أقلام حرة

محمد سعد: هل الكاتب ملزم بإرضاء الجميع...؟

في عالم يموج بالآراء والتوجهات المختلفة، يتساءل البعض: هل يجب على الكاتب أن يرضي الجميع...؟ وهل يمكن أن يكون الإبداع مرهونًا بقبول الآخرين له...؟ وهل كل من امتلك منصة أو حقق تفاعلات على وسائل التواصل الاجتماعي يمكن اعتباره مبدعًا...؟
الحقيقة أن الكتابة ليست عملًا يُقاس بعدد "الإعجابات" أو التعليقات، وليست مهمة الكاتب أن يكون بوقًا للجماهير أو أن يسعى وراء إرضاء الجميع، فهذا طريق مسدود يؤدي إلى إفراغ الإبداع من جوهره. الكاتب الحقيقي هو من يكتب بصدق، متحررًا من قيود التملق أو البحث عن القبول، فالكتابة ليست استعراضًا ولا أداة لإثارة الغيرة أو التحدي، وإنما هي صوت يحمل رؤية، حتى وإن لم يُرضِ إلا قلة قليلة.
الإبداع بين التخصص والذائقة العامة
ليس كل من قرأ كتابًا أو شاهد فيلمًا قادرًا على نقده نقدًا منهجيًا، فالنقد فن له أصوله، وليس كل قارئ ناقدًا مؤهلًا للحكم على العمل الإبداعي. لكن هذا لا يعني إلغاء رأي الجمهور، فالقارئ العادي شريك في عملية الإبداع، وهو الذي يمنح العمل قيمته الحقيقية، سواء عبر التفاعل معه أو رفضه. ومع ذلك، لا ينبغي للكاتب أن يقع تحت رحمة مزاج الجمهور أو أن يجعل كلماته أسيرة لما يطلبه القراء، فذلك يُحوِّله إلى مجرد صانع محتوى يبحث عن التفاعل بدلًا من أن يكون صاحب رؤية.
هل الكاتب مسؤول عن ردود الفعل؟
العالم مليء بالتناقضات، وكل إنجاز أو فكرة جديدة قد تثير الحسد أو الغضب عند البعض، لكن هذا ليس مسؤولية المبدع. فلو كان الناس يسعون فقط لإرضاء الآخرين، لما ظهر أي تقدم أو تغيير في المجتمعات. الكاتب الذي يسعى لإرضاء الجميع سيفقد هويته، وسيتحول إلى مجرد كاتب "فرجة ولايكات"، يكتب ما يريده الجمهور لا ما يراه هو جديرًا بالكتابة.
أخيرًا
الكاتب الحقيقي لا يكتب لإرضاء الجميع، بل ليطرح فكرًا، ويفتح أفقًا جديدًا، ويكون مرآة للواقع أو كاشفًا له. من يكتب فقط بحثًا عن الإعجاب أو الشهرة سيفقد قيمته سريعًا، بينما يظل أثر الكاتب الحقيقي ممتدًا، لأنه كتب بصدق، ولم يخضع إلا لما يراه صحيحًا، بغض النظر عن القبول أو الرفض.

***
محمد سعد عبد اللطيف – كاتب وباحث مصرى

 

في المثقف اليوم