أقلام حرة

صادق السامرائي: مفردات الماضي!!

تسود في كتاباتنا المفردات الماضوية المأسورة بخيمة "كان"، وتقل المفردات المضارعة الدالة على الحاضر والمستقبل، وهي ظاهرة تكبلنا ولا نستطيع التحرر من أصفادها، فالماضي البعيد والقريب يعتقلنا.

مَن لا يتفق مع ما تقدم، عليه أن يقرأ أي منشور ويحصي عدد مفردات الماضي ويقارنها بعدد مفردات الحاضر والمستقبل، ليرى بوضوح هيمنة الفعل الماضي على وعينا الجمعي، وإمتلاكه لعقلنا الإبداعي بأنواعه.

والمفردة الماضوية تقترن بمفردات اليأس والبؤس والبكاء، ويفوح من طيات عباراتها الأنين والتوجع والتشكي المرير، وتُرفع في ميادينها رايات المظلومية والقهر والجور، الذي إرتكبته أساطين المجهول المتخيل أو المعلوم لكنه مقرون بالخوف والوعيد.

كل شيء في ديارنا مضى وما إنقضى، وما فات حي يرزق ويتحكم بوجودنا، وعلى هدي دموعه تتحرك الأجيال وتتواصى بالإنفعال والإنتماء إلى سرابات العصور، وظلمات الدهور، وكل منها يصول على غيره كأنه أسد هصور، والطامعون بهم بديارهم تدور.

لماذا الفعل الماضي يقودنا؟

لماذا حاضرنا مهلهل وسرادق بهتان؟

هل لأننا ننكر أيامنا ونعادي عصرنا، وننتمي إلى ما نتخيله من بعيد الأزمان، التي تقدست رموزها، وخرجت من كونها من بني الإنسان؟

الماضي مقدس والحاضر مدنس!!

وبموجب ذلك لا نكون، وبأجمعنا نهون، فتحولت بلداننا إلى مقابر وسجون، فلنغادر عصرنا ونتوطن أوهامنا المبجلة، ونقلد رموزنا المنزه من الخطأ والخطيئة، والتي تحسب الملائكة جنودها، وأنها تتوطن عرش اليقين!!

فهل حق الحق وزهق الباطل المشين؟!!

و"تلك أمة خلت...."

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم