أقلام حرة
محمد سعد: الذكري (12) لليلة سقوط مبارك!!
لا شيء يبقى على حاله، لا الظلم ولا الأستبداد ولا الأنظمة القمعية أو الديكتاتورية، فهي إن لم تسقط بثورة، فسوف تسقط في حرب، أو في أزمة اقتصادية، أو بهيمنة تيارات أخرى عليها… لا شيء بَاقٍ على ما هو عليه.، ، من حادث المنصة، الي القصر الرئاسي، الي السجن، ومن السجن الي القبر، ما حدث منذ يناير 2011م في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من نفحات أمل بأن التغيير يأتي من الشعب ذاته، أملاً في المزيد من الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان، والارتقاء بالإنسان وتحسين معيشته. هذه كلها كانت الهواجس التي دفعت بالملايين إلى الشوارع، بصدور عارية، واقفين أمام الدبابات وأجهزة الأمن، مؤمنين بما ينادون به، مات الكثير حتى اليوم، خصوصاً في البلدان التي تحولت فيها الثورة إلى صراع مسلح مع أنظمة قمعية، وميليشيات، وجيوش مستوردة أو حركات إسلامية متطرفة، من حدوث إبادات جماعية ومجازر، وقصف لا يزال ونحن نكتب هذه السطور مستمراً في العديد من المناطق.في ليبيا، وسوريا، واليمن، والسودان.
سؤال يتردد الأن بعد أكثر من عقد، ليته لم يكن..؟ هكذا نجرب كيف أن ثمن الحرية غالٍ.
ليكن كي لا تذهب كل هذه الدماء التي سالت هدراً، كي لا يذهب كل هذا الدمار هدراً، كي لا تذهب هذه المعاناة والتهجير والقسوة والألم هدراً… حتى تبلغ هذه الشعوب غايتها، الحرية والإنسان… ليكن.
لا تحكموا على الربيع العربي بعد مرور هذة سنوات. فالتخلص التام من أنظمة ديكتاتورية احتكرت السلطة لعقود زمنية طويلة مع احتضانها تيارات إسلامية لاستخدامها كفزاعة يحتاج إلى سنوات طويلة. ولكن البداية كانت حتمية والطريق نحو العدل والوعي والكرامة العربية طويل.كان الربيع العربي حلماً، كان الجميع يرقص فرحاً وهو يستمع للمحامي الیساري التونسي وهو يصرخ امام القصر الجمهوري في شوارع تونس العاصمة “بن علي هرب بن علي هرب”/ليردد أخر {لقد هرمنا ارحل } كانت طائرة زين العابدين في سماء تونس تنتظر مدرج للهبوط في "جدة "
وكانت طائرة أخري تستعد للإقلاع من مطار القاهرة الي/منتجع شرم الشيخ في سيناء /تحمل ديكتاتور أخر، وجماهير حاشدة تهتف تعلن من عاصمة المعز لدين اللة الفاطمي:
رایحین العصر الي القصر "كان إعلان بسقوط ديكتاتور وكانت لحظة فارقة ونادرة في تاريخنا العربي، أن نرى تحرر الشعب التونسي من الاستبداد، ثم يسقط بعد ذلك "حسني مبارك" وتصبح سوريا ملعب لتصفية حسابات دولية، (من يحارب من في سوريا).
ولم يستطع "اليمن" إكمال المسيرة، فجرى ما جرى، وحدث ما حدث في جميع دول الربيع العربي، وتغير المسار الديمقراطي، وفي البحرين تم إخمادها قبل إشتعالها، لم يتم التوصل لتسوية بين المعارضة والحكومة.
في المقابل تمددت الحركات الجهادية التكفيرية وانتشرت الطائفية ولغة الكراهية في الدول العربية، والقتل علي الهویة، ، وكان نتاج ذلك أكثر من ( 200 ألف قتيل وأكثر من 4 ملايين من اللاجئين) في حين لا يزال عشرات الآلاف في السجون.
ولكن على النقيض من ذلك، كانت الأمة العربية بحاجة لأن تصاب بصدمة وعي لكي تنتفض على الفكر الاستبدادي الذي لعب بمقدرات الأمة وسلب الشعوب من الحرية وأذاقها الظلم. تلك التضحيات والتاريخ الذي سيكتب عن الربيع العربي سيكون محفزاً للأجيال القادمة، وسيكون لها إرث نضالي تستمد منه قيم الحرية والعدالة، ويولّد لديها القدرة على الثورة مجدداً على الظلم. متى ستأتي اللحظة التاريخية المقبلة لثورة جديدة، لا أحد يمكنه تقدير ذلك، كما لم تستطع كل مراكز البحوث وأجهزة الاستخبارات التنبؤ بالربيع العربي القادم.
الربيع العربي لم ينتهِ، ولكن نحتاج لثقافه الوعي، لا لثقافة الفوضي والهدم والحروب الاهلية والبلطجة والصراعات علي الكراسي، فهو ليس فصلاً من فصول السنة. إنه تاريخ مشرق لهذه الأمة ويحق لها أن نتباهى به، ففي كل بلد قصة، وفي كل قصة ألف عبرة في صناعة التغيير والتعلم من تجارب الحياة.
ومع ذکري/ سقوط "مبارك " والثورات العربیة تنتظر كل الشعوب العربية للإحتفال بعيد الثورات العربية القادمة من حریة وکرامة إنسانیة وعدالة إجتماعیة”وان نتعلم مما سبقونا في دول لها تجارب في نفس المسار في شرق اوروبا وجنوب افريقيا ..!!
***
محمد سعد عبد اللطیف - کاتب وباحث، مصري