أقلام حرة
ثامر الحاج امين: حديث عن المواطنة
المواطنة هي علاقة مقدسة بين الفرد والوطن، وطالما هي مقدسة فيجب ان يسودها الصدق في التبادل وان لا تكون مجرد شعارات فحسب، بل انتماء وجداني للوطن ومشاركة جدية في بنائه والدفاع عن استقلاله وصيانة مصالحه، وهذا لا يتحقق عن طريق اطلاق الشعارات المنافقة والاستعراضات الفارغة انما يتم من خلال العمل الجاد والمخلص في الحفاظ على سيادته واستقلاله والوقوف بوجه كل المحاولات الرامية الى استباحته وتخريبه، كما ان المواطنة هي المشاركة الفاعلة في البناء والتنمية، فهناك من يجسد المواطنة من خلال العمل على تقديم كل ما يرفع من شأن الوطن وتقدمه لا ان يجعل منه ساحة للقتل والتخريب ونهب المال العام، في زياراتنا لعدد من الدول لمسنا المواطنة تجسدها ممارسات يومية عابرة تتمثل في حرص المواطن على نظافة بلاده والحفاظ على المرافق العامة والالتزام بالمواعيد والصدق في التعامل وهو ما حفزني للخوض في هذا الموضوع، ففي العاصمة الأرمينية (يريفان ) هناك مبادرة تجسد صورة جميلة للمواطنة الحقة، ففي واحدة من ساحاتها الرئيسية هي "ساحة الجمهورية " التي تعد الفضاء المدني الأهم في العاصمة وواحدة من أبرز معالم هذه المدينة الساحرة بطبيعتها الجميلة حيث تجد عندها الماء والخضرة والوجه الحسن، وبالقرب من هذه الساحة التي صارت قبلة السائحين ينبسط بارك جميل هو هدية من مواطنين ارمنييين مغتربين هما الأخوان (ميكائيل وكارين فارتانيان) قدما هذا البارك هدية بمناسبة مرور 2800 عام على تأسيس مدينة (يريفان) وقد تم افتتاحه في 10 مايس من العام 2019، ضم البارك 250 شجرة من 70 نوع و2800 رأس نافورة وسبعة تماثيل برونزية ــ تمثل تقاليد الشعب ــ وسبع زوالي من الحجر الكرانيت تتوسطها خارطة يريفان من الحجر الكوارتز، كما تعهد الأخوان برعاية وترميم البارك لمدة 99 عاما بكلفة 2 مليون دولار . وهذا الانجاز لم يكن دعاية انتخابية ذلك ان الأخوين لم يكونا من السياسيين وانهما يعيشان خارج بلادهم أرمينيا وما دفعهم لهذه المبادرة حسهم الوطني العالي وارتباطهم الصادق بأرضهم، هذه المبادرة قد تكون نادرة ولكن عندنا في العراق كان الزعيم عبد الكريم قاسم سباقا في تجسيد المواطنة الحقة فقد أعطى للوطن من ماله الخاص ولم يأخذ مقابل عطاءه وذلك عندما قام بالتيرع ببيت والده في مدينة (الصويرة) وشيد على ارضه ثانوية للبنات ماتزال قائمة تحكي قصة مسؤول أعطى ولم يأخذ، وشتان ما بينه وبين المسؤولين الذين تقاضوا الأموال الطائلة هم وعائلاتهم مقابل ما اسموها بـ (الخدمة الجهادية) .
***
ثامر الحاج امين