطان.

فالكثير من التفاسير توحي بأنها تفاعلات المتوهمين بالمعرفة مع سائل لا يعرف شيئا.

ولإدامة مسيرة الإستحواذ المعرفي على الأجيال، صار التجهيل من المهمات الضرورية للحفاظ على مهنة التضليل والتعمية وتأمين الإستعباد.

ولهذا تزداد الأمية مع تنامي عدد أدعياء الدين والذين يحكمون به!!

والمراءاة أن يقوم الإنسان بالعمل ليكسب الناس لا لوجه الله!!

والخلاصة أن من حق المسلم أن يُعمل عقله ويستخدمه كما يجب، وعليه أن لا يفرض ما يراه على غيره، حتى أقرب الناس إليه، فلكل عقله، والعقول كبصمات الأصابع لا تتطابق.

***

د. صادق السامرائي

المقال ربما سيُحسَب عدوانا على طقس راسخ ومتكرر، فلا يتم الحج إلا بسفك دم ضحية، وعادة ما تكون من المواشي بأنواعها.

وبتكاثر عدد الحجيج الذي بلغ بضعة ملايين، وعليهم تقديم أكثر من مليون (نعجة، معزة، خروف وغيرها)، وهذه الأعداد الهائلة تذبح في أيامٍ معدودات، فكيف يتم التعامل معها، وتوزيعها على الناس.

هذا طقس في الحج لم يتغير ولم يواكب العصر، ففي كل موسم يُهدر الملايين من الثروة الحيوانية، ومعظمها ينتهي إلى التلف، فلا يمكن لمجزرة مهما بلغت من التقنيات، أن تنجز هذه المهمة بلا خسائر.

فلماذا لا توزع الثروة الحية على الفقراء ليعتاشوا عليها، ويأكلوا من عطاءاتها، ويحققوا بها تنمية إقتصادية نافعة؟!

أو لماذا لا توزع أثمانها عليهم، أو تشيد بها مدارس ومستشفيات ومراكز للخدمات، التي تيسر الحياة وتبني الإنسان المعاصر؟!

سيقول مَن يقول ما سيقول، وسيرى البعض أنها خروج عن السنة والشرع، لكن النظرة الواعية للعدد الهائل من المواشي التي تجزر في بضعة أيام، يؤكد أنه سلوك لا إقتصادي، وتبديد للثروة الحيوانية، دون مبررات كافية، سوى أنها طقس يتم به الحج.

ترى ألا يجوز إعادة النظر بالأضحية والتعامل معها وفقا  لما ينفع الأمة، وينمي قدراتها الإقتصادية، ويساهم في إعتمادها على نفسها في الطعام.

لابد من وجود مخارج شرعية، تبحث في غاية الأضحية والأسباب الكامنة وراءها، فإن تحققت بغير سفك الدماء فذلك خير، وإن تجنب الفقهاء النظر في الموضوع لأنه من الثوابت الراسخة، فهل ينفع الناس جزر الملايين من الأضاحي في بضعة أيام؟!!

إنها تساؤلات والإقتصاد عماد الحياة!!

فهل من الأفضل أن نعطيهم لحما، أم نعلمهم كيف ينتجون حليبا ولبنا وجبنا وزبدا ولحما وأصوافا وغيرها؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

الترف: إشباع حاجات غير ضرورية

ترِف: تنعم وعاش برفاهية، تعوّد على عيشة الترف.

الإبداعات الكبرى نتاج حالات ترفية عالية، ولهذا فمعظم الشعراء الذين برزوا في مسيرة الإبداع العربي  كانوا من نتاج الترف الباذخ والتفاعلات التسولية المجزية العطاء.

إبتداءً من زهير بن أبي سُلمى، والبحتري من بعده، وما بينهما، ويُعد البحتري من أثرى الشعراء في التأريخ لمرافقته خلفاء بني العباس في سامراء على مدى (59) سنة، فنال المزيد من العطايا والأموال، وهو يتاجر بشعره ويتسول بقدرات خداعية نادرة.

والشعراء الذين نقرأ لهم كجرير، مثلا، وهو من فحول الشعراء، كان شديد التسول والسعي لحياة الترف والثراء الفاحش، لكن مدائحه أنتجت شعرا أصيلا خالدا، وغيره العديد من الشعراء حتى عصرنا الحالي.

فالشعر صنعة، حرفة، تجارة، تسويق كلمات في مزادات التقرب للكراسي الفاعلة في الحياة، ولا يهم ما تقوم به، وكيف تجور وتصول، المهم كيف يتم إستدرارها والتمتع بما ستجود به على المادح الكذاب المخادع الذي يريد ما ستعطيه ولا يريدها.

وكم كذب الشعراء ولو صدقوا!!

ويبدو أن العطايا تشحذ في الشعراء طاقات إبداعية نائمة، فقوة الكلام تتناسب طرديا مع حجم العطاء، ولهذا فأن أقوى الشعر ما قيل في حضرة سلطان يعطي بلا حدود، ولنا في المتنبي أكبر مثال.

و"الشاعر الحق مَن يجلو الشعورُ له.. شمسا من الحق في داجٍ من الظُّلمِ"!!

***

د. صادق السامرائي

 

يطالب بعض سياسيي النظام الحالي بازالة نماثيل ونصب شامخة في بغداد، كتمثال المنصور ونصب اللقاء وقوس النصر باعتبارها تمثل جزءا من بقايا النظام السابق، ويدعون ان العراق الجديد الذي يمثل الديمقراطية يجب ان يزيلها وتوضع مكانها نصب جديدة كنصب الابهام/ الاصبع مثار سخرية وانتقاد الفنانين الرواد فلا نستغرب مايجري، الفن هو نتيجة ما يدور حوله من نشاط إنساني وكذلك عندما يكون صاحب القرار الذي يتحكم بالفن لا يمتلك الأساسات التي تؤهله لأخذ القرارات تكون النتائج وخيمة وتسيء للفن التشكيلي والمشهد العام، وبات كل شيء طبيعي في ظل الوضع العام الذي نعيشه اليوم الأن،

بعد عام 2003 قررت لجنة اجتثاث البعث إزالة كثير من التماثيل تحت ذريعة أنها تمثل النظام السابق، فقد أزيل تمثال الطيار (عبدالله لعيبي) الذي كان شاخصاً بالقرب من المسرح الوطني، حيث يجسد التمثال طياراً يقف على حطام طائرة، وتعود قصته إلى مرحلة الحرب العراقية – الإيرانية، فبعد نفاد عتاد هذا الطيار ومشاهدته اقتراب طائرة الخصم من هدفها في محافظة السليمانية، وجه لعيبي طائرته لتصطدم بالطائرة الإيرانية ونجح في منعها من الاقتراب إلى الأراضي العراقية/، كما أزيل نصب المسيرة وهو من تصميم الفنان خالد الرحال، ويقع في ساحة المتحف ويضم النصب مجموعة من التماثيل المتداخلة التي تتخذ في النهاية شكل ملحمة تظهر فيها بداية الحضارة في وادي الرافدين وشخوص مثل كلكامش، وقامت أمانة بغداد بإزالة عدد من النُصب والتماثيل من ساحات وشوارع المدينة، ومنها نصب "الأسرى الشهداء "في ساحة المستنصرية، و"المسيرة" في ساحة المتحف (استُبدل بنصب جديد)، ونُصب "المقاتل العراقي" في الباب المُعظّم، وعدم أمانة العاصمة بحماية النُصب والتماثيل، باعتبارها إرثاً وطنياً وجمالياً ينبغي الحفاظ عليه. كما لم تمنع تعليق الإعلانات الانتخابية على واجهات النُصب والتماثيل، ولم تقم بأعمال الإدامة والتنظيف، أو تسييج الأعمال الفنية لغرض حمايتها من حوادث اصطدام السيارات، كما حدث أخيراً لنصب كهرمانة

لا يحضر الجانب السياسي في هدم التماثيل والنصب فحسب، بل إنه يصل إلى التشويه المتعمد كما هي الحال في نصب قوس النصر الذي يقع في ساحة الاحتفالات، فكان يضم على جانبيه خمسة آلاف خوذة لجنود إيرانيين، وهي خوذات حقيقية جمعت من ساحات المعارك التي دارت بين البلدين في فترة الحرب العراقية الإيرانية وبعد عام 2003 أزيلت بالكامل، وكانت هناك محاولات لهدم تمثال المنصور، و نصب الشهيد الذي أنجز في ثمانينيات القرن الماضي تخليداً لذكرى الذين ارتقت أرواحهم خلال الحرب العراقية – الإيرانية، ونصب الشهيد من تصميم المهندس المعماري العراقي سامان أسعد كمال، أما القبة الخاصة به، التي بنيت على الطراز العباسي فهي من تصميم الفنان التشكيلي العراقي إسماعيل فتاح الترك، وتكمن عبقرية هذا البناء في الخداع البصري الذي يحققه النصب المقام على أرض مفتوحة مترامية الأطراف، فالنصب مشيد بأكمله وسط بحيرة صناعية واسعة ويتألف من ثلاث وحدات أساسية هي القبة والراية التي تمثل الشهيد العراقي والينبوع الذي يمثل ديمومة التضحية من أجل الأرض

السياسة تتربص للفن، ويبدو ان الانظمة السياسية في العراق تضيق ذرعاً من الماضي فتحاول إلغاء الرموز الفنية التي تجسد المرحلة التي سبقتها، كل حكومة تحاول أن تلغي ملامح نتاج الحكومات السابقة وبخاصة في الأعمال الفنية التي تخدم فكر وسياسة الدولة، لذلك نجد أن هناك إلغاء وتدميراً متوالياً بين الحكومات، وما يبقى فقط هو بعض الأعمال الفنية المرتبطة بالفن الحقيقي، غالباً ما تؤرخ التماثيل مرحلة تاريخية مرت على العراق، فمع دخول القوات البريطانية كانت هناك تماثيل تجسد قادة بريطانيين كما هي الحال مع تمثال الجنرال مود، وهو الجنرال الإنجليزي الذي دخل مع قواته مدينة بغداد في 11 مارس (آذار) 1917 بعد هزيمة الأتراك في الحرب العالمية الأولى، وأقيم التمثال أمام السفارة البريطانية في منطقة الشواكة عام 1923 وحطم في يوم 14 يوليو (تموز) عام 1958، كما كان هناك تمثال للقائد الإنجليزي لجمن وهو يرتدي الملابس العربية وكان مقاماً أعلى منارة القشلة التاريخية وأزيل من مكانه عام 1958

