أقلام حرة

زيد الحلي: رواد الصحافة والفنون عشق د. الحطاب

دائما سألت نفسي: ما الذي يجعل شابا، يحمل قلما وفكرا ودرجة علمية مرموقة، يجاهد في جعل رواد الثقافة والفنون والصحافة في العراق، رموزا يذكر بعطائهم المسؤولين، ساعيا الى الالتفات اليهم، وفي مساء يوم الاثنين المنصرم، اطلق مشروعا امام رئيس البرلمان العراقي د. محمود المشهداني، وبحضور عشرات من مبدعي بلدي من الصحفيين والفنانين، يقضي بسن قانون خاص يدعم الرواد ماديا ومعنويا، ويعطيهم الاولوية في الرعاية الصحية والمادية والمعنوية وانجاز المعاملات في مؤسسات الدولة، مما يسهم في ازاحة كاهل الحياة عنهم.

لكن سؤالي هذا تداعى، حينما تيقنت ان مؤسسة خطى التي يقود سفينتها الاعلامي القدير الشاب د. علاء الحطاب، والتي انبثقت قبل سنوات قليلة، آلت على نفسها رفع راية رعاية رواد الصحافة والفن والادب من اجل ان يكونوا مثالا مجتمعيا ..

رعاية المبدعين من الرواد مطلب مجتمعي كبير المعنى وهو سلوك اعتمدته عدة دولة، ومعيار موجود في المجتمعات البشرية، ويعدّ مفهومًا مركزيًا في الأنثروبولوجيا، كونه يشمل نطاق الظواهر التي تنتقل من خلال التعلم الاجتماعي الشامل، فالرائد في الاعلام او الفن او الفكر، هو من يحمل شعاع البناء لكل الاجيال ..ويترك بصمته في الحياة بطرق لا حصر لها، ويساعد في تشييد مجتمعات شاملة، مبدعة وقادرة على التأقلم مع كل المتغيرات بوعي وثبات .

اعرفُ ان الريادة المفعمة بالعطاء، هي من تحكم هوية الأفراد وتصوراتهم ووعيهم، وتوجههم في منطلقات رحيبة. وهي تتشكل من نسيج متكامل تتداخل فيه كل الوان المجتمع وما يحيط به من مظاهر الحياة، وما تحتويه من ارث مادي ومعنوي . وبهذه الالوان تضع الريادة بصمتها في الشعب، وتتجذر في أعماقه وتسكن في أركانه.

ان د. الحطاب الذي سعدتُ بمعرفته قبل نحو 12 عاما، حين كان مؤسسا ومديرا لوكالة (خبر) من خلال دعوته لتكريمي في حفل كبير بفندق المنصور ميليا مع عدد من الزملاء الرواد، وجدتُ فيه نموذجا للأخلاق العالية، والنبل ونكران الذات .. وتواصلت معرفتي به، ولا زالت تحت خيمة الاحترام والتقدير..

وامانة اقول، اني لم ار الحطاب يوما، يغتب احدا، حتى لمن اساء اليه .. وكنت دائما اقول انه يحمل "خرزة محبة " فما ان تتعرف اليه، حتى يدخل وجدانك مثل العطر الزكي، وقد عبر لي كثير من الاصدقاء الذين اسعدني انني عرفتهم عليه، بسرور بتلك المعرفة، حتى باتوا من المقربين اليه .. وكثيرا ما رأيته يقدّم احتياجات الآخرين على احتياجاته، وبذلك يربط سعادته الذاتية بإيثار الآخرين.

  ان الإنسان الكامل هو دائم التفكير في غيره، ومحبة غيره، وصالح غيره، أما ذاته فيضعها أخر الكل، أو يضعها خادمة للكل، ولاحظت انه يشعر بسعادة عميقة كلما أسعد إنسانًا، وبصدق كامل، اذكر إنه شمعة تذوب لكي تضيء للآخرين... لا يفكر في ذاته .

ختاما اقول: كن على اطمئنان صديقي العزيز إن أنجح الناس في المجتمع هم الأشخاص المنكرون لذواتهم، وأكثر الناس فشلًا هم الأنانيون.. هنيئا لنا بك، وليكرهني من يريد بعد ان اعلنت محبتي للحطاب جهارا.

***

زيد الحلي

في المثقف اليوم