أقلام حرة

أقلام حرة

كما هو معروف للكثير منا أن للإعلام وظائف عديدة منها الوظيفة الإخبارية والتعبير عن الآراء والتوعية والإرشاد وزيادة الثقافة والإعلان بالإضافة إلى التسلية والترفيه .. والذي هو صلب موضوعنا لهذا اليوم، وكما نعلم أن وسائل الإتصال أنواع وهي المقروءة والمسموعة والمرئية وكلٌ منها لابد أن يتناول مواضيع وبرامج مختلفة ومن ضمنها البرامج الترفيهية للجمهور وهذا الأمر لابد منه، فالجمهور يميل إلى الترفيه أكثر الأحيان، وتُخصص في الصحف أبواب وصفحات لهذا الجانب من الإعلام (الإعلام الترفيهي) تتناول فيه الصحيفة أو الجريدة مواضيع ترفيهية كالأدب والفن والرياضة والحوارات و الألغاز ... وغيرها، وأما في الإذاعة فتهتم بالجانب الترفيهي أيضاً من خلال برامج التواصل المباشر مع الجمهور مثل (ما يطلبه المستمعون أو سؤال وجواب .. إلخ) أو اختيار أغاني أو أخبار الفن والرياضة وغيرها، وعن طريق التواصل المرئي كالتلفزيون فهناك برامج كثيرة للترفيه كبرامج المسابقات والفن والبرامج والمسلسلات الكوميدية وغيرها الكثير، ورغم ذلك لا يمكن اعتبار البرامج الترفيهية برامج سهلة وبسيطة فهي بحاجة إلى فكرة وإعداد جيد وإخراج متميز كذلك تحتاج إلى دعم لوجستي ومادي حتى يستقبلها المتلقي بشغف وتؤثر عليه بإيجابية . وتتطلب البرامج الكوميدية رزانة في اختيار أفكارها وموضوعاتها فبعض البرامج قد تؤثر سلباً على المتلقي وخاصة إذا كانت البرامج تمس العاطفة أو التقليل من احترام البشر أو الاستقرار النفسي للجمهور أو قد تحرض على العنف وقلة الأدب أو قد تدعو إلى تبني أفكار وسلوكيات سلبية كما يحدث في بعض البرامج الترفيهية التي تعرض على بعض القنوات الفضائية، ونجد أن برامج الترفيه عند أغلب القنوات التلفزيونية محصورة في أوقات معينة من السنة مثل البرامج والمسلسلات التي تُعرض في شهر رمضان المبارك، فنجد غزارة كبيرة في الإنتاج وعدم توزيع إنتاجها على بقية الأشهر من السنة فكل قناة تنتج أربع أو خمس برامج في هذا الشهر وتقوم بإعادة عرض البرامج على ما تبقى من أشهر السنة ! فتصيب المتلقي بالملل وعدم الاكتراث لما يتم عرضه، ومن أجل إيجاد الحلول المناسبة لهذا المشكلة هو إيجاد برامج ترفيهية سهلة التنفيذ كبرامج التواصل الجماهيري مثل المسابقات طلابية أو برامج عن التاريخ والحضارة يتم إعدادها بشكل جميل يجذب الجمهور لحب البلد والاهتمام بحضارته وتأريخه، وكذلك برامج الامثال والحكم وبرامج عن المهن والحِرف .. فمثل هذه البرامج مسلية وممتعة وفيها الكثير من الفائدة وبإمكانيات مادية غير مكلفة وسهلة الاعداد . بقي أن نذكر أن الإعلام بصورة عامة أمانة وشرف وهو سلاح ذو حدين يجب العمل فيه بموضوعية ومهنية تامة حتى تصل الرسالة الإنسانية بصورة صحيحة وبموضوعية تامة.

***

سراب سعدي

تزايد عدد المتدينين في العراق بشكل حاد بعد عام 2003 على أثر سقوط النظام البعثي في العراق (1968- 2003) والذي حكم العراق بالحديد والنار، وخاصة الشيعة الذين تعرضوا للظلم والاضطهاد خلال تلك الفترة المظلمة من تاريخ العراق الدموي .

التدين السلطوي المتحزب تسبب في جذب الناس اليه عن طريق الأحزاب الدينية وماكنتهم  الإعلامية بعض رجال الدين، مستغلين المناسبات الدينية والأحداث التي مر بها العراق أثناء حقبتي الحكم الأموي والعباسي وما تعرض اليه أهل بيت النبوة رضوان الله عليهم من قتل وتشريد، من أجل تحشيد الملاين من المسلمين الشيعة في كافة أنحاء المعمورة لزيارة مدينة كربلاء المقدسة وبالتالي صرف مئات الملايين من الدورات عليهم نتيجة الخدمة المجانية التي تقدمها الحكومة العراقية  وبعض السياسيين وميسوري الحال، حتى أصبح استلام السلطة في العراق من قبل أحزاب دينية، مغامرة كبيرة.

ولطالما كان عزاء الشيعة على مقتل الإمام الحسين(ع) الذي يستمر طوال شهري محرم وصفر، يفقد حالته المعارضة ويسلط الضوء على ذكر المصيبة وتهييج الأحاسيس للبكاء فقط.

وأحياناً يصطبغ بروح معارضة مستلهماً من الحالة الشيعية الثورية، إذ ينادون بالعدالة والحرية ونفي الاستبداد طوال عزائهم للحسين وأصحابه.

ولكن مشكلة البعض أنهم لا يعترفون بالتطور العلمي ومخرجات الحضارة الغربية التي أحدثت انقلاباً كبيراً في مستوى المعيشة  ونمط التفكير  وقادت ثورة كبرى من الصعب تجاهلها ولكن بعض المتأسلمين لازالوا يعيشون في القرن الأول الهجري، بينما العالم يعيش في القرن الحادي والعشرين .

وقد يحاول بعض رجال الدين من مدمني المنابر العاجية الرجوع بالناس إلى الماضي البعيد بكل سلبياته وإعادة صياغتها بثوب جديد فيه نغمة حزن وتأسي على ما فات،تحت شعار إن هناك من سلب الحقوق من أحفاد النبي محمد (ص) وقاتلهم بحد السيف، وكأن الخلافة الإسلامية نزلت من السماء على ارض الكوفة  ويجب إن تبقى فيها إلى يوم القيام، وبما إن ذاك لم يحصل سوف يأتي مخلص من السماء ليعيد الحقوق المسلوبة إلى أصحابها ويحاسب المارقين والناكثين والقاسطين، وينشر العدل والسلام في الأرض .. ومثلهم هاذ كمثل من يبكي على أجداده الذين ماتوا قبل مائة عام ولم يراهم، ولكنه سمع بطولاتهم من جدته الطاعنة بالسن، التي بدورها ورثتها من أمها المتوفاة في بداية القرن العشرين.

يجب إن يفهم هؤلاء بان التجديد ضروري وان البكاء على الماضي البعيد نوع من الرياح العاتية التي تقتل الحرث والنسل.

من المعروف للعامة إن طريقة حياة الناس أو ثقافتهم يصنعها عملهم ودخلهم فقط، وبالتالي فإن الاقتصاد ومستوي معيشتهم هو الذي يحدد طريقة تفكيرهم،  وليس العكس : أي أن نوع العمل وأدواته والأشكال القانونية التي تضمن وجوده مثل الاتفاقيات والتعاقدات والقوانين المنظمة للعمل.. هي التي تحدد مكانة الناس في مجتمعاتهم، ومكانة المجتمعات نفسها في العالم، أي تحدد مدي سلطة كل منهم علي الآخرين.

الإسلام بالأمس:

الإسلام : نعم قامت قيامته على السلطة السياسية ولولاها لما انتشر ولظلت دعوته مركونة في أرض نجد والحجاز، وقد ينقرض كما انقرضت كثير من الدعوات وأصحابها، ولا يمكن الفصل بين الإسلام والسلطة قبل قيام الدول الحديثة والدساتير العالمية،لذا فكل إحداث الصراعات السياسية لا يمكن فصلها عن الإسلام ،إذ كان الخليفة والحاكم يمثل ظل الله في الأرض وخليفته فيها.

 والآن الحركات الإسلامية والجهادية بكافة عناوينها تريد العود بنا إلى ذلك الزمن الغابر، اليوم نستطيع القول إن الأنظمة السياسية الحالية في الدول الإسلامية لا تمثل الإسلام بكل تفاصيله، ولا يوجد حاكم يقول : أنا ظل الله في الأرض، فقد أصبح الدين عبارة عن طقوس ومناسك يؤديها عموم الناس كالصلاة والصوم والذهاب للمسجد، وغيرها من الأمور التعبدية .

لكن المشكلة في كتابة تاريخ وسير الحكام من قبل بعض الكتاب الإسلاميين حينما كتبوا عن أولئك الحكام والقادة أمثال (صلاح الدين الأيوبي ومعاوية بن أبي سفيان وخالد بن الوليد وأبو العباس السفاح).. وغيرهم، كتبوا عنهم بصفتهم حاملي مشاعل الإسلام، وإنهم منزهون وأخطاءهم تغتفر بأمر الله ولا يسمح المساس بهم .. لهذا حسب ما قاموا به بأنه عمل ديني قائم على أحكام الشريعة .

 فالدولة العباسية مثلاً كسابقتها الدولة الأموية قامت على سفك دماء مروعة في دمشق، وانتهت بسفك دماء أشد ترويعاً في بغداد.

وبالرغم من أن حكم مؤسسها أبو العباس السفاح (عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس أبن أبي طالب) لم يتجاوز الأربع سنوات، لكن السيف كان منطقه، وسفك الدماء منهجه، وفرض الإرادة بالقوة ديدنه، وكان متأجج التفاعلات شديد الصولات، حتى تمزقت البلاد التي كانت تحت إمرة بني أمية، "وتقسمت ممالك الأرض عدة أقسام، وصار بكل قطر قائم يأخذ الناس بالتعسف، وينكبهم بالقهر".

مأساتنا إننا اعتبرنا كل أفعال رجال الحكم منذ عهد الخلفاء الراشدين إلى إعلان انتهاء الخلافة العثمانية دين وممنوع المساس به، يا جماعة الصحابة حاربوا بعضهم البعض وآلاف المسلمين قتلوا في هذه المعارك وعشرات من المسلمات اغتصبن (الم يأمر مسلم بن عقبة بن رباح المري قائد جيش بني أمية باستباحة مدينة رسول الله لجيشه فقتلوا واغتصبوا ونهبوا عشرات من الصحابيات في هذه الموقعة إي موقعة الحرة وعشرات من صحابة رسول الله قتلوا على يد جيش مسلم)، هذا أيضا في تاريخنا . لماذا نتغنى بالانتصارات على الروم والفرس والفتوحات في شمال أفريقيا والأندلس ونتناسى جرائمنا بحق خلق الله، هل هذا يرضي رب العالمين بأن تساق فتيات آمنات في بيوت إبائهم إلى سوق النخاسة؟ هل يقبل إي شخص بأن يحدث هذا لأبنته؟ طبعا لا فكيف يقبل منك رب الرحمة أن تفعل بخلقه ما لا ترضاه على نفسك .

واليوم تغضبني جدا الشعارات البراقة التي يطلقها البعض من ضعاف الوطنية، بالأمس كان كل من في الساحة السياسية قد جلس مع الامريكان وتفاوض معهم وتقاسم الكعكة مع البريطانيين ووافق على شروط الفرنسيين وقبل ايدي الايرانيين شكرا وفضلا لإيوائهم وقبل الدعم من حكومات الخليج والعرب بمختلف مسمياتهم وكان البعض منهم يتباهى في الليل والنهار بالتعاون معهم ومع اجهزتهم الاستخبارية ويتلقى الدعم بالملايين من الدولارات وكان من المساعدين والداعمين لقانون ما يسمى (تحرير العراق) الذي اتخذته الحكومة الأمريكية شعاراً لحصارها الاقتصادي و الذي اودى بحياة الاف العراقيين .

ولم تكن قوات احتلال بل كانت قوات صديقه ومحررة حتى اتخذوا اليوم الذي سقطت فيه بغداد بأيدي الغزاة اول الامر عطلة رسميه وسموه يوم التحرير وحرموا قتالهم ومن يقاومهم مكانه السجن والتهمة ارهاب.

فجأة انقلب كل شيء وارتفع سقف الشعارات وانقلبت الامور راسا َعلى عقب وتبادل السياسيون الادوار والتهم،واصبحت لدينا قوات الاحتلال بعدما كانت قوات تحرير وهناك المقاومة بعد الارهاب ومن يرغب او يرحب بهم فهو خائن للوطن والعرض والدين بعدما كان هو المضحي والخاسر.

***

شاكر عبد موسى / كاتب وأعلامي

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ۚإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ « لقمان34 »

يقول الملحد ان العلم قد اثبت بطلان مضمون هذه الاية المباركة حيث ثبت ان غير الله قد اصبح قادرا على ان يُنزل الغيث بالاستمطار الاصطناعي كذلك اصبح الانسان يعلم مافي الارحام بل اكثر من ذلك اصبح يتحكم بتحديد جنس الجنين ذكرا او انثى ولا أخفيكم سرا أن هذه المستجدات العلمية قد أرهقت المؤمنين كذلك؛ من حيث أنها أوجدت مايُشبه التناقض بين ماقرره الله تعالى وماتوصلت له التقنيات العلمية ولكن الحقيقة أن هذا الذي يبدو تناقضا ماهو الا شُبهة وانت تعرف أن الشبهةسميت شُبهة لانها تُشبه الحق والأمر كله لايحتاج منك الا أن تتدبر كلام الله لتجد تطابقا بين دلالات الآية وبين ماتوصل اليه العلم، سبحان الله كم ان هذه الاية صيغت بدقة متناهية بحيث انها تُجيب مُسبقا على اشكالات الملحدين وعلى استغراب المؤمنين، فهي تضع اجابات منطقية وواقعية لهذه التساؤلات فهي تتناول القضايا المطروحة على شكلين من التحكم يجري مابين الحصر والتفويض فهي تبتدئ في المقطع الاول بحصر معرفة علم الساعة بالله تعالى وهو علم الغيب للمستقبل بتعبير « عنده» وهذا يعني ان ماعنده لن يكون عند غيره وعندما يتناول موضوعة الغيث لايجعل امكانية انزال الغيث متعذرة على غيره بقوله « ويُنزل الغيث» وهذه لاتفيد الحصر وهي دلالة واضحة على انه سبحانه قد جعل امكانية الاستمطار مُتاحة للانسان عندما يبلغ مبلغا من العلم يخوله ذلك وعندما تتحدث الاية عن الأجنة تجد ان الله تعالى كذلك لايجعل العلم بما في الارحام متعذرا على الانسان عندما يمتلك ادوات العلم الكافية لذلك بقوله « ويعلم » وهذه ايضا لاتفيد الحصر وذلك بالتاكيد لايعني ان غيره لايمكنه ان يعلم، بعد ذلك تعود الاية الى سياق التخصيص عند الحديث عن المستقبل « وما تدري نفس ماذا تكسب غدا » والـ « ما » نافية لامكانية ان تدري نفس ماذا تكسب غدا، فياتيك جواب الملحد بأن النفس كثيرا ماتستطيع أن تدري ماذا تكسب غدا ؛ بدليل أن الإنسان يخطط للمستقبل وينفذ ماخطط له !! ولكن الحقيقة أنه كما قال الله تعالى وليس كما يظن، حيث أنه فعلا يخطط ودائما ماينفذ مخططاته ولكنه لايستطيع ابدا ان يظمن ذلك مسبقا لأنه لايضمن أنه سيكون حاضرا حيا يرزق إلى الغد

وذلك ماجاء في ذيل الآية بهذا المعنىٰ « وماتدري نفسٌ بأي ارض تموت »

***

فاضل الجاروش

"ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون..." إبراهيم:42

"فويل للذبن ظلموا من عذاب يومٍ أليم" الزخرف : 65

"سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون" الشعراء: 227

كم من العمائم المؤدينة تعترف بهذه الآيات، وكم تعتبرها منسوخة ومدسوسة، أو تؤولها على هواها، فدينهم هواهم.

أما الأصنام التي أزيلت يوم فتح مكة، فعادت آلافا وآلافا، مرتديةً أزياءً بشرية.

فما أكثر البشر الذي يتعبدون عند قدميه، ويحسبون ما ينطق به وحيا يوحى!!

إنه مأزق الدين بالدين!!

المسلم يكفّر المسلم، ويخطفه، ويقتله، وذلك من طقوس الدين القويم!!

فلكل آثمة فتوى، وبما أن الدين صار إتبع، إقبع، إخنع وقلد، فالفتوى فوق كل شيئ، ودع النفوس الأمّارة بالمساوئ  تفتي،  وعليك أن تنفذ ما قال مَن تقلد، فإتبعه بعد أن عطل عقلك، وأجج نفسك الشريرة، وألبسها ثياب الفضيلة والخير.

فافعل ما تؤمر به، فأنت تابع أمين.

أ هذا هو الدين يا أمة الرحمن الرحيم؟!!

"والظلم من شيم النفوس، فإن تجد...ذا عفةٍ، فلعلةٍ لا يظلم"!!

فما يقوم به المسلمون ضد المسلمين، يندى له الحجر، وترتعد منه أوصال الدين!!

إن الذي يحصل عدوان على الإسلام، تقوده العمائم المؤدينة المتواطئة مع أعداء الدين.

وإلا كيف تفسرون كثرة العمائم وزيادة المظالم؟!!

"وما من يدٍ إلا يد الله فوقها...ولا ظالمٍ إلا سيُبلى بأظلم"!!

***

د. صادق السامرائي

في العودة إلى المدرسة عودة لسؤال: أين توقف الإصلاح الهيكلي للمنظومة التربوي؟ وأين هي البداية؟ إصلاح الإصلاح والامتداد الزمني الذي لن ينتهي، يتجدد عند كل موسم دراسي. من فرحة العودة، كان تلاميذ جيل (ما بعد الاستقلال) يتغنون بنشيد (مدرستي الحلوة...)، فيما اليوم فقد باتت المدرسة تشكل ذاك الكابوس المفزع للأسر والتلاميذ على السواء، وحتى الأستاذ(ة) وهيئة الإدارة فقد باتوا في مرمى من حجر إكراه عوز (تضخم) العودة إلى المدرسة (كما كانوا قد طلقوها بالفرحة عند محضر الخروج !!). عودة قد تكون في ظل الاختلال البنيوي المتفحم بالتقادم في مفاصل المؤسسات، وما تم تسريبه من فصول وترتيبات نظام أساسي لم يعالج المشاكل في عمومياتها الكلية !!

يعود التلاميذ إلى الفصل الدراسي، وهُمْ في انشغال تام بلهو العطلة وتعطل التفكير، ورَبْو تام في ميزانية الأسرة، وامتلاك مُحولات التفاهة الإليكترونية وتبعاتها!! يعود التلاميذ بتلك الخطى البطيئة لاقتحام أبواب المدرسة (من أجل مدرسة ذات جودة للجميع !!)، وكأنهم في عَوْد دخول نحو الاعتقال الطوعي، بعد إفراج سراح العطلة. تعود هيئة الإدارة والهيئة التربوية بمتمنيات الأمل والحلم والتجديد، لكن في دخول الموسم الدراسي الجديد يتشكل حديث التخوف من  تمفصلات النظام  الأساسي الجديد لموظفي الوزارة، والذي يتمتع بمضامين (مجحفة)، تغرق في التمويه، بدل الحلول الإجرائية. وقد يتساءل البعض : أين هي لائحة العطل؟

حقيقة، لم تكن هنالك (مدرسة حلوة) في الواقع الوطني، إلا في أحلامنا وتمنياتنا العامة. لم تتحقق هذه المدرسة الحلوة (الطوباوية) إلا في نشيد (قولوا معانا يا لي تحبوها... تحيى مدرستي الحلوة...). لم تبق هنالك مقاربة الإنصاف والمساواة إلا في حق الولوج إلى الصف الدراسي، بينما الفروقات تظل قائمة بين مدرسة العالم القروي والحضري والشبه الحضري (الأحياء الناقصة التجهيز). حاضرة، وتتمسك بخطاب التسويف وصناعة أمل (خارطة الطريق) الجديدة، بل قد يزيد الطين (مستنقعا) تلك التباينات بين التعليم العمومي المنهك بالمتاعب الداخلية والخارجية، والمدرسة الخصوصية لأبناء (القشدة ) الاجتماعية، وأولاد (الفشوش) الجدد.

لن نمارس الضغط بالكسر والتفتيت على حلم الأمل، ولكنا قد ننقل الحقيقة التي جعلت من المدرسة العمومية تعمل على نمط التعليم (الإلزامي)، ولمن وصل سن التمدرس يجد حتما مقعدا، ولو في قسم الاكتظاظ !! لن نمارس سلطة تحطيم المدرسة العمومية من شموخ وطنيتها الأولى، ويتم الرفع من منسوب شأن مدرسة (الخواص) !! ولكنا قد نعلن أن المدرسة العمومية في خطر النكوص وفي غياب مخرجات الجودة !! قد يقول قائل: أن النتائج المتفردة تصنعها المدرسة العمومية (البكالوريا). هنا لا نختلف البتة، ولكنا قد لا نشتغل على جمع القلة، بل نفكر بجمع الكثرة والذي باتت المؤسسات الخصوصية المتنوعة تُنَاورُ عليه بالحيازة، وذلك عبر تقليعات جديدة ( التدريس بالنمط الأمريكي/ الانجليزي/ الكوري ...). نعم، معادلة الإنصاف والجودة في (مدرستي الحلوة) لم تتحقق ولن تتحقق. فيما معادلة الجاذبية والجدوى فهو طموح الوزارة والدولة، ولا زالت مدرستي (الحلوة) تُفتش في حجم الرافعات، والمشاريع المندمجة، والريادية الجديدة، وتخطيط خارطة الطريق.

 نعم ، مدرستي (الحلوة) أهلكها الإصلاح (غير المتوقف) والترميم و(ماكياج) الصباغة، وغابت عنها سنة التجديد. مدرستي (الحلوة) بقيت في تدبير نمطية المعيارية التقليدية (العمودية)، ولم تقدر على تحطيم حواجز الإخفاق بالاستقلالية و بدايات التدبير بالنتائج، والنهوض الشمولي بمكونات المجتمع المدرسي والاجتماعي.

كل المؤشرات، والتي تصدر من التنسيقيات والجمعيات المهنية (المارقة) عن المؤسسات النقابية، تُواعدُ على موسم (صفيحي) ساخن من الاحتجاز والعصيان المهني. بحق الله، هذا الموسم شعاره البديل (النظام الأساسي لموظفي الوزارة) بامتياز، في ظل غياب معادلة الإرضاء الكلي، وحل المشاكل العالقة بنهايتها. موسم جديد في (مدرستي الحلوة) قد ينطلق بالبطء، في غياب المحفزات المعنوية والمادية، وغياب ميثاق الثقة بين رؤية الوزارة (العمودية)، وبين مسؤوليات الأسرة ومهام المدرسة، وبين معايير نتائج ومخرجات الجودة الوطنية والدولية.

العودة معلومة التواريخ والترتيبات، فيما أداء العودة وأثرها النوعي قد يبقى معلقا لما بعد صدور (النظام الأساسي لموظفي الوزارة). وبعدها قد يخلق هذا النظام الأساسي المرتكز على مفاوضات (0 درهم من الاعتماد المالي) الحدث الملوث للدخول المدرسي، ومن المنتظر أن تتصارع النقابات فيما بينها !! وتصبح (مدرستي الحلوة) قاب قوسين من قرارات التنسيقيات والجمعيات المهنية!!.

***

محسن الأكرمين

الأخ الدكتور صالح الحسناوي

أتحدث مع جنابك الكريم بصفة صديق يمتلك صفات راقية، وزميل التقينا في مؤتمرات وندوات علميه.

كنت اتوقع انك ستأتي بي مستشاراً للصحة النفسية.. للأسباب الآتية:

- ستكون أول وزير صحة يقدر دور علماء النفس، ولا يجعل مستشاريه في الصحة النفسية مقتصرا على الأطباء النفسيين كسابقيه.

- ولأنني اول من أسس مركزاً للإستشارات النفسية كان مقره في القبة الفلكية، عمل معي أطباء نفسيون.. ثلاثة منهم يعملون الان في ابو ظبي.

- ولأنني اول من أسس جمعية نفسية عراقيه في  ٢٠٠٣  وانتخبت رئيسا لها.

- ولأنني اول سيكولوجست عراقي تسمى جائزة عربية باسمه يتنافس في الحصول عليها علماء النفس العرب عام 2022.

- ولأنني أجريت دراسات على نزلاء سجن ابو غريب بينهم محكومون بالاعدام، واول دراسة عراقية وعربية وعالمية على البغاء بحجم ٢٧٧ مومس وسمسيرة ، وتطبيق خمسة اختبارات.....نوقشت في ندوتين.. أكاديمية وحقوقية.

- ولأنني عملت باحثا علمياً في مركز البحوث العلمية بوزارة الداخلية..واقمت ندوات ومؤتمرات ناقشت دراسات ميدانية على مجرمين وشاذين جنسيا.

-  ولأنني عملت في مستشفى الرشاد ( الشماعية) لثلاثة اشهر،واجريت دراسات على نزلائه بينها دراسة تحليليه لرسوم ولوحات.

- ولأنني شاركت في مؤتمرات عربية ودولية في الصحة النفسية.

- ولأنني كاتب اشهر برنامج درامي اذاعي وتلفزيوني استمر 17 سنة و يعد الأطول على صعيد الأذاعات العربية ، شكل بصمة في الاذاعة العراقية وما يزال يتذكره العراقيون الآن لأنه يتصف بالمصداقية في عرض مشاكل اسرية وعاطفية ونفسية، وكنت استضيف اطباء نفسيون لتقديم المشورة العلمية لحالات تدخل في تخصصاتهم.

- واظنك تتفق معي أن شخصا بهذه المواصفات ينبغي أن تستفيد منه الوزارة ..ويسجل تقدير لعلماء النفس في العراق..باسمك.

أنا شخصيا.. أجهل الأسباب..لكنني متاكد انك تعرف انني لا اهدف من ذلك منصبا ولا مال، واعرف  أنك طيب لا يغير طيبتك منصب.

نبقى اصدقاء دكتور صالح

تحياتي وتقديري

قاسم حسين صالح

16 آب 2023

.................

ملحوظة:

هذه الرسالة كنت بعثت بها قبل عشرة ايام للسيد الوزير..ولأن معاليه لم يجب او يعلّق، فأنني اضطررت أن انشرها في وسائل التواصل الأجتماعي.

فهل كنت على حق بشأن ما طلبته من السيد الوزير؟

في أركان الوجود الاجتماعي يشكل الأخلاق ركنا أساسيا منه و سر بقاء الأمم، قال تعالى في سورة الأحزاب: اية 21 (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)  أنّ الحياة الفرديّة للإنسان، لا لَطافةَ ولا شفافيّة لها بدون الأخلاق. ولن تصل البشرية  إلى برِّ الأمان من دونها، ولكنّ الأهمَّ من ذلك هو الحياة الإجتماعيّة للبشر، فما لم يتمسك أفراد المجتمع بالأخلاق، فستكون نهاية المجتمع أليمة وموحشة جدّاً. ولا بقاء لأمة تفرط في أخلاقها وتتهاون في قيمها ومبادئها الروحية وفي حياة المجتمعات الإنسانية لا تستقيم من غير القيم الأخلاقية، ويمثل نسقا حيويا في نسيج الحياة الإنسانية المعاصرة. وهو نظام يوجه حياة الفرد وينهض بها إلى أرقى مستوياتها القيم الإنسانية. والإنسان لا يحقق جوهره الإنساني إلا في صورته الأخلاقية، والصورة الوحيدة في مملكة الكائنات الحية الذي يضحي برغباته وميوله على مذابح السمو الأخلاقي، سعيا إلى تجسيد قيم الحق وكل القيم والفضائل التي تشكل جوهر الحياة الأخلاقية وغايتها.مثل الخير، والجمال، والشرف، والكرامة، والإيثار، والتسامح، والشجاعة، ويقول سبحانه وتعالى في كتابه (وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين) 133، 134 آل عمران

ويقول الشاعر معروف الرصافي:

هي الأخلاق تنبت كالنبات...اذا سقيت بماء المكرمات

تقوم إذا تعهدها المربي... على ساق الفضيلة مثمرات

ان أهميّة  الأخلاق العظيمة للفرد تتجلى في العديد من الأفعال والسلوك، حيث انها  تمنح الفرد إمكانيّة اختيار السلوك الصادر عنه، و الإسهام في تشكيل شخصيّة الفرد، وتحديد أهدافه في الحياة. و الشعور بالأمان؛ والتّحلّي بها كي يتمكّن الفرد من مواجهة ضعف نفسه، ومجابهة التّحديات والعقبات التي تواجهه في حياته، وتساعده على ضبط شهواته وهواه ومطامع نفسه وتنسق على ضوء ما يتحلّى به من الأخلاق الحُسنة. وتسمو بالإنسان فوق الماديّات المحسوسة، فيرتفع الإنسان بالأخلاق إلى درجاتٍ رفيعةٍ من الإنسانيّة. و تُكسِب الاخلاق الحسنة  الفرد جزاءً حسناً في الحياة الآخرة بالجزاء و الأجر الكريم، والثواب الحَسن من رضا الله تعالى، والقبول منه، والفوز بجنّته.

المقصود بالقيم  هي عدم التعدي اللفظي على أي شخص، وعدم الخوض في تجارب سيئة، وعدم فعل الفواحش، وعدم ارتكاب أي فعل مخالف للآداب العامة.

القيم العقلية: تلك القيم التي يستوجب فيها حفظ العقل من التلف، ومن أهانته بالتفكير في المحرمات و إن الضمير هو الذي يخبر في  ما هو الخير والشر. الشعور بالواجب : ليحقيق الخير أو السعي إليه، وعلينا ان نتصور حياة مجتمع أهملت فيه الأخلاق الفاضلة، وسادت بين أفراده الخيانة والفسق والكذب والغش والسرقة وسفك الدماء، والتعدي على الحرمات والحقوق، كيف يمكن أن تكون هذه الحياة؟ لا شك في أن هذه الحياة تكون جحيماً لا يطاق، ويتحول الناس إلى وحوش ضارية بعد أن تخلوا عن كل المعاني الإنسانية، ويشقون شقاء ما بعده شقاء، لأن الإنسان سيكون في هذا المجتمع أداة هدم وتدمير، سيكون وحشاً ضارياً لا يهمه إلا تحقيق أطماعه وإشباع غرائزه ونزعاته؛ نزعات التسلط والتجبر والأنانية والانتقام والكبر والطغيان، وإذا استخدم هذه القوى في الفساد أهلك الحرث والنسل، وصدق الله العظيم إذ يقول: ﴿وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ﴾ [البقرة: 205].

يقول الفيلسوف البريطاني المعاصر "برتراندرسل" أن الإنسان أكثر تعقيداً في نزعاته ورغباته من أي حيوان آخر، فهو ليس اجتماعياً تماماً مثل النمل والنحل، ولا هو انفرادي تماماً مثل الأسود والنمور، ولأننا لسنا اجتماعيين تماماً فنحن في حاجة إلى أخلاق لتوحي لنا بالأهداف، وإلى قواعد أخلاقية لتفرض علينا قواعد التصرفات، واخيرا فأن أكثر المسائل الاخلاقيّة لها أثرها في واقع الحياة الإجتماعيّة للإنسان، سواء كانت ماديّة أم معنويّة، فالمجتمع البشري إذا تجرد من الاخلاق، سينقلب إلى حديقةِ حيوانات " اجلكم الله " لا يُجدي معها إلاّ الأقفاص، لِردع أفعال الحيوانات البشريّة عن أفعالها الضّارة، وستُهدر فيها الطّاقات، وتحطّم فيها الإستعدادات، وسيكون الأمان والحريّة لعبة بيد ذوي الأهواء، وستفقد الحياة الإنسانية مفهومها الواقعي.

***

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

في العام الماضي احتفلت بلدان أوروبا بمرور مئة عام على صدور رواية "يوليسيس" للكاتب الأيرلندي جيمس جويس، ونقلت لنا وسائل الإعلام كيف خرج الآلاف ليحتفلون بذكرى كاتبهم المفضل، وفي بريطانيا لم تتردد الحكومة في أن تضع صورة الكاتبة جين أوستن بدلاً من تشرشل على عملاتها النقدية،

فيما تصر روسيا على أن تعامل تراث تولستوي ودستويفسكي وغوغول وبوشكين على أنه الجزء الأهم من تاريخ البلاد.. فيما يعتقد معظم ساسة كولومبيا حكومة وفصائل مسلحة، أن بلادهم لا مكان لها في خارطة العالم من دون ماركيز.

بالأمس شاهدت فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي تتحدث فيه ابنة العلامة الراحل علي الوردي بأسى وهي تقدم التماساً إلى رئيس الوزراء ووزير الداخلية وللمسؤولين تتتمنى فيه أن ينصروا علي الوردي الذي أصر أحد "الشقاوات" على أن يستولي على بيته في مدينة الكاظمية. لا أريد أن أذكر اسم الشخص فقد تحدثت عنه ابنة الوردي بإسهاب، لكن الغريب أن السيدة صاحبة الشكوى بعد أن عجزت، التجأت إلى رئيس عشيرة الشخص الذي استولى على البيت، وبدلاً من أن ينصرها احتراماً لشخصية علي الوردي، إلا انه قرر وبكل شجاعة أن يستولي هو على البيت إذا خرج المؤجر منه .. بماذا يذكرك هذا المشهد العشائري؟، بالتأكيد بما يحصل في جمهورية العراق العشائرية والتي كان آخر أخبارها، إغلاق عيادة أحد الأطباء في مدينة العمارة، بسبب تهديدات من عشيرة ذوي أحد المرضى المتوفين، تحت شعار "فصل عشائري".

ابنة علي الوردي لا تريد أن تسكن في البيت وإنما تسعى مع عائلتها إلى تحويل بيت والدها إلى متحف، بعد أن تنكرت الجهات الرسمية لصاحب مهزلة العقل البشري.

كان علي الوردي يصر دائماً على أن يكون صحيحاً، وأن يقول صحيحاً، وأن يكتب صحيحاً، وأن يكون صورة لمثقف الشعب ومرآة العقل والإرادة يدافع عن المبادئ النقية ويظل نقياً يقاتل في معركة الحرية من دون أن يكترث للربح والخسارة.

ينظر علي الوردي اليوم إلى بغداد فيرى شوارع لم يألفها، ويرى نفسه غريباً ومغترباً وهو يشاهد شارعه الأثير "الرشيد" تحول إلى خرائب، لأن هناك من يريد اجتثاثه، وأن بغداد التي كانت تزهو بلوحات فائق حسن وموسيقى سلمان شكر وخطوات جواد علي وحوارات عبد الرزاق الحسني، وإطلالة جلال الحنفي، وثورة نازك الملائكة، يسيطر عليها اشباه نور زهير.

ان تحويل بيت على الوردي الى متحف اصبح ضرورة وطنية ، فيما تظل مهمة تقديم كتبه للاجيال مسؤولية المؤسسات الثقافية، لنقول للاجيال هذا هو تاريخكم الفكري والثقافي .بدلا من ان نرسخ فيهم مفاهيم العشائر التي تريد استبدال القانون بـ "نظرية الكوامة" .

***

علي حسين

عندما نتأمل في سيرة الكتاب المشارقة خاصة المصريين نجدهم أصحاب مؤلفات كثيرة فهذا عباس محمود العقاد فاقت كتبه المائة وكذلك طه حسين ومصطفى محمود فاقت الثمانين مؤلفا ومحمد عمارة وصلت إلى الثلاثمائة ويوسف القرضاوي جمعت مؤلفاته في أكثر من مائة مجلد ولو أحصينا الأحياء ايضا من المؤلفين والكتاب لوجدناهم أصحاب إنتاج غزير وقد يتساءل القارئ ما هو سبب هذه الغزارة والسيولة في الكتابة؟ وفي الحقيقة أن السبب الرئيسي هو المداومة على الكتابة اليومية وعلى مر الزمن تتراكم اعمال الكاتب من مقالات وأبحاث فيتسنى له جمعها في مجلدات وكتب ..

بينما الكاتب الجزائري إلا قلة قليلة منهم أصابهم الكسل والعجز والإحباط فتجد أحدهم كتب طوال مسيرته الإبداعية التي تجاوزت نصف قرن ديوانين أو كتابين من الحجم الصغير لو كانت له إرادة لكتبهما في شهر أو شهرين وليس نصف قرن ورغم ذلك يبقى كاتبا طول حياته يعيش على بعض سطوره مجدا غير مستحق فمن المفروض الذي لا ينتج باستمرار يطرد من مملكة الكتابة والأدب..فالكاتب الحق يكتب باستنرار يعبر عن رأيه في قضايا امته وما يدور في العالم من أحداث ولابكتف بتأليف كتاب أو كتابين ثم يختفي سنوات حتى يطل علينا بكتاب آخر، وعلى الكاتب الجزائري أن ياخذ بنصيحة الشوكاني ..

يقول الشوكاني: أوصاني أحد العلماء فقال: لا تنقطع عن التأليف ولو إن تكتب في اليوم سطرين. قال: فأخذت بوصيته، فوجدت ثمرتها.

وما أروع حديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي يبين فيه ضرورة استمرار العمل ولو كان قليلا.

فعن ‌عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «سددوا وقاربوا، واعلموا أن لن يدخل أحدكم عمله الجنة، وأن أحب الأعمال أدومها إلى الله وإن قل.»

فقليل من للكتابة دائم خير من كثير منقطع ..

فيا أيها الكتاب الجزائريون اكتبوا ولو سطرا كل يوم واخرجوا من دائرة العجز والكسل...

***

الكاتب والباحث في التنمية البشرية

شدري معمر علي

وزيرة خارجيتنا لم تظهر على الاعلام منذ فترة، البعض تكهن بانها قد ترغب في ترك الوظيفة والتفرغ لحياتها الشخصية والاقامة الطوعية بالمهجر، ربما للكتابة عن مسيرتها على راس الدبلوماسية الليبية على مدى 18 شهرا كانت حافلة بالمؤتمرات واللقاءات ذات الشأن المحلي والاقليمي والدولي، وتتحفنا كغيرها من المسؤولين الليبيين عما عانوه وكابدوه بسبب تحملهم المسؤولية في زمن قلّ فيه من يتحمل المسؤولية، لم تطل فترة التكهن فالإعلام الصهيوني فرقع البالون، وتكشفت بعض الامور .       

وزير خارجية العدو يعلن لقاءه وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش الاسبوع الماضي في روما برعاية وزير خارجيتها انطونيو تاياني، وتطرق الحديث عن أهمية الحفاظ على تراث اليهود الليبيين بما يشمل تجديد المعابد والمقابر اليهودية في البلاد”.

المؤكد ان اللقاء لم يكن الاول بل جاء تتويجا للقاءات سابقة بين مسؤولين ليبيين وصهاينة في مختلف بقاع العالم وربما بفلسطين المحتلة، في زيارات سرية، وبغض النظر عن من هم في السلطة فان الشعب الليبي كان السباق في مؤازرة القضية الفلسطينية حيث ذهب متطوعون ليبيون الى فلسطين العام 1948 واستشهد الكثيرون منهم ومن عادوا سردوا لنا مشاركاتهم في الحرب ووثقوا ذلك منها، كتاب “مواقف من جهاد العرب الليبيين بفلسطين” لصاحبه المجاهد السنوسي محمد شلوف، وكتاب صراع الفدائيين (الفدائيون الليبيون في حرب فلسطين 1948) لصاحبه المجاهد محمد حسن عريبي، وتقول بعض المصادر ان اعدادهم اكبر من بعض الجيوش العربية.

وعلى نهج التطبيع الذي سلكته معظم الحكومات العربية لإرضاء امريكا والمحافظة على بقائها السلطة ضمن اتفاقية ابراهام للتطبيع العربي مع الكيان المغتصب لفلسطين، قام وزير العمل في حكومة الدبيبة المدعو علي العابد بزيارة الى الضفة الغربية للتعاون المشترك بين فلسطين وليبيا  في مجال قطاع العمل. والزيارة تمت بموافقة صهيونية.

من جانبه محمد الرعيض، رئيس اتحاد الغرف التجارية الليبية، أعلن مؤخرا دخوله على رأس وفد من رجال الأعمال الليبيين إلى الضفة الغربية مرورا بمعبر الملك حسين الأردني. وأكد الرعيض أن دخول الوفد جاء بعد تسهيلات أجرتها السلطة الفلسطينية.

التزم الدبيبة والمجلس الرئاسي ومجلس النواب الصمت حيال اللقاء بينما اكتفى خالد المشري رئيس مجلس الدولة السابق بالتنديد والاستنكار وطالب بإقالة الوزيرة.

 الشعب الليبي الذي يرفض التطبيع مع كيان العدو، قامت مظاهرات شعبية بكل من تاجوراء والزاوية منددة بالتطبيع .

وزيرة الخارجية لم ولن تتحرك من تلقاء نفسها، لم يعد امام الحكومة الا الظهور اعلاميا وتبيان الحقيقة  بالخصوص، ايا تكن المبررات فعلمية التطبيع خط احمر، مؤازرة الشعب الليبي لحركات التحرير الفلسطينية على مدى عقود لن تذهب سدى .

 وهذه الحكومة منذ ان اتت تحاول جاهدة التمسك بالسلطة رغم قرار سحب الثقة منها من قبل مجلس النواب،أي انها غير شرعية ولكنها تستمد وجودها من الدعم الدولي والتشكيلات المسلحة التي تغدق عليها الحكومة الاموال الطائلة. هل سيكون اللقاء القشة التي تقصم ظهر الدبيبة واعوانه؟

***

ميلاد عمر المزوغي

الموضوع الذي تهابه الأقلام هو دور الفقهاء في تدمير أمة العلماء، فالتأريخ يحدثنا أن الفقهاء بأنواعهم أسهموا في النيل من العلماء.

خذ أي عالم دعى لتفعيل عقول الأمة، وستجدهم وقفوا له بالمرصاد، وأقنعوا الكراسي بالقضاء عليه أو النيل منه ومحاصرته.

وحتى في زمننا المعاصر، تضامنوا للنيل من العقل الذي يتبصر ويفكر ويستفهم ويستنتج، فأي عقل فاعل يعتبر عدوهم، والخطر الذي يهدد مصالحهم الدنيوية السيئة المبرقة بالدين.

تأملوا مصر في القرن العشرين، وماذا فعل فقهاؤها في العقول التي إجتهدت، ودارت عليهم إسطوانة التكفير والزندقة.

الزندقة بدأها المهدي إبن أبي جعفر المنصور، وأمعن بها الهادي، وأطفأ نارها هارون الرشيد ؟

ومثلها فرية (خلق القرآن)، التي أطلقها المأمون، وجسدها المعتصم وأمعن بها الواثق وأوقفها المتوكل.

واليوم تجدنا في بعض اليلدان التي تأدينت أحزابها وتعممت كراسيها، صار العقل ممنوع من الصرف، وجريمة لا تغتفر إن قلت بأن المتداول غير مقبول، فالقصص والروايات المفبركة تتزاحم وتتراكم، والناس في دوامة التجهيل والتخنيع والتركيع، والمنابر المُرائية تصدح بما يخدّر الجموع المأسورة بالقهر والحرمان والرعب الشديد.

إنهم الفقهاء كما يسمونهم، وما يعرفونه من الدين يتصل بمصالحهم، وأي حالة تتعارض ورغباتهم تحسب عدوانا عليهم، فيفتون بالقضاء عليها، ويرمون بالمسؤولية على ربهم الذي ينوبون عنه، وكأنهم أولياء أمور الأنبياء.

إنها لعبة الفقهاء وآثامهم، ولهذا جمع سليمان القانوني فتاواهم لتدفن معه، فما فعله بتفويض شرعي منهم.

وحتى ما أقدم عليه هولاكو كان بتفويض فقهاء ذلك الزمان، الذين تعبّدوا في محاريب الخيانة العظمى، وأجازوا له قتل الخليفة العباسي.

وكل فقيه في جوهره طاغية مستبد لا يرحم معارضيه، وتبرز فرديته عندما يجلس على الكرسي فتصبح السلطة دينية، فتجمّد العقول وتأبى أن تقول الله أعلم، فهي الأعلم، وعندها القول الفصل والختام!!

ولعنة الله على كل فقيه يتاجر بالكلام!!

***

د. صادق السامرائي

القيم هي تلك التي تتعلق بسلوك الفرد، وكيفية تصرفه وسلوكه مع الآخرين، والقيم الانسانية تلك التي تتعلق بالإنسان بصفته كائنًا حيًا، وتتضمن الكرامة والحرية والمساواة والتعاون والاحترام والتسامح والتضامن وغيرها. وتهدف القيم الإنسانية إلى تحسين جودة الحياة الإنسانية وضمان حقوق الإنسان الأساسية، والتي تشترك الإنسانية جمعاء فيها لخدمة بعضهم البعض أياً كان عِرقُه أو دينه، وتَعُدها من الثوابت التي لا تتغير بتغير الزمان وتعني الفضائل الاخلاقية والدينية والاجتماعية والعائلية  والمهنية التي يتميز بها الإنسان التي تقوم عليها حياة المجتمع الإنسانيّ وعبارة عن أهداف الإنسان المطلوبة التي تكون فعّالة من خلال مواقفه، ومُرتبة حسب أهميتها له، وتوجّه الإنسان نحو اختياراته، وتُقيّم سلوكه، وتتعدد مبادئها التي لا تغير القيم كمبدأ اخلاقي،والوفاء بالعهد وجبر الخواطر واحترام الصغير والعطف والعدل والمساواة واحترام الصغير للكبير واحترام المرأة والعلم والقراءة والمعرفة وإعانة المريض وتقديم النصح والإرشاد والتوجيه لمن يحتاج ذلك ومساعدة الضعيف وإكرام الضيف والحديث بصوت منخفض وإماطة الأذى عن الطريق وغض البصر عن المحرمات  وفي الامكان  من ان مفهومها وممارستها قد يتغيران من عصر إلى عصر ما بين العدل والحرية والكرامة والمساواة والعطف والرحمة. ولهذه القيم أثر عظيم على الأفراد فهي تدعو لنشر المحبة والود بين أبناء المجتمع الواحد، وتحض على نبذ الشر والحقد والظلم والكراهية.

وتبرز العلاقة بين الإنسان  والقيم  في کون الإنسان کائناً أخلاقياً،  والقيم في الوقت عينه مکون إنساني يؤثر کل منهما على الآخر ويؤثران بشکل مباشر في واقع الحياة الإنسانية والحضارية سلباً وإيجاباً. البشرية عبر تاريخها الطويل اكتسبت قيَمًا إنسانيَّةً عليا، ولم تبلغ تلك القيم كمالها إلا حينما اتصلت بخالقها عن طريق الرسالات السماوية التي تنادي بكل صراحةٍ وبكل يقين وجزمٍ بكل ما يقرب بني البشر بعضهم من بعض، ويعين على تجسير الهوة بينهم، ويندب إلى كل ما يعدُّ قيمًا مشتركة بينهم بغضِّ النظر عن دياناتهم وأعراقهم وألوانهم وأوطانهم يقول سبحانه وتعالى: ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ (لعصر: 1 – 3)

ولكن حينما تسود أهواء البشر، تُخلِد الإنسانية إلى الأرض، فتضِل وتنحَط قِيَمُها، والإنسان خاسرها الاول لان القيم الإنسانية والحضارية هي نتيجة تفاعل متبادل بين مکوناتها:  الإنسان والقيم والحضارة وهي معايير ومحکات تضبط سلوك الإنسان وفعله الحضاري. وإن المبادئ الحقيقية  قد ضمن کافة المنظومة القيمية اللازمة لحفظ کرامة وصيانة حقوق الإنسان، وأبرزها: کنماذج لکافة القيم الإنسانية والحضارية:الحرية،التسامح،،السلام المساواة،  العدل،  التشاور، العلم،  العمل، کنماذج لکافة القيم الإنسانية والحضارية ولا شك فيه فأن  القيم الإنسانية تشكل أكبر حافزٍ، وأعظم داعيةٍ إلى التعايش السلمي، والاحترام المتبادل بين مختلف الفئات البشرية، وقبول الآخر، وإلى التقدم والازدهار. فما أجدر أن تتكاتف المجتمعات الدولية كلها على التزامها، والتقيد بها، وممارستها في واقع الحياة، حتى تأخذ بحجز البشرية كلها من حفرة الشر، وحضيض الفوضى والاضطراب الذي يسود العالمَ كله اليوم بصورة لم يسبق لها مثيل الى حضن الخير والسعادة.

ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم.. ﴿وَلَقَدۡ ‌كَرَّمۡنَا ‌بَنِيٓ ‌ءَادَمَ وَحَمَلۡنَٰهُمۡ فِي ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ وَرَزَقۡنَٰهُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَفَضَّلۡنَٰهُمۡ عَلَىٰ كَثِيرٖ مِّمَّنۡ خَلَقۡنَا تَفۡضِيلٗا﴾ [الإسراء:70]. وهذا التكريم يعم البشر كلهم: المؤمن منهم والكافر، والمشرك، والمطيع والعاصي على حد سواء، فهم متساوون في هذه الكرامة الإنسانية بغضِّ النظر عن أجناسهم وألوانهم وأعراقهم وأديانهم وثقافاتهم.

***

عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

عند اشتداد الصراع السياسي ووصول الأمور إلى نقطة اللاعودة واحتراق اوراق اللعب عند السلطة الحاكمة في مواجهة الثورة؛ تلجأ هذه السلطة المهزومة إلى آخر وأهم أوراقها وهي ورقة الضد النوعي؛ وهي ورقة تعتمد على استخدام الجماهير ضد الجماهير

بمعنى أنها تقف متفرجة على صراع بين طبقتين من الشعب وهما الطبقة الثائرة وهي في الغالب تمثل طبقة الفقراء والمسحوقين؛ وبين طبقة الأغنياء من التجار وأصحاب رؤوس الأموال وكذلك الطبقة الوسطى من الموظفين في القطاع العام والخاص أن هذه الشرائح الاجتماعية سوف تندمج وتتحول إلى طبقة واحدة في موقفها من الطبقة السياسية وهو بقاء الاستقرار بصرف النظر عن تحقق العدالة الاجتماعية؛ وهو سلوك فيه كثير من الأنانية وكثير من التوجس من اي اهتزاز للسوق وحركة الأموال والتي لاتهم الفقير في شيئ تجعل مواقفها السياسية مرتبطة ارتباطا وثيقا بجزئية الاستقرار ورفض أي حالة قلق يتعلق بالموارد وهي غالبا سيكون موقفها ساكنا عند حدوث الثورات إلى أن يتم الايعاز لها من قبل السلطة بشكل غير مباشر بالتحرك لإجهاض الثورة؛ أقول بشكل غير مباشر لأنها ليست بالضرورة مرتبطة بالسلطة تنفيذيا ، فهي ليست تجمعات أو تشكُلات حزبية أو مؤسسات سياسية لذلك يكفي فقط ان تتخذ السلطة الحاكمة بعض القرارات التي تجعل حركة الأموال قلقة وستجد أن هاتين الشريحتين من دون تكليف ستتبرعان بشيطنة الثورة وإسقاطها

كيف تحرك السلطة هذه الورقة؟

يكفي أن تغلق البنك المركزي والمؤسسات المالية بذريعةالحرص عليها من السرقة وهذا الاعلان سيشكل تهمة اولى بشكل ضمني للثوار باحتمال سرقتهم للمؤسسات المالية لتخلق بعد ذلك حالة من القلق العام في الأسواق مما يؤدي إلى ارتفاع في الأسعار يظهر تأثيره مباشرة على الطبقة المتوسطة من أصحاب الدخل الثابت من الموظفين في القطاعين الخاص والعام عند إشاعة أن هناك احتمالا لتأخر المرتبات الشهرية وكذلك حركة أموال التجار والمستثمرين حيث تصبح البيئة الاقتصادية كأنها غير آمنة مما يؤدي إلى ضعف أو توقف حركة التبادلات التجاريةوبذلك يُصبح الضرر عاماً

من هنا تبدأ حالة التذمر والحَنَق عند المجتمع الاستهلاكي ويبدأ بتحميل الثوار مسؤولية مايجري رغم أنه يعرف حقيقة ما يجري

أن أكثر مايؤلم في هذا الصراع هو ان هذا الفقير الثائر يُظلم مرتين مرة من قبل السلطة الغاشمة وهذا طبيعي ومتوقع ومرة من قبل الناس رغم أنهم يعرفون بأن السلطة ظالمة ولكنهم يصبحون اتباع لها لضمان مواردهم المالية أو لزيادتها؛ والاقسى من ذلك كله مايُلصق بالثوار من اتهامات تتراوح مابين الخيانة والعمالة للأجنبي أو الانحراف الأخلاقي عندما تحدث الثورة في مجتمع محافظ مثل المجتمع العراقي للتحول الثورة بعد ذلك إلى وصمة عار لايريد المواطن أن يناله منها شيئ ، عند ذلك تهرع الجماهير المكتفية ماليا إلى رجم هذا الفقير الثائر عقوبةً على عدم تحمله لسياط الفقر؛ فصراخ المظلوم لاتحتمله اذن الظالم ..

أنها صناعة احترافية لها اصولها وأدواتها

***

فاضل الجاروش

عندما قرر الراحل عبد الله الصراف أن يقدم مسكوكاته التي جمعها من شتى بقاع الأرض، إلى المتحف العراقي عام 1969، قالت له ابنته الشابة آنذاك ثريا الصراف: لماذا تريد إهداءها للمتحف إنها ثمينة؟! ضحك رجل الأعمال والتاجر الشهير، ليقول لها بهدوء إنه مكانها الطبيعي وستدركين بنفسك ذلك لاحقاً.. إنها للأجيال يا ثريا.. سيبقون يرونها دوماً هناك في المتحف العراقي وليس أي مكانٍ آخر.

رجل الأعمال العاشق للرسم والشعر والثقافة لم يكن يحلم بالشهرة ولا بالمكافأة، كان حلمه الوحيد الحفاظ على تراث العراق، هذا التراث الذي يتعرض كل يوم إلى سخرية من بعض ممتهني السياسة الذين يزعجهم كل شيء عراقي. رجل الأعمال الذي يتفنن باقامة المشاريع الناجحة، كان في الوقت نفسه سيرة حافلة بالمواقف الوطنية، وكتاباً غنياً لحقبة من الزمن الجميل.

ينتمي عبد الله الصراف إلى صف طويل من الذين يمثلون العراق الحقيقي، والذين أدركوا معنى أنهم يعيشون في بلد متنوع فسعوا إلى بنائه بالجد والعمل والحلم.. أقاموا الجامعات والمتاحف والمعامل، وبسبب من عقول أمثاله ووطنية رجال مثل ساسون حسقيل ومحمد رضا الشبيبي وجعفر العسكري وعبد المحسن السعدون والزهاوي ومحمد الصدر والكرملي وسواهم، بدأ العراق يأخذ مكانته واستحقاقه، لم يولد ضعيفاً، بل أخذ يتقدم الدول الأخرى، شريكاً وفاعلاً، وليس تابعاً كما يريد له البروفيسور في تغيير الكراسي نجاح محمد علي .

هل تعرفون من أعاد بناء قاعة عبد الله الصراف بعد عام 2022، ابنته ثريا التي كانت تستغرب وهي صغيرة من أن يضحي والدها بكل هذه الثروة النادرة ، فقررت أن تتكفل بكل مصاريف ترميم قاعة خاصة بمسكوكات والدها . تقول في حوار أجرته معها السيدة رجاء الشجيري ونشر في جريدة الصباح: "إن والدي كان يرعى هذه المسكوكات مثل واحدٍ من أولاده تماماً. وفعلاً بعد أنْ كبرت أدركت ما قاله لي والدي، رحمه الله، من أنَّ مكانها المناسب هو المتحف العراقي رابع أهم متحف في العالم، وأصبحت سعيدة جداً بقراره وما أراده".

أتذكّر سيرة عبد الله الصراف كلما عدت إلى ذكرى رجال خدموا العراق بعيداً عن الطائفية والمحسوبية، أتذكرهم وأنا أقرأ أخبار أثرياء العراق الجديد.

هذا هو وجه العراق الحقيقي، وجه صادق، أكثر اجتهاداً ومحبة لروح المواطنة، لا حديث عن الطائفة والمذهب، وإنما سجال عن عراقة العراق، ولهذا يظل عبد الله الصراف نموذجاً غريباً في عراق اليوم، فمن يريد عراقياً لا يتحدث بالمنفعة ونهب الاموال؟.

شكراً عائلة الصراف لأنك أثبتّمم لنا أنّ المكان والمكانة فقط لمواطنيين عراقيين يتبارون في حبّ هذه البلاد.

***

علي حسين

يَسوسونَ الأُمورَ بِغَيرِ عَقلٍ

فَيَنفُذُ أَمرُهُم وَيُقالُ ساسَه

فَأُفّ مِنَ الحَياةِ وَأُفّ مِنّي

وَمِن زَمَنٍ رِئاسَتُهُ خَساسَه

(أبو العلاء المعري)

***

لا أظن أحدا من الدانين والقاصين ينكر مافعله نظام صدام بمقدرات البلد إبان حكمه، حيث انقضّ طيلة الربع الأخير من القرن الماضي على أركان البلد، هادما مدمرا مخربا بعمد ودراية وقصد، وذكر أفعاله غني عن الشرح والتبيان، فضلا عن آثاره التي مازالت تخيم على سمائنا شئنا أم أبينا! يومها كان العراقيون لايفقهون في الأمور السياسية، إلا ماتمليه عليهم الاجهزة الاعلامية المسيَّسة، من خلال قنوات راديوية وتلفازية محلية لايتجاوز عددها أصابع الكف الواحدة، وكان الكثيرون لا يفكرون في يومهم إلا بلقمة العيش. واستمر الحال على هذا المنوال، والناس بين خائف وصبور ومتمرد ومعدوم ومسجون، او فارٍ من العراق الى حيث يدري ولايدري.

الى ان جاء الفرج وانزاحت (الغمّه من هالأمّه). انه يوم 9/4/2003 حيث الديمقراطية والحريات بأنواعها، تلقاها العراقي بتعطش يعود لعقود خلت، اهمها التكلم والبحث بالسياسة ونقد السياسيين وقراراتهم، والتظاهر اذا كان ثمة قرار لايصب في مصلحته. فسالت دماء منه في الدفاع عن حقوقه، حتى بدأ يشعر انه قادر على إجبار المسؤول على العمل لمصلحة البلد، وأن بإمكان الشعب أن يكون السلطة الحاكمة الكبرى، وإرادته فوق إرادة السلطات كما سمع هذا الموال في أكثر من مقام، وكان له ذلك، ولكن في النزر اليسير من حقوقه، فالبحر الذي خاض غماره عميق جدا، وفيه من الحيتان ما لم يكن بحسبانه، ومن الأمواج ما لايقدر على الصمود امامها، وجابه سفانين يجيدون فن مجابهة الرياح العاتية. و(لات حين مناص) فصار حاله اليوم كحال اولئك الذين قال لهم طارق بن زياد: اين المفر؟ العدو من امامكم والبحر من ورائكم، أوكما يصور بيت الشعر:

ليل وزوبعة وبحر هائج

لا أرى إلا السفينة تغرق

وهكذا انزلق العراق والعراقيون من جراء سياسات قادته المتعاقبين شر منزلق، وبات خروجه من مطب يعني ولوجه في مطبات أشد قسوة وأكثر ضيقا، ولكن فات السفانين ان عراقي اليوم غير عراقي الحقبة الماضية. فقد وعى وبات يميز اي السفانين يسير بالإتجاه الصحيح، وأيهم يسير وراء غايات بعيدة عن المرسى الآمن للبلاد، ولم تعد تنطلي عليه ألاعيب المغرضين، وعرف الشخوص التي تمسك بخيوط الدمى الخليعة التي تتصيد بالمياه الآسنة، وتعكر صفو الماء الزلال، والسياسة التي كانت (بعبع) أصبحت اليوم حديثا شيقا تعرف دهاليزه شرائح الشعب جميعها. وقبل نشرة الأخبار نجد رواد المقاهي على بساطتهم يحللون الاحداث، ويعرفون ماغاية (زيد وعبيد) من مقاله او تصريحه.

نعم، فالعراقي لم يعد فكره سطحيا عن السياسة وألاعيب الساسة، كما أنه بات على دراية تامة بما يدور حوله من أفانين وخزعبلات يسمونها سياسة. وما يدور اليوم في أروقة الحكومات على تعاقبهم لم يعد (طلسم) بعين المواطن، وعلى سبيل المثال الحراك الدؤوب الذي يقوم به رؤساء الوزراء جميعهم، أرى أن العراقيين باتوا يقيمونه بمنظارين، والاثنان لهما من الصواب الكثير من النصيب، أولهما أن الرجل يجود فيما هو يسعى اليه، إلا أن المعية والحاشية والـ (حبربشية) يعرقلون خطواته ويثبطون معنوياته، لغايات هي الأخرى لاتخفى على المواطن.

وأما المنظار الثاني، فهو أن الرأس الأكبر نفسه شط عن الأهداف المنشودة التي اعتلى بها منصبه، وانحاز قليلا -وبالأصح كثيرا جدا- عن طريق الإصلاح الذي رسمه على أجنحة الأحلام، وأجزل مواعيده المعسولة للمواطن بأنه عازم على الإقدام فيه. وفي الحالين والمنظارين لن يكون المآل حميدا على المواطن، وسيغرقه في لج بحر لن تقوم له قائمة بعد ذلك.

***

علي علي

مجتمعاتنا مقيّدة بثلاثة سلاىسل موضوعة في أعناقها وتقودها إلى جحيمات الثبور.

أولا: التأريخ

التأريخ ليس زاوية للإنزواء والإندحار، إنه مسلة تفاعلات الأجيال، عليها تدوّن أحداثها وتجاربها ، ومنها تتعلم وتستفيد لتتقدم وتكون.

وما يحصل في ديارنا أن التأريخ أصبح مأوانا ومغارة وجودنا، التي عزلتنا عن إرادة  العصر الذي تعيش فيه.

ثانيا: الدين

الدين سلطان قاهر لوجودنا، والأجيال ربما لا ترى دينا في الدنيا سوى الإسلام ، بينما لدى البشرية 4000 دين  وبعض الإحصاءات تشير إلى  4300، وأكثرها تعمل بما تؤمن به أفضل من المسلمين.

لكن الدين تحول عندنا إلى سلطة قاهرة للعقل، ووسيلة للتصارعات والتفاعلات السلبية الدامية بين أبناء الدين الواحد.

ثالثا: الأموات

لا يوجد مجتمع تتحكم به الأموات مثلما يحصل في مجتمعنا، فأمواتنا أحياء  وأحياؤنا أموات، فعندنا نزعة غامرة لتقديس وتأليه الأموات وإضفاء ما نتخيله عليهم ، فنخرجهم من آدميتهم  ونحيلهم إلى موجودات ضوئية لا مثيل لها ولن تتكرر، فيتحولون إلى كائنات لا تتصل بالتراب، وليست من دم ولحم وذاقت الموت.

هذه السلاسل الثلاثة تفعل ما تفعله فينا وتدمر وجودنا، وتخرجنا من صراط الحق المبين، وتجعلنا نتخبط في متاهات المغفلين الجاهلين الجائرين، المدججين بأدوات الظلم الشديد.

فهل لنا أن نتحرر منها لنكون؟!!

***

د. صادق السامرائي

22\8\2023

بين الفينة والأخرى نسمع عن موضوع ازدياد نسب الطلاق في العراق بصورة ملفتة ومثيرة للاهتمام مما أثار الذعر لدى المنظمات الانسانية والمنظمات الاجتماعية وكذلك مؤسسات الرعاية. وبحسب احصائية رسمية لمجلس القضاء الاعلى العراقي أن نسب الطلاق تتفاقم وقد وصلت النسبة خلال شهر تموز الماضي إلى حوالي 5800 حالة طلاق في العراق وهو عدد ضخم جداً، ولعل السبب الرئيسي لتلك الاحصائية هو ما يعرف بالزواج المبكر وذلك من خلال جرد اعمار المتزوجين خلال السنوات الاخيرة فأصبح الزواج المبكر ظاهرة يجب عدم السكوت عليها ولابد من تشريع بعض محددات والقوانين لإيقاف هذا البحر من الخراب فالمسألة تتطلب الحزم للوصول إلى نتائج مرضية وحل هذه الازمة الخطيرة التي تعصف بالمجتمع، ولعل الخاسر الاكبر من هذه المأساة هم الأطفال وخاصة بعد زواج الأم والاب مرة اخرى فقد يؤدي الاهمال من قبل الابوين إلى تنشئة الأطفال تنشأة مضطربة نفسيا أو إجرامية، وقد يؤدي الطلاق إلى استعمال العنف ضد الاطفال نتيجة انتقام الام أو الاب من الطرف الآخر إلى وفاة اطفالهم كما حصل مع الطفل (موسى) وقبلها المرأة التي رمت رضيعها من على احد الجسور انتقاما من زوجها لآنه طلقها! وغيرها من القصص المؤثرة، ونرجع للأسباب التي قد تكون سبب في الطلاق ومن خلال الاطلاع على حالات كثيرة للمطلقين فقد كانت للخيانة الزوجية حصة كبيرة لزيادة نسب الطلاق من قبل الطرفين الزوج والزوجة وذلك عن طريق التواصل الاجتماعي وغيرها، وأيضاً من تلك الأسباب هو شرب الخمر وتعاطي المخدرات فيكون الزوج في حالة خارجة عن السيطرة ويمارس العنف ضد الزوجة والاطفال وبذلك يكون سببا في الانفصال، ولعل الدخل الاقتصادي سببا في تزايد معدل الطلاق وايضا المستوى التعليمي قد يكون سببا آخر لهذه الظاهر ووووالخ، بعد أن تعرفنا إلى الأسباب لا بد من وجود حلول لإيقاف هذه الظاهرة التي عصفت بالمجتمع العراقي لا بل والعالم العربي بصورة عامة ومن خلال آراء علماء الاجتماع والقانونين نستنبط أن الحل الامثل هو وجود منظمات ودورات تثقيفية لدعم الشباب وتنوير عقولهم حول مسؤولية الزواج وبناء مجتمع صالح تنشئ فيه الفضيلة والقيم والاخلاق وكذلك الاخذ بنظر الاعتبار السن المناسب للزواج وعلى اساسه ستكون الحياة أكثر مرونة والتعايش يصبح اسهل ويسمو المجتمع نحو الافضل..

***

سراب سعدي

يتمتع العراقيون بكافة مكوناتهم واطيافهم بل ويتميزون عن كثير من الشعوب بوفرة امثالهم التي تعبر عن قصص او حكم او تختصر تجارب ونصائح، ومثلها أيضا ما تسمى عراقيا بـ (الحسجة) التي تتميز بها مجتمعات وسط وجنوب العراق، وهي نوع من أنواع البلاغة في القول والشعر كما أنها تختزل في أماكن أخرى مقولة (إياك أعني فاسمعي يا جارة) بأسلوب فكاهي أو على شكل تساؤل عن بعد، وفي كل المعاني هي وبقية الأمثال صيغ متقدمة من صيغ التعبير عن الرأي وتصوير لقطات واقعية من حركة الفرد والمجتمع.

وفي مقالنا هذا سنتناول واحد من تلك الأمثال التي تطرقنا اليها في مقال سابق قبل سنوات وهو (لا تطلب الدبس من النمس)، وللوهلة الأولى وأنا استمع لهذا المثل العراقي ظننته يقصد ذلك الحيوان الذي يرعب الأفاعي ويصطادها بسرعة مذهلة، لكنني أدركت فيما بعد أن الدبس والنمس مفردتان شكٌلهما الدارج المحلي للتعبير عن الرجاء الذي ليس في محله، وقد تداولتهما الأجيال في توصيف أولئك الذين لا يرتجى منهم خيراً، والدبس هو عصير التمر المعروف، أما النمس فهي مفردة لها معاني عديدة وما يعنينا واحدة من تلك المعاني وهي النتانة وليس الحيوان المعروف كثيرا في افريقيا وجنوب شرق آسيا، والنماسة تعني الوساخة أي عدم النظافة تحديداً، وهي بالتالي تعني النتانة في السلوك السياسي اذا ما تم تكييفها في توصيف التعاطي السياسي المنحرف!

وإذا كانت الامثال تضرب ولا تقاس للتخلص من حرج المعني بـ (إياك أعني فاسمعي يا جارة) فإن المستنقع الذي صنعته بعض القوى الممغنطة بالشمولية وعقلية تكثيف السلطة بيد فرد او مجموعات ميليشياوية على غرار ما مر به العراق منذ نهاية خمسينيات القرن الماضي حتى يومنا هذا، فأنها هنا تضرب لتقاس على أولئك الذين يصرون على إبقاء كرة المشاكل السياسية تتدحرج لتكون عائقاً امام تطبيق الدستور ومواده الفيدرالية وتمنع ردم الحفر والعوائق امام تبليط الطرق بين بغداد واربيل!

وما يحصل اليوم من كر وفر ومن جولات مكوكية بين الإقليم والحكومة الاتحادية في بغداد وتوقيع اتفاقيات وتفاهمات، لا يكاد حبرها يجف حتى يتم الإيعاز الى فرق الأغلبية في البرلمان كي تلغيها وتنقلب عليها، كما حصل في تشريع قانون الموازنة أو قبلها في اتفاقيات كثيرة مع بغداد، لتصبح مهزلة ومسرحية مثيرة للأشجان والسخرية معاً، حيث توهم البعض أن الطاقم الحاكم الحالي في العراق قادر على حل تلك الإشكاليات التي صنعتها الدولة العميقة منذ استحواذها على كراسي السلطة باستخدام سلالم صناديق الفتاوى والطائفية والسحت الحرام وديمقراطيتها العرجاء، ونجحت في تنفيذ مشاريع أزمات واشكاليات لتحقيق الأهداف المنشودة في إقامة نظام أيديولوجي ذي خلفية دينية مذهبية، وإلغاء ما جاء في الدستور، بعد فرض نظام الأغلبية الذي يتيح لهم تشريع قوانين او رفض اتفاقيات مع الإقليم، بل ويطمحون لتعطيل الدستور ومحاولة افراغه من مضامينه الفيدرالية من خلال تجريد الإقليم من صلاحياته بفرض حصار اقتصادي عليه واللعب على معاشات موظفيه وإشاعة الفرقة بين احزابه ومكوناته السياسية.

إن ما يجري اليوم وتداعيات الوضع الإقليمي يؤكد أن المشهد القادم لن يكون أفضل مما مضى إن لم يكن أسوء، حيث تبلور نظام شمولي فوضوي بأذرع ميليشياوية مشرعنة تمتلك أذرعاً متنفذة في البرلمان ومفاصل الدولة المهمة وجهازها المالي تسبب في انهيار الدولة التي تعود اليوم الى المربع الأول حيث تعجز أي قوة داخلية من إحداث تغيير جذري في طبيعة هذا النظام المعقد كما كان نظام صدام حسين، حيث وقعت البلاد تحت احتلال كان يفترض أن يكون محرراً لكنه للأسف بعد عقدين من الزمان جعل ثلثي السكان يحنون الى وحشية النظام السابق بعد ان غدت دولتهم واحدة من أفشل دول العالم وأكثرها فساداً تحت وطأة حكم نماسة الميليشيات!

***

كفاح محمود

في سبعينيات القرن المنقضي وفي محيطي الجغرافي الريفي والحضاري كان هناك تنوع في الإنتاج الزراعي والصناعي، في المجال الزراعي كان هناك تنوع في المحاصيل الزراعية النقدية مثل محصول القطن وبعض المحاصيل الأخرى. وكانت مدينتي تشتهر في أول مدخلها الشرقي مصنع الزيوت والصابون، ومصنع الغزل والنسيج، ومصنع الخشب الحبيبي. ومصنع الأسمدة الكيماوية. وفي نهايتها مصنع الألبان. للأسف مع بداية عصر الخصخصة تمت تصفية. معظم هذه المصانع. كذلك تخلينا عن المحصول النقدي من القطن، أدى إلى وقف إنتاج مصنع الزيوت الذي كان يعتمد علي بذرة القطن التي يقوم عليها صناعة الزيت. كذلك الإهمال المتعمد لتصفية هذه الشركات تم وقف إنتاج مصنع الأسمدة الكيماوية. كذلك مصنع الغزل والنسيج والخشب الحبيبي الذي اشتراه مستثمر هندي وقام بتصفيته وباع الأرض المقام عليها الأرض مباني، كذلك شركة الكوكاكولا ومحلج القطن. فأصبحنا مدينة استهلاكية حتى الانقلاب على الدورة الزراعية الثلاثية أضعف المحاصيل التي أصبحت تحتاج بكميات كبيرة من الأسمدة الكيماوية. بعد التغييرات التي حدثت على المجتمع الريفي من الهجرة إلى الخارج ، فأصبح الفلاح مستهلكا بعد أن كان منتجا، ويكفي قوت يومه من تربية الحيوانات والطيور والدواجن. وكذلك  مستهلك للطاقة حيث كان يعتمد علي  أعواد (قش الأرز والذرة والقطن علي طهي الطعام) وصناعة الخبز،  وأصبح مستهلك بكميات كبيرة من الأسمدة الكيماوية بديلا عن الأسمدة العضوية من روث المواشي بعد أن هجر المهنة فأصبح مجتمع كلة استهلاكيا...!

في مجتمع قائم على الاستهلاك ومهما كان مستوى دخل الفرد، فإنه يبقى دوما عاجزا عن تلبية كل رغباته... هناك دائما شيء آخر جديد أو سلعة جديدة يرغب فيها ويود شراءها... فتبقى الرغبة بذلك حي معلقة قد تحقق وقد لا تتحقق أبدا. وهذا يمكن أن يولد إحباطا... يمكن أن يتحول إلى إحباط شديد حينما يكون دخل فرد أو أسرة ما ضعيف أو في وضع من عدم الاستقرار.

يقول:- الكاتب (بوديرلان)

في كتابه \"مجتمع الاستهلاك:\" لقد أصبح العالم الآن لامعقولا، والإغراءات التي يفرضها علينا لا نهاية لها، وقد نتج عن ذلك أنه أصبح من الصعب تحقيق السعادة حتى بالمعنى المادي، نظرا لأن المجتمع الرأسمالي قد نجح في خداع الإنسان وإبقائه تحت وهم مطاردة السعادة دون بلوغها... فكلما أرضى الإنسان حاجة من حاجيات الاستهلاك إلا وخلقوا له حاجيات أخرى، لتظل السعادة في عالم العولمة مجرد طريدة وهمية يلاحقها الإنسان وكلما اقترب منها ابتعدت عنه. اليس من الأجدر أن نحذر من هذه السعادة الموهومة ،وأن نتركها فنستريح من عناء اللهاث خلفها...

إن المجتمع الاستهلاكي سبب رئيس للعنف وللمشكلات الاجتماعية، ولسوء الأخلاق، ولغياب القيم، وخاضتا بين الشباب المحبط نتيجة عدم القدرة على الزواج أو وجود فرصة عمل، فحين ينظر المستهلك، إلى أنواع المستهلكات المعروضة، بأبهى حلة، في وسائل الإعلام، وفي المتاجر، ومع غياب التربية الإيمانية  والقناعة أو ضعفها خلق جيل مادي بحت، يكون المستهلك أمام خيارين:

إن يلغي أوقات فراغه، ويتخلى عن تربية أولاده، ليعمل أعمالا إضافية لعله يستطيع تحصيل بعض مما تراه عينه ويترك حسرة في قلبه وقلب أسرته.

أو أن يسعى إلى كسب غير مشروع لتحقيق طلبات أسرته المتزايدة، وهما أمران أحلاهما مرا...!

وخلاصة الأمر أننا لن نستطيع التغلب على هذا المجتمع وتلك الثقافة إلا بتربية إيمانية خلقية يستعلي فيها الإيمان على المادة، وتنتصر فيها المبادئ والقيم على الأشياء، ويعلو فيها صوت القناعة والرضا على صوت اللهاث وراء السراب، والمهمة صعبة ولكن حسبنا أنها الحق، وأن الحق يمتلك قوة ذاتية قادرة على تحقيق ما نظنه مستحيلا، فالإنسان التائه بدأ يبحث عن شيء آخر تسمو به روحه، بعد أن عجزت المادة عن تحقيق راحته وسعادته...!

لذلك نحن  في زمن (زمن لا تشترون ما لا تحتاجونه، لكي لا يأتي اليوم الذي تبيعون فيه ما تحتاجون)...!!

***

محمد سعد عبد اللطيف

كاتب وباحث مصري في علم الجغرافيا السياسية

نحن في عطلة بَيْنِيَّة مستديمة للأولويات، والتي تعطل حتما الشأن التنموي بمكناس. نحن في عطلة من فَتْنَةِ دخول سياسي متشرذم (فوضوي) بمجلس جماعة مكناس، وينتظر دورة أكتوبر(2023) العادية، لكي يتم إحماء (الطرح) وخلق الانتدابات المعارضة والتحالفات المتجانسة والمتناقضة منها، وقد يتم إعلان راية العصيان السياسي، ولما لا العمل على إسقاط (الميزانية السنوية) بشكل مأساوي مرة ثانية!!

 مرَّ ما يقارب السنة، ومكناس بدون ميزانية أقرتها أغلبية المجلس، وحين تدخلت السلطات الترابية، رُفع الحرج السياسي عن مجلس (الشتات) !! قد نتفق بالإجماع، أن التسيير وفق سياسة (اِلعبْ وكُولْ) بات لا ينفع المدينة بتاتا في ظل دخول مصطلحي (الجدية والصرامة/ خطاب العرش). وكذلك لا ينفع هذا التدبير (الانتظاري) وتلك النتف القليلة من المشاريع القديمة من (جوع التنمية في المدينة) !!وحتى تلك البهرجة غير الصحية، حين يركب بعض أعضاء المكتب على (القَصْبَةِ) باعتبارها حصان (طروادة)، وتسويق صورة أن مكتب المجلس الجماعي في خدمة المدينة والساكنة والتنمية والجمالية، وما تدشين بدايات أشغال شارع فريد الأنصاري إلا من فتوحاته الانتصارية الأولية !!

لا علينا، اليوم لا نبحث عن أصل معاناة مدينة مكناس،  فهي متشعبة ومعلومة للخاص والعام، ويطول ذكر معاناتها. لا نبحث عن أصل جفاف التنمية وسياسة (قَدِي وعَدِي بَلِي كاَيَنْ). لا نبحث عن الأسباب الكامنة والخفية من هذا الإجحاف المركزي لمدينة مكناس، بل تحتاج المدينة إلى حلول كبرى ومال الدولة العام، وعطف مولوي ملكي سام، وبه مِسْكُ الختام لتنمية شمولية.

مكناس يجب أن تنتقل من الارتجالية وتدبير المشاكل العالقة بدواخل مَرْكبة مجلسها المتهالك، نحو تنزيل برنامج عمل جماعة مكناس (رغم كفافه التخطيطي)، ليكون أرضية تمهيدية لمعالجة ولو جزء من بعض الإشكالات العالقة بالمدينة منذ الزمن البعيد، ويكون مصدر للمحاسبة والمساءلة البعدية (الصرامة).

فالحقيقة التي لا مفرَّ منها، والتي يجب أن تتحملها السلطات الترابية الوصية بالمدينة بالمسؤولية الكبرى، والتي باتت من بين معايير تنقيط الاستحقاق، هي قياس الجدية عند السياسي المسؤول عن تدبير هرم الشأن المحلي بالمدينة، كما جاء في الخطاب الملكي السامي بمناسبة ذكرى عيد العرش. هي قياس الجدية، وتدبير آليات الصرامة (الدستورية) في الضبط والمساءلة عن أسباب (البلوكاج والسابوتاج)، وعمَّا تم إنجازه في ظل مخرجات هذا المجلس المتناحر داخليا !! وإلى متى ستبقى مكناس هكذا ؟

نعم، هي (الجدية) و(الصرامة) و(المحاسبة) ثلاث معايير كبرى لقياس المنجزات السليمة، والجدية في خدمة الشأن المحلي، وبلا مراوح المهادنة في الريع (حلال). فقضايا المواطنين فوق كل الاعتبارات (مضمون الخطاب الملكي) وتشكل تحديا لا يقايس بالمزايدات السياسوية (الخاوية)، والتي تعرفها مكناس بامتياز، وقد تزيد حدة عند انعقاد دورة أكتوبر العادية (2023)، إذا لم تتدخل شبكة الحلول والتوافقات في الدار (العامرة) !!

 نعم، في مكناس نفتقد إلى الإطارات التنموية المفكرة والخبيرة، والتي لها اليد الطويلة والترافعية عند (الدولة المركزية). تحتاج المدينة إلى إحداث التحول النوعي في التخطيط وسؤال: عن أي مكناس نتحدث ؟ وفي ظل غياب الإجابة الصريحة عن هذا السؤال العالق و(الماكر)، فلن ينجح أي مشروع سياسي بالمدينة مهما كان حُلْمه وسنده. فالمعضلة الكبرى بالمدينة تَكْمن في التجارب السياسية التي أخفقت تباعا في صناعة التفرد التنموي، وبات التراكم السلبي يُزكم أنوف المتتبعين للشأن المحلي بالمدينة، ويُفْقدُ الساكنة الثقة في رَجَاءِ التغيير في المستقبل.

فجل التشخيصات (الوطنية والدولية) اعتبرت مكناس قوة ناعمة في مجال الاستثمار والمال، لكن المدينة بات لا تنتج غير الأنشطة غير المهيكلة (الكراريس... التسمسير...)، والفوضى العارمة في احتلال الملك المشترك العمومي، والقضاء على مجالها البيئي بطرق الاغتصاب وفض بكرة عذرية التناغم بين الإنسان والطبيعة (التوسع العمراني). من تم نقول: بحق الله، أن المدينة افتقدت للذوق المعماري السليم، وباتت تُنتج تشوهات غير التقائية مع قيمها التاريخية والاجتماعية، افتقدت المدينة وسائل الراحة من الداخل، ونحن نتغنى بالتسويق وخلق المنافسة (مع فاس) في استثمارات السياحة  والجذب السياحي!! فَبِأْسَ التخطيط في برنامج عمل جماعة مكناس غير الاستراتيجي !!

فإذا كانت معاناة المواطنين في التعاطي مع أضعف أولويات القرب (الإنارة/ الحفر/ الملك العام/ المجال البيئي/ المجال الترفيهي...) تستفحل وبزيادة، فقد باتت الملاحظات والآهات تُدار عبر قنوات غير صحية (إعلام الشارع) وغير محصنة مدنيا، وقد تنفلت من أيدي التأطير الحزبي المؤسساتي (الفاشل بالمدينة) بدون تخصيص. فأشكال الاحتجاج تتطور وفق التحولات المجتمعية والقِيمية، والتي قد تشكل معادلة (دراماتيكية) وببدائل قد تكون أسوء أثر من الاحتجاج التقليدي بِعَرْضِ الشارع العام !! إنها بحق الفئة الصامتة بمكناس (الطيبة) و(المسالمة)، والتي لا تمارس سياسة (الطواحين الهوائية)، ولا يعلم أحد نتائج تبعاتها.

***

محسن الأكرمين

إذا إفترضنا أن البشر مخلوق من الطين، أو مولود من رحمه بتفاعل عناصره، وقدحها بآلية بعثت فيها الحياة، فأنه يحمل صفات الطين، وما يحويه الطين مخزون فيه.

لا يوجد بشر يختلف عن بشر، فالأبدان واحدة، كما أن الطين واحد، وتعبيرات الأبدان متباينة، وفقا للطاقة الفاعلة فيها، والتي مركزها الرأس، والبعض يرى النفس، ولا يستطيع الإشارة لمركزها، لكن العلم يؤكد أنها دماغية الموطن.

الطين فاعل بالبشر، ويأكله ويعيده إلى عناصره التي إنطلق منها، ولا يوجد بدن لم يفز بأكله التراب، بما يحتويه من آفات الإتلاف والتفسخ.

ما يجري فوق التراب تعبيرات عن إرادته الفاعلة بالبشر، المعمم بالباء ليوهمنا بغير حقيقته.

الطين حي وكل حي فيه نزعة بقائية عارمة، يؤكدها مهما تكالبت عليه الظروف، وتعسرت أيامه وأحيل بينه وبين ما يريده.

البشر كينونة طينية تعبر عن طبيعتها الترابية، وتتحرك وفقا لما فيها من الطاقات المتصارعة في داخلها.

ولا يمكن تهذيب المخلوق الطيني والتحكم بتصرفاته إلا بالقوة الفتاكة، القادرة على سحقه إذا حاد عن سكة المسير المرسومة.

والقول بأن البشر فيه رغبة للتفاعل الديمقراطي هذيان جاهلين غارقين في أحلام اليقظة.

البشرية مضت مئات القرون في أنظمة حكم إستبدادية فردية عائلية عقائدية، تستعين بالقوى الغيبية للقبض على أعناق البشر، وفي معظم فتراتها يكون للرموز المؤدينة دورها في تأمين المظالم والمآثم والقهر الفظيع للناس.

ومَن يتوهم أن الديمقراطية فيها الدواء، فأنها الداء الوخيم، وتتفتح في ربوعها مساوئ الطين.

فهل وجدتم نظام حكم بلا دستور وقانون وقوة لا تلين؟

هل وجدتم دولة ديمقراطية غير مسلحة بقدرات خارقة وجيش مكين؟

وهل أدركتم أن البشر من طين!!

***

د. صادق السامرائي

16\8\2023

الأمة متخندقة في محطات مسيرتها البعيدة، وتتمسك برموز وأعلام وتحسبهم ذروة ما تستطيع عطاءه، وترى أن عجلة الدوران توقفت عندهم.

إبن رشد (1126 - 1198) لا زال العديد من المفكرين والفلاسفة  يعتقدون الحل في العودة إلى ما طرحه، وهو الفقيه والقاضي القريب من مركز القرار  في وقتها، وما إستطاع أن يترجم أفكاره، ويصنع تابعين ومريدين، وزمانه غير زماننا.

إبن خلدون (1332 - 1406) ولو سألت أي متخصص أجنبي بعلم الإجتماع عنه فلن يعرفه، فنظريات علم الإحتماع تطورت بتنامي المعارف وإتساع علوم السلوك البشري، وتجدنا نستحضره وكأنه حي بيننا، ومعظم المهتمين بعلم الإجتماع يدورون حول مقدمته ويجدون فيها كل الأجوبة، وكأن عقولهم عاطلة ومعارفهم باطلة.

المتنبي (915 - 965) نتفاعل معه على أنه سيد الشعراء في كل العصور، وما بعده شاعر، ولن يرقى إلى منزلته أحد منهم، فالأمة عقمت بعده، وهو إبن عصره بمحدودية معارفه وأغراضه، وله ما له وعليه وما عليه.

ولا يمكننا القول بأن الأمة بعده أنجبت ما يفوقه موهبة وقدرة، فنطمس الجميع ونتمسك به.

واليوم في الأمة شعراء يقدمون النفائس الشعرية المعاصرة، التي تتفوق على ما قبلهم، لكننا نلغي كل معاصر ونتشبث بالقديم.

الشعراء أبناء زمانهم  ومكانهم، فما قيمة شعر أبي تمام والبحتري في زمننا هذا، ربما بضعة أبيات بقيت تقارع الزمان!!

المشكلة أن الأمة فاقدة للثقة بنفسها، وتتجاهل دوران الأرض، وتستكين لتوصيفات العجز والتقهقر والإندثار، وهذه الأساليب التخندقية تكاد تطغى على مناحي الحياة فيها.

فهل لنا أن نستفيق من كارثة الإنطمار فيما مضى وما إنقضى؟!!

***

د. صادق السامرائي

10\8\2023

***

* المقال ليس للتقليل من قيمة أحد، لكنه إشارة إلى ظاهرة نتمحن فيها!!

طباخ لكن اكلاته الدسمة اوصلته الى الشهرة، فتحت شهية الكرملين على الاطباق الخارجية  فاستساغها ،عمل على تحسينها لتكون الفائدة اكبر لروسيا التي تحاول جاهدة اعادة مجدها الذي حطمه غورباتشوف.

لقد رأى  بريغوجين  في نفسه انه بطل من الدرجة الاولى  وساهم بفاعلية في معارك شرق اكرانيا وبالأخص باخموت، حاول التطاول على قيادة الجيش واتهمها بانها تعرقل تحركاته ولا تمده بالذخائر اللازمة لتأدية عمله ربما معه بعض الحق، لأنه رجل ميداني لكن سيد الكرملين ينظر الى ما يجري من زوايا مختلفة،لقد بالغ زعيم الفاغنر في تقييم نفسه ما دفعه الغرور الى الاعلان عن التوجه الى العاصمة موسكو واسقطاها وجعلها تحت سيطرته وبالفعل بدا تحركه لكنه لم يدرك ان الذهاب الى موسكو ليس بالأمر الهين بضع ساعات هزت عرش بوتين لكنها كانت حاسمة ،واعتبرت العملية خيانة عظمى، ولن يتسامح بوتين مع فاعلها، ايقن حينها بيرغوجين ان عليه التهدئة وارتحلت قواته او لنقل جزءا منها الى بيلاروسيا وكان هناك نوع من راب الصدع والتغاضي الى حين.

اعتبر البعض ان ما قام به بريغوجين لم يكن انقلابا بل مسرحية متعددة الفصول وعلى اكثر من ركح ،قد ظهر لقيادة معارك روسيا مع الغرب خارج حدود الحلبة الاوكرانية وبالتحديد في افريقيا التي تشهد تجاذب روسي  صيني لأجل زعزعة الوجود الفرسي في مستعمراته السابقة وتهديد مصالحها.

نهاية مأساوية لزعيم الفاغنر وثلة من مساعديه، لتجاوزهم الخطوط الحمر في زمن الحرب  ،بينما يرى البعض انه ربما لم تتم تصفيته جسديا ليختفي من التداول الاعلامي ، وتم ترتيب خروج آمن له ولعائلته بحيث يتمكن من العيش ما بقي له دون ملاحقات أو تهديدات، القائد الفذ انتهت مهمته ووحان الوقت ليتم تبادل الأدوار والمناصب بين القادة ،يعتبر البعض ان فاغتر أصبحت عبأ على روسيا وعليه وجب تغيير مسارها مع الإبقاء على الاهداف المحددة التي تخدم المصالح العليا لروسيا. الرحلة كانت للقاء بوتين، الأمر الان يعتمد على بوتين اما مواجهة مع فاغتر او تحرك مشترك للانتقام من الغرب، ربما تكون هناك الحاجة الى اذرع مسلحة لتنفيذ سياسات الكرملين بالخارج ولكنها ستكون مطعمة بضباط من الجيش الروسي وتحت مراقبته.

يفغيني بريغوجين....بروتس الذي اجهز على نفسه، لأنه لم يدرك مدى بشاعة عمله فتم التضحية به ليكون عبرة لكل من يحاول ان يشق الصف الوطني وجعل الوطن ساحة للتدخلات الخارجية.

ربما الدرس المستفاد هو ان الاجسام الموازية وبالأخص العسكرية، يجب ان لا يترك لها الحبل على الغارب لتشعر انها صاحبة الفضل في كل شيء، ومن ثم تأخذ زمام المبادرة وتتصرف دون معرفة تامة بمجريات الامور،والنتيجة قد تصاب المؤسسة العسكرية بالوهن ما يؤدي الى اضعاف الدولة. وهذا ما نلاحظه في السودان وليبيا وغيرهما، حيث الدعم السريع يقاتل الجيش السوداني بمساعدة اطراف خارجية للاستيلاء على السلطة بينما التشكيلات المسلحة في غرب ليبيا هي التي تتحكم في العاصمة وتفرض شروطها على حكومة الوحدة الوطنية التي نراها مجبرة على الدفع السخي لهذه الميليشيات كي تبقى في السلطة.

***

ميلاد عمر المزوغي

اليوم هو يوم تاريخي للهند، حيث أعلنت هيئة أبحاث الفضاء الهندية أم مسبار تشاندريان-3 هبط قبل ساعات اليوم بكل نجاح على سطح القمر. لقد ابتسم الحظ على علماء الهنود وجهودهم المستمرة في اكتشاف الفضاء، واليوم أصبحت الهند الدولة الرابعة في العالم التي حقق هبوطا سلسا على القمر.

لقد حاولت الهند أن تدخل عالم الكبار في مجال أبحاث الفضاء، لكن الومحاولة الأخيرة بارسال مسبار إلى القمر حققت النجاح مساء اليوم بهبوطه على سطح القمر. وتستعد الهند اليوم (الأربعاء 23 أغسطس/ آب 2023) لانزال مركبة غير مأهولة على سطح القمر في محطة تاريخية لأكثر بلدان العالم تعدادا للسكان الذي يأمل في الانضمام إلى نادي الدول القليلة التي نجحت في الهبوط على القمر بعد أربع سنوات على محاولة فاشلة. ويتوقع أن تحط "شاندريان-3" بعيد الساعة 18.00 بالتوقيت المحلي الهندي قرب القطب الجنوبي للقمر غير المستكشف كثيرا ما سيشكل سابقة عالمية في برنامج فضائي.

  اليوم أثمرت المحاولة الجديدة للبرنامج الفضائي الهندي الذي يشهد ازدهارا، بعد أربع سنوات على فشل كبير بعدما فقد الفريق على الأرض الاتصال بالمركبة قبل وصولها إلى القمر. وتضم شاندريان-3 التي طورتها المنظمة الهندية للبحث الفضائي (ISRO) جهاز الهبوط "فيكرام" معناه "الشجاعة" باللغة السانسكريتية والروبوت المتحرك "برغيان" معناه  "الحكمة" لاستكشاف سطح القمر.

ولقد انفصل "فيكرام" عن صاروخ الدفع الأسبوع الماضي، وهو ينقل صورا عن سطح القمر منذ دخوله مدار القمر في الخامس من الشهر الحالي. وتبقى ميزانية البرنامج الفضائي الهندي متواضعة مع أنها زادت بشكل ملحوظ منذ المحاولة الأولى لوضع مسبار في مدار القمر عام 2008. وتبلغ كلفة المهمة الهندية هذه 74.6 مليون دولار.

  يقول الخبراء بأن تكون هناك على القمر الثروات الهائلة النادرة التي ممكن تستخدم للبشرية جمعاء، وهناك صراع كبير بين القوى الكبرى على معادن القمر، وفي هذا السياق، لقد تم الاتفاق في الأمم الامتحدة  يعود لعام 1979م بأن لا يجود أن يصبح القمر ملكا لأي دولة، ولا تجوز لأي دولة أن تمتلك القوى الكبرى الفضائية، بل تشاركها لجميع البشرية.

  واليوم خلقت الهند التاريخ الجديد في اكتشاف جديد في عالم الفضاء، عندما هبطت " تشاندايان-3" بكل نجاح على القطب الجنوبي للقمر، وهو كما يراه الخبراء مصدر محتمل للمياه والأكسيجن، والهند تؤمن بالإنسانية وسوف تستخدم ثرواتها النادرة في مصالح البشرية جمعاء. 

***

الدكتور معراج أحمد معراج الندوي

الأستاذ المساعد، قسم اللغة العربية وآدابها

جامعة عالية ،كولكاتا - الهند

حين نسمع بالرسائل يتبادر في اذهاننا اخبار معينة وقد تتجلى صور من نحبهم امام اعيننا، وبغض النظر عن الأخبار والمعلومات داخل كل رسالة لكن يبقى الشوق لتسلم الرسائل مثير ومفرح فبين حبيب ينتظر مرسال من حبيبته وبين أم متشوقة لمعرفة أخبار ابنها وبين اصدقاء يتناقلون التحايا والكلام تكون الرسائل مغلفة بخبايا الحروف وعبق الكلمات الحاوية لجديد المعلومات، كان للرسائل وقع جميل ونكهة خاصة في الماضي تتناقل عبر الايدي لتصل الينا مغلفة بكل حب ولصقة عليها الطوابع الجميلة حسب معالم البلاد ينقلها ساعي البريد بامانة واخلاص ، يصل المرسال وتبدأ اللهفة في فتح المغلف وقراءة المكتوب فيفكر من يقرأ الرسالة بماذا سيجيب المرسل لأن من الأدب رد المرسال وبعث السلام والكلام .. وبرغم صعوبة نقبل وكتابة الرسائل في الماضي من خلال شراء الظرف واقلام الحبر والذهاب بها إلى البريد ومن ثم شراء الطابع البريدي وبعد كل هذا ننتظر لتصل الرسالة إلى المرسل في مدة أحيانا تتجاوز الشهر كل هذه الصعوبات رغم ذلك كان وقع الرسائل جميل ، في وقتنا الحاضر اختلف الوضع اختلافا جذريا وخاصة بعد التطور الكبير في وسائل الاتصال وظهور الهاتف الذكي وبدأت الرسائل عبر الايميل ووسائل التواصل الاجتماعي بسهولة ويسر حتى اصبح العالم قرية صغيرة يمكن التنقل من خلالها بالصوت والصورة وليس فقط ارسال الكلام! ، وكان لهذه التكنولوجيا اثر بالغ في قلب الموازين في تحويل وتذليل كل الصعوبات وجعلها في متناول الايدي يمتلكها كل سكان الارض ، لكن هل لذلك اثر سلبي على الرسائل ؟ ، لكل امر سلبيات وإيجابيات وهذا الأمر ينطبق على الرسائل أيضاً، فبعد أن اصبح الامر سهلاً باتت الناس تضجر من الرسائل وتستقبلها ببرود غير آبهة للمرسل وقد تصل إلى مرحلة عدم الرد والتسويف ، وبذلك خسرت الرسائل قيمتها بين ماضي يحفل ويفرح بالرسائل وبين حاضر متبلد لا يعطي اي قيمة للمرسال واهميته في كل الأوقات.

***

سراب سعدي

في تقربر مترجم تنشره (المدى) في عدد اليوم الخميس، تحت عنوان "قلق من تحول العراق إلى منتج لحبوب "الكبتاغون" المخدرة" نقرأ أن العراق "أصبح خلال السنوات الأخيرة ممراً مهماً لتهريب المخدرات وخصوصاً حبوب الكبتاغون، فيما ظهرت مؤشرات في الوقت ذاته تفيد بأن العراق قد أصبح مكاناً أيضا لإنتاج هذه الحبوب".

كان مجلس القضاء العراقي قد نشر قبل أعوام قليلة بياناً قال فيه إن نسبة الإدمان على المخدرات بين الشباب العراقي وصلت إلى 50%، وإن النسبة الأكبر للتعاطي تصل إلى 70 في المئة، في المناطق والأحياء الفقيرة التي تكثر فيها البطالة..

تخيل جنابك مجلس نواب يجتمع كل يوم لمناقشة قانون البغاء، ويعتقد أعضاءه "الأجلاء" أننا بلد فاسد يجب تقويمه، وان هذا الشعب بحاجة الى حملة تعيد امجاد خير الله طلفاح في مطاردة الفتيات والفتيان، هذا البرلمان مشغول البال بالجندر وأصحابه، لكنه يصمت ويضع رأسه في الرمل وهو يقرأ التقارير التي تؤكد أن العراق وبفضل قوانين برلماننا "الشجاع" على قائمة الدول الأكثر تعاطياً للمخدرات، ولا ننسى أيضاً الأكثر نهباً للمال العام. مئات التقارير التي تحذر من خطر انتشار المخدرات في العراق، فماذا حدث؟.. لا شيء في هذه الدولة التي انتفضت لحفلة غنائية، لكنها تصمت، عندما يتعلق الأمر بجرائم قتل وتعذيب النساء، فحين يهتف الجميع بصوت واحد: كلا كلا للرفاهية الاجتماعية، لا تحدثني عن ملفات البطالة، ونسبة الفقر، فهذه أمور بسيطة تُحل بخطاب "ثوري" عاصف.

من المؤكد أنّ كثيراً من العراقيين يشعرون بالحسرة وهم يشاهدون كل يوم أمماً وشعوباً كثيرة تتحرك لتعديل أوضاعها، أو تصحيح بعض الأخطاء في مسيرتها، إنّ ما يفرقنا عن هذه الأمم التي تسعى دوماً إلى تصحيح أوضاعها المتردية أنهم يملكون قوى حيّة وفاعلة للتغيير، في الوقت الذي لاتزال مدننا تخرج للاحتجاج على الأوضاع المأساوية، إلا أن الساسة لا يزالون يفكرون في الفرق بين حكومة أغلبية وحكومة توافقية، وأيهما كاملة الدسم؟ ! .

اليوم لدينا إعلام يوجه أطناناً من تهم الفساد كل لحظة للعديد من المسؤولين، كباراً وصغاراً، لكنّ معظمهم يطبقون نظرية اتركوهم يكتبون ويصرخون حتى لو كان الفساد مقروناً بوثائق، وبعض الفاسدين يتبجحون علناً بفسادهم.

والآن دعونا نتساءل: هل من أجل كراسي البرلمان طالب العراقيون بالتغيير؟ أو من أجل هؤلاء وغيرهم عشرات ابتهج أهالي البصرة والأنبار والموصل وبغداد وميسان وذي قار بانتهاء عصر الدكتاتورية ليجدوا أنفسهم محاصرين بـ"تقلبات" الساسة وصراعاتهم .

نعيش مع وجوه متعددة للفساد، بل يمكنك عزيزي القارئ أن تقول إنك تشاهد كل يوم مسرحية "الفساد للفساد"، فساد من من كل لون، بدأ بإغراق المجتمع بخطب وشعارات فاسدة، واستمر الفساد ينمو وينتشر، حتى وصل إلى ان نتحول الى منتج للمخدرات.

***

علي حسين

وأخيراً سقط قائد فاغنر، بروغوجين صريعاً تاركاً خلفه عاصفة من الأسئلة المبهمة بعد أن حظي بلقب البطل القومي نتيجة بطولاته إبّان الحرب الأوكرانية الجارية، وتحديداً في خارسون، التي حررتها قواته بعد أن دفعت فاتورة قاسية تجاوزت 25 ألف قتيل، في معركة حُسِمَتْ نتائجها لصالح الروس.. فيما نشبت على خلفيتها صراعات جانبية بين فاغنر وقيادة الجيش الروسي حول من هو صاحب الفضل في هذا الانتصار،، الأمر الذي جعل بروغوجين يشعر بالغبن.

وكونه ذا طبيعة هوجاء مندفعة ويسهل استفزازها.. فقد صنع - كما يبدو- مصيره بيديه وفق ما انتشر من تحليلات عبر الفضاء الرقمي.. إذْ تشكل لدى بروغوجين الدافع لتنفيذ الانقلاب على قيادة بوتين العسكرية؛ لكنه باء بالفشل الذريع في مهده، ومن يومها تصالبت على رأسه "المُسْتَهْدَفْ" بنادقُ القنص من قبل خصومه، ولولا تسوية أموره بوساطةٍ بادَرَ إليها رئيس بلاروسيا، ألكسندر لوكاشينكو، لتم اغتياله وفق تكهنات معظم المراقبين في العالم، حيث كُتِبَ لهذه الوساطة النجاح من خلال إعادة موضعة قواته "فاغنر" كرأس حربة على الحدود البلاروسية البولندية، حتى صارت تحركاته اللوجستية بين موسكو وروسيا البيضاء وأخيراً تحركات فاغنر في الغرب الأفريقي، شُغْلَ الغربِ الشاغل، وزد على ذلك قربه من بوتين وتحوله إلى بطل قومي إستثنائي.. ورغم أنه بات يشكل مصدر القلق المتجدد على مستوى الكرملين دون رادع.. إلا أن التعامل معه للأسباب الآنفة كان صعباً ليُتُرِكَ مصيرُهُ عرضةً لكل التكهنات.

فإلى الخبر الذي لم تجف مدادُه بَعْدْ.. إذْ تحطمت الطائرة الخاصة التي كانت تقل مالك مجموعة فاغنر بروغوجين وقائدها العسكري المقدم دميتري أوتكين -وهي من طراز إمبراير ليغاسي- قرب قرية كوجينكينو في منطقة تفير، شمال غربي موسكو.

ونقل موقع "باراز" الروسي عن ممثل إدارة منطقة زابوريجيا الموالي لروسيا فلاديمير روغوف، ورئيس حركة "نحن معا مع روسيا"، تأكيده مقتل بريغوجين وقائد قواته العسكري، أوتكين.

حيث أفادت وكالات الأنباء الروسية بمقتل جميع من كانوا بالطائرة، وعددهم عشرة أشخاص، مشيرة إلى ورود اسم زعيم مجموعة "فاغنر" المسلحة بقائمة الركاب.

ويبدو أن المشهد الروسي سيتعرض لهزة محتملة ربما تبدأ بتراشق الاتهامات فيما لو كان الحادث عرضياً أو مدبراً.. كما هو حاصل الآن عبر مواقع التواصل الاجتماعي.. فيما يستشف -أيضاً- من طريقة بث الخبر عبر قناة "غراي زون" على "تيلغرام" المرتبطة بمجموعة فاغنر العسكرية الخاصة: في أن"... بريغوجين، قتل". وقد اختصرت القناة النتيجة في أنها "من أفعال خونة لروسيا"؟.

فهل هي إشارة ضمنية إلى قادة عسكريين روس بعينهم على خلفية انقلابه الفاشل الأخير؟

ومن الطبيعي ان يتوزع دم هذا القائد الخلافي "على القبائل" لتعدد خصومه في الداخل والخارج.. وأولى أصابع الاتهام ستتجه إلى سيد الكرملين الذي يتمتع بدهاء استخباري استثنائي وطول صبر.. ورغم تسويته لوضع فاغنر في الاتحاد الروسي بالتنسيق مع "منسك" ظل السؤال العالق في الأذهان يكمن في مصير قائد تمرد بريغوجين، الذي أعلن في يونيو سيطرته على منشآت عسكرية في منطقتي روستوف وفورونيغ، مستذكرين- في طيّات ذلك- ظهور الرئيس الروسي في خطاب تلفزيوني، واصفاً ما فعله زغيم فاغنر بأنه "خيانة" و"طعنة في الظهر"، قائلاً إن من يدعمون التحركات سيدفعون الثمن.

وأحيلكم في سياق ذلك إلى ما قاله فلاديمير بوتين خلال مقابلة تعود إلى عام 2018، لمحاوره إنه يمكنه الصفح "لكن ليس عن كل شيء"، موضحاً أن الشيء الذي لا يغفره هو الخيانة.

ولكن كيف يفعل بوتين ذلك في الوقت الذي هو بأمس الحاجة إلى توظيف قوات فاغنر، في أية مواجهات محتملة، سواء مع بولندا التي وصلت حشوداتها مع بلاروسيا إلى حدود مثيرة للقلق! أو حتى دورها المنتظر في النيجر ضد فرنسا، غرب أفريقيا! وهو سؤال وجيه ويحمل في طياته الكثير من الأجوبة التي قد تشفع لبوتين في معمعة الحرب الإعلامية التضليلية التي يقودها الغرب بشراسة.

من جهته قال الرئيس الأميركي جو بايدن، الأربعاء، إنه "ليس متفاجئا" من احتمال مقتل قائد مجموعة "فاغنر" العسكرية الروسية الخاصة بريغوجين في روسيا!

ألا يُسْتَشَفُّ من ذلك إيحاءٌ غير مباشر بأن مصير بروغوجين كان الاغتيال-ربما- على يد المخابرات العسكرية الروسية جي آر يو.

ولكنَّ ذلك أيضاً لن يبرئ ساحة بعض دول الناتو في أوروبا الشرقية، تحديداً بولندا وليتوانيا فضلاً عن أوكرانيا، حيث شهدت حدودهما مع بلاروسيا تعزيزات عسكرية ضخمة قاما بها، على خلفية تهديدات فاغنر المعلنة على الحدود مع بولندا بذريعة حماية مقاطعة كيلينغراد الروسية من أي عدوان غربي محتمل قد يباغتها من جهتي بولندا وليتوانيا.

وعلى ضوء ذلك، فهل يصعب على أجهزة مخابرات الناتو تنفيذ مهمة عسكرية سرية لاغتيال القائد الروسي الأشد خطورة، بروغوجين! هذا لو أخذنا بعين الاعتبار بأن الحادث من شأنه أيضاً خلط الأوراق الروسية الداخلية!.

ما زالت الحقيقة مبهمة بانتظار المستجدات في حادث عاصف لن تنتهي تداعياته عند الخبر المنطوق.. وتبقى الرهانات مفتوحة على المجهول.

***

بكر السباتين

24 أوغسطس 2023

سيناريوهات كونية لشرق اوسط جديد

تعود عملية التطبيع بين دولة الاحتلال الاسرائيلي ودول المنطقة العربية الى واجهة الاخبار مرة اخرى، وعلى وجه التحديد الحصري؛ تطبيع السعودية مع دولة الاحتلال الاسرائيلي، والذي يفتح باب التطبيع واسعا اذا ما تم هذا التطبيع في المقبل من الزمن. هناك مراقبون يحيلون محاولة بايدن او سعي بايدن لتطوير فكرة ضمانات امنية امريكية للسعودية في مقابل تطبيع الاخيرة مع دولة الاحتلال الاسرائيلي مع قبول الاخيرة بتوفير الارضية والبيئة السياسية والاجواء؛ لفكرة حل الدولتين؛ لتوفير الاجواء التي تساعده في الانتخابات الامريكية المقبلة. ان هذه القراءة على درجة كبيرة من الخطأ، وفي نفس الوقت؛ صحيحة عند احالتها الى التكتيكات المتبعة من المرشحين الامريكيين لخوض التنافس الانتخابي في استثمار منطلقات السياسة الخارجية الامريكية، بعيدة الامد والمدى. فهذه السياسية الامريكية والتي تخص الدفع بعملية التطبيع الى امام لا تخص فقط بايدن، ولا الديمقراطيين فقط ولا الجمهوريين، بل هي سياسة امريكية مهما كان نوع الرئيس الامريكي، سواء من الحزب الجمهوري او الديمقراطي؛ فهي سياسة ثابتة في دعم دولة الاحتلال الاسرائيلي. التغيير فقط في الاسلوب والطريقة والظروف السياسية التي تفرض نوع وطريقة واسلوب هذا الدعم. أما الخلاف الآن الذي يظهر على السطح بين هذه الادارة الامريكية والحكومة الاسرائيلية العنصرية المتطرفة، فهو خلاف مهما كان نوعه ودرجة عمقه وسعته يظل خلافا هامشيا لا يمس جوهر العلاقة بين الدولتين، ولو مسا خفيفا. دولة الاحتلال الاسرائيلي؛ تشكل لأمريكا موقع صد متقدم؛ لجهة المصالح الامريكية في المنطقة العربية وحتى في جوارها، بالإضافة الى الجانب الديني الذي يشكل الوشيجة المتينة الغير قابلة للقطع بمختلف الظروف والاحوال، فهي اي هذه الوشيجة تشكل جسرا للتخادم الامبريالي المصلحي المتبادل، والديني، وغيرهما بين الدولتين. ان سعي امريكا بايدن للدفع بعملية التطبيع بين دولة الاحتلال الاسرائيلي والسعودية؛ ترتبط بمخطط بعيد الأمد والمدى، لا يشمل السعودية فقط، بل يشمل دول الشرق الاوسط حسب هذه التسمية للدول العربية في شرق الوطن العربي ودول جوار هذا الشرق العربي؛ التي تروق هذه التسمية، لدوائر صناعة القرار في امريكا والغرب؛ لغايات محورها واساسها هو تفتيت او توزيع الوطن العربي بين الشرق الاوسط وشمال افريقيا؛ بتغطية اعلامية لهذا المنهج تغطية كلية؛ حتى يتم تغييب مفردة الوطن العربي عن الاعلام والسياسة، وبالتالي عن نفوس الناس واذهانهم، لتعبيد الطريق؛ كي ننسى اننا ابناء وطن واحد كبير، مهما اختلفنا وتباعدنا. ان خطة التطبيع بين السعودية ودولة الاحتلال الاسرائيلي؛ تناولها توماس فريدمان، في مقالة له؛ نشرها مؤخرا، يشير فيها الى؛ ان امريكا تريد استكشاف امكانية للحوار حول التطبيع بين امريكا ودولة الاحتلال الاسرائيلي والسعودية وفلسطين وهو هنا يقصد بفلسطين؛ وبكل تأكيد السلطة الفلسطينية. ان هذا يعني وفي اهم ما يعني؛ ان خطة التطبيع بين دولة الاحتلال الاسرائيلي والسعودية ذات ابعاد استراتيجية؛ تشمل الكيفية التي يتم بها، بعد التطبيع والطريقة التي يجري على هديها؛ ايجاد مخارج لحل قضية الشعب الفلسطيني. هنا يظهر جليا هو ان عملية التطبيع هذه، من وجهة النظر المتواضعة؛ الاخطر على القضية الفلسطينية؛ اكثر كثيرا من عمليات التطبيع السابقة. حيث انها اذا قدر لها وجرى تنفيذها على ارض الواقع؛ طعنة في ظهر قضية فلسطين، وشعب فلسطين المجاهد؛ سيكون لها تداعيات واسعة ومؤثرة جدا؛ لأن السعودية دولة لها قدرات اقتصادية كبيرة جدا، ولها ايضا تأثيرات منتجة على محيطها العربي، وعلى جوار المحيط العربي وعلى الفضاءات الدولية، وهي تأثيرات عميقة وواسعة. أما في التصدي ومواجهة عمليات التطبيع؛ يكون لزاما، أو ان من واجب قوى المقاومة الفلسطينية وقواها الاخرى الحية والمناضلة تحديدا، وليس غيرهم؛ هو وحدة الصف، وحدة حقيقية على الارض؛ حتى يكون بمقدورها انتاج خطابا مضادا؛ يتصدى لهذا التطبيع المرتقب، من الآن وليس الانتظار حتى يكون واقعا على الارض، على ان لا يكون موجه ضد السعودية وهي لم تطبع بعد، بل خطاب يتصدى بقوة  لعمليات التطبيع هذه بالمجمل. هذا التصدي لا يجب ان يكون فقط من الفلسطينيين المجاهدين والمناضلين، بل من جميع الاحزاب والقوى العربية، والادباء والمثقفين. بالعودة الى صفقة التطبيع بين السعودية ودولة الاحتلال الاسرائيلي؛ ان من بين اهم الضمانات التي تطالب بها السعودية كلا من دولة الاحتلال الاسرائيلي وامريكا؛ يتلخص كما اوردها او سربها؛ توماس فريدمان في مقالته التي اشرت لها في اعلى هذه السطور، وهي كما كتبها توماس فريدمان؛ سيطالب به السعوديون والأمريكيون من نتنياهو هو أربعة أمور كمقابل لهدية كبيرة مع دولة عربية مسلمة: "وعد رسمي بعدم ضم الضفة الغربية، لا توسع استيطانياً في الضفة الغربية خارج المستوطنات الموجودة، ولا شرعنة للبؤر الاستيطانية، ونقل المناطق الفلسطينية المصنفة (ج) والخاضعة الآن للسيطرة الإسرائيلية الكاملة إلى مناطق ألف وباء ووضعها تحت سيطرة السلطة الوطنية حسب شروط اتفاقيات أوسلو. وعلى السلطة الوطنية المصادقة على اتفاقية التطبيع السعودية – الإسرائيلية (المقصود بالسلطة الوطنية؛ السلطة الفلسطينية..)". ان هذه الضمانات حتى وان تم الاخذ بها من الجانبين الامريكي والاسرائيلي؛ لا يمكن بناء مستقبل حل الدولتين عليها، أو ان تكون ضمانة لها الحظ الاوفر في اقامة دولة فلسطين على الضفة الغربية والقطاع وعاصمتها القدس الشرقية. أذ، وبكل سهولة يمكن لهذا الكيان الاسرائيلي التنصل عنها، كما تنصل عن تنفيذ ما ورد في اتفاقات اوسلو التي صارت الآن نسيا منسيا. انها ومن وجهة النظر المتواضعة؛ هي لغرض الاستهلاك وليس التنفيذ، هذا اولا وثانيا هي لإخراج هذا التطبيع ان حدث وصار واقعا على الارض؛ كما لو أنه انتصارا للقضية الفلسطينية؛ في عملية غير بريئة؛ في عصر قضية شعب يريد الحياة، لتصغيرها حتى يسهل تاليا، في الزمن اللاحق؛ تحويلها الى قطعة جغرافية صغيرة؛ يُسهَل لدولة الاحتلال الاسرائيلي وضعها في احد جيوبها مع منحها وضعا خاصا ولو الى حين. خصوصا اذا تم اعادة انتاج السلطة الفلسطينية الحالية بسلطة اخرى بديلة في المستقبل القريب. ان هذا السيناريو عندما يتم طرحه مستقبلا، في بيئة وظرف دولي، يصنعه؛ التحول الدولي المقبل؛ يصبح مقبولا من القوى الدولية والاقليمية، الصين وروسيا وايران وتركيا؛ في سلسلة من المقايضات التي لامحالة سوف تظهر في الزمن اللاحق. ان الدولتين، الصين وروسيا؛ سوف تصعدان، وحتى الهند والبرازيل؛ الى موقع قيادة نظام الكوني متعدد القيادات. دولة الاحتلال الاسرائيلي تربطها مع كل من روسيا والصين علاقات قوية، وبضوء اخضر امريكي حتى وان ظهر على عكس هذا الرضا. في الوقت عينه ان السعودية سعت وتسعى الى بناء علاقات واسعة مع الصين وروسيا في الحدود المقبولة من الجانب الامريكي؛ بحيث لا تمنح مساحة واسعة للدولتين على حساب المساحة ذات الابعاد الاستراتيجية بين السعودية وامريكا، اي حصرهما في اضيق مساحة ممكنة للحركة.  البيت الابيض، اشار مؤخرا، قبل اسابيع الى ان مسار مفاوضات التطبيع بين دولة الاحتلال الاسرائيلي والسعودية؛ تم وضع الاطار لهذه المفاوضات.. جون كيربي المتحدث الرسمي باسم مجلس الامن القومي الامريكي اشار في 9- اغسطس 2023؛ ان المفاوضات حول التطبيع تجري، إنما لم تحرز بعد تقدما، ربما يستغرق الامر فترة ربما لم تكن قصيرة. ماثيو ميلر المتحدث باسم الخارجية الامريكية اشار الى ذات الموضوع. إما من وجهة النظر المتواضعة فأن التطبيع، ربما كبيرة جدا؛ لن يحدث قبل الانتخابات الامريكية. السعوديون لا يريدون او لا يرغبون ان يتولى الديمقراطيون ادارة البيت الابيض لأربع سنوات مقبلة..

***

مزهر جبر الساعدي

نحن نتبع ونقبع وفينا ما يؤهلنا للخنوع، سيغضب مَن يغضب، ولا بد من الإتيان بدليل.

نحن نصنع المقدسين والمعصومين في شتى المجالات، ونصيخ السمع إليهم، ونحسب ما ينطقونه وحياً يوحى!!

وعندما تكتب مقالا يحمل آراءهم دون الإشارة الصريحة إليهم من باب الإختبار والتقييم، تنهال على المقال تعليقات غاضبة، وتوصيفات مرعبة، وتقف متعجبا من تباين درجات الإستجابة!!

نفس الرأي عندما ينطق به الرمز المقدس يكون مقبولا ولا غبار عليه، وإن أقدمت على التعبير عنه بمقال يواجَه بعاصفة رفض وعدوان.

فكيف يمكننا تفسير ذلك؟

يبدو أننا نعيش حالات من العمى النفسي، أو عمى الأفكار، الذي ربما يشبه عمى الألوان.

نتفاعل مع هؤلاء (الكبار) بآليات العماء، ومع الصغار بعدوانية ورفض مسبق لذات الفكرة أو الرأي.

هذه عاهة تفاعلية مهيمنة على مسيرتنا عبر الأجيال؟

"إذا قالت حذام فصدقوها....فالقول ما قالت حذام "!!

وعلى هذا المنوال نتفاعل في زمن تتألب على وجودنا العاديات من كل حدب وصوب، إن في هذا السلوك محاباة واضحة، ونفاق مرير، فلماذا لا نبدي رأينا الصريح بما يقوله الذي نسميه (كبيرا)؟

إنها آلية الخنوع والإستسلام، والإنتقام، ووسيلة لصناعة طغاة الحكام، وغيرهم من أصحاب القوة والزمام.

أ يصح في الأفهام شيئ ولا يصح فيها أيضا؟

كيف نجمع بين المتناقضات ونوظفها على أنها متوائمة ذات سلطان وبرهان.

فأين الصدق فيما نقول ونفعل؟!!

***

د. صادق السامرائي

10\8\2023

أيها السيدات والسادة السلام عليكم بعد أن هرب السلام من أراضينا وبدا يحزم حقائبه رويدا رويدا لا شيء يوجعني في سريري سوي الكون، والفوضى الشعبوية في كل مكان، لماذا نتخلى عن الفضيلة والأخلاق، لأننا لم نتعلم الفلسفة أم العلوم. ونعيش عادات وتقاليد موروثة منذ الأزل،

لماذا لا نؤمن... بالاختلاف...؟!

لماذا ندعي القداسة والتعالي...؟! نحن مجتمعات نقدس العادات والتقاليد...!!

مجتمعات ما زالت تركيبتها عنصرية تحتاج إلى المناضل(مارتن لوثر كينغ)... يصرخ فينا أين أنتم بعد دخول الألفية الثانية ومازلتم تعيشون عصور الجاهلية..!! أين أنتم من العدالة والمساواة داخل شعوب العالم...؟

 وما زال هناك مناصب وكليات محرمة علي الطبقة المهمشة وأبناء الطبقة المتوسطة من الفلاحين والعمال من الترشح لها...؟!

ننظر إلى المرأة أنها جسد وشهوة ونرفض المطلقة والأرامل والفقراء، إذا تزوجت نقف أمام شرع الله لمجرد العادات والتقاليد.، نقدس أصحاب المال والسلطة والجاه...، نحن احترفنا ثقافة التشويه، حقا نعيش عصر السخافة والبلادة... نحن لا نعترف بثقافة الاختلاف... \"الشكل واللون والدين والمذهب والعرق...!! أريد أن أخوض في العمق ولكن نحن مجتمع أحمق من الحمق نتنازع في التفاهات والخرافات ونبتعد عن أهم قضايانا المصيرية.، تعلمنا أن نجهد الحلم قبل الولادة... لأننا نولي جهلنا فينا وننتظر من الأغبياء مخرج ..؟! تركنا حالنا من البؤس وننبش في القبور ثقافة المفلس... في زمن الردة وغياب ثقافة الوعي... وصعود صعاليك وكومبارس علي خشبة المسرح... رغم أن المسرح ينهار ومازال الممثلون والكومبارس علي خشبة المسرح والنار تشتعل من جانبي المسرح ومازال الجمهور يصفق... هذا واقع حقيقي في المجتمعات العربية...!!\"

***

 محمد سعد عبد اللطيف

كاتب وباحث مصري في الجغرافيا السياسية

مَا كُلُّ مَا يَتَمَنَّى الْمَرْءُ يُدْركُهُ

تَجْري الرّيَاحٌ بمَا لَا تَشْتَهي السَّفَنُ

الحشود الأمريكية المتسارعة في منطقة المشرق العربي تستدعي منا كمراقبين أن نقرأها بتأن وروية فهذه الحركة الكشفية جاءت بعدما أدركت الإدارة الأمريكية بفشل خطتها وسياساتها السابقة وتحديدا في العراق والشام والخليج العربي وتخليها عن الهيمنة لهذا الطرف وذاك وبعد خسارة حلفائها في المنطقة وتخليها عنهم فأدركت الإدارة الأمريكية بخطئها الجسيم وهنا جاءت لحظة التصحيح من خلال تكثيف تواجدها في منطقة الخليج العربي مضيق هرمز لتأمين حركة النقل البحري لنقل البترول العربي لدول العالم والمحافظة على أسعاره وعدم ترك روسيا ودول الأوبك من التلاعب بأسعار النفط والغاز الشي المهم يعد تنامي النفوذ الروسي والايراني والحلفاء في سوريا قد يشكل خطراً مباشرا على. أمن إسرائيل والمصالح الأمريكية وكذلك لفشل امريكا في دعمها لأوكرانيا في حربها ضد روسيا التي ما زالت هي المتفوقة ميدانيا ونجح الاقتصاد الروسي باستعادة عافيته لذا تعمل الولايات المتحدة إلى تقليص الدور الروسي والايراني واضعافها في سوريا والمنطقة وخاصة بعد انفتاح الدول العربية اقتصاديا نحو الصين وروسيا.

ما يجري الآن على الأراضي السورية والعراقية والخليج العربي ليست استعدادات للحرب وانما إعادة تنظيم وانتشار واحتواء لتنامي قوة الحشود العسكرية المؤيدة الى سوريا وزيادة زخم التسليح لها عن طريق العراق فهنا يأتي هذا الانتشار الأمريكي لقطع طرق الإمداد والتموين على حلفاء سوريا.

النتائج

لن تكون هناك حربا في الوقت الحاضر في أي جبهة من الجبهات وانما ستكون هناك عمليات عسكرية أمريكية محدودة لبسط نفوذها وتحكمها في مناطق سوريا والعراق والخليج وستنجح أمريكا تكتيكيا على المدى القصير ولكن من المحتمل وهذا احتمال جدا كبير أن تقع صدامات عسكرية دامية بين الجيش الأمريكي وما بين القوى المتحالفة ضد أمريكا وربما ستكون حربا طاحنة في المنطقة كلها .

نعتقد وهذا الشي المهم سيرافق هذه الصراعات العسكرية هيجان شعبي في أكثر من بلد في المنطقة استياء من سياسات حكوماتهم ولا نستبعد سقوط بعض الحكومات وربما هذا الأمر لم يكن في حسابات الولايات المتحدة وقد يكون مفاجأ لها ويحرجها .

السؤال الاخير هل ستنجح أمريكا استراتيجيا في صراعها هذا ؟ انا أشك في ذلك من خلال قراءتنا للتاريخ وحركات التحرر في العالم وتكوين الشخصية المشرقية وخاصة العربية الرافضة للاحتلال الأجنبي على مدى التاريخ بحكم ثقافتها وقيمها وايدلوجيتها.

***

رياض ابراهيم

قبل ان تبتلع مياه النهر الفتاة التي قررت الانتحار لأنها لم تحصل على المعدل الذي يؤهلها لدخول كلية الطب، كان هناك من يصور المشهد باهتمام ويراقب كيف تصارع الفتاة المياه.. لم يفكر في انقاذها أو طلب النجدة بل ظل يصورها حتى انتهت مقاومتها وسحبتها المياه الى أعماق النهر وهنا صاح: غرقت.. غرقت!

هزني هذا المشهد لسببين، الأول هو العشوائية في قبول الطلبة لدرجة ان معدل 95 لم يعد مجديا لصاحبه ولايساعده على دخول كليات المجموعة الطبية فيضطر بالتالي اما الى دخول كلية لاتناسب معدله او دخول كلية أهلية وهو الهدف الأكبر لفوضى التعليم في العراق او الانتحار كما فعلت الطالبة المسكينة بسبب الإحباط والعجز عن تقبل الامر.. اما السبب الثاني الافظع والأخطر فهو لامبالاة البعض أمام الموت واهتمامهم بتوثيقه للحصول على (لايكات) اكثر من انقاذ حياة انسان..

لنتوقف ونتساءل، ماالذي جعل الانتحار سلوكا مقبولا ومتزايدا لدينا في الآونة الأخيرة؟ ربما يعتبره البعض شجاعة وربما يكون جبنا وهروبا من مواجهة الواقع لكنه في النهاية محاولة الفرد انهاء حياته بنفسه وهو أمر لايخلو من شجاعة فللحياة طعم لذيذ لدى البشر مهما واجهوا من صعاب، كما لايخلو من تخاذل لعجز الانسان عن تحدي آلامه والانتصار عليها.. انه انطفاء ضوء الامل تماما في نفق الحياة لتصبح مظلمة ورهيبة ولايعود للتمسك بها ضرورة.. وأنا اعتقد انه رديف لليأس المطلق من تغيير حياة المرء أو تحسينها والا لماذا يقدم أب عشريني على حرق نفسه وولديه لأنه يعاني من عوز شديد ويعجز عن اعالة اسرته ولايملك سقفا يأويه او عملا مناسبا يسد معيشته؟..

صارت الدوافع كثيرة للانتحار لكن النتيجة واحدة وهي وصول المرء الى نقطة اللاعودة واختيار قرار صعب مثل انهاء الحياة للتخلص من ضغوطها.. هل يعني هذا اننا فقدنا القوة على مواجهة الصعاب وان الهشاشة صارت سمة غالبة على شخصياتنا أم ان الصعاب بلغت حدا لايمكن مقاومته وان ضغوط الحياة تزايدت بشدة بسبب تفاقم المتاعب السياسية والاقتصادية والاجتماعية وفوضى القرارات والتحكمات والتناحرات السياسية التي تقود البلد تدريجيا الى طرق مسدودة وتفقد الناس الشعور بانسانيتهم وكيانهم بل تفقدهم حقهم في الحياة الطبيعية لدرجة تفكيرهم في الانتحار !

كان لينشين الذي ابتدع أسلوب (الإعدام من دون محاكمة) لمعاقبة العبيد يقول (ابقوا العبيد أقوياء جسديا ولكن ضعفاء نفسيا ومعتمدون على السيد) وكان يقول أيضا (ابقوا الجسد وخذوا العقل).. وربما ماحدث معنا يشبه ماحدث مع العبيد في الماضي، فنحن أجساد بلا عقل ولا روح، نفوسنا باتت ضعيفة أما بالصفات السيئة التي اكتسبناها او بالعجز واليأس، ولازلنا ننتظر الحلول والحياة من السيد –أي الحكومات-..

نحن ضعفاء جدا لأننا نعتاش على وعود الساسة ويبدو ان الضعفاء لايرثون سوى الوعود الزائفة لهذا ينعدم لديهم الأمل بتغيير الواقع أو النجاة منه فيلجأون أحيانا الى الانتحار وتصبح فكرة الانتحار لديهم حلا سحريا.. ولكن، كيف يمكن ان تصبح هذه الفكرة المهلكة مقبولة لدينا وتحقق اكبر عدد من (اللايكات)؟.. هذا هو الخراب الحقيقي !

***

*عدوية الهلالي – كاتبة ومترجمة عراقية

"عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا" الإسراء: 79

"قالت الحنابلة: معناها أن يقعده الله على عرشه، وقال غيرهم: بل هي الشفاعة، فدام الخصام، واقتتلوا جماعة كثيرة"

وذلك في بغداد سنة (316) هجرية، في زمن المقتدر بالله (295 - 319) هجرية، وقتل بسببها خلق كثير!!

التأويل من أهم أسباب الفرقة والتصارع بين المسلمين، وسببه إعمال العقل بالنص القرآني، وما دامت العقول مختلفة فأن ما ستؤوله سيكون مختلفا حتما. 

والمشكلة ليست في التأويل لوحده، بل في أن أصحابه يرونه الأصح والأقوم، وسواه باطل، أي أن التأويل يتسبب بالغلو والتطرف، والتوهم بإحتكار الحقيقة.

التأويل طاعون الدين والمنطلق التدميري له، فالواقع السلوكي يشير إلى أن المؤولين إخوان الشياطين، أو يتفوقون عليهم.

ليؤول مَن يؤول كما يرى ويملي عليه عقله، وعليه أن لا يقر بضرورة الإجماع على ما أوّله، لأن في ذلك الأساس للتدمير وسفك الدماء.

والمشكلة التي تواجه الدين، أنه وسيلة للتسلط على الناس والقبض على مصيرهم، وذلك المرام قائم منذ بداية المجتمعات البشرية والدول، فكانت تتخذ من القوة الغيبية أداة للهيمنة على الناس، وبموجب ذلك يتحول الملك أو السلطان إلى إله، أو صاحب تخويل من قوة غيبية ما.

وهذه اللعبة نجدها قائمة في كل العصور، واليوم تتمثل بنواب الرب، والممثلين للرموز التي تقدست وكأنها ليست من طين.

فالعديد من الرموز الدينية تحولت إلى موجودات ضوئية متفاعلة مع الخيال الضارب في متاهات التأويلات الخالية من البراهين والأدلة العقلية، ومتمسكة بالتواصل مع خرافات ذات تطلعات أسطورية، متفاقمة التأثير والتمرير عبر الأجيال.

وبموجب سلوك التأويل تعدد الدين الواحد وتحول إلى فرق وجماعات متصارعة، وكل منها يريد فرض تأويله على الآخرين، وبهذا تكمن مصيبة الدين، التي يستثمر فيها أعداء الدين!!

وما عادت تنفع " لكم دينكم وليَّ دين"!!

***

د. صادق السامرائي

منذ 20 عاماً وهذه البلاد تتقدم في مجال الديمقراطية التي أوصلت تاجرا شاطرا مثل مثنى السامرائي إلى قبة البرلمان، لكنها، أي البلاد نفسها، تتردّد في خطوات التنمية والعدالة الاجتماعية والرفاهية، لأنّها ترى في العجلة الندامة، فماذا يعني إذا غابت الكهرباء عن بيوت الناس؟،

وماذا تنفعنا مشاريع تطوير التعليم ونحن بلد دخلنا موسوعة غينيس بعدد أيام العطل؟، حتى وصل الأمر بالمحافظات أن تتمدد وتستريح بأوامر من محافظيها "الأجلاء"، ماذا يعني أن يتأخر قانون العنف الأسري؟، وان نشرع بدلاً عنه قانون امتيازات النواب وأحبابهم. المهم أن تترسّخ الديمقراطية التي علمنا أنها أصبحت أضحوكة. ففي تقرير نشرته إحدى الصحف العربية نقرأ العجب العجاب حيث عدد من الأحزاب في العراق، التي تستعد للمشاركة في عرس الديمقراطية الجديد "انتخابات مجالس المحافظات"، طالبت مجالس المحافظات بالغاء رقم 56 من قوائم تسلسل مرشحيها، وكانت الأحزاب طالبت بالشيء نفسه، في الانتخابات البرلمانية السابقة.. حيث يخشى بعض المرشحين للانتخابات، من أن يكون تسلسل أحدهم بالرقم 56، الذي يُطلق على المحتالين والنصابين في الشارع العراقي .

أعذروني فأنا في مرّات كثيرة لا أعرف ماذا أفعل حين أقرأ، أو أُشاهد مثل هذه الفعاليات "الطريفة"، هل أضحك من العبث والكوميديا السوداء، أم من خوف البعض ان يُتهم بالاحتيال وهو لم يفز بالانتخابات بعد .

لعل من أبرز المضحكات والمبكيات التي تحاصرني منذ إعلان مفوضية الانتخابات، تسجيلها عشرات الأحزاب وحتى الآن، والتي جميعها تأمل بالدخول إلى ساحة الصراع على المكاسب والمغانم.

أسوأ أنواع الكوميديا هي الضحك على المتفرجين، لا على الأحداث، في هذه الأيام أثقلت صفحات "كوميديا انتخابات مجالس المحافظات " النقاش الذي يعلو كل يوم مجالس سياسيينا حول "كنز علاء الدين الذي ستحصل عليه الاحزاب الفائزة في الانتخابات،، لأنهم هذه الاحزاب سوف تفعل ما تشاء أو ما تشاء لها المحاصصة.

أيها العراقيين اسمحوا لي أن أقترح عليكم اقتراحاً ربما هو ساذج: إنسوا الديموقراطية العراقية الجديدة، تعالوا نطالب باحزاب لا تلغي أحداً ولا تخوِّن أحداً ولا تعزل أحداً، بل تدعو جميع الناس إلى المشاركة في إدارة الحياة وبناء المستقبل، تعالوا نتفق على أنّ مجلس النواب مكان للخدمة العامة، وليس للصراخ والشتائم، وكلّ ذلك لا يحتاج إلى أحزاب تخاف من الرقم 56، ولا إلى خطابات ثورية، ولا دموع على السيادة . يحتاج فقط إلى ساسة صادقين مع أنفسهم أولاً، هدفهم بناء وطن صحي، لامكان فيه لصورة سياسي يخاف من الرقم 56، وإنما المكانة للقطات سياسية حقيقية، أبطالها مسؤولون يدركون معنى المسؤولية،سيقول البعض إنها أضغاث أحلام، وأقول؛ فليكن، لنحلم بالأمل.

***

علي حسين

الغباء من أهم صفاته اللاعقلانية ؛ لأنه يدل على عجز صاحب الصفة عن فهم المعلومات وتوظيفها كمعطيات بشكل صحيح ومن ثم انتاج الأفكار المترابطة بالمنطق.. وهي أيضاً حالة طبيعية لا تندرج في قائمة الأمراض النفسية.

لذلك فبعض الأفراد المندرجين في سلم الذكاء قد يصبحون أغبياء في مواقف معينة عندما يحاولون الخروج عن مسار الأفكار والمعتقدات الثابتة.. فتوصف المواقف تلك بالزّلّات.. أما إذا تكررت لديهم كثيراً فينعتون حينها -إلى درجة ما- بالأغبياء.

وهذا مدخل لتفسير الكثير من المواقف السياسية المؤثرة والمنفصلة عن بعضها، بعد أن تجاوزت نتائجها السلبية كل التقديرات ومن ثم سنولي كل الاهتمام لمفهوم الغباء وكيف وجد المفكرون محددات وقواعد علمية لفهمه من منطلق كونه ظاهرة يمكن صناعتها أو حالة شخصية في إطارها الطبيعي غير المرضيّ.

فمثلاً لنبدأ بالتفاهات التي تتحكم بعقول غالبية مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي من خلال تمريرهم مواقف ساذجة وعفوية وأحياناً تكون مهينة للنفس وغير سويّة؛ بغية الحصول على انتشار مناسب في الفضاء الرقمي يساعد على تحصيل أكبر عدد ممكن من الإعجابات وبالتالي كسب مردود مادي كبير.. والسؤال هو هل التفاهة غباء؟

وفي شأن آخر، هل العلاقة المبهمة ما بين الجماهير العربية ونوابهم تندرج في ذات السياق؟ . إذْ كيف تقوم هذه الجماهير المغبونة بانتخاب نواب فاسدين يفتقرون إلى المصداقية، ولعدة مرات، رغم معرفتهم بنتائج أفعالهم الفاشلة؟

وماذا عن الحرب الأوكرانية المتخمة بالقرارات المتهورة والمقامرات غير المحسوبة من قبل جميع اطرافها.. وخاصة من يذكي نيرانها مع علمه بأنها ناشبة في ثيابه.. كدول الاتحاد الأوروبي- على سبيل المثال- التي أنهكها التضخم؟ وعليه فما هي المعايير التي تُفَسُّر فيها قرارات غير حكيمة "غبية" على نحو توريط زلينسكي لبلاده في حرب ضروس خاسرة، وكأنه يقايض دمار أوكرانيا بالحصول على عضوية الناتو التي باتت مستحيلة، في ظل ما تشهده أوكرانيا من دمار قلّ مثيله في حرب ضروس لا تبقي ولا تذر.. أليست هذه مقامرة مجنونة وغير محسوبة! فكيف تستقيم الأمور في قرار مصيري كهذا؟ أليس الغباء بعينه أن لا ينصاع المقامر الأوكراني زلينسكي، لرغبات العم السام بشبقه المفتوح على كل الموبيقات، من خلال استمرار الحرب العبثية، ورفضه الجلوس إلى طاولة المفاوضات، ما أدّى ذلك إلى تضييع ثلاث فرص ثمينة يصعب تعويضها، وفق ما كشف عنه الكاتب الصحفي تيد سنايدر في مقال له بـمجلة "المحافظ الأمريكي" مؤخراً؟

أما بالنسبة للشأن الأفريقي، فكيف يتذرع الرئيس الفرنسي ماكرون بحماية الديمقراطية في أي حرب محتملة في النيجر! مع أن الديمقراطية ذاتها تتعرض للذبح في بلاده؟

وهل من الحكمة بمكان التعامل مع أفريقيا بعقلية المستعمر التقليدية القائمة على نهب الثروات واعتماد سياسة فرق تسد وفق الرؤية الميكافللية، ما أدّى بفرنسا إلى الاندحار المهين من عموم القارة السوداء، وصولاً إلى آخر معاقلها في النيجر.. وكانت لديها الفرص السانحة في الاقتداء بالتجربتين الروسية والصينية القائمتين على التشاركية العادلة ودعم التنمية حيث مثلتا البديل الاستثماري الإيجابي لإفريقيا المستنزفة؛ بدلاً من فرنسا التي مثلت الاستعمار في أسوأ حالاته؟ ألا يوصف هذا التفكير الاستعماري الموروث بالغباء الاستراتيجي؟

والأنكا هو قبول دول مجموعة غرب أفريقيا أيكواس الفقيرة جداً، بتوريط نفسها في حرب خاسرة ضد الانقلابيين في النيجر، دون الاتعاظ من الحرب الأوكرانية التي دُمِّرَ فيها وكيل الناتو وَتُرِكَ وحيداً في النفق المظلم دون أمل؟

وأخيراً سأرتحل بسؤالي إلى الشرق الوسط حيث يمارس الاحتلال الإسرائيلي سياسة الفصل العنصري ومصادرة الأراضي وقتل المواطنين الأبرياء في فلسطين المحتلة، إلى جانب ما تشهده"إسرائيل" من صراعات داخلية عرقية ودينية بين اليهود انفسهم، فبدلاً من الاستسلام للأمر الواقع، يتصرف كشبه آلهة ساعياً إلى اجتثاث المقاومة الموحدة في عموم فلسطين وجنوب لبنان من خلال توظيف السلطة في إشعال حرب أهلية في الضفة الغربية والمخيمات في لبنان، وتوظيف قائد القوات اللبنانية سمير جعجع للقيام بنفس الدور ضد حزب الله في لبنان؟

أو من خلال قصف لبنان بالطائرات حيث حذر "المعتوه" وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت حزب الله من ارتكاب أي خطأ، متوعدا بإعادة لبنان إلى العصر الحجري، وقد ردّ عليه نصر الله بالمثل!.. أليست العتاهة غباء؟ ألا يمثل دور السلطة الغباء في أحلك صوره؟

فكيف تتمسك -أيضاً- الدول العربية بالتطبيع المهين مع الاحتلال الإسرائيلي الغاشم، من باب التحالف الأمني ضد إيران بينما هي غير قادرة على التصدي للمقاومة وتعاني من مظاهر الصراعات والتفكك؟ ثم ياتي من ينتقد التقارب السعودي الإيراني الذي من ىشأنه رأب الصدع بين الجيران درءاً للحرب التي تسعى أمريكا بتحريض إسرائيلي إلى إشعالها لتحقيق معادلة "صفر مشاكل" التي باتت هدفاً لكل الدول في العالم؟

أليس من "الغباء" الاعتراض على زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير يوم الخميس الماضي إلى الرياض! حيث أعقبت المصالحة الإيرانية السعودية سلسلة من التغييرات في المشهد الدبلوماسي في الشرق الأوسط أبرزها إعادة العلاقات بين الرياض ودمشق وطرد "إسرائيل" النسبي من المشهد الخليجي؟.

واستقراءاً لما طرحناه من أسئلة فإن المواقف اعلاه جاءت لتخالف المنطق وتنسجم أكثر مع الغباء كحالة يتم صناعتها لأسباب سنتطرق إليها من خلال البحث في طبيعة القرار المتماسك والمتهور.. ومعايير الغباء على ضوء الأمثلة الواقعية أعلاه.. والتعامل مع "الغباء" كظاهرة عامة تتعلق بالصراعات التي ما لبثت عالقة دون حلول، والبحث في كون المتسبب الأبرز في إذكاء نيرانها هو اتخاذ قرارات توصف بأنها غير حكيمة ولنقل متجردين بأنها "غبية" بكل ما تحمل هذه الصفة من أبعاد.

* علاقة الغباء بالنتائج الميدانية:

صحيح أن صاحب النسبية إلبرت أينشتاين وصف العبقرية بأنها محدودة خلافاً للغباء الذي يتسع كالكون المتمدد؛ إلا أن الحديث عن تلك الصفة الفضفاضة حينما تكون من إسقاطات "الكبار" الفكرية والسياسية على المواقف؛ فإن الحيرة في تقييم تلك الفئة المؤثرة على ضوء النتائج لا بد أن تأخذك إلى خيارين، وهما:

أولاً:- مواقف تنجم عن أفكار تجريبية مقننة، وقد تتمتع بتجاوزات منطقية تتزود في بعض معطياتها من خارج الصندوق، حيث يحتمل فيهما الفشل والنجاح.

وبما أننا نتحدث عن صفة الغباء المرتبطة بالقرارات الكارثية فإن المخرجات التي لا تحتوي مدخلاتها على معطيات بديلة للتاثير الإيجابي في النتائج، فإنها ستدرج في سياق القرارات المتسرعة.. وسوف يحاسب متخذوها بناءً على حجم الخسارة المادية والمعنوية والبشرية.. ومن الطبيعي أنها لن تدرج في سياق الفكر التجريبي أو الارتجالي الذي يعتمد على الخبرة العملية وسرعة البديهة ويمكن اعتبارها نتائج طبيعية يمكن تجاوزها لتغيير النتائج.

قس على ذلك قرار خراشوف في أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962 حينما استجاب لتهديدات جون كندي ساحباً الصواريخ الروسية من كوبا؛ حتى لا تنشب مواجهات غير محمودة العواقب بين القوتين النوويتين.

ناهيك عن ضبط بوتين لأعصابه - من الأمثلة الراهنة- إزاء محاولات الناتو لحشره في الزاوية دون أن يحول الحرب إلى مواجهات نووية تكتيكية وفق العقيدة العسكرية الروسية.

ثانياً: القرارات المتهورة غير المحسوبة

وتتسم هذه القرارات بالتصلب غير المجدي وعدم المرونة وربما "الغباء" حيث تزداد خطورتها قياساً إلى حجم تأثيرها السلبي على الإنسان.

وقد تتحول إلى كوارث فيما لو افتقر أصحابها إلى الخبرة العملية التقنية والقدرة على توظيف خبرات المستشارين كمعطيات فكرية؛ فتكون النتائج وخيمة، وخاصة إذا كان الأمر متعلقاً بمصائر البشر، على نحو ما يقترفه القادة السياسيون والعسكريون من قرارات مصيرية، حتى لو عززت بمنظومة استشارية من الخبراء؛ أو أحيطت بمجالس الحكماء التي يتمتع فيها صاحب القرار بصلاحيات ترجيحية، ما دام يمتلك كلّ الخيوط السلطوية التي ستمرره وصولاً إلى التنفيذ. ألا نجيز لأنفسنا دمغ أولئك المتهورين بالغباء؟

وإلا فكيف نفسر ما يدور في كواليس إدارة الأزمات في العالم على نحو تداعيات الصراع في كل من: الشرق الأوسط وشرق أوروبا وغرب أفريقيا؟

* قواعد الغباء وآراء المفكرين:

ففي القرارات التي تمس المجاميع البشرية كالحروب فإن ذلك سيقودنا لسؤال أشد خطورة:

هل الغباء أيضا تتم صناعته تماما كما هو الذكاء الاصطناعي؟

هل للبيئة والظروف دور في صناعة الغباء على صعيديه الشخصي والعام؟

وماذا عن التجارب العملية التي اجراها العلماء لفهم الغباء كحالة أو ظاهرة على نحو نموذج "القردة والمرياع"؟

كيف فسر السياسي البارع خروشوف صفة الغباء للسياسي الأبرع ستالين في سياق مذكراته؟

لقد تناول المسرحي الإغريقي أريستوفان مفهوم الغباء ليقول يائسا- كما يبدو- من معالجة الغباء من منبره الثقافي المتمثل بالمسرح:

"الشباب يشيخ، الطيش يتم تجاوزه، الجهل يمكن تعليمه، والسكير يمكن أن يصحو، لكن الغباء يستمر للأبد".

وبالعودة إلى مقولة أينشتاين في أن "الفرق بين الغباء والعبقرية هو أن العبقرية لها حدود أما الغباء فهو كالكون لا حدود له".. فربما يقصد أبو النسبية بذلك في أن ضوابط العلوم تُحَجِّمْ من خيال العباقرة، أمّا بالنسبة للغباء فلا ضوابط منطقية له؛ لذلك فإن الأخطاء التي يتسبب بها كارثية.

أما الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه فتحدث عن الغباء قائلا:

"الغباء الإنساني يكمن في الخوفِ من التغيير".

وكأنه يقول بأن بيئة الخوف تعتبر مصنعاً للغباء.

أما الفيلسوف الكولمبي الشهير نيكولاس دافيلا فقد قارب بين صفة الغباء والاستلاب الأعمى إلى المرياع قائلاً :

"الذكاء يعزل الأفراد، في حين أن الغباء يجمع الحشود".. وهو بذلك يفسر كيف تنساق المجاميع البشرية خلف المضللين.. كأنها خراف تتبع المرياع الذي يسير بمشيئة سيده.

وهناك مقولة أخرى لبرتراند راسل تربط بين الغرور الأجوف والغباء في أن: "مشكلة العالم أن الأغبياء والمتشددين واثقون بأنفسهم أشد الثقة دائمًا، أما الحكماء فتملؤهم الشكوك".

ربما لذلك تكون النتائج بالنسبة للحكماء عبارة عن أسئلة متوالدة في عالم يحتاج دائماً للاكتشاف.

ولكن ما قام به المفكر الإيطالي كارلو سيبولا فهي محاولة جادة وموفقة لفهم الغباء ضمن معايير علمية مجردة، حتى تقاس عليه المواقف لتحديد طبيعتها فيما لو كانت غبية أم موفقة حتى لو حصلت فيها أخطاء مقبولة بسبب قابليتها للتعديل؛ وذلك من خلال تحديد عاملين يجب مراعاتهما عند استكشاف الغباء في السلوك البشري:

- الفوائد والخسائر التي يسببها الفرد لنفسه.

- الفوائد والخسائر التي يسببها الفرد للآخرين.

وذلك في كتاب لسيبولا بعنوان: "القوانين الجوهرية للغباء البشري"

تضمن رسماً بيانياً يوضح الفوائد والخسائر الناجمة عن الغباء بالنسبة للفرد والمجموعة.

ويسلط سيبولا الضوء على موضوع الغباء بشكل مثير للجدل ويُنظر إلى الأشخاص الأغبياء على أنهم مجموعة أقوى بكثير من المنظمات مثل المافيا والمجمع الصناعي العسكري والتي يمكنها أن تعمل بشكل موثر وبتنسيق لا يصدق بدون وجود قائد أو أنظمة ولوائح أو بيان لتلك المجموعة.

وفي تقديري أنها تقوم على مبدأ الغاية تبرر الوسيلة إذ لا توجد حكمة في ذلك لو قيمنا المقولة بناءً على النتائج الكارثية.

أما عن قوانين سيبولا الخمسة الأساسية للغباء، فهي:

- دائماً وأبداً ما يستهين الجميع بعدد الأغبياء من حولنا.

-احتمالية أن يكون الشخص المعني غبياً هو أمر منفصل تماماً عن أية سمات لشخصيته. أي قد يكون الغبي دمث الأخلاق ويحسن التصرف في المواقف الاجتماعية أحياناً.

-الشخص الغبي هو ذلك الشخص الذي يتسبب في خسائر لشخص آخر أو مجموعة من الأشخاص، في حين أنه لا يعود عليه أي فائدة من ذلك بل ربما تجعله يتكبد خسائر فادحة.

فهل هذا ينطبق ولو نسبياً على مشعلي الحروب في العالم؟ ربما!

-دائماً ما يستخف الأشخاص غير الأغبياء بالقوة المدمرة لدى الأشخاص الأغبياء، لذلك فإن ارتباط الأشخاص غير الأغبياء في كل زمان ومكان وتحت أي ظرف من الظروف، بأشخاص أغبياء مكلف جداً فهم شديدو الخطورة.

* ماذا قال خروشوف لستالين عن الغباء:

لنتساءل كيف يتعامل العقلاء مع نتائج القرارات الغبية الناجمة عن جهل أصاحبها؟

وكأننا نبحث في ذلك عن "العقلاء المئة" بغية إخراج الحجر الذي القاه "الغبي" في البئر. وفق المثل العربي الشهير.

لفهم ذلك أحيلكم إلى قصة نكيتا خروتشوف في مذكراته حيث قال بأن جوزيف ستالين اتصل به للبحث في شبهة مؤامرةٍ كانت تحاك آنذاك، تتجلى في أن معمل إطارات وطني و هو هدية من شركة فورد الأمريكية، كان ينتج الإطارات بجودةٍ عالية، لكنها بدأت تتراجع منذ ستة أشهر، فأخذت الإطارات تنفجر بعد بضعة كيلومترات.. فما كان منه إلا أن زار المصنع بنفسه ليقف على أصل المشكلة، فلفت انتباهه الحائط الذي يتضمن قوائم بأسماء أعظم الإداريين والعمال المكرمين في كل شهر، وبدأ بمراقبة خطوط الإنتاج والعُمال ، لكن كل شيءٍ بدا طبيعياً.

ثم عمد إلى تحليل المواد المستخدمة في صناعة ذلك الإطار وثبت أنها ذات جودةٍ عالية، لكن الإطار ظل ينفجر.

وبينما بدأ العجز يتسلل إلى نفسه ويئس من الأمر، رأى صورة الموظف المثالي للمصنع على مدار الستة أشهر الماضية، فقرر أن يحقّقَ معه علّه يجد رابطاً بين صعود نجمه و الإطارات المتفجرة.

فبادره بالسؤال: كيف استطعت أن تكون بطل الإنتاج لستة أشهر متتالية؟. قال : لقد استطعت أن أوفر الملايين من الروبلات للمعمل و الدولة.

فسأله: وكيف استطعت أن تفعل ذلك؟

قال : ببساطة قمت بتخفيف عدد الأسلاك المعدنية في الإطار و بالتالي استطعنا توفير مئات الأطنان من المعادن يومياً .

اتصل بالرئيس ستالين فوراً و شرح له ما حدث، و بعد دقيقة صمت قال له ستالين بالحرف الواحد في دعوة مبطنة لشنقه:

-  و الآن.. أين دفنت جثة هذا الغبي؟

فأجاب خورتشوف بحنكة المقتدر:

-  لم أعدمه يا رفيق.. بل سأرسله إلى سيبيريا؛ لأن الناس لن تفهم لماذا نعدم موظفاً مثالياً وبطلاً في الإنتاج، ليس بالضرورة أن يكون فاسداً وسارقاً ليؤذينا و يدمرنا.. يكفي أن يكون غبياً.

* نموذج "القردة والمرياع":

وفي محاولة لفهم سلوك المتصفين بالغباء من منطلق كونها صفة طبيعية مكتسبة، فقد وضع مجموعة من العلماء خمسة قرود في قفص واحد، وفي وسط القفص كان يوجد سلم، وفي أعلى السلم وضع بعض حبات الموز.

كان في كل مرّة يصعد فيها أحد القرود لأخذ الموز، حينها يَرُشُّ العلماءُ باقي القرود بالماء البارد فتشعر بالانزعاج الشديد حتى ضاقت ذرعاً بذلك.

بعد فترة بسيطة أصبح كل قرد يصعد لأخذ الموز، يقوم الباقون بمنعه وضربه حتى لا يتم رشهم بالماء البارد.

والنتيجة أنه بعد مدة من الوقت لم يجرؤ أي قرد على صعود السلم لأخذ الموز على الرغم من كل الإغراءات وذلك خوفاً من الضرب.

بعدها قرر العلماء أن يقوموا بتبديل أحد القرود الخمسة ويضعوا مكانه قرداً جديداً، فأول شيء قام به القرد الجديد هو أنه صعد السلم ليأخذ الموز؛ ولكن فور ذلك تعرض للضرب من قبل القردة الأربعة الباقية التي تعرف السبب الحقيقي الذي يكمن وراء سلوكهم ذاك؛ فَيُجْبَرُ القردُ الجديد على النزول.. ولكن بعد عدة مرات من تعرضه للضرب فهم القرد الجديد بأن عليه ألا يصعد السلم مع أنه لا يدري ما السبب.. أي بُرْمِجَ عقلُه على رهاب الخوفِ من هذا السلوك دون أن يسالَ عن الأسباب.. وهو استلابٌ عقليٌّ جليّ.

ثم قام العلماء أيضا بتبديل أحد القرود القدامى بقرد جديد، فحل به ما حل بالقرد البديل الأول، حتى أن القرد البديل الأول شارك زملاءَه بالضرب وهو لا يدري لماذا يضرب الذي بدى في نظرهم جانياً.

وتكررت العملية حتى تم تبديل جميع القرود الخمسة الأوائل بقرود جديدة. حتى صار في القفص خمسة قرود لم يُرَشُّ عليها ماءٌ باردٌ أبداً، ومع ذلك كانت القردة تبادر إلى ضرب أي قرد تسوّل له نفسه صعود السلم بدون أن تتمكن القردة بربط السلوك برش الماء الذي تعرضت له القردة السابقة فيما لم تتعرض له القردة الحاليّة.. وهذا يمثل تبعية المستلبين للمرياع الذي بدوره يفتقر إلى الإرادة.. بمعنى أنها التبعية العمياء للعادات والتقاليد الموروثة في بعض جوانبها..

الخلاصة

ولا شك بأن الخلاصة ستساعد القارئ الحصيف على اكتشاف مدى الغباء الذي يساهم في بناء مواقف من السهل هدمها على رؤوس العباد دون محاسبة، وإدراجها في خانة التجريب، بينما مردها يعود إلى صفة "الغباء".. ولعل في أسئلة المقدمة ما يؤكد على ذلك.. فيما يظل السؤال الملحّ كامناً في رؤوسنا :

هل الغباء "صناعة" بغض النظر عن النتائج؟ ومن يقف وراءها لو كانت كذلك؟.

***

بكر السباتين – كاتب اردني

21 أوغسطس 2023

بعد أن أُعلنت النتائج وظهرت معدلات الطلبة ظهرت معضلة جديدة أمام الطلبة واهاليهم خاصة أولئك الذين حصلوا على معدلات عالية تؤهلهم لدراسة كليات الطب والصيدلة والهندسة، لكن ومثل كل عام لابد من وجود منافسة للوصول إلى الغاية أو الحلم خاصة وإن هذه السنة كانت المعدلات ممتازة بشكل عام ولعل أغلب الطلبة الحاصلين على درجة من 95 فما فوق وضعوا نصب أعينهم كلية الطب كهدف لا يمكن التنازل عنه، أما عن المعدلات الأقل من هذه النسبة فينصب تفكيرهم على المعاهد الطبية ! ويعزى السبب الرئيسي وراء ذلك هو أن التعينات في المجال الطبي مركزية من قبل الدولة سريعة وليس كبقية الكليات والمعاهد، كان على الدولة وضع استراتيجية خاصة من أجل تقليل الضغط على الجانب الصحي والاهتمام بالجوانب الأخرى للدراسة فيها من خلال إتاحة فرص عمل بعد التخرج أما عن طريق فتح المجال للقطاع الخاص (شركات أهلية أو شركات أجنبية) أو إيجاد فرص عمل أكثر للخريجين بما ينعكس على شعورهم وانتمائهم لهذا البلد والذي سيعيد لشهاداتهم قيمتها وتزيد ثقتهم بالنظام التعليمي . أما عن التركيز على التعليم الموازي والذي يقصد به الدراسة الصباحية ولكن على النفقة الخاصة بحيث تتم إضافة درجات أخرى إلى درجاتهم وبذلك يستطيعون الانضمام إلى من هم أعلى منهم في المعدل، وهنا تتجلى مسألة مهمة يمكن وصفها بالظلم للطلبة الذين حصلوا على نفس المعدل وقبلوا في كليات أقل من ناحية المستوى الدراسي وذلك لقلة الإمكانية المادية سيؤدي ذلك إلى بروز الطبقية على النظام التعليمي ويعود البلد إلى الوراء من خلال تقسيم طبقات المجتمع حتى على المستوى الدراسي !، هذا ما يحدث في هذه الفترة لذلك يجب وضع خطط وأهداف من قبل المختصين في هذا المجال من أجل إيجاد الحلول المناسبة لهذا النوع من المشاكل التي تعصف بالتعليم والعلم ..

***

سراب سعدي

ذكر لي صديق بأنه كان يكتب بإسم مستعار، فكانت مقروئيته تتجاوز الآلاف في وطنه، وتنتشر مقالاته في الصحف المحلية ومحطات التلفزة، وما أن بدأ الكتابة بإسمه الصريح حتى هبطت مقروئيته، وتجاهلته وسائل الإعلام؟!!

وسألني كيف تفسر هذه الظاهرة؟!!

لا أريد الدخول بتفاصيل التفسير لأنه لن يقدم أو يؤخر، لكن القراءة على ما يبدو لها علاقة بالمفاهيم العامة السائدة في أي بلد، وخصوصا عندما تعلو على الوطن مسميات لقتله.

ولهذا يكون الإسم الصريح من الأهداف التي يحاربها السائد في البلاد!!

أتصفح مقروئية بعض مواقعنا، وأجدها قليلة بالمقارنة بدول عربية أخرى،  فنسبة القراءة عندنا تأتي قبل الأخير، بينما أكثر قرائها من بلدان المغرب العربي.

أكتب في مواقع مصرية ويتجاوز قراءة المنشور الألف في بعض الأحيان، ومعدل المقروئية أكثر من (400)، بينما في مواقعنا فالمقروئية بضعة عشرات !!

فالإسم في مجتمعنا يؤثر على المقروئية، ويستحضر الأحكام المسبقة، وعليه فمن الأفضل للكاتب الذي يريد أن يوصل رسالته للجمهور أن يكتب بإسم مستعار، لأنهم يقرأون الإسم وليس المكتوب.

ولو توفر القراء لإزدهرت العقول وتنوّرت، ولتولّد تيار ثقافي مؤثر في صناعة الحياة، وتعطيل منطلقات الضلال المتمكن من الوعي الجمعي.

فالتيارات التضليلية تصنعها المنابر، المؤجِّجة للعواطف والإنفعالات السلبية في نفوس الناس.

فكيف نستعيد سلوك القراءة ونصنع جيلا من المنوَّرين بالمعارف والعلوم؟!!

***

د. صادق السامرائي

نسمع كثيراً عن ان بعض حركات الجسم والنظرات والإيماءات بأنها لغة خاصة قد لا يفهمها أيا كان وهي لغة مميزة توحي بالكثير، ومن تعلم وفهم هذه اللغة سيكتشف اسرار وخفايا من حوله !، قد تكون هذه اللغة بإدراك أو بلا وعي بحيث نقوم ببعض الحركات اللاإرادية فيفهمنا الضليع بهذه اللغة دون أن نتكلم بالكلمات يفسر ما يعترينا من مشاعر أو أفكار أو حتى تصرفات !. إذن ماهي لغة الجسد؟ هي حركة الجسد أو الوجه أو اليدين وهذه الأفعال تُستخدم لتوصيل المعلومات والأفكار إلى المقابل بطريقة سلسلة ومفهومة فيستعملها المعلم عند شرح الدرس ويستخدمها المهندس والطبيب والصحفي عند نقل الحدث ومقدم البرامج.. وغيرها، وأكد علماء النفس أن التواصل عبر لغة الجسد أكثر فعالية من الكلام فيمكن أن تعبر لغة الجسد بحركة واحد بدلاً من نطق جملة طويلة ويكون مفعولها أكثر بكثير من الكلمات، لكن ربما تكون هناك معضلة في عدم فهم بعض الناس لهذه اللغة فيهتمون في فهم الكلمات وتفسيرها وتحليلها لذلك قد لا تجدي نفعاً مع هذه الفئة من الناس. ويمكن القول أن حركة العيون ونظراتها تعتبر من لغة الجسد وحتى نبرة الصوت لها أثر كبير في طريقة التواصل مع الآخرين وهي أيضا من لغة الجسد، ومن خلال دراسة قامت بها جامعة كاليفورنيا تتحدث عن هذه اللغة المميزة تقول الدارسة أن 7% من الناس يتواصلون بالكلمات بينما 55% يعتمدون على لغة الجسد و38% يعتمدون على نبرة الصوت، وأكدت الدارسة أنه من الضروري تعلم هذه اللغة لما لها من أهمية في التواصل وإيصال الآراء والأفكار والتفاهم مع من حولنا. إن لغة الجسد أصبحت مادة مهمة يمكن أن تُدرس في المستقبل كلغة مستقلة مهمة، فقد نجد أن خطابات رؤساء الدول والشخصيات المهمة يتم نقلها ومن ثم يتم تحليل الخطابات وفق لغة الجسد لتلك الشخصيات وعلى اساسها يفسر الخطاب ومدى مصداقيته لدى الناس.. في النهاية يمكن القول أن لغة الجسد لغة مهمة جداً ليس فقط لفهم الآخرين وانما أيضاً لتحسين التواصل مع الناس بصورة سليمة وصحيحة.

***

سراب سعدي

يقول الكاتب والفيلسوف الدكتور / يوسف زيدان المثير للجدل في فتح ملفات شائكة .أثارت ضجة في الأوساط الثقافية والدينية والتاريخية،.هل تأثر الدكتور يوسف زيدان  بالفيلسوف (نيتشه  وشوبنهاور) رغم تأثره بالصوفية، رغم أن البعض بتهمة بشطحات الدكتور/ مصطفي محمود وتأثره به...!

فالموضوعات الكبرى لا تنتهى أبداً عند الدكتور يوسف، كما يقول؛- لأننى لستُ إلا صانع أسئلة وداعية للتفكير، ولا أطمح إلا لإثارة نهم العقول إلى النظر والمعرفة، والخروج من معتقل الأهواء والأوهام. في شرحة عن .

(الفرقة الناجية) فهو مفهومٌ قد يبدو للوهلة الأولى إسلامياً. لكننا سنرى أن (إطار) هذا المفهوم فقط، هو الإسلامى. أما (المحتوى) فهو قديم عتيق ..!!

ففى التراث اليهودى، تشكل منذ وقت مبكر اعتقادٌ يقول إن اليهود وحدهم هم أبناء الرب، والآخرين من الناس هم (الأمم) وجعل اليهود الانتساب لدائرتهم «المتميِّزة خيالياً» يتم على أساس عرقى، لا إيمانى. ..!

فاليهودى (النقى) هو من كانت أمه يهودية، والذى يؤمن بديانتهم من دون أن يولد لأم يهودية، لا يسمى (يهودياً) وإنما هو (هودى) بمعنى أنه أقل درجةً وأخفض منـزلةً ...!

إذن، فى اليهودية تصوُّر قائم على أن «النسل الإبراهيمى» من الزوجة الأولى «سارة» هو فقط: شعب الله المختار.. من دون بيانٍ لسبب ذلك الاختيار، أو علة ذلك الاحتقار الذى ينظر به اليهود إلى الآخرين (وأظنه فى حقيقة الأمر، رداً على الاحتقار بالاحتقار) المهم، أن الفكرة نبتت أولاً مع اليهودية، على أساس عرقى...!

«الفرقة الناجية» في المسيحية ..!!

يقول الدكتور/يوسف زيدان ...

مع صراع المذاهب والكنائس المسيحية، تولَّدت فى النفوس فكرة  أن أهل هذه الكنيسة بالذات، هم فقط المؤمنون، وسائر المعارضين هراطقة، لا يستحقون صفة أبناء الرب.. بمعنى أن كل جماعة، كانت ترى لنفسها فقط، فضلَ الإيمان الذى يجعلهم الناجين من نار الكفر وجحيم الهرطقة، فى الدنيا والآخرة...،

ومن هنا، ظهرت فى التراث المسيحى «اللعنات» أو «الحرومات» وهى إقرارات إيمانية تُعرض على الشخص المسيحى، فإن قبلها صار من المؤمنين الناجين، وإن أنكرها أو اعترض على شىء فيها، فهو هرطوقى (كافر) لا ينتسب للجماعة التى اختارها الربُّ!

«الفرقة الناجية» في الإسلام .يقول الدكتور يوسف زيدان /

ظهر فى الإسلام، مع صراع المذاهب العقائدية (الكلامية) المختلفة: أهل السنة، المعتزلة، الأشاعرة، الخوارج، الشيعة.. إلخ، حديثٌ نبوى يقول ما نصه:

تفترق أمتى على بضعٍ وسبعين فرقة، كلها فى النار إلا واحدة...

وقد عرفت هذه الفرقة «الواحدة» فى التراث الإسلامى، باسم «الفرقة الناجية» مع أن كثيرين من المحدِّثين (علماء الحديث النبوى) نقدوا سند هذا الحديث ومتنه (نصه) إلا أن ذلك لم يمنع من انتشار فكرة الفرقة الناجية، خاصة فى أزمنة التخلف الحضارى وضعف دولة الإسلام.

ومع أن كثيراً من المؤرخين المسلمين، تحاشوا النظر فى اعتقادات الجماعات الإسلامية المختلفة، من زاوية «الفرقة الناجية» .. إلا أن القرون الأخيرة، والسنوات الأخيرة، شهدت نزوعاً عجيباً نحو تأكيد مفهوم (الفرقة الناجية).

وهو ما أدى إلى انقسامات شديدة بين الجماعات التى تقوم على أساس عقائدى، سواء كانت جماعات كبرى لها تاريخ وتراث كالسنة والشيعة، أو جماعات فرعية، مثل تلك التى سُمِّيت مؤخراً (الجماعات الإسلامية) وهى تسمية تُخرج غيرهم من دائرة (الإسلامية) حسبما يزعمون.

ومهما يكن من صحة الحديث النبوى المذكور سابقاً، والذى لم ينص صراحة على لفظ (الفرقة الناجية) فإن الإمعان فى إشاعة هذا المفهوم، يعود فى تقديرى إلى «أزمة» نفسية تعصف بأصحاب هذه الاتجاهات التى تسلب عن الجميع صفة الإيمان، ومن ثم صفة النجاة من عذاب الآخرة، ومن ثم وجوب التنكيل بهم فى الدنيا .

وهو مدخلٌ خطير، ووَهمٌ عظيم، يخالف أبسط المعانى التى دعت إليها الديانات، عموماً، ويهدر الفكرة الأساسية فى أى دين .. أعنى فكرة أن الإله، هو إله الجميع.

وفي النهاية قال:

سوف أكتفى بهذا القدر، ليس فقط لأن الموضوع انتهى (فالموضوعات الكبرى لا تنتهى أبداً).. وفي الختام

ولله الأمر من قبل، ومن بعد... !!

***

محمد سعد عبد اللطيف

كاتب وباحث مصري في الجغرافيا السياسية ..

الأسرة العراقية تعيش الآن أسوء حالاتها وتخوض صراعا مستعرا برعاية ثلاثة أجيال الأول المسمى الرعيل الأول وهو الجيل الذهبي كما يطلق عليه من  خلال نمط المعيشة والظروف التي عاش فيها والذي كان يقرأ ويتعلم من الواقع خبرته الحياة وغربلته جيدا عاش فيها متمسكا بالقيم والمبادئ والأخلاق والدين وساهمة في بناء الأسرة الصحيحة التي هي نواة المجتمع وعد في حينه جيل ذو شخصية فرض نفسه في مجتمعه وساهم في بنائه المتماسك الخلاق والمربي الفاضل كل في موقعه وبقية بصمته في عقبه إلى الآن وهذا الجيل نستطيع أن نحده من عام 1960 ميلادية وما دون أما الجيل الثاني وهو الوسطي فهو جيل يصل إلى عام 1990 ميلادية والذي وقع عليه الثقل الكبير في مواصلة ومواكبة الجيلين الأول والأخير وهو الذي تأثر بالرعيل الأول وعاش في كنفه ورعايته وتعلم منه  الكثير واستطاع أن يحمل منه أرثا حضاريا وعلميا وعمليا وفكريا وهذا الجيل تحمل الجزء الأكبر من المسئولية والصدمات والهزات الاجتماعية التي تعصف بالجيل الجديد وهو يكافح في الصمود بوجه المتغيرات الاجتماعية والأسرية التي تصارع من أجل البقاء على قيد الحياة للحفاظ عل القلة القليلة من المبادئ والقيم والأخلاق والترابط الأسري والثبات على ما بقي من المجتمع المتماسك والحفاظ على قيمه المتناثرة في ساحة الحياة في وسط الريح العاتية من التغيير والتطور والحرية المطعمة بالسموم والأفكار المنحرفة التي أراد العدو تمريرها وتطبيقها على الجيل الجديد المحملة بالمشاكل المجتمعية أمام مرأى ومسمع الجيلين القديم والأوسط متشبها بالسفينة مشرفها ومالكها الجيل الأول القديم وقائدها وربانها الجيل الوسطي الذي يعاني ويكابد في الثبات على بوصلة المسير نحو الأمام ومواكبة الحياة لإيصال ركابها الذين لا يبالون لما حولهم من الأمواج العاتية في بحر لجي غير مدركي نهايته وهم في غفلة مما يجري لهم ومن حولهم من الضياع للمستقبل المجهول الذي ينتظرهم عند مرسى الحياة الصعبة المليئة بالمفاجئات وأن هذا الجيل (الجيل الحاضر) وقع ضحية المشروع الماسوني العالمي وبرامج الشيطان الذي أعدته القوى الغربية لتدمير الشعوب وضرب مجتمعاتها والأسرة بالخصوص حيث استطاعت هذه الدول من السيطرة على فكره وعقيدته وأخلاقه بأساليب شيطانية متقنة ومدروسة صرفت عليها أموالا طائلة وجهدا في سبيل تحقيق أهدافها فكان لها ما أرادت وحصدت ما زرعت منذ سنوات طويلة من خلال ما نرى من تخبط وإلحاد وممارسات بعيدة عن الدين والقيم والعقيدة والأخلاق في صفوف الشباب بالذات كونه هو المحرك لعجلة الحياة والعائلة والابتعاد عن نصح وعقلانية وتجربة الجيل القديم وكذلك غياب التوافق وعدم قدرة للجيل الوسطي من التأثير في الأسرة   فقل ما نجد توافقا بينهما على صعيد التربية والتعليم حين أصبح الجيل الأول لا حول ولا قوة له إلا النصح الذي لا يجدي نفعا في أطار المتغيرات الجديدة التي طالت المجتمع الذي ركب موجة العصر الحاضر بكل سلبياته وأمراضه وصعوباته بدون دراسة ودراية ما هو الصحيح والغير صحيح جيل لا يقرأ ولا يستمع لا يعلم ولا يتعلم في تيه فرضه عليه قادة المشاريع العدوانية الشيطانية في العالم حيث نرى ضياع الجيل الجديد من أيدينا وانقطاع الحبل الممتد بين هذه الأجيال الثلاثة فالقادم خطير جدا أذا لم نتدارك الأمر في المستقبل.

***

ضياء محسن الاسدي 

في المثقف اليوم