أقلام حرة
علي حسين: "حيص بيص" المحكمة الاتحادية

قارئ عزيز كتب لي معترضا على هجماتي التي سماها يميناً وشمالاً، وخشيتي من الاقتراب من قاعة المحكمة الاتحادية التي وضعت البلاد في "حيص بيص" حسب تعبيره. وأضاف: ماذا كان يضير المحكمة الاتحادية لو أنها لم تدس أنفها في السياسة؟
يعرف القارئ العزيز جيدا ان المحكمة الاتحادية تلعب معنا لعبتها التناقضات منذ عام 2010 عندما وضعت تفسيراً للكتلة الأكبر، كان الغرض منه سد الأبواب أمام أياد علاوي في تشكيل الحكومة، في ذلك الوقت حصل علاوي على 91 مقعداً بينما حصل المالكي على 89 مقعداً، فوجدنا المحكمة تصدر قراراً غريباً، ساهم في ازمات للبلاد.. وفتح الباب أمام القضاء ليتحول من مؤسسة مهمتها الحفاظ على القانون وتطبيقه إلى مؤسسة سياسية.
على مدى سنوات استهلك العراقيون طاقتهم ومعها ثرواتهم في جدال عقيم حول الكتلة الأكبر، هل هي التي تتشكل في البرلمان أم التي تفوز في الانتخابات، لتخرج علينا المحكمة الاتحادية وبعد 15 عاماً على قرارها الأول بقرار جديد يقول إن الكتلة الأكبر هي التي فازت بأكبر عدد من المقاعد في الانتخابات النيابية. وكأن مصائر البلاد والعباد مجرد لعبة تشبه لعبة "الدجاجة من البيضة أم البيضة من الدجاجة".
ما حدث في قضية محمد الحلبوسي عندما اصدرت المحكمة قرارا بفصله من مجلس النواب واتهمته بالتزوير وانه يخطط لمشروع امبريالي، لتعود المحكمة وتخبرنا امس بان محمد الحلبوسي بريء وان الادلة التي قدمت ضده لم تكن دقيقة، ويحق له ان يعود الى مكانه في مجلس النواب.
أدرك جيداً أن التجاوز على سلطة القضاء مرفوض ومدان ونقف جميعاً ضده، لكن للأسف القضاء ومنذ سنوات أحب لعبة الاشتباك مع السياسة، ولهذا فالناس كانت وما زالت تريد من المحكمة الاتحادية أن تساهم في مساعدة البلاد على دخول المستقبل، وبناء دولة تقوم على أساس حق المواطنة لا حق الساسة، وعلى العدالة والمساواة لا على توزيع الغنائم بين الأصحاب والأحباب، ومع التسليم الكامل بأن وجود مجلس نواب ضرورة سياسية، فإن المنطق يقول إننا بحاجة إلى مجلس نواب حقيقي خال من نواب الصفقات، مجلس نواب مهمته خدمة الناس لا خدمة الكتل السياسية، مجلس نواب غير مصاب بفايروس الانتهازية.
والآن ليسمح لي القارئ العزيز لأقول له نحن في زمن كثر فيه "الحيص بيص"، مثلما تناسلت به مجالس المحافظات، وليس امامنا سوى ان نرفع ايدينا الى السماء للدعاء بان تتخلص هذه البلاد من "حيص بيص" البرلمان والمحكمة الاتحادية، والمدعي العام الذي لم يستيقظ من نومته منذ 20 عاما، ومن الاحزاب السياسية التي تجاوز عددها الاربعمائة جميعها طامحة بقطعة من كعكة العراق.
***
علي حسين