أقلام حرة

عقيل العبود: بين معنى الذات وحقيقة المعنى

الإنسان ذلك الكائن الذي يحتاج دوماً إلى ارتداء رداء الوقار؛ تراه مشغولًا يتصفّح أوراق وجوده في هذا العالم، لا ليُثبت حقيقة ذاته، بل لينهض بها ويثور لأجلها عندما يشعر أنّه بحاجة إلى نهوض. لقد صاغ الفلاسفة أفكارهم ونحتوها بناءً على هذا المعنى؛ فالوجود الإنساني للذات معادلة متغيّرة لا يمكن لها أن تستقر، وهذا ما يدعوها إلى أن ترتبط دائمًا بوجودها الكوني أولأن تثور. ولهذا تجد أنّ كبار الباحثين والمفكّرين في هذا العالم لم يشعروا يومًا بلذّة المائدة أو لذّة الحديث بقدر شعورهم بإرادة الفكرة، وبأهمية الذات الساعية لتحقيق الخلود. وتلك حقيقة أزلية لا يُدركها إلا أصحاب العقول الكبيرة؛ فهم لا يضيّعون أنفسهم في متاهات المكان، ولا يكترثون لأبجديات الزمان وحركته السريعة. بل تراهم مشغولين بتحدي تجارب  الإحباط  وتلك موضوعات كبيرة؛ والمتأمّل لما كتبه سبينوزا وكيركجارد وكامو يفهم هذا المعنى، لأنّ الحياة لا تقف عند عتبة الوهن والانكسار، بل تحتاج منّا جميعًا المواجهة وتحمل المشاق أملًا بالوصول إلى المبتغى.

***

عقيل العبود

في المثقف اليوم