أقلام حرة

أقلام حرة

مشهد يراه العراقيون منذ تأسيس مجلس من يُطلق عليهم الممثلين عنهم -كما يفترض- من دون إحداث تغييرات، وإن حدثت فهي للأسوأ، في الوقت الذي تُطرح فيه أسئلة كثيرة تنتظر الإجابة وتتعلق عليها مصائر الملايين، لعل رؤوس الأقلام أدناه تكشف شيئا مما يراه العراقيون في مجلسهم:

- مجاميع من شخصيات تتصارع فيما بينها، وتتبادل الأدوار بحرفية عالية تفوق نجوم هوليود، من أجل تمرير ما يحلو لها او لآخرين من قرارات ومشاريع قوانين.

- نمطية ثابتة يتعنت بها النواب منذ جلوسهم تحت قبة مجلسهم حتى لحظة إعداد هذا المقال، تطغى عليها سمات اولها النرجسية، ثانيها الأنانية والذاتوية، ثالثها الوصولية بصرف النظر عن حجم الثمن المدفوع، رابعها اتباع مبدأ: أنا وليكن الطوفان من بعدي.

- مطمطة وسفسطة و(طول خلك) بما لا يعود بالجدوى النفعية العامة ومصلحة البلاد.

- إسقاطات وإيقاعات متبادلة بشكل مطرد، واتهامات وخصومات تتطور فتصبح صراعات ومنابزات، هي الأخرى تتطور فتتخذ من الأيادي او الملبوسات بأنواعها أداة للتفاهم وإثبات الحق، حيث تنعدم أدوات الإثبات المعهودة.

- تمشية وقت او في حقيقة الأمر مضيعة وقت، لا تلبث ان تنتهي بإعلان تأجيل الجلسة، يوما او يومين، ولطالما تمدد التأجيل الى أسبوع أو أكثر، وغالبا ما يُختلق سبب ليكون التأجيل مدة أطول.

- في نهاية المطاف الطويل جدا، يتم الإعلان عن إجازة تشريعية، ثلاثين يوما او أكثر.

- سكون وهدوء تمر به القوانين والمشاريع والقراءات في رفوفها، فتنام تحت تراب التراكمات السابقة، الى دورة ثانية لن تكون إلا توأم الأولى.

  هو سبات تعود عليه العراقيون، لكثير من القرارات، لاسيما تلك التي من شأنها رفع مستوى معيشة الفرد العراقي. وبرلماننا باق على موبقات نوابه -ورؤسائه طبعا- منذ ولادته، متلكئا في سن القوانين وإقرارها، تحت سقف زمني معقول او نصف معقول او حتى مجنون، إذ يدخل مشروع القرار بوابة مجلس النواب، ليصطف في طابور أفعواني، مع سابقاته من مشاريع القرارات التي بدورها قلّبتها القراءات بين أولى وثانية وثالثة، وكذلك التأجيلات بين فصل تشريعي وثانٍ وثالث.

  وقطعا بين تأجيل وتأجيل هناك محارق داخلية تغذيها أذرع أخطبوطية خارجية، وبذات الوقت هناك طبخات على نيران هادئة تنضج في مكانات عديدة من البلد، منها في الاقليم وأخرى في الغربية وثالثة في الجنوبية، ورابعة كركوكية وخامسة من كل فج عميق، فيما تستمر تصريحات النواب وتعليقاتهم، وهي توهم السامع والرائي والقارئ، أنهم غاية في المثالية والروح العالية في تحمل المسؤولية، فيما هم في حقيقتهم أبعد من الالتزام والانضباط بعد المريخ عن الزعفرانية.

  ولا يخفي أن رئاسة مجلس نوابنا، كانت قد دعت قبل سنوات أعضاء المجلس، الى الالتزام بالدوام والمواظبة على حضور جلساته، وأبلغتهم بانها ستقوم بفرض غرامات على المتغيبين منهم. والسؤال هنا: هل نفذت هذه الآلية بشكل صارم او سطحي او حتى (جفيان شر ملّه عليوي) بشكل او بآخر، بحق عضو متغيب او متأخر عن جلسات المجلس؟ هم يحضرون لإكمال النصاب اذا كان الأمر يهمهم او يهم أسيادهم، وليتهم كانوا قد حضروا (لسواد عيون العراقيين).

  على هذا المنوال تحول مجلس النواب من سلطة تشريعية، الى قوة معارضة للسلطتين التنفيذية والقضائية، فضلا عن معارضته إرادة الشعب ومصالح البلد، فخاب ظن الأخيرين به وتجسد فيهم مثلنا: (ردناك عون طلعت فرعون).

***

علي علي

القراءة المتأنية للتأريخ تطرح أسئلة وتثير مسائل تستحق النظر، فلا يُعقل أن العرب لم يدوّنوا على مدى (119) سنة بعد وفاة النبي، وهو الذي كان له كتّاب وحي، ودعى إلى تعليم المسلمين القراءة والكتابة عقب معركة بدر كفدية أسر.

ومن المعروف أن وثيقة المدينة كانت مدونة، وكذلك صلح الحديبية وغيرها من المواثيق والعهود، وفي القرآن الكريم نصوص تحث على التدوين.

وهناك مَن يذكر بأن السيرة النبوية قد تم تدوينها بالكامل في زمن عثمان بن عفان، ومعظم الصحابة كانوا يقرأون ويكتبون.

وهل أن علي بن أبي طالب لم يدوّن، وكذلك الحسن والحسين، وعدد من أعقابهم؟

المسألة تثير أسئلة وشكوك، ولا بد من فهمها.

العرب دوّنوا!!

فأين ذهبت مدونات العرب منذ الهجرة وحتى سنة (132) هجرية، عندما إنطلقت الدولة العباسية وبدأ عصر التدوين الحقيقي؟

يجب أن لا نغفل ما ورد عن وقعة الحرة (63) هجرية، التي قضت فيها جيوش يزيد بن معاوية (60 -64) هجرية، على الكثير من الصحابة في المدينة، وهم من أنصار علي بن أبي طالب المخلصين، والذين كانوا يريدون خلافته وقيادته.

تلك المأساة التي فتك فيها المسلمون بالمسلمين صحابة وأبناء وبنات صحابة، لابد من تسويغها ودفنها في غياهب النسيان أو محوها من ذاكرة المسلمين.

ويبدو أن معظم المدوّنات كانت بواسطة الأنصار، مما دفع الأمويين إلى حرق التي تتحدث عن الأنصار وقيمتهم التفاعلية مع الرسالة المحمدية، وقد فعلوا بهم ما فعلوه من النكبات والآثام، حتى إغتصبوا نساءهم وبناتهم، وما بقيت فيهم فتاة باكر، كما تذكر المدونات، والعهدة على مَن كتب.

هذه حادثة لازلنا نحاول طمرها، وننفي دورها في محق المدونات التي بلغت ذروتها في زمن الخليفة عثمان بن عفان، ولا يمكن القول بعدم وجود مدونات قبله وبعده.

فالأموييون قد كتبوا التأريخ على مقاساتهم لتأمين وتسويغ سلطتهم التي ربما يرفضها الكثيرون، ولهذا نشبت الحروب الداخلية القاسية بين المسلمين، ومن أجل الكرسي محقوا الكثير من الدلائل والوثائق والشواهد والمعالم التي تدينهم، لجعل سلطتهم قدر وبتفويض إلهي.

فالواقع تعرض لمسيرة محق على مدى قرن أو يزيد، وهذا ربما يفسر لماذا لا توجد مدونات في زمن معاوية الذي إستمر في الحكم لأربعة عقود.

ويبدو أن العباسيين حاولوا أن ينقذوا ما ينقذوه من المحفوظ شفاهيا فإنطلقت حركة التدوين التي بين أيدينا معظم مصادرها، ولا يوجد مصدر معتمد مكتوب في الزمن الأموي، فكان المدون على مقاساة الدولة الجديدة.

وكأنهم جعلوا القرآن المدوّن الوحيد لا غيره.

فهل أن الذي وردنا من الغابرين ينطق بلسان الحقيقة والدين، أم للكراسي مخلص أمين؟!!

***

د. صادق السامرائي

نختلف مع حماس او نتفق معها، لكنها تظل الشوكة التي تدمي العدو بشكل مستمر، استطاعت توظيف بعض اموال المساعدات الانسانية في خلق كوادر قتالية، وان تقوم بتصنيع بعض الاسلحة التي اثبت فاعليتها (صواريخ وطيران مسيّر)، بينما الدول العربية مجتمعة ذات الدخول المرتفعة جدا، لم تقم بذلك وهي ترفع شكليا في كافة محافلها شعار فلسطين قضيتنا الاولى، بعضها لاتزال اراضيها محتلة على هيئة اتفاقيات استغلال او استثمار!.

قطاع صغير لا تتجاوز مساحته 360 كيلومترا مربعا فقط وألفا مقاتل لا غير، يُشغلون العالم الحر المتمدن ويدفعون الشرق والغرب للاستنفار، عدد مقاتلي حماس والجهاد وغيرها بالقطاع لا يتجاوزون الخمسين الف، هناك نقص في الاسلحة والعتاد وليس نقص في الرجال. هل هناك قوة عظمى إلا وتحركت وارتعبت لما يفعله هذا القطاع الصغير وهذه الفئة المؤمنة بحقها في العيش على ارض الاباء والاجداد؟.

طائرات أمريكية من نوع c17 تهبط بالأراضي المحتلة من أجل تزويد العدو بالذخيرة، وكأن جيش العدو عنده مشكلة ذخيرة ؟ أ لم تشتري منه الدول العربية المطبعة معه اسلحة مختلفة وذخائر؟، أكبر حاملة طائرات تدخل السواحل المقابلة لفلسطين ولبنان من أجل الرد على حماس، حماس ترعب واشنطن!، كم انت عظيمة ايتها الفصائل التي تسطرين بدماء ابنائك افضل الصفحات .

أبناء غزة بالأمس واليوم محتاجون الغذاء والدواء والماء بعد ان قطع العدو عنهم الكهرباء والماء وتدمير معبر رفح انتقاما، يجري ذلك على مرأى ومسمع من العالم، ومصر العربية لم تقم بإدخال أي نوع من المعونات الانسانية. الرئيس التركي الذي يدعي الامامة على المسلمين يقدم التعازي لكيان العدو في قتلاه !. ماذا يحضر للمنطقة من سيناريوهات ؟.

لعنة العقد الثامن لدى اليهود، دولتا سليمان وداوود لم تصمدا اكثر من ثمانية عقود وبالتالي يعتقد هؤلاء بمن فيهم الساسة ان دولتهم الحالية لن تتعدى العام 2028 م، ربما هذا الاعتقاد ايضا تأخذ به حماس والفصائل المسلحة ومن يساندهم، لذلك يسعون الى العمل بكافة الطرق لتحقيق ذلك.

المجتمع الدولي في احسن الاحوال يسوي بين الضحية والجلاد، الفلسطينيون وعلى مدى 7عقود يعيشون حياة الذل والهوان، يتلقون معونات الامم المتحدة التي لا تسمن ولا تغني من جوع تلاحقهم النكبات، ناهيك عن الذين في الشتات الذين لا يسمح لهم بالعودة الى ديارهم التي طردوا منها، يفرغون فلسطين من سكانها لاستقدام الصهاينة من كل اصقاع الارض ارض الميعاد المزعوم، ويحاولون ازالة الانتماء للأرض الفلسطينية من عقول المهجرين.

يبقى القول بان غزة تدرك جيدا تعاطف الجماهير العربية التي خرجت للشوارع بمختلف العواصم العربية تأييدا لكفاح حماس ضد الاحتلال منددة بالمواقف الخجولة لحكامها المتغطون بلحاف الغرب، غزة اكبر من كل الحكام العرب ونهجهم الاستسلامي، الزعماء العرب كعادتهم شجب واستنكار وادانة لان غالبيتهم وببساطة يخافون سقوط عروشهم ان غضبت عليهم امريكا، الوطن العربي المخذول بساسته لا يمثل غزة. وستظل غزة عصية بمقاتليها على الاعداء مهما بلغ جبروتهم، والنصر سيكون حليفا للشعوب التي تريد العيش بكرامة.

***

ميلاد عمر المزوغي

الفِتنة: الوقوع في المكروه.. و"الفتنة أشد من القتل"، والفتّان: الشيطان.

والمقصود بالعنوان الإعلام المشغول بنشر الفرقة والتباغض بين أبناء الوطن الواحد، لتأمين أجندات الطامعين فيه.

ما أن ألقت عصاها الديمقراطية في ديارنا، كبضاعة مستوردة شأنها كغيرها من الوافد إلينا على أنه جديد ويصلح لتأمين حياتنا الحرة السعيدة، حتى إنتشرت محطات التلفزة والصحف والمواقع بأنواعها، وتجد بلدا صغيرا من بلدان الأمة اصبح فيه عشرات المحطات التلفازية والإذاعية، ولكل منها هدفه ومشروعه الذي يخدم مصالح القائمين عليه والممولين والمستفيدين منه.

ولا يوجد في الدنيا وباء إعلامي كهذا، فأكبر الدول وأقواها فيها محطات تلفازية وإعلامية ذات توجهات ما، وجميعها تتحرك ضمن أطر متفق عليها لا يجوز تخطيها، ومنها السيادة الوطنية، واللحمة المجتمعية، والغيرة المطلقة على مصالح الوطن بأنواعها، وحقوق المواطنين الأساسية.

ومحطات التلفزة المنتشرة في بعض الدول الخديجة ديمقراطيا، لا تلتزم برؤية مشتركة، وكل منها يغني على ليلاها، ويزيدها علة وتعضيلا، ولا يُعرف مصادر تمويلة وادوات تسويقه، وما تمثله السعي للتفرقة ونشر أسباب التشاحن والبغضاء والكراهية والعدوان بين أبناء الشعب الواحد.

وبعضها طائفية مذهبية تكفيرية تدميرية للوجود الوطني والإنساني.

الإعلام القويم يجب أن يكون نزيها يقدم الحقيقة ويستعمل الكلمة الطيبة وينأى عن الكلام الخبيث، والولوع في الأخطال وتنمية الإغفال عند الناس، وتخديرهم بالأضاليل وبمنطلقات البهتان ورموزه الأخشال.

الإعلام قناديل أنوار ومشاعل أفكار، لا وسيلة لإذكاء النار وتأجيج ما خمد من النيران.

فلماذا إعلام ديمقراطياتنا، يستدعي الأخطار، ويطفئ الأنوار، ويلعن الأحرار، ويبارك الفساد والدمار؟

هل أن في الخراب فوائد لتجار الكراسي والدين؟

هل أن الإعلام من وسائل الحرق بالنار؟

قل ما شئت فالقيم والأخلاق والمعايير والمبادئ في دروب الإنهيار!!

فأين الإعلام المَنار؟!!

***

د. صادق السامرائي

المساواة بين الضحية والجلاد، من قبل امريكا، الدولة العظمى؛ لهو اكبر ظلم وتجني على حقائق الواقع الموضوعي؛ في تبيض وجه الظالم والمستبد والمجرم والعنصري. بل ان الأفظع من هذا؛ هو الدعم الكامل وبالمطلق لقوة الجلاد الاسرائيلي، بصورة معلنة وبلا ادنى مواربة او خجل من العالم كل العالم الذي يدعي العدل والتحضر والمدنية؛ هو يرى بأم عينيه ما تقوم به دولة الاحتلال الاسرائيلي من مذابح بحق المدنيين من اطفال ونساء وشيوخ، وهدم منازلهم على رؤوسهم، قل نضير لها في كل حقب التاريخ الانساني، بما فيها عصور الظلام. في المؤتمر الصحفي بين وزير خارجية امريكا مع نضيره الاسرائيلي في تل ابيب في ختام زيارة الأول لإسرائيل؛ قال التالي بالمعنى الكامل وعلى شكل نقاط مختصرة: - أنا يهودي ومن الصعب عليً ان ارى اطفال ونساء يذبحون. – سندعم اسرائيل بكل قوة، وسنكون الظهير لها. – اسرائيل بدأت تعتمد على نفسها بشكل كبير. – سوف نعمل على ايجاد البديل للإرهاب وحماس.- حماس لا يهمها مصالح الشعب الفلسطيني. -  34دولة في العالم تم قتل رعاياها بعدوان حماس. قتل 25مواطنا امريكا في عدوان حماس.- نشر اكبر حاملة طائرات في سواحل شرق البحر الابيض المتوسط دعما لإسرائيل. – حركة حماس هي داعش اخرى. – سنعمل مع اسرائيل في تحرير الرهائن.- اشيد بتضامن الاسرائيليين ووحدتهم. – الكونغرس متحدون في تقديم جميع اشكال وانواع الدعم لإسرائيل. ان المقاومة الفلسطينية سواء في غزة او في الضفة الغربية؛ تمثل تمثيلا تاما الشعب الفلسطيني وتطلعاته في قيام دولة تمثله. وعلى هذا الاساس والمنطلق لا يمكن تحت اي تصور او تحت اي توصيف؛ اعتبار ما تقوم به المقاومة هو ارهاب، بل ان الارهاب بعينه هو ما تقوم به دولة الاحتلال الاسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني من قتل وارعاب وهدم المنازل على رؤوس ساكنيها. كما ان الارهاب هو دعم دولة الاحتلال الاسرائيلي ماليا وعسكريا، وتوفير مظلة دولية لحمايتها من اية ملاحقة دولية لجرائمها. ان هذه الحماية هي التي ساعدتها او شجعتها ودفعتها الى التنصل عن الالتزام بالقرارات الدولية ذات الصلة؛ التي تقضي، بالانسحاب الاسرائيلي من الارضي الفلسطينية التي احتلتها في حزيران تعام 1967، واقامة دولة فلسطين المستقلة وذات السيادة الكاملة عليها. هذا هو الارهاب سواء من اسرائيل او من امريكا التي توفر الدعم للإرهاب الصهيوني على الشعب الفلسطيني على مدار اكثر من ثلاثة ارباع القرن. المقاومة الفلسطينية هي من تمثل تمثيلا تاما الشعب الفلسطيني، سواء في قطاع غزة او في الضفة الغربية، او في كل مكان في العالم يناضل فيه الفلسطينيون نضالا شرسا وداميا من اجل حقهم في الحياة ولا اي شيء اخر غير حق الحياة الذي نصت عليه جميع قرارات الامم المتحدة ومجلس الامن التابع لها، كما نصت عليها؛ لائحة حقوق الانسان الصادرة في عام 1948. ان عدم قيام الدول العظمى وفي مقدمتها امريكا بإجبار اسرائيل على تنفيذ القرارات الاممية هو الارهاب بتمامه وكماله، مترجما واقعيا على الارض؛ بدعم الاحتلال، وبدعم سفكه لدماء العزل من النساء والاطفال ووضعهم في منعزلات وخوانق لا تتسع للحياة والسكن؛ حتى يتم لها اي دولة الاحتلال الاسرائيلي؛ قضم ارضهم واقامة المستوطنات عليها. كثيرا ما يجري التعويل على الادارة الامريكية الديمقراطية، على اساس كونها تختلف عن الادارة الجمهورية لجهة دعمها لدولة الاحتلال الاسرائيلي؛ وهذا هو الخطأ الكبير، بل انه من اكبر الاخطاء؛ لأن المجهورين والديمقراطيين؛ وجهان لعملة واحدة؛ وهذا هو ما ظهر الآن واضحا كل الوضوح. امريكا الديمقراطيين تدعم الآن وبكل ما لديها من سلاح وقوة وقدرة على تقديمها لإسرائيل على جناح السرعة، اضافة الى تهديد جوار اسرائيل سواء دول الطوق او القريب من دول الطوق او الابعد قليلا من القريبة؛ ان تم اغراءهم وتدخلوا في منع محارق الابادة الامريكية الاسرائيلية، بحق الشعب الفلسطيني، أو الحد من تأثيراتها، او قلب المشهد وقواعد الاشتباك، وهذا هو الاكثر ترجيحا لجهة الواقع الفعلي على الارض؛ بمفاعليه. ان الشعب الفلسطيني؛ لا يريد منهم، الامريكيين والاسرائيليين؛ الا اعترافهم واقرارهم بحقه في الحياة الامنة والمستقرة والتي يسود فيها السلام والوجود الحي له كشعب يعشق ويتعز بارضه ووجوده عليها. لكن الامريكيين والاسرائيليين يريدون من هذا الشعب ان يغادر ارضه، او ان يكون تابعا لهم ومطيعا لهم، على رقعة ارض من ارضه هم من يقرروا مساحتها، او اين تكون هذه المساحة من الارض؛ كي يتم توسيع دولة الاحتلال الاسرائيلي على حساب ارضهم وتاريخهم ووجودهم. ان هذه الاتجاهات في مخارج الحلول؛ يرفضها الشعب الفلسطيني رفضا قاطعا، ليس الآن فقط، بل في جميع مراحل التسويات السابقة، التي لم تصل الى اية نتيجة لتصطدامها بجدار الرفض القاطع الفلسطيني، سواء من المقاومة او من غيرها، من الذين لازالوا ربما؛ يعولون على المفاوضات مع هذا الكيان المسخ والمجرم، وعلى الضغط الامريكي خلال اكثر من ثلاثين سنة؛ بالاعتماد واهمون؛ على النضال السياسي الدبلوماسي في إجبار المحتل الاسرائيلي على التسليم او الرحيل عن ما تبقى من ارضهم. ان الدعم الامريكي لدولة الاحتلال الاسرائيلي في قيامها كما يقول مسؤولوها؛ بالتوغل في غزة في المقبل من الايام؛ للقضاء على قيادات حركة حماس وبقية قادة منظمات المقاومة في غزة وفي غيرها؛ سوف تفشل فشلا وواضحا وبينا. وكي يتم تخويف الدول والشعوب؛ حتى تبتعد عن المنازلة المحتدمة الآن في غزة بين الباطل والذي تمثله امريكا واسرائيل وبين الحق الذي تمثله المقاومة الفلسطينية، حتى لا تتسع وتتمدد نيران هذه المنازلة التاريخية، او هذه الملحمة الفلسطينية التاريخية؛ تم ويتم ضخ الاسلحة الفتاكة والمتقدمة لجيش دولة الاحتلال الاسرائيلي، ونشر اكبر حاملة طائرات في السواحل الاسرائيلية، مع التصريحات والتهديدات الامريكية للدول والشعوب بتجنب التدخل في المعارك او ان الاصح والاكثر واقعية؛ التدخل في الحد او منع اتساع هذه المحرقة بأعمال ضدية وفي مكان اخر. ان تصريح وزير خارجية امريكا في المؤتمر الصحفي سابق الاشارة له في هذه السطور المتواضعة؛ ان امريكا سوف تعمل مع اسرائيل لتحرير الرهائن، وان هناك 25من الامريكيين الذي قتلوا في عدوان غزة على دولة (اسرائيل المسالمة؟!)، بالإضافة الى رعايا دول اخرى قتلوا ايضا(34دولة)، وان هناك رهائن امريكيين ومن جنسيات اخرى لدى حماس. ان تصريح وزير خارجية امريكا هذا؛ الغرض منه؛ هو تبرير التدخل الامريكي والدعم الغربي لدولة الاحتلال الاسرائيلي؛ لأن الدول التي يقصدها الوزير الامريكي هي في الاغلب دول غربية، وايضا؛ ابراز هذا الدعم وكأنه دعما للسلام وحياة الناس الابرياء، وتصوير امريكا وكأنها داعية عدل وسلام وحريصة على حياة البشر. اعتقد وبدرجة اعتقاد كبيرة جدا؛ ان هؤلاء الامريكيون؛ يحملون الجنسية الاسرائيلية والامريكية معا، وهم في غلاف غزة من سكان المستوطنات على الاغلب. مع وصول وزير خارجية امريكا الى تل ابيب وصلت ايضا في تزامن؛ قوات الدلتا، وهي قوات نخبة؛ لغرض العمل مع جنود الاحتلال الاسرائيلي على تحرير الرهائن من داخل قطاع غزة بعد اقتحامه. ان هذه العملية من الصعوبة؛ ان تتم من دون تغطية فعالة على الارض ومن الجو وبالذات على الارض؛ اي ان جيش دولة الاحتلال الاسرائيلي سوف في المقبل من الايام؛ تتوغل قواته في قطاع غزة. لكن السؤال المهم هنا؛ هو هل تنجح اسرائيل في عملها الوحشي هذا؟ من وجهة النظر المتواضعة، ربما كبيرة جدا؛ لن تنجح وحتى لو نجحت فسوف يكون نجاحا جزئيا، اي لا تتمكن من الوصول الى جميع مكامن الاسرى الاسرائيليين، وهم في انفاق تحت الارض، مع المقاومة التي سوف تكون شرسة جدا، وقاسية. قوات النخبة، قوات الدلتا الامريكية سبق لها وان قامت او حاولت تحرير الرهائن في السفارة الامريكية في طهران في سنة 1980لكنهم قتلوا جميعهم في صحراء ايران، فقد جرفتهم عاصفة، من غير ان يتمكنوا حتى من الوصول الى طهران العاصمة. قوات الدلتا وجيش الاحتلال الاسرائيلي، حتى لو تمكنا من الدخول الى القطاع، فانهما، لم ولا ولن يتمكنا من الوصول الى اقفاص الاسرى، والتي هي حتما في انفاق تحت الارض. ان كلا من اسرائيل وامريكا على ما يظهر من تصريحاتهم اولا ومن الاجراءات التي اتخذتها الحكومة الاسرائيلية العنصرية والمجرمة، بدعم امريكي غير محدود لكل هذا الاجرام؛ سعيهما؛ تصفية قيادات المقاومة الفلسطينية، اي نهاء حكم وسيطرة المقاومة الفلسطينية على غزة، وهو لم ولا ولن يتم لهما هذا المسعى بنجاح على الارض. فان هذه الاستراتيجية مصيرها ليس الفشل فقط، بل انها سوف تكون كارثة على دولة الاحتلال الاسرائيلي. حتى وان افتراضا جزافا؛ لو تم لهما هذا المخطط؛ فان العملية برمتها سوف تكون اثمانها باهظة جدا على الكيان الاسرائيلي، كما انها سوف تدفع الى توحد ساحات المقاومة الفلسطينية ليس في غزة فقط، بل في جميع بقاع الارض الفلسطينية المحتلة؛ باشتداد اتون المقاومة وعلى جميع ساحات المواجهة مع هذا الكيان المجرم والعنصري. هذا من جانب اما من الجانب الثاني؛ فان الضفة الغربية سوف لا محال تنتفض جهاديا ضد قوات الاحتلال الاسرائيلي وضد كل من يعاونها او يحد من توسعة المقاومة لهذه الدولة المحتلة لأرضه. في خضم هذه الملحمة التاريخية وحين تتسع اوراها ويشتد لهيب معاركها، اكثر مما هي ملتهبة الآن كما اتون النار؛ سوف بحكم الضرورة الملزمة ميدانيا؛ ان تقود الى دخول جبهة الشمال الى اوراها وبقوة. هنا تكون دولة الاحتلال الاسرائيلي قد اخطأت التقييم لقوة واستعداد اطرف المقاومة سواء كانت فلسطينية او عربية. في الختام اقول؛ ان النصر حتما سوف يكون لراية المقاومة، وبالتالي هي من سوف تفرض شروطها، تجبر ليس اسرائيل وامريكا فقط، بل كل العالم؛ لأن الواقع الجديد سوف يجعل كل شيء خاضع للتغير والرؤية الجديدة؛ في البحث عن مخارج للصراع العربي الاسرائيلي..

***

مزهر جبر الساعدي

عندما خلق الله جلَّ وعلا الإنسان، خلقه في أحسن تقويم (ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم)، وذلك بتكريمه بالعقل والأدراك، فحثَّ الله الإنسان على استخدام العقل في قوله تعالى (أفلا يعقلون) و (إنَّ في ذلك لآياتِ لقوم يتفكرون)، ومما تميز به الإنسان عن الحيوان هو النطق، ومن المعروف ان النطق هو الكلام الذي يراد به التعبير عن شئ ما، للتفاههم. ومن هذا المفهوم اطلق أرسطو على الإنسان (حيوان ناطق).

نعم النطق هو ميزة مهمة، ولكن ليس النطق هو الدليل القاطع الذي يُستدل به على الإنسان، أو ما يمّيز الإنسان عن الحيوان، بل يذهب الاديب المصري المعروف توفيق الحكيم الى ابعد من ذلك وهو العقل الذي هو أسمى الميزات، ولكنه أيضا لا يعتبره الميزة الأسمى للإنسان بـ (قوله.. ليس العقل ما يميّز الإنسان عن الحيوان، ولكن الضمير)، وكذلك يقول فريدريك نيتشه (لقد اعترضتني من المخاطر بين الناس ما لم أجد مثلها بين الحيوانات). فلربما هذا الذي ينطق، ونطلق عليه بالإنسان هو أخطر من الوحوش المفترسه.

إذن الميزة الأهم التي يسمو بها الإنسان عن كل الموجودات التي لا يمكن ان تميّز بها بين الإنسان والحيوان، لا بل شخص و آخر في الحالة الطبيعية، لأن هذه الميزة الأسمى لا يمكن رؤيتها بالعين، إلاّ في المواقف التي تصطدم بالحس الإنساني السليم، هذا الحس الذي يُعتبر العمود الفقري لهيكلة الكيان البشري، والطاقة الفعالة في ديمومة الحياة الإنسانية الخلاقة.

فالذي اراده توفيق الحكيم وكذلك فريديرك نيتشه من قوليهما هو (الضمير)

ومَنْ ليس في كيانه ضمير، لا يمكن أن يُطلق عليه صفة إنسان.

ومن كل هذا الذي تناولته، ولو بشئ من الأيجاز، أردت منه تبيان ما نراه من صمت مطبق أمام أبشع جرائم تُرتكب بحق شعب أعزل من قِبَل الصهاينة الأوغاد، ومن ورائهم قوى الشر العالمي وعلى رأسهم الشيطان الأكبر أمريكا.

فالسؤال هنا: ما معنى سكوت حكام الأمة العربية والأسلامية، وهم لا يحرّكون ساكنا ؟!

في الوقت الذي يرون فيه الجرائم والقتل الجماعي اليومي للنساء والاطفال والشيوخ والعجزه، ويسمعون صرخات المناشدة وطلب يد العون والمساعدة، وليس من جواب..!

ولكن حقّا، كما قيل (مَنْ أستُغضبَ ولم يغضب فهو حمار).

فانظروا لهذا الأوربي الذي لا صلة ولا علاقة له بديننا ولا بعروبتنا، ولكن نراه يشتعل غضبا على ما يراه الأن من جرائم بربرية وما رأى من جرائم من قبل بحق الشعب الفلسطيني المضيّع والمكبل والمحاصر، والذي ترونه في الفيديو هو نائب في البرلمان الايرلندي، وليس إنسانا عاديا.

وأحيانا نرى بعض الحيوانات لا تتخلى عن فصيلتها عندما تتعرض للخطر، فتدافع عنهم بكل ما تمتلك من قوة وبشكل مستميت، أما ما نراه اليوم للاسف

ليس بالشئ المؤلم فقط.. وبحجم هذا الألم، هو الخزي والعار في كل الاعراف الأجتماعية المتعارف عليها في المجتمع البشري قديما وحاضرا..!

ولقد صدق الشاعر بشار بن برد حين قال:

(لَقَد أَسمَعتَ لَو نادَيتَ حَيّاً

وَلَكِن لا حَياةَ لِمَن تُنادي)

***

الدكتور ابراهيم الخزعلي

13/10/2023

..................

https://vm.tiktok.com/ZMjQaEaCP/

https://vm.tiktok.com/ZMjQp7Ae8/

هل نظرية حفظ المسافات في العلاقات العربية العربية، تشبة حيوان القنفذ، عندما يشعر حيوان القنفذ بالبرد يبدأ بالبحث عن إخوانه لكي يلتصق بهم حتى يشعر بالدفء. المشكله أنّ الشوك الذي على جسم القنفذ يجعل عملية تقاربه مع أبناء جنسه صعبه ومؤلمة، نظراً لأنهم كلّما تقرّبوا من بعضهم فإن الشوك الذي على أجسامهم يؤذيهم، فيقرّرون الإبتعاد عن بعضهم، ثم يشعرون بالبرد فيقتربون مرة أخرى وهكذا. .

في سنة 1851 تأمّل الفيلسوف الألماني "شوبنهاور" في موقف حيوان القنفذ هذا واعتبرها واحدة من معضلات الإنسان الإجتماعية النفسية، وسماها: (مُعضلة القنفذ،  "شوبنهاور" تكلّم أن الإنسان الوحيد يشعر باحتياج شديد لأن يقترب من الناس ويتفاعل معهم، وأنّ الوحدة تبقى قاسية جداً ومؤلمة بالنسبة للإنسان الطبيعي (مثل البرد بالنسبة للقنفذ)، فيقرّر أن يفعل مثل القنفذ ويبحث عن أبناء جنسه ويلتصق بهم من أجل الدفء النفسي.

المشكلة أن التصاقه وقربه هذا لن يكون مصدر سعادة وراحة له على طول الوقت، وإنما العكس، مصدر ألم وتعب (لنفسه ولأقرانه)، وهنا تتولّد مشاعر سلبية كثيرة مثل الضغط النفسي والإحراج والفراق وغيرها. ومثلما يكون القنفذ مجبراً على إيذاء أقرانه، ذات القضيه مع الإنسان العربي (لن يتعمّد جرح أحد) وإنما هي الطبيعة البشرية ولكل منّا أشواكه. . . !!

نظرياً، فإن القنفذ وجد حلاً لهذه القضية، واستحدث طريقة بسيطة ناجحة، وهي عملية سماها الفيلسوف شوبنهار (المسافة الآمنة)، فاستطاع القنفذ أن يختار مسافة معينة من السلامة، مسافة تضمن له الدفء الكافي، وفي نفس الوقت أقل درجة ممكنة من الألم.

المسافات في العلاقات العربية بعد الحرب العالمية الثانية، وظهور صراع الحرب الباردة، قسم العرب الي مسافات بعيدة للتقارب في أوقات الأزمات والنكبات العربية كنا مثل حيوان القنفذ نحتاج للدفء والاقتراب ولكن الشوك يبعدنا مسافات، والدليل علي ذلك الوضع الراهن سياق حرب وجرائم الابادة والتجويع التى ترتكبها (اسرائيل) الآن فى غزة، حصار وأكبر سجن سوف يكتب في التاريخ، ، بدعم امريكى/ اوروبى وصمت عربى رسمى، هل يستطيع العرب أن يخرجوا ببيان بقطع البترول. . والغاز. . !!، ووقف أي تمويل للسفن في البحر المتوسط، وإغلاق القواعد الأمريكية في ديار العرب. . ؟!، هل تستطيع الدول العربية كما وافقت من قبل علي حظر الطيران العراقي في شمال العراق ومن قبل حصار القذافي جوