أقلام حرة

أقلام حرة

حيثما أجد فيديو للشيخ سعد المدرس. أصر على مشاهدته لتلطيف الأجواء. فالرجل يتنقل ما بين نقده للحكومة ودفاعه عنها. وما بين سخريته من السياسيين وبين كتابة قصائد المديح لهم. وفي كل مرة نجده للأسف " يحشر " نفسه في مسائل لاعلاقة لها بمهمة الخطيب الديني الذي يفترض أن يشيع بين مستمعيه ثقافة المحبة والتسامح والحديث بلغة تحترم عقول الناس. كما جاء في القرأن الكريم: " ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ". في مرات كثيرة أتساءل كيف يسمح شيخ لنفسه بأن ينتقص من فتاة تذهب إلى الجامعة حيث سمعناه ذات يوم يقول: " إن الفتاة التي تدخل الجامعة تنخفض عندها نسبة الشرف والعفة ".. تخيل لو أن رجل الدين هذا في بلد يُحترم فيه القانون والإنسان، هل يستطيع أن يصف الجامعات بأنها أماكن للجنس؟.

الشيخ الذي لا يريد أن يختفي عن أضواء الحدث في العراق..! خرج علينا خلال الأيام الماضية ليخبرنا أن أكل الكنتاكي حرام شرعاً !!.. يارجل !!، وقبلها فجر قنبلة من عينة أن كرة القدم صناعة استعمارية وأن الغرب الكافر لا يريد لنا أن نتطور، ولم يكتف بهذا القدر من التضليل فذات ليلة أعلن أن بطولة خليجي 25 متحيزة ضد اليمن لأنها لم تسمح له بالاشتراك في البطولة، ويبدو أنه لم يقرأ حينها في الأخبار عن فوز العراق على اليمن وفي البطولة نفسها.

طبعاً ليس من واجبي أن أصادر حق الشيخ المدرس في أن يخرج على الناس ليشتم هذا ويسخر من ذاك. ولكن أن يصدر فتوى باعتبار كل مواطن يؤمن بالدولة المدنية كافر ويجب الاقتصاص منه فهذه مشكلة كبيرة. لأن هناك من يعتقد أن هذا الشيخ على صواب وعليه لا بد من تنفيذ القصاص بكل من يطالب بإقامة دولة مدنية

عندما يحاول رجل دين أن يضحك على الناس ويُصر على أن من خرب العراق خلال السنوات الماضية هم الليبراليون والمدنيون، فإنه بالتأكيد يعاني من مشكلة في ذاكرته، لكي يوهم الناس أن الحكومات التي تشكلت منذ عام 2005 وإلى الآن استطاعت أن تضع العراق في مصاف الدول المتقدمة. ولم يكتف الشيخ المدرس بالتحريض على أصحاب الدولة المدنية. بل استخدم رشاشاً من الشتائم ضد المسكين نوري سعيد. وعندما تسأل الشيخ لماذا تشتم رجل مات قبل أكثر من نصف قرن يجيبك لأنه ليبرالي مدني

ولكي يضفي نوعاً من التوابل لخطبته العصماء عن التقوى ومخافة الله والحكم الرشيد فلا يهم أن يعتقد ان مشاكل العراق سببها نوري سعيد وعليه لا بد من عودة إبراهيم الجعفري فهو الأقدر على تخليص العراق من الدولة المدنية.

***

علي حسين

 

النظرية محاولة لتفسير وشرح كيفية حدوث ظاهرة مؤكدة، وهي عرضة للصواب والخطأ، وكلما زاد عدد النظريات بصدد حالة ما، فأنها تشير إلى عدم قدرتها على الإتيان بجواب صائب مبين.

وفي عالمنا المتدهور عقليا، نميل للإعتماد على النظريات (الفارغة)، ونهمل الحقائق العلمية (الدامغة).

وقد أكلت النظريات أجيال الأمة، على كافة المستويات،  فالنظريات الإبداعية والسياسية والدينية وغيرها، أوجعت السلوك، ودمرت العقول، ورهنتها بالغيبيات والمجهول.

حتى أصبحنا لا نرى الحقائق ولا نبصر النور، ونأنس بالعتمة والعمه في أنفاق التخبط، والتعثر بالواضح الجهور.

وبموجب ذلك نجد أقلامنا تمعن بإستحضار النظريات من بلاد أجنبية، وتغفل الإتيان بنظرية أصيلة ذات جوهر كامن فينا، فلكل نظرية بيئتها، ولكل رؤية مفرداتها وعناصرها.

فلا يصح إقحام نظريات الآخرين في مجتمعاتنا، وهذا ما فعله المفكرون والمثقفون والعلماء والمتخصصون، ففسروا واقعنا بنظريات غيرنا، وما إبتكروا ما يفسرها بجهدنا وبحثنا.

إن نظريات الآخرين تخصهم ولا تخصنا، والذي يتوهم أنها تصلح للجميع على خطأ فظيع.

فهل لدينا ما نفسر به واقعنا؟

هذا الإقتراب ينطبق على معظم التفاعلات، التي أرْدَت وجودنا وحولتنا إلى حمّالة حطب لحرق ذاتنا وموضوعنا. وبخصوص البشر، فقدت النظريات قيمتها، لأن العلم كشف حقائق الأشياء، فما عدنا نتخيل الدورة الدموية، فالعلم بيَّنها بوضوح، وكذلك عمل القلب، وأصبحنا نصنع قلوبا، ولا كيف تعمل الكلية، فأوجدنا كلية صناعية، وغيرها.

كما أن أي تفاعل بشري أو نشاط حركي يديره الدماغ، فهو المسيطر على الجسم بأعضائه وخلاياه، وبذلك تتحقق الحياة.

وعندما يموت الدماغ يموت كل شيئ، فالإطلاقة في الرأس قاتلة، لأنها تصيب مركز السيطرة على وظائف الأعضاء، وما يحصل للأبدان بسبب الجلطات الدماغية معروف، ويرتبط بالمنطقة المصابة، فلسنا بحاجة لنظريات نفسر بها الظواهر ولدينا الأدلة العلمية الصادعة. فالنظرية مرحلة معرفية في حياة البشرية، وكلما تقدمنا قلت النظريات وتنامت القدرات العلمية الواضحة.

فهل سنرى بعقولنا لنتبصر؟!!

***

د. صادق السامرائي

 19\10\2022

إبن كثير (701 – 774) هجرية، (1301 - 1373) ميلادية . يتحدث عن نكبة البرامكة (188) هجرية، في زمن هارون الرشيد (149 - 193) هجرية، (766 - 809) ميلادية.

أي أنه كتب عنها بعد أكثر من خمسة قرون ونصف، في كتابه "البداية والنهاية" (768) ميلادية، المؤلّف من (21) جزء، وهو تسجيل لتأريخ البشرية منذ بداية الخلق وحتى عصره، ولا توجد مصادر معتمدة وأدلة واضحة على ما جاء فيه، وإنما تدوين لمعارف متناقلة عبر الأجيال، ورغم عظمة الإنجاز وفخامته، لكن التعويل المطلق عليه ربما ليس بصحيح.

فالكتاب  تحول إلى مصدر أساسي للتأريخ، إذ يدوّن معظم الأحداث التي حصلت في مسيرة البشرية، والمؤرخون يستندون عليه فيما يذكرونه، عن التطورات والحوادث الحاصلة عبر العصور، فكأن ما في الكتاب مسك الختام، وأصل كل شيئ يتصل بالتأريخ.

فهل أن جميع ما في الكتاب صحيح؟!

وما هو الدليل على صحته؟

سينزعج المؤرخون من هذا التساؤل، لكنه يفرض حضوره ويريد جوابا، فهل بُعقل أن ما كُتب عن حادثة ما بعد أكثر من خمسة قرون، يحمل صوابية مطلقة؟

لسنا بصدد الغوص في نكبة البرامكة، لكنها جاءت كمثل للبحث والتدقيق فيما لدينا من تصورات وتفاعلات مع ماضٍ بعيد، نراه بغير عيونه.

من أين جاء بالكم الهائل من المعلومات الموضوعة في الكتاب؟

هل هو الإلهام والوحي؟

وتلك ظاهرة تناولها القلة من أساطين المعارف والفكر في مسيرة الأمة.

يُقال أنه كان ينقل عن العلماء الموثوقين ويتحرى الدقة في تدويناته، فهل ذلك يكفي للبرهنة على تمام صحة ما ورد في كتابه؟

ترى هل يكفي عمر الإنسان لإنجاز هكذا موسوعة معرفية بأسانيد متواترة؟!!

تتحير لو قرأت، وبمنظار العقل رأيت!!

***

د. صادق السامرائي

...................

*هذا المقال ليس تحاملا على التأريخ، كما قد يتوهم البعض.

 

بعد فراق سنين طوال، جمعت عشري على رأسي وحملت حقيبة خالية إلا من كومة فشل مرير، وتوجهت إلى حيث أحلم أن أجد الفرح، هناك في أوروك.

في الطريق إلى أوروك، بلاد الخير والحضارة، البلاد التي أبدلت جلدها وارتدت السواد حتى قبل أن يغزوها هولاكو، كنت أحلم بحقول خضراء وخير ونماء وجميلات النساء وموسيقى وغناء.

سألني الشحاذ الأعور: أين تريد؟

قلت: هناك إلى أوروك أرض الأجداد وأجمل البلاد

فتأسف وتأوه وتململ، وقال: هناك حيث الظلمة ورائحة البارود وثغاء طفلٍ يتيمٍ تقطعَ أوصالا بفعل العصف الغادر لتفجير يعتقد منفذه أنه يفتح له أبواب الجنان وطائرات الإخوة الأعداء من جيش التحرير القادم من أرض الألغام، أرض العم سام تقصف البشر في المساكن والمدارس والجوامع والحقول، والصحارى والسهول، وتقتل الهواء، وتنشر الهراء والبلاء، فإلى أين تريد؟ هناك لا جمال لا طعام ولا ثريد.

حينها صحوت من حلم لم يكن أخضرا، كنت من خلاله أحث الخطى، ابحث عن أوتونوبشتم بين أدغال الوهم؛ عله يدلني على نبع الحياة أو يلبسني جلد أفعى، وشبكت عشري على رأسي وسرت.!

كنتُ وحيداً والريح كانت تعوي كأنها ذئاب جائعة أو عرس بدوي تعصف به الرمال

وحزني كان يتعملق في سماء رغبتي، يجبرني على البكاء بعد أن نسيت الصهيل وأدمنت الهزائم.

طال السفر، وقل الزاد، وجفت العيون، ويبس الزرع ومات الناصر، وهناك على أطراف الأرض اليباب، زحف الليلُ ليقتل الخضرة ويخطف الأرواح ويجفف المياه.

كنتُ أسير وقد أنهكني الوجع، وحينما وصلت إلى أبواب المدينة الخربة لم أفرح لرؤيتها فقد أورثتني من قبل حزنا ووجعا.

حينها لفتني البلادة وأفقدتني فرحتي؛ ربما لأني وجدت مكتوبا على أسوارها المهدمة وفوق بابها الهرم: مدينة عربية! وهذا أمر يحسم القضية

مدينة عربية، ماذا تتوقع أن تجد بها عدا رائحة الشواء وألسن اللهب وسواد الدخان؟ هناك لم أجد حراسا يقفون على بواباتها ولم أشم رائحة أنفاس بشرية، لم أر دنيا، فقط بغيٌ عمياء تقدم بها العمر وشاخت سنينها، كانت تجلس فوق كومة كبيرة من الرجولة العربية التي تخلى عنها أصحابها من الهلع وفروا إلى أحضان الغانيات،

سلمت عليها بصوت عال ممهدا لسؤال، لم تسمع لأنها كانت مشغولة بالبحث عن واحدة منها لم يصبها العطب بعد، فلم تجد سوى الخواء ورائحة الخيانة وقوافل الجُبن المعتق في الضمائر والنفوس.

فناديتها: لا تتعبي نفسك بالبحث، فالعرب فقدوا رجولتهم مذ ذبح العراق، العرب ماتوا مذ أن اغتصبت ليبيا، وأحرق وجه الشام، وهتك عرض اليمن، وشوه ربيع لبنان الجميل، وقصفت غزة بالنابالم، وأحرق الأطفال، ومات الشعب الأصيل، ومعه ماتت أصائل الخيول.. 

العرب ماتوا مذ أن رفرفت رايات أعدائهم على أسطح منازلهم باسم سلام وادي عربة والتطبيع.

العرب ماتوا وفقدوا مواريثهم وطباعهم، وصاروا يبحثون عن النصر المؤزر من خلال لعبة البوبجي لا من خلال السيف والرمح الرديني.

العرب تحولوا إلى قطيع قردة تقوده حمير مستنفرة أرعبها قسورة، وأفقدها هيبتها غضنفرة، واذلتها حشرة، فأصبحت لا تعدل بعرة..

العرب ماتوا يوم صارت نساؤهم قبلتهم وربهم دولارهم وحجهم إلى مواخير الرذيلة في لاس فيكاس.

العرب فقدوا أصولهم، وأضاعوا سننهم، وصاروا يخجلون من كلمة عربي، وأدمنوا الرذيلة، ومارسوا الغيلة، وطلقوا القِبلة والقبيلة، إلا عقال الرأس لا زال شامخا فوق رأس خاو إلا من أحلام الجنس والخمر والقمار، ربما لأنهم لا يريدون أن يُتعبوا الجلاد بالبحث عن سوط، فالعقال بديل نافع يهيج المواجع، وهو سهل المنال ويُقطِّع الأوصال، فيمسخ الرجال.

***

الدكتور صالح الطائي

زار طبيب يوما مستشفى المجانين، وفي تجواله في ردهاتها رأى مجنونا غارقا في متاهات أفكاره، فتقدم الطيبب صوبه وسأله:

- أي يوم من أيام الأسبوع نحن فيه؟ فأجاب المجنون:

- اليوم هو يوم السبت. فسأله الطبيب:

- وغدا ماذا سيكون؟ رد المجنون:

- يوم السبت. سأله الطبيب مرة أخرى:

- وماذا كان يوم أمس؟ رد المجنون:

- يوم السبت. هنا سأل الطبيب:

- ومتى يأتي يوم الأحد؟ رد المجنون:

- الأحد يأتي عندما يختلف اليوم عن الأمس، عندما نشعر أننا تقدمنا خطوة للأمام، عندما تكون عدالة اليوم أكثر من عدالة الأمس، وظلم اليوم أقل من ظلم الأمس. الأحد يأتي حين نغير مابأنفسنا، فساعتها نرى ماتغير في قومنا، وعندما نستبدل البغض بالود، والضغينة بالتسامح، والجفاء بالوئام. الأحد يأتي حين يحل السلام والأمن محل الاقتتال والنزاع، ويأتي عندما يملأ سماءنا نور الأمل والانفراج، وينقشع عن أبصارنا ظلام اليأس والقنوط، ويأتي عندما نستعذب الفعل الجميل والرأي الحصيف، ونستنكر الفعل القبيح والرؤى الهجينة الهمجية، الأحد يأتي عندما نتعاون على البر والتقوى، ونمقت الإثم والعدوان، ويأتي حين نحكِّم عقولنا المتنورة الواعية، ونمنحها الغَلَبة على تراكمات الأفكار البالية الرجعية، عندها فقط أيها الطبيب سيأتي اليوم التالي.

أرى في إجابة هذا المجنون عين العقل، وسعة الإدراك، وسداد الرأي، وأنا على يقين أن كثيرين يؤيدونه على هذا الحكم، ولنا في أنفسنا خير دليل وأصدق حادث وأثبت شاهد، وكما في الآية: "شهد شاهد من أهلها" فقد عهدنا بلدان العالم لاسيما المتطورة منها، أنها لم تكن تنام يوما إلا على موعد مع صبح فيه للتغيير نصيب، من تجديد وتحديث وتطوير في مجالات عدة، حيث العجلة تدور دون توقف طيلة عهود خلت، ومافتئت تدور في ظهرانينا لتنبئنا بين حين وآخر بـ (update) يواكب القفزات المتحققة، على يد علماء وحكماء ومثقفين، على اختلاف تخصصاتهم.

التغيير إذن، جوهر حياة الفرد -وبالتالي المجتمع- وأول دليل على تبوئه مكانة، يستحق فيها أن يكون خليفة الله في الأرض، ولعل أهم مقولة تجسد هذا، هي ما ينسب إلى الإمام علي (ع):

"مَنِ اِعْتَدَلَ يَوْمَاهُ فَهُوَ مَغْبُونٌ، ومَنْ كَانَتِ اَلدُّنْيَا هِمَّتَهُ اِشْتَدَّتْ حَسْرَتُهُ عِنْدَ فِرَاقِهَا، ومَنْ كَانَ غَدُهُ شَرَّ يَوْمَيْهِ فَمَحْرُومٌ، ومَنْ لَمْ يُبَالِ مَا رُزِئَ مِنْ آخِرَتِهِ إِذَا سَلِمَتْ لَهُ دُنْيَاهُ فَهُوَ هَالِكٌ، ومَنْ لَمْ يَتَعَاهَدِ اَلنَّقْصَ مِنْ نَفْسِهِ غَلَبَ عَلَيْهِ اَلْهَوَى، ومَنْ كَانَ فِي نَقْصٍ فَالْمَوْتُ خَيْرٌ لَهُ".

في بلدنا العراق، أرى أن قباطنة سفينته المبحرة في لج بحر عميق، يتصفون بالجمود وانعدام التغيير في مفاصل البلد كلها تقريبا، إذ صار ديدنهم المعتاد وسمتهم البارزة وطبعهم الغالب، هو الوقوف حيث هم، وكأنهم يصورون ما أنشده الشاعر العباسي أبو الشيص الخزاعي:

وقف الهوى بي حيث أنتِ فليس لي

متأخَّر عنه ولا متقدَّم

وهم كنسخة مكررة كل دورة انتخابية، حيث السياسة والنهج ذاتهما، وإن استحدثوا شيئا غير الوقوف فهو المراوحة، بل إلى الوراء در أحيانا كثيرة، حتى اعتاد المواطن على نمطية العيش هذه، ولم يجد بدا في ترديد البيت الثاني للخزاعي:

أَشبَهتِ أَعدائي فَصِرتُ أُحِبُّهُم

إِذ كانَ حَظّي مِنكِ حظّي مِنهُمُ

***

علي علي

 

مصطلح اليسار واليمين وطبقاً لـ "ويكيبيديا-الموسوعة الحرة" تعود تسميته الى أماكن جلوس أعضاء البرلمان في فترة الثورة الفرنسية عام 1789 حيث كان يجلس في الجانب الأيمن المؤيدون للملكية والإقطاع ورجال الدين في حين كان يجلس ممثلو الطبقة العامة او الشعب على اليسار.. "طبعاً ليس موضع الجلوس هو الذي صنع متبنيات كل منهما إنما المتبنيات هي الأصل في ذلك الاستقطاب" فاليمين موال للملكية واليسار يقول بسلطة الشعب، اليمين يؤمن بالتفاوت الطبقي بين البشر ويتمسك بوجوب وجود اغنياء وفقراء ويقول ان الأديان تؤيد ذلك ويستخدم سلطة الدولة لدعم المجموعة الأثنية أو الدينية المهيمنة، في حين أن اليسار على النقيض من ذلك فهو يتبنى العدالة الاجتماعية وتقليل التفاوت الطبقي  ويدعم العلمانية "فصل الدين عن السياسة"، واليمين تقوم سياسته على النتيجة بينما يصر اليسار على إتباع الوسائل العادلة لتحقيق الغايات العادلة..

هذا على المستوى العام بالنسبة لليسار واليمين أما على المستوى الفردي: فاليميني متعال متعصب منغلق استغلالي نفعي فاسد.. واليساري غير ذلك بالمرة فهو صحيح يعشق الجمال ويحب الحياة ومغرم بالثقافة ويعشق المرأة واحياناً يتعاطى المزّه.. لكنه مجبول على سجايا مهمه ومميزه فهو بالضد من السلطان الجائر على طول الخط وهو وطني وانساني وخصاله على النقيض تماماً من الفساد والاستغلال ليس لأنه منتسب الى اليسار ولكن لأن اليساري الحقيقي طابع الإباء يتلبسه من قمة رأسه الى أخمص قدميه والإباء بطبيعة الحال يجعل من المرء عفيفاً عن الدناءة فالعفة كما يقول الإمام علي صفة النزيهين..

هذه الخصال والسجايا دفعت عراقياً معمماً مثل جعفر أبو التمن لأن يرد على متهمين اياه بتأييد الشيوعية قائلاً: "إذا كانت الشيوعية تسعى لترفيه الفقير ومساعدة المحتاج وتنظيم المجتمع بشكل مفيد أؤيدها، وهذه هي شيوعيتي.. "، وطبعاً سجايا ابو التمن لم تقف عند حد اصطفافه مع فقراء شعبه بل كان مثالاً حياً لمقت الطائفية والتعصب الديني حتى ان حنا بطاطو أشار الى ذلك قائلاً: "يعود إليه الفضل في المقام الأول، فضل الجمع بين الشيعة والسنة عند ذلك المفصل التاريخي "ثورة العشرين"، وطبعاً لم تكن سجايا جعفر في هذا الجانب تنحصر في قضية رفض الطائفية المذهبية فقط بل الدينية أيضاً فكان في مقدمة من يذهبون الى الكنائس يقدمون التهاني لإخوانهم المسيحيين في أعيادهم..

أبرز قراء المنبر الحسيني بعد الوائلي ياسر العوده ماذا يقول..

"انا ياسر عوده احترم تشي جيفارا وأجله لإنسانيته لأنه نزل مع الفقير واحترم الإنسان واشتغل بيده مع العامل وطلع ونزل.. يكَلي الشيوعي بلا دين.. ! هذا الشيوعي البلا دين أشرف منك يللي تدعي الدين ومابتخدم أمتك وانت قادر تخدمها، لأن الدين معامله، معامله من أوله لآخره.. صلاتي وصومي وتوحيدي بيني وبين الله اذا صلاتي وصومي وتوحيدي ما انعكسوا عمل وتعامل مع الناس ما لها قيمه ولذلك انا احترم كل انسان في التاريخ وقف مع قضايا المستضعفين ووقف مع قضايا الناس والفقراء وجاهد ضد المستكبرين مهما كانت عقيدته يحترم..

وهذا طالب الرفاعي المرجع الديني وأحد مؤسسي حزب الدعوة في العراق عام 1959يجل الماركسية ويعتبر الشيوعية أبدع ما اختلقه العقل الإنساني:

ففي لقاء متلفز عرضته قناة العراقية –الفضائية الرسمية في العراق- قال السيد طالب الرفاعي المرجع الديني المعروف واحد ابرز مفكرو ومؤسسو حزب الدعوة:

قال لمحدثه وبالحرف الواحد: الشيوعية أبدع ما انبثق عنه العقل الإنساني في الإنسانية وخدمة الانسان بعد الدين الإسلامي، لأن الدين الإسلامي بقوانينه وبما اشتمل عليه القرآن الكريم  وسنة نبيه الصحيحه أيضاً جاء لمعالجة صلاح الانسان في الحالتين الدنيا والآخرة، اما الماركسية فقد جاءت لإصلاح الدنيا ولا علاقة لها بالآخرة.. لأن ماركس كان مادياً وليس ملحداً كما هو معروف عند أكثر الذين قرأوا عنه.. والفكر الماركسي شوهته الترجمة العربية، وساق المتحدث دليله على ذلك فقال: كنت مثلك والآخرين أقول الشيوعية كفر وإلحاد، إلا أن مؤتمراً إسلامياً عقد في امريكا جمعني بالمفكر الشيوعي الماركسي روجيه غارودي فسألني غارودي أسئلة أجبته عنها قبل بعضها ولم يقبل البعض الآخر، فطلبت أن أسأله سؤالاً، قال: تفضل.. قلت: كيف انتقلت من النقيض الى النقيض.. ؟ قال: ما معنى من النقيض الى النقيض.. ؟ قلت: من الإلحاد الشيوعي الى التوحيد الإسلامي.. ! أجابني غارودي : ومن قال لك إن الماركسية ملحده.. ؟ قلت: ما قرأناه.. قال: هذا في مكتبتكم العربية، بعد هذه الإجابة والكلام للرفاعي بدأت اتابع واتوسع في قراءة الماركسية فوجدت أن ماركس وان وردت عنه عبارة " الدين أفيون الشعوب" فهو يقصد بذلك الدين الكهنوتي وسيطرة الرهبنة والرهبة التي سلط بها الكهنة على العلماء والمفكرين وكل من جاء بفكر جديد سموه هرطقة ويساق الى محاكم التفتيش. "، والرفاعي في هذا لم يدحض الإلحاد في الفكر الماركسي وانما دحض أيضاً الفتوى الدينية التي صدرت في العراق في عام 1959 المعروفة بـ : "الشيوعية كفر والحاد والتي استندت الى الترجمة الناقصة والمشوهة لعبارة ماركس - الدين أفيون الشعوب"، تلك الفتوى التي فتحت الباب على مصراعيه لانقلاب 8 شباط الدموي عام 1963 ليس لاغتيال ثورة 14 تموز وقائدها عبد الكريم قاسم وزملائه فقط وانما بحور من القتل والدم أُغرق بها العراق ذهب ضحيتها آلاف مؤلفة من خيرة أبناء العراق من يساريين وديمقراطيين، وأسست لمجي حزب البعث للسلطة وما اقترفته يداه من مقابر جماعية وحروب استمرت 40 سنة بين عامي 1963-2003 وأفضت الى اجتياحه واحتلاله من قبل الأمريكان وما تبع ذلك من نظام محاصصة شوه الديمقراطية وسرق وبدد موارد العراق.. 

فإذن لا تقل لي أنا يساري فإذن أنا وطني ونزيه وأرفض الظلم والفقر واستغلال الانسان وأحب المرأة والثقافة والجمال.. بل أرني سلوكك اليومي ومتبنياتك الفكرية فإن كانت متماهية وتلك السجايا كنت يسارياً حقاً..

ولا تقل لي أنا علوي حسيني فإذن أنا على نهج علي والحسين نزيه وأرفض الظلم واستغلال الانسان.. بل أرني سلوكك ومتبنياتك لأرى إن كانت تتماهى مع قيم علي والحسين في المبدئية والإباء والعفة والتضحية ومقارعة الظلم والفساد عندها كنت علوياً وحسينياً حقاً، وان كان سلوكك ومتبنياتك سرقة أموال الشعب وترسيخ عوامل الفرقة بينهم فإذهب لتتلمذ على أيدي: أبو التمن والرفاعي وياسر العوده وعُد اليَّ بغير هذا الحال.. يا ابن الزرقاء...

***

موسى فرج

لم يكن الشاب اللبناني البالغ من العمر 26 عاماً يتوقع عندما قرر عام 1975 الصعود إلى السفينة التي نقلته إلى قبرص، ليشد بعدها الرحال إلى باريس، أنه بعد " 48 " عاماً من وصوله إلى العاصمة الفرنسية سيصبح أميناً عاماً للأكاديمية الفرنسية، حيث تم انتخابه العام الماضي لمنصب الأمين العام الدائم للأكاديمية الفرنسية العريقة.

في كتابه الأخير الذي اختار له عنوان "متاهة الضائعين" نجد معلوف يخلع رداء الروائي، ليأخذنا في رحلة فكرية حول أسباب ما يجري في عالمنا الحالي، ليخبرنا إن ما يجري من حروب بين الغرب وروسيا، وما يحدث في الشرق الأوسط تكمن اسبابه في أحداث الماضي، ففي حوار أجرته معه إحدى الصحف الفرنسية قال "دعونا نحاول أن نفهم كيف تطوّر الصراع بين الغرب والقوى التي تحدّت تفوّقه وريادته على مدى القرنين الماضيين".

من بين التجارب التي يسلط معلوف الضوء عليها تجربة اليابان أو ما يسمى بـ " المعجزة اليابانية ".ربما سيعترض البعض لأني أترك مواضيع حيوية مثل ما جرى في بغداد من حرق للمطاعم وتهديد لبعض أصحاب المصانع، وسيقول قارئ عزيز يارجل: ألم تقرأ في الأخبار أن بعض المتورطين في مهاجمة المحال والمطاعم ينتمون إلى الأجهزة الأمنية.. وما الغريب ياعزيزي وساستنا الأفاضل أصروا أن يوزعوا القوات الأمنية فيما بينهم، وسمحوا لها أن تدخل لعبة الانتخابات، ولماذا العجب والكثير من الرتب الأمنية الكبيرة جاءت عن طريق نظام " الدمج "

قبل سنوات كنت قد قرأت تصريحاً لسياسي كبير يقول فيه إن ظروف العراق واليابان تتشابه من الناحيتين السياسية والاجتماعية، وتخيلت لو أن مسؤولاً يابانياً قرأ ما كتبه السياسي العراقي النتخم بالاموال والعقارات، هل سينتحر على طريقة الساموراي وهو يقرأ ويسمع أن معظم ساستنا يستولون على أملاك الدولة، وأنهم يتحكمون في مفاصل العراق وأمواله؟.

نترك عتب القراء الاعزاء ونعود للسيد معلوف الذي يخبرنا أن اليابانيين بعد أن دمرت الحرب بلادهم واحتلتهم أمريكا، لم يذهبوا لحرق المطاعم ولا تهديد أصحاب المصانع وإنما " أفادوا من مغامراتهم الخاسرة والمهينة بحيث استعادوا رباطة جأشهم والسيطرة على أنفسهم، فعملوا على الانعتاق من عاهاتهم، أي، من انعزاليتهم ومن عسكريتهم. وذهبوا إلى أقصى حد منطقهم باندفاع بارع وحزم لا يتزعزع " لتخرج لنا اليابان الحديثة إلى مواقع متقدمة على قائمة الدول الأكثر رفاهية وعملاً وإخلاصاً للوطن.

بعد أن خسرت اليابان الحرب عام 1945 قرّر الشعب المهزوم والجائع أن يعيد بناء المصانع والبيوت والشوارع، وكان شعاره "العمل حتى الموت".

وماذا عن متاهتنا ياسيد معلوف، يكتب في الصغحة الأخيرة من كتابه: " لم يفت الأوان بعد لاحتكامنا تماما على وسائل الخروح من هذه المتاهة. علما أنه لا بد من الاقرار بأننا همنا فيها على وجوهنا وضللنا سواء السبيل".

***

علي حسين

تزخر مدينة بغداد بالجداريات والنُصب والتماثيل، الموجودة في أنحاء العاصمة العراقية كافة، والمشغولة بمواد مختلفة، مثل البرونز، والخشب، والمرمر، والحديد. ورافق هذا الفن القوي والمتميّز، وبكافة الحقب السياسية المتعددة في العراق، منذ الاحتلال البريطاني، مروراً بالحكم الملكي، حتى يومنا هذا، وتراث الرافدين منذ الحضارة السومرية والآشورية والبابلية، الذي لم يقتصر على التأليف الأدبي والأساطير والقوانين فحسب، بل شمل الفن ايضا وبالاخص التشكيلي كفن الجداريات والنصب وسواها، قدّمت الحضارة البابلية فناً جدارياً متميّزاً، تجلّى بمسلّة حمورابي، وبوابة عشتار المدهشة، وشارع المواكب وهو عبارة عن جدار كبير فيه نقش بارز للأسُود (يوجد هذا النصب في متحف بيركمون في برلين). وازدهر الفن الجداري تحديداً مع الحضارة الآشورية، شاملاً نواحي الحياة المدنية والعسكرية والسياسية

وقبل ايام اثير سخط وانتقاد لنصب الابهام / الاصبع لنصب وصفوه بالعجيب الغريب لإبهام أمام فندق "قلب العالم" في منطقة الجادرية في بغداد،و أفادت منصة "يلا" العراقية على إنستغرام إلى أن النصب "عبارة عن بصمة المستثمر ورجل الأعمال العراقي عبد الله الجبوري، كما أشارت إلى أن الجبوري أراد أن يوضح أنه " ترك بصمة في العراق من خلال استثماره في هذا الفندق الضخم، هذا الفندق الذي أطلق العام الماضي، يقع على جسر الجادرية ويطل على نهر دجلة،، كما يتضمن مركزاً تجارياً وشققا فندقية فخمة، فضلا عن العديد من المسابح والمطاعم الفاخرة، وطالبت نقابة الفنانين العراقيين، الهيئة الوطنية للاستثمار الايعاز بازالة نصب الاصبع من امام واجهة فندق قلب العالم قيد الانشاء أمام بمنطقة الجادرية في العاصمة بغداد، على خلفية موجة السخط والانتقادات في مواقع التواصل الاجتماعي، داعية المستثمر إلى إعلان مسابقة لتصميم وتنفيذ النصب من خلال الفنانين التشكيليين العراقيين،، كما استغربت لجنة الاستثمار النيابية، من نصب اشكال تعطي ايحاءات وتثير موجة سخط وانتقادات في مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى الرغم من أن التمثال نصب قبل فترة، فإن العديد من العراقيين تداولوا خلال الايام الماضية على مواقع التواصل (إكس وإنستغرام) صوراًنصب تمثال لإبهام، ووصفته انه لا يحمل أي معنى فني أو ثقافي،فيما شن آخرون حملة سخرية، متسائلين عن السبب الذي دفع إلى وضع تمثال كهذا،، وتقول لجنة الاستثمار،ان أمانة العاصمة كان لها دور كبير في اختيار النصب والرموز والاشكال الموجودة في ساحات ومداخل بغداد، وكان لديها قسم خاص لهذا الموضوع"، لافتا الى ان "امانة العاصمة كانت متميزة عن باقي الدول العربية وباقي العواصم في اختيارها النصب، كنصب الحرية وغيرها والتي تحاكي تاريخ العراق وحضارته وشخصياته البارزة، واضافت اليوم نستغرب نصب اشكال تعطي ايحاءات وليس فيها ذوق وهدف، ولابد من ان تكون هذه القضايا

ونشيرالى ان المعمارية الراحلة زها حديد، قد سئلت عن أي نصب تذكاري بغدادي تفضّل أن يكون رمزاً إعلامياً لبغداد، رأت في نصب "كهرمانة" تمثيل رمزي لعصر الرشيد الذهبي لبغداد وقصص ألف ليلة وليلة، وهذا يرتبط بالخيال الجمعي العالمي لبغداد، كما اختارت "نصب الشهيد" لأنه برأيها الأكثر تعبيراً عن شموخ وتضحيات العراقيين في التاريخ المعاصر، فيما رأت المعمارية العراقية ميسون الدملوجي ان فن العمارة والنصب والتماثيل هي هويتنا وتراثنا الوطني، هي إرثاً وطنياً وجمالياً ينبغي الحفاظ عليه

***

نهاد الحديثي

الواقع المرعب أن الأمة بلا فكر، والذين يسمون أنفسهم بالمفكرين، لا يفكرون، ومعظمهم متقوقع في نرجسيته وأنانيته، وصومعته المتعالية على كل شيئ، ففشلوا بالتواصل مع المواطن في مجتمعات الأمة المنكوبة بهم.

فهل يعقل أن أمة فيها الأعداد الهائلة من المفكرين والنخب المثقفة العارفة، وأحوالها في تقهقر وخسران وإضطراب مهين.

لابد من وقفة جريئة ويقظة صارخة!!

قد يعترض مَن يعترض على ما تقدم، ولا يستطيع أن يفند المطروح بالأدلة والبراهين، لأن الواقع سيدمغه.

ويمكن القول بثقة أن العيب في نخب الأمة ومفكريها، أما الذين يتحدثون عن الفلسفة والفلاسفة، فهم في عوالم فوقية لا تمت بصلة لواقع مأزوم.

ما يكتبه المفكرون والمثقفون لا يجد مَن يقرأه سوى بصعة أشخاص من النخب، أما عامة الناس فلا قدرة لديها للتفاعل مع المنشور في المواقع والصحف، ولا حتى متابعته في التلفاز أو الإذاعة، فهي منهمكة بموضوعات أخرى حرمانية المواصفات، وتهيمن على وعيها أدوات التواصل والتفاعل السريعة التي طغت على البشرية.

إنجازات المفكرين أقوال وحسب، ونظريات لا يمكن العمل بموجبها، لعاهة متوارثة خلاصتها العجز عن تحويل النظرية إلى مشروع فاعل في الحياة، ولهذا فشلت النظريات العقائدية بأنواعها، كالقومية والمؤدينة، فالمهم أن نأتي بنظرية على مقاسات فهمنا الفردي المحدود، فالقول إنجازنا، والعمل ليس من طبعنا.

وما أروعنا عندما نتكلم ونطلق الأشعار والخطابات المخادعة، لكي نرضي ما فينا من الحاجات الدفينة، ولا يعنينا ما يدور حولنا، فلا نمتلك قدرات إدارة الحياة المعاصرة، ويدفعنا مفكرونا ومثقفونا إلى التقهقر والإندحار في الغابرات.

وأوهمونا بأن ما مضى مقدس وبعيد المنال، وكأن أجدادنا ليسوا بشرا مثلنا، وهذه فرية فاعلة فينا ويتحمل مسؤوليتها أصحاب الأقلام جميعا!!

"وكم من عائب قولا صحيحا...وآفته من الفهم السقيم"!!

***

د. صادق السامرائي

 

حج: قصد البيت الحرام للقيام بمناسك الحج

هج: فر هاربا إلى مكان بعيد

كل عام يحج الملايين فيؤدون الشعائر والمناسك، ويعودون إلى ديارهم وما تغير سلوكهم.

هذه حقيقة مريرة، فلو أن الجموع المتواكبة المتواصلة  الذهاب إلى مكة والمدينة، قد غيّرت شيئا بسيطا من سلوكها، وعبّرت عن الدين بالعمل الصالح والقدوة الحسنة، لتغيّرت مجتمعات الأمة.

لكن الحج صار طقسا وحسب، يحج المسلم ويعود  وما تبدل تفاعله مع الناس.

هو، هو مثلما ذهب عاد.

بينما الحج مدرسة قيمية، أخلاقية، روحية، وفكرية، عليها أن تلد الإنسان من رحم الصفاء والنقاء، والأخوة الإنسانية، ليكون مشعلا منيرا في دروب الحياة التي سيسبرها.

مع الزمن يزداد عدد الحجاج، وتتنامى التفاعلات المنافية للدين في ديار المسلمين.

فأين العلة؟

هل هناك أمية دينية؟

هل أنها التبعية لتجار الدين؟

من الصعب الإجابة، لكنها ظاهرة تستدعي النظر والتفاعل العلمي الرصين.

ترى، لماذا تنهار قيم الدين، ويتكاثر حجاج بيت رب العالمين؟!!

***

د. صادق السامرائي

في هذا العصر يجب ان نتعلم من الفلاسفة، حكمة تجاهل "الحمقي " الذين يدعوا المعرفة وهي أخطر من الجهل، فلا تعطي للحمقي وقتـًا ولاقيمة ليس كبرياء، ولا احتقار ..كما قال :الفيلسوف والكاتب  {برنارد شو} إن أداة الصمت هى أفضل تعبير عن الاحتقار....وفي بعض المواقف يفرض الحديث الكلام /بعد إنتشار شبكات التواصل الاجتماعي،وتجد حمقي يكتبون  تعليقات وكأنهم علماء في كل شيء،هم يشعرون بالدنيوية، احيانـًا،يمثل عليهم البعض دور الابلة، وأن جيوبهم عامرة من المال،فيبحث عن دور له وسط ثقافة التفاهة والفرجة، قد يكون فى الكلام فضفضة لشخص يريد المزح والمرح ويبحث عن وقت  لراحة البال  وقد يكون فى الصمت بعض الفضيلة.

أحيانـًا يكون الصمت أبلغ من الكلام، في حضور حمقي وأكثر فائدة ونفعـًا، أو على الأقل قد يكون أقل ضررًا. من ان تصطدم مع احمق  فيكون الصمت فيه حكمة وقوة، وخير مثال علي ذلك حياة الفيلسوف  اليوناني سقراط،وكيف استطاع ان يتغلب علي واقع داخل اسرتة وهي زوجة (سقراط) من كان يتوقع أن الفيلسوف سقراط الذي عرف بثقافته و حكمته و قوه كلماته، كان يعيش في وسط مليء بالصراخ و الجهل و العصبيه من قبل زوجته.

عرفت هذه المرأة بانها كانت سليطه اللسان وقوية وجبارة جعلت زوجها كل يوم يخرج من الفجر ويعود بعد مغيب الشمس. و مع ذلك يقول سقراط عنها:" انا مدين لهذه المرأة لولاها ما تعلمت ان الحكمة في الصمت والسعادة في النوم.

ويقول ايضـًا: إبتليت بمصائب ثلاث: اللغة والفقر وزوجتي، أما الأولى فقد تغلبت عليها بالإجتهاد، والثانية فقد تغلبت عليها بالإقتصاد، وأما الثالثة فلم أستطع التغلب عليها .

في يوم من الآيام .. كان صوتها يعلوا وهو يجلس مع تلاميذه لتشتمه وتسبه كعادتها أمام تلاميذه و لكن هذه المرة تفاجأ بأن انهمر فوقه الماء وهو يجلس مع تلاميذه فمسح الماء من على وجهه بدهشه وقال كان يجب ان نتوقع انها ستمطر بعد كل هذه الرعود. فقال مقولتة المشهورة /ما اجملك حين تمطرين، وحين ترعدين، وحين تبركين.

هذا أسلوب سقراط الهادئ و سكوته أدى إلى وفاه زوجته بسكته قلبية.

نعم، توفيت زوجته بعد ما أشعلت خلاف مع سقراط ... التزم زوجها الصمت و السكوت وراحة البال .. اما هي فكانت كالبركان.. مما أدى إلى الم شديد في القلب و الكتف و توفيت في تلك الليلة.،،  ولكن الغريب هذا الشهر كتبت الصحف حالة غريبة طلبت امرأة بريطانية تبلغ من العمر /80 عامًا /الطلاق لأن زوجها تظاهر بالصمم لسنوات طويله تقدمت {دوروثي داوسون }بطلب الطلاق بعد أن اكتشفت أن زوجها {باري} البالغ من العمر \ 84 عامًا /لم يكن أصمًا، وهو ما تظاهر به لسنوات، حتى لا يستمع إلى حديثها وفقًا لأوراق الطلاق، لم يتفوه الزوج "باري "بكلمة واحدة طوال عشر سنوات من الزواج ولكي تتواصل مع زوجها، تعلمت السيدة "داوسون "لغة الإشارة ‏وتقول الزوجه لمدة عاميين كاملين تعلمت لغة الإشارة " وبمجرد أن بدأت أنجح واتواصل معه بلغة الاشارة ‏، بدأ باري يعاني من مشاكل في الرؤيةويُأشر لي انه لا يري جيدًا إكتشفت انة كان يعيش حالة صمت معها طوال عشر سنوات "في هذا الزمن نحتاج للصمت. فى صمتك، أصبحتَ كاتبـًا مبدعـًا

فى كلامك.عن غوغاء هذا العصر من الحمقي،،".  هٰذه الكلمات تتردد فى فكرى، ونحن فى حياة أصبحت إن الجميع يتحدثون، فهل من مستمع لتلك الكلمات،، وطرحت. الأسئلة نفسها: من فلاسفة ومفكرين لماذا يصمُت الإنسان..؟ وكيف يكون الصمت  في زمن الصعاليك السفلة الرعاع ؟ وهل للصمت صوت وكلمات..؟ ومتى يكون الصمت حكمة...؟

***

محمد سعد عبد اللطيف - كاتب وباحث مصري

خلق الله تعالى الإنسان بفطرة نقية سليمة من الشوائب في التفكير والعمل وجعل له الحرية والاختيار وله الخيرة من أمره في العمل والفعل متنقلا بين الحق والباطل لكن بمرور الزمن وبوجود قرينه الشيطان وأعوانه من الأنس والجن تشاركه في التفكير والعمل وتعمل بين يديه وتجره إلى الأفعال السلبية حينها أخذ الإنسان ينحدر بتصرفاته إلى مستويات من الانحدار الفكري والعقائدي والتعامل السلبي في مجتمعه وإيذائه بعكس إرادة الله تعالى مما اقتضت الضرورة والحاجة الإلهية إلى التدخل لإرسال الرسل والأنبياء والنذر والسنن لتمهد له طريق الهداية لإعادته إلى جادت الحق والفطرة السليمة وكلنا نعرف أن للإنسان الحقوق وعليه الواجبات في مجتمعه لتكون حياته منظمة وترتقي إلى مستوى الإنسانية التي أرادها الله له وعلى طول مسيرته البشرية وخالقه يحيطه بالرعاية والتوجيه بالشرائع التي ترسم له معالم حياته وتعاملاته مع بني جنسه والمجتمع وضمن له الحقوق على مدار حياته تدريجيا   حسب متطلبات وتطورات المجتمع في كل بقاع العالم وختمها بالرسالة المحمدية متضمنة منهاج واسع ومفصل بكتاب اسمه القرآن الكريم ومن هنا جاءت الحقوق الإنسانية بآيات  يقتطف منها حقوقه كاملة مقابل الواجبات التي يؤديها لمجتمعه لكي يسمو بنفسه إلى الدرجات العليا ومرضاة الله تعالى  فقد جاءت هذه الحقوق على شكل واضح حيث أعطى الإسلام للإنسان الحق في ممارسة معتقداته التي يؤمن بها وله الاختيار في العبادة وهو الذي يتحمل المسئولية كاملة أمام الله تعالى ربه الذي خلقه وهو الوحيد له الحق في العقاب والثواب يوم الحساب كما قال تعالى (لا أكراه في الدين) و(وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.......) الكهف 29 وكذلك (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين) كما أعطى الحقوق للوالدين ووصى بها البنين والأحفاد وهي الحاجة الملحة في بناء الأسرة والمجتمع ليروا جزء من التضحيات كما قال تعالى (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين أحسانا...) الإسراء 23 و(ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن...) لقمان 14 . كذلك نظم العلاقة الزوجية وأعطى كل ذي حق حقه من الزوج والزوجة وضمن الحقوق الشرعية للزوجين (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة) أي فرض عليكم أكراما والتزاما للمرأة وصيانة لحقوقها لتكون الروابط متينة في الحياة الزوجية و(.. للرجال نصيبا مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن..) النساء 32 فأن للمرأة الأهمية القصوى والباب الواسع ليلجه الإنسان في حمايتها وتكريمها والحفاظ على مكتسباتها المعنوية والمادية ومساواتها مع الرجل ومن هذه الحقوق أشارة من القرآن في التربية والرعاية والمعيشة في بيت الزوجية وكذلك من الحقوق الكثيرة تنظيم العقود والعهود والمواثيق والإرث والطلاق والتبني وحث الله تعالى بعدم بخس الناس حقهم وخصوصا في اليتامى والإماء والأرامل  والقاصرين (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) النساء 29 كما قال (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ........) النساء 35 و(وآتوا اليتامى أموالهم .....) النساء 2 و(يسألونك عن اليتامى قل أصلاح لهم خير) البقرة 220 وغيرها من الآيات التي يزخر بها القرآن لتنظيم حقوق الناس يستطيع الإنسان العاقل المتدبر له أن ينهل منه ما يشاء .أن دراسة المنهج القرآني والرسالة المحمدية وفهمهما بموضوعية وتجلي وفكر ثاقب يجد أن كل الحقوق للإنسان واضحة ودقيقة ومصانة لكن مع الأسف أن الدين الحقيقي للإسلام لم يصل للعالم كما أراده الله وأنبيائه عليهم السلام بصورة صحيحة بل وصل مشوها ومخيفا ومنفرا منه في بعض الأحيان عكس صورته المشرقة الناصعة حتى وقف الغرب والعالم منه موقفا مضادا من منهجه ومن هنا يأتي التخوف على الدين الإسلامي الحنيف وعقيدته من الأجيال القادمة ما لم تصحح الكثير من مفاهيمه التي فسر بها وعدم التعنت والتعصب الغير مبرر والتمسك بالسلف الصالح المطلق التي لم تعد الكثير من أفكارهم مواكبة التطورات العصرية للحياة والعقل البشري فعلينا أخراج عقيدتنا الإسلامية من نطاقها القومي  المحلي إلى خارج حدودنا العربية والإسلامية بعيدا عن العصبية والنقاش والجدال الغير مثمر بل بطريقة واعية لا تمس جوهر العقيدة والإيمان الحقيقي للرسالة الإلهية من خلال الحوارات الفكرية في معاقل الغرب ومؤسساته الدينية والثقافية للإطلاع عليها عن كثب لتبديد الفوبيا من الإسلام بعدما وصلهم مشوها ومزورا بقصد أو بدونه.

***

ضياء محسن الاسدي

 

التأريخ يحدثنا أن القوى لا تتآخى، وإنما تتماحق، فلا يوجد في التأريخ مثلا لتآخيها.

فقانون الدوران يقضي بأن القوى الكبرى تتصارع لتفوز إحداها بالهيمنة على مقدرات الدنيا إلى حين، لأن القوي سيضعف والضعيف سيَقوى، وتلك سنة الحياة فوق تراب لا يعرف القناعة والرضا.

واليوم تجدنا أمام قوة تريد الحفاظ على هيمنتها المطلقة على العالم، وقِوى ناهضة تريد فرض نفسها، على ما تستطيعه، لأنها تريد دورا وأثرا.

ولابد من المواجهة الشرسة بينها، لتفوز قوة بالقبض على مصير البشرية.

البعض يرى أن القِوى الناهضة ستتحالف، والواقع يشير إلى أنه سيكون واهيا، ويحمل أسباب تمزقه معه، لأن القوى المتحالفة حالما تبسط سيطرتها سيدب بينها النزاع، وتنتهي قوة واحدة بفرض إرادتها على الأخريات.

وفي عالم تطورت فيه الأسلحة والقدرات التدميرية، سيكون من المؤكد أن القوى بأنواعها ستتماحق، وربما ستؤول الأمور للضعفاء بعد أن يتحول كل شيئ إلى رماد.

فما عند القوى المتصارعة من قدرات فتاكة، تجاوزت السلاح النووي بسبعة عقود.

فالحرب ما عادت ذات إنتصارات، بل أنها نشاطات خسرانية فادحة، وذات تداعيات إمحاقية فائقة.

و"لا شيئ أقوى من القوة سوى الدهاء"!!

***

د. صادق السامرائي

 

عالم اليوم يتسع لملايين الكتاب وفرص النشر هائلة ومن غرف النوم في دقائق تتأسس محطات تلفزة واذاعة وصفحات تواصل شخصية فلا حاجة للقلق والخوف من ان يحتل شخص محل آخر، إن الكاتب والمثقف والباحث والفنان والروائي ليس مطرباً ومهرجاً في سيرك لإسعاد الجمهور، او إثارة الفتن والبحث عن شهرة، بل صدمه من الآوهام وتعكير طمأنينته الزائفة وكاشف دروب يرى في الظلام ويطلق صيحة التحذير، مثل( طائر البطريق) قبل قدوم العاصفة ..!

واذا كان الواقع مظلماً، فليس واجبه تجميل الظلام أو تجميل القبح لزرع الأمل الساذج والأوهام.

هذا تاريخ الأدب في كل العصور، ، إن روايات محاكمة النظم الدكتاتورية والعقل السياسي ليست جديدة في الرواية العالمية: الكاتب

(أريك ماريا ريمارك ) الألماني حذر من النازية قبل انتشارها، كذلك الكاتب " ريجيس دوبريه" في رواية الثلج يشتعل، وكتبت مقال سابق عنها،، كذلك الروائي ( ايليا اهرنبيرج) في روايه {شق جدار الصمت} بعد وفاة الزعيم السوفيتي "ستالين" في روايته ذوبان الثلوج،

والروائي الروسي{ ألكسندر سولجنتسين} توقع أوائل السبعينيات في روايته:

" أرخبيل جولاج" إنهيار الاتحاد السوفيتي يوم كان امبراطورية تحكم ثلاثة ارباع الأرض وفر الى امريكا  وحاز علي [جائزة نوبل] وكان نشرها فضيحة مدوية عن معسكرات التعذيب

وتعرض لحملة تشهير منظمة من جميع الأحزاب الشمولية والسلطوية  في العالم اتهمتة موسكو، بتهمة الجنون والتعصب الديني وعاد بعد الإنهيار باستقبال شعبي عارم.، والغريب الذي قرأته عن هذا الأديب، في لقاء قمة بين الرئيس السوفيتي/ والأمريكي/ اثناء الحرب الباردة، عن (سباق التسلح)، كان مطلب الزعيم السوفيتي من الرئيس الامريكي تسليم الكاتب الي موسكو،،  وهناك ثلاث روايات فككت الدكتاتورية في قارة "امريكا اللآتينية"

وعصفت بها: 1- رواية السيد الرئيس، لميجل أوسترياس الجواتمالي، 2-خريف البطريرك، غابرئيل ماركيز الكولومبي 3- حفلة التيس، ماريا يوسا البيروي، الثلاثة حصلوا على (جائزة نوبل).

اما القارئ، ليس له شأن في كيف يعيش الكاتب، ومع من وماهي ثروته، ولايفتش في حياته الشخصيه وكيف يفكر الكاتب.

واخلاق الكاتب فيما يكتب فتلك امور لا شأن للقارئ بها، اما مهمة الكاتب توقع المستقبل وهو سلوك أخلاقي وشمعه للأمل للآجيال التي تتطلع الي مستقبل أفضل، في حوار علي شبكات التواصل مع صديقة وزميلة بنت اخي/ سألتني سؤال..؟ قالت:- لدي ملاحظة غريبة، .لماذا ليس لديك مطبلاتية رغم موضعاتك المهمه وآخرون يكتبون مواضيع تافهه ولهم مطبلاتيه..؟ كان ردي بسيط، من المزح وخيبه الأمل في المستوي الثقافي من ثقافه الفرجة في ارض النفاق،، ياسيدتي "انا قدري ان اعيش في حارة الطبالة فكيف لمطبلاتيه ان يطبلوا في المطبل،، علي طريقه المرح،،

ستكون إجابتي ياسيدتي/ بتعبير الكاتب والفيلسوف الفرنسي البير كامو:

" تعرفون اسمي ولكن ﻻ تعرفون قصتي، تعرفون ماذا فعلت لكن ﻻ تعرفون الظروف التي مررت بها، لذلك توقفوا عن الحكم علي وانشغلوا بأنفسكم"أمام القارئ "نص" وعليه قراءته وتحليله وتأويله كما تسمح قدرته وليس القفز الى" الشخص" أو الشخصنة لأن هذا دليل افلاس ثقافي وعجز معرفي ولا يحتاج الى ثقافة أو علم.إن

قراءة النص اي كان مقال او بحث او نص أدبي (ياسيدتي) يحتاج موهبة وثقافة ونزاهة وصفاء نية ومعرفة بعلم نقد النصوص، ومن محاسن مقهي الفيسبوك ياسيدتي كشفت عن تدني وعور المستويات وكشفت عن عور في حاملي شهادات علمية، غير ان عقلية الوصم لا تحتاج ذلك لآن القضية لا علاقة لها بالآدب مطلقاً.

في القرن الماضي شهدت مصر فترة من ازهي عصورها في الآداب والصحافة والفنون والثقافة، فكتب يوسف إدريس اروع قصص عن واقع مجهول وعور في المجتمع كذلك/الكاتب والأديب /يوسف السباعي "في رواية/ أرض النفاق/ كذلك  قصة{الحرام}، كذلك نجيب محفوظ في روايات كثيرة، مثل :ثرثرة فوق النيل، والثلاثية، واللص والكلاب، وطه حسين في قصة الأيام، ونجيب ذكي الكيلاني في قصة، ليل وقضبان، وثروت اباظة، شيء من الخوف .ويحي حقي، و توفيق الحكيم في (يوميات نائب في الأرياف) ...الخ، كما قال: الروائي ميلان كولديرا،،  الرواية التي لا تكشف عنصراً مجهولاً الوجود، هي رواية لا أخلاقية. إن اخلاقيات الرواية.من الهواه علي شبكات التواصل الاجتماعي.

الذين صدموا بسلطة وواقع اليوم، ويشتمون بها ليل نهار، لم يخترعوا /عصير عشب البرسيم، ولم يكتشفوا أمراً ولا حلوا لغزاً،، وكنا نعرف ذلك مبكراً، ان القادم أسوأ من التفاصيل التي لا يهتم بها الخطاب والعقل السياسي الشعاراتي، وبعد الحراك الشعبي من ثورات الربيع العربي، دفع الجميع الثمن وهناك أثمان أفدح ستدفع بالتقسيط.،، إذا كان " تخيل الكاتب المستقبل رؤية سوداوية فكيف سيكون الأمل..؟ إن إخفاء الحقائق عن الناس وتجميل القبح، بعد ثورات الربيع، والحالة {العراقية} بعد الحرب من احتلال والحرب في[ سوريا واليمن وفي فلسطين الآن ] والكوارث صار الكل يكتب عن الكارثة كما لو انه اخترع، طائرة مسيرة، واي مواطن يعرف ما يجري امامه كل يوم لكنه بحاجة لكي يعرف ماذا سيحدث في المستقبل، وهذة مهمة الكاتب، وهذا الفرق بينة وبين السياسي الذي ينظر للوضع الحالي فقط، فالكاتب يستشرف المستقبل  لحماية الأجيال من الأطفال وتنظيم حياتهم على أسس متينة وليس تمنيات أو آمالاً ساذجة والأمل الساذج أو الزائف هو أخطر من اليأس المحرض على الخروج من المأزق.الدرس المستخلص من هذا النص هو : ان الخطاب الروائي

ليس هو نفسه الخطاب السياسي أو الاجتماعي، في زمن يسودة الفوضي في مجتمعات الجهل والعادات السيئة وثقافة الفرجة والاخلاق الوحيدة للكاتب، هي أن يكتب جيداً ويكتب بشجاعة وكل نص، او مقال، او رواية، لا تحمل جديداً هي عمل لا أخلاقي، لأن السرد الأصيل هو نوع من الأخلاق أيضاً، كما ان البناء اللغوي والتوقع والتحسب والكشف هو أخلاق، وتوقع المستقبل هو أخلاق ...، !!

***

محمد سعد عبد اللطيف - كاتب وباحث مصري

 

هل كان المأمون يعاني من إضطرابات سلوكية رغم إنجازاته وإنطلاقاته المعرفية؟

يبدو أن مقتل أخيه الأمين تسبب له بجراح نفسية لا تندمل، فكره الخلافة وعاقر الفكر والفلسفة، وأمعن بتفعيل العقل وتسيده على كل حالة.

فمال للمعتزلة وإعتنق مذهبهم، وفرضه على الناس، مما تسبب بمحنة خلق القرآن.

وكاد أن يتخلى عن الخلافة لولا ضغط بني العباس، وما حصل من مفاجآت وتفاعلات.

وحينما حانت وفاته عهد للمعتصم بالخلافة، ذلك الذي ما فكر الرشيد يوما أن يعده لها، فلم يهتم بتعليمه وتدريبه، لكنه كان مقاتلا شرسا وميالا لأخواله الأتراك.

وفي عهد المأمون تعاظمت الإضطرابات وقويت شوكة الحركة الخرمية التي عجز عن إخمادها.

لكن المعتصم بعد توليه الخلافة إستطاع القضاء عليها وإعدام بابك الخرمي في سامراء.

وبقي "محمد" إبن المأمون يضمر الحيف بداخله، حتى تآمر على عمه المعتصم، وإنتهى به الآمر إلى السجن والموت له ولإخوته.

قد لا يعجب المؤرخون ما تقدم، لكنها قراءة نفسية بحتة مختصرة، والأمور بخواتمها، وما آلت إليه الأحوال في زمن المأمون وبعده، تشير إلى عاهة سلوكية كانت مهيمنة على قراراته.

فهو يتيم الأم، وتربى مع أخيه الأمين وهو يكبره بستة أشهر، وعني هارون الرشيد بتعليمهما، ويمكن القول بأنهما من أثقف القادة في التأريخ، وتخيلوا مشاعر المأمون وهو يرى رأس أخيه يُوضع أمامه كدليل على القضاء عليه، إضافة إلى محق ذريته بالكامل.

المأمون إنسان، ولابد لهذا الأمر قد أثر في نفسه ورسم خارطة سلوكه، وهذه الحالة مغفولة تأريخيا، ويتم التركيز على نشاطاته الأخرى، وبلغة عالية الخيال.

فهل أصاب المأمون أم أخطأ؟!!

***

د. صادق السامرائي 

 

النسبة العظمى من مدوناتنا الحضارية منهوبة، ومطمورة في ظلمات المخازن والمكتبات الأجنبية، ويتم إخراج ما يريدون نشره منها، ونحن نتهافت عليها لا بنسخها العربية، ولكن بنسخها المحققة بلغة أجنبية، فنبدأ بالترجمة.

فالأجانب (الألمان، الفرنسيون، الإنكليز) هم الذين كشفوا كنوز حضاراتنا، ودلونا على الكثير من تراثنا، ومنذ عدة قرون، وربما ظهر من بيننا عدد من المحققين والمهتمين بالتراث في القرن العشرين، لكنهم يفتقرون إلى المدونات المعرفية الأصيلة التي عليهم أن يحققوها وينشروها بين الناس.

ولا تزال النسبة العظمى من المدونات العربية غير محققة، ومقبوض عليها في مخازن مكتباتت ومتاحف الآخرين.

ويبدو أن قصة أن جيش هولاكو قد أحرق خزائن بيت الحكمة في بغداد، أو أغر ق كتبها في نهر دجلة مسألة فيها نظر، وربما تكون فرية لإيهام الأجيال بأن تراثهم المعرفي قد أكله نهر دجلة.

والواقع أن هناك مَن يذكر بأن جيوش هولاكو لم يكونوا بهذه السذاجة والجهالة، ويُقال أنهم إستحوذوا على العديد من نفائس الكتب وباعوها للدول الأوربية.

ومع كل ما حصل، يحتار المرء بين شكر الأجانب وإدانتهم، فهم الذين كشفوا آثارنا، وأرشدونا إلى معالم معارفنا ورموزها، فالذي حققه الأجانب من المدونات أضعاف عشرات وربما مئات المرات ما حققه العرب من مدوناتهم.

آثار وادي الرافدين ووادي النيل هم الذين إكتشفوها، وفكوا رموز اللغة الهيروغليفية والمسمارية، ولابد من القول بأنهم أيقظونا من أميتنا التأريخية، حتى وجدتنا نتشبث بما مضى بإنفعالية لاحدود لها.

إهتموا بحضاراتنا وأسسوا لما أسموه (علم الإستشراق) الذي قضى نحبه في الغقد الأخير من القرن العشرين، بعد أن تنامت وسائل الإتصال والتفاعل بين البشر.

وما تمخض عن نشاطاتهم، أن أجيال الأمة تشكل وعيها بموجب ما قدموه لنا عن ماضينا، فيمكن القول أن تأريخنا القديم هم الذين كتبوه، وأخرجوه من ظلمات المدونات ومن تحت التراب.

فلماذا التحامل وعدم الموضوعية؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

مما يُنسب للإمام علي (ع) قوله:

وزِن الكلام إذا نطقت ولا تكن

ثرثارة في كل نادٍ تخطب

وقد قيل: خلق الله للإنسان لساناً واحداً، وأذنين لكي يسمع أكثر مما يتكلم.

ونصح أب ابنه في فضل الصمت عن التقول ببعض الكلام: يا بني، إذا افتخر الناس بحسن كلامھم، فافتخر أنت بحسن صمتك.

  واللسان هو قطعة لحم لايتجاوز وزنها بضع مئات من الغرامات، وماقاله الرائحون والغادون عن اللسان، ما كان إلا باستخدام ألسنتهم أيضا، فصار اللسان هو المقصود والغاية، وهو الأداة والوسيلة، في آن واحد وآنية واحدة. وليت الذين قالوا فيه وعنه وبه، وضعوا له قدرا يليق بدوره في حياتنا، هذا قطعا إذا علمنا أن القول لا نفع فيه، ولا فائدة ترجى منه إلا بالفعل، وإلا باتت وظيفة اللسان اللغو الفارغ واللغط الأجوف والثرثرة السمجة.

  إذ نرى كثيرين بين ظهرانينا لاتتفوه ألسنتهم، إلا برديء الكلام ورخيصه وبما لاجدوى منه، ومن المؤكد أن أول من يحاسب على قطعة اللحم هذه، هم المتقولون الذين هم عن مصاديق القول ناؤون، ولاسيما المسؤولين منهم، والذين سيُسألون يوما عما نطقت به ألسنتهم، وما يترتب على مايقولونه في تصريحاتهم، من التزامات تجاه رعيتهم فكلهم راعون، وليت المسؤولين في بلدنا استمعوا الى الأبيات:

وإذا وُليتَ أمر قوم ليلة

فاعلم بأنك عنهمُ مسؤول

وإذا حملتَ الى القبور جنازة

فاعلم بأنك بعدها محمول

  ما ذكرني باللسان وما يأتي به، هو كثرة استخداماته اللامجدية واللامنطقية، من قبل بعض متبوئي مراكز القيادة والتحكم وصنع القرار وتنفيذه في بلدنا، وهم كما قيل: (عدد النجم والحصى والتراب). إذ نراهم كل حين يطلّون على واجهات الأحداث بتتالٍ لايتوقف، وتوالٍ لايفترّ، وتعاقب لاينقطع، وهم يملأون ساحات البلد وعلى وجه الخصوص السياسية بكل أبعادها، فمنهم منظور فيها، ومنهم غير منظور، ومنهم خلف الكواليس، ومنهم أمامها، وليت الأخيرين كانوا مع الأولين، كي لا يعكسوا صورة مشوهة عن معيتهم، ومنهم من يستمعون القول ولا يتبعون أحسنه، بل لا ينطقون إلا أسوأه، كذلك منهم من ينطبق عليه المثل: (إذا حضر لا يُعد وإن غاب لا يُفتقد) ومنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، وقطعا جميعهم مابدلوا تبديلا إلا للأردأ والأسوأ. وبين هذا وذاك، يتقلب العراقيون على صفيح ساخن، من الحرمان وضنك العيش وترديات الأحوال، وكيف لا! ورقابهم تحت سلاح اللسان، وإن استقر بهم القرار، فإنه يستقر تحت خط السلام والأمان، علاوة على نأيه عن خطوط الرفاهية والتقدم، كما هو حال باقي الأمم والبلدان.

  ما يؤسف له، أن اللسان أضحى أداة لمن هب ودب، من الذين أتوا على بساط المحاصصة، تدفعهم رياح بعض الجهات لتهبط -والأحرى تجثم- على ثروات العراق في مؤسساته، كمضخة ماصة شافطة لافطة. وبعلم ودون علم، يطوّعون ألسنتهم للأقاويل، ويسخّرونها كمطية لحمل أثقالهم بمفردات تنأى عن الثقافة والكياسة، فتستحيل إذاك تصريحاتهم وخطبهم الى تنهيدات ثمل أضاع ثمالة كأسه، أو هلوسة مرعوب من أضغاث كوابيس، يلقون بظلالها الثقيلة على المواطن المسكين، والأخير لا حول له ولا قوة إلا بالصبر والتجمل، بأبوذية شاعرنا المرحوم سعد محمد الحسن البهادلي:

إليّ بالمعالي كان ماكان

وعلي هسه يتكعبن كان ماكان

بطران ويسولف كان ماكان

ولك ياكان والكانون بيه

***

علي علي – كاتب وصفحي عراقي

 

المجتمعات المؤدينة بالطائفية والمذهبية والعقائدية، لا تعترف بوطن، فذلك من صميم رؤيتها وما تؤمن به وتتصرف بموجبه، ولهذا لن تجد خطابا وطنيا في أدبياتها.

تفحصوا كتب الأحزاب القومية والتي تسمي نفسها دينية، فلن تجدوا عبارة تشير لوطن ومواطنة، وإنما لعقيدة وإنتماء أعمى مطلق متطرف بها.

العالم تجاوز مراحل وعي وإدراك فائقة، وصار متبصرا ومستشرفاً لمستقبل مطلق المبتكرات، وبعض المجتمعات تندس في الغابرات.

الماضي حياتها وعنوان وجودها، ومادة تجارية مربحة للكراسي الفاعلة فيها.

إندساس مروع وتدحرج مرعب نحو قيعان التلاشي والإندثار، وفقا لنشاطات تناهض إرادة الدوران، وتعارض قوانين الأكوان، وبديهيات العصور والأزمان.

أ يصح في الأفهام أن نتجاهل الحاضر وتستحضر الماضي، وكأننا نضعه في غرف الإنعاش ونحاول نفخ الحياة فيه، وهو جثة هامدة متفسخة رائحتها تزكم الأنوف؟

العالم يتطلع للتوطن في المريخ، وبعض المجتمعات منهمكة بالتوطن في ظلمات الأجداث!!

مجتمعات تحلق فوق الثريا وحولها، وأخرى تدفن رأسها في الثرى، وتهيل على رأسها رماد ورمال وغبار العاديات الباليات.

فإلى متى يبقى بعير الغفلة والسذاجة  على تل الويلات الكئيب؟!!

و" كش مات الوطن"!!

***

د. صادق السامرائي

 

نبذة عامة عن أوزبكستان:

يطلَق على السكان الذين يستوطنون أوزبكستان "الأوزبك"، وهم إحدى الجماعات أو القبائل التركية التي سكنت وسط ما يُعرَف اليوم بآسيا الوسطى، ويتكلمون اللغة الأوزبكية التي هي فرع من شجرة اللغات التركية، كما يُعَدّ الأوزبك الشعب الثاني بعد الأتراك الذي يتحدث باللغة التركية، إذ يتحدث بها قرابة 35 مليون شخص، يبلغ متوسط درجة الحرارة في فصل الشتاء نحو 6 درجات مئوية وفي الصيف ترتفع إلى ما يزيد عن 32 درجة.

ما يقرب من 90 بالمائة من السكان مسلمون، منهم حوالي 54 بالمائة يُعرفون بأنهم لا ينتمون لطائفة، و18 بالمائة من أهل السنة والجماعة، و1 بالمائة من الشيعة.. وحوالي 11 بالمائة صوفيون، بينما يتبع 9 بالمائة من السكان المسيحية الأرثوذكسية الروسية، و4 بالمائة يتبعون ديانات أخرى وغير متدينين، وكان فيها ما يقدر بحوالي 93 الف يهودي.

والأوزبك: هم قبائل من ذوي الأصول التركية منسوبة إلى السلطان "محمد أزبك خان" من أقوى السلاطين المنحدرين من ذرية "جنكيز خان" الذين أسلموا وحكموا منطقة نهر إيتل (الفولجا) وسيطروا على أكثر البلاد الروسية وما يعرف الآن بروسيا البيضاء وجمهوريات البلطيق وجزء من بولندا وأوكرانيا، وشملت ممتلكاته (بلاد ما وراء النهر) فنسب إليه أولئك الأقوام الذين يسكنون في تلك المنطقة؛ أي: منطقة ما وراء النهر التي فيها "أوزبكستان".

الموقع والحدود:

ما هي دول آسيا الوسطى؟

تعرف دول اسيا الوسطى: بأنها تلك المنطقة التي تمتد من سيبيريا وروسيا شمالا إلى إيران وأفغانستان جنوبا، ومن منغوليا والصين شرقا إلى بحر قزوين غربا وهو البحر الذي عرف باسم “بحر الخزر”.

وتضم دول آسيا الوسطى كلا من: “أوزبكستان، طاجكستان، كازاخستان، تركمانستان، قيرغيزستان” وهي الدول التي خضعت سابقا ضمن جمهوريات الاتحاد السوفيتي - روسيا حاليا- وحصلت على استقلاها في نهاية عام/ 1991 م.

تُعَدُّ "أوزبكستان" إحدى جمهوريات آسيا الوسطى، تحدها "كازاخستان" من الشمال والغرب، و"تركمانستان" من الجنوب، و"قرغيزستان" و"طاجيكستان" من الشرق، وكلها جمهوريات إسلامية. 

وتقع "أوزبكستان" في وسط آسيا الوسطى، ما بين نهري سيحون (سرداريا) وجيحون (أموداريا)، وتضمُّ معظم المناطق المهمة التي تقع شرق نهر "جيحون" بعد خروجه من "طخرستان" في "أفغانستان".

تمتد أوزبكستان بين سلسلة جبال حِصار وبحر آرال شبه الجاف، يتميز هذا البلد بصحاري رملية وواحات تبدو بلا نهاية، والتي كانت في الماضي تحظى بأهمية كبيرة جدا في الشرق بأسره.

المساحة والنفوس

تبلغ مساحتها الإجمالية 447400 كم2، ويعني اسمها "أرض الأوزبك"، تقع في آسيا الوسطى، يحيط بها كل من كازاخستان وتركمانستان وقيرغيزستان وطاجكستان، يبلغ عدد سكانها أكثر من 30 مليون نسمة، هذه الجمهورية السوفيتية السابقة استقلت في العام /1991م.

وأراضيها عبارة عن منطقة جبلية في الجنوب الشرقي؛ حيث الامتداد الغربي لجبال "تنغري تاغ"، ثم تميل تدريجيًّا نحو الغرب حتى صحراء "قزيل قوم"، حيث في طرفه الشمالي بحيرة "آرال"، بينما تغطي وديان "فرغانة" و"سير" و"زرافشان" الجنوب، فإن "وادي فرغانة" يمتد إلى ركن الجنوب الشرقي لأوزبكستان، ويبلغ طوله ۳۰۰ کم وعرضه ۱۷۰ کم.

التاريخ الديني والثقافي لأوزبكستان

1- العهود المبكرة:

يرجع تاريخ أوزبكستان إلى عهود موغلة في القدم فقد عثر فيها على آثار إعمار بشري يعود إلى العصر الحجري، ولكن التاريخ المسجل لأوزبكستان يبدأ حينما دخلت هذه المنطقة ضمن نطاق الامبراطورية الأخمينية في عهد داريوس (542-486 ق.م).

 وتعرَّضت المنطقة في القرن الرابع ق.م لجيوش الاسكندر المقدوني، وأسس ديودوتس حاكم باكترية (بلخ) السلوقي مملكة مستقلة فيها سنة 250ق.م، انتقلت السيطرة على هذه النواحي إلى الفرس الساسانيين في عهد أردشير الأول سنة 227، وفي العهد الساساني تولى حكم الصغد وباكتيرية حكام من الأُسرة المالكة الساسانية.

وفي أواسط القرن الرابع الميلادي تعرضت تركستان الغربية (أوزبكستان) لغزوات الهون الذين اخترقوا منطقة الصغد في موجات متعاقبة كان آخرها موجة الهياطلة الذين هددوا حدود الامبراطورية الساسانية ما يقارب المائتي عام حتى سحقهم كسرى أنوشروان (531- 579) بوساطة غزاة جدد قادمين من وراء نهر سيحون يعرفون بالأتراك الغربيين، وبقيت تحت حكمهم ما يقارب القرن.

وفي نهاية القرن الأول الهجري/الثامن الميلادي، فتح العرب المسلمون بلاد ما وراء النهر، والنهر هو نهر جيحون (أمودارية) ومنذئذ دانت البلاد بالإسلام الذي تكامل انتشاره في القرون التالية، ونجح السامانيون (261- 389هـ/874- 999م) في تأسيس سلالة حاكمة في ما وراء النهر، واتخذوا بخارى عاصمة لهم.

كان الإيرانيون الرحل أول شعب عرف أنه أحتل آسيا الوسطى، آذ وصلوا إلى المروج الشمالية بما يعرف الآن أوزبكستان في وقت ما في الألف الأول قبل الميلاد.. بدأ هؤلاء الإيرانيون الرحل الذين تكلموا اللهجات الإيرانية بالاستقرار في آسيا الوسطى، وبناء نظام ري ممتد على طول الأنهار في المنطقة.

في هذا الوقت، بدأت مدن مثل بخارى وسمرقند لتبدو وكأنها مراكز سياسية وثقافية، وبحلول القرن الخامس قبل الميلاد سيطر السغد وتخارعلى منطقة باختريا،كما بدأت الصين في تطوير تجارت الحرير مع الغرب،

لقد أخذت المدن الإيرانية الاستفادة من هذه التجارة وأصبحت مركزا لتلك التجارة باستخدام شبكة واسعة من المدن والمستوطنات في بلاد ما وراء النهر (عرف الاسم عند الجغرافيين والمؤرخين العرب المسلمين والتي تعرف اليوم بأوزبكستان) والشرق الأقصى في ما يعرف اليوم بالصين وبالتحديد في منطقة شينجيانغ الويغورية ذاتية الحكم، وأصبح الوسطاء السغد أغنى من التجار الإيرانيين أنفسهم.

 وبسبب هذه التجارة أصبح هناك بما يعرف باسم طريق الحرير، وأصبحت سمرقند في نهاية المطاف مدينة ثرية للغاية، وصارت بلاد ما وراء النهر في وقت ما واحدة من المقاطعات الفارسية الأكثر نفوذا وقوة في العصور القديمة.

كانت ثروة ما بلاد النهر مطمع دائم لغزوات قادمة من السهوب الشمالية ومن الصين أيضا، وقد حدث العديد من الحروب البينية بين السغد والفرس والصينيين الذين كانوا في صراع دائم على منطقة ما وراء النهر، كما أن الاسكندر الأكبر سيطر على المنطقة في 328 قبل الميلاد، مما جعلها لفترة وجيزة تحت سيطرة الامبراطورية المقدونية.

في القرون نفسها كانت المنطقة أيضا مركزا هاما للحياة الفكرية والدينية. حتى القرون الأولى بعد مجيء السيد المسيح، وكان الدين السائد في المنطقة الزرادشتية لكن البوذية والمانوية والمسيحية جذبت أعدادا كبيرة من الأتباع.

2- العهود الإسلامية:

يعود تاريخ الإسلام في أوزبكستان إلى القرن الثامن الميلادي، حيث انتشر الإسلام في المنطقة من خلال التجارة والعلاقات السياسية مع الدول الإسلامية الأخرى، وقد أسهمت الأماكن المقدسة في أوزبكستان، مثل سمرقند وبخارى، في جعل البلاد مركزًا هامًا للعلم والتعليم الإسلامي.

جلب الفتح الإسلامي في آسيا الوسطى بقيادة العرب، والذي اكتمل في القرن الثامن الميلادي، دينا وثقافة جديدا إلى المنطقة لا تزال مهيمنة حتى الآن.

غزا العرب بلاد ما وراء النهر لأول مرة في منتصف القرن السابع الميلادي من خلال غارات متفرقة أثناء غزوهم لبلاد فارس.. المصادر المتاحة عن الفتح العربي تشير إلى أن السغد والشعوب الإيرانية الأخرى في آسيا الوسطى كانوا غير قادرين على الدفاع عن أراضيهم ضد العرب بسبب الانقسامات الداخلية وغياب القيادة القوية.

* في العهد الراشدي 11-41هـ

في عهد الخليفة الراشدي الثاني (عمر بن الخطاب 13-23هـ) كانت البداية الأولى لفتح بلاد ما وراء النهر، ففي عهده وصل (الأحنف بن قيس) لنهر جيحون، وفي عهد الخليفة الثالث (عثمان بن عفان 23- 35هـ) وصل الأحنف بقواته إلى خوارزم.

بدأ الفتح الإسلامي لتلك المنطقة والتي كان يُطلَق عليها "بلاد ما وراء النهر" بعد الانتصار على الإمبراطورية الفارسية في معركة "نهاوند"، ومطاردة الإمبراطور الفارسي المنهزم "يزدجرد" الذي هرب إلى "خراسان"، ووصل المسلمون إلى بلاد ما وراء النهر منذ أواخر عهد الخليفة الراشد "عمر بن الخطاب".

وتوالت هجمات المسلمين على تلك المنطقة في أيام الخليفة الراشد "عثمان بن عفان 23-35هـ " الذي وجَّه "عبدالله بن عامر" لتلك المنطقة مرة ثانية عام /31 هـ، ثم توجَّه "الأحنف بن قيس" إلى أعالي نهر "جيحون" في حملات لتوطيد سلطان المسلمين بالمنطقة ففتح "طخارستان".

* في العهد الأموي 41-132هـ

وفي عهد الدولة الأموية 54 هـ فتح (عبيدالله بن زياد بن أبيه) خراسان وتبعه (عثمان بن العاص)عام 56 هـ ففتح سمرقند، وأول مسجد بني في بخارى عام 94 هـ.

- في القرن التاسع الهجري بدأت تنشأ أولى المدراس حيث تدرس المواد الإسلامية كالتفسير والحديث والفقه حتى أصبحت بلاد ما وراء النهر حصنا من حصون الإسلام كمدينة مكة المكرمة والمدينة والكوفة، وانتشر المذهب الحنفي في هذه المناطق ابتداء من القرن الثامن الميلادي.

 وفي القرن التاسع أصبحت - طشقند - مركزاً كبيراً لتقدم الثقافة الإسلامية، ومن أبرز علماء المذهب الحنفي (برهان الدين مرغيناني) مؤلف كتاب (الهداية) و(محمد بن علي ابن كفال الشاشي) "أصول الفقه" الذي يعد أساسا للمذهب الشافعي.

كما ساهم علماء بلاد ما وراء النهر في تقدم الشريعة الإسلامية بتأليفهم أهم منابع الإسلام بعد القرآن الكريم - جمع أحاديث المصطفى عليه الصلاة والسلام كصحيح البخاري للإمام البخاري، وسنن الترمذي، كما أنشأ أحد علماء العالم الإسلامي من مدينة سمرقند (أبو منصور الماتوريدي) أحد أهم المدرستين في العقيدة الإسلامية السنية - مدرسة الماتوريدي.

في المقابل قاد المسلمون قائد شجاع هو (قتيبة بن مسلم الباهلي) إلى جانب الرغبة الكبيرة في نشر دينهم الجديد، بسبب هذه العوامل فتحت بلاد ما وراء النهر بسهولة وانتشر الدين الجديد تدريجيا في المنطقة.

الثقافة الأصلية لشعوب المنطقة بدأت تنحصر أمام الثقافة والدين الجديدين،وأصبحت أسيا الوسطى منطقة إسلامية، وزادت ترسخا بانتصار الجيوش العربية على الصينية عام 750م في معركة نهر طلاس.

- وفي عهد الأمويين اهتمَّ الخلفاء المسلمون بأمر إقليم خراسان، وأرسل "معاوية بن سفيان41-60هـ" واليَه "عبيد الله بن زياد بن أبيه " عام 54 هـ - 673 م الذي عبر نهر "جيحون" مرة أخرى، وفتح "بيكند"، وحاصر "بُخارى" وصالحه أهلها.

-  عزل معاوية "عبيد الله بن زياد" وولَّى أمر إقليم "خراسان" إلى "سعيد بن عثمان بن عفان" فأغار على "بُخارى" فانتصر عليهم، كما أغار على "سمرقند"، ويُقال: إن "قثم بن العباس بن عبد المطلب" ابن عَمِّ النبي (ص) قد استُشهِد في "سمرقند"، ودُفِنَ هناك، ولا يزال ضريحُه بالمدينة.

* استمرت الفتوحات في عهد ولاية "سعيد بن زياد بن أبيه"، آذ ألَّف جيشًا وتوجَّه نحو "بُخارى"، فصالحه أهلُها، ولكنهم نَقَضُوا العهد، وكان ذلك دَيْدَنَهم مع المسلمين، فأرسل إليهم "المُهلَّب بن أبي صُفْرة" فانتصر عليهم.

* أما الفاتح الحقيقي لبلاد ما وراء النهر ومن ضمنها بلاد "أوزبكستان" فهو القائد المسلم "قتيبة بن مسلم الباهلي" الذي وجَّهَه "الحجَّاج بن يوسف الثقفي" لفتح تلك البلاد عام 88 هـ، فسار إلى "بيكند" وكانت على غاية من التحصين، ففتحها بعد عناء، ثم فتح مدينة "بُخارى"، ثم مدن "خوارزم"، ثم فتح "سمرقند"، وبنى فيها مسجدًا، ثم عاد إلى "مَرْو"، وفي العام التالي غزا بلاد "الشاش" (طشقند) و"فرغانة"، ثم اتَّجَه إلى "كاشغر" في تركستان الشرقية، وفتحها، وذلك في خلافة (الوليد بن عبد الملك 86-96هـ).

كان "قتيبة" من الولاة النابهين، ولاحظ نقض أهل "بُخارى" للعهد أكثرَ من مرة، وعدم استقرار الإسلام في قلوبهم، وميلهم لحرب المسلمين المرة تِلْوَ المرة، لذا قام بعدد من الإجراءات الاستباقية لغرس الإسلام في قلوب أهل المنطقة، كان منها:

*  كان أهل "أوزبكستان" يُقبِلون على الإسلام في الظاهر، ويعبُدون الأصنام في السِّرِّ، فأمر "قتيبةُ" أهلَ "بُخارى" أن يعطوا نصف بيوتهم للعرب المسلمين، ليُقيموا معهم، ويطَّلِعُوا على أحوالهم، وبهذا انتشر الإسلام، وأُزيلَتْ آثار المجوسية.

* كان "قتيبة" يأمر المسلمين أن يخرجوا ومعهم أسلحتهم أثناء ذَهابهم لصلاة العيد، حيث كانوا لا يزالون يخشون بأس المجوسية، وأصبحت بعد ذلك سُنَّةً إلى اليوم، يُخرِج كُلُّ صاحب سلاح سلاحَه أثناء ذَهابه لصلاة العيد.

* عندما فتح المسلمون مدينة "بُخارى" أُقيم بجانب أمير "بُخارى" عامل عربي تابع لأمير "خراسان" الذي كان مقره مدينة "مَرْو" الواقعة حالياً في جمهورية تركمانستان.

*  نصح "قتيبةُ بن مسلم" أهلَ تلك البلاد أنَّ مَن دخل في الإسلام وحَسُن إسلامُه تُرفَع عنه الجزية، وبذلك دخل أهل "سمرقند" وكافة بلاد ما وراء النهر في الإسلام طواعيةً أيام "سليمان بن عبد الملك 96-99 هـ" على يد الداعية "صالح بن طريف" والذي كان يُكنَّى بأبي الصيداء.

*  وقد بنى "قتيبةُ" أوَّلَ مسجد في "بُخارى" عام (94هـ - 714م)، وقد جُدِّدَ هذا المسجد ومنارته عام (515 هـ - 1121 م) بأمر "أرسلان خان"، ويُعتبر هذا المسجد ومنارته من أهم آثار "بُخاری" الإسلامية.

* نتيجة لتلك الجهود أسلم ملك بُخارى "طغشاده بن الخاتون" على يد "قتيبة"، وبقي ملكًا عليها، وأنجب ولدًا سمَّاه "قتيبة" تيمُّنًا بالفاتح المسلم، ولكن هذا الابن ارتدَّ أيام "أبي مسلم الخراساني" الذي قتله.

 نتيجة لإحلال العناصر العربية بإقليم خراسان وبلاد ما وراء النهر، وخاصة قبائل "اليمانية"، استقرَّ الإسلام بالمنطقة، لكن في عهد الولاة في أواخر العصر الأموي ثارت العصبية فيما بين العرب "اليمانية" و"المضرية"، واستغل داعية بني العباس "أبو مسلم الخراساني" هذا الأمر، ونادى بالثورة على حكم بني أمية من "خراسان" ولم يلبث أن استطاع "أبو مسلم الخراساني" الانتصار على الجيش الأموي لتسقط الدولة الأموية، وتقوم دولة بني العباس.

تحت الحكم العربي احتفظت آسيا الوسطى بالكثير من طابعها الإيراني وبقيت مركزا مهما للثقافة والتجارة لعدة قرون بعد الفتح العربي، ومع ذلك كانت اللغة العربية حتى القرن العاشر الميلادي لغة الحكومة والتجارة والأدب.

واصلت بلاد ما وراء النهر كلاعب سياسي هام في الشؤون الإقليمية، كما أنها كانت تحت السلالات الفارسية المختلفة، في الواقع تم تأسيس الخلافة العباسية التي حكمت الوطن العربي لخمسة قرون ابتداء من عام 750م حتى عام/ 1258م، بفضل يعود جزء كبير منه إلى المساعدة من أنصار تلك الخلافة في آسيا الوسطى الذين ناضلوا ضد الخلافة الأموية الحاكمة آنذاك.

* في العصر العباسي 132-656هـ

في أوج الخلافة العباسية في القرنين الثامن والتاسع الميلادي، شهدت آسيا الوسطى وبلاد ما وراء النهر عصرا ذهبيا بحق، وأصبحت بخارى واحدة من المراكز الرائدة في مجال التعليم والثقافة والفن في العالم الإسلامي، كانت عظمتها تنافس مراكز ثقافية معاصرة مثل بغداد والقاهرة وقرطبة، وكان بعضا من أعظم المؤرخين والعلماء والجغرافيين في تاريخ الثقافة الإسلامية من تلك المنطقة (مثال البخاري).

بدأت الخلافة العباسية تضعف وبدأت المناطق الإسلامية الإيرانية تبرز كحكام لإيران وآسيا الوسطى، كما أن اللغة الفارسية بدأت تستعيد دورها البارز في المنطقة باعتبارها لغة الأدب والحكومة، وكان الإيرانيون حكام القسم الشرقي من إيران وبلاد ما وراء النهر، وتحت ظل السامانيين والبويهيين استمرت ثقافة غنية من ثقافة بلاد ما وراء النهر بالازدهار.

وأصل الأوزبك وهم قبائل ذات أصول تركية منسوبة إلى السلطان "محمد أوزبك خان" من أقوى السلاطين المنحدرين من ذرية "جنكيز خان" الذين أسلموا وحكموا منطقة نهر إيتل (الفولجا).

* كان هدف العباسيين في "أوزبكستان" محاربة الثورات المحلية التي كانت تنشب في حواضرها، وتأمين البلاد خارجيًّا، لذا جعلوا الولاية وراثية في أبناء الأشراف.

* قام العباسيون بالاعتماد على العنصر التركي من أهل "أوزبكستان" في الجيش وحرس الخليفة، حتى صارت لهم الكلمة العُلْيا في البلاط، وساهم ذلك في سقوط الدولة العباسية.

* مرَّت "أوزبكستان" بحركة علمية زاهرة طوال تاريخها الإسلامي، وانحسر هذا الدور مع سقوطها تحت الاحتلال الروسي ثم الهيمنة الشيوعية الحديدية.

في العصر التيموري:

* قصة تيمور لنك

وُلِد الأمير تيمور، في مدينة شهر سبز (المدينة الخضراء) جنوب سمرقند بأوزبكستان الحالية، وذلك في التاسع من إبريل (نيسان) عام/ 1336م، وكان أبوه أحد رؤساء قبيلة برلاس المغولية، أما أمه فيعود نسبها إلى جنكيز خان، وقد تعلم العربية في صباه، كما تعلم ركوب الخيل والصيد وفنون الحرب مع أقرانه من أبناء قبيلة برلاس حتى صار أفضلهم.

 وساعده أصله الممتد إلى جنكيز خان، وحياته في قبيلة برلاس، على اكتساب سمات القوة والزعامة والتطلع الدائم إلى مكان أفضل، كما كان لنشأته الدينية مع أبيه وبعض المشايخ في محيطه دور كبير في نزعة التدين التي اتسم بها.

عمل تيمور في شبابه بالرعي، وكانت أفضل هواياته الصيد ولعب الشطرنج. أما بداية ظهوره في عالم السياسة فكانت حين جعله طوغلوق تيمور وزيرًا لابنه إلياس خوجة، في حملته على بلاد ما وراء النهر بعد وفاة كازغان، آخر إيلخانات تركستان، لكن علاقة تيمور بإلياس سرعان ما ساءت، فهرب وانضم إلى الأمير حسين حفيد كازغان، وتزوج أخته وظل يترقى في بلاطه حتى صار أحد أركان دولته.

* تحالف الأمير تيمور

تَحالف تيمور لنك مع الأمير حسين وخاض صراعًا قويًّا ضد إلياس خوجة، لكنه هزمهما فهربا إلى قندهار ثم سيستان، حيث نجحا في بناء جيش قوي هاجما به إلياس خوجة، واستطاعا السيطرة على بلاد ما وراء النهر، إلا أنهما اختلفا وصارت بينهما حرب انتهت بانتصار تيمور ودخوله سمرقند وإعلان نفسه حاكمًا عليها في 14 إبريل (نيسان) عام/ 1370م، حيث عقد جلسة للقوريلتاي أعلن خلالها رغبته في استعادة أمجاد دولة المغول.

بعد تأسيس الدولة أخذ تيمور يتوسع شرقًا وغربًا، حيث فتح بلاد خوارزم عام/ 1372م، وسيطر على صحراء القبجاق وإقليم خراسان وأفغانستان عام/ 1385م، ثم أذربيجان وفارس وأصفهان، ثم دخل صراعًا مع طوقتاميش خان القبجاق وهزمه عام /1389م، ودمر بلاده وضم أرضها إلى إمبراطورتيه، قبل أن يتوجه إلى إيران ليقضي بها خمسة أعوام بدأت من عام/ 1392م لإخضاع ثورة أهلها، ثم توجه إلى العراق فخرب واسط والبصرة والكوفة وديار بكر، واتجه إلى أرمينيا وجورجيا، حيث فعل بهما ما فعل بإيران والعراق.

في الشرق غزا تيمور الهند وسحق جيوشها عام/ 1397م، واحتل عاصمتها دلهي وخربها، ثم عاود حملاته غربًا في حملة عُرفت باسم حملة السنوات السبع بدأت عام/ 1399م، افتتحها تيمور باكتساح إقليم قره باغ/ آرتساخ، ثم تبليسي عام /1399م، ثم سيواس عام /1400م، ثم عينتاب، ثم حلب وحماة والسلمية، ثم دمشق التي سلمت بعد مقاومة، فأشعل فيها النار ثلاثة أيام، حتى أصبحت أثرًا بعد عين، ثم دمر طرابلس وبعلبك، ودمر ماردين وحمص.

 ثم عاد إلى بغداد فحاصرها حتى دخلها فأحرقها وقتل كثيرًا من أهلها، ثم تحرك بجيوشه نحو آسيا الصغرى عام/ 1402م، حيث اصطدم بالجيش العثماني بقيادة السلطان بايزيد الأول يلدريم “الصاعقة” في معركة أنقرة، فانتصر انتصارًا ساحقًا، وأسر السلطان العثماني الذي مات أسيرًا في مارس (آذار) عام/ 1403م.

* هزيمة تيمور لنك

لم يهدأ تيمور ولم يقنع بما حقق، فبدأ يعد العدة لغزو الصين، وأعد لذلك جيشًا ضخمًا تحرك به عام/ 1404م، ورغم شدة البرودة ونصائح أطبائه بالتروي حتى يمر الشتاء أصر تيمور على إتمام حملته.

فحدث ما حذره منه الجميع، حيث عانى جيشه الويلات، وخاض هو صراعًا عنيفًا مع المرض انتهى بموته في 18 فبراير(شباط) 1405م، فنقل أتباعه جثمانه إلى سمرقند، حيث دُفن هناك في ضريحه المسمى “كور أمير”، ويعد اليوم بطلا قوميًّا لجمهورية أوزباكستان، وتملأ تماثيله أهم مدنها.

وهكذا مات تيمور لنك بعد أن بنى إمبراطورية ضخمة، امتدت من غرب الصين حتى آسيا الصغرى وشرق أوربا، ومن جنوب الهند وبلاد فارس حتى هضاب منغوليا.

كان حينها قد جاوز السبعين من عُمره، أما وصيته فكانت أن يستمر الجيش في طريقه لغزو إمبراطورية الصين، وأن يتولى حكم إمبراطورتيه حفيده (بير محمد بن جهان كير)، لكن ابن عمه خليل استولى على السلطة بدلاً من بير محمد، وقد حاول بير محمد استرداد سُلطانه لكنه هُزم من جيش خليل، إلى أن توفي عام / 1407م.

بعد ذلك بأربعين عاماً استعاد العثمانيون الأتراك دولتهم وقوتهم التي سلبها المغول، واستطاعوا فتح القسطنطينية عام/ 1453م على يد (محمد الفاتح 855-886هـ).

* في العصر الحديث 1923-2025م

أوزبكستان اليوم

خلال القرن التاسع عشر الميلادي هزم الروس الخانات، أو وقع بعضهم تحت تأثيرهم، ثم كسب الشيوعيون السلطة في روسيا عام/ 1917م، وأصبحت أوزبكستان جمهورية سوفيتية في 27 تشرين الأول 1924م.

 طبقت الحكومة السوفيتية سلطة صارمة على مظاهر الحياة كلها في أوزبكستان حتى أواخر الثمانينيات من القرن العشرين.

 وفي عام/ 1990م أعلنت الحكومة الأوزبكية هيمنة قوانينها على القوانين السوفيتية، ومع تفكك الاتحاد السوفيتي عام/ 1991م، أصبحت أوزبكستان دولة مستقلة في 20 حزيران سنة 1991.

وقد أدّت التغييرات المتسارعة إلى حدوث بعض مظاهر عدم الارتياح، فقد نتج عن التغييرات السياسية والاقتصادية زيادة في الأسعار والبطالة، كما أدت الصعوبات الاقتصادية إلى زيادة التدهور في العلاقة بين المجموعات العرقية.

 أجريت أول انتخابات رئاسية بعد الاستقلال في ديسمبر/ 1991م، فاز (إسلام كريموف) ممثل حزب الشعب الديمقراطي الأوزبكي ورئيس الحزب الشيوعي السابق وأصبح رئيسًا، وفي عام /1995م، أجري استفتاء سمح بموجبه لكريموف بتمديد فترة رئاسته حتى عام /2000م.

 في أوائل التسعينات مع نهاية السلطة السوفيتية، جاءت مجموعات كبيرة من الدعاة الإسلاميين، معظمهم من المملكة العربية السعودية وتركيا، إلى أوزبكستان لنشر الدعوة الإسلامية.

في عام/ 1992، في بلدة نامانجان، سيطرت مجموعة من الإسلاميين المتعلمين في الجامعات الإسلامية في المملكة العربية السعودية على مبنى حكومي وطالبت الرئيس كريموف بإعلان دولة إسلامية في أوزبكستان وإدخال الشريعة باعتبارها النظام القانوني الوحيد.

ومع ذلك، ساد النظام، وضرب في نهاية المطاف بشدة على الجماعات الإسلامية المتشددة، التي فر قادتها فيما بعد إلى أفغانستان وباكستان،وقتلوا في وقت لاحق في معارك ضد قوات التحالف.

في عامي/ 1992 و 1993، تم طرد حوالي 50 داعية من المملكة العربية السعودية، واضطر الدعاة الصوفيون أيضًا إلى إنهاء أنشطتهم في البلاد، لكن في الغالب، شهدت السنوات التي أعقبت استقلال أوزبكستان عودة ظهور شكل تقليدي للإسلام.

وبحسب مسح للرأي العام أُجري عام/ 1994، فإن الاهتمام بالإسلام ينمو بسرعة كبيرة، قلة قليلة من الناس في أوزبكستان كانوا مهتمين بشكل من أشكال الإسلام من شأنه أن يشارك بنشاط في القضايا السياسية.. وهكذا، يبدو أن السنوات الأولى من الحرية الدينية ما بعد السوفييتية عززت شكلاً من الإسلام يتعلق بالسكان الأوزبكيين بشكل تقليدي وثقافي أكثر من المصطلحات السياسية.

وتلقي الحكومة اللوم على اضطرابات مايو/ 2005م في أوزبكستان بهدف الإطاحة بحكومة أوزبكستان لجعلها جمهورية ثيوقراطية في آسيا الوسطى، وقد ألقى الرئيس الأوزبكي إسلام كريموف باللوم على الجماعات الإسلامية المتطرفة، وهي التسمية التي استخدمها لوصف المعارضين السياسيين في السنوات الأخيرة والتي يقول منتقدوه إنها تستخدم ذريعة للحفاظ على الدولة القمعية. نفى حزب التحرير تورطه في الاضطرابات، لكنه أعرب عن تعاطفه وتضامنه مع ضحايا الاضطرابات، وألقى باللوم بحزم على الممارسات القمعية وفساد الحكومة.

تعتبر الحكومة الأوزبكية منذ استقلال البلاد من أكثر الحكومات الإسلامية تبنياً لسياسة العلمانية، حيث تحرص على الحفاظ على فصل الدين عن الدولة وضمان حرية الدين والعقيدة لجميع المواطنين. وعلى الرغم من ذلك، يوجد توتر بين الحكومة والمجتمع الإسلامي في البلاد نتيجة لقيود الحكومة على ممارسة الدين الإسلامي.

***

شاكر عبد موسى/ العراق

كاتب وأعلامــــــــــــــي

........................

المراجع:

*  د. حسين مؤنس، أطلس تاريخ الإسلام، الناشر: الزهراء للإعلام العربي، القاهرة، الطبعة الأولى، 1987م.

* محمد علي البار، المسلمون في الاتحاد السوفياتي عبر التاريخ، دار الشروق، 1983، الجزء الأول.

* Centre for Arab & Islamic.

* UNESCO/ لمحة عن طريق الحرير... أوزبكستان

/https://ar.unesco.org/silkroad/countries-alongside-silk-road-routes/awzbkstan.

ولأنني أشعر بالحرج من تناول الموضوعات النسائية مخافة الوقوع في النزعة الذكورية الرجعية وإنْ بشكل غير مقصود - فنحن نعيش في مجتمعات ذات ثقافة ذكورية منحازة ضد المرأة ونتاج تراكم حضاري ذكوري من حيث الجوهر- فقد وجدت في ما كتبته صحافية وروائية عراقية مثقفة هي السيدة إنعام كجه جي بديلا وحجة لما فكرت بكتابته حول موضوع أو ظاهرة "التجميل النسائي" وهو موضوع شديد الحساسية. لقد دهشتُ وأنا أسير في شوارع بغداد ومدن عراقية أخرى وأنا أشاهد وجوه النساء وخاصة الشابات وقد اتخذت قالبا واحدا لا يمكن وصفه بالجميل ولا حتى بالمريح؛ أنوف مقصوصة بحدة وبشكل مبالغ فيه، عدسات عيون لاصقة بمختلف الألوان، حواجب ثقيلة وأخرى رفيعة مقوسة ونافرة لونا وشكلا تضفي على وجه المرأة قسوة وغِلظة وكأنها جلاد في الأمن العامة، شفاه عليا وأحيانا سفلى منفوخة وكأنها على وشك الانفجار، وجنات ملساء ومشدودة تمنع المرأة من إبداء أي تعبير إنساني سلبي أو إيجابي، شَعر أقرب إلى خصلات منسقة هندسيا وكأنها من خيوط معدن مصبوغ.

أعتقد إننا نحن الرجال حين نتكلم في هذا الموضوع فنحن نتطفل على ما لا علاقة لنا به، ولكني أجد لنفسي ولغيري من أنصار المرأة والمدافعين عنها وعن مبادئ المساواة مندوحة وذريعة في طرقه من باب التعبير عن الرأي المسالم، خصوصا وهو رأي يدافع عن جمال المرأة الطبيعي ويرفض تنميطها وتقبيحها حتى صار العثور على وجه امرأة طبيعي لم تنل منه مشارط جراحي التجميل أمنية غالية تحت وطأة الموضات والعادات التجارية الوافدة من المجتمعات الرأسمالية. ورغم أن هذه الموضة في المتاجرة بالجمال والتدخل في سيماء الناس رجالا ونساء بدأت تخف تدريجيا في المجتمعات الغربية التي انطلقت منها منذ سنوات قليلة بل وانقلبت إلى نقيضها أحيانا وصارت الفتاة التي تلجأ إلى التجميل الطبي غير الضروري موضوع تندر وسخرية، ولكن هذه الموضة ماتزال فعالة وسائدة في بعض الميادين ذات المساس بالمتاجرة بجمال المرأة الحسي كالسينما وغيرها لأسباب تخص نوع النشاط في هذه الميادين وهو ما تناولته السيدة كجه جي بتعليقها.. أترككم الآن مع ما كتبته السيدة عن نساء البوتكس من نجمات مهرجان كان السينمائي الفرنسي: "تنوعت الفساتين لكن الملامح بدت كأنها خرجت من بين أنامل صائغ واحد. الوجنات مرتفعة، وملساء. الجباه مشدودة وثابتة من دون تقطيب. والشفاه منفوخة حد السّخرية. وجوه تشبه الأقنعة الشمعية للتماثيل في متاحف الشمع، والدمى الخزفية القديمة. فهمنا أن تفعلها اللواتي فاتهن قطار الشباب، فلماذا تتعلق الشابات أيضاً بأذيال قطار ما زال متوقفاً في محطتهن؟ تخرج من مهرجان «كان» بخلاصة تؤكد لك أن التقدم في السّن، وما يتركه من علامات على الوجه صار مرفوضاً، وممنوعاً، بل ومحرماً في مجتمعات الاستعراض والفنون البصرية. لقد فرض انتشار جراحات التجميل مبدأ يقول إن على كل امرأة أن تبدو جميلة حتى ولو لم تكن كذلك. كانت هناك ممثلات شابات معدودات تجاسرن على الظهور بوجوههن الطبيعية النضرة، من دون رتوش تذكر. أما من تجاوزن الثلاثين فقد جلسن بين يدي الجراح مرة، ومرتين، وثلاثاً، رغم أن بينهن من تنكر ذلك".

***

علاء اللامي

.......................

* الصورة التي نشرت مع المقالة للممثلة الأميركية ديمي مور والمغنية الأميركية شير كما ظهرتا في مهرجان كان السينمائي الفرنسي الأخير وتجدها في الرابط أدناه.

https://kulalusra.ae/talks/spotlight/2024/05/28/3266415

إن تاريخ الفكر الإنساني رحلة معقدة ومتعددة الأوجه تمتد لآلاف السنين. منذ أقدم الحضارات وحتى يومنا هذا، تصارع البشر مع أسئلة حول طبيعة الوجود، ومعنى الحياة، والغرض من الكون. وقد أدى هذا السعي للمعرفة والفهم إلى تطوير مدارس فكرية وفلسفات وأنظمة عقائدية مختلفة شكلت الثقافة الإنسانية والمجتمع.

يمكن إرجاع أحد أقدم أشكال الفكر الإنساني إلى الحضارات القديمة مثل بلاد ما بين النهرين ومصر واليونان. طورت هذه المجتمعات أنظمة معتقدات معقدة سعت إلى تفسير العالم الطبيعي وأسرار الحياة. يشتهر اليونانيون، على وجه الخصوص، بمساهماتهم في الفلسفة والعلوم، حيث وضعت شخصيات مثل سقراط وأفلاطون وأرسطو الأساس للفكر الغربي.

خلال العصور الوسطى، كانت المعتقدات والعقيدة الدينية تهيمن على الفكر الإنساني. كانت الكنيسة الكاثوليكية تتمتع بسلطة هائلة على المساعي الفكرية، وكثيرا ما تم قمع أي أفكار تتعارض مع تعاليمها. ومع ذلك، شهدت هذه الفترة أيضا ظهور علماء مسلمين قدموا مساهمات مهمة في مجالات مثل الرياضيات وعلم الفلك والطب.

كان عصر النهضة بمثابة نقطة تحول في الفكر الإنساني، حيث أعاد العلماء والفنانون اكتشاف أعمال اليونان القديمة وروما. أرست هذه الفترة من الازدهار الفكري والثقافي الأساس للثورة العلمية في القرن السابع عشر، والتي شهدت تطور طرق جديدة للتفكير حول العالم الطبيعي والكون.

كان عصر التنوير في القرن الثامن عشر فترة مهمة أخرى في تاريخ الفكر الإنساني. تميزت هذه الحقبة بالتركيز المتجدد على العقل والعلم والحرية الفردية. تحدى مفكرون مثل فولتير، روسو، ولوك المعتقدات التقليدية وسعوا إلى خلق مجتمع أكثر عقلانية واستنارة.

شهد القرن التاسع عشر ظهور مدارس فكرية جديدة، مثل الماركسية والداروينية وعلم النفس الفرويدي. أحدثت هذه الأفكار ثورة في فهمنا للمجتمع، والتطور، والعقل البشري، وتستمر في التأثير على الخطاب الفكري حتى يومنا هذا.

كان القرن العشرين فترة اضطرابات وتغييرات كبيرة، حيث أدت حربين عالميتين وصعود الأنظمة الشمولية إلى إعادة تشكيل المشهد السياسي العالمي. وشهدت هذه الفترة أيضًا تطور مجالات فكرية جديدة، مثل الوجودية وما بعد الحداثة والنسوية، والتي تحدت الافتراضات التقليدية حول طبيعة الواقع والذات.

في القرن الحادي والعشرين، يستمر الفكر الإنساني في التطور والتكيف مع تحديات عالم متزايد العولمة والترابط. لقد أدى التقدم التكنولوجي إلى ظهور طرق جديدة للوصول إلى المعلومات وتوصيل الأفكار، في حين أدى ظهور وسائل التواصل الاجتماعي إلى تغيير الطريقة التي نتفاعل بها مع بعضنا البعض وننخرط في الخطاب الفكري.

على الرغم من هذه التغييرات، فإن الأسئلة الأساسية التي دفعت الفكر البشري لآلاف السنين ــ حول طبيعة الوجود، ومعنى الحياة، والغرض من الكون ــ تظل ذات أهمية كما كانت دائما. إن تاريخ الفكر البشري هو شهادة على قدرة العقل البشري على التعامل مع هذه الأسئلة، والبحث باستمرار عن إجابات ورؤى جديدة يمكن أن تساعدنا على فهم العالم من حولنا. في عالم يتغير ويتطور باستمرار، يذكرنا تاريخ الفكر الإنساني بأهمية الفضول والتفكير النقدي والانفتاح في سعينا للمعرفة والفهم.

***

محمد عبد الكريم يوسف

الماوردي هو أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري الماوردي (974 – 1058) ميلادية، عالم إجتماع وسياسة وفقه، ومن القضاة البارزين، ولديه العديد من المصنفات،  أكد في كتابه (نصيحة الملوك)، على أخطار الوراثة وغياب المعارضة.

هذا الكتاب لم يقرأه خليفة أو سلطان أو حاكم عربي على مرَ العصور والأزمان.

وميكافيلي (1469 - 1527) ميلادية، مفكر وفيلسوف إيطالي في عصر النهضة،، صاحب كتاب (الأمير)، وفيه نصائح للملوك والحكام، والذي ربما قرأه جميع حكام العرب في القرن العشرين وساروا على هديه، وما عرفوا  الكواكبي. (1855 - 1903)، وهو رائد نهضوي ومفكر، ولا كتابه (طبائع الإستبداد).

ما يُراد الإشارة إليه أن الأمة لم تكن في غفلة وجهل، بل كان فيها العديد من المفكرين والمصلحبن والثائرين، ومنذ أول عهدها ببناء الدولة. وهذا الماوردي يقدم نصائحه قبل ألف عام، والكواكبي قبل أكثر من قرن، ولا مَن يصغي، لأن النفس الأمارة بالسوء هي التي تجلس على الكراسي المتسلطة على الناس، وتتخذ الدين وسيلة للحكم والنيل من المعارضين، وأصحاب الرأي.

ولا تزال الأمة تتخبط في موضوعات تُدفع إليها لتأمين مصالح الطامعين بها، فكتاب الأمير هو الدستور الذي تعمل بموجبه الكراسي ضد شعوبها، ولا عندها غيره.

فالقول بغير ذلك لا يجد أدلة وبراهين تسانده.

لو تأملتم أنظمة حكم دول الأمة في القرن العشرين،  فلن تجدوا ما يؤكد أنها إعتمدت على أنوار تراثية، ومعارف لمفكرين عرب قدامى ومعاصرين.

فالمطلوب هو العمل بموجب كتاب الأمير، ولا تحدثونا عن الفقه والشرع والأخلاق والأعراف، وما يتصل بها من إدعاءت لا رصيد لها في الواقع المُدان.

هل يوجد دليل على أن بعض أنظمة الحكم إطلعت على كتابي الماوردي والكواكبي؟

لو حصل ذلك لتبين أثره في المجتمع، وما يدور في أروقة الصحافة والإعلام، وبالمنجزات التي تعبر عن الأفكار المهضومة.

فالأمم لا تنهض إذا أهملت مفكريها، وتوهمت بأن الكراسي المتأسدة على شعوبها صالحة للحياة الحرة الكريمة.

***

د. صادق السامرائي

 

من سنن الله تعالى تعاقب الأجيال بجميع مخلوقاته جيلا بعد جيل حتى لا تخلو الأرض من خليفة بنفس الجينات التي تحمل ذات الصفات لكن الظروف الذاتية والموضوعية لها دور كبير سلبا كان ام ايجابا في تغيير الطباع والسلوكيات من جيل الى آخر بحكم التقادم الزمني وتطور التكنولوجيا والعولمة علما ان الأجيال تتغير كل أربعين سنة فقد إتسعت الهوة بين الأجيال بسبب التباين الكبير في واقع الحياة واختلاف المشاكل وفارق السن والخبرة بالإضافة الى التهميش وسلوكيات

التسلط التي يمارسها الجيل الكبير وما ينتج عنها صراعات وتمرد بعض الشباب فالتطور السريع والمستحدثات التقنية وضعت فجوة كبيرة بين الأجيال فلكل جيل متطلباته ورغباته وحاجاته.

لكن الجيل الذي كان يتوارى عن الأنظار عند رؤية المعلم هيبة ووقارا له والمشي الى المدرسة طيلة ايام السنة الدراسية وتحمل العقوبات المدرسية الصارمة ولم ينهار من عصا المعلم ويكتفي بملابس بسيطة ولم يتأزم عاطفيا من ظروف العائلة الصعبة ولم يشكو من كثرة الواجبات المدرسية والاعتماد على النفس دون مساعدة من احد في العائله ولم يثقل كاهل العائلة بطلباته وينجح بتفوق باهر ويساعد الاب في العطلة الصيفية جيل لن يتكرر وبلا قطع غيار وسيبقى يحافظ على سلوكياته رغم كل التحديات والإغراءات التي تواجهه في حياته اليومية والمجتمع يسير بخطى سريعة لتقليد كل ماهو جديد وغريب حتى وان كانت منافية للعادات والتقاليد الإجتماعية بحجة مواكبة ركب الحضارة المزيفة والتطور التكنولوجي الذي غزا العالم الثالث في السنوات الأخيرة .

وختاما يقول الإمام الشافعي:

نعيب الزمان والعيب فينا

وما للزمان عيب سوانا.

***

حسن شنكالي /العراق

يعاني عالمنا العربي والاسلامي من تمزق أسري أكاد أجزم انه قد نزع البركة والمحبة من القلوب والتراحم بين أبناء الجسد الواحد، بسبب الميراث، فسجلات القضايا امام ساحة القضاء تجزم بأن ما يقارب من سبعين بالمئة من القضايا المنظورة سببها النزاع على الميراث.

ونسوا ان الإرث الحقيقي الذي يتركه الأبوين هو حسن التربية والتعليم والمساواة بين أبنائهم وبناتهم فالإرث الحقيقي ارث اخلاقي متمثل بحسن الخلق والسلوك والسمعة الحسنة.

وكما يقال في الاثر الشعبي : الدم تحول الى مياه، ومعادن الاخوان تظهر في الميراث، فهذه حقيقة اثبتتها الوقائع اليومية في معظم بلادنا التي ترتب عليها قطيعة الأرحام لسنوات طوال والتآمر والسرقة والنهب والتزوير وصولا لقتل النفس التي حرم الله الا بالحق.

فالرحم الواحد الذي خرج منه ذكورا واناثا تربوا معها وطعموا طعاما واحدا  وتلوا القرآن في شهر رمضان، وتلقوا قسطا من التعاليم الدينية بالمدارس والجامعات كان ذلك كفيلا بمعرفة الحقوق الأسرية والحقوق الشرعية بالميراث، مع ذلك فان الاخوة المتحابون الذي يظهرون امام المجتمع كلحمة واحدة سرعان ما يتحولون الي اعداء عقب والدهم او والدتهم بسبب تقسيم الميراث.

فجأة تناسوا رابطة الدم والاخوة ووقفوا امام القاضي خصوما تحكم قلوبهم العداوة والبغضاء، فلا يتزاورون ولا يكلم بعضهم بعضا، بل يكيد بعضهم المكائد  للآخر من أجل مال زائل وضلال عن شريعة العدل التي شرعها الله لعباده. والنتيجة خسارة الاسرة لأبنائها.

ساحات القضاء في عالمنا الاسلامي تشهد على جرائم  سلب حقوق الميراث  للأخوات الشقيقات، وزوجة الأب واليتامى، وسلب الأخ الاكبر لحقوق باقي اخواته ذكورا واناثا، وتضيع حقوق الورثة بأساليب مختلفة منها موروثات اجتماعية  جاهلية تنتصر للقوي على الضعيف وللذكر على الأنثى، ويلجأ سالبوا الحقوق الى السب والشتم والضرب وحتى القتل لنهب ما ليس من حقهم من الميراث.

وزوجة الأب قد تكون أكثر الفئات  ضحايا الميراث، فقد يرفض الأولاد الذكور للمتوفي مقاسمة الارث مع امرأة يرونها غريبة عنهم، خاصة اذا انجبت أولادا، وبمجرد وفاة والدهم يكيدون لزوجة الاب المكائد الشيطانية ليخرجونها صفر اليدين عن التركة .

وقد يستحوذ الابن الاكبر على الميراث  كما في بعض مناطق البادية والأرياف بدعوى انه شريك الأب في جمع ثروته، ونتيجة تربية أمه له تربية أنانية وافراطها في منحه المزايا الأسرية على حساب باقي أشقائه.

ورغم ان قوانين الميراث في دولنا العربية تستمد موادها من الشريعة الاسلامية، وتحدد أنصبة كل فئة من الميراث وهو تحديد الهي قد فصلت جميعا في سورة النساء، كما في قوله تعالى :“وللرجال نصيب مما ترك الوالدان وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا” النساء، وهدف الخالق العظيم من هذا التحديد اقامة العدل وتحقيق السلام النفسي والاجتماعي بين أفراد الأسرة، ولكن الثقافات المورثة قبل الاسلام والأنانية والاطماع البشرية ترفض الانصياع لأمر الله واحكامه وحدوده في شريعته الغراء، فالشريعة عندما جعلت للأنثى حصة في الميراث مقابل حصتين للذكر لأنه يتحمل مسئولية الانفاق عليها، لكن الثقافة الجاهلية الموروثة حرمت المرأة من حقها في الميراث وتعتبره حقا للذكر دون الأنثى كما ان لو حسبناها جيدا سنجد ان في القوانين الشرعية الاسلامية للتركة البنات حصتها اكبر

. فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك..."

والقوانين المعمول في بلادنا العربية تقر بحقوق الأنثى كاملة وفقا للشرع، وتحصل عليها اذا طالبت بها بساحات القضاء، ولكنها قد تحرم من هذه الحقوق لأسباب عديدة منها التزوير والتلاعب أو اجبارها على التنازل حتى لا تخسر أسرتها او بالتخجيل او الابتزاز و التهديد.

الغريب في الأمر، وبحسب استقصاء الدارسين المتخصصين لجلسات المحاكم، فان معظم الأشقاء المسئولين عن ميراث شقيقاتهم مثقفين ويشغلون مناصب رفيعة في مجتمعاتهم، وبعضهم يمتع بالثراء، ولكنهم عند تقاسم الميراث سرعان ما يتحولون الى وحوش ضارية يخططون وينصبون شراك المكائد لشقيقاتهم لمنعهم من الحصول على حقوقهم الشرعية بالميراث بزعم ان أموال والدهم لا يجب ان يتمتع بها زوج الأخت.

ومه ذلك قد يسمحون ببعض التركة للإناث من الذهب والأموال كما في بعض الحالات في الجزائر، في مقابل حرمانها من الاراضي والعقارات، بدعوى ان الرجال هم من تولوا رعاية الاراضي الزراعية والعقارات مع والدهم ولا يجب ان يشاركهم الاصهار وهم أزواج الشقيقات فيها، حتى ولو تسبب ذلك في لجوئهم لتزوير الأوراق الرسمية والقتل، والاستعانة بالمشايخ لإقناع المرأة بالتنازل عن حقها في الميراث حفاظا على تماسك الأسرة وصلة الأرحام.

أشكال التحايل على القانون والشرع الخاص بالميراث لا حصر لها، ومنها ما يقع في بعض مناطق الأرياف والمناطق النائية بالجزائر ما يعرف بعقد  الحبوس ” الذي يمنح للذكور حق الانتفاع  بالأرض ويحرم الاناث.

حيث يحرر الأب هذا العقد في حياته ويوصي بما لديه من أراض لأبنائه الذكور في شكل “حبس” أي يحق له الانتفاع من خيرات هذه الأرض، ولا يبيعها وبهذا تحافظ العائلة على أرضها والتي تبقى ملكا للأبناء، ولا تذهب لغيرهم بحكم أنها لا تباع، ولا تذكر الاناث في  عقد الحبوس، فهو موكول للأبناء الذكور دون البنات وإذا انقرض نسلهم من الذكور تذهب الأرض لملكية الأوقاف.

والذكورية الغالبة التي يكرسها بعض الاباء في صعيد مصر وغيرها من دولنا العربية قد يدفع ثمنها الأب نفسه غاليا ولا يعرف انه اضاع حقوق الله في عباده الا بعد فوات الاوان وحيث لا يبقى الا الندم.

في احدى القصص المتكررة، ومنها ما وقع بإحدى  قرى الصعيد  بوهب احد أعيان القرية ثروته لأبنائه الذكور وحرم بناته منها  ،  ليتحول البيت إلى جحيم لا يطاق بين ابناؤه الذكور  فترك الاب المنزل، والحت عليه  بناته  للإقامة معهن، لكنه رفض بشدة لشعوره بالذنب والحرج بعد حرمانهن من الميراث، ليستقر به المقام في دار المسنين.

وأحيانا يقوم الأب والأبناء الذكور بترضية الاناث بجزء من الميراث مقابل مبالغ مالية فيما يسمى بـ "رضوة" حتى لا يكون لأزواج البنات مكان في أراضي وعقارات الأب.و قد يجبر الأب  بناته على التنازل أو البيع لحقوقهن على الورق كشرط لتزويجهم بمن يرغبن، حتى يقبل زوجها من البداية بأن زوجته خالية من الميراث، وقد يبرر الأب فعلته هذه  بأن ذلك اختبار حقيقي لمن يرغب فى الزواج من بناته لذاتهن وليس طمعا في ميراثهن.

فتارة ضعف الإيمان يجعل اما الاخ الاكبر فقد يعتدي على أنصبة وحقوق أخواته البنات لجهله  بالشرع ونتيجة الموروث الجاهلي  وقولهم إنا وجدنا آباءنا وأجدادنا لا يورثون النساء، ولا شك ان سلب حقوق الميراث وعدم توزيعها وفق الانصبة الشرعية  ينتج عنها تفتت المجتمع وقطع لصلة الأرحام واشتعال الفتن بين الاسرة الواحدة التي قد تصل إلى القتل والثأر.

ومن يتوقع ان بلدا حضاريا مثل لبنان لا يعاني من هذا الأمر مخطيء فما عانت منه الجدات سابقا يعاد ويتكرر من الخلافات بين الورثه على توزيع التركة ليس فقط حرمان المرأة من حقوقها فقط بل وأخذها بالكلمة الحلوة والتخجيل كي تتنازل لأخوتها الذكور

أما في العراق فيحدث هذا اضافة على تشابك الارث بين الاولاد والأحفاد وأولاد الاحفاد المشتركين في ارث واحد لتبقى قيد المحاكم سنوات طويلة دون حلول وذلك بسبب عدم اتفاق الأطراف كلها على التقسيم او البيع او كيفية التصرف بالأموال ناهيك عن المهاجرين الغير عابئين والذين بغيابهم لا يستطيع باقي الورثة التصرف بالتركة مثل البيع او استثمار الأموال بالعمل.

وفي الأردن عادة يتم اعطاء بيت الاهل للولد وفي حالة طلاق البنت المتزوجة تواجه مشاكل في السكن خاصة اذا كان معها اطفال وفي حالة عدم توفير الزوج سكن للام الحاضنة فتضطر الاخت للعيش مع زوجة اخيها و تتلقى حظها اما ان تكون طيبة او شريرة

فالأجدر تأمين بيت او مصدر مال للبنت قبل الولد وذلك حفاظا على كرامتها و صونا لها من كل مكروه.

اما في سوريا فيختلف الأمر بين المدينة والريف فالمرأة في المدينة غالبا تأخذ حقها ولكن في الأرياف و

الأراضي الزراعية يدفعون النساء إلى التنازل عنها سواء ترغيبا او ترهيبا. حيث انهم يتشابهون مع باقي دول المنطقه العربية خاصة العراق ومصر بأن الأرض الزراعية يجب ان  تمتدّ من جيلٍ إلى جيل بنفس العائلة ولا تخرج عنهم أبدا ومن هنا ظهرت فكرت تزويج البنات من اولاد عمها.

فمشاكل الارث ليست محصورة فقط في مشاكل ارث الإناث وإنما بمشاكل لا حصر لها بين الاخوة الذكور فيما بينهم بعيدا عن البنات وكل هذا لانه من البداية البيت لم يكن قائم على الحب والتعاضد والتكافل بين الاخوة في البيت الواحد منذ الصغر ولم يتعلموا ان الانسان قيمة لا تعوض وان الدم اغلى من الذهب وان الانسان هو من يصنع المال ولو ذهب المال نستطيع تعويضه انما الاخوة لا بديل لهم فالإنسان عندما يصرخ من الألم يقول آخ

وطالما كانت الاخت هي الام الثانية لأخيها ولكن غابت المحبة والرحمة فغاب معها ميزان الأمور فاصبحت الناس توزن الأمور بقناطير الذهب و سبائك الفضة.

حتى هذا العالم الاستهلاكي المروج للسلع طوال الوقت جعل الناس اكثر مادية وانتزعت العواطف من داخلهم رويدا رويدا في هذا العالم الرأسمالي الذي يقيم الاشخاص بأرصدتهم البنكية.

سوء التربية

المتهم الاول في هدم الاسرة وتحطيم روابطها وضياع حقوق الميراث هم سوء التربية والاخطاء التي يقع فيها الاباء في تربية ابناءهم، و أهمها التفرقة بين الأبناء بتفضيل أحدهم على الآخر أو تمييز الولد على البنت، وهنا تتشكل بذرة الكره الأولى التي يبذرها الوالدان أو أحدهما في نفوس أبنائهما،  وهو ما حذر النبي صلى الله عليه وسلم - من التفرقة في المعاملة بين الابناء.

فبعض العوائل في بعض بلدان الخليج العربي على سبيل المثال وكما رصد  خبراء مستشارين تربويين واجتماعيين، ينتشر تفضيل الولد عن البنت  أو تفضيل الابن البكر، حتى لو مات الوالدان،يصبح الابن هو صاحب التصرف وصاحب السلطة، وهذه السلطة الموحشة للابن البكر قد اكتسبها من تدليل الابوين له منذ الصغر وعندما يكبر تعطي له الوكالة الشرعية عن الوالدين،  وهو مايساعده في التصرف بالميراث، ويعطيه الحق في حرمان إخوانه وأخواته من الحق الشرعي لهم، ولذلك تندلع الصراعات بين الاخوة التي تفضي بهم الي ساحات القضاء فور موت الوالدين بسبب  الميراث.

لاشك ان غياب تطبيق الشريعة الاسلامية في الميراث والقوانين الملزمة بتنفيذها عبر التحايل واطماع النفس البشرية والاحتكام إلى الموروثات الجاهلية المتعصبة للذكر دون حق الأنثى أو الضعفاء اليتامى، قد أضر كثيرا بصورة  العدالة في الشريعة الاسلامية، وأضر كثيرا بالسلام الاجتماعي والتماسك الأسري.

العدالة

وبينما نحن نعيش في عصر السموات المفتوحة ووسائط الميديا المختلفة، فلابد من استثمار هذه النوافذ ومنها مواقع التواصل الاجتماعي  في تغذية الوازع الديني بالحقوق والواجبات وفي مقدمتها حقوق الميراث، ونشر الوعي داخل الاسرة بنظم التربية الصحيحة والصحية التي لا تفرق  بين الأنثى والذكر في الحقوق والواجبات، وتدريس مادة المواريث في المدارس والجامعات حتى يتشكل وعي الأجيال بعلم الشرع الالهي في توزيع المواريث.

وتنظيم حملات توعوية مكثفة بالمساجد لمنع الآباء من منح الابن  البكري تركة ابويه على حساب  حقوق اخواته دون وجه حق ، وشرح أهمية الاحتكام لشريعة الله وأحكامه في التوريث.

وتوظيف خطباء المساجد قدراتهم على الاقناع في توعية   الاب والام مهم في دعم الأخوات وترسيخ الحب والتسامح بينهم والتقريب بينهم وعدم التفرقة في المعاملة لخلق مناخ الود والإخاء بين الاشقاء، وبيان اثر التمييز بين الاخوة في المعاملة في خلق الكراهية والأنانية وحب الذات.

***

سارة طالب السهيل

تتداول مدونات التأريخ الغيرة المعتصمية التي إنطلقت من مدينة (سر مَن رأى) آنذاك، وخلاصتها أن إمرأة إستنجدت بالمعتصم بقولها "وامعتصماه"، فما أن ورده الخبر وكان يشرب من قدح فتوقف وقال: " سأتم شرابه بعد الأخذ بثأر المرأة"!!

وسار بجيش جرار وفتح عمورية (223)هجرية، التي خلد وقعتها الشاعر أبو تمام بقصيدته التي مطلعها " السيف أصدق أنباءً من الكتب..." والقصيدة معروفة.

وما أغفله المؤرخون أنه أثناء عودته تآمر عليه إبن المأمون "محمد"، ودبر مكيدة لقتله وتولي الخلافة  مكانه، لأنه يرى بأنه الأحق بها منه، وتعاون معه بعض القادة، لكن أمرهم إنكشف، وإستطاع المعتصم أن يقضي عليهم جميعا ويمحق ذرية أخيه المأمون.

 وصارت الخلافة  العباسية إلى نهايتها من ذريته.

ومات المعتصم (179 – 227) هجرية في سامراء ودفن فيها، وخلافته (218 – 227)..

وعندما سقطت الخلافة العباسية (1258) على يد هولاكو، إستطاع السلطان المملوكي قطز (657 - 658) أن يهزم جيوش هولاكو في معركة عين جالوت (25 رمضان 658)، (3\9\1260)، وفي أثناء عودته تآمر عليه قادته وقتلوه وصار نسيا منسيا.

وهاتان الحادثتان تستحقان الدراسة والتحليل  والبحث العميق، لفهم آليات التفاعل مع النصر.

فهل أن الأمة فيها نزعات إجهاضية لإنتصاراتها، ولابد لها أن تختمها بمأساة؟

لا يمكن الجزم بذلك، لكن الأحداث تكررت ولا تزال تمارسها!!

***

د. صادق السامرائي

 

لقد أحاط الخليفة عبد الله بالإمام المهدي ولم يفارقه، ولعل الأمر الذي لا يقبل شكا ولا جدالا أن الخليفة عبد الله قد استقرت محبته في قلب الإمام لأنه ذاد عن مهديته ببيد وناضل عنها بسهم، ولقد أخذت بروق الخليفة ورعوده تؤرق مضجع كل شيخ أو عارف أو قطب من أقطاب التصوف يشكك في مهدية محمد أحمد أو يستخف بها، اسراع الخليفة في فعل كل ما يرضي الإمام والحاحه في تذليل كل عقبة تقف في انتشار دعوته هو الشيء الذي كفل له كل هذه المكانة التي حازها من الإمام محمد أحمد رحمه الله، كان الإمام المهدي يعلم أن عبدالله التعايشي حربا ضروسا على أعدائه، وأنه شجاع موفور الشجاعة، وصلب لا تنقصه الصلابة، لأجل ذلك أوكل إليه الأمر برمته أثناء مرضه وبعد موته، كما كان الإمام لا يمضي المعاهدات ويختار القواد وأمراء الجند دون أن يستشير خاصته، لم يسبق أن أتت قرارته ممهورة بالحيدة والاستقلال غير أبها بأن يرضى عنها من رضى ويسخط عليها من سخط، كلا لقد كان الإمام ديمقراطيا وديمقراطيته تلك هي التي ساعدت على استقرار نظامه، وهو في هذا على النقيض من خليفته الذي اطمئن لثقته واعتداده بنفسه فكان لا يستشير إلا لماما وكان يقهر قواده وجنده ويأخذ منهم بالكره ما لم يستطع أن يأخذه منهم بالرضى.

***

د. الطيب النقر

 

صرخة "إقرأ" ثورة إنسانية معرفية علمية مطلقة، تحث على إعمال العقل في كل شيئ، ووفقا لمنطلقاتها، تكررت نداءات، يعقلون، يتفكرون، يتدبرون، يعلمون، وغيرها من المفردات الدالة على ضرورة التفكر والنظر العقلاني للأمور.

والتأريخ يحدثنا في العديد من مدوناته، بأن قوة الأمة كانت علمية، وبالعلم والعقل الفاعل إمتلكت إقتدارها وسادت وتألقت، وقدمت للبشرية منطلقات حضارية أصيلة.

فالأمة وإن إتخذت من الدين كوسيلة للحكم والسيطرة على الناس وتحقيق الأمن والأمان، لكنها في جوهرها كانت ذات دول ترعى العلم والعلماء، وتعبر عن حرية التفكير وإحترام طاقات الإبداع والإبتكار، وقد تجسد ذلك في العصر العباسي الذهبي أو الأول، عندما تحولت بغداد إلى منارة للعلم والمعارف بأنواعها، وكذلك البصرة والكوفة والفسطاط.

وبرز النوابغ الأفذاذ الذين نردد أسماءهم ونفخر بمسيراتهم العلمية والأدبية، وهم كثيرون في غياهب الكتب يتوطنون، وعنهم معظم الأجيال غافلون.

العجيب في الأمر أن الأمة قبل أكثر من ألف سنة كان العلم ديدنها، ولديها وسوسة في المعارف والمستجدات الثقافية، وتجدها اليوم لا تعطي العلم حقه، وتستورد من أعدائها ما يريدون لها أن تهضمه وتتمثله لتأمين مصالحهم.

فدول المنطقة كانت قائمة وذات درجة ما من التطور والمواكبة في النصف الأول من القرن العشرين، وإذا بها تنشغل بموضوعات إنهاكية، وإنقلابات عبثية، وتحولت معظم أنظمة حكمها إلى دوائر مفرغة لاحقها يمحق ما بناه سابقها، حتى صارت وراء العديد من الدول التي نشأت في بدايات النصف الثاني من القرن العشرين.

والعلة الكبرى التي أوصلتها لهذا المصار تكمن في إهمال العلم والتركيز على ما يناهضه ويحتقره ويلغيه، فهجرتها العقول، وخوت مرافقها العلمية وتحولت إلى مواطن للضلال والبهتان المعفر بدين.

و"قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون..."!!

***

د. صادق السامرائي

 

ظلّ الكتاب والمفكرون يضربون أخماساً بأسداس وهم يحاولون وضع تصور لدولة العدل الاجتماعي، لم يوفق أفلاطون في حل اللغز حتى وهو يخصص للموضوع كتاباً بعنوان "الجمهورية" تاركاً المهمة لتلميذه النجيب أرسطو الذي كتب مجلداً ضخماً أطلق عليه "علم السياسة"..

وعندما أصر أفلاطون على أن يعلم طلبته أن المدن لا يمكن أن تكون أفضل من حكامها، وقف أرسطو ليقول له: الحاكم الحق هو الذي يبني دولته على خصلتين، العقل والعدل.. في مرات عديدة وأنا أسترجع ما قرأته أتذكر دوماً ما كتبه جان جاك روسو في اعترافاته: "العدالة، ليست علاقة بين إنسان وإنسان، بل بين دولة ومواطنين".

لماذا أتذكر موضوع العدالة ونحن نعيش في ظل دولة ترفع شعار " دولة القانون " ؟ السبب ياسادة خبر مثير منشور في نفس الصفحة التي تقرأون بها هذا العمود في صحيفة (المدى) .. الخبر يقول " قدم مكتب المدعي العام في بيرو شكوى دستورية ضد الرئيسة دينا بولوارتي في قضية تتعلق بارتداء ساعات فاخرة والتي أصبحت فضيحة وطنية. وقالت الرئيسة إنها اقترضت هذه السلع الفاخرة من حاكم منطقة محلية " هل انتهى الخبر؟ لا ياسادة فقد داهمت الشرطة منزل الرئيسة ومكتبها بحثاً عن مجموعة الساعات التي يعتقد أنها تضم ثلاث ساعات "روليكس" على الأقل ..أرجو أن لايسخر مني أحد ويقول أيها الكويتب ألم تستمع يوماً للمناضل أحمد الجبوري " أبو مازن " وهو يتباهى بساعته التي يبلغ ثمنهاعشرات الآلاف من الدولارات وعندما يسأله مقدم البرنامج: من أين لك هذا؟، يجيب وهو يبتسم: أنا مناضل ومن حقي أن أتمتع. ربما يقول البعض: ياعزيزي آلاف القصور تمت مصادرتها وأراضي كاملة تم الاستيلاء عليها ومئات المليارات فرهدت، وأنت تتحدث عن ساعة رولكس .

ما الذي علينا أن نتعلمه من مثل هذه الأخبار؟ يرشدنا المرحوم جان جاك روسو إلى أن الأمم لا تزدهر في ظل ساسة يخططون من أجل الوصول إلى درجة من الإيمان بأنه لا خيار أمام الناس سواهم..لأنهم وحدهم يملكون القوة والحزم، المال والسلطة، عادلون في توزيع العطايا والمنح على مقربيهم، وعادلون أيضاً في توزيع الفقر على الناس.. أوهام كثيرة يصر ساستنا على ترويجها عن التقوى ومخافة الله، وأفواج منهم تذهب للحج كل عام وتعود لتمارس الخديعة من جديد، وعلى المواطن أن لا يقترب من قلاعهم .

يحذر روسو من المسؤول الجشع الذي لا ينتج سوى الخواء والفوضى والاضطراب، ولا يعطي مواطنيه سوى الفشل والعوز" .

***

علي حسين

منذ مئات السنين، ونبشُ التاريخ يستهلكُ شعوبَ دولنا ونُخَبِها السياسية والفكرية والدينية حتى تلاشت الرؤية، ولم يعد البصر والبصيرة يرى بوضوح معالم الحاضر والمستقبل، فقد غرقت بحكايات جدّتي وصراعات الأوّلين على السلطة والمال، حتى انقسمت إلى فريقين كل منهما تبنى أحد المتصارعين التاريخيين، ثم ما لبثوا أن أصبحوا فرقًا وطوائفَ وجماعاتٍ، وغادروا الحاضر ونكروا المستقبل، واندسوا بين طيات التاريخ العميقة وهم يمثّلون أدوار المتصارعين، ويتلبّسون أرواحهم وأفكارهم، واستبدلوا السيوف بالرّشاشات وساحات عكاظ والمربد بمنابر الفيس بوك والتويتر وبقية أسواق الشعر والفكر والغناء!

لو قارنا بين الجهود المبذولة في استحضار التاريخ وصفحاته وأحداثه وصراعاته وتأويل أسباب عقده وتفسيرها، وما ينفق عليها من مال وفعل وضغوطات نفسية واجتماعية وصراعات تركت في اعماق النفس البشرية بصماتٍ سوداء غيّرت المزاج العام بشكل مخيف انعكس على سلوكيات المجتمعات ونتاجها الحضاري، لو قارنا كل ذلك مع الجهد المبذول للتحوُّل من الوضع البائس الذي تعيشه شعوبنا فيما يتعلق  بالخدمات الخاصة لحياة المواطن ومستويات معيشته، أو في حقول الطاقة وصناعاتها، وفي الزراعة والأمن الغذائي والصناعة والاكتفاء الذاتي، لرأينا البون الشاسع والخطير بينهما.

حقًا لو أننا أنفقنا ذلك الجهد الضائع في نبش التاريخ وصفحاته وما تنتجه تلك العملية من شدّ نفسيٍّ وإشاعة للفرقة والفتنة والصراعات العبثية وإعادة تدوير صفحات ومواقف واختلافات من التاريخ الجدلي لشعوب هذه المنطقة وعقائدها وانتماءاتها، لاستطعنا بذلك الجهد تغيير واقع هذه البلدان وحياة شعوبها إلى مستويات رفيعة تنافس أرقى بلدان العالم حضارة وتقدمًا.

في التاريخ صفحاتٌ ناصعةٌ وعِبر لِمَن يريد أن يكون حاضره جميلًا، وفيه قصص وروايات ألّفها أناسٌ مثلنا، وربما أقل حضارة وتعليمًا وثقافة من أقرانهم اليوم، وليس من الضروري أن تكون تلك القصص والروايات صحيحة، ويعتمد عليها أو يعتبر منها، ولذلك فإن قراءة التاريخ بفكر نقدي يشكُّ في كل رواية أو حدث سيقودنا للوصول إلى صورة أكثر مقبولية ممّا يريد المؤلف فرضه علينا، ولكن دون النبش الغوغائي والأعمى، فالتاريخ يخفي بين صفحاته حقول ألغام كفيلة بتدمير الحاضر وإقصاء صورة المستقبل إلى سنين ضوئية.

إن بناء حاضر زاهر يؤمّن الحياة الكريمة للفرد والمجتمع، ويوفّر فرصَ العمل والإبداع لجميع المواطنين بعدالة ومساواة، بعيداً عن التفرقة والتناحُر الديني والمذهبي والعرقي، يبدأ بفصل الدين عن الدولة والكف عن نبش التاريخ المليء بالصراعات وفرض الإرادات وإنكار الوجود للآخر المختلف، واعتماد التعايش السلمي بين كافة المكوّنات تحت مظلة المواطنة الجامعة ومصالح البلاد العليا بما يحفظ حقوق الجميع بعيداً عن مبدأ الغالبية والأقلية.

لنبدأ اليوم قبل الغد بإيقاف استيراد الماضي وحفرياته، والبحث عن إشراقات التاريخ وصفحاته الناصعة، وإهمال صفحاته السوداء وترك صراعاتِ قادته، فقد أصبحوا جزءاً من الماضي.

دعونا نعشْ بسلام، ونبني حاضرنا ومستقبلنا، فنحن خُلٍقنا في زمان غير زمانهم وعقولٍ غير عقولهم، ودول غير دُوَلهم.

***

كفاح محمود

احدى المفارقات الكبرى للديمقراطية هي أن يتحمس المرء لسياسي ما ويصوت له وعندما ينتصرهذا السياسي ويصبح قائدا يزداد الحماس أما في حالة هزيمته فيصاب المرء بخيبة الامل والكآبة أحيانا ..لابد ان نقول هنا ان السلطة، الى جانب المال والحب، هي واحدة من اعظم المشاعر الإنسانية وبالتالي فهي تثير مشاعر قوية، ونحن مجبولون على العاطفة على الاغلب لذا نتأثر بها، ولكن، أليس من الأصح ان نضع العاطفة جانبا ونحن نسعى الى تحقيق الديمقراطية التي تفترض أولوية العقل؟ 

ربما لم أتمكن قط من التحمس لأي سياسي، مهما كان لامعًا، والسبب بسيط: فهو يريد أن يحكم، أي أن يمارس سلطة لن أهرب منها. فلماذا أمتدح شخصاً يريد أن يقودني؟ إنني أدرك جيدًا ضرورة القوة في كل المجتمع البشري إذ يعد وجود مؤسسة معقدة وهرمية للغاية أمرًا ضروريًا، لكنه شر لا بد منه، وهو أمر مميت حل بالجنس البشري طوال تاريخه. مع ذلك، يمكن ان ندرك ضرورة وجود السياسيين ولكن، هل علينا ان نثق بهم؟ أليس من الأفضل ان تعبر عنهم افعالهم وان نرى انجازاتهم على ارض الواقع قبل ان نغرق في الحماسة السياسية التي تستخدم كأداة للاستيلاء على السلطة، فهؤلاء الذين نتحمس لهم ربما يصبحون اعداءا للحرية عندما يصلون الى اعلى المناصب لأنهم يطمحون قبل كل شيء الى الحكم، وبالتالي السيطرة على الآخرين .

ففي ظل نظام ديمقراطي، لا ينبغي لنا أن نغفل أبداً حقيقة مفادها أن الحاكم الذي يتولى أعلى منصب هو عدو محتمل للحرية. وبقدر ما يتمتع به من مهارة وذكاء وثقافة، فإن الوصول إلى منصبه يتطلب مثل هذه الطاقة، وهذا الشغف للاستيلاء على السلطة، بحيث لا يمكن النظر إليه إلا بحذر.

ولذلك فإن المدة المحدودة لتولي المنصب أمر ضروري والتصويت الانتخابي هو من يضمن ذلك وإلا ستختفي الديمقراطية، لكن الديمقراطية لدينا تضمن الحكم للسياسيين الذين نتحمس لهم لكنها تسلبنا ايماننا بها بعد ان يتحول نفس الحاكم الى أداة قاتلة اومعطلة، وفي كلتا الحالتين فهو لاينفعنا بل يضرنا، وبالتالي نظل نحن ننتظر ما يجود به الحاكم علينا من عطف او اهتمام او إنجازات حقيقية او حتى وهمية ونرضى بكل مايصدر عنه من قرارات حتى لو لم يكن هو من يصنعها بل من يقف وراءه من أحزاب متنفذة..هل يستحق الأمر اذن ان نتحمس ونهتف ونصفق ونهلل لمن يعمل لنفسه أولحزبه ولايقدم ولن يقدم لنا شيئا سوى سلب حريتنا وايماننا بالمستقبل؟.

***

عدوية الهلالي

تتسم اجتماعات الأصدقاء في الغالب بطابع الود والانسجام، وقد تكون المجاملة بوابة لتمرير بعض الآراء دون قناعة من الجميع حفاظا على علاقة الصداقة، اجتماعات الأصدقاء مفيدة نفسيا واجتماعيا وثقافيا، وليس المطلوب أن تكون حوارات الأصدقاء مقننة وذات طابع رسمي ولو كانت كذلك لهجرها الأصدقاء لكن المهم هو الالتزام بأخلاقيات الحوار ومنها الاحترام حتى في حالة المزاح وهي أمر طبيعي بين الأصدقاء فالمزاح له حدود، ماذا يحدث في الاجتماعات الرسمية هل تمارس المجاملة خاصة حين تضم هذه الاجتماعات بعض الأصدقاء، هل سيجامل المشارك في الاجتماع رئيسه ثم يقول كلاما مخالفا في المجالس الخاصة؟ ومن آداب الحوار امتلاك مهارة الإنصات، وفي حالة النقد يكون التركيز على الموضوع وليس على الشخص سواء في الحوار المباشر أو عن طريق الكتابة، في الحوار المباشر يتلطف الحوار بكلمات جميلة، وقد يقولها الكبير للصغير، الكلمة الجميلة قد تقال بطريقة يجعل معناها كالورد بعطر جميل في الندوات والمؤتمرات بموضوعاتها المتنوعة لها تنظيم وقواعد في إدارة الحوار وتحديد الوقت، الحوار هنا في الغالب حوار علمي ليس فيه رئيس ومرؤوس، لا يصفق أحد للمجاملة على حساب العلم، يطبق مبدأ الرجال يعرفون بالحق وليس العكس، يحدث أحيانا في الندوات عدم تقبل النقد أو المقترحات، يقول أحد الزملاء، كنت أحضر ندوة إدارية عن أحد الأجهزة فطلبت المداخلة وأشرت فيها إلى وجود ازدواجية بين هذا الجهاز وأجهزة أخرى تقوم بنفس الدور، واقترحت دمجها، علق رئيس الجهاز على الاقتراح بسخرية، بعد مرور سنة أو أكثر صدر قرار الدمج، الحديث عن أدب وأخلاقيات الحوار لا يغفل موضوع المؤتمرات الصحفية وما يحدث فيها أحيانا من توتر قد يكون سببه المتحدث نفسه، وفي أحيان كثيرة عدم إلمام بعض الصحفيين بالموضوع وما ينتج عن ذلك من أسئلة لا علاقة لها بما يطرحه المتحدث، رغم ان تعدد الآراء ظاهرة صحية في حياة الناس، في العلاقات الأسرية، وفي الحياة المهنية، والعلاقات الاجتماعية، اسوأ أنواع الحوارات تلك التي يسيطر التعصب على عقول المشاركين فيها وهي حقيقة لا تستحق مسمى حوار؛ لأنها عبارة عن معركة كلامية مرهقة للأعصاب وقد تؤدي إلى نتائج مؤلمة.

من اهم عوامل نجاح أي حوار من أي نوع وفي أي موضوع أن يسعى المتحاورون نحو الوصول إلى الحقيقة وليس الانتصار للرأي، يتحقق ذلك بالالتزام بآداب الحوار. لن تسمع كلمات مثل: يا أخي احترم عقولنا، كلامك غير منطقي،تتميز الحوارات الثقافية في الغالب بالموضوعية واللغة العلمية لكنها لا تخلو من حالات تظهر فيها الشخصنة وعدم تقبل النقد والرأي الآخر. يجب أن تتعدد الآراء في كل المجالات ومنها المجال الثقافي ففي ذلك إثراء فكري واجتماعي ومتعة للمتلقي، المهم هو الالتزام بآداب الحوار، واشد الحوارات تفاهة نجدها في الحوارات السياسية التي غالبا ماتتحول إلى معارك شخصية لا تخلو من الإهانة والسخرية ثم الحوارات الرياضية التي يتصاعد غيها النقد وتتحول الى مشاكسات وطرح سطحي بلغة التشجيع وليس بلغة النقد الموضوعي.

يجب ان يكون الحوار في أي مجال فعالا إذا توفرت فيه أسس مشتركة ضرورية لتقديم حوار مفيد سواء داخل الأسرة أو في الحياة العملية أو بين الأصدقاء.. وضوح أهداف الحوار، الموضوعية واللغة العلمية، الإنصات وعدم المقاطعة، عدم رفع الصوت، الاحترام، اختيار الكلمات المناسبة، تجنب التعصب، التواضع، عدم الإصرار على الخطأ انتصارا للرأي رغم وضوح الخطأ، إدارة الحوار بمهنية ومعايير واضحة، الحوار فن يتطلب توفر بعض المهارات التي يمكن اكتسابها بالتعليم والتدريب في المدارس والجامعات ومراكز التدريب،، الحياة حوار مستمر في كل مراحل الإنسان واحتياج تدريبي ضروري للجميع، وحين يتحاور العالم وفق أسس علمية وإنسانية ويسود الحوار احترام الثقافات والاستقلالية، وتجنب الغطرسة والتعصب يتحقق العدل والسلام والحياة الكريمة للجميع. فهل تلتزم الحوارات السياسية بأسس وأخلاقيات الحوار؟.

***

نهاد الحديثي

 

مجتمعات الدنيا منقسمة إلى حالتين، الأولى تعيش حاضرها ومستقبلها، والأخرى تتدثر بماضيها، وتحاول إستحضاره في غير زمانه.

ومنطقتنا أنظمتها ذات نوازع إندحارية نقهقرية عمياوية، فلا ترى ما حولها وما يواجهها من تحديات، وتغطس في ظلمات القرون الخوالي، وتحاول معظمها إستعادة ما كان وتمارسه، وتأبى أن تكون.

ولهذا يسود الفعل الماضي وينهزم الفعل المضارع.

فلو تفحصنا الخطابات والكتابات وما تجود به الأقلام بأنواعها، لتبين أن صيغة الفعل الماضي مهيمنة وساطية على التعبير.

ما مضى ما إنقضى، وما مات ما فات، ولا آتٍ بآت!!

هي الأيام تفعل فينا ما تشاء، ونداويها بالتي كانت هي الداء!!

ففي بلاد ذات تأريخ إنساني عريق، لا يمكن الإجتزاء والتركيز على بقعة زمنية ما، وتسليط أضواء الزمن المعاصر عليها، والإجتهاد بالخداع والتضليل، لتمرير مآرب أعداء الوطن والدين.

تلك عجائب سلوكية فاعلة في مرابعنا، ومدمرة لوجودنا، وهي معممة وملتحية وذات رمزية عالية، وقدسية خارقة، فكأننا جعلنا أوثاننا بشرا نتقرب بها زلفى إلى الذي نعبد، ومعظمنا يجهل ما يعبد، ويهرول وراء مَن يدّعي الدين ويتمنطق بلغة العارفين، وهو من أجهل الجاهليل ، ومن الذين باعوا دينهم بدنياهم، وتمرسوا في تجارة الدين المربحة جدا!!

فلماذا نتجاهل عاهاتنا وننكرها، ونلقي باللائمة على غيرنا؟

و"قل آمنت بالله ثم إستقم"!!

فأين الإستقامة في سلوكنا؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

الأخلاق هي سلعة في السياسة هي عبارة شائعة سماعها في عالم اليوم. في مجتمع تدور فيه السياسة غالبا ما تدور حول السلطة والمال والتأثير، يمكن اعتبار الأخلاق غالبًا على أنها ترف يتم التضحية به بسهولة في السعي لتحقيق هذه الأهداف. العديد من السياسيين على استعداد للتنازل عن مبادئهم الأخلاقية من أجل تعزيز حياتهم المهنية أو جداول أعمالهم. وقد أدى هذا الاتجاه إلى نقص واسع النطاق للثقة في المؤسسات السياسية وتصور بأن السياسيين يهتمون بالزيادة الشخصية أكثر من خدمة الصالح العام.

إن أحد الأسباب الرئيسية وراء اعتبار الأخلاق سلعة في السياسة هو المنافسة الشديدة على السلطة والتأثير. من أجل الارتقاء من خلال صفوف وتأمين المواقف للسلطة، غالبا ما يشعر السياسيون بالضغوط لإجراء تنازلات وقطع الزوايا الأخلاقية. يمكن أن يتضمن ذلك إجراء تحالفات مع الأفراد أو المجموعات غير الملائمة، أو قبول تبرعات الحملة من مصادر مشكوك فيها، أو تهدئة إلى بعض المصالح في مقابل الدعم السياسي. في هذه البيئة المقطوعة، يمكن أن تصبح الأخلاق بسهولة فكرة لاحقة حيث يركز السياسيون على تحقيق أهدافهم بأي وسيلة ضرورية.

هناك عامل آخر يساهم في سلعة الأخلاق في السياسة وهو تأثير المصالح الخاصة وجماعات الضغط. غالبا ما يكون لهذه المجموعات جيوب عميقة وترغب في إنفاق مبالغ كبيرة من المال لتأثير السياسيين لصالحهم. في مقابل الدعم المالي أو غيره من المزايا، قد يشعر السياسيون بأنهم ملزمون بالتوافق مع مصالح هذه المجموعات، حتى لو كان ذلك يعني مواجهة معتقداتهم الأخلاقية. يمكن أن يخلق هذا موقفا حيث يتم طغت الأخلاق من خلال السعي وراء السلطة والتأثير، مما يؤدي إلى قرارات ليست دائما في مصلحة الجمهور.

تلعب وسائل الإعلام دورا مهما في تشكيل الإدراك العام للسياسيين ويمكن أن تؤثر في كثير من الأحيان على الهفوات أو الفضائح الأخلاقية. هذا يمكن أن يخلق مناخا من الخوف وعدم الثقة، حيث يهتم السياسيون بتجنب الدعاية السلبية من دعم المعايير الأخلاقية. ونتيجة لذلك، قد يشعر العديد من السياسيين بالضغط على إعطاء الأولوية لعملهم العام على مبادئهم الأخلاقية، مما يؤدي إلى ثقافة يُنظر فيها إلى الأخلاق كأداة ليتم التلاعب بها لتحقيق مكاسب شخصية.

ساهم المشهد المتغير للسياسة وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي أيضا في تكوين الأخلاق في السياسة. مع ظهور منصات مثل إكس و فيسبوك، يتعرض السياسيون للتدقيق المستمر من الجمهور ويتوقع أن يحافظوا على صورة معينة في جميع الأوقات. يمكن أن يخلق ذلك بيئة طنجرة ضغط حيث قد يشعر السياسيون بأنهم مضطرون للعمل بطرق ليست دائما واضحة من الناحية الأخلاقية مع أتباعهم أو ناخبيهم. يمكن أن تؤدي الحاجة المستمرة للتحقق من الصحة والموافقة إلى موقف حيث تأخذ الأخلاق المقعد الخلفي إلى تصنيفات الشعبية والموافقة.

إن عدم المساءلة في السياسة يساهم أيضا في تكوين الأخلاق. في كثير من الحالات، يمكن للسياسيين التصرف دون عقاب ومواجهة عواقب قليلة على أفعالهم. هذا يمكن أن يخلق ثقافة النسبية الأخلاقية، حيث تعتبر المعايير الأخلاقية ذاتية وسهلة التلاعب بها لتناسب احتياجات الفرد. بدون آليات قوية معمول بها لمحاسبة السياسيين عن أفعالهم، يمكن أن يتضاءل الحافز على التصرف بطريقة أخلاقية، مما يؤدي إلى موقف يتم فيه اعتبار الأخلاق سلعة يمكن التخلص منها في السعي لتحقيق السلطة والتأثير.

على الرغم من هذه التحديات، لا يزال هناك سياسيون يعطون الأولوية للأخلاق في صنع القرار. غالبا ما يواجه هؤلاء الأفراد خيارات صعبة وقد يتم تهميشهم أو انتقادهم لرفضهم التنازل عن مبادئهم. ومع ذلك، فإن التزامهم بدعم المعايير الأخلاقية بمثابة تذكير بأن الأخلاق ليست سلعة يجب شراؤها أو بيعها، ولكنها جانب أساسي من الحكم الرشيد والقيادة.

إن سلعة الأخلاق في السياسة هي اتجاه مقلق له آثار كبيرة على عمل المجتمعات الديمقراطية. نظرا لأن السياسيين يعطون الأولوية للسلطة والتأثير والمكاسب الشخصية على المبادئ الأخلاقية، فإن ثقة الجمهور في المؤسسات السياسية يمكن أن تتآكل، مما يؤدي إلى انهيار العقد الاجتماعي بين المواطنين وقادتهم. من أجل مكافحة هذا الاتجاه، من الضروري للسياسيين تحديد أولويات القيم الأخلاقية ودعم المعايير الأخلاقية في صنع القرار. فقط من خلال مساءلة السياسيين عن أفعالهم والمطالبة بالشفافية والنزاهة في الحكم، يمكننا التأكد من عدم معاملة الأخلاق كسلعة في السياسة، ولكن كمبدأ أساسي يوجه جهودنا الجماعية نحو مجتمع عادل بل أكثر عدلا.

***

محمد عبد الكريم يوسف

الإنسان بطبيعته مجبول من مجموعة من العواطف والمشاعر منها ماهو إيجابي ومنها ماهو سلبي وتتحكم في إيقاد فتيلها المواقف التي يتعرض لها الإنسان في حياته اليوميه ومنهم من يكتم غيضه ومنهم من يبوح بها دون ارادة منه فتظهر علامات الحزن والفرح على محياه وأعظمها ذرف الدموع وحينها تكون الهموم قد فاقت الجبال وقد يتخذ بعض القرارات ويبدي تصرفات غريبة بناء"على تلك المشاعر والعواطف الآنية .

فالبكاء لا يعيب الرجل وليس دليلا"على ضعفه وانكساره بل على مدى إنسانيته وحبه لمن حوله وتصالحه من نفسه والدموع ليست مجانية فهو لا يذرفها إلا لأسباب قاهرة تدعو ذلك والدموع نعمة من الله على الإنسان فهي تغسل الألم ومشاعر الحزن لتقذفها خارج القلب والجسم .

يبكي الرجال لموت أمهاتهم وفقدان آبائهم وعند تزويج بناتهم ولمرض أبنائهم وفراق زوجاتهم وعند عجزهم لتأمين لقمة العيش الكريم وعند جحود الأبناء فضل آبائهم وتطاولهم عليهم عند كبرهم وعند التعرض للظلم وعدم القدرة على إظهار الحقيقة وفي حال عجزهم عن إيجاد حل لمشكلة مصيرية في حياتهم وعند الشعور بالندم بعد اكتشاف الخطأ وعند لقاء الأحبة بعد الفراق ويبكي الرجال على أوطانهم في الغربة ويبكي الرجال خشوعا"لله وخشية منه .

وعندما يبكي الرجال يتوارون عن الأنظار ولايبكي الا عندما يكون الأمر يستحق للبكاء عكس المرأة التي تتحكم في دموعها وتتباهى بها لان دموع المراة طوفان يغرق فيه أمهر السباحين ، والدموع ليس لها ثقل ولكنها اذا سقطت ازالت شيئا"بالقلب كان ثقيلا.

واجمل ما قيل عن البكاء (أعشق البكاء تحت المطر حتى لا يرى الناس دموعي).

***

حسن شنكال

 

الإلهام إرتقاء إدراكي وإنطلاق في مدارات التفكير الحر، المتصل بفيض الرؤى والأفكار الكونية، المبثوثة في فضاءات الوجود المطلق.

إنها حالة أو درجة بحاجة إلى مجاهدة ومكابدة وكدح تأملي إستغراقي عميق ومستديم، ينجم عنه تواشجات عُصيبية في أدمغة البشر، تؤهلهم للتفاعل مع الأفكار العلوية التي تبحث عن مأوى، وترغب في التحول إلى ما يعبر عنها فوق التراب.

وهو إنطلاقة فكرية متدفقة متألقة ذات إشراق فياض، يضيئ متاهات البصر ويبعث الحياة في جمادات البيئة، التي تحولت بإرادة الإلهام إلى كيانات ذات نبضات رمزية، ودلالات حسية، ومنطلقات فكرية تعبر عن جوهرها المكنون وديدنها المفتون، وهي الغارقة في بحر النون.

والإلهام أنواع لا تُحصى، وتفاعلات متنوعة لا يُحاط بها، فما دامت الأدمغة تتواشج بعشوائية، فأن فيوضاتها الإدراكية لا حدود لها.

وكذلك هي الأفكار المتطايرة في الفضاء الكوني كالهباء، الذي يترقب قوى مغناطيسية تجذبه كما تجذب نشارة الحديد.

وفي الواقع أن الدوائر العُصيبية المتواشجة في الأدمغة، مراكز كهرومغناطيسية، لديها القدرة على جذب ما تستطيعه من الأفكار وتجمعها، وتفاعلها وتستولدها ما تستطيعه من المنطلقات الجديدة، الجديرة بالتواصل الإشراقي في الحياة.

***

د. صادق السامرائي

11\8\2021

 

نقل الكثير من حكايات الصالحين فيما يعرف بأهل الخطوة ورجال الله الصالحين. فهل الصالحون فقط هم من تفتح لهم البوابات النجمية، وهل موجودة في الارض فقط ام السماء؟ وهل موجودة في الاثنين، وهل ترتبط في بعض جوانبها بالسحر ونقل العلوم والمعارف. وكيف وجدت في الحضارات القديمة كحضارة بابل بالعراق، والفراعنة والمايا وغيرها ؟

النص القرآني يصف السموات والارض بالاقطار وان النفاذ اليها لا يتحقق الا بسلطان كما قال تعالى في سورة الرحمن “ يا معشر الجن والانس ان استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والارض فأنفذوا لا تنفذون الا بسلطان “ والسلطان كما آوله المفسرون سلطان العلم. وهذه الآيات الكريمة تؤكد امكانية النفاذ لهذه الاقطار السماوية والارضية.

وهنا نفرق بين بوابات العالم السفلي لجوف الارض والبوابة النجمية، فبوابات العالم السفلي غالبا ما يستخدمها السحرة وفتحها عن طريق طلاسم معينة يحضرون به مردة الشياطين والجان كما هو الحال مع سحر الكبالا، ويستخدمه الجان المؤمن كالذي استخدمه نبي الله سليمان للاتيان بملك سبأ كما ورد في سورة النمل قوله تعالي “ "قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَقَامِكَ.

البوابات بين الحقيقة والخيال

كثير منا كان يظن الحديث عن البوابات النجمية ضرب من الخيال العلمي عندما قدمتها أفلام ستار جيت المنتجة عام 1994 ، معتمدة على فكرة السفر في الزمان عبر بوابات متفرقة من الكرة الارضية، بينما كان بعضا من هذا الخيال مستقى من وقائع حقيقية.

فقد حضرت بعثة امريكية الي الكونغو لانقاذ سكان احدى القرى الذين اختفوا جميعا منها فجأة ، وهو ما فسره البعض بأن هؤلاء السكان قد انتقلوا عبر بوابة زمنية لمكان اخر وعاشوا فيه.

تعرف البوابات النجمية بأنها فجوات تفصل أبعاد الكرة الارضية عن بعضها، وفسرها اينشتاين بانها انفجارات في الفضاء وتساعد الانسان على السفر عبر الزمكان في لحظة واحدة.

فهي فجوة تحدث انفتاح بوابة بين عالمين مختلفين، مثلما حدث  في البيرو، حين تمكن بعض السكان من رؤية الجان والأشباح عند دخولهم عالمنا المادي من خلال فجوة زماننا.

وبحسب ما ذكرته د. مايا صبحي، فان هذه البوابات قديمة عريقة وطبيعية موجودة بالكرة الارضية، ومنها ما هو مستحدث تصنع بسحر الكبالا.

تتعدد اماكن هذه البوابات في الحضارات كما في مصر بمنطقة اهرام أبو صير، وكان الملك امنحتب اول من استخدمها للسفر عبر الزمان لنقل علوم الازمنة لعصره، وفي معبد ستي وجدوا رسوم لطائرات وغواصات ودبابات واطباق طائرة، فكيف وصل الفراعنة لهذه العلوم الا باستخدام بوابات نجمية نقلتهم لازمنة أخرى استقوا منها علوم ومعارف امم وحضارت أخرى.

و في بابل أي (بوابة الإله) التي اسمها يرمز الى أنها احدى البوابات النجمية. التي يقال ان بها ٢٥ بوابة نجمية تحديدا غير الموجودة في باقي مناطق العراق.

في بلاد سبقت كل بلدان الكون في عصرها وهل هذه الآثار والبوابات واللوحات السومرية هي التي تمت سرقتها من العراق ولماذا هي تحديدا.

في العراق كشفت لوحة حجرية من العصر البابلي لشخص يعبر من مكان لاخر، وكشفت بوابات نجمية بالناصرية في مدينة اور، حيث توجد هناك زقورة عملاقة بداخلها معبد، تقع في داخله أولى البوابات النجمية، فيما تقع بوابة في بغداد مباشرة، في احد قصور صدام حسين.

وبحسب الباحث ابو ياسين العراقي، فان العراق يحوي اكثر من الف بوابة بعدية كان يستخدمها الانوناكي منها فضائية وسماوية عابرة للسماوات ومنها ارضية سفلية وخلف الجدران، وهو ما جعلها ارض للحروب والنزاعات، ومطمع للقوى الامريكية حتى يومنا هذا.

وفي سالزبوري في ويلتشاير بإنجلترا آثار صخرية تدعى ستونهنج تعود للعصور القديمة ما قبل التاريخ أواخر العصر الحجري واوائل العصر البرونزي فيها البوابات النجمية التي على شكل احجار دائرية وكأنها بوابة الى السماء أو حتى إلى داخل الاراض ومثلث برمودا الغامض الذي يختفي الناس والأشياء به بطريقة غير منطقية.

أما القدس التي يقال ان بها بوابات نجمية ولها ارتباط في مسألة الإسراء والمعراج والعلم عند الله ولكن يمكننا التساؤل لماذا كان الإسراء إلى القدس ولم يكن وقتها موجود المسجد الأقصى حتى يكون المعراج من هذه المنطقه تحديدا وطبعا كلها معجزات من الله سبحانه وتعالى لرسوله الكريم.

 فهل يكشف لنا المستقبل المزيد عن هذه البوابات واسرارها وهل هناك من يعرف مفاتيحها ويستخدمها وهل لهذه البوابات حاليا دور في ما يحصل حولنا من توزيع قوى ومن حروب وتطور اماني أو خلفي بين شعوب وشعوب.

كلها تساؤلات ربنا سنكشفها يوما ما نحن أو الأجيال القادمة.

***

 سارة طالب السهيل

عندما تنهال القنابل والصواريخ على رؤوس البشر ويدفنون في مساكنهم،  لا ينفعهم أي إسناد نفسي أو معنوي، الذي ينفع هو الردع الناري، والرد بالمثل على ما يحصل من عدوان، ووفقا لشريعة العين بالعين والسن بالسن، أما غير ذلك فنوع من الهذيان.

تنتشر الكثير من الكتابات وهي أشبه بالتمنيات والطروحات المنقطعة عن الواقع، وأصحابها لا يعرفون معنى الحروب وما خاضوها يوما، ولا يمكنهم تصور الإنفجارات وهمجية العدوان.

الأبرياء يدفنون في مساكنهم، والبعض يتحدث عن الإسناد النفسي والمعنوي، وكأنهم يريدون القول أن نؤهلهم لنيل المزيد من الوجيع والموت الأكيد.

الإسناد النفسي بحاجة لظروف مواتية، ولا يتحقق في قلب النيران المستعرة.

أيتها الأقلام المتوهمة بالإسناد النفسي، ما تحتاجه الحالة القائمة هو التفاعل بالمثل، فالقوة يجب أن تجابه بالقوة، وما يحصل يجب أن ينال مثيله مهما كان نوعه.

فلا أخلاقيات ولا توصيفات دونية للمساكين الذين يقتلون بالمفرد والجملة، تحت ذرائع تنادي بأن الإجرام الفظيع سلوك أخلاقي سامي قويم، لأنه يحارب حالة متردية مذمومة عنوانها الإرهاب، حتى صار إرهاب القوي عدلا ودفاع الضعيف ظلما، ولا بد للإرهاب العادل أن يمحق الدفاع الجائر.

وهذا ما يجري في واقع أمة تأكل نفسها بنفسها، وأعداؤها يتربصون بها ويتصيدون بالماء العكر، وأعلامها تطرح نظريات ومشاريع كلامية باهتة، وما تنجزه القول الفارغ، والتضرع والدعاء، والأسود تفترس، والليل يطول، والقوي يصول.

و"السيف أصدق أنباءً من الكتب....."!!

***

د. صادق السامرائي

 

لا تسألوا أعضاء مجلس النواب لماذا يتحسسون من مفردة " وطنية " ؟، وكيف أن السادة البرلمانيين وجدوا أن هذه البلاد لا تستحق أن يقام لها عيد وطني أسوة بمعظم بلدان العالم .. ولا تسألوا لماذا الهتاف للطائفة والعشيرة والمكون بديلاً عن العراق الذي يراد له أن يتحول إلى تابع .. ولا تتعجبوا أن تصبح مفردة الدولة المدنية مرادفة للكفر والإلحاد في قاموس مجلس النواب .

تأمّل العراقيون أن يكون التغيير بوابتهم لتأسيس دولة مدنية شعارها المواطنة والقانون الذي يطبق على الجميع، غير أنهم اكتشفوا بعد عشرين عاماً على انتهاء مرحلة الدكتاتورية أن هذه البلاد لا ينفع معها سوى رئيس برلمان يفرد عضلاته ويلوح باستخدام "قندرته" في الحوار الوطني .

من المؤكد أنّ كثيراً من العراقيين يشعرون بالحسرة وهم يشاهدون كل يوم أمماً وشعوباً كثيرة تتحرك لتعديل أوضاعها، إنّ ما يفرقنا عن هذه الأمم التي تسعى دوماً إلى تصحيح أوضاعها المتردية أنهم يملكون قوى سياسية حيّة وفاعلة للتغيير.

في كل مناسبة تتحدّث الدولة وبرلمانها العزيز عن عراق الحضارات الذي علم العالم الكتابة والقانون، وأخبرنا ذات يوم وزير النقل الأسبق كاظم الحمامي بأن المركبات الفضائية انطلقت من هذه البلاد قبل خمسة آلاف سنة، إلا أن هذه الدولة أيها السادة تصر في كل مشاريعها على إفراغ العراق من أعياده الوطنية وتسليمه إلى منظومة الفشل التي تحاصر المواطن منذ سنوات ، وتقديمه أيضاً على طبق إلى حيتان الفساد.

هل نحن دولة تسعى لمنح المواطنة دورها الحقيقي في تنمية قدرات المواطن، إذا عرفنا أن البعض يلتجئ إلى الجارة إيران لحل مشاكله ، والبعض الآخر لا يتفق على كرسي رئاسة البرلمان دون أن يستشير السيد أردوغان ، تخيل جنابك أن الكثير من مسؤولينا الأكارم لا يزالون يحتفظون بجنسية البلدان التي لا تزال عوائلهم تعيش فيها وفي الوقت نفسه يتمتعون بالامتيازات التي يمنحها لهم العراق الذي استكثروا عليه يوما وطنيا .

ماذا علينا ان نفعل أيها السادة ونحن نرى قانون العشيرة والطائفة هو الذي يسيطر ويراد له أن يعم في ربوع البلاد . نتحدث عن قيمة الوطن وننسى أن نخصص يوماً للاحتفال بالعراق

. للأسف نحن نعيش اليوم مع سياسيين يتوهمون أنهم أصحاب رسالة، ويعتقدون أن خلاص العراق يكمن في العودة إلى الوراء، سياسيون يعلنون عن وجودهم عبر إشاعة مفهوم الطائفة الضيق، بديلاً عن مفهوم المواطنة الذي يجمع كل العراقيين.. سياسيون ومسؤولون يتركون تعهداتهم أمام الشعب ليمارسوا لعبة خلط الاوراق، التي تدفع الناس للتساؤل: لماذا يستكثر البرلمان على العراقيين أن يحتفلوا بعيد وطني؟ .

***

علي حسين

 

قالوا: كُلُّ شيءٍ إذا كَثُرَ رَخُصَ، إلّا الأدبُ فإنّه إذا كَثُرَ غَلا.

كثيرة هي الخصال والطبائع والعادات التي يتميز بها الإنسان، فهي تعكس شخصيته، وتنم عن تربيته وبيئته التي ترعرع فيها، غير أن من المعيب أن يجعل ماورثه من آبائه، مموله الوحيد إلى التكامل في حسن الطباع، وكأنه صورة مكررة منهم بطريقة الـ (copy paste). أو نسخة مكربنة عنهم لا أكثر. كذلك فإن تحلينا بالأدب يبدأ من البيت ولايقف عند بابه، بل حريٌ بنا اصطحابه معنا أنّى توجهنا، بدءًا من الشارع مع من يواجهوننا على قارعة الطريق، مرورا بأماكن عملنا، ومناطق احتكاكنا مع من نصادفهم ونرافقهم، وصولا إلى ما منوط بنا من واجبات، لاسيما إن كان لنا منصب يحتم علينا التحكم برعية في مسؤولية نتولاها. وخصلة الأدب تتقسم بعدل على المافوق والمادون في المجتمع على حد سواء، فللعامل مسؤولية التحلي بها أمام مرؤوسه، وللرأس مثل ما على المرؤوس من قيود في هذا الجانب، وبالتالي سينعم الجميع بحسن تعامل، يفضي إلى حسن نتائج، تليق بالإنسان المتنور الحضاري. وإن كان القانون فوق الجميع، أظن أن الأدب فوق القانون، فهو ينظم النفوس ويبرمج العقول لتقبل تطبيقه على أتم وجه.

مما يروى أن الحجاج أمر أحد حراسه أن يطوف في المدينة ليلا، فمن رآه على الطريق في ساعة متأخرة قبض عليه. وفيما كان يطوف ليلة من الليالي، وجد فتية فأحاط بهم وسألهم: من أنتم حتى خالفتم أمر الأمير وخرجتم في مثل هذا الوقت؟

فقال احدهم:

أنا ابنُ من دانتِ الرقاب له

ما بين مخزومها وهاشمها

تأتيه بالرغم وهي صاغرة

يأخذ من مالها ومن دمها

فأمسك عنه وقال: لعله من أقارب الأمير.

ثم قال للآخر من أنت؟ فقال:

أنا ابن الذي لا ينزل الدهر قدره

وان نزلت يوماً فسوف تعود

ترى الناس أفواجاً الى ضوء ناره

فمنهم قيام حوله وقعود

ثم أمسك عنه فقال لعله من أشراف العرب.

ثم قال للثالث ومن أنت؟ فقال:

أنا ابن الذي خاض الصفوف بعزمه

وقومها بالسيف حتى استقلت

ركاباه لا تنفك رجلاه منهما

اذا الخيل في يوم الكريهة ولّت

فاحتفظ بهم حتى اصبح الصباح، ورفع أمرهم الى الأمير وأحضرهم إليه، وقد كشف عما دار بينهم من حديث، فإذا الأول ابن حجام، والثاني ابن فوال، والثالث ابن حائك. فتعجب الحجاج من فصاحتهم وقال: لجلسائه:

علموا أولادكم الادب، فو الله لولا فصاحتهم لضربت اعناقهم، وأمر بإطلاق سراحهم وأنشد قائلًا:

كُن اِبنَ مَن شِئتَ واِكتَسِب أَدَبا

يُغنيكَ مَحمُودُهُ عَنِ النَسَبِ

فَلَيسَ تُغني الحَسيبَ نِسبَتُه

بِلا لِسانٍ لَهُ وَلا أَدَبِ

إِنَّ الفَتى مَن يقولُ ها أَنا ذا

لَيسَ الفَتى مَن يقولُ كانَ أَبي

ويحكى أن رجلا تكلم بين يدي الخليفة المأمون فأحسن، فقال له الخليفة:

- ابن من أنت؟ قال:

- ابن الأدب يا أمير المؤمنين. قال:

- نعم النسب انتسبت إليه.

ولهذا قيل: المرء من حيث يثبت لا من حيث ينبت، ومن حيث يوجد لا من حيث يولد. وبذا فإن الأدب، هو أساس العيش بكرامة، وأس التمتع بحياة تليق بخليفة الله في أرضه.

***

علي علي

 

في العراق هناك ظواهر عجيبة وغريبة أبرزها ظاهرة النائب " الملاكم "، وأعني به النائب الذي لا يتوقف عن استخدام يديه وصوته، ما إن يختلف مع زميل له داخل قبة البرلمان حتى تجده يتحول إلى محمد علي كلاي.

وفي الوقت نفسه ما إن تضع أمامه المايكرفون تجده يقول كل ما يخطر على بال المشاهد، وما لا يخطر أيضاً، والغريب أنّ هذا النائب له راتب يتقاضاه من الدولة التي يستنكف الانتماء لها وامتيازات ومقاولات وعقود، وله قضية تشغله دائماً وأعني بها مسألة الانتصار على الآخر سواء بنزال ملاكمة كما فعل " العلامة أحمد الجبوري أبو مازن، أو في استخدام القندرة مثلما قررت ذات يوم البروفيسورة عالية نصيف، مع الاعتذار للمفردة، فيما وجدت حنان الفتلاوي أن استخدام قناني الماء في ضرب المختلفين معها أرقى وأنفع .

ولهذا لا أعتقد أيها السادة أنّ هناك من يصاب بالملل، وهو يتابع أخبار نوابنا الأعزاء، المواطن يشاهد كل يوم المساخر التي تحدث في دهشة وألم وقلق، ويعتقد مثلما تحاول بعض الفضائيات إيهامه، بأنّ هناك مؤامرة على العملية السياسية، ونحن نتفق معهم،نعم هناك مؤامرة، لكنها هذه المرة ليست على العراق وإنما على مضحكات تجربتنا الرائدة في الديمقراطية، وآثار هذه التجربة على المجتمع الذي يصحو كل يوم على أخبار مضحكة من عيّنة معركة الهمام أبو مازن مع نائب من حركة تقدم، والتي انتهت بقرار ثوري اتخذه الرفيق أبو مازن بأن يخوض نزال القرن مع النائب هيبت الحلبوسي .

برع نوابنا، بإقامة حلبات الملاكمة داخل قبة البرلمان، وبث الخطاب الطائفي في القضائيات كل صباح، ونقرأ مطولات غزل بدول الجوار، لكن لا أحد يريد أن يعرف مجموع ما شرِّد من العراقيين، ومجموع ما قُتل على الهوية، ومجموع ما نهب من ثروات البلاد.

وأنا أشاهد نزال أحمد الجبوري " أبو مازن " تذكرت الفتى الأسمر محمد علي كلاي الذي قال قبل أيام من رحيله: "أرجو أن يتذكروا بأنني الرجل الذي لم يبع شعبه أبداً، الرجل الذي كان لا ينظر إلى الأسفل خجلًا أمام أولئك الذين ينظرون إليه بتعالٍ، وإذا كان ذلك كثيراً عليّ، فليتذكروا أنني كنتُ إنساناً".

محمد علي كلاي الذي رفض أداء الخدمة العسكرية في فيتنام، قائلاً للقضاة: "إنّ ضميري لا يسمح لي بأن أُطلق النار على إخوة لي في الإنسانية". الناشط المدني الذي لم يسعَ للارتزاق من الاحتجاجات مثلما فعل الكثير من ناشطينا "الأجلاء"، ولم يساوم على مبادئه من أجل صورة مع مسؤول، الذي قال لمارتن لوثر كينغ يوماً: "لقد سئِمَت الناس من الشعارات، يجب أن نذكّرهم بالأحلام التي ستتحقق".. والحمد لله تحققت احلامنا في هذه البلاد مع الملاكم " ابو مازن "

***

علي حسين

في المثقف اليوم