أقلام حرة
صادق السامرائي: بابك الخرمي وسامراء!!
بابك الخرمي (798 - 838) ميلادية، يدين بالمزدكية، ومؤسس الحركة الخرمية، ويقال أنها أول حركة شيوعية في تأريخ الإسلام لأنها تشجع المشاعية، أعدم في سامراء على يد المعتصم بالله سنة 223 هجرية، بعد إخماد ثورته التي ظهرت في زمن المأمون (198 - 218) هجرية، سنة 201 هجرية بعد مصرع أبو مسلم الخراساني وإستمرت أكثر من عشرين سنة، وقتلت ما يزيد عن ربع مليون مسلم، وعجز المأمون عن إخمادها.
وفي زمن المعتصم (218 -227) هجرية، (833 - 842) ميلادية، قاد الأفشين (حيدر بن كاوس) حملته ضده مع القائد (بغا)، فدحره سنة 222 هجرية، 837 ميلادية في أذربيجان، ولديه تمثال فيها، وقبض عليه وجيئ به إلى المعتصم، وصلب في سامراء، بعد تعذيبه وتقطيع أوصاله والتحقيق القاسي معه.
وعلى الأرجح مدفون في مدينة سامراء، ولا يُعرف مكان قبره، ولا توجد دراسات وبحوث آثارية ذات قيمة معرفية عن فترة ومكان مكوثه في المدينة، والتي إستمرت لبضعة أشهر أو أسابيع على ما يبدو قبل قتله.
هذه الحركة تخبرنا بأن إتساع الدولة يتسبب بثورات وتوجهات لتأسيس الحكومات في ربوعها المترامية، وذلك ما جرى للدولة العباسية.
كما تشير إلى أن البشر ميال للإتباع حالما تظهر قوة لها القدرة على السيطرة والمجابهة، فينضوي تحت لوائها بنزعة قطيعية عارمة.
أضف إلى ذلك، الإندفاع نحو الخرافات والأساطير، وتسويغ نزعات النفس الأمارة بالسوء لتحقيق الرغبات المطمورة والمفلوتة، التي تجد لها ما يمكّنها من الوصول إلى ذروة مبتغاها.
وتأتي التأويلات والإدعاءات الفادحة من ذوي التأثير والكارزما الجذابة للآخرين، من أصحاب الظن بالسوء وإمتلاك اليقين.
والحركة تعطي مثلا على أن البشر يمكن برمجته وتوظيفه لصالح فكرة ما يموت في سبيلها، وكأنها الأفيون الذي سرى في عروقه وأجهز على دماغه، وكذلك تتشكل الأحزاب والمجاميع والفئات، ويموت البشر بالمفرد والجملة في متاهات التصورات المحسوبة على أنها تمثل الحقيقة المطلقة المنشودة، وتلغي أي رأي لا يتطابق معها، فالبشر كأنه ميال للتحجر والتقوقع في متاريس صلدة، يفنى في ظلماتها، ولا يرغب بالنظر إلى أنوار الحياة الساطعة.
فهل إنتهت أساليب وآليات التخرّم والإنشطار في دنيانا الحافلة بالصراعات الدامية؟!!
***
د. صادق السامرائي