أقلام حرة

جودت العاني: المجال الحيوي ومسألة الأمن.. أين هي الحدود؟

بعض دول العالم ترى أن حماية شعبها وارضها ومصالحها لا يتم إلا من خلال تحقيق المجال الحيوي في خارج رقعتها الإقليمية، وهذه الدول قليلة جداً ومعروفة يؤشر تاريخها احداث لها نتائج معروفة.

فما هو مفهوم المجال الحيوي وما علاقته بأمن الدولة؟ وهل هناك من حدود تفصل بين مفهوم المجال الحيوي ومفهوم أمن الدولة؟

المجال الحيوي - هو شعور قيادة دولة ما بضرورة السيطرة على الجوار والهيمنة على الاراضي والموارد من اجل تحقيق أمنها القومي- كوكل-.

إذاً، أن تحقيق الأمن تربطه تلك الدولة بالمجال الحيوي أي أن أمنها القومي لن يتحقق إلا بالسيطرة على المجال الحيوي.. ويعد هذا المفهو معضلة في علم السياسة الإستراتيجية.. فلماذا تؤمن دولة ما بهذا المفهوم؟ هل انها مهددة بالاجتياح؟ وهل هي تستشعر خطراً وشيكا أو داهماً أو متوقعاً؟ فإذا لم يكن هناك من خطر يهددها فلماذا تتبنى في عقيدتها القتالية هذا المفهوم؟ ألى يعني ان العكس هو الصحيح، أي انها تعكس الخوف من تهديد الخارج لتقوم هي بالزحف والسيطرة على المحيط الخارجي، وهي إستراتيجية تؤكد على نقل الفعل الحربي الى خارج اراضيها بدواعي تجنب الحرب؟ فإذا لم يكن هناك ما يهدد أمن دولة ما فما الحاجة إلى هذا المفهوم؟ فالكيان الصهيوني لا يهدده احد ومع ذلك يتبنى مشروع توسعي من النيل الى الفرات، وكذلك دولة ما يتضمن برنامجها السياسي مفهوم المجال الحيوي ومع ذلك لا يهددها أحد لا من جيرانها ولا من غيرهم.

فالمشاريع تتصادم، والمصالح هي الأخرى تتصادم، عندئذ تبرز مسألة الأمن ويظهر مفهوم المجال الحيوي لدى البعض في استراتيجتهم ذات الأبعاد التوسعية بمدلول استخدام القوة.

فالمجال الحيوي ليس طبيعيا ولا مثاليا إنما صيغة إستعمارية لا أحد يتقبلها بل يقاومها بكل الوسائل والامكانات المتاحة والممكنة.

والتساؤل هنا هل خلقت الدولة لتكون إستعمارية؟ وهل مسموح لدولة كبيرة ان تتدخل في شؤون دولة صغيرة وهل ان دولة كبيرة وفقيرة مسموح لها ان تتدخل في شؤون دولة صغيرة وغنية، على اساس مفهوم المجال الحيوي.؟

***

د. جودت صالح

21/12/2024

في المثقف اليوم