أقلام حرة

علي حسين: آخر نكاتنا!!

كان إبراهيم عرب أشهر "منكّت" عراقي، قبل أن يتخذ بعض الساسة تلك المهنة والامتياز، وبسبب طرافته وطيبته كان رواد المقهى التي يملكها يتعاطفون مع رواياته، التي لم يكن يدّعي فيها البطولة والشجاعة، لكنه كان يتحدث عن قدرته على إيجاد الحلول لكل شيء، في السياسة والاقتصاد والامن، ويقدمها لكبار القوم مجانا، إضافة الى أحاديث عن مغامراته في السفر والمغامرات التي تفوق حدود المبالغة والخيال، ولم تكن شخصية إبراهيم عرب خيالية، بل هي مجموعة ملامح للبغدادي، الذي كان يعتمر الجرّاوية ويلبس الصاية، ويحمل مسبحة يحركها بين أصابعه، كان يُضحك الناس، كلما سمع حكاية تجري أحداثها في الهند أو السند أو بلاد الواق واق، يعرّقها وينسبها إلى نفسه.

وفي حالة الفشل التي عمّت العراق في العقود الاخيرة، اختفت شخصية إبراهيم عرب، وتُركت النكتة يتداولها صناع الطرفة في السياسة العراقية من عينة ابراهيم الجعفري ومحمود المشهداني، وحلّت خطابات النزاهة والاصلاح محلّ مبالغات إبراهيم عرب.

في صبيحة كل يوم مطلوب منك أيها العراقي "المسكين" أن تضحك على حالك، وأنت تستمع لعدد من سياسيينا ومسؤولينا، وهم يتحدثون عن النزاهة والعدالة والقانون وحب الوطن، وأسأل العديد من الزملاء: ما هي اخر نكتة ؟ فيأتي الردّ ساخراً مع المطالبة " العادلة" لرئيس جمهوريتنا بان يرتفع راتبه من 20 مليون دينار شهريا، الى سبعة وعشرين مليون دينار لتحسين وضعه المعيشي، وعليك أن لا تصاب بالحيرة او الدهشة عزيزي القارئ فما قيمة سبعة ملايين دينار عراقي امام المليارات التي لفلفها " المدلل " نور زهير والتي حول بعضا منها الى فضائية تناقش اوضاع العراق وتطالب بالنزاهة والإصلاح؟.

وقبل ان نضحك على خيباتنا، اسمحوا لي ان انقل لكم هذا الخبر الذي يقول، إن مبيعات البنك المركزي العراقي بلغت أكثر من 80 مليار دولار في مزاد العملة خلال العام الماضي 2024.

ولا تسأل اين ذهبت هذه الاموال التي يمكنها ان تعيد بناء العراق " طابوقة، طابوقة " ؟، ولهذا اسمحوا لي ان احيي السادة القائمين على خزينة هذه البلاد، الذين استطاعوا ان يدفعوا بعدد من اللصوص الى الدخول الى قائمة اثرياء العصر الديمقراطي الجديد.

ومن هنا لا أتصور أنّ صاحب عقل أو ضمير يمكن أن يُصدّق ان الثمانين مليار دولار، استخدمت في مشاريع بناء وصحة وتجارة وتعليم، بل انها تحولت لشركات سرقت اموال العراقيين في وضح النهار، فكيف يمكن للمواطن البسيط أن يثق في مثل هذا الدجل الاقتصادي والسياسي المفضوح؟.

***

علي حسين

 

في المثقف اليوم