أقلام حرة
علي حسين: غزوة علي الطالقاني

يترجل السيد علي الطالقاني من "جكسارته" الحديثة، يحيط به فوج من الحماية الذين يمنعون " الفضوليين " من الشعب الاقتراب من " فخامته " . يقف على كورنيش شط العرب ليعلن غزوته ضد القوى المدنية، باكيا على هوية البصرة التي يريد المدنيون سلخها عبر اجندات تمولها السفارات .. معلناً ان البصرة ستبقى شيعية، طبعا أنا كمواطن يمكن أن أصدق السيد علي الطالقاني واصفق لحماسته الخطابية التي ظهر فيها، وخوفه من المنظمات المدنية والسفارات، لو ان السيد الطالقاني لم يكن جزءاً من المنظمات المدنية التي يهاجمها الآن، وسأصفق له لو لم يكن قبل سنوات يتجول بين السفارات والبلدان الغربية يوزع الورود، ويعلن انتماءه لافكار فولتير وجان جاك روسو واضاف لهما المرحوم عالم الاجتماع " إميل دوركايم "، زوكيف ذرف الدمع وهو يزور قبر احد الكهنة البوذيين، ولو تركوه لالتقط صورة امام قبر كارل ماركس معلنا انتماءه للحركة الشيوعية، لكن الله كان لطيفا بعباده ولو لم يلتقط السيد علي الطالقاني سوى صورة مع تمثال جان جاك روسو، وصورا اخرى يوزع فيها الورد على النساء في هولندا في الوقت الذي قرر ان يوزع على اهالي البصرة خطابات تثير الانقسام والنعرات الطائفية .
الخطبة الاخيرة للسيد علي الطالقاني تأتي متزامنة مع دعوات تقسيم العراق الى دويلات طائفية، وفي الوقت الذي يحتاج فيه العراق إلى مشروع وطني يساعده على التنمية والاستقرار .
كنت اتمنى على السيد علي الطالقاني وهو يتجول في سيارته الحديثة ومعه فوج حمايته الخاص ان يتذكر درس الامام علي بن ابي طالب " ع " بالزهد، وماذا فعل وهو خليفة المسلمين عندما طلب منه سادة قريش أن يميزهم بالعطاء، قال لهم "لو كان المال مالي لسوّيت بينكم فكيف والمال مال الله"، ومن هذا الاعتبار قال لأهل الكوفة: "يا أهل الكوفة إن خرجت من عندكم بغير رحلي وراحلتي فحاسبوني". فهو يرى أن أموال المسلمين مسؤولية مقدسة لا يمكن التفريط بها، وأن القدسية هي في الحفاظ على حياة الناس لا في الشعارات الطائفية .
مشكلتنا اليوم أن الجميع يلقي الخطب الدينية، فيما الناس تريد من يوفر لها الأمن والاستقرار، ويشعرها بالأمل في الغد ويطمئنها على مستقبل أبنائها، الناس لا تريد رجل دين " يفرق " ويبث سموم الاحتقان الطائفي، ويؤلب فئة على المختلفين معه، الناس لا تريد من يركب الجكسارة الحديثة ويسكن في القصور، ويطالبهم بان يتركوا ملذات الدنيا لانهم منذورين للاخرة .. بينما هو منذور للسياحة في حدائق لوكسمبورغ.
***
علي حسين