أقلام حرة

خليل الحلي: عنف المراهقين في أستراليا.. جرس إنذار لا يجوز تجاهله

تشهد بعض المدن والمجتمعات الأسترالية في الآونة الأخيرة تصاعدًا ملحوظًا في سلوكيات العنف والجريمة بين فئة المراهقين، تمثلت في تشكيل مجاميع شبابية تنخرط في أعمال السرقة، وحمل السكاكين، واستخدام أدوات حادة للاعتداء على الآخرين. وتُعد هذه الظاهرة من القضايا الاجتماعية المقلقة لما تحمله من تهديد مباشر لأمن المجتمع وسلامة أفراده، فضلًا عن انعكاساتها السلبية على مستقبل هؤلاء الشباب أنفسهم

لم تعد حوادث العنف التي يقف خلفها مراهقون في بعض المدن الأسترالية مجرد وقائع عابرة، بل باتت ظاهرة مقلقة تتكرر بأشكال مختلفة، من سرقات منظمة إلى حمل السكاكين والاعتداء على الأبرياء في الأماكن العامة. هذا الواقع يفرض على المجتمع بكل مؤسساته وقفة جادة ومسؤولة قبل أن تتسع دائرة الخطر.

إن التعامل مع هذه الظاهرة لا يجوز أن يُختزل في ردود فعل آنية أو تبريرات قانونية تركز فقط على كون الفاعلين قُصَّرًا. صحيح أن حماية الأحداث مبدأ إنساني وقانوني راسخ، إلا أن حماية المجتمع وضمان أمنه لا تقل أهمية. فالتساهل غير المدروس قد يتحول، من حيث لا نشعر، إلى رسالة خاطئة تشجع على التمادي في العنف.

الأسرة تبقى الحلقة الأولى والأهم في هذه المعادلة. غياب المتابعة، ضعف الحوار، أو ترك المراهق فريسة للشارع ووسائل التواصل دون توجيه، كلها عوامل تسهم في انحراف السلوك. وفي المقابل، لا يمكن إعفاء المدرسة والمؤسسات التربوية من مسؤوليتها في الاكتشاف المبكر للمشكلات السلوكية ومعالجتها بطرق مهنية.

كما أن مراجعة التشريعات الخاصة بالأحداث أصبحت ضرورة، ليس بهدف العقاب بقدر ما هو لإيجاد مسارات إصلاحية رادعة، تعيد ضبط السلوك وتحفظ هيبة القانون. فالقانون الذي لا يشعر به المخالف، مهما كان عمره، يفقد جزءًا من تأثيره الوقائي.

إن مواجهة عنف المراهقين تتطلب رؤية شاملة تقوم على الوقاية قبل العقوبة، وعلى الشراكة بين الأسرة، والمدرسة، والمجتمع، والجهات التشريعية. فإهمال هذا الملف اليوم قد يعني دفع ثمن أكبر غدًا، بينما المعالجة الحكيمة الآن قادرة على حماية المجتمع وإنقاذ جيل كامل من مستقبل مظلم.

***

خليل الحلي

رئيس تحرير صحيفة العهد/سدني

في المثقف اليوم