أقلام حرة

أقلام حرة

المقدمة: هناك ظاهرة غريبة تحدث بشكل نشط في واقع البلد، وقد توسع وجودها منذ سنين، نرى هذا الجيل يضفي على الموتى هالة من القداسة والمجد الأقصى، ويستذكر الظروف والأفكار التي عاشوها .

وهو ينقب عن الأحداث التاريخية ويتغنى بقيادة الموتى في ذلك العصر، قائلاً إنهم الأكثر قدرة والأقوى والأكثر تميزًا في الماضي والحاضر والمستقبل، ويجب أن يتولوا القيادة ويقرروا مصير الأحياء.. حتى البعض منهم ينتظر ميتاً سماوياً يأتي لينقذه من ظلم الحكام ويعيد له التيار الكهربائي، ويرفع مستواه المعيشي، ويقتل الفاسدين والمارقين والناكثين، بينما هو يده مغلولة الى عنقه.. هؤلاء قال عنهم المفكر الفرنسي جان بول سارتر1905-1980  (موتى بلا قبور) .

أعداء الدين

إن أكبر أعداء الدين والمذاهب الإسلامية هم المنافقون منذ قرون، والفتاوى الكاذبة والمضللة التي يصدرونها ضد الأخرين، لقد أصبح هؤلاء جحافل وفيالق من المتخرجين من المدارس والكليات والجامعات الدينية المنتشرة في كل مكان.

 الطائفيون الأغبياء والمتعصبون، تجار الدين ومنتجاته، يغطون في سبات عميق، ويختبئون في عفن التاريخ، ولا يستطيعون التفاعل مع العلم ومنجاته الفكرية، ويشوهون الدين بقلوب مريضة، ويدمرون ملايين البشر، كما يقتلون المسلمين. وكأنهم يريدون مسح الحضارة العربية - الإسلامية بأكملها من عام 11 هجرية حتى عام 656 هجرية.

انظروا .. كم من الناس قتلتهم فتوى دينية متحيزة ؟.

ففي الدول التي تحكمها أحزاب سياسية دينية، أصبحت حالات الاختفاء والخطف والقتل على أساس الهوية الدينية والمذهبية والسياسية والفكرية من الطقوس الدينية!!.وكل ذلك يتم بالفتاوى المقدسة وعلى يد المؤمنين العقائديين المطيعين وبعلم الحاكمين.. يسمون أنفسهم (حراس الدين)، ويعاملون المثقفين المتنورين ظلما وجورا.

الموروثات

إن معظم الموروثات والقصص والتفسيرات للأديان والطوائف هي إنسانية وتاريخية وعرضية وجغرافية وسياسية واجتماعية وثقافية ومقدسة، وهي نتيجة تراكم وتحول على مدى آلاف السنين. لكن اكتشافنا أن الدين ليس مطلقا ولا أبدي ولا مطلق،لا ينفي أن الدين يمثل ضمير المؤمنين، وجذورهم الروحية العميقة، وثقافتهم الاجتماعية، وتراثهم التاريخي. .إنه نعمة روحية للناس، وهبة روحية محيرة ومشوهة أحيانًا، وعلينا أن نوضحها ونطورها.

سيبقى المسلم مسلماً، والمسيحي سيبقى مسيحياً، والإيزيدي سيبقى إيزيدياً، والشيعي سيبقى شيعياً، والدرزي سيبقى درزياً، والسنّي سيبقى سنياً، لكننا نقيم دين المحبة، إسلام المحبة، والعقيدة الإنسانية، والإسلام الإنساني، والدين المتسامح الحضاري – الأخلاقي - العقلاني - المحسن، والقضاء على الطائفية والفجور والتعصب والغطرسة والتطرف.

ونحن نعارض كافة مخططات التحريض بين السنة والشيعة، وتعزيز الأخوة الإنسانية بين الطائفتين وجميع الأديان والشعوب الأخر، وتعزيز القيم الوطنية والحضارية والعالمية.

 المصالحة الحقيقية تبدأ عندما نبدأ في إصلاح موروثنا الديني، لكي نرتقي بديننا ونملأ أمتنا بالتنوير والتقدم والعلم والأمن والعدالة والإحسان والسلام والفرح.

الديمقراطية الفارغة

لم تزل الديموقراطية شعارات فارغة، يستخدمها الحكام الجدد لفرض رؤيتهم وسياستهم.

لماذا الديموقراطية ضعيفة في الشرق الأوسط؟.

ولماذا الديموقراطية غير موجودة في العراق .

فالعراق من استباحة البعث الدموي له (1968- 2003) الى استباحة دول الجوار(2003-2024 ) .

فكل شيء فيه معطل حتى منصب رئيس البرلمان.

في الواقع فإن مراجعة واعية لمنتجات الثقافة الغربية على صعيد السياسة أو العلم، جميعها منتجات تالفة لا معنى لها في العالم الواقعي.

هذا هو ما يخبرنا به سلوك أمريكا، الشرطي العالمي المدافع عن الديموقراطية.

الفقير والغني

تضاعفت ثروات الاثيوبيين 80 في المائة من عام/ 2013 الي عام/ 2022 حيث سجل مطار أديس ابابا كأفضل مطار في أفريقيا بالكامل، وتضاعف النظام الصناعي والزراعي في البلاد.

 بينما ارتفعت ايرادات العراق  80 في المائة في نفس هذه الأعوام مع تأخر في الصناعة والزراعة والبنى التحتية.

وهنا يأتي السؤال ما هو السبب الرئيسي في هذا الانحدار على كل المستويات علما بأن حاكم إثيوبيا علماني وحاكم العراق إسلامي ؟.

عيد الغدير

حشد السيد مقتدى الصدر الجميع على أن يكون 18 ذي الحجة المصادف 25 حزيران 2024 عيد وطنيا للعراقيين كافة، رغم تنوعهم القومي والمذهبي ونجح في ذلك بعد أن كسب أصوات الأخوة الأكراد في البرلمان العراقي.

وأنا لست معارضاً لهذا العيد الأغر أو ناكراً لسيرة سيد الأتقياء ويعسوب الدين عليه السلام، ولكن سيكون هذا اختبارا صعباً، ليس لجيلنا الذي سيخرج مصابا بالأمراض والعقد، بل للجيل الذي شهد في طفولته مذبحة الهويات.

وبشكل عام فإن التشيع يحتاج إلى تعديل وتنقية لما أدخله المتطرفون من أضافات تعتبر في حد ذاتها قضية خلافية ولا ينبغي أن تؤخذ على محمل الجد في القيام بدور الانشقاق والنزاعات الطائفية، والشيعة وعبر تاريخهم الطويل يكتسبون السلطة ويفقدونها.. وهذه الحالة تذكرني بالدولة البويهية الشيعية حينما حكمت بغداد(321-447ه هـ) وفرضها عيد الغدير عيداً رسمياً، مما أزعج الطرف الثاني في حينها،وكأن التاريخ يعيد نفسه ولكن بثوب عراقي جديد.

وكما قال المفكر الإيراني الدكتور (علي شريعتي 1933- 1977 ) في كتابه (الأمة والإمامة):

"يظهر أن المسلمين يفهمون «الإمام» نبياً كان أم وصي بأنه «إنسان ما فوق» لا إنه «ما فوق الإنسان» يعني أن الامام من نوع وجنس وماء وطين آخر غير طينتنا، ولو كان كذلك فلا يمكن أن يكون نموذجاً وقدوة لنبي الانسان.

وهذا النحو من التفكير الديني كان موجودًا قبل الاسلام، يعني رفع مستوى الأشخاص إلى مقام الآلهة، وقد حارب الاسلام هذا التفكير حرباً لا هوادة فيها.

فمنذ البدء أعلن بأن نبي الاسلام بشر مثلنا، وقد طرح الشعار الرسمي للمسلمين أن محمداً عبده ورسوله، فعبوديته مقدمة على رسالته".

واخيراً.. لماذا نحن موتى بلا قبور؟

* الحياة رحلة سنعيشها شئنا أم أبينا وهي ليست مضمار سباق، فالأقدار قد كتبت والأعمار حددت والأرزاق محسوبة، إذاً فلنمضي في رحلتنا مطمئنين وبأقدارنا راضين ونتعايش معها شاكرين حامدين مبتسمين لأن الحياة ألم يخفيه أمل.. وأمل يحققه عمل.. وعمل ينهيه أجل.

التحدي الأكبر في الحياة : هو أن تكون فصلا جميلا في حكاية كل إنسان تلتقي به، أو الأقل أن تمُرَّ بسلام  وانت مبتسم.. فأجمل ما يمكن الحفاظ عليه في هذا الزمن، هو الاحتفاظ بجمال جوهرك.

والسعادة هي الشيء الوحيد الذي نستطيع أن نعطيه ونحن قد لا نملكها، فإذا منحك الله السعادة فانثر شيئاً من عبيرها على مَن حولك، فلكل نعمة زكاة .

 فالحمد لله الذي جعل أشياء تكفي أشياء، وأشياء تذهب حزن أشياء، وأشياء تجعلنا لا نحتاج الى أشياء ... الحمد لله على تأخر الفرج الذي يُعلِّمنا الصبر، وعلى الوحدة التي يتخللها ونس، وعلى البلاء الذي يعقبه فرح ... الحمد لله على وجوده، وعلى نعمة حمده، والحمد لله على جميل صنعه معنا، والحمد لله على كل حال ... اللهم أنا نحمدك على كل شيء فأصلح لنا أمورنا كلها.

(أنْ تحج لله والجياع جنبك، أم أن تحج للجياع والله جنبك؟.

هكذا هي أسئلة المعنى، وهكذا هي القصة في المنهج الوجودي. وهكذا هي المدارات في فلسفة الدين..

المعنى والوجود والفلسفة على أفق واحد، في الصحراء وما بعدها.

الحقيقة لا تبحث عنا في أسئلة الدين، بل في أسئلة الوجود.. كذبنا حينما جعلنا لله بيتاً، بيوت التعساء بيوته.

.. دائماً تكذب المعابد وتكذب أسماؤها... علي شريعتي ).

***

شاكر عبد موسى/ العراق

 

ظهر علينا مؤخراً المحلل السياسي عماد المسافر في "نيو لوك" متطور، ليحدثنا عن مخاطر من أسماهم " التشارنة "، والرجل يقصد الشباب الذين شاركوا في تظاهرات تشرين التي أزعجت " سيادته " لأنها طالبت بالعدالة الاجتماعية ومحاسبة الفاسدين، وتقديم الخدمات للشعب، وهذه أمور يعتبرها محللنا السياسي من الكبائر، فكيف يجرؤ شباب على تحدي قادة البلد ويطالبونهم بمراعة الشعب، السيد المسافر أو المحلل أخبرنا بأريحية بأن الحكومة لو قررت أن تحارب إسرائيل " التشارنة راح يشيلون سلاحهم ويرحون، ويكولون إحنه مع قرار الدولة "، وفي لفتة مثيرة للاهتمام يضرب على المكتب يردد "ما يشاركون عمي " ويضيف :" شفتلك فصيل من المتنبي شارك بحرب داعش "، ولا أعرف سر انزعاج بعض المحللين السياسيين من شارع المتنبي، ولماذا يثير منظر الكتب كراهيتهم .. بعدها يضيف وهو يعدل غترته: " لو ما إحنه يكدرون يوم الجمعة يروحون يكلبون كتب " وليسمح لي السيد المسافر أن أسأله : هل شارك في المعارك ضد داعش، ومتى . وأين؟ .

يترك السيد المسافر " التشارنة " ليتحول إلى المدنيين العلمانيين واليساريين والذين يصفهم بالقلة وبأنهم أيضا لن يشاركوا في قتال إسرائيل .. المضحك في حديث محللنا السياسي أنه بسبب كرهه للقراءة والمعرفة فاته أن القوى العلمانية واليسارية العراقية ترتبط بعلاقة وجدانية مع فلسطين، وأن الكثير من اليساريين استشهدوا وهم يشاركون الفصائل الفلسطينية معركتها العادلة ضد الكيان الصهيوني، وأن أبرز الفصائل الفلسطينية ترتبط بعلاقات تاريخية مع قوى اليسار العراقي .

سيقول البعض يارجل: لماذا تريد مناقشة محلل سياسي يسخر من الثقافة ويعتبرها " رجس من عمل الشيطان "؟ ماذا يختلف عماد المسافر عن عامر الكفيشي ومحمود المشهداني، يملأون الفضائيات والصحف بحديث عن مخاطر المدنيين على المجتمع العراقي، ويخوضون معركة الإساءة لكل من يطالب ببناء دولة المواطنة ومحاسبة سراق البلاد والعباد .

منذ انطلاق تظاهرات تشرين والبعض يريد أن يؤكد للعالم بأن الذي سرق البلاد وخربها وأشاع الطائفية والمحاصصة وباع المناصب إنما هم العراقيون الذين تظاهروا في ساحات الوطن، وأن تحرير العراق من القوى المدنية بات مقدماً على تحرير العراق من الفساد والانتهازية.

في ظل نظام سياسي اعتقد المواطن المغلوب على أمره مثل جنابي أنه ديمقراطي، مازال البعض مثل عماد المسافر يعتقد بأنه يحمل تراخيص لتخوين الآخرين والدعوة إلى طردهم من بلاد الرافدين.

عندما يتقدم مواطن لطلب وظيفة بسيطة، سيُطلب منه أن يملأ استمارة عن خبرته ومؤهلاته، وسيرته، لكن المحلل السياسي عندنا لا يُسأل عن كفاءته، وثقافته، فقط عليه أن يشتم تظاهرات تشرين، وسيحصل على المال والسيارة الحديثة والمنصب وبطاقة سفر مجانية إلى الحج.

***

علي حسين

يقول الشاعر العباسي علي بن الجهم:

من ذا الذي تُرضى سجاياه كلها

كفى المرء نبلا أن تُعد معايبه

ما أسعدك يا ابن آدم إن قلّت معائبك وكثرت خصالك المحمودة! فالأخيرة سلاحك في الوجود مع أبناء جنسك، فالصدق والأمانة والنزاهة والشهامة والكرم، وغيرها كثير مما لا يحصرها قوسان، أفضل ما يُنعت به الإنسان وسط معيته، وقطعا ينضوي الالتزام بالمواعيد، والوفاء بالعهود المقطوعة تحت هذه الخصال، ولطالما نقل لنا العراقيون المسافرون بعد إيابهم من السفر، عن أهمية الموعد لدى الغربيين والشرقيين من سكان المعمورة، وأظننا نحن العراقيين أولى بهذه الخصال من مجتمعات كثيرة، وكيف لا وعمر موطننا موغل بالقدم، ولحضاراته بصمات طُبعت على حضارات أمم تلته. وسواء أكان الموعد مقيدا بالوقت، أم بتنفيذ عمل، أم بتحقيق منجز، فإن الإيفاء به، والالتزام بتنفيذه على أتمّ وجه، خصلة رائعة تضاف الى الخصال الحميدة التي من المفترض أن يتحلى بها الإنسان السوي، لاسيما إذا كان الموعودون رعية، يتحتم على الراعي إتقان واجباته تجاههم، فهو أولا وأخيرا مسؤول عن رعيته.

ولا يخفى أن العراقيين قد تعودوا طيلة عقود -بل قرون مضت- على إخلاف بعض أرباب مؤسسات البلد بمواعيدهم، إزاء ما موكل على عاتقهم من مهام، كذلك غدت خصلة نقض العهود سمة بارزة، يتسم بها بعض ساسة عراقنا -ولاسيما الجديد- بل هم يتفاخرون بعدم الاكتراث بمواثيق تربطهم مع ملايين العباد، الى حد بات المواطن يناشدهم بملء فيه:

لا تدعني ككمون بمزرعة

إن فاته الماء أغنته المواعيد

إن ما يؤسف له أن التأخير في تنفيذ الوعود ليس عفويا ولا مصادفة ولا ظرفا طارئا، بل هو مقصود ومتعمد، وقد مل العراقيون سماع مفردات التصبير والتطمين السرابية، وتحديدا تلك التي يواري المسؤولون بها تقصيرهم، فقد تشعبت تلك المفردات كثيرا في الخطابات والتصريحات، حتى ناءت بحملها المايكروفونات، وباتت الكلمات الجارية على ألسنة الناطقين بها، محفوظة واسطوانة مشروخة في أذن المواطن، مقابل أعذار جاهزة، وشماعات عديدة يميلون معها حيث مالت، وهم يظنون ان اتباعهم هذا السلوك في التملص من إتمام المسؤوليات الملقاة على عاتقهم، ينجيهم من وضعهم في قفص الاتهام عاجلا او آجلا، وقطعا هذا ناتج عن أمنهم واطمئنانهم من سوء العاقبة والعقاب، فقد قيل سابقا: (من أمن العقاب ساء الأدب). فكأن المماطلة والتسويف في المواعيد والعهود، صار ديدن من يتبوأون مناصب صنع القرار والبت فيه، وتشريع ما يخدم المواطن والمصلحة العامة، في الوقت الذي كان حريا بمن يتسنم مواقع كهذه، ان يطلق العنان للخصال الإيجابية، ليصل بها أعلى سقف في الأداء والإنجاز، ويسخِّر طاقاته لاختزال ما يمكن اختزاله من الزمن، من أجل اللحاق بالأمم التي سبقتنا بالتحضر، زمانا ومكانا ومكانة وازدهارا.

اليوم ونحن كما نقول (ولد اليوم) لدينا قياديون منتخبون ديمقراطيا لإدارة مؤسسات البلد، ومن المفترض ان يخرجوا من صومعة سلبيات من سبقهم، وعليهم استبدال الطالح من الأعمال بالصالح منها، وكذلك السيئ بالجيد، و (الشين بالزين)، وأن لا يبخلوا على مواطنيهم بإتمام ما وعدوهم به، فهل هم فاعلون؟ وهل يغيرون الصورة الموحشة التي تعكس سلبيات السابقين؟

***

علي علي

 

مهما توهمنا المعرفة فالجهل سيد المواقف، ولا يوجد مَن يعرف، فكلمة علاّمة لا وجود لها في الواقع البشري، السائد عدم المعرفة الحقيقية، وقليلون هم الذين يفوزون بدراية قاصرة، ويحسبون قطرة الماء التي عندهم بحارا.

تخيلوا حجم الكرة الأرضية في الكون الفسيح، وأحجامنا بين مخلوقات الأكوان التي لا تعد ولا تحصى، فكيف تدري القطرة بما تحويه المحيطات.

بل نحن جزيئ في قطرة، ذات ملايين الجزيئات المكونة لوجودها.

الكثيرون يدّعون المعرفة، ويتوهمونها بإصرار، ويحسبون أن لديهم القول الفصل ومسك الختام، وما عندهم أضغاث أحلام.

وبموجب ذلك صار تفاعل العقول هو الذي يتحكم ببوصلة الإدراك المعرفي، ولا يستطيع عقل واحد القول بالدراية الواسعة والإدراك الشامل.

فالشعوب التي يتولى مصيرها الأفراد تتهاوى للحضيض، والتي تسوسها العقول المتفاعلة تمتلك ناصية القيادة والإقتدار.

فهل لعقول الأمة أن تتفاعل؟

وهل لأفرادها أن تتنازل عن عرش الأوهام؟

إنها تساؤلات مصيرية، ونداءات واعية، لمعنى القوة والعزة والكرامة.

فهل نعرف؟

المعرفة قوة، وتتحقق بالتفاعلات الجماعية، وتفعيل العقول، وتبادل الآراء والعمل بتنمية الأفكار والإستثمار الإيجابي فيها.

فعلينا أن نكون بعقولنا المتفاعلة لا بنفوسنا المتحاملة، وفرديتنا المغفلة القاصرة.

والعلم مفتاح الفرج!!

***

د. صادق السامرائي

 

(النصُّ هو رأي شخصي)

ثمَّ إنهم قد سألوا ربَّ عملِهم بمكرٍ خفيف، وبلحن حرفٍ طفيف، وكانوا قد ظنّوا به أنه ربٌّ عملٍ جشغُ طموعٌ كسيفٍ غيرُ وليف:

"أنّى لك أن تُربيَ الأولاد بينما أنتَ تمكثُ سبعَ عشرةَ ساعة كل يومٍ في ميدان العمل ألا يا ايها المثابرُ الشريف؟! فردَّ عليهم بردٍّ حقيقٍ ظريف، وثيقٍ لطيفٍ، رقيقٍ غير عنيف:

" قد تركتُ فيهم عينَ أمٍّ راصدةٍ ودودٍ رصينةٍ حصينةٍ وحنونٍ أليف. وتلكم عينٌ لن تُخفيَ عنيَّ شيئاً، سواء أكان الرصدُ مؤلماً وللوجعِ يميلُ وغيرَ عفيف، أم كانَ مؤنساً طريفاُ وللبهاء يكيلُ وعليه يُضيف، وتركتُ كذلكَ فيهم عينَ أمِّ أبِيهم، وإذ هي الرصدٌ على ذاك الرصدِ الحنون الأليف. ثم إني سائلكم ذاتَ السؤال المُخيف، وبلا مكرٍ رجيفٍ وبلا وحيف:

"كيفَ لكم أن تُربوا الولدان بينما أنتَم حاضرونَ مع أعينكم الراصدة بين يديَّ كل يومٍ في ذا ميدان ثماني ساعاتٍ وماكثون بتوظيف"؟!

كاتب السطور لا يدري بمَ ردَّ السائلونَ على مديرِهم الطموعِ الكسيفِ أو هو الطموحِ الشريف، ولكن في الأعم والأغلب انهم قالوا بريقٍ يصارعُ التجفيف:

" قد تركناهم عند جَدَّتِهم ذي السبعين سنة وببصرٍ كاد يكونُ شبهَ كفيف، أو تركناهم وحدهم في الدار بصمتٍ رهيبٍ كصمتِ أفراخِ العشِّ بلا زقزقةٍ وبلا رفيف، أو رميناهم في حديقةٍ مُسيَّجةِ يُسمونها الناسُ إفكاً وزوراً {رياض أطفال} تحت زعمِ الترفيهِ والتثقيف، أو رُبَما عند عمَّتهم المتينة الكارهةِ لوسائلِ التنظيف، أو عند خالةٍ لهم ما فتأت متأوِّهةً بتأفيف" .

بيدَ أنَّ كاتبَ السطورِ يدري بل يعلمُ أن جندَ "إبليسَ" قد دخلوا مساكننا كلها كمثلِ ريحٍ صرٍّ عصيف، تحتَ غاياتِ تنعقُ بتزييفٍ وتحريفٍ وبتخريف، بأنَّ للمرأة حقَّ المساواة وما هي بكائنٍ تابعٍ ولا هي بوصيف، ولئن سألتَ أهلَ الدارِ ليقولنَّ: ألم ترَالى (خولة بنت الأزور) كيفَ كانت مع ضرارَ بالجوار وليس برديف، وهكذا لقَّنهمُ ابليسُ تلقيناً ذاتَ ردٍّ بليدٍ بلا تجذيف، كي يردُّوا به على مَن سألَهم بتعريف، ففتحوا أبوابَ الدارِ للشيطانِ وجندِهِ ليجتثوا منها عينَ الرصدِ الودودِ الرصينِ الحصينِ والحنون الأليف، وتركوا الجّدَّةَ ذي السبعين سنة وذاتَ البصر شبه الكفيف، تضربُ الكفَّ بالكفِّ بحَزَنٍ مُخيف، وتنظرُ للجنودِ وكيف في الدارِ قعدوا وأقعدوا الولدانَ في أحضانهم يربُّونَهم ويُشكلونهم كما يشاءُ السفيهُ "إبليس" ببوقِ إعلامهِ الشيطانيِّ الخادعِ السخيف.

ثمَّ..

إتَّكأ "إبليسُ" وجنودُهُ من بعدُ يضحكونَ مستهزئين بقولِ الله ﷻ: {يَا آدَمُ إِنَّ هَـٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ} بتكليف، ولسانُ حالهم يقولُ لربِّ آدمَ: "نظنُّ أنَّ الآوانَ قد آنَ كي تُصَححَ الآيةَ ولحرف (ألف المثنى) أن تُضيف، فهلّا جعلتَها: ( فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَيا) بتوظيف.

وأوَّاهٍ يا نحنُ بنو آدمَ!

ما أضيقَ معايشُ الحياةِ اليومَ ويا لضيقِ هِذي الفلاة بتخصيف! بعدما نبذنا وراءَ ظهورِنا ملةً ذاتَ ذكرٍ حكيمٍ بحرفٍ غيرِ ذي عوجٍ بل معجز رهيف، واتَّبعنا ثُلَّةً ذاتَ ترهاتٍ مُتهتِّكةٍ مُتَبَتِّكةٍ مُتفذلكةٍ بتخاريف.

ثم إنَّهُ الآن وحسب، قد فَهِمَ كاتبُ السطور ووعى بجلاءٍ دقيقٍ معانيَ ذلك الحديث النبوي الشريف: (لاَ يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ إِلَّا الَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ، حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ). ذاك أنه حديثٌ يبدو للسامع انه متضاد مع التفاؤل بتوقيف، ومع وقائع الأزمنة المتتابعة متناقضٌ بتصريف، فزمانُ "عمر بن عبد العزيز "كان خيراً من أزمنةِ خلفاء قد سبقوه بتصنيف، غيرَ أنَّ نبينا الأكرم ﷺ كانَ يتنبأُ مُحذراً الأفئدة من تفلُّتٍ ذميم، وما كان ليتنبأ بما سيكون في الأصعدةِ من ندرةِ طعامٍ على المائدة أو من كثرةٍ من رغيف، وما ينبغي لنبينا الوسيمِ القسيمِ ﷺ أن يتَنبَّأ بتحذيرِ وتسليةِ الأجسادِ من ضيقٍ عيشٍ وعُسرٍ كثيف، لأنهُ ﷺ ما بُعِثَ إلّا لتزكيةِ الأرواحِ والأولاد والأحفاد من كلِّ تحريفٍ للحياةٍ بتخريف.

(أكرر: رأي شخصي)

***

علي الجنابي

 

هذا استنتاج قابل للنقاش، مبني على تقييم نفسي سلوكي لما جرى في تركيا، بعد إنكسار الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، ومحاولات الدول المنتصرة عليها، أن تفترسها بقسوة ووحشية سافرة.

إذ تحولت الدولة بما فيها وعليها لملك مشاع للغالبين، وجرت المؤامرات لتمزيقها إربا إربا، والإطاحة بدينها ومحق وجودها.

وبقي الخليفة في الباب العالي دمية أو كالأسير الذي عليه أن ينفذ ما يُطلب منه، لأنه مهزوم.

ويبدو أن العسكري مصطفى أدرك مغزى اللعبة، وقرر أن يواجهها بلعبة تبدو على أنها تحقق مطامع المتنافسين على تدمير تركيا، فانطلق في مشروعه بخطوات عملية توهم أعداءها بأنه يعمل لصالح مشروعهم، القاضي بمحقها كرمز للإسلام وقوة ذات إرادة كبيرة، وكانت اللعبة أن يبدو وكأنه في حرب علنية على الإسلام، ومناهض لمفهوم الخلافة، ففعل الذي فعله بدوافع وطنية بحتة، للحفاظ على بلاده التي أريد لها أن تغيب.

فتوهم الغرب بأن تركيا قد طلقت الإسلام بالثلاث، وأصبحت لها كيانها الخاص المقطوع عن تأريخها المجيد، ومضت الأمور على هذا التصور لبضعة عقود، حتى أخذت تنطلق فيها نداءات الرجوع إلى أصلها، وأن قوتها ومجدها قد تحققا بالدين، فنشأت فيها الأحزاب الداعية لتمثل قيم الإسلام.

ولا يخفى أن الإسلام لم تخمد جذوته في أعماق الشعب التركي بل تأكد وتنامى، فالشعب التركي متدين وملتزم بتعاليم الدين رغم ما حصل.

وبعد أن دارت السنون بعقودها الحامية، وجدنا تركيا تستعيد ذاتها وتلتقي بجوهرها الحضاري، وتتمثل الإسلام بآليات معاصرة، ذات  قدرة على المطاولة والتحدي والإقدام.

ولهذا يمكن القول أن أتاتورك قد حافظ على تركيا بدهائه، ووفر للإسلام حاضنة ذات قدرة على التعبير الأمثل عن قيمه وأخلاقه، والأمور بخواتمها، وفي أقل من ستة عقود ظهرت نتائج ما قام به أتاتورك.

 فهل كان مستشرفا نبيها للمستقبل، ومدركا لعواقب التحديات؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

بين أحداث تمر مرور الكرام، وأخرى تحز في النفوس وتدمي القلوب وتخدش الخواطر، وثالثة تثير الاستهجان والامتعاض، ورابعة تدعو الى الانتفاض والتمرد، وخامسة وعاشرة وعشرين… حتى تعجز الأصابع عن عدها، ويضيق بها قوسان إن أردنا حصرها بينهما، يقضي العراقيون أعمارهم، ويشطبون سنوات من حياتهم، ويعدون العدة لأخريات وهم غير واثقين أن القادم من أعمارهم يبشر بخير، لا لقنوط تسرب الى نفوسهم، ولا لتشاؤم تطبعوا به من جراء ما صادفهم، بل لأن أسلوب إدارة بعض الولاة والحكام الذين تعاقبوا على حكم بلاد مابين النهرين، لم يكن بالمستوى المطلوب ولا نصف المطلوب، بل هو أحيانا يكون بعيدا عن كل ما مطلوب، في حين كان حريا بهم أن يتميزوا ويتفردوا في نهجهم الإداري، لاسيما أن منجم الخيرات اللامنقطعة واللامعدودة تحت تصرفهم، بما يعكس على شعوب البلاد مقومات السعادة والعيش الهني والرفاه والازدهار.

ولعلي لا أبالغ إن قلت أن نسبة سيئي الإدارة باستغلال هذه الثروات، كانت أضعافا مضاعفة عن الجيدين فيها، فمنهم من بددها وضيعها في حوائجه الخاصة، ومنهم من أحاط نفسه بزبانية سراق وفاسدين، فراحوا يعبّون منها جيوبهم وجيوب عوائلهم وخواصهم، وخزنة البلاد تئن تحت بسط أيديهم على مفاتيحها، ومنهم من سخرها في خوض حروب ومهالك، مع دول قريبة أو بعيدة، أتت على الزرع والضرع والأخضر واليابس، حيث يزجون البلاد وشعبها كل حين في (كونة) هنا أو غزوة هناك، غاضين نظرهم واهتمامهم عن المصالح العليا، ضاربين عرض الحائط مواكبة تطور أمم العالم. والطامة الكبرى -والطامات كثر- أن اللاحقين من السلاطين لم يتعظوا من أخطاء الأولين في سوء الأدارة، بل تمادوا في غيهم دون حسيب ورقيب، وهم يدّعون أن مسيرتهم حافلة بالنجاحات بقيادتهم الحكيمة، ورياستهم السليمة، وكياستهم في التعامل مع أقرانهم ونظرائهم في الخلق، ممن يجاورونهم مكانا أو من هم بعيدون عنهم. وبتراكم هذه السلبيات تولّدت خبرة لدى الشعوب على مدى عصور، بمصداقية حكامهم والقائمين على إدارة دفة سفينتهم، دون الحاجة الى محلل او خبير او منظّر او قارئة فنجان.

ولا يخفي أن بلادنا تزخر بالخيرات في باطن أرضها، وكذا الحال على سطحها ومائها وسمائها وموقعها، غير أن إرث سوء إدارتها وتحييد المصلحة العليا، مازالا يمثلان السمة الغالبة لبعض من يتبوأون الصفوف العليا في القيادة، وهذا ما يسهّل تدخل جهات خارجية متصيدة في عكر المياه، بشأن البلاد الداخلي لأغراض دنيئة شتى، وكناتج حتمي لهذه السياسة، نرى اتساع رقعة الخلافات ومساحة الاختلافات يوما بعد يوم، وتتتالى النزاعات وتتوالى الاحتدامات بتصعيد لا يخبو أواره يوما، إلا ليضطرم أياما وشهورا وسنوات، وتتنوع المكائد والمصائد التي ينصبها بعض ساسة البلد لبعضهم، بدل أن يكون: "بعضهم لبعض ظهيرا" حيث سايروا الطوفان القادم على البلاد، وأسهموا في الخراب والتخلف في جوانب عديدة من مفاصل البلاد.

ولم تعد هذه السياسة خفية على فكر المواطن، بل باتت حيثياتها معلومة لديه، وأدرك أن ما تصادفه بلاده من أحداث سيئة، لم تأتِ من المريخ أو من زحل، فهي بين موروثة ومفبركة، وبين مصطنعة ومتعمدة، وبين مستوردة ومحلية، وبين همزة لمزة، وبتحصيل حاصل سلبياتنا (منا وبينا). كذلك هي أحداث منها لا يتشرف مؤرخ بتدوينها، ولا تستحق من الأجيال استذكارها فيما بعد، ومنها تطبع في سجل الذكريات وتنقش يومياتها بالتفصيل الدقيق، وكلها بمجملها محزنة حدا يتجاوز البكاء والنحيب والعويل، وليس أمام المواطن غير اجترار ردود الأفعال ذاتها كل جيل، وصار بديهيا لديه استنساخ المتوارث منها، وترجمته إلى ردود محدثة بطريقة: (Copy Paste).

***

علي علي

دول الأمة تحت سطوة الكراسي المضحكة، فالقائلون بسلطة الشعب وقدرته على تغيير الأوضاع القائمة، واهمون، ويتناسون أن الشعب لا يمتلك القوة، وإن تظاهر تناهشته ذئاب الكراسي وفتكت به.

ذلك أن الكراسي لا تستمد قوتها من الشعب، وإنما من القِوى التي تخدم مصالحها بتفاني وإخلاص مطلق.

الشعب له دوره الكبير عندما تستمد الحكومات قوتها وشرعيتها منه، وهذا ما يبدو واضحا نسبيا في الدول المتقدمة، أما في الدول المتأخرة، فالكراسي عدوة الشعب وقاهرة لإرادته، وقابضة على مصيرة بشتى أنواع الحرمان من أبسط الحاجات، وبعرقلة أيامه وحشوها بالمعوقات والهموم المرعبات.

العديد من قوى المعارضة، تركز على أن الشعب سيمتلك إرادته ويقوم بدوره في المطالبة بحقوقه وتأمين وجوده الوطني والإنساني، وكأنها تغفل هيمنة الكراسي وأعوانها المسلحة التي تفتك بالمواطنين، بعد أن صار الشعار والمنطلق مزيّن بدين.

الشعوب المقهورة عبارة عن أرقام مجهولة، بلا حول ولا قوة.

لو أن عدد الشعب عشرات الملايين، فهو يساوي رقما أو بضعة أرقام تتحكم بوجوده، وتقرر مصيره وفقا لأجندات المصالح الأجنبية والمشاريع الإستحواذية على ثرواته.

فأين الشعب؟

الكراسي فاعلة، والشعب مفعول به، ومُسخّر لإدامة الكراسي في نعيمها الزاهر الألوان.

الكراسي تقول، والشعب عبدٌ مأمور!!

السمع والطاعة مذهب العصور، والكراسي تجور، والشعب يخور، ويتحقق تمزيقه وإذكاء الصراعات البينية الإلهاية في صفوفه، وتحويله إلى موجودات متناحرة، مستنزفة الطاقات والقدرات، تتشبث بأي شيئ كأنها الغريق في ويلات دولها، وتداعيات أيامها الفائقة الإنهاك والتدمير.

إذا تغيرت الكراسي، تغيرت المآسي، وربما ذهبت، إذا فاز الشعب بكرسي غيور!!

الجالسون على الكراسي في دول الأمة، أصحاب وكالات من أسيادهم الذين يستخدمونهم لإنجاز مشاريع الفساد المربح المشرعن بفتاوى ذوي العاهات، التي تمليها عليهم أمّارات السوء التي فيهم.

فهل وجدتم دولة ذات مَقام والكرسي فيها خائن مِقدام؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

يبدو أن الإسلام صار دين هذا وذاك، وما عاد كما كان دين فرقان وسنة، ومن تنزيل الرحمن الرحيم.

ففي كل عصر تجد مَن يدّعي المعرفة بالدين ويُسمى فقيها، ويأخذ بالإجتهاد والتفسير والتأويل، ويوهم العامة بأن ما يأتي به هو الدين القويم.

وبتزايد أعداد الأعلام  تزايدت الأوهام وتعدد الإسلام.

حتى أصحاب المذاهب الأربعة، ما هم إلا بشر، وكل منهم أدلى بدلوه، وحَسِبَ ما جاء به عين الصواب وفقا لما عنده من معلومات، وما توصل إليه نسبي، إبن زمانه ومكانه.

فهذا حنبلي، مالكي، شافعي، حنفي وغيرهم الكثير، لكنهم سادوا لأغراض سياسية، فالكراسي بحاجة لمطية ذات دين، ولهذا تم إستعمال المذاهب لتأمين الحكم.

مثلما فعل المأمون  مع المعتزلة، وكذلك فعل الآخرون، بهذا المذهب أو ذاك، فالكراسي بحاجة لعقائد، والمذاهب وسائل للتقرب للحكام، كما يُقال منذ سالف الأزمان، وهي تجارة مربحة.

فالمذاهب إبداعات سياسية أكثر منها دينية، فيحكمون وفقا لهذا المذهب أو ذاك، ولا يحكمون وفقا لمعطيات العصر، ولا يمتلكون القدرة على سن عقد إجتماعي صالح للمجتمع والأمة.

فهل أن الدين قمع للحريات، ومصادرة لحقوق وقيم الإنسان؟

إن المذاهب والمدارس وما يتصل بها تناهض أبسط حقوق الإنسان، الذي خلقه الله بأحسن تقويم، وإذا به أسفل سافلين بسلوكه المشين.

فأين الدين، يا أمة إياك نعبد وإياك نستعين؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

يعود تاريخ اختراع التلفاز بشكل بدائي إلى عام 1884، ثم أخذ يتطور تقنيا عقب الحرب العالمية الأولى، وشهد في بداية الخمسينيات طفرات نوعية حتى وصل إلى مانراه اليوم. وباختراع الأقمار الصناعية حدث ثورة الاتصالات الهائلة، وتعددت وسائل نقل الأخبار بصنوفها لعل أبرزها السوشيال ميديا، وصرنا نتابع ما يحلو لنا من برامج أنّى شئنا، وبما أن بلدنا يشهد تقلبات كثيرة على مدار الساعة تقريبا، لاسيما في الجانب السياسي، فإن وسائل التواصل سهلت متابعتها من قبل المواطن.

هو ليس تحليلا جديدا لحالة آخذة بالانتشار، بين جمهور يتابع وسائل الاتصالات أولا بأول، كما أنني لن أضيف بتناولها معلومة لأذهان متلقي مقالي هذا، ولا حق لي بنيل سبق صحفي في نشرها، تلك الحالة هي تعدد الإجابات وتذبذبها، على لسان مستضافين في برامج حوارية وتنظيرية تُعرض على شاشات التلفاز، مع أن السؤال المطروح عليهم واحد. وأكاد أجزم أن أغلب هذه الأسئلة لا تقبل إجابتين، وإن قبلت فمن باب اختلاف وجهات النظر وتعدد الآراء، وهذه حالة إيجابية تعزز هدف المحاورة أو التنظير، بإشباع رغبة الجمهور المتابع في الاطلاع على ما يمس مصلحته، أو تغطية حاجته في معرفة مايدور في بلده.

ولا تُنكر حاجة المواطن في الوقوف على كل كبيرة وصغيرة، للأحداث التي تغيب تفاصيل بعضها -بل أغلبها- عن تصوراته وتحليلاته، رغم أن مداركه وتوقعاته قد توسعت، وتعمقت قدرته على استقراء المستقبل، وفق معطيات الأحداث بما توفره له وسائل الاتصال الحديثة، ولا أبالغ حين أقول أنه لم تعد تنطلي عليه مخفية ومعلنة، أو شاردة واردة، أو همزة لمزة، وأصبح كما يقول مثلنا الدارج: (مفتّح باللبن). وكما أشرت أن الاختلاف حالة مشروعة في النقاشات، وتأتي أكله مع تنوع درجاته وأصنافه بالنافع والمفيد، ولا ضير في تشعبه وشموله مفاصل عدة، مادام الرأي السديد والتحليل المنطقي وقناعة الأطراف المختلفة، هي تحصيل حاصل يُدخل الطمأنينة إلى قلب متابع الحدث. غير أن الذي يعكر صفو الحوار أو المناظرة هو الخلاف، وشتان بين الخلاف والاختلاف، وما يزيد الطين بلة ويشوه الحقائق، هو تعنت المستضافين بآرائهم ومواقفهم، وعادة ما يكون أحدهم مصيبا، فيما يكون الثاني مجانبا للحق بعيدا عن الصواب، وله في هذا خلفية تحكمه وجهات تحدد مساحة طرحه، ويظل المستظافون يراوحون يمينا ويسارا ويتقافزون على الحقائق والدلائل، وينحسر هدف كل منهم في الانتصار على نده، مدعيا أنه الجانب الأحق والباقون كلهم باطل، وكأنه يجسد ما ينسب لإبي العتاهية (أو لغيره):

وكل يدعي وصلا بليلى

وليلى لا تقر له بذاك

ولطالما تحولت طاولة الحوار إلى حلبة مصارعة يضطرم فيها النزاع، فيبرز فيها كل ند عضلاته على الآخر، وغايتهم قطعا معروفة لدى المستمع، وهذا ما أدمنا رؤيته في أغلب البرامج، وفي الحقيقة أن من المعيب أن يبلغ الخلاف حدا، يتجاوز فيه المتحاورون دبلوماسية الحوار، وتختفي الكياسة المفترض توافرها فيهم، بل يتبجح بعضهم بـ (انعدام الأدب) أحيانا، فيطلقون العنان للألفاظ غير اللائقة بينهم بشكل مخزٍ، ولايقف خلافهم على التنابز وارتفاع الأصوات، بل يتفاقم إلى تشابك بالأيدي وباستخدام (السلاح الأبيض) في أحيان كثيرة، وهنا يفقد الحوار الهدف السامي لإجرائه، ويختلط حابل الحق مع نابل الباطل، ويحار الطرف المحق بأي الطرق يتحاور ليوصل صوته، وهكذا يضيع الحق كما "ضاع عقد على صدر خالصة".

***

علي علي

ظاهرة غريبة فاعلة في واقع الأمة وتنخر وجودها عبر العصور، فترى الأجيال تضفي هالة القدسية والمجد الأعظم على أمواتها، وتستحضرهم لقيادة الحياة، والتعبير عن أفكارهم المقبورة معهم.

فتراها منهمكة في نبش الأجداث، والتغني بقيادة الأموات لأيامها، فهم الأقدر والأقوى والذين لا مثيل لهم في الحاضر والمستقبل، وعليهم تسنم القيادة وتقرير مصير الأيام.

وبموجب ذلك، تجد أحياء الأمة وقادتها في صراعات مريرة، وأكثر عقولها المستنيرة هاربة أو مصابة بالتعطيل والتعويق، ووضع المصدات أمامها، والتنكيل بها ومحق وجودها وإلغاء دورها، وتنطلق نشاطات التغني بالأموات، وتخليد ذكراهم، وإخراجهم من طورهم الآدمي وتحويلهم إلى مخلوقات خيالية فادحة التأثير.

وهذا سلوك تحققت تنميته في القرن العشرين وتواصل تعزيزه على مر العقود، حتى ألفيتنا في رحاب الأموات الذين أيقظناهم من رميم القرون، فلا همَّ عندنا سوى الحديث عن الذي مضى وما إنقضى، وعن الرموز الآدمية الآسنة في وعينا الجمعي، والتي نحسبها لا تمت إلى البشرية بصلة، وإنما مخلوقات فنتازية أنجزت الملاحم الخارقة، وعلينا أن نستلهمها ونتغنى بها، ونموت في سبيلها، ولو إستيقظوا لإستخفوا بعقولنا، ولخجلوا من أحوالنا.

فنحن بسلوكنا نذلهم، ونستهين بهم، ولا نتعلم منهم ما يعيننا على صناعة حاضر مقتدر ومستقبل مزدهر، بل نتسبث بالرميم، ونحسب التقهقر سيخمد سعير الجحيم الذي تورطت فيه أمة ذات أدوات إحباطية وتيئيسية وتخاذلية فائقة التأثير والتمرير.

لو تصفحت المنصات الإعلامية، الورقية والإليكترونية، لتبين أن الأموات قادتنا، والأحياء أعداؤنا، وكأننا الأموات وهم الأحياء الفاعلون في صناعة وجودنا.

فتمجيد الأموات مذهبنا، ومناهضة الحياة منهجنا.

وما صح فينا القول: " إعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، وإعمل لآخرتك كأنك تموت غدا"!!

فجحود حق الحياة قانوننا، المشرعن بفتاوى مؤدينة!!

***

د. صادق السامرائي

الثورة التواصلية التي حولت الكرة الأرضية إلى رقعة صغيرة، هل ستصبح ذات تفاعلات كونية؟

لا يمكن الجزم مهما توهمنا واعتقدنا بأن الأرض لوحدها المأهولة في كون مطلق متسع فسيح، فيه ما لا يعد ولا يحصى من أمثال مجموعتنا الشمسية.

ولا يمكن الجزم أيضا بأننا أذكى المخلوقات الكونية.

فمن المرجح أن هناك كائنات أذكى منا، وأكثر تقدما، وربما عندما سنرتقي لبعض مستويات معارفها سيتحقق التواصل معها.

فالإنترنيت ذات قدرات إختراقية وتفاعلية  مع الطاقات المتنوعة في الكون.

إن هذا التفاعل سيكون أمرا واقعا في القرن الحادي والعشرين وما بعده. وسندرك بأن هناك مخلوقات ذكية ذات تطورات إدراكية خارقة.

وهذا التواصل الموعود سيكشف حقائق وسيمحق عقائد ورؤى وتصورات، وربما سنجد وثائق مصورة عن تأريخ البشرية منذ البداية وحتى اليوم.

وسيمكننا إستحضار أي فترة زمنية في أية بقعة أرضية حية ومجسمة، ونشاهدها ونستمع لرموزها وأبطالها وقادتها!!

فهل هذا محض خيال؟!!

وهل تهاوت أروقة المُحال؟!!

و" ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا.. ويأتيك بالأخبار مَن لم تزود"!!

***

د. صادق السامرائي

 

توقعت منظمة الصحة العالمية ارتفاع الحرارة هذا العام بدرجة غير مسبوقة، وحذرت وكالة ناسا من تبعات هذا الاحترار الذي يشير لعودة السلوكيات الفظة للإنسان ضد الطبيعة..

 الإحصائيات تتحدث عن وفيات فى الحج تعدت الثلاثمائة، أغلبهم مصريون، والسبب وفقاً للأنباء ارتفاع الحرارة غير المسبوق! رغم أن الليلة الأولي من ليالي التشريق حظيت بهطول أمطار استثنائية فى غير موعدها!

 كل هذا وغيره يحدث بينما لم يبدأ الصيف بعد! فكيف بالقادم؟ وماذا تقول التوقعات عن هذا الأمر الذي يمس حركة الناس فى الحياة وأرزاقهم وأعمالهم تحت الشمس..

مؤشر كورونا!

 عندما حدث حظر التجوال العالمي أثناء جائحة كورونا ما هي إلا أسابيع قليلة حتي تغير العالم بأكمله تغيراً فجائياً أدهش المراقبين؛ فاختفت الشبورة الأزلية فى لندن عاصمة الضباب، وانقشع الغبار المزمن من سماء البلدان الصناعية، ولم يعد أحد يتحدث عن مشاهدات للسحب السوداء الناتجة عن احتراق القش. أما أغرب ما تم إعلانه فى جميع الإذاعات العالمية والقنوات الفضائية أن ثقب الأوزون اختفي تماماً، بعد أن تم رتقه بشكل تلقائي عجيب!!

 يمكننا ببساطة وثقة أن نتخذ من هذا العام، 2020، ميزاناً ومؤشراً لمدي توحش وفجور آليات الصناعة وماكيناتها التي انطلقت تدور بضعف طاقتها الانتاجية ما بعد كورونا لتعويض سنة التوقف، والنتيجة عودة ثقب الأوزون بأسرع وأشد مما سبق.

 ثم عادت حرائق الغابات مجهولة السبب تلتهم آلاف الهكتارات من الأشجار الخضراء التي هي رئة العالم. هكذا تصاعد مؤشر الاحترار الكوني تصاعداً حثيثاً، حتي بلغ قمته فى عام 2024 ليشهد العالم درجات حرارة لم يشهد مثلها عبر التاريخ! كل هذا ولم يبدأ فصل الصيف بعد!

فوق الستين!

 درجات حرارة لم نسمع بمثلها من قبل صرنا نري تأثيرها رأي العين؛ إذ وصلت درجة الحرارة فى بعض مناطق صعيد مصر لما يزيد عن خمسين درجة، وهو شئ لم يحدث في أشد أيام الصيف سخونة فى أي سنة مضت.

 الغريب أن بعض الدول سجلت درجة حرارة زادت عن ستين درجة! حدث هذا في مدينة "ريودي جانيرو" بالبرازيل. إذ سجلت منطقة جواراتيبا بغرب ريودي جانيرو درجة حرارة بلغت 63 درجة، لتسجل رقماً قياسياً استثنائياً ينذر بالأسوأ.

 لقد أكدت الأمم المتحدة أن العقد الفائت كان الأشد حرارة على الإطلاق، وأن المتوقع أن يكون عام 2024 هو الأشد حرارة من سابقيه. وأن هناك أرقاماً تم تسجيلها عام 2023 أكدت تحطيم الأرقام القياسية في مستويات انبعاث الغازات الدفيئة وارتفاع مستوي سطح البحر وذوبان الجليد وتراجع حجم الأنهار الجليدية فى القطبين..

ظواهر منذرة

 أذكر أنني فى العام السابق تحدثت عن ظاهرتين حراريتين حدثتا فى منطقة الشرق الأوسط هما: ظاهرة "النينو" وظاهرة القبة الحرارية. أما هذا العام فهو موعد لظاهرة حرارية جديدة تُدعَي ظاهرة"النينا" التي تعقب ظاهرة النينو. وكلتاهما تحدثان فى المنطقة الوسطي من المحيط الهادي المتاخمة لخط الاستواء، وينتج عنهما خلل فى توزيع مناطق الضغط الجوي والحرارة وحركة الرياح والأمطار.

 بدايات الصيف لهذا العام تحذر من القادم؛ إذ تَسبب الجفاف ونقص الأمطار إلى جانب الانبعاثات الحرارية من تضاعف تأثير ارتفاع درجات الحرارة. فكيف ستكون درجات الحرارة مع البدء الفعلي للصيف فلكياً؟!

 الدول الصناعية الكبري يحلو لها أن تُسكت الأفواه وتُلجم المعترضين بمسرحية "قمة المناخ" التي أثبتت عدم جدواها وعدم جديتها؛ فمصانع الدول الصناعية تضاعف عددها وإنتاجها، وكميات الانبعاثات والأبخرة والعوادم في ازدياد مستمر، ما يعني أنها لا تنوي أن تجد حلاً فعلياً لمعضلة التغير المناخي، وإنما فقط أن تبث مسكنات دعائية لا تغير شيئاً من واقع مرير صرنا نلمس تداعياته. الأمر الذي يجعلنا نتشكك فى نوايا تلك الدول، فهل حدوث ظاهرة الاحترار الكوني مقصودة؟ وهل تُحقق فائدة اقتصادية للدول الصناعية خلاف تفوقها الصناعي والإنتاجي؟!

عودة نظرية المؤامرة

 لا أحب الزج بنظرية المؤامرة لتفسير أي ظاهرة عالمية غير مفهومة. لكن فى حالة الاحترار الكوني والتغير المناخي ربما أجد ما يجعلني أستدعيها سائلاً: هل هناك فئة يهمها ارتفاع الحرارة للدرجة التي تذيب أنهار الجليد وتضخم حجم المحيطات وتغرق شواطئ البحار؟!

 والإجابة: نعم. إنها الدول التي تنتظر ظهور الثروات التي يحفل بها القطب الشمالي، وتتمني الذوبان السريع للطبقة السطحية له، حتي يسهل التنقيب على الكنوز والمعادن التي تملأ باطن تلك المنطقة البكر الخصبة الغنية بالثروات.

 إننا نتحدث عن قارة تتصارع عليها عدة دول أوربية وآسيوية وأمريكية، وتتحرك من أجل حمايتها أساطيل هذه الدول، وبسبب الصراع القائم عليها حدث خلاف كان من نتيجته حدوث مواجهة مباشرة بين الناتو وروسيا فى أوكرانيا.

  لن أتحدثث هنا عن المنظمات السرية التي دعت لفكرة المليار الذهبي، وأن أمر سلامة البشرية لا يعنيهم فى قليل أو كثير، وأن غرق السواحل والفيضانات وحرائق الغابات  الناجمة عن الاحترار كلها تُعد من باب الأضرار الجانبية التي تسرع فى تنفيذ مخططهم بإهلاك الضعفاء نظير بقاء الأقوياء يحكمون ما سيبقي من الأرض والبشر!

عام ساخن جداً

 ليس فقط على صعيد المناخ العالمي، بل وعلى الصعيدين السياسي والعسكري..

المناطق الملتهبة يتسع نطاقها من أوكرانيا إلى غزة إلى جنوب لبنان إلى باب المندب إلى بحر الصين الجنوبي وما حول تايوان. ونتائج انتخابات البرلمان الأوروبي أحدثت زلزالاً سياسياً فى أهم الدول الأوروبية الكبري، معلنةً صعود اليمين المتطرف وحدوث انعكاس للبوصلة السياسية فى أوروبا ومن ورائها سياسات الناتو والاتحاد الأوروبي؛ وهناك قرارات ربما تُتخذ فى ملفات مصيرية كملف الحرب الأوكرانية والهجرة غير الشرعية وشروط الانضمام للاتحاد الأوروبي، والبعض يذهب إلى أن التأثيرات قد تصل لحد إحداث مزيد من الانشقاقات داخل الاتحاد الأوروبي نفسه تؤدى فى المستقبل البعيد لانهياره.

 وسوف ينتهي الصيف بانتخابات أمريكية تزيد الأحداث اشتعالاً بين مؤيدى ترامب وأنصار الحزب الديمقراطي. وبينما تذوب أنهار الثلج فى القطب الشمالي بفعل الاحترار، يزداد ارتفاع الجدار الجليدي بين قوى الشرق، روسيا والصين وإيران، وبين قوي الغرب، أمريكا وأوروبا وحلفائهما.

تجاوز حد الأمان

 منذ يونيو عام 2023 وحتى يونيو الحالي ارتفعت درجة الحرارة العالمية بمقدار تجاوز 1.5 درجة، وهو حد الأمان الذي سبق التحذير من تجاوزه، ليصل مدي الارتفاع إلى 1.63 درجة فوق متوسط ما قبل الصناعة (1850: 1900)، ولإدراك حجم ما وصلنا إليه، فلنعلم أن النصف الأول من القرن العشرين الذي شهد استخداماً مفرطاً للفحم والديزل والمازوت لم يتجاوز حد ارتفاع الحرارة نصف درجة فقط. وحتي وقت قريب وصل الارتفاع إلى 1.2 درجة ولم يتجاوز درجة ونصف إلا هذا العام.

 تحذيرات المختصين بتجاوز حد الأمان تنذر بتضاعف درجات الحرارة، وبتعرض عشرة ملايين شخص من ساكني الشواطئ لفيضانات وأخطار. وبفقدان كميات من الشعاب المرجانية وأنواع من الفقاريات والنباتات نتيجة لمخاطر بيئية شديدة. وكنتيجة للتغيرات المناخية الناجمة عن الاحترار قد تزداد مشاكل الأمن الغذائي، ويزداد عدد الفقراء فى العالم.

 المثل يقول: "مصائب قوم عند قوم فوائد". وهو ينطبق على أولئك الذين ينتفعون مما يحدث من كوارث بيئية دون أن يلقوا بالاً للمتضررين منها. ومهما كان الأمر علينا أن نحتاط ونستعد لما يحدث حولنا من تغيرات بيئية ترفع حرارة الجو، ومن تغيرات فى السياسة العالمية ترفع حرارة الصراع. فمَن للضعفاء والفقراء بين هذا وذاك؟!

***

د. عبد السلام فاروق

الفرق في آليات التفكير هو الذي يحدد ماهيات الفروق ما بين المجتمعات البشرية التي كيفما تفكر تكون.

وهذه الآليات تكون جماعية، أي أنها كالمنهاج الموحد الذي تمضي عليه أجيال المجتمع وتتواصل وتتطور.

وعندما نقارن آليات تفكيرنا، مع آليات تفكير غيرنا من مجتمعات الدنيا المتقدمة علينا، يبدو واضحا وساطعا أننا نغرق في الماضوية، ونتعبد في محراب "كان"، والمجتمعات الأخرى منهمكة في آنها، أي أنها في حاضرها وتتفاعل معه بأقصى قدراتها لإستيلاده غدها، الذي يتحول إلى آن نابض  بالإجتهاد والإندفاع نحو مرحلة تتلوها أخرى.

هذا التباين يجعل الأجيال أمام خيارين أما الجريان والترافد الدفاق، أو الإستكانة والتأسن والتعفن والتصادم والتصارع الفتاك.

والخيار الثاني هو القائم في مجتمعاتنا المحنظة، المكبلة بأصفاد الماضيات والغابرات، التي حجبت عنها رؤية الحاضر والتطلع نحو المستقبل.

فما فات مات، هكذا تتفاعل مجتمعات الدنيا التي لا تطيق النظر إلى البارحة.

ويبدو أن مجتمعاتنا أصبحت في محنة تفاعلية ما بين الأجيال، لأن الجيل المولود في القرن الحادي والعشرين، يختلف عن الأجيال التي سبقته، وذلك بتأثير التفاعل العولمي والتواصل ما بين أبناء الأرض، مما زعزع مرتكزات السكون، وأطلق إرادات الكينونة الحاضرة والمستقبلية، فما عادت كان وأخواتها تعنيه، بقدر ما يتحفز للوثوب إلى الأمام.

ولكي يتحقق المجتمع ويستثمر في طاقاته الواعدة، عليه أن يستوعب إرادة الجيل الصاعد المتطلع نحو مستقبل مشرق وحياة سعيدة كريمة ذات آفاق مطلقة.

فهل أدركت الأجيال الماضوية ماهية الجيل الآني الجديد؟!!

وكل جيل برؤاه رهين!!

فهل من يقظة وثورة عقلٍ فطين؟!!

و"الدهر كالدهر والأيام واحدة...والناس كالناس والدنيا لمن غلبا"!!

***

د. صادق السامرائي

13\2\2020

التفكير فريضة كما ورد في العديد من الآيات القرآنية ومنها:

"...وما يعقلها إلا العالمون"

"...لعلكم تعقلون" تكررت لمرات ومرات

"...أ فلا تعقلون" متكررة

"...بأنهم قوم لا يعقلون"متكررة

وغيرها من الايات التي تحث على التفكير وإعمال العقل في الحياة الدنيا، وكما ورد في المرويات فأول ما تنزل كلمة "إقرأ ".

فلماذا تجاهلنا عقولنا، وأذعنا لنفوسنا، وإتبعنا الذين يدينون بأهوائهم؟

هل هي الأمية القرآنية؟

هل هو الجهل المتنامي بالدين؟

مَن الذي حرّم التساؤل والتفكير؟

مَن الذي أضفى القدسية على النشاطات البشرية؟

إنها أمور محيرة طحنت أجيال الأمة، وحولتها إلى عجينة يسهل صبها في قوالب الطامعين بوجودها ومسيرتها الحضارية الرائدة.

أمة عاقلة متنورة تتفكر في خلق السماوات والأرض، وإذا بها تتحول إلى أعجاز نخلٍ خاوية، وأمسى نورها نارا، تحيلها إلى عصف مأكول!!

أمة قل هو الله أحد، صار أحدها ألف واحد ولا أحد!!

ماذا يجري في أمة تتوطن كراسيها الأحزاب المؤدينة، وأدعياء الطائفية والمذهبية، والشقاق والتضليل بالأفك والنفاق!!

فهل ستستعيد الأمة رشدها، وترتقي لجوهرها، وتحترم قيمة إنسانها، وتستضيئ بعقول أبنائها؟!!

وقل سيخرج الحي من الميت!!

***

د. صادق السامرائي

هل شاهدت مثلي فديو الفتاة "الخبازة" التي تخبرنا وهي تمارس "العجن" ان هناك من دفع لها اموال طائلة من اجل ان تخلع حجابها، لكنها رفضت واجهضت المؤامرة، تتمعن في وجه الفتاة فتجد ان ملامح " الخبازة " التي نعرفها غابت عن وجهها، وتترحم على سليمة الخبازة التي قدمها لنا المرحوم غائب طعمة فرمان في رائعته النخلة والجيران، وتسأل نفسك: كيف لفتاة تمتهن مهنة بسيطة مثل مهنة بيع الخبر تضع كل هذا المساحيق التي يعادل ثمنها ثمن بيع الخبز لمدة شهر بالتمام والكمال، وقبل ان تسأل نفسك ماذا تريد هذه الجباية ؟، يظهر لك فديو آخر لنفس الفتاة من دون مكياج تشكو فيه تعرضها لهجمة وتنمر  بسبب " العجن" وتكشف لنا سرا جديدا، فالخبازة ما هي إلا مقدمة برامج رفضت عرضا ماليا مغريا من احدى القنوات العربية الشهيرة للعمل مذيعة لان القائمين على القناة اشترطوا عليها خلع الحجاب، تنظر إلى وجه الفتاة من دون المساحيق فتجد ملامحها عادية جدا كما انها لا تمتلك صوتا متميزا حتى تجعل القنوات العربية تخوض حرب عالمية من اجل ان تجبرها على خلع الحجاب، وتنسى " المذيعة- الخبازة " ان الحجاب حرية شخصية على المجتمع ان يحترمها ويحميها، مثلما عليه ان يحترم الفتاة السافرة، من دون ان نقدم لهذا المجتمع مشاهد من النخلة والجيران. ان تترك فديو خبازة قناة الفرات، حتى يظهر أمامك فديو لمجموعة من الشباب يرتدون الملابس المودرن وهم يجيبون على سؤال يطرح عليهم: هل تقبل الزواج من فتاة سافرة ؟، لتكون الإجابات كالعادة انتقاص من الفتاة السافرة وتحميلها الخراب الذي حل ببلاد العرب، وتسمع اغرب اجابة من شاب جامعي يقول فيها و بالحرف الواحد " اني دافع بيها فلوس.. دافع مهر.. شلون اخلي واحد يشوفها ". وتسأل نفسك: ما الذي يجعل المجتمع ينحدر إلى هذا المستوى؟. وربما يكون الجواب عند الطبقة المثقفة التي أدارت ظهرها لمثل هذه الظواهر الخطيرة وقررت إنشاء كانتونات " ثقافية " طائفية !!.

***

علي حسين

من حق القارئ ان يعلق او ينتقد، مقال او نص أدبي، بالحجة واليقين،وان يترفع بالأخلاق ورداً،علی مقالي الأخير،الطريق الي البرلمان،وحب مضاجعة الكراسي، الجملة التي ازعجت البعض حب مضاجعة الكراسي ليست من تأليفي ولكن استخدمها علماء "المان ويابنيين"، الذی کتبته بالآمس نشر في مجلات علمية،

اذا كان الكاتب أو المؤلف يعتقد ان كلماته أو نصوصه ستصل الى عقل القارئ كما يعتقد، فهو يراهن على شراء سمكة في البحر،الكلمات عندما تدخل عقل القارئ تمر بنفق طويل من المرشحات والمصافي ونقاط التفتيش، والحراس والتأويلات،

وتفقد الكثير من معانيها الحقيقية. خلال هذا المرور، وتخضع للحذف والإضافة من كل قارئ، سلباً أم إيجاباً وعندما تقطع المسافة الى عقل القارئ لا تدخل مباشرة:

عليها الدخول في مصفاة أخلاقية لكل قارئ، ومصفاة نقدية، ومصفاة دينية، ومصفاة اجتماعية، ومعايير شخصية وعامة ...! حسب ثقافة القارئ وقيمه صواباً أم خطأ، وحسب تجاربه، وحسب مستوى ثقافته النقدية، وعند التفسير النهائي، يقوم القارئ بتفسير ما وصله من هذه المرشحات وليس النص نفسه، لقد ترجمه حسب قدرته لكي يفهمه كما يظن:عدد تأويلات القراءة بعدد سكان الأرض عدا لوائح القبور التي لا تتحمل التأويل إلا اذا تضمنت حكمة أو مقولة ولوائح عناوين الطرق والعلامات وإشارات المرور وتعليمات السجون، حتى القوانين التي درسها القاضي والمحامي يختلفون عليها في التفسير في المحاكم،

وهذا من أسباب تعدد الطوائف في الأديان. أما النص، خاصة الأدبي، فمن غير الممكن تفسيره من الجميع بطريقة واحدة للآسباب السابقة، ولا يتوقع كاتب محترف قراءة موحدة لنصوصه،

لأن القراءة الجمع، أي التفسير الجماعي للنصوص مستحيل، حتى الحالة الصحية والنفسية والعقلية والعاطفية للقارئ تحور النص، بل هناك من قال طريقة الجلوس في القراءة وذهنية القارئ تلك اللحظة تضيف وتحذف،ومن أكثر القراءات في النصوص الأدبية شيوعاً هو الربط بين [النص والكاتب] مع ان الكاتب" مات" بعد النشر وصار قارئاً، ونحن نقرأ /عن الحضارات الفرعونية والبابلية والسومارية والفينيقية واليونانية، ولا نعرف من هو مؤلفها ونعجب بها لأن القراءة هنا فصلت بين النص والشخص. لكن هذا القارئ لا يربط بين البائع وبين الشاورمة، ولا بين القطار وشركته، ولا بين الهاتف وصانعه، ولا بين الطائرة وصناعها، ولا بين بائعة تذاكر السفر وأخلاقها ولا بين الحذاء ومنتجه ولا بين الدواء ومكتشفه، مؤمناً أم كافراً، وهو السلوك الصحيح، ولو تم هذا الربط لمشينا حفاةً وبلا سفر ولا دواء ولا هواتف.القارئ أمام نص" ولا شيء خارج النص" بلغة الكاتب والفيلسوف {جاك دريدا} اقسمنا بحق الآية الكريمة (ن والقلم ومايسطرون) لم يغادرني قلمي ولا يستطيع احد ان يجف حبرة، فما دامت الحياة لم تفارقني فأنا في عزها وزهوها ولو زهقت مني الدنيا لكان الموت ازهق روحي في الوعكة الصحية الآخيرة، دعني اعيش حياتي بطولها وعرضها ما دمت ازرع الحب فيها وارم بذور الخير على جنباتها والتزم حدود ما امر الله به فما العيب والخطأ في ذلك

قولت في نفسي: قلمي سوف يغضب الكثير، وسوف تتوقف وتخشا

كلام الناس (والله احقُ أن تخشاهُ)

فقلت: في نفسي

ومتى توقف الناس عن الكلام وعن الغيبة والنميمه المحرمتين حتى اخاف من ان يرموني بسهامهم السامه من جديد

فأنا والله مرتاح الضمير سعيد الى ابعد الحدود واذني لاتستمع الا لما يفرحها ويطربها وبيني وبين ربي مودة ورحمه وانا متمسك بحبله ولا اهتم لآحد مهما بلغ شأنه،، ولينظر كل واحد الى نفسه ويؤدبها قبل ان يؤدب الآخرين المؤدبين اصحاب الفكر والقلم الحر ..!

حقاً انه زمن

رجال اخر الزمان

يبدو ان الساعة آن أوانها وقد اقتربت اشراطها

يا ويلنا يا ويلنا في زمن ضاع فيه كلمة أقلام حرة ..!!

***

محمد سعد عبد اللطيف - كاتب وباحث مصري

 

أصبحت عجلة الزمن المتسارعة تهوي إلى منحدر الحياة بسرعة تسحق كل من يقف أمامها تحطم كل ضعيف يحاول أن يتشبث بها وأصبح الوقت يذبح كالسيف كل من لا يسايره ولا يمشي على هديه فالحياة أصبحت كالقطار يجر عرباته بسرعة فائقة لا نعرف من يقوده فالفقير فيه مسحوق ومعدم والمفكر والمثقف غريب في محيطه والجهل السائد يُعشعش في عقول الناس المحبطة من الجهل التي تقبع في الدهاليز المظلمة وبين المتخمة بطونهم وجيوبهم من المال الحرام والتحايل على مقدرات الشعب من قبل سياسي الغفلة والصدفة الذين طفوا على سطح المياه الآسنة للزمن الظالم وتربعوا على عروش الفقراء والمعدمين في العالم أجمع وأيديهم تنحر رقاب كل من يُخالفهم الرأي والفعل والقول على دكت موتى العصاميين والمعدمين حيث فقدنا بوصلة المسير لا نعرف طرق الهداية ولا إلى ما ستؤول لها النهاية فقد أنفرط عقد الأسرة وانسلخت روابطها وأفلت وجوه القيم والمبادئ والأخلاق وران على قلوب البشر واستفحل الجشع والحقد والعنف والقتل وتبدل الإنسان ونزع من قلبه الإنسانية وانغمس بالعقد النفسية وأمراض الحياة التي فُرضت عليه وتعقد مشهد الحياة وتشعبت ملذاتها تحت وطأة أكوام الجهل والتخلف والإحباط أصبحنا لا نعرف ماذا نريد ونحب تبدلت حقوقنا إلى آمال وأحلام يصعب تحقيقيها عندما أصبحت أقدارنا بيد لا تعرف الرحمة ندور في فلك لا نعرف ماهيته ولا كنهه وكيف سيطر على الحياة وما الغرض من هذا المشروع الممنهج المعد على خارطة مرسومة بعناية تنضج في كل فترة من الزمن المظلم التي تتلاعب به أيادي خفية من وراء جدر عالية وصياصي قوية منيعة تطبخ على مواقدها أقدارنا وتطلعاتنا لتعقيد الحياة اليومية للإنسان على حساب صحته وعقليته وآلامه ومتطلبات حياته بصراع مستميت في الوقت الضائع الذي بقية من لا حول ولا قوة له فيه في وقت زاخر بالأحداث اليومية المعقدة الرهيبة التي تطل علينا بين الحين والآخر فمن المسئول عن هذه البرامج ومن هو المتحكم بمقدرات الشعوب في هذا الوقت المتأزم وما مصير وشكل الأيام القادمة وماذا يُحضر لها وما مدى قدرتها على الصمود بوجه هذه المتغيرات بعد رحيل آخر رعيل من الأجيال القوية المخلصة الذي كان يُعد الأقوى وصمام أمان للمجتمع أمام تحديات القوى الظلامية وأشد شكيمة وعزما وحكمة وتشبثا بالحياة قد يكون من أهم الأسباب الواضحة هو تركنا للإله الواحد الأحد في السماء عز وجل وعبادته وعبدنا آلهة متعددة من البشر في آفاق الأرض تُطاع وتُعبد خوفا وطمعا نقدم لهم القرابين وولاء الطاعة من البشر المعدمين والمظلومين في محارق داخلية وخارجية ليرضوا عنهم أسيادهم المتسلطين على رقابنا مقابل اللباس والطعام والعيش بمنة وذلة لنعيش قوت يوما بيوم بدون تطلعات نحو المستقبل المحرم علينا في عرف الأسياد.

***

ضياء محسن الاسدي

إنهم بشر وليسوا غير ذلك، مهما بلغوا من قدرات التعبير والتدوين المتراكم في الموسوعات الضخمة الموجودة في أدراج المكتبات التراثية، وما خفي منها بالمخطوطات المغيبة في المخازن الكبرى للمتاحف والمكتبات العملاقة.

هذه الكميات الهائلة من الكتابات المتحدية لإرادات القرون، دفعت الأجيال لإتخاذها كمصادر محكمة، وأصحابها من المنزهين من الأخطاء، وكأنهم لا يمتون للبشر بصلة، ويستحقون التقديس والتعظيم المطلق.

والقراءة المتبصرة لما سطروه، تظهر أن الكثير منهم توهم المعرفة ، وعندما تواجهه أسئلة العوام، يرى أن لابد من الإجابة اللازمة للضحك على العقول الجاهلة.

فتجد في التفسيرات والتأويلات موضوعات ذات خرافية عالية وأساطير بالية، محشورة في الكتب، وصارت حقائق وكينونات لا يجوز النظر إليها بعين أخرى.

ويبدو أن الذين يجيبون على الأسئلة لديهم قدرات إختلاقية عجيبة، ذات طاقات إقناعية وتضليلية فائقة.

حتى لتجد المستمعين مذعنين ومؤمنين بما يتوارد إليهم من حكايات، ما أنزل الله بها من سلطان.

فالكثير من التفاسير توحي بأنها تفاعلات المتوهمين بالمعرفة مع سائل لا يعرف شيئا.

ولإدامة مسيرة الإستحواذ المعرفي على الأجيال، صار التجهيل من المهمات الضرورية للحفاظ على مهنة التضليل والتعمية وتأمين الإستعباد.

ولهذا تزداد الأمية مع تنامي عدد أدعياء الدين والذين يحكمون به!!

والمراءاة أن يقوم الإنسان بالعمل ليكسب الناس لا لوجه الله!!

والخلاصة أن من حق المسلم أن يُعمل عقله ويستخدمه كما يجب، وعليه أن لا يفرض ما يراه على غيره، حتى أقرب الناس إليه، فلكل عقله، والعقول كبصمات الأصابع لا تتطابق.

***

د. صادق السامرائي

المقال ربما سيُحسَب عدوانا على طقس راسخ ومتكرر، فلا يتم الحج إلا بسفك دم ضحية، وعادة ما تكون من المواشي بأنواعها.

وبتكاثر عدد الحجيج الذي بلغ بضعة ملايين، وعليهم تقديم أكثر من مليون (نعجة، معزة، خروف وغيرها)، وهذه الأعداد الهائلة تذبح في أيامٍ معدودات، فكيف يتم التعامل معها، وتوزيعها على الناس.

هذا طقس في الحج لم يتغير ولم يواكب العصر، ففي كل موسم يُهدر الملايين من الثروة الحيوانية، ومعظمها ينتهي إلى التلف، فلا يمكن لمجزرة مهما بلغت من التقنيات، أن تنجز هذه المهمة بلا خسائر.

فلماذا لا توزع الثروة الحية على الفقراء ليعتاشوا عليها، ويأكلوا من عطاءاتها، ويحققوا بها تنمية إقتصادية نافعة؟!

أو لماذا لا توزع أثمانها عليهم، أو تشيد بها مدارس ومستشفيات ومراكز للخدمات، التي تيسر الحياة وتبني الإنسان المعاصر؟!

سيقول مَن يقول ما سيقول، وسيرى البعض أنها خروج عن السنة والشرع، لكن النظرة الواعية للعدد الهائل من المواشي التي تجزر في بضعة أيام، يؤكد أنه سلوك لا إقتصادي، وتبديد للثروة الحيوانية، دون مبررات كافية، سوى أنها طقس يتم به الحج.

ترى ألا يجوز إعادة النظر بالأضحية والتعامل معها وفقا  لما ينفع الأمة، وينمي قدراتها الإقتصادية، ويساهم في إعتمادها على نفسها في الطعام.

لابد من وجود مخارج شرعية، تبحث في غاية الأضحية والأسباب الكامنة وراءها، فإن تحققت بغير سفك الدماء فذلك خير، وإن تجنب الفقهاء النظر في الموضوع لأنه من الثوابت الراسخة، فهل ينفع الناس جزر الملايين من الأضاحي في بضعة أيام؟!!

إنها تساؤلات والإقتصاد عماد الحياة!!

فهل من الأفضل أن نعطيهم لحما، أم نعلمهم كيف ينتجون حليبا ولبنا وجبنا وزبدا ولحما وأصوافا وغيرها؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

الترف: إشباع حاجات غير ضرورية

ترِف: تنعم وعاش برفاهية، تعوّد على عيشة الترف.

الإبداعات الكبرى نتاج حالات ترفية عالية، ولهذا فمعظم الشعراء الذين برزوا في مسيرة الإبداع العربي  كانوا من نتاج الترف الباذخ والتفاعلات التسولية المجزية العطاء.

إبتداءً من زهير بن أبي سُلمى، والبحتري من بعده، وما بينهما، ويُعد البحتري من أثرى الشعراء في التأريخ لمرافقته خلفاء بني العباس في سامراء على مدى (59) سنة، فنال المزيد من العطايا والأموال، وهو يتاجر بشعره ويتسول بقدرات خداعية نادرة.

والشعراء الذين نقرأ لهم كجرير، مثلا، وهو من فحول الشعراء، كان شديد التسول والسعي لحياة الترف والثراء الفاحش، لكن مدائحه أنتجت شعرا أصيلا خالدا، وغيره العديد من الشعراء حتى عصرنا الحالي.

فالشعر صنعة، حرفة، تجارة، تسويق كلمات في مزادات التقرب للكراسي الفاعلة في الحياة، ولا يهم ما تقوم به، وكيف تجور وتصول، المهم كيف يتم إستدرارها والتمتع بما ستجود به على المادح الكذاب المخادع الذي يريد ما ستعطيه ولا يريدها.

وكم كذب الشعراء ولو صدقوا!!

ويبدو أن العطايا تشحذ في الشعراء طاقات إبداعية نائمة، فقوة الكلام تتناسب طرديا مع حجم العطاء، ولهذا فأن أقوى الشعر ما قيل في حضرة سلطان يعطي بلا حدود، ولنا في المتنبي أكبر مثال.

و"الشاعر الحق مَن يجلو الشعورُ له.. شمسا من الحق في داجٍ من الظُّلمِ"!!

***

د. صادق السامرائي

 

يطالب بعض سياسيي النظام الحالي بازالة نماثيل ونصب شامخة في بغداد، كتمثال المنصور ونصب اللقاء وقوس النصر باعتبارها تمثل جزءا من بقايا النظام السابق، ويدعون ان العراق الجديد الذي يمثل الديمقراطية يجب ان يزيلها وتوضع مكانها نصب جديدة كنصب الابهام/ الاصبع مثار سخرية وانتقاد الفنانين الرواد فلا نستغرب مايجري، الفن هو نتيجة ما يدور حوله من نشاط إنساني وكذلك عندما يكون صاحب القرار الذي يتحكم بالفن لا يمتلك الأساسات التي تؤهله لأخذ القرارات تكون النتائج وخيمة وتسيء للفن التشكيلي والمشهد العام، وبات كل شيء طبيعي في ظل الوضع العام الذي نعيشه اليوم الأن،

بعد عام 2003 قررت لجنة اجتثاث البعث إزالة كثير من التماثيل تحت ذريعة أنها تمثل النظام السابق، فقد أزيل تمثال الطيار (عبدالله لعيبي) الذي كان شاخصاً بالقرب من المسرح الوطني، حيث يجسد التمثال طياراً يقف على حطام طائرة، وتعود قصته إلى مرحلة الحرب العراقية – الإيرانية، فبعد نفاد عتاد هذا الطيار ومشاهدته اقتراب طائرة الخصم من هدفها في محافظة السليمانية، وجه لعيبي طائرته لتصطدم بالطائرة الإيرانية ونجح في منعها من الاقتراب إلى الأراضي العراقية/، كما أزيل نصب المسيرة وهو من تصميم الفنان خالد الرحال، ويقع في ساحة المتحف ويضم النصب مجموعة من التماثيل المتداخلة التي تتخذ في النهاية شكل ملحمة تظهر فيها بداية الحضارة في وادي الرافدين وشخوص مثل كلكامش، وقامت أمانة بغداد بإزالة عدد من النُصب والتماثيل من ساحات وشوارع المدينة، ومنها نصب "الأسرى الشهداء "في ساحة المستنصرية، و"المسيرة" في ساحة المتحف (استُبدل بنصب جديد)، ونُصب "المقاتل العراقي" في الباب المُعظّم، وعدم أمانة العاصمة بحماية النُصب والتماثيل، باعتبارها إرثاً وطنياً وجمالياً ينبغي الحفاظ عليه. كما لم تمنع تعليق الإعلانات الانتخابية على واجهات النُصب والتماثيل، ولم تقم بأعمال الإدامة والتنظيف، أو تسييج الأعمال الفنية لغرض حمايتها من حوادث اصطدام السيارات، كما حدث أخيراً لنصب كهرمانة

لا يحضر الجانب السياسي في هدم التماثيل والنصب فحسب، بل إنه يصل إلى التشويه المتعمد كما هي الحال في نصب قوس النصر الذي يقع في ساحة الاحتفالات، فكان يضم على جانبيه خمسة آلاف خوذة لجنود إيرانيين، وهي خوذات حقيقية جمعت من ساحات المعارك التي دارت بين البلدين في فترة الحرب العراقية الإيرانية وبعد عام 2003 أزيلت بالكامل، وكانت هناك محاولات لهدم تمثال المنصور، و نصب الشهيد الذي أنجز في ثمانينيات القرن الماضي تخليداً لذكرى الذين ارتقت أرواحهم خلال الحرب العراقية – الإيرانية، ونصب الشهيد من تصميم المهندس المعماري العراقي سامان أسعد كمال، أما القبة الخاصة به، التي بنيت على الطراز العباسي فهي من تصميم الفنان التشكيلي العراقي إسماعيل فتاح الترك، وتكمن عبقرية هذا البناء في الخداع البصري الذي يحققه النصب المقام على أرض مفتوحة مترامية الأطراف، فالنصب مشيد بأكمله وسط بحيرة صناعية واسعة ويتألف من ثلاث وحدات أساسية هي القبة والراية التي تمثل الشهيد العراقي والينبوع الذي يمثل ديمومة التضحية من أجل الأرض

السياسة تتربص للفن، ويبدو ان الانظمة السياسية في العراق تضيق ذرعاً من الماضي فتحاول إلغاء الرموز الفنية التي تجسد المرحلة التي سبقتها، كل حكومة تحاول أن تلغي ملامح نتاج الحكومات السابقة وبخاصة في الأعمال الفنية التي تخدم فكر وسياسة الدولة، لذلك نجد أن هناك إلغاء وتدميراً متوالياً بين الحكومات، وما يبقى فقط هو بعض الأعمال الفنية المرتبطة بالفن الحقيقي، غالباً ما تؤرخ التماثيل مرحلة تاريخية مرت على العراق، فمع دخول القوات البريطانية كانت هناك تماثيل تجسد قادة بريطانيين كما هي الحال مع تمثال الجنرال مود، وهو الجنرال الإنجليزي الذي دخل مع قواته مدينة بغداد في 11 مارس (آذار) 1917 بعد هزيمة الأتراك في الحرب العالمية الأولى، وأقيم التمثال أمام السفارة البريطانية في منطقة الشواكة عام 1923 وحطم في يوم 14 يوليو (تموز) عام 1958، كما كان هناك تمثال للقائد الإنجليزي لجمن وهو يرتدي الملابس العربية وكان مقاماً أعلى منارة القشلة التاريخية وأزيل من مكانه عام 1958

النصب والتماثيل تمثل حكاية لفترة تاريخية من حياة العراقيين، فهي تؤرخ وتوثق المراحل التي مرت على العراق، ولا بد من الحفاظ عليها وليس إتلافها، ومن الأجدى نقلها للمتحف الوطني لتعرف الأجيال تاريخ البلاد من خلال هذا الفن وما جسده من مراحل تاريخية، وأن أي إلغاء للنصب والتماثيل هو محاولة لتشويه مسيرة الفن، قائلاً "كل انقلاب سياسي يحاول أن يمحي آثار من سبقه ظناً منه أنه يمسح ذاكرة الأجيال التي قد تؤثر في مساره التاريخي، متناسياً أنه بهذا الفعل قد شوه مسيرة الفن والجمال والنتاج الفني لبلد يحمل موروثاً تاريخياً متفردا، وتقول المعمارية العراقية ميسون الدملوجي في كتابها"منحوتات بغداد بين الفن والسياسة "، ودور العمارة والفن في إعادة إحياء الهوية الوطنية، من خلال تحليل النُصب والتماثيل في شوارع بغداد بشكل متوازٍ، مع الأوضاع السياسية العاصفة التي مرّ بها العراق في مراحل مختلفة، وذلك عبر استلهام رموز تاريخية عربية أو إسلامية حيناً وعراقية حيناً آخر، وتطرح الدملوجي مسألة الاهتمام بالفن في الفضاء العام كوسيلة لإعادة بناء الهوية. وتشير إلى أن "فترة الستينيات والسبعينيات تميّزت بوفرة إنتاج الأعمال الفنية في الشوارع والتقاطعات، ثم مرحلة الحرب العراقية الإيرانية والنصب التي اقترنت بها، السياسة وضعف الخبرات تلاحق ترميم وصيانة النصب والتماثيل وحسب ارتباطها بالمراحل السياسية المتعاقبة، فكل نظام سياسي يرغب أن يسخر الفن ليجسد انتصاراته وأيديولوجياته عبر تماثيل تشخص في الساحات العامة، وغالباً ما تتعرض هذه التماثيل إلى الهدم بعد انتهاء كل مرحلة سياسية، أغلب التماثيل والمنحوتات في العراق تقاوم عوامل البيئة وتبقى صامدة، وهي تلك المصنوعة من خام البرونز والحجر والمرمر ومنها ما تكون هشة لا تقاوم، وهي المصنوعة من المواد الجبسية والأسمنت، وتبقى التماثيل البرونزية هي التي تقاوم عوامل الزمن بسبب خاصية التأكسد التي يتمتع بها عنصر البرونز فتبقى الأعمال المنحوتة محافظة على جمالياتها، ولا تحتاج سوى لصيانة دورية بسبب المتخصصين في فن النحت، معظم عمليات الصيانة للأنصاب والتماثيل "ارتجالية غير علمية وغير مدروسة"، معتبراً أن الدولة لم تعط مسألة الترميم والصيانة اهتماماً حقيقياً، مشيراً إلى أن هناك أعمالاً فنية لكبار فناني العراق وبخاصة الجداريات التي صنعت من مادة السيراميك والفسيفساء تكاد تكون اليوم في آخر مراحلها من الضياع.

***

نهاد الحديثي

عثرت على كتاب صغير بعشرين صفحة، كان يدرسه تلاميذ السنة الثالثة في المدارس الإبتدائية في ثلاثينيات القرن العشرين، وهو مخصص لدرس التربية الإجتماعية أو الحياتية.

ومادة الكتاب أشعار تربوية، في كل درس يحفظ التلاميذ عددا منها، وتتم مناقشتها وشرحها.

وهي أشعار تشمل تهذيب السلوك والتفاعل الإجتماعي الطيب الصالح للحياة.

ويبدو أن التربية الأخلاقية كان عمادها الشعر، وعلى هذا مضت الأجيال على مدى قرون متعاقبة، وفي زمننا المعاصر فقد الشعر دوره التربوي فتهللت القيم والأخلاق.

قد يرى البعض أن التربية الدينية  أهم، وهي التي غادرت جوهر الدين، وصارت تترجم أشخاص صاروا يمثلون الدين، ويتخذونه وسيلة للإغتنام والإرتزاق.

بينما الشعر التربوي الرصين يساهم في برمجة الأدمغة، وتأهيلها للتعبير عن جوهر معانيه، وما ينطق به ويذهب إليه.

في ذلك الكتاب الصغير وجدت العديد من الأبيات التي تحث على العلم وأهميته، وضرورة إكتسابه وبأننا بالعلم نكون.

وفيه أبيات تنهي عن الشرور وكل سلوك سيئ وتدين عواقبه، بمفردات مؤثرة وعبارات سهلة على الحفظ والإدراك.

فما أحوجنا إلى ذلك الشعر التربوي الذي يصنع الأمم، ويبني الأخلاق العزيزة الكريمة.

والأمم الأشعار ما بقيت، فإن ذهبت أشعارهم ذهبوا!!

و"الشعر ديوان العرب"!!

***

د. صادق السامرائي

لا اقصد قريتنا بالتحديد ولكن قريتنا عبارة عن حارة في عالمنا العربي، يحدث فيها كما يحدث في المجتمعات العربية هي صورة مصغرة،،، إن استمرار ثقافة “العبودية” في بعض مناطق مصر، على الرغم من أن الدين الإسلامي حرّم الرق والعبودية، وهو مصدر التشريع الأول في الدستور المصري، فلا يزال أصحابالبشرة السوداءفي مصر يخوضون معركتهم للتخلص من الموروث الاجتماعي الذي علق بهم. خصوصاً من كان أجدادهم “مستعبدون” لدى عائلات وأثريائهم. في حقبة زمنية في عصور سابقة، ولكن في العصر الحديث ظهر "عبيد جدد" من اصحاب النفوس الضعيفة من البشرة البيضاء في دلتا مصر، وخاصتاً في المجتمعات الريفية، واصبح يطلق عليهم توابع (تابع) لشخص ما من أصحاب النفوذ والسلطة اي كانت درجات الوظيفة او الوضع الاجتماعي، ويظهر نشاطهم، هؤلاء في فترة اي استحقاق انتخابي بصورة جيدة، وقد أطلقت عليهم مصطلح جديد من رؤيتي الشخصية مسمي {العمي التطوعي} فالعبيد الجدد يتخيلون أنهم لديهم حصانة لمجرد الإقتراب والطاعة لبعض العائلات صاحبة النفوذ والسلطة، ويسبحوا لهم " آناء الليل وأطراف النهار". رغم اننا في الربع الأول من الآلفية الثانية لا أظن ان هؤلاء العبيد الجدد سوف يتحرروا من عبوديتهم في ظل نظام طبقي، وفي نظم سلطوية وفي غياب نظام العدالة والمساواة، التي خاض المناضل الامريكي /مارتن لوثر كينغ \كفاحه ونضالة في ستينيات القرن المنصرم، ولقي مصرعه وسط حشد من مؤيدي العدالة والمساواة وضد التمييز، في زيارتة لمدينة ممفيس الامريكية، إن صعود رجل أسود في سدة الحكم في أمريكا، كان نتيجة كفاح ودم (مارتن) فمتي تتحرر الشعوب من عبوديتها ..؟خاصتاً مع تتالي الأجيال التي تعودت علي الخضوع والخنوع، والدنيوية. وانتجت لنا هؤلاء، إننا نجسد في المقال واقع مر تعيشة الشعوب العربية من المحيط الي الخليج، اي كان الحكم فيها ملكي او جمهوري، يعتبر اللبنة الأساسية للعبودية الاختيارية.  

هذه الطاعة العمياء، كانت ضمن اسباب جيل جديد/لديه قناعه وعزوف لعدم المشاركة في العملية السياسية من القاع حتي القمة، فعوامل إقصاء كثير من الشعب من المشهد السياسي نتيجة المشهد السلطوي ومن الممارسة السياسية، ليكون الطغيان والاستبداد نتيجة حتمية ذادت حدتها بعدم الاقتراب من الترشح في انتخابات او تقديم علي وظائف للآسف تسمي وظائف سيادية فالعبيد الجدد ينظروا له انه تعدي حدود المجتمع، وكأننا نعيش في القرون الوسطي من كتاب العبودية الطوعية الذي صدر عام/ 1576\ اي منذ حوالي (5 قرون ) للكاتب الفرنسي{إتين دي لابويسيه} ‏ كاتب وقاضي فرنسي وصاحب النظرية الفوضوية، ومؤسس الفلسفة السياسية الحديثة في فرنسا، يقول: إتيين دو لابويسيه في كتابه" العبودية الطوعية:

"هناك ثلاثة أنواع من الطغاة، فالبعض الأول يسود عبر انتخاب من الشعب، والبعض الآخر بقوة السلاح، أما البعض الأخير فبالتوالي الوراثي.

" أما الذين اغتصبوا السلطة بقوة السلاح فيتصرفون بها كأنهم في بلاد قاموا بغزوها. وأما الذين ولدوا ملوكاً فليسوا على العموم أفضل مطلقاً..،

و الذين ولدوا وترعرعوا في حضن الطغيان، يرضعون الطغيان طبيعياً، مع الحليب،،

واضافة الى ما قاله؛ إتيين دو لابويسيه: نقول من وجهة نظرنا : بعد مرور عقود يولد جيل، في ظل الطغيان، يعتقد ان العاهات تقاليد عادية، والطاعة العمياء أخلاق وآدب، والأساطير حقائق والحقائق أساطير، من ولد في مسلخ بشري يعتقد ان التعذيب والإذلال والظلم طبيعة، ومن ولد في حديقة يعتبر حب الزهور ثقافة؛ "الإنسان إبن بيئته وهو يحكم على الآشياء والآخرين من خلال معاييره المحلية التي يؤمن لا وجود لغيرها في العالم" وفي هذه الفترة الحرجة من المنعطف التاريخي الأخير، من صعود شعبويو اليوم في المشهد السياسي،، يصاب المجتمع بزلزال وانهيار قيم وولادة أخرى مضادة، يرتفع مستوى الذكاء وينخفض مستوى الضمير وهذا ناقوس خطر لأن الذكاء بلا ضمير يبرر كل أعمال التحايل وتنقلب المعايير/ ويصبح النصاب شاطراً، والأمين غبياً، والمثقف مجنون في نظر العامة، واللص ذكياً والبريء فاشلاً..،، يقول ابن خلدون قبل سبعة قرون:" عندما تنهار الدول يكثر المنجمون، والمتسولون، والمنافقون، والمدّعون، والكتبة، والقوالون، والمغنون النشاز، والشعراء النّظامون، والمتصعلكون، وضاربوا المنّدل وقارعوا الطبول، والمتفقهون، وقارئوا الكف والطالع والنازل، والمتسيّسون، والمدّاحون، والهجاؤون، وعابروا السبيل والانتهازيون".عذراً للإبن خلدون أضيف والعمي التطوعي في ظل نظام أسياد وعبيد "

واضيف:

صراعات بين قديم يتفسخ ويحتضر ولا يموت، بتعبير الفيلسوف / غرامشي/ وجديد لا يولد، وفي هذا المخاض تولد عاهات لا مثيل لها من قبل ومع الوقت والتكرار يتقبل كثيرون الواقع الجديد.

البعض يفسره على انه لعنة، والآخر يفسره على انه قدر، وهناك من يسوغ هذه السردية لمصالح خاصة، وفريق ثالث: يعتقد انها مرحلة تحول عابرة في المجتمع، وهذا الفريق لا يرى الواقع، بل يتخيل أوهامه وهم عادة من أصحاب الشعارات الضخمة الفارغة، وفريق رابع: لا يعرف ماذا يدور وهؤلاء جيش النظام الاحتياطي لأنهم يصمتون أوقات الغضب ويوفرون للسلطة فرصة قمع الاحتجاجات،

أما الفريق الخامس: السلطة وحواشيها، فيعتبرون الثروة فرصة، وان التاريخ بدأ من الآن ولا تاريخ سابق، وان الزمن هو اليوم، والآن، في حين التاريخ البشري خارج هؤلاء جميعاً وسيصدمهم يوماً كما حدث في الماضي مرات ومرات،، ولكن قريباً، سيرفع العبيد فوق اكتافهم الفتي مهران عاش الفتي مهران النائب في البرلمان..!.

***

محمد سعد عبد اللطيف، كاتب وباحث مصري

 

حيثما أجد فيديو للشيخ سعد المدرس. أصر على مشاهدته لتلطيف الأجواء. فالرجل يتنقل ما بين نقده للحكومة ودفاعه عنها. وما بين سخريته من السياسيين وبين كتابة قصائد المديح لهم. وفي كل مرة نجده للأسف " يحشر " نفسه في مسائل لاعلاقة لها بمهمة الخطيب الديني الذي يفترض أن يشيع بين مستمعيه ثقافة المحبة والتسامح والحديث بلغة تحترم عقول الناس. كما جاء في القرأن الكريم: " ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ". في مرات كثيرة أتساءل كيف يسمح شيخ لنفسه بأن ينتقص من فتاة تذهب إلى الجامعة حيث سمعناه ذات يوم يقول: " إن الفتاة التي تدخل الجامعة تنخفض عندها نسبة الشرف والعفة ".. تخيل لو أن رجل الدين هذا في بلد يُحترم فيه القانون والإنسان، هل يستطيع أن يصف الجامعات بأنها أماكن للجنس؟.

الشيخ الذي لا يريد أن يختفي عن أضواء الحدث في العراق..! خرج علينا خلال الأيام الماضية ليخبرنا أن أكل الكنتاكي حرام شرعاً !!.. يارجل !!، وقبلها فجر قنبلة من عينة أن كرة القدم صناعة استعمارية وأن الغرب الكافر لا يريد لنا أن نتطور، ولم يكتف بهذا القدر من التضليل فذات ليلة أعلن أن بطولة خليجي 25 متحيزة ضد اليمن لأنها لم تسمح له بالاشتراك في البطولة، ويبدو أنه لم يقرأ حينها في الأخبار عن فوز العراق على اليمن وفي البطولة نفسها.

طبعاً ليس من واجبي أن أصادر حق الشيخ المدرس في أن يخرج على الناس ليشتم هذا ويسخر من ذاك. ولكن أن يصدر فتوى باعتبار كل مواطن يؤمن بالدولة المدنية كافر ويجب الاقتصاص منه فهذه مشكلة كبيرة. لأن هناك من يعتقد أن هذا الشيخ على صواب وعليه لا بد من تنفيذ القصاص بكل من يطالب بإقامة دولة مدنية

عندما يحاول رجل دين أن يضحك على الناس ويُصر على أن من خرب العراق خلال السنوات الماضية هم الليبراليون والمدنيون، فإنه بالتأكيد يعاني من مشكلة في ذاكرته، لكي يوهم الناس أن الحكومات التي تشكلت منذ عام 2005 وإلى الآن استطاعت أن تضع العراق في مصاف الدول المتقدمة. ولم يكتف الشيخ المدرس بالتحريض على أصحاب الدولة المدنية. بل استخدم رشاشاً من الشتائم ضد المسكين نوري سعيد. وعندما تسأل الشيخ لماذا تشتم رجل مات قبل أكثر من نصف قرن يجيبك لأنه ليبرالي مدني

ولكي يضفي نوعاً من التوابل لخطبته العصماء عن التقوى ومخافة الله والحكم الرشيد فلا يهم أن يعتقد ان مشاكل العراق سببها نوري سعيد وعليه لا بد من عودة إبراهيم الجعفري فهو الأقدر على تخليص العراق من الدولة المدنية.

***

علي حسين

 

النظرية محاولة لتفسير وشرح كيفية حدوث ظاهرة مؤكدة، وهي عرضة للصواب والخطأ، وكلما زاد عدد النظريات بصدد حالة ما، فأنها تشير إلى عدم قدرتها على الإتيان بجواب صائب مبين.

وفي عالمنا المتدهور عقليا، نميل للإعتماد على النظريات (الفارغة)، ونهمل الحقائق العلمية (الدامغة).

وقد أكلت النظريات أجيال الأمة، على كافة المستويات،  فالنظريات الإبداعية والسياسية والدينية وغيرها، أوجعت السلوك، ودمرت العقول، ورهنتها بالغيبيات والمجهول.

حتى أصبحنا لا نرى الحقائق ولا نبصر النور، ونأنس بالعتمة والعمه في أنفاق التخبط، والتعثر بالواضح الجهور.

وبموجب ذلك نجد أقلامنا تمعن بإستحضار النظريات من بلاد أجنبية، وتغفل الإتيان بنظرية أصيلة ذات جوهر كامن فينا، فلكل نظرية بيئتها، ولكل رؤية مفرداتها وعناصرها.

فلا يصح إقحام نظريات الآخرين في مجتمعاتنا، وهذا ما فعله المفكرون والمثقفون والعلماء والمتخصصون، ففسروا واقعنا بنظريات غيرنا، وما إبتكروا ما يفسرها بجهدنا وبحثنا.

إن نظريات الآخرين تخصهم ولا تخصنا، والذي يتوهم أنها تصلح للجميع على خطأ فظيع.

فهل لدينا ما نفسر به واقعنا؟

هذا الإقتراب ينطبق على معظم التفاعلات، التي أرْدَت وجودنا وحولتنا إلى حمّالة حطب لحرق ذاتنا وموضوعنا. وبخصوص البشر، فقدت النظريات قيمتها، لأن العلم كشف حقائق الأشياء، فما عدنا نتخيل الدورة الدموية، فالعلم بيَّنها بوضوح، وكذلك عمل القلب، وأصبحنا نصنع قلوبا، ولا كيف تعمل الكلية، فأوجدنا كلية صناعية، وغيرها.

كما أن أي تفاعل بشري أو نشاط حركي يديره الدماغ، فهو المسيطر على الجسم بأعضائه وخلاياه، وبذلك تتحقق الحياة.

وعندما يموت الدماغ يموت كل شيئ، فالإطلاقة في الرأس قاتلة، لأنها تصيب مركز السيطرة على وظائف الأعضاء، وما يحصل للأبدان بسبب الجلطات الدماغية معروف، ويرتبط بالمنطقة المصابة، فلسنا بحاجة لنظريات نفسر بها الظواهر ولدينا الأدلة العلمية الصادعة. فالنظرية مرحلة معرفية في حياة البشرية، وكلما تقدمنا قلت النظريات وتنامت القدرات العلمية الواضحة.

فهل سنرى بعقولنا لنتبصر؟!!

***

د. صادق السامرائي

 19\10\2022

إبن كثير (701 – 774) هجرية، (1301 - 1373) ميلادية . يتحدث عن نكبة البرامكة (188) هجرية، في زمن هارون الرشيد (149 - 193) هجرية، (766 - 809) ميلادية.

أي أنه كتب عنها بعد أكثر من خمسة قرون ونصف، في كتابه "البداية والنهاية" (768) ميلادية، المؤلّف من (21) جزء، وهو تسجيل لتأريخ البشرية منذ بداية الخلق وحتى عصره، ولا توجد مصادر معتمدة وأدلة واضحة على ما جاء فيه، وإنما تدوين لمعارف متناقلة عبر الأجيال، ورغم عظمة الإنجاز وفخامته، لكن التعويل المطلق عليه ربما ليس بصحيح.

فالكتاب  تحول إلى مصدر أساسي للتأريخ، إذ يدوّن معظم الأحداث التي حصلت في مسيرة البشرية، والمؤرخون يستندون عليه فيما يذكرونه، عن التطورات والحوادث الحاصلة عبر العصور، فكأن ما في الكتاب مسك الختام، وأصل كل شيئ يتصل بالتأريخ.

فهل أن جميع ما في الكتاب صحيح؟!

وما هو الدليل على صحته؟

سينزعج المؤرخون من هذا التساؤل، لكنه يفرض حضوره ويريد جوابا، فهل بُعقل أن ما كُتب عن حادثة ما بعد أكثر من خمسة قرون، يحمل صوابية مطلقة؟

لسنا بصدد الغوص في نكبة البرامكة، لكنها جاءت كمثل للبحث والتدقيق فيما لدينا من تصورات وتفاعلات مع ماضٍ بعيد، نراه بغير عيونه.

من أين جاء بالكم الهائل من المعلومات الموضوعة في الكتاب؟

هل هو الإلهام والوحي؟

وتلك ظاهرة تناولها القلة من أساطين المعارف والفكر في مسيرة الأمة.

يُقال أنه كان ينقل عن العلماء الموثوقين ويتحرى الدقة في تدويناته، فهل ذلك يكفي للبرهنة على تمام صحة ما ورد في كتابه؟

ترى هل يكفي عمر الإنسان لإنجاز هكذا موسوعة معرفية بأسانيد متواترة؟!!

تتحير لو قرأت، وبمنظار العقل رأيت!!

***

د. صادق السامرائي

...................

*هذا المقال ليس تحاملا على التأريخ، كما قد يتوهم البعض.

 

بعد فراق سنين طوال، جمعت عشري على رأسي وحملت حقيبة خالية إلا من كومة فشل مرير، وتوجهت إلى حيث أحلم أن أجد الفرح، هناك في أوروك.

في الطريق إلى أوروك، بلاد الخير والحضارة، البلاد التي أبدلت جلدها وارتدت السواد حتى قبل أن يغزوها هولاكو، كنت أحلم بحقول خضراء وخير ونماء وجميلات النساء وموسيقى وغناء.

سألني الشحاذ الأعور: أين تريد؟

قلت: هناك إلى أوروك أرض الأجداد وأجمل البلاد

فتأسف وتأوه وتململ، وقال: هناك حيث الظلمة ورائحة البارود وثغاء طفلٍ يتيمٍ تقطعَ أوصالا بفعل العصف الغادر لتفجير يعتقد منفذه أنه يفتح له أبواب الجنان وطائرات الإخوة الأعداء من جيش التحرير القادم من أرض الألغام، أرض العم سام تقصف البشر في المساكن والمدارس والجوامع والحقول، والصحارى والسهول، وتقتل الهواء، وتنشر الهراء والبلاء، فإلى أين تريد؟ هناك لا جمال لا طعام ولا ثريد.

حينها صحوت من حلم لم يكن أخضرا، كنت من خلاله أحث الخطى، ابحث عن أوتونوبشتم بين أدغال الوهم؛ عله يدلني على نبع الحياة أو يلبسني جلد أفعى، وشبكت عشري على رأسي وسرت.!

كنتُ وحيداً والريح كانت تعوي كأنها ذئاب جائعة أو عرس بدوي تعصف به الرمال

وحزني كان يتعملق في سماء رغبتي، يجبرني على البكاء بعد أن نسيت الصهيل وأدمنت الهزائم.

طال السفر، وقل الزاد، وجفت العيون، ويبس الزرع ومات الناصر، وهناك على أطراف الأرض اليباب، زحف الليلُ ليقتل الخضرة ويخطف الأرواح ويجفف المياه.

كنتُ أسير وقد أنهكني الوجع، وحينما وصلت إلى أبواب المدينة الخربة لم أفرح لرؤيتها فقد أورثتني من قبل حزنا ووجعا.

حينها لفتني البلادة وأفقدتني فرحتي؛ ربما لأني وجدت مكتوبا على أسوارها المهدمة وفوق بابها الهرم: مدينة عربية! وهذا أمر يحسم القضية

مدينة عربية، ماذا تتوقع أن تجد بها عدا رائحة الشواء وألسن اللهب وسواد الدخان؟ هناك لم أجد حراسا يقفون على بواباتها ولم أشم رائحة أنفاس بشرية، لم أر دنيا، فقط بغيٌ عمياء تقدم بها العمر وشاخت سنينها، كانت تجلس فوق كومة كبيرة من الرجولة العربية التي تخلى عنها أصحابها من الهلع وفروا إلى أحضان الغانيات،

سلمت عليها بصوت عال ممهدا لسؤال، لم تسمع لأنها كانت مشغولة بالبحث عن واحدة منها لم يصبها العطب بعد، فلم تجد سوى الخواء ورائحة الخيانة وقوافل الجُبن المعتق في الضمائر والنفوس.

فناديتها: لا تتعبي نفسك بالبحث، فالعرب فقدوا رجولتهم مذ ذبح العراق، العرب ماتوا مذ أن اغتصبت ليبيا، وأحرق وجه الشام، وهتك عرض اليمن، وشوه ربيع لبنان الجميل، وقصفت غزة بالنابالم، وأحرق الأطفال، ومات الشعب الأصيل، ومعه ماتت أصائل الخيول.. 

العرب ماتوا مذ أن رفرفت رايات أعدائهم على أسطح منازلهم باسم سلام وادي عربة والتطبيع.

العرب ماتوا وفقدوا مواريثهم وطباعهم، وصاروا يبحثون عن النصر المؤزر من خلال لعبة البوبجي لا من خلال السيف والرمح الرديني.

العرب تحولوا إلى قطيع قردة تقوده حمير مستنفرة أرعبها قسورة، وأفقدها هيبتها غضنفرة، واذلتها حشرة، فأصبحت لا تعدل بعرة..

العرب ماتوا يوم صارت نساؤهم قبلتهم وربهم دولارهم وحجهم إلى مواخير الرذيلة في لاس فيكاس.

العرب فقدوا أصولهم، وأضاعوا سننهم، وصاروا يخجلون من كلمة عربي، وأدمنوا الرذيلة، ومارسوا الغيلة، وطلقوا القِبلة والقبيلة، إلا عقال الرأس لا زال شامخا فوق رأس خاو إلا من أحلام الجنس والخمر والقمار، ربما لأنهم لا يريدون أن يُتعبوا الجلاد بالبحث عن سوط، فالعقال بديل نافع يهيج المواجع، وهو سهل المنال ويُقطِّع الأوصال، فيمسخ الرجال.

***

الدكتور صالح الطائي

زار طبيب يوما مستشفى المجانين، وفي تجواله في ردهاتها رأى مجنونا غارقا في متاهات أفكاره، فتقدم الطيبب صوبه وسأله:

- أي يوم من أيام الأسبوع نحن فيه؟ فأجاب المجنون:

- اليوم هو يوم السبت. فسأله الطبيب:

- وغدا ماذا سيكون؟ رد المجنون:

- يوم السبت. سأله الطبيب مرة أخرى:

- وماذا كان يوم أمس؟ رد المجنون:

- يوم السبت. هنا سأل الطبيب:

- ومتى يأتي يوم الأحد؟ رد المجنون:

- الأحد يأتي عندما يختلف اليوم عن الأمس، عندما نشعر أننا تقدمنا خطوة للأمام، عندما تكون عدالة اليوم أكثر من عدالة الأمس، وظلم اليوم أقل من ظلم الأمس. الأحد يأتي حين نغير مابأنفسنا، فساعتها نرى ماتغير في قومنا، وعندما نستبدل البغض بالود، والضغينة بالتسامح، والجفاء بالوئام. الأحد يأتي حين يحل السلام والأمن محل الاقتتال والنزاع، ويأتي عندما يملأ سماءنا نور الأمل والانفراج، وينقشع عن أبصارنا ظلام اليأس والقنوط، ويأتي عندما نستعذب الفعل الجميل والرأي الحصيف، ونستنكر الفعل القبيح والرؤى الهجينة الهمجية، الأحد يأتي عندما نتعاون على البر والتقوى، ونمقت الإثم والعدوان، ويأتي حين نحكِّم عقولنا المتنورة الواعية، ونمنحها الغَلَبة على تراكمات الأفكار البالية الرجعية، عندها فقط أيها الطبيب سيأتي اليوم التالي.

أرى في إجابة هذا المجنون عين العقل، وسعة الإدراك، وسداد الرأي، وأنا على يقين أن كثيرين يؤيدونه على هذا الحكم، ولنا في أنفسنا خير دليل وأصدق حادث وأثبت شاهد، وكما في الآية: "شهد شاهد من أهلها" فقد عهدنا بلدان العالم لاسيما المتطورة منها، أنها لم تكن تنام يوما إلا على موعد مع صبح فيه للتغيير نصيب، من تجديد وتحديث وتطوير في مجالات عدة، حيث العجلة تدور دون توقف طيلة عهود خلت، ومافتئت تدور في ظهرانينا لتنبئنا بين حين وآخر بـ (update) يواكب القفزات المتحققة، على يد علماء وحكماء ومثقفين، على اختلاف تخصصاتهم.

التغيير إذن، جوهر حياة الفرد -وبالتالي المجتمع- وأول دليل على تبوئه مكانة، يستحق فيها أن يكون خليفة الله في الأرض، ولعل أهم مقولة تجسد هذا، هي ما ينسب إلى الإمام علي (ع):

"مَنِ اِعْتَدَلَ يَوْمَاهُ فَهُوَ مَغْبُونٌ، ومَنْ كَانَتِ اَلدُّنْيَا هِمَّتَهُ اِشْتَدَّتْ حَسْرَتُهُ عِنْدَ فِرَاقِهَا، ومَنْ كَانَ غَدُهُ شَرَّ يَوْمَيْهِ فَمَحْرُومٌ، ومَنْ لَمْ يُبَالِ مَا رُزِئَ مِنْ آخِرَتِهِ إِذَا سَلِمَتْ لَهُ دُنْيَاهُ فَهُوَ هَالِكٌ، ومَنْ لَمْ يَتَعَاهَدِ اَلنَّقْصَ مِنْ نَفْسِهِ غَلَبَ عَلَيْهِ اَلْهَوَى، ومَنْ كَانَ فِي نَقْصٍ فَالْمَوْتُ خَيْرٌ لَهُ".

في بلدنا العراق، أرى أن قباطنة سفينته المبحرة في لج بحر عميق، يتصفون بالجمود وانعدام التغيير في مفاصل البلد كلها تقريبا، إذ صار ديدنهم المعتاد وسمتهم البارزة وطبعهم الغالب، هو الوقوف حيث هم، وكأنهم يصورون ما أنشده الشاعر العباسي أبو الشيص الخزاعي:

وقف الهوى بي حيث أنتِ فليس لي

متأخَّر عنه ولا متقدَّم

وهم كنسخة مكررة كل دورة انتخابية، حيث السياسة والنهج ذاتهما، وإن استحدثوا شيئا غير الوقوف فهو المراوحة، بل إلى الوراء در أحيانا كثيرة، حتى اعتاد المواطن على نمطية العيش هذه، ولم يجد بدا في ترديد البيت الثاني للخزاعي:

أَشبَهتِ أَعدائي فَصِرتُ أُحِبُّهُم

إِذ كانَ حَظّي مِنكِ حظّي مِنهُمُ

***

علي علي

 

مصطلح اليسار واليمين وطبقاً لـ "ويكيبيديا-الموسوعة الحرة" تعود تسميته الى أماكن جلوس أعضاء البرلمان في فترة الثورة الفرنسية عام 1789 حيث كان يجلس في الجانب الأيمن المؤيدون للملكية والإقطاع ورجال الدين في حين كان يجلس ممثلو الطبقة العامة او الشعب على اليسار.. "طبعاً ليس موضع الجلوس هو الذي صنع متبنيات كل منهما إنما المتبنيات هي الأصل في ذلك الاستقطاب" فاليمين موال للملكية واليسار يقول بسلطة الشعب، اليمين يؤمن بالتفاوت الطبقي بين البشر ويتمسك بوجوب وجود اغنياء وفقراء ويقول ان الأديان تؤيد ذلك ويستخدم سلطة الدولة لدعم المجموعة الأثنية أو الدينية المهيمنة، في حين أن اليسار على النقيض من ذلك فهو يتبنى العدالة الاجتماعية وتقليل التفاوت الطبقي  ويدعم العلمانية "فصل الدين عن السياسة"، واليمين تقوم سياسته على النتيجة بينما يصر اليسار على إتباع الوسائل العادلة لتحقيق الغايات العادلة..

هذا على المستوى العام بالنسبة لليسار واليمين أما على المستوى الفردي: فاليميني متعال متعصب منغلق استغلالي نفعي فاسد.. واليساري غير ذلك بالمرة فهو صحيح يعشق الجمال ويحب الحياة ومغرم بالثقافة ويعشق المرأة واحياناً يتعاطى المزّه.. لكنه مجبول على سجايا مهمه ومميزه فهو بالضد من السلطان الجائر على طول الخط وهو وطني وانساني وخصاله على النقيض تماماً من الفساد والاستغلال ليس لأنه منتسب الى اليسار ولكن لأن اليساري الحقيقي طابع الإباء يتلبسه من قمة رأسه الى أخمص قدميه والإباء بطبيعة الحال يجعل من المرء عفيفاً عن الدناءة فالعفة كما يقول الإمام علي صفة النزيهين..

هذه الخصال والسجايا دفعت عراقياً معمماً مثل جعفر أبو التمن لأن يرد على متهمين اياه بتأييد الشيوعية قائلاً: "إذا كانت الشيوعية تسعى لترفيه الفقير ومساعدة المحتاج وتنظيم المجتمع بشكل مفيد أؤيدها، وهذه هي شيوعيتي.. "، وطبعاً سجايا ابو التمن لم تقف عند حد اصطفافه مع فقراء شعبه بل كان مثالاً حياً لمقت الطائفية والتعصب الديني حتى ان حنا بطاطو أشار الى ذلك قائلاً: "يعود إليه الفضل في المقام الأول، فضل الجمع بين الشيعة والسنة عند ذلك المفصل التاريخي "ثورة العشرين"، وطبعاً لم تكن سجايا جعفر في هذا الجانب تنحصر في قضية رفض الطائفية المذهبية فقط بل الدينية أيضاً فكان في مقدمة من يذهبون الى الكنائس يقدمون التهاني لإخوانهم المسيحيين في أعيادهم..

أبرز قراء المنبر الحسيني بعد الوائلي ياسر العوده ماذا يقول..

"انا ياسر عوده احترم تشي جيفارا وأجله لإنسانيته لأنه نزل مع الفقير واحترم الإنسان واشتغل بيده مع العامل وطلع ونزل.. يكَلي الشيوعي بلا دين.. ! هذا الشيوعي البلا دين أشرف منك يللي تدعي الدين ومابتخدم أمتك وانت قادر تخدمها، لأن الدين معامله، معامله من أوله لآخره.. صلاتي وصومي وتوحيدي بيني وبين الله اذا صلاتي وصومي وتوحيدي ما انعكسوا عمل وتعامل مع الناس ما لها قيمه ولذلك انا احترم كل انسان في التاريخ وقف مع قضايا المستضعفين ووقف مع قضايا الناس والفقراء وجاهد ضد المستكبرين مهما كانت عقيدته يحترم..

وهذا طالب الرفاعي المرجع الديني وأحد مؤسسي حزب الدعوة في العراق عام 1959يجل الماركسية ويعتبر الشيوعية أبدع ما اختلقه العقل الإنساني:

ففي لقاء متلفز عرضته قناة العراقية –الفضائية الرسمية في العراق- قال السيد طالب الرفاعي المرجع الديني المعروف واحد ابرز مفكرو ومؤسسو حزب الدعوة:

قال لمحدثه وبالحرف الواحد: الشيوعية أبدع ما انبثق عنه العقل الإنساني في الإنسانية وخدمة الانسان بعد الدين الإسلامي، لأن الدين الإسلامي بقوانينه وبما اشتمل عليه القرآن الكريم  وسنة نبيه الصحيحه أيضاً جاء لمعالجة صلاح الانسان في الحالتين الدنيا والآخرة، اما الماركسية فقد جاءت لإصلاح الدنيا ولا علاقة لها بالآخرة.. لأن ماركس كان مادياً وليس ملحداً كما هو معروف عند أكثر الذين قرأوا عنه.. والفكر الماركسي شوهته الترجمة العربية، وساق المتحدث دليله على ذلك فقال: كنت مثلك والآخرين أقول الشيوعية كفر وإلحاد، إلا أن مؤتمراً إسلامياً عقد في امريكا جمعني بالمفكر الشيوعي الماركسي روجيه غارودي فسألني غارودي أسئلة أجبته عنها قبل بعضها ولم يقبل البعض الآخر، فطلبت أن أسأله سؤالاً، قال: تفضل.. قلت: كيف انتقلت من النقيض الى النقيض.. ؟ قال: ما معنى من النقيض الى النقيض.. ؟ قلت: من الإلحاد الشيوعي الى التوحيد الإسلامي.. ! أجابني غارودي : ومن قال لك إن الماركسية ملحده.. ؟ قلت: ما قرأناه.. قال: هذا في مكتبتكم العربية، بعد هذه الإجابة والكلام للرفاعي بدأت اتابع واتوسع في قراءة الماركسية فوجدت أن ماركس وان وردت عنه عبارة " الدين أفيون الشعوب" فهو يقصد بذلك الدين الكهنوتي وسيطرة الرهبنة والرهبة التي سلط بها الكهنة على العلماء والمفكرين وكل من جاء بفكر جديد سموه هرطقة ويساق الى محاكم التفتيش. "، والرفاعي في هذا لم يدحض الإلحاد في الفكر الماركسي وانما دحض أيضاً الفتوى الدينية التي صدرت في العراق في عام 1959 المعروفة بـ : "الشيوعية كفر والحاد والتي استندت الى الترجمة الناقصة والمشوهة لعبارة ماركس - الدين أفيون الشعوب"، تلك الفتوى التي فتحت الباب على مصراعيه لانقلاب 8 شباط الدموي عام 1963 ليس لاغتيال ثورة 14 تموز وقائدها عبد الكريم قاسم وزملائه فقط وانما بحور من القتل والدم أُغرق بها العراق ذهب ضحيتها آلاف مؤلفة من خيرة أبناء العراق من يساريين وديمقراطيين، وأسست لمجي حزب البعث للسلطة وما اقترفته يداه من مقابر جماعية وحروب استمرت 40 سنة بين عامي 1963-2003 وأفضت الى اجتياحه واحتلاله من قبل الأمريكان وما تبع ذلك من نظام محاصصة شوه الديمقراطية وسرق وبدد موارد العراق.. 

فإذن لا تقل لي أنا يساري فإذن أنا وطني ونزيه وأرفض الظلم والفقر واستغلال الانسان وأحب المرأة والثقافة والجمال.. بل أرني سلوكك اليومي ومتبنياتك الفكرية فإن كانت متماهية وتلك السجايا كنت يسارياً حقاً..

ولا تقل لي أنا علوي حسيني فإذن أنا على نهج علي والحسين نزيه وأرفض الظلم واستغلال الانسان.. بل أرني سلوكك ومتبنياتك لأرى إن كانت تتماهى مع قيم علي والحسين في المبدئية والإباء والعفة والتضحية ومقارعة الظلم والفساد عندها كنت علوياً وحسينياً حقاً، وان كان سلوكك ومتبنياتك سرقة أموال الشعب وترسيخ عوامل الفرقة بينهم فإذهب لتتلمذ على أيدي: أبو التمن والرفاعي وياسر العوده وعُد اليَّ بغير هذا الحال.. يا ابن الزرقاء...

***

موسى فرج

لم يكن الشاب اللبناني البالغ من العمر 26 عاماً يتوقع عندما قرر عام 1975 الصعود إلى السفينة التي نقلته إلى قبرص، ليشد بعدها الرحال إلى باريس، أنه بعد " 48 " عاماً من وصوله إلى العاصمة الفرنسية سيصبح أميناً عاماً للأكاديمية الفرنسية، حيث تم انتخابه العام الماضي لمنصب الأمين العام الدائم للأكاديمية الفرنسية العريقة.

في كتابه الأخير الذي اختار له عنوان "متاهة الضائعين" نجد معلوف يخلع رداء الروائي، ليأخذنا في رحلة فكرية حول أسباب ما يجري في عالمنا الحالي، ليخبرنا إن ما يجري من حروب بين الغرب وروسيا، وما يحدث في الشرق الأوسط تكمن اسبابه في أحداث الماضي، ففي حوار أجرته معه إحدى الصحف الفرنسية قال "دعونا نحاول أن نفهم كيف تطوّر الصراع بين الغرب والقوى التي تحدّت تفوّقه وريادته على مدى القرنين الماضيين".

من بين التجارب التي يسلط معلوف الضوء عليها تجربة اليابان أو ما يسمى بـ " المعجزة اليابانية ".ربما سيعترض البعض لأني أترك مواضيع حيوية مثل ما جرى في بغداد من حرق للمطاعم وتهديد لبعض أصحاب المصانع، وسيقول قارئ عزيز يارجل: ألم تقرأ في الأخبار أن بعض المتورطين في مهاجمة المحال والمطاعم ينتمون إلى الأجهزة الأمنية.. وما الغريب ياعزيزي وساستنا الأفاضل أصروا أن يوزعوا القوات الأمنية فيما بينهم، وسمحوا لها أن تدخل لعبة الانتخابات، ولماذا العجب والكثير من الرتب الأمنية الكبيرة جاءت عن طريق نظام " الدمج "

قبل سنوات كنت قد قرأت تصريحاً لسياسي كبير يقول فيه إن ظروف العراق واليابان تتشابه من الناحيتين السياسية والاجتماعية، وتخيلت لو أن مسؤولاً يابانياً قرأ ما كتبه السياسي العراقي النتخم بالاموال والعقارات، هل سينتحر على طريقة الساموراي وهو يقرأ ويسمع أن معظم ساستنا يستولون على أملاك الدولة، وأنهم يتحكمون في مفاصل العراق وأمواله؟.

نترك عتب القراء الاعزاء ونعود للسيد معلوف الذي يخبرنا أن اليابانيين بعد أن دمرت الحرب بلادهم واحتلتهم أمريكا، لم يذهبوا لحرق المطاعم ولا تهديد أصحاب المصانع وإنما " أفادوا من مغامراتهم الخاسرة والمهينة بحيث استعادوا رباطة جأشهم والسيطرة على أنفسهم، فعملوا على الانعتاق من عاهاتهم، أي، من انعزاليتهم ومن عسكريتهم. وذهبوا إلى أقصى حد منطقهم باندفاع بارع وحزم لا يتزعزع " لتخرج لنا اليابان الحديثة إلى مواقع متقدمة على قائمة الدول الأكثر رفاهية وعملاً وإخلاصاً للوطن.

بعد أن خسرت اليابان الحرب عام 1945 قرّر الشعب المهزوم والجائع أن يعيد بناء المصانع والبيوت والشوارع، وكان شعاره "العمل حتى الموت".

وماذا عن متاهتنا ياسيد معلوف، يكتب في الصغحة الأخيرة من كتابه: " لم يفت الأوان بعد لاحتكامنا تماما على وسائل الخروح من هذه المتاهة. علما أنه لا بد من الاقرار بأننا همنا فيها على وجوهنا وضللنا سواء السبيل".

***

علي حسين

تزخر مدينة بغداد بالجداريات والنُصب والتماثيل، الموجودة في أنحاء العاصمة العراقية كافة، والمشغولة بمواد مختلفة، مثل البرونز، والخشب، والمرمر، والحديد. ورافق هذا الفن القوي والمتميّز، وبكافة الحقب السياسية المتعددة في العراق، منذ الاحتلال البريطاني، مروراً بالحكم الملكي، حتى يومنا هذا، وتراث الرافدين منذ الحضارة السومرية والآشورية والبابلية، الذي لم يقتصر على التأليف الأدبي والأساطير والقوانين فحسب، بل شمل الفن ايضا وبالاخص التشكيلي كفن الجداريات والنصب وسواها، قدّمت الحضارة البابلية فناً جدارياً متميّزاً، تجلّى بمسلّة حمورابي، وبوابة عشتار المدهشة، وشارع المواكب وهو عبارة عن جدار كبير فيه نقش بارز للأسُود (يوجد هذا النصب في متحف بيركمون في برلين). وازدهر الفن الجداري تحديداً مع الحضارة الآشورية، شاملاً نواحي الحياة المدنية والعسكرية والسياسية

وقبل ايام اثير سخط وانتقاد لنصب الابهام / الاصبع لنصب وصفوه بالعجيب الغريب لإبهام أمام فندق "قلب العالم" في منطقة الجادرية في بغداد،و أفادت منصة "يلا" العراقية على إنستغرام إلى أن النصب "عبارة عن بصمة المستثمر ورجل الأعمال العراقي عبد الله الجبوري، كما أشارت إلى أن الجبوري أراد أن يوضح أنه " ترك بصمة في العراق من خلال استثماره في هذا الفندق الضخم، هذا الفندق الذي أطلق العام الماضي، يقع على جسر الجادرية ويطل على نهر دجلة،، كما يتضمن مركزاً تجارياً وشققا فندقية فخمة، فضلا عن العديد من المسابح والمطاعم الفاخرة، وطالبت نقابة الفنانين العراقيين، الهيئة الوطنية للاستثمار الايعاز بازالة نصب الاصبع من امام واجهة فندق قلب العالم قيد الانشاء أمام بمنطقة الجادرية في العاصمة بغداد، على خلفية موجة السخط والانتقادات في مواقع التواصل الاجتماعي، داعية المستثمر إلى إعلان مسابقة لتصميم وتنفيذ النصب من خلال الفنانين التشكيليين العراقيين،، كما استغربت لجنة الاستثمار النيابية، من نصب اشكال تعطي ايحاءات وتثير موجة سخط وانتقادات في مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى الرغم من أن التمثال نصب قبل فترة، فإن العديد من العراقيين تداولوا خلال الايام الماضية على مواقع التواصل (إكس وإنستغرام) صوراًنصب تمثال لإبهام، ووصفته انه لا يحمل أي معنى فني أو ثقافي،فيما شن آخرون حملة سخرية، متسائلين عن السبب الذي دفع إلى وضع تمثال كهذا،، وتقول لجنة الاستثمار،ان أمانة العاصمة كان لها دور كبير في اختيار النصب والرموز والاشكال الموجودة في ساحات ومداخل بغداد، وكان لديها قسم خاص لهذا الموضوع"، لافتا الى ان "امانة العاصمة كانت متميزة عن باقي الدول العربية وباقي العواصم في اختيارها النصب، كنصب الحرية وغيرها والتي تحاكي تاريخ العراق وحضارته وشخصياته البارزة، واضافت اليوم نستغرب نصب اشكال تعطي ايحاءات وليس فيها ذوق وهدف، ولابد من ان تكون هذه القضايا

ونشيرالى ان المعمارية الراحلة زها حديد، قد سئلت عن أي نصب تذكاري بغدادي تفضّل أن يكون رمزاً إعلامياً لبغداد، رأت في نصب "كهرمانة" تمثيل رمزي لعصر الرشيد الذهبي لبغداد وقصص ألف ليلة وليلة، وهذا يرتبط بالخيال الجمعي العالمي لبغداد، كما اختارت "نصب الشهيد" لأنه برأيها الأكثر تعبيراً عن شموخ وتضحيات العراقيين في التاريخ المعاصر، فيما رأت المعمارية العراقية ميسون الدملوجي ان فن العمارة والنصب والتماثيل هي هويتنا وتراثنا الوطني، هي إرثاً وطنياً وجمالياً ينبغي الحفاظ عليه

***

نهاد الحديثي

الواقع المرعب أن الأمة بلا فكر، والذين يسمون أنفسهم بالمفكرين، لا يفكرون، ومعظمهم متقوقع في نرجسيته وأنانيته، وصومعته المتعالية على كل شيئ، ففشلوا بالتواصل مع المواطن في مجتمعات الأمة المنكوبة بهم.

فهل يعقل أن أمة فيها الأعداد الهائلة من المفكرين والنخب المثقفة العارفة، وأحوالها في تقهقر وخسران وإضطراب مهين.

لابد من وقفة جريئة ويقظة صارخة!!

قد يعترض مَن يعترض على ما تقدم، ولا يستطيع أن يفند المطروح بالأدلة والبراهين، لأن الواقع سيدمغه.

ويمكن القول بثقة أن العيب في نخب الأمة ومفكريها، أما الذين يتحدثون عن الفلسفة والفلاسفة، فهم في عوالم فوقية لا تمت بصلة لواقع مأزوم.

ما يكتبه المفكرون والمثقفون لا يجد مَن يقرأه سوى بصعة أشخاص من النخب، أما عامة الناس فلا قدرة لديها للتفاعل مع المنشور في المواقع والصحف، ولا حتى متابعته في التلفاز أو الإذاعة، فهي منهمكة بموضوعات أخرى حرمانية المواصفات، وتهيمن على وعيها أدوات التواصل والتفاعل السريعة التي طغت على البشرية.

إنجازات المفكرين أقوال وحسب، ونظريات لا يمكن العمل بموجبها، لعاهة متوارثة خلاصتها العجز عن تحويل النظرية إلى مشروع فاعل في الحياة، ولهذا فشلت النظريات العقائدية بأنواعها، كالقومية والمؤدينة، فالمهم أن نأتي بنظرية على مقاسات فهمنا الفردي المحدود، فالقول إنجازنا، والعمل ليس من طبعنا.

وما أروعنا عندما نتكلم ونطلق الأشعار والخطابات المخادعة، لكي نرضي ما فينا من الحاجات الدفينة، ولا يعنينا ما يدور حولنا، فلا نمتلك قدرات إدارة الحياة المعاصرة، ويدفعنا مفكرونا ومثقفونا إلى التقهقر والإندحار في الغابرات.

وأوهمونا بأن ما مضى مقدس وبعيد المنال، وكأن أجدادنا ليسوا بشرا مثلنا، وهذه فرية فاعلة فينا ويتحمل مسؤوليتها أصحاب الأقلام جميعا!!

"وكم من عائب قولا صحيحا...وآفته من الفهم السقيم"!!

***

د. صادق السامرائي

 

حج: قصد البيت الحرام للقيام بمناسك الحج

هج: فر هاربا إلى مكان بعيد

كل عام يحج الملايين فيؤدون الشعائر والمناسك، ويعودون إلى ديارهم وما تغير سلوكهم.

هذه حقيقة مريرة، فلو أن الجموع المتواكبة المتواصلة  الذهاب إلى مكة والمدينة، قد غيّرت شيئا بسيطا من سلوكها، وعبّرت عن الدين بالعمل الصالح والقدوة الحسنة، لتغيّرت مجتمعات الأمة.

لكن الحج صار طقسا وحسب، يحج المسلم ويعود  وما تبدل تفاعله مع الناس.

هو، هو مثلما ذهب عاد.

بينما الحج مدرسة قيمية، أخلاقية، روحية، وفكرية، عليها أن تلد الإنسان من رحم الصفاء والنقاء، والأخوة الإنسانية، ليكون مشعلا منيرا في دروب الحياة التي سيسبرها.

مع الزمن يزداد عدد الحجاج، وتتنامى التفاعلات المنافية للدين في ديار المسلمين.

فأين العلة؟

هل هناك أمية دينية؟

هل أنها التبعية لتجار الدين؟

من الصعب الإجابة، لكنها ظاهرة تستدعي النظر والتفاعل العلمي الرصين.

ترى، لماذا تنهار قيم الدين، ويتكاثر حجاج بيت رب العالمين؟!!

***

د. صادق السامرائي

في هذا العصر يجب ان نتعلم من الفلاسفة، حكمة تجاهل "الحمقي " الذين يدعوا المعرفة وهي أخطر من الجهل، فلا تعطي للحمقي وقتـًا ولاقيمة ليس كبرياء، ولا احتقار ..كما قال :الفيلسوف والكاتب  {برنارد شو} إن أداة الصمت هى أفضل تعبير عن الاحتقار....وفي بعض المواقف يفرض الحديث الكلام /بعد إنتشار شبكات التواصل الاجتماعي،وتجد حمقي يكتبون  تعليقات وكأنهم علماء في كل شيء،هم يشعرون بالدنيوية، احيانـًا،يمثل عليهم البعض دور الابلة، وأن جيوبهم عامرة من المال،فيبحث عن دور له وسط ثقافة التفاهة والفرجة، قد يكون فى الكلام فضفضة لشخص يريد المزح والمرح ويبحث عن وقت  لراحة البال  وقد يكون فى الصمت بعض الفضيلة.

أحيانـًا يكون الصمت أبلغ من الكلام، في حضور حمقي وأكثر فائدة ونفعـًا، أو على الأقل قد يكون أقل ضررًا. من ان تصطدم مع احمق  فيكون الصمت فيه حكمة وقوة، وخير مثال علي ذلك حياة الفيلسوف  اليوناني سقراط،وكيف استطاع ان يتغلب علي واقع داخل اسرتة وهي زوجة (سقراط) من كان يتوقع أن الفيلسوف سقراط الذي عرف بثقافته و حكمته و قوه كلماته، كان يعيش في وسط مليء بالصراخ و الجهل و العصبيه من قبل زوجته.

عرفت هذه المرأة بانها كانت سليطه اللسان وقوية وجبارة جعلت زوجها كل يوم يخرج من الفجر ويعود بعد مغيب الشمس. و مع ذلك يقول سقراط عنها:" انا مدين لهذه المرأة لولاها ما تعلمت ان الحكمة في الصمت والسعادة في النوم.

ويقول ايضـًا: إبتليت بمصائب ثلاث: اللغة والفقر وزوجتي، أما الأولى فقد تغلبت عليها بالإجتهاد، والثانية فقد تغلبت عليها بالإقتصاد، وأما الثالثة فلم أستطع التغلب عليها .

في يوم من الآيام .. كان صوتها يعلوا وهو يجلس مع تلاميذه لتشتمه وتسبه كعادتها أمام تلاميذه و لكن هذه المرة تفاجأ بأن انهمر فوقه الماء وهو يجلس مع تلاميذه فمسح الماء من على وجهه بدهشه وقال كان يجب ان نتوقع انها ستمطر بعد كل هذه الرعود. فقال مقولتة المشهورة /ما اجملك حين تمطرين، وحين ترعدين، وحين تبركين.

هذا أسلوب سقراط الهادئ و سكوته أدى إلى وفاه زوجته بسكته قلبية.

نعم، توفيت زوجته بعد ما أشعلت خلاف مع سقراط ... التزم زوجها الصمت و السكوت وراحة البال .. اما هي فكانت كالبركان.. مما أدى إلى الم شديد في القلب و الكتف و توفيت في تلك الليلة.،،  ولكن الغريب هذا الشهر كتبت الصحف حالة غريبة طلبت امرأة بريطانية تبلغ من العمر /80 عامًا /الطلاق لأن زوجها تظاهر بالصمم لسنوات طويله تقدمت {دوروثي داوسون }بطلب الطلاق بعد أن اكتشفت أن زوجها {باري} البالغ من العمر \ 84 عامًا /لم يكن أصمًا، وهو ما تظاهر به لسنوات، حتى لا يستمع إلى حديثها وفقًا لأوراق الطلاق، لم يتفوه الزوج "باري "بكلمة واحدة طوال عشر سنوات من الزواج ولكي تتواصل مع زوجها، تعلمت السيدة "داوسون "لغة الإشارة ‏وتقول الزوجه لمدة عاميين كاملين تعلمت لغة الإشارة " وبمجرد أن بدأت أنجح واتواصل معه بلغة الاشارة ‏، بدأ باري يعاني من مشاكل في الرؤيةويُأشر لي انه لا يري جيدًا إكتشفت انة كان يعيش حالة صمت معها طوال عشر سنوات "في هذا الزمن نحتاج للصمت. فى صمتك، أصبحتَ كاتبـًا مبدعـًا

فى كلامك.عن غوغاء هذا العصر من الحمقي،،".  هٰذه الكلمات تتردد فى فكرى، ونحن فى حياة أصبحت إن الجميع يتحدثون، فهل من مستمع لتلك الكلمات،، وطرحت. الأسئلة نفسها: من فلاسفة ومفكرين لماذا يصمُت الإنسان..؟ وكيف يكون الصمت  في زمن الصعاليك السفلة الرعاع ؟ وهل للصمت صوت وكلمات..؟ ومتى يكون الصمت حكمة...؟

***

محمد سعد عبد اللطيف - كاتب وباحث مصري

خلق الله تعالى الإنسان بفطرة نقية سليمة من الشوائب في التفكير والعمل وجعل له الحرية والاختيار وله الخيرة من أمره في العمل والفعل متنقلا بين الحق والباطل لكن بمرور الزمن وبوجود قرينه الشيطان وأعوانه من الأنس والجن تشاركه في التفكير والعمل وتعمل بين يديه وتجره إلى الأفعال السلبية حينها أخذ الإنسان ينحدر بتصرفاته إلى مستويات من الانحدار الفكري والعقائدي والتعامل السلبي في مجتمعه وإيذائه بعكس إرادة الله تعالى مما اقتضت الضرورة والحاجة الإلهية إلى التدخل لإرسال الرسل والأنبياء والنذر والسنن لتمهد له طريق الهداية لإعادته إلى جادت الحق والفطرة السليمة وكلنا نعرف أن للإنسان الحقوق وعليه الواجبات في مجتمعه لتكون حياته منظمة وترتقي إلى مستوى الإنسانية التي أرادها الله له وعلى طول مسيرته البشرية وخالقه يحيطه بالرعاية والتوجيه بالشرائع التي ترسم له معالم حياته وتعاملاته مع بني جنسه والمجتمع وضمن له الحقوق على مدار حياته تدريجيا   حسب متطلبات وتطورات المجتمع في كل بقاع العالم وختمها بالرسالة المحمدية متضمنة منهاج واسع ومفصل بكتاب اسمه القرآن الكريم ومن هنا جاءت الحقوق الإنسانية بآيات  يقتطف منها حقوقه كاملة مقابل الواجبات التي يؤديها لمجتمعه لكي يسمو بنفسه إلى الدرجات العليا ومرضاة الله تعالى  فقد جاءت هذه الحقوق على شكل واضح حيث أعطى الإسلام للإنسان الحق في ممارسة معتقداته التي يؤمن بها وله الاختيار في العبادة وهو الذي يتحمل المسئولية كاملة أمام الله تعالى ربه الذي خلقه وهو الوحيد له الحق في العقاب والثواب يوم الحساب كما قال تعالى (لا أكراه في الدين) و(وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.......) الكهف 29 وكذلك (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين) كما أعطى الحقوق للوالدين ووصى بها البنين والأحفاد وهي الحاجة الملحة في بناء الأسرة والمجتمع ليروا جزء من التضحيات كما قال تعالى (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين أحسانا...) الإسراء 23 و(ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن...) لقمان 14 . كذلك نظم العلاقة الزوجية وأعطى كل ذي حق حقه من الزوج والزوجة وضمن الحقوق الشرعية للزوجين (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة) أي فرض عليكم أكراما والتزاما للمرأة وصيانة لحقوقها لتكون الروابط متينة في الحياة الزوجية و(.. للرجال نصيبا مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن..) النساء 32 فأن للمرأة الأهمية القصوى والباب الواسع ليلجه الإنسان في حمايتها وتكريمها والحفاظ على مكتسباتها المعنوية والمادية ومساواتها مع الرجل ومن هذه الحقوق أشارة من القرآن في التربية والرعاية والمعيشة في بيت الزوجية وكذلك من الحقوق الكثيرة تنظيم العقود والعهود والمواثيق والإرث والطلاق والتبني وحث الله تعالى بعدم بخس الناس حقهم وخصوصا في اليتامى والإماء والأرامل  والقاصرين (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) النساء 29 كما قال (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ........) النساء 35 و(وآتوا اليتامى أموالهم .....) النساء 2 و(يسألونك عن اليتامى قل أصلاح لهم خير) البقرة 220 وغيرها من الآيات التي يزخر بها القرآن لتنظيم حقوق الناس يستطيع الإنسان العاقل المتدبر له أن ينهل منه ما يشاء .أن دراسة المنهج القرآني والرسالة المحمدية وفهمهما بموضوعية وتجلي وفكر ثاقب يجد أن كل الحقوق للإنسان واضحة ودقيقة ومصانة لكن مع الأسف أن الدين الحقيقي للإسلام لم يصل للعالم كما أراده الله وأنبيائه عليهم السلام بصورة صحيحة بل وصل مشوها ومخيفا ومنفرا منه في بعض الأحيان عكس صورته المشرقة الناصعة حتى وقف الغرب والعالم منه موقفا مضادا من منهجه ومن هنا يأتي التخوف على الدين الإسلامي الحنيف وعقيدته من الأجيال القادمة ما لم تصحح الكثير من مفاهيمه التي فسر بها وعدم التعنت والتعصب الغير مبرر والتمسك بالسلف الصالح المطلق التي لم تعد الكثير من أفكارهم مواكبة التطورات العصرية للحياة والعقل البشري فعلينا أخراج عقيدتنا الإسلامية من نطاقها القومي  المحلي إلى خارج حدودنا العربية والإسلامية بعيدا عن العصبية والنقاش والجدال الغير مثمر بل بطريقة واعية لا تمس جوهر العقيدة والإيمان الحقيقي للرسالة الإلهية من خلال الحوارات الفكرية في معاقل الغرب ومؤسساته الدينية والثقافية للإطلاع عليها عن كثب لتبديد الفوبيا من الإسلام بعدما وصلهم مشوها ومزورا بقصد أو بدونه.

***

ضياء محسن الاسدي

 

التأريخ يحدثنا أن القوى لا تتآخى، وإنما تتماحق، فلا يوجد في التأريخ مثلا لتآخيها.

فقانون الدوران يقضي بأن القوى الكبرى تتصارع لتفوز إحداها بالهيمنة على مقدرات الدنيا إلى حين، لأن القوي سيضعف والضعيف سيَقوى، وتلك سنة الحياة فوق تراب لا يعرف القناعة والرضا.

واليوم تجدنا أمام قوة تريد الحفاظ على هيمنتها المطلقة على العالم، وقِوى ناهضة تريد فرض نفسها، على ما تستطيعه، لأنها تريد دورا وأثرا.

ولابد من المواجهة الشرسة بينها، لتفوز قوة بالقبض على مصير البشرية.

البعض يرى أن القِوى الناهضة ستتحالف، والواقع يشير إلى أنه سيكون واهيا، ويحمل أسباب تمزقه معه، لأن القوى المتحالفة حالما تبسط سيطرتها سيدب بينها النزاع، وتنتهي قوة واحدة بفرض إرادتها على الأخريات.

وفي عالم تطورت فيه الأسلحة والقدرات التدميرية، سيكون من المؤكد أن القوى بأنواعها ستتماحق، وربما ستؤول الأمور للضعفاء بعد أن يتحول كل شيئ إلى رماد.

فما عند القوى المتصارعة من قدرات فتاكة، تجاوزت السلاح النووي بسبعة عقود.

فالحرب ما عادت ذات إنتصارات، بل أنها نشاطات خسرانية فادحة، وذات تداعيات إمحاقية فائقة.

و"لا شيئ أقوى من القوة سوى الدهاء"!!

***

د. صادق السامرائي

 

عالم اليوم يتسع لملايين الكتاب وفرص النشر هائلة ومن غرف النوم في دقائق تتأسس محطات تلفزة واذاعة وصفحات تواصل شخصية فلا حاجة للقلق والخوف من ان يحتل شخص محل آخر، إن الكاتب والمثقف والباحث والفنان والروائي ليس مطرباً ومهرجاً في سيرك لإسعاد الجمهور، او إثارة الفتن والبحث عن شهرة، بل صدمه من الآوهام وتعكير طمأنينته الزائفة وكاشف دروب يرى في الظلام ويطلق صيحة التحذير، مثل( طائر البطريق) قبل قدوم العاصفة ..!

واذا كان الواقع مظلماً، فليس واجبه تجميل الظلام أو تجميل القبح لزرع الأمل الساذج والأوهام.

هذا تاريخ الأدب في كل العصور، ، إن روايات محاكمة النظم الدكتاتورية والعقل السياسي ليست جديدة في الرواية العالمية: الكاتب

(أريك ماريا ريمارك ) الألماني حذر من النازية قبل انتشارها، كذلك الكاتب " ريجيس دوبريه" في رواية الثلج يشتعل، وكتبت مقال سابق عنها،، كذلك الروائي ( ايليا اهرنبيرج) في روايه {شق جدار الصمت} بعد وفاة الزعيم السوفيتي "ستالين" في روايته ذوبان الثلوج،

والروائي الروسي{ ألكسندر سولجنتسين} توقع أوائل السبعينيات في روايته:

" أرخبيل جولاج" إنهيار الاتحاد السوفيتي يوم كان امبراطورية تحكم ثلاثة ارباع الأرض وفر الى امريكا  وحاز علي [جائزة نوبل] وكان نشرها فضيحة مدوية عن معسكرات التعذيب

وتعرض لحملة تشهير منظمة من جميع الأحزاب الشمولية والسلطوية  في العالم اتهمتة موسكو، بتهمة الجنون والتعصب الديني وعاد بعد الإنهيار باستقبال شعبي عارم.، والغريب الذي قرأته عن هذا الأديب، في لقاء قمة بين الرئيس السوفيتي/ والأمريكي/ اثناء الحرب الباردة، عن (سباق التسلح)، كان مطلب الزعيم السوفيتي من الرئيس الامريكي تسليم الكاتب الي موسكو،،  وهناك ثلاث روايات فككت الدكتاتورية في قارة "امريكا اللآتينية"

وعصفت بها: 1- رواية السيد الرئيس، لميجل أوسترياس الجواتمالي، 2-خريف البطريرك، غابرئيل ماركيز الكولومبي 3- حفلة التيس، ماريا يوسا البيروي، الثلاثة حصلوا على (جائزة نوبل).

اما القارئ، ليس له شأن في كيف يعيش الكاتب، ومع من وماهي ثروته، ولايفتش في حياته الشخصيه وكيف يفكر الكاتب.

واخلاق الكاتب فيما يكتب فتلك امور لا شأن للقارئ بها، اما مهمة الكاتب توقع المستقبل وهو سلوك أخلاقي وشمعه للأمل للآجيال التي تتطلع الي مستقبل أفضل، في حوار علي شبكات التواصل مع صديقة وزميلة بنت اخي/ سألتني سؤال..؟ قالت:- لدي ملاحظة غريبة، .لماذا ليس لديك مطبلاتية رغم موضعاتك المهمه وآخرون يكتبون مواضيع تافهه ولهم مطبلاتيه..؟ كان ردي بسيط، من المزح وخيبه الأمل في المستوي الثقافي من ثقافه الفرجة في ارض النفاق،، ياسيدتي "انا قدري ان اعيش في حارة الطبالة فكيف لمطبلاتيه ان يطبلوا في المطبل،، علي طريقه المرح،،

ستكون إجابتي ياسيدتي/ بتعبير الكاتب والفيلسوف الفرنسي البير كامو:

" تعرفون اسمي ولكن ﻻ تعرفون قصتي، تعرفون ماذا فعلت لكن ﻻ تعرفون الظروف التي مررت بها، لذلك توقفوا عن الحكم علي وانشغلوا بأنفسكم"أمام القارئ "نص" وعليه قراءته وتحليله وتأويله كما تسمح قدرته وليس القفز الى" الشخص" أو الشخصنة لأن هذا دليل افلاس ثقافي وعجز معرفي ولا يحتاج الى ثقافة أو علم.إن

قراءة النص اي كان مقال او بحث او نص أدبي (ياسيدتي) يحتاج موهبة وثقافة ونزاهة وصفاء نية ومعرفة بعلم نقد النصوص، ومن محاسن مقهي الفيسبوك ياسيدتي كشفت عن تدني وعور المستويات وكشفت عن عور في حاملي شهادات علمية، غير ان عقلية الوصم لا تحتاج ذلك لآن القضية لا علاقة لها بالآدب مطلقاً.

في القرن الماضي شهدت مصر فترة من ازهي عصورها في الآداب والصحافة والفنون والثقافة، فكتب يوسف إدريس اروع قصص عن واقع مجهول وعور في المجتمع كذلك/الكاتب والأديب /يوسف السباعي "في رواية/ أرض النفاق/ كذلك  قصة{الحرام}، كذلك نجيب محفوظ في روايات كثيرة، مثل :ثرثرة فوق النيل، والثلاثية، واللص والكلاب، وطه حسين في قصة الأيام، ونجيب ذكي الكيلاني في قصة، ليل وقضبان، وثروت اباظة، شيء من الخوف .ويحي حقي، و توفيق الحكيم في (يوميات نائب في الأرياف) ...الخ، كما قال: الروائي ميلان كولديرا،،  الرواية التي لا تكشف عنصراً مجهولاً الوجود، هي رواية لا أخلاقية. إن اخلاقيات الرواية.من الهواه علي شبكات التواصل الاجتماعي.

الذين صدموا بسلطة وواقع اليوم، ويشتمون بها ليل نهار، لم يخترعوا /عصير عشب البرسيم، ولم يكتشفوا أمراً ولا حلوا لغزاً،، وكنا نعرف ذلك مبكراً، ان القادم أسوأ من التفاصيل التي لا يهتم بها الخطاب والعقل السياسي الشعاراتي، وبعد الحراك الشعبي من ثورات الربيع العربي، دفع الجميع الثمن وهناك أثمان أفدح ستدفع بالتقسيط.،، إذا كان " تخيل الكاتب المستقبل رؤية سوداوية فكيف سيكون الأمل..؟ إن إخفاء الحقائق عن الناس وتجميل القبح، بعد ثورات الربيع، والحالة {العراقية} بعد الحرب من احتلال والحرب في[ سوريا واليمن وفي فلسطين الآن ] والكوارث صار الكل يكتب عن الكارثة كما لو انه اخترع، طائرة مسيرة، واي مواطن يعرف ما يجري امامه كل يوم لكنه بحاجة لكي يعرف ماذا سيحدث في المستقبل، وهذة مهمة الكاتب، وهذا الفرق بينة وبين السياسي الذي ينظر للوضع الحالي فقط، فالكاتب يستشرف المستقبل  لحماية الأجيال من الأطفال وتنظيم حياتهم على أسس متينة وليس تمنيات أو آمالاً ساذجة والأمل الساذج أو الزائف هو أخطر من اليأس المحرض على الخروج من المأزق.الدرس المستخلص من هذا النص هو : ان الخطاب الروائي

ليس هو نفسه الخطاب السياسي أو الاجتماعي، في زمن يسودة الفوضي في مجتمعات الجهل والعادات السيئة وثقافة الفرجة والاخلاق الوحيدة للكاتب، هي أن يكتب جيداً ويكتب بشجاعة وكل نص، او مقال، او رواية، لا تحمل جديداً هي عمل لا أخلاقي، لأن السرد الأصيل هو نوع من الأخلاق أيضاً، كما ان البناء اللغوي والتوقع والتحسب والكشف هو أخلاق، وتوقع المستقبل هو أخلاق ...، !!

***

محمد سعد عبد اللطيف - كاتب وباحث مصري

 

هل كان المأمون يعاني من إضطرابات سلوكية رغم إنجازاته وإنطلاقاته المعرفية؟

يبدو أن مقتل أخيه الأمين تسبب له بجراح نفسية لا تندمل، فكره الخلافة وعاقر الفكر والفلسفة، وأمعن بتفعيل العقل وتسيده على كل حالة.

فمال للمعتزلة وإعتنق مذهبهم، وفرضه على الناس، مما تسبب بمحنة خلق القرآن.

وكاد أن يتخلى عن الخلافة لولا ضغط بني العباس، وما حصل من مفاجآت وتفاعلات.

وحينما حانت وفاته عهد للمعتصم بالخلافة، ذلك الذي ما فكر الرشيد يوما أن يعده لها، فلم يهتم بتعليمه وتدريبه، لكنه كان مقاتلا شرسا وميالا لأخواله الأتراك.

وفي عهد المأمون تعاظمت الإضطرابات وقويت شوكة الحركة الخرمية التي عجز عن إخمادها.

لكن المعتصم بعد توليه الخلافة إستطاع القضاء عليها وإعدام بابك الخرمي في سامراء.

وبقي "محمد" إبن المأمون يضمر الحيف بداخله، حتى تآمر على عمه المعتصم، وإنتهى به الآمر إلى السجن والموت له ولإخوته.

قد لا يعجب المؤرخون ما تقدم، لكنها قراءة نفسية بحتة مختصرة، والأمور بخواتمها، وما آلت إليه الأحوال في زمن المأمون وبعده، تشير إلى عاهة سلوكية كانت مهيمنة على قراراته.

فهو يتيم الأم، وتربى مع أخيه الأمين وهو يكبره بستة أشهر، وعني هارون الرشيد بتعليمهما، ويمكن القول بأنهما من أثقف القادة في التأريخ، وتخيلوا مشاعر المأمون وهو يرى رأس أخيه يُوضع أمامه كدليل على القضاء عليه، إضافة إلى محق ذريته بالكامل.

المأمون إنسان، ولابد لهذا الأمر قد أثر في نفسه ورسم خارطة سلوكه، وهذه الحالة مغفولة تأريخيا، ويتم التركيز على نشاطاته الأخرى، وبلغة عالية الخيال.

فهل أصاب المأمون أم أخطأ؟!!

***

د. صادق السامرائي 

 

النسبة العظمى من مدوناتنا الحضارية منهوبة، ومطمورة في ظلمات المخازن والمكتبات الأجنبية، ويتم إخراج ما يريدون نشره منها، ونحن نتهافت عليها لا بنسخها العربية، ولكن بنسخها المحققة بلغة أجنبية، فنبدأ بالترجمة.

فالأجانب (الألمان، الفرنسيون، الإنكليز) هم الذين كشفوا كنوز حضاراتنا، ودلونا على الكثير من تراثنا، ومنذ عدة قرون، وربما ظهر من بيننا عدد من المحققين والمهتمين بالتراث في القرن العشرين، لكنهم يفتقرون إلى المدونات المعرفية الأصيلة التي عليهم أن يحققوها وينشروها بين الناس.

ولا تزال النسبة العظمى من المدونات العربية غير محققة، ومقبوض عليها في مخازن مكتباتت ومتاحف الآخرين.

ويبدو أن قصة أن جيش هولاكو قد أحرق خزائن بيت الحكمة في بغداد، أو أغر ق كتبها في نهر دجلة مسألة فيها نظر، وربما تكون فرية لإيهام الأجيال بأن تراثهم المعرفي قد أكله نهر دجلة.

والواقع أن هناك مَن يذكر بأن جيوش هولاكو لم يكونوا بهذه السذاجة والجهالة، ويُقال أنهم إستحوذوا على العديد من نفائس الكتب وباعوها للدول الأوربية.

ومع كل ما حصل، يحتار المرء بين شكر الأجانب وإدانتهم، فهم الذين كشفوا آثارنا، وأرشدونا إلى معالم معارفنا ورموزها، فالذي حققه الأجانب من المدونات أضعاف عشرات وربما مئات المرات ما حققه العرب من مدوناتهم.

آثار وادي الرافدين ووادي النيل هم الذين إكتشفوها، وفكوا رموز اللغة الهيروغليفية والمسمارية، ولابد من القول بأنهم أيقظونا من أميتنا التأريخية، حتى وجدتنا نتشبث بما مضى بإنفعالية لاحدود لها.

إهتموا بحضاراتنا وأسسوا لما أسموه (علم الإستشراق) الذي قضى نحبه في الغقد الأخير من القرن العشرين، بعد أن تنامت وسائل الإتصال والتفاعل بين البشر.

وما تمخض عن نشاطاتهم، أن أجيال الأمة تشكل وعيها بموجب ما قدموه لنا عن ماضينا، فيمكن القول أن تأريخنا القديم هم الذين كتبوه، وأخرجوه من ظلمات المدونات ومن تحت التراب.

فلماذا التحامل وعدم الموضوعية؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم