أقلام حرة

صادق السامرائي: تأريخ الأمة العلمي المطمور!!

من الواضح في دراسات التأريخ وتعليمه للأجيال، التركيز على إقرانه برموز يُضفى عليها ما ليس فيها، وتتصل بطولاتها بالعنف وسفك الدماء، وفي هذا تضليل وتأهيل للموت العبثي والدمار الممنهج، وتعطيل العقول ورهنها بالعدوانية والشرور.
التأريخ مسيرة طويلة للأمم والشعوب، فيها السيئ والجيد، الخير والشر، فالذي يصنعه البشر بما فيهم وما عليهم، وسلوكهم نابع من شمائلهم، وبعضهم تأثر سلوكه بما يعتقده، والكثيرون ما غيرت طبائعهم أي العقائد.
فليس من الموضوعية النظر للتأريخ من طرف واحد، وإهمال الطرف الآخر، فيجب أن يكون الإستحضار متوازنا ومحايدا، ومعظم ما وردنا في المدونات مبني على آليات قال وذكر، ولم يكن مدوّن بأقلام عاصرته، وإنما بعد عدة عقود وربما قرون.
وأكثر المؤرخين يسجلون رأيهم ووجهات نظرهم، وما يقومون به صناعة يبتغون من ورائها مالا، فهي مصدر عيشهم وسبب مكانتهم، فلا يُعقل أن يروّجوا لبضاعة لا تخدم الكرسي الفاعل في زمانهم، كما أن معظم كتب التأريخ مهداة للمقتدرين في الدولة، مما يعني أنها ذات دوافع تسول وتقرب للحكام.
وفي مجتمعات محنطة بتأريخها، لضعفها وعدم قدرتها على المواكبة والمنافسة، يتطلب التفاعل مع التأريخ عقولا ناقدة وبعلمية ومنهجية، حاضرة في زمن الحدث، لآ أن تستحضر الحدث لزمانها.
التاريخ يؤرقنا، ولا يزيدنا عبرة وقدرة على التواصل الواعي الرشيد، ذلك أن المعنيين بكتابته أتخذوه صنعة، كشعراء زمانهم الذين صار المديح مصدر عيشتهم ومكانتهم.
فلذلك يكون التمحيص المعرفي العلمي المنهجي من ضرورات وعي التأريخ، والإقتناع بأن الغابرين كانوا بشرا وليس أكثر!!
فلماذا يطغى تأريخ الدم ويغيب تأريخ العلم؟!!
"ولكل دهر دولة ورجال"!!
و"إن العلماء ورثة الأنبياء"!!
***
د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم