أقلام حرة

ثامر الحاج امين: أوسعتهم سباً وأودوا بالإبل

مَثلٌ ذكره " الميداني " المتوفي 518 هـ في كتابه الشهير (مجمع الأمثال) الذي يروي قصة اعرابي أُغِيرَ على إبله فأُخذت ، فلما تواروا صعد على تله وجعل يشتم السراق ، وحين رجع الى قومه سألوه عن ابله قال قولته (اوسعتهم سباً واودوا بالابل) أي اشبعتهم شتما لكنهم ذهبوا ظافرين بمالي وقد ذهبت مثلا لمن ليس عنده الا الكلام والشتم لسراق ثرواته ، وقيل اول من قاله كعب بن زهير بن ابي سلمى، وهذا المثل يكاد ينطبق بنسبة كبيرة على ما يدور في واقعنا العراقي وعلاقة الحاكم بالمحكوم في هذا الواقع الغريب الذي لم يتغير ايقاعه خلال عقدين من الزمن ، فرجال السلطة في الحكومات التي تعاقبت على سدة الحكم في العراق أقاموا لهم امبراطوريات مالية من أموال السرقات المباشرة والصفقات المشبوهة التي وفرتها لهم سياسة المحاصصة وتقاسم المناصب بين ثلة من المتنفذين فيما الشعب وعلى طريقة ذلك الاعرابي اكتفى بالشتم والانتقاد دون فعل حقيقي ضاغط على الحكام لتغيير طريقة ادارتهم لشؤون البلاد واجبار الحكومة على اتخاذ اجراءات جدية لمحاربة الفساد والضرب على ايدي الفاسدين ووضع حد لهدر المال العام وايقاف نزيف السرقات الهائلة باستثناء ما حدث في تشرين من انتفاضة بوجه الفساد تم اخمادها بالرصاص والهراوات والشيطنة ، والغريب ان المسؤول وبعد كل الخراب الذي شهده العراق نتيجة الأداء السيء والاستحواذ على المقدرات مازال ليل نهار يتكلم عن الانجازات ويوعد الشعب بالمستقبل الباهر الأمر الذي يضطرنا ان نقول له ما قال ابن شبرمة لإ ياس بن معاوية عندما استمر في الثرثرة والترهات: شكلي وشكلك لا يتفقان، أنت لا تشتهي أن تسكت، وأنا لا أشتهي أن أسمع .... للأسف اكتفينا بالشتم في حين هم أودوا بالابل .
***
ثامر الحاج امين

 

في المثقف اليوم