النصب والتماثيل تمثل حكاية لفترة تاريخية من حياة العراقيين، فهي تؤرخ وتوثق المراحل التي مرت على العراق، ولا بد من الحفاظ عليها وليس إتلافها، ومن الأجدى نقلها للمتحف الوطني لتعرف الأجيال تاريخ البلاد من خلال هذا الفن وما جسده من مراحل تاريخية، وأن أي إلغاء للنصب والتماثيل هو محاولة لتشويه مسيرة الفن، قائلاً "كل انقلاب سياسي يحاول أن يمحي آثار من سبقه ظناً منه أنه يمسح ذاكرة الأجيال التي قد تؤثر في مساره التاريخي، متناسياً أنه بهذا الفعل قد شوه مسيرة الفن والجمال والنتاج الفني لبلد يحمل موروثاً تاريخياً متفردا، وتقول المعمارية العراقية ميسون الدملوجي في كتابها"منحوتات بغداد بين الفن والسياسة "، ودور العمارة والفن في إعادة إحياء الهوية الوطنية، من خلال تحليل النُصب والتماثيل في شوارع بغداد بشكل متوازٍ، مع الأوضاع السياسية العاصفة التي مرّ بها العراق في مراحل مختلفة، وذلك عبر استلهام رموز تاريخية عربية أو إسلامية حيناً وعراقية حيناً آخر، وتطرح الدملوجي مسألة الاهتمام بالفن في الفضاء العام كوسيلة لإعادة بناء الهوية. وتشير إلى أن "فترة الستينيات والسبعينيات تميّزت بوفرة إنتاج الأعمال الفنية في الشوارع والتقاطعات، ثم مرحلة الحرب العراقية الإيرانية والنصب التي اقترنت بها، السياسة وضعف الخبرات تلاحق ترميم وصيانة النصب والتماثيل وحسب ارتباطها بالمراحل السياسية المتعاقبة، فكل نظام سياسي يرغب أن يسخر الفن ليجسد انتصاراته وأيديولوجياته عبر تماثيل تشخص في الساحات العامة، وغالباً ما تتعرض هذه التماثيل إلى الهدم بعد انتهاء كل مرحلة سياسية، أغلب التماثيل والمنحوتات في العراق تقاوم عوامل البيئة وتبقى صامدة، وهي تلك المصنوعة من خام البرونز والحجر والمرمر ومنها ما تكون هشة لا تقاوم، وهي المصنوعة من المواد الجبسية والأسمنت، وتبقى التماثيل البرونزية هي التي تقاوم عوامل الزمن بسبب خاصية التأكسد التي يتمتع بها عنصر البرونز فتبقى الأعمال المنحوتة محافظة على جمالياتها، ولا تحتاج سوى لصيانة دورية بسبب المتخصصين في فن النحت، معظم عمليات الصيانة للأنصاب والتماثيل "ارتجالية غير علمية وغير مدروسة"، معتبراً أن الدولة لم تعط مسألة الترميم والصيانة اهتماماً حقيقياً، مشيراً إلى أن هناك أعمالاً فنية لكبار فناني العراق وبخاصة الجداريات التي صنعت من مادة السيراميك والفسيفساء تكاد تكون اليوم في آخر مراحلها من الضياع.

***

نهاد الحديثي

عثرت على كتاب صغير بعشرين صفحة، كان يدرسه تلاميذ السنة الثالثة في المدارس الإبتدائية في ثلاثينيات القرن العشرين، وهو مخصص لدرس التربية الإجتماعية أو الحياتية.

ومادة الكتاب أشعار تربوية، في كل درس يحفظ التلاميذ عددا منها، وتتم مناقشتها وشرحها.

وهي أشعار تشمل تهذيب السلوك والتفاعل الإجتماعي الطيب الصالح للحياة.

ويبدو أن التربية الأخلاقية كان عمادها الشعر، وعلى هذا مضت الأجيال على مدى قرون متعاقبة، وفي زمننا المعاصر فقد الشعر دوره التربوي فتهللت القيم والأخلاق.

قد يرى البعض أن التربية الدينية  أهم، وهي التي غادرت جوهر الدين، وصارت تترجم أشخاص صاروا يمثلون الدين، ويتخذونه وسيلة للإغتنام والإرتزاق.

بينما الشعر التربوي الرصين يساهم في برمجة الأدمغة، وتأهيلها للتعبير عن جوهر معانيه، وما ينطق به ويذهب إليه.

في ذلك الكتاب الصغير وجدت العديد من الأبيات التي تحث على العلم وأهميته، وضرورة إكتسابه وبأننا بالعلم نكون.

وفيه أبيات تنهي عن الشرور وكل سلوك سيئ وتدين عواقبه، بمفردات مؤثرة وعبارات سهلة على الحفظ والإدراك.

فما أحوجنا إلى ذلك الشعر التربوي الذي يصنع الأمم، ويبني الأخلاق العزيزة الكريمة.

والأمم الأشعار ما بقيت، فإن ذهبت أشعارهم ذهبوا!!

و"الشعر ديوان العرب"!!

***

د. صادق السامرائي

لا اقصد قريتنا بالتحديد ولكن قريتنا عبارة عن حارة في عالمنا العربي، يحدث فيها كما يحدث في المجتمعات العربية هي صورة مصغرة،،، إن استمرار ثقافة “العبودية” في بعض مناطق مصر، على الرغم من أن الدين الإسلامي حرّم الرق والعبودية، وهو مصدر التشريع الأول في الدستور المصري، فلا يزال أصحابالبشرة السوداءفي مصر يخوضون معركتهم للتخلص من الموروث الاجتماعي الذي علق بهم. خصوصاً من كان أجدادهم “مستعبدون” لدى عائلات وأثريائهم. في حقبة زمنية في عصور سابقة، ولكن في العصر الحديث ظهر "عبيد جدد" من اصحاب النفوس الضعيفة من البشرة البيضاء في دلتا مصر، وخاصتاً في المجتمعات الريفية، واصبح يطلق عليهم توابع (تابع) لشخص ما من أصحاب النفوذ والسلطة اي كانت درجات الوظيفة او الوضع الاجتماعي، ويظهر نشاطهم، هؤلاء في فترة اي استحقاق انتخابي بصورة جيدة، وقد أطلقت عليهم مصطلح جديد من رؤيتي الشخصية مسمي {العمي التطوعي} فالعبيد الجدد يتخيلون أنهم لديهم حصانة لمجرد الإقتراب والطاعة لبعض العائلات صاحبة النفوذ والسلطة، ويسبحوا لهم " آناء الليل وأطراف النهار". رغم اننا في الربع الأول من الآلفية الثانية لا أظن ان هؤلاء العبيد الجدد سوف يتحرروا من عبوديتهم في ظل نظام طبقي، وفي نظم سلطوية وفي غياب نظام العدالة والمساواة، التي خاض المناضل الامريكي /مارتن لوثر كينغ \كفاحه ونضالة في ستينيات القرن المنصرم، ولقي مصرعه وسط حشد من مؤيدي العدالة والمساواة وضد التمييز، في زيارتة لمدينة ممفيس الامريكية، إن صعود رجل أسود في سدة الحكم في أمريكا، كان نتيجة كفاح ودم (مارتن) فمتي تتحرر الشعوب من عبوديتها ..؟خاصتاً مع تتالي الأجيال التي تعودت علي الخضوع والخنوع، والدنيوية. وانتجت لنا هؤلاء، إننا نجسد في المقال واقع مر تعيشة الشعوب العربية من المحيط الي الخليج، اي كان الحكم فيها ملكي او جمهوري، يعتبر اللبنة الأساسية للعبودية الاختيارية.  

هذه الطاعة العمياء، كانت ضمن اسباب جيل جديد/لديه قناعه وعزوف لعدم المشاركة في العملية السياسية من القاع حتي القمة، فعوامل إقصاء كثير من الشعب من المشهد السياسي نتيجة المشهد السلطوي ومن الممارسة السياسية، ليكون الطغيان والاستبداد نتيجة حتمية ذادت حدتها بعدم الاقتراب من الترشح في انتخابات او تقديم علي وظائف للآسف تسمي وظائف سيادية فالعبيد الجدد ينظروا له انه تعدي حدود المجتمع، وكأننا نعيش في القرون الوسطي من كتاب العبودية الطوعية الذي صدر عام/ 1576\ اي منذ حوالي (5 قرون ) للكاتب الفرنسي{إتين دي لابويسيه} ‏ كاتب وقاضي فرنسي وصاحب النظرية الفوضوية، ومؤسس الفلسفة السياسية الحديثة في فرنسا، يقول: إتيين دو لابويسيه في كتابه" العبودية الطوعية:

"هناك ثلاثة أنواع من الطغاة، فالبعض الأول يسود عبر انتخاب من الشعب، والبعض الآخر بقوة السلاح، أما البعض الأخير فبالتوالي الوراثي.

" أما الذين اغتصبوا السلطة بقوة السلاح فيتصرفون بها كأنهم في بلاد قاموا بغزوها. وأما الذين ولدوا ملوكاً فليسوا على العموم أفضل مطلقاً..،

و الذين ولدوا وترعرعوا في حضن الطغيان، يرضعون الطغيان طبيعياً، مع الحليب،،

واضافة الى ما قاله؛ إتيين دو لابويسيه: نقول من وجهة نظرنا : بعد مرور عقود يولد جيل، في ظل الطغيان، يعتقد ان العاهات تقاليد عادية، والطاعة العمياء أخلاق وآدب، والأساطير حقائق والحقائق أساطير، من ولد في مسلخ بشري يعتقد ان التعذيب والإذلال والظلم طبيعة، ومن ولد في حديقة يعتبر حب الزهور ثقافة؛ "الإنسان إبن بيئته وهو يحكم على الآشياء والآخرين من خلال معاييره المحلية التي يؤمن لا وجود لغيرها في العالم" وفي هذه الفترة الحرجة من المنعطف التاريخي الأخير، من صعود شعبويو اليوم في المشهد السياسي،، يصاب المجتمع بزلزال وانهيار قيم وولادة أخرى مضادة، يرتفع مستوى الذكاء وينخفض مستوى الضمير وهذا ناقوس خطر لأن الذكاء بلا ضمير يبرر كل أعمال التحايل وتنقلب المعايير/ ويصبح النصاب شاطراً، والأمين غبياً، والمثقف مجنون في نظر العامة، واللص ذكياً والبريء فاشلاً..،، يقول ابن خلدون قبل سبعة قرون:" عندما تنهار الدول يكثر المنجمون، والمتسولون، والمنافقون، والمدّعون، والكتبة، والقوالون، والمغنون النشاز، والشعراء النّظامون، والمتصعلكون، وضاربوا المنّدل وقارعوا الطبول، والمتفقهون، وقارئوا الكف والطالع والنازل، والمتسيّسون، والمدّاحون، والهجاؤون، وعابروا السبيل والانتهازيون".عذراً للإبن خلدون أضيف والعمي التطوعي في ظل نظام أسياد وعبيد "

واضيف:

صراعات بين قديم يتفسخ ويحتضر ولا يموت، بتعبير الفيلسوف / غرامشي/ وجديد لا يولد، وفي هذا المخاض تولد عاهات لا مثيل لها من قبل ومع الوقت والتكرار يتقبل كثيرون الواقع الجديد.

البعض يفسره على انه لعنة، والآخر يفسره على انه قدر، وهناك من يسوغ هذه السردية لمصالح خاصة، وفريق ثالث: يعتقد انها مرحلة تحول عابرة في المجتمع، وهذا الفريق لا يرى الواقع، بل يتخيل أوهامه وهم عادة من أصحاب الشعارات الضخمة الفارغة، وفريق رابع: لا يعرف ماذا يدور وهؤلاء جيش النظام الاحتياطي لأنهم يصمتون أوقات الغضب ويوفرون للسلطة فرصة قمع الاحتجاجات،

أما الفريق الخامس: السلطة وحواشيها، فيعتبرون الثروة فرصة، وان التاريخ بدأ من الآن ولا تاريخ سابق، وان الزمن هو اليوم، والآن، في حين التاريخ البشري خارج هؤلاء جميعاً وسيصدمهم يوماً كما حدث في الماضي مرات ومرات،، ولكن قريباً، سيرفع العبيد فوق اكتافهم الفتي مهران عاش الفتي مهران النائب في البرلمان..!.

***

محمد سعد عبد اللطيف، كاتب وباحث مصري

 

في المثقف اليوم