أقلام حرة
صادق السامرائي: التأريخ المرهون!!

المآسي تتكرر والتأريخ معطل، والتشجيع على الإنغماس في الماضيات على أشده في مجتمعات الأمة، ويُقال أن المجتمعات عندما تضعف وتهون تستحضر التأريخ وتتوهم صيروتها الخالدة فيه.
رايات الأموات مرفوعة في العديد من الأماكن، وإفتراض أنهم الأحياء وكل جيل بعدهم من الأموات، والأمم بحاضرها وتطلعاتها لمستقبلها، وتأريخها تأخذ منه العِبَر الصالحة لزمانها ومكانها، فلكل أمة أجلها، وسكة مسيرها المتناسبة مع وجودها في حينها.
إن إستحضار ما مضى وما إنقضى وفرضه على واقع بعيد عنه عدة قرون، من الجرائم والخطايا المصيرية المؤدية إلى تداعيات خسرانية فادحة.
يُذكر أن الحافين من حول الكراسي هم الذين أقنعوا سلاطين زمانهم بالإبتعاد عن العلم، لأنه بدعة وسيضعف قبضة السلطان على مصير الرعايا المرهونين بإرادته فهو رمز للدين وربه.
ويبدو أن التأريخ المسوّق بيننا ورطتنا الكبرى، ومأساتنا العظمى، لأنه إكتسب صفة القدسية والصوابية العالية، وبالتكرارية المقصودة ترسمت رؤانا وآليات إقترابنا من الواقع الذي يخنقنا، فأصبحنا نستلطف المآسي والويلات، ونتوهم بأنها جواز سفرنا إلى ما هو أفضل وأبقى بعد أن يأكلنا التراب الذي عليه ندوس وضده نعمل.
الأمم لديها تأريخها وأديانها، فلماذا شذذنا عنها، وغطسنا في الغابرات، وأنكرنا الحياة؟!
و"....أنشأكم من الأرض وإستعمركم فيها..."
و"عندما لا ندري ما هي الحياة، كيف يمكننا أن نعرف ما هو الموت"!!
***
د. صادق السامرائي