أقلام حرة

صادق السامرائي: الدولة والكرسي!!

يخبرنا التأريخ بأن تقسيم الأمة إلى دول بعد سقوط الدولة العثمانية، كان مثلبة ستراتيجية، تم التشافي منها بتأهيل الكراسي وتدمير الدولة، فالذين حكموها كانوا رجال كراسي لا رجال دولة. وهذا يفسر الإنحطاط المُستدام، وتداعيات التبعية والإنهزام.

بعض دول الأمة حظيت برجال دولة ومعظمها كان قادتها ينتمون للكراسي ويهملون البلاد والعباد، خصوصا أنظمة الحكم الإنقلابية والعسكرية، التي توطنت الكراسي وتخلت عن الوطن والمواطنين، فالذي يعنيها البقاء في كرسي السلطة أطول مدة ممكنة.

وهذه الظاهرة مستفحلة ومتكررة، ولا تزال ترقد على صدر الأمة، وتدمر وجودها، وتمنعها من إستنشاق هواء العصر والتطلع إلى مستقبل زاهر، وتفاعل إيجابي ظافر بين دولها، لأنها في حقيقتها ليست دولا وإنما كراسي.

فهل وجدتم أن الكراسي تتآلف؟

الكراسي تتعادى وتتماحق وتتآمر على بعضها، وتتسبب بنزاعات وصراعات ومغامرات لا تحمد عواقبها، فما يعنيها وجودها في سدة الحكم، وليصيب المواطن ما يصيبه، فهو العدو الأول والطامع بالكرسي دوما.

الأمة تمثل (22) كرسي، وعندما تفتش عن دولها المرهونة بالكراسي، تجدها هباءً منثورا، وعصفا مأكولا، وأدوات بيد الطامعين الساعين للإفتراس الشديد.

الكراسي لا تنفع البلاد والعباد، لغوصها في الأنانية، وتدثرها بالمخاوف والشكوك والظن المتحفز بالسوء، فإستجاباتها تكون عدوانية وإنفعالية ذات إنعكاسية شرسة، ينجم عنها تفاعلات تدميرية قاسية، لجوهر القيادة وذات الحكم، ولهذا فأنها تنهار بعد فترة وجيزة مهما تمادت في جبروتها، وتوهمت بقوتها وقدرتها على لوي أعناق الرجال وخلع أكتافهم.

فالكراسي ضد الشعب ولهذا تتهاوى، ما دامت بلا سند شعبي، وهي كالبالونات الفارغة المحلقة في فضاءات الهذيان، ويمكن تفجيرها عندما يحين الأوان.

الشعب مع رجال الدولة وضد رجال الكراسي، وهذه محنة أمة في دولها، التي تسلطت عليها الكراسي وجردتها من ملامحها الوطنية والحضارية المعاصرة.

فهل لنا أن نبني دولنا، ونتحرر من قبضة الكراسي القاسية؟!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم