أقلام حرة

شاكر عبد موسى: العقل الإيديولوجي والعقل الموضوعي

الإيديولوجيا بشكل أكثر تحديدًا هي أي نظام من الأفكار يُستخدم لتبرير استبداد جماعة أو فئة ما على جماعة أو فئة أخرى، مع تزويد هذا الاستبداد بشرعية معينة. العقل الإيديولوجي قادر على تبرير الأمور لإثبات صحتها، وما نحتاجه هو عقل موضوعي بدلاً من عقل إيديولوجي.

العقل الموضوعي يحركه الأسباب الأخلاقية التي تحكم جميع أفعال الإنسان، بينما العقل الإيديولوجي يستخدم السرقة والقتل لإيجاد أسباب لهذه الأفعال أحياناً .. إن السرقة والقتل، وبالتالي العديد من الفعاليات الرديئة، سيتم القضاء عليها إذا وُجد سبب يبررها، خاصة إذا كانت هذه الأفعال مقدسة وكانت الطروحات التاريخية المصطنعة في نظر البعض تدخلهم جنات تجري من تحتها.

نعم، أصبح العديد من المتدينين في الواقع أشخاصًا مسالمين لأنهم تمكنوا من رفض العديد من المعتقدات واستطاعوا فرض ثقافتهم الإنسانية على المعتقدات التاريخية - التلقينية، كما بقي الإيمان بالديانات الأخرى لأنهم وجدوا في هذه الديانات استقرارًا نفسيًا وروحيًا وتفسيرًا للمجهول.

ومع ذلك، كانت هناك مجموعة أخرى تولت كل هذه الأفعال وبدأت بتطبيقها على الواقع، مما أدى إلى أعمال سرقة ونهب وقتل بشعة، شهدها العراق خلال تسعينيات القرن الماضي وما بعد عام/ 2003، وقاموا حرفيًا بوضع أفكار ومفاهيم ومعتقدات تتوافق مع أفعالهم في الميدان وجعلها موضع التنفيذ، على الرغم من أن الأغلبية من المواطنين شعروا أن هذه الأفعال لا تتفق مع الضمير الأخلاقي السليم.

من ناحية أخرى، وجد السلفيون المتطرفون مبررًا لأفعالهم أيضاً ، وبالتالي كان السلفيون المتطرفون التجسيد الحقيقي للمعتقدات المنصوص عليها في طروحات السلف الصالح، الذي يأمنون. وسوريا اليوم أنموذج حي لما يفعله السفهاء من الفصائل الأرهابية المجرمة التي يطلق عليها البعض بـ (الفصائل المسلحة).

ما دفعني لكتابة هذه الكلمات هو انتشار السرادق التي تقدم الشاي والماء للمارة في مدينتي، وعندما سألت عن سبب بناء هذه السرادق، أجابتني مواقع التواصل الاجتماعي بأن هذا اليوم الخميس الموافق 5 كانون الأول 2024 ذكرى استشهاد السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام (الرواية الثالثة).

***

شاكر عبد موسى/ كاتب وأعلامي

 

في المثقف اليوم