أقلام حرة
ثامر الحاج امين: العجز.. الحقيقة المرّة

لا شيء أصعب على الإنسان من شعوره بالعجز وعدم القدرة على الجري في ميدان البهجة، لما في هذا الشعور من خذلان للنفس واحساس بالاستسلام للشيخوخة والركوع امام جبروت الزمن، فهي لحظات مدمرة للذات الانسانية ان يشعر الانسان انه لم يعد قادرا على انجاز فعل مع وجود الرغبة والارادة لإنجازه، ويبدو ان الدراسة النمساوية التي توصلت اليها " جامعة فيينا " والتي تفيد (ان نوم الرجل بجوار زوجته يومّيا يزيد نسبة غبائه تدريجيا) جاءت بشارة للعاجزين عن تلبية حاجة الطرف الاخر، فهي طوق نجاة لمن أدركته الشيخوخة مبكرا وبات سكينه أعمى لا يقطع ورقة، حيث تعد هذه الدراسة بمثابة حقنة مهدئة لحقيقة مرّة تصرخ داخل البعض ممن يعيش القلق والعذاب النفسي جراء تخلفه عن مواصلة الصهيل مثل فرس جامح على الرغم من ان نتائج هذه الدراسة تتقاطع مع ما يقوله الشاعر الفرنسي "مالكولم دو شازال" ان (نوم اثنين معاً يجعل الليل أقل عتمة)، فالعجز كما يصفه علم النفس هو مشكلة خطيرة يؤثر على نفسية الانسان فهو يسبب الاكتئاب والغضب والانعزال الاجتماعي والافتقار الى الثقة بالنفس والتشاؤم يضاف الى الحرج الاجتماعي الذي يسببه العجز لارتباطه بموضوع الفحولة المهيمنة على العقلية العربية .
لقد اتصفت كنايات العرب عن العجز بحسن الاستعارة والبلاغة الوافية المعبرّة، فالجرجاني يقول في كناياته عن الخذلان ان امرأة تزوجت من شيخ فقالت فيه:
عذبنّي الشيخ بألوان السهر
بالشّم والتقبيل منه والنظر
*
حتى اذا ما كان في وقت السحر
وصوّب المفتاح في القفل انكسر
وشاعر عباسي من القرن الثالث الهجري هو ابي حكيمة شداد بن اسحاق كتب الكثير من شعره عن معاناته من العجز، ففي اشعاره لم يبك على الاطلال كما تفعل العرب عادة بل كان بكاؤه على اطلال " عدة الجنس " التي خذلته في كبره حيث يرثي حاله:
لا يوحشنّك فقدُ الحيّ إن رحلوا
دعْهم لكلّ فقيدٍ منهمُ بَدَلُ
*
ولا تقف بين أطلالٍ تسائلها
فلن يردّ جواب السائل الطللُ
*
ولتبكِ عينك (....أً) لا حراك به
لا اللمس يُنشطه يوماً ولا القُبَلُ
***
ثامر الحاج أمين