أقلام حرة

علي حسين: المثقف الصامت

هبطت عليها الثروة والشهرة من دون أن تسعى اليها . كانت في السادسة والثلاثين من عمرها عندما قررت نشر روايتها " إله الأشياء الصغيرة " لتنال عليها عام 1997 أكثر من نصف مليون دولار، وجائزة البوكر، أهم جوائز الرواية العالمية . أصابها الذهول والدهشة ولم تخرج من البيت لثلاثة أيام كانت تعتقد أن في الأمر مزحة، رفضت الحديث لمراسلي الصحف الذين جاءوا لمحاورة المرأة الهندية التي خطفت واحدة من أهم الجوائز الأدبية .

أرونداتي روي المولودة عام 1961 في شرقي الهند، والتي ظهرت مؤخرا في احدى الاحتجاجات لمساندة سكان القرى الفقيرة،هاجمت بعض الأكاديميين والصحفيين والكتاب في الهند ووصفتهم بالمترددين في إظهار الشجاعة، وسخرت من الطبقة الأكاديمية التي غالباً ما تظهر مستوى عالٍ من الاحترام للسلطة لدرجة أن الكثير من المثقفين والأكاديميين يمتنعون عن التعبير عن مخاوفهم حتى عندما يتم انتهاك حقوقهم. وقال ساخرة " أنهم يعتبرون "الصمت" هو ضمانتهم" مضيفة: "كيف سيحكم علينا التاريخ إذا اخترنا الصمت؟".

ماذا يعني أن تكون مثقفاً في عالم اليوم؟ يقول المفكر الفلسطيني الأمريكي إدوارد سعيد " المثقف فرد يتمتع بالقدرة على تمثيل وتجسيد وصياغة رسالة أو وجهة نظر أو موقف أو فلسفة أو رأي للجمهور ومن اجل هذا الجمهور . علاوة على ذلك، أكد سعيد أن واجب المثقف هو "إثارة أسئلة محرجة، وأن يكون شخصاً لا يمكن بسهولة أن يتم استمالته من قبل الجهات الحاكمة ". فيما هاجم نعوم تشومسكي، طبقة التكنوقراط والمثقفين الذين ينحازون إلى مصالح الأقوياء، وجادل بأن مسؤولية المثقفين هي قول الحقيقة وفضح الأكاذيب وتمثيل كل هؤلاء الأشخاص والقضايا التي يتم نسيانها أو يتم تجاهلها.وهذا يعني أن على المثقفين أن يظهروا الشجاعة للدفاع عن الحقيقة، وأن يكونوا المدافعين عن أولئك الذين لا يسمعهم أحد .

في معظم دول العالم نرى كيف يصنع المثقف مصير بلاده، فيما نحن نترجى المسؤول أن يمنحنا الفتات من عطاياه، بعدها لايهم أن تعيش الناس في الجهل والتخلّف والطائفية.. متى يصبح المثقف العراقي ناطقا باسم الناس، وليس صامتا من اجل ارضاءً لاهل السلطة ؟ هذا هو السؤال الذي يجب أن نطرحه، للاسف في الوقت الذي تسعى فيه بعض الجهات السياسية إلى إشاعة ثقافة الجهل والخراب، يسعى الذين يَحسبون أنفسهم على خانة الثقافة إلى مغازلة المسؤول من أجل الحصول على عطاياه .

تعترف الهندية روي بأن أكثر ما يثير حفيظتها، ويصيبها أحيانا بالجنون: ” سماع أحدهم يصنفها بأنها صوت الذين لا صوت لهم " فهي تؤمن بأنه لا يوجد شيء اسمه صوت الذين لا صوت لهم"، بل هي ترى نفسها صوتا لمكممي الأفواه، الذين لا يريد أحد سماع شكواهم .

***

علي حسين

 

في المثقف اليوم