أقلام حرة

صادق السامرائي: الشعر بين الجيد والرديء!!

قال البحتري"إن جيد أبي تمام خير من جيّدي، ورديئي خير من رديئه"!!
فليس كل ما يقوله الشاعر جيدا أيا كان مقامه، بل يندر ذلك، ويكون الرديئ أكثر لميل الشاعر إلى النظم في أغلب الأحيان.
فالمديح والهجاء والرثاء والوصف والغزل في معظمها نظم، وربما يكتب الشاعر عشرات القصائد ليصل إلى ما يريد قوله بشعر جيد ومتميز، ولهذا تجد العديد منها تتراكم فيها الأبيات لتصل إلى بيت أو أكثر ممتاز الصياغة والتعبير.
ومما يثير الإستغراب أن معظم النقاد يعممون رؤاهم، فيحسبون ما يكتبه أحدهم رديئ وما يأتي به آخر جيد، ولا يفرقون بين المكتوب ويكون الإسم غالبا.
وبموجب ذلك تسيطر على الواقع الثقافي أسماء معدودة، والأجيال تكون مرهونة ببعض الذين إكتسبوا مقامات معينة، حتى توهمت بأنها لا تستطيع الخروج من أروقتهم المتمادية بالقبض عليهم.
ظاهرة الإرتهان بالماضيات، والذين رحلوا تهيمن على الوعي الجمعي، وتتسيد على مناحي الحياة المتنوعة، فتجدنا في محنة التقيد بما مضى وما إنقضى، وتدخلت عوامل عقائدية وعاطفية في نشاطاتنا فحولتنا إلى موجودات متوحلة بطين الغابرات الشديد اللزوجة.
ولهذا أصبحنا لا نبصر بواقعية وموضوعية، ونتوهم المثاليات المتخيلات، وأمضينا العصور نطارد السراب ونحسبه ماءً فراتا.
فالشعر فيه الجيد والرديئ، والجميل والقبيح، وخصوصا في الزمن الذي تمشعرت به الكتابات، وصارت منثورة على السطور، وتحمل هوية الشعر، بلا ملامح ولا مميزات، فأطلق القول على عواهنه، ونادي أنه الشعر، وهم يؤولون ويدّعون بأنهم يقرأون المبهم الغامض العنيد.
إنه الشعر، فلماذا الكلام الخارج عن سياق السائد المقبول؟
الإرث الشعري للأمة هذيانات، وخربشات على إيقاعات حوافر جمل، ونبضات قلب في خيمة تهزها رياح الصحارى وتغزوها رمال الفلوات.
فاكتب ما هو جديد، ومستورد من بلاد الأجانب الذين يصنعون كل شيئ، ولا نعرف صناعة شيء!!
والرحمة على أساطين الشعر الخالدين في مروج الذوق السليم، ولنصفق لكل متشاعر يحدثنا بمفردات مجتمعات الآخرين!!
***
د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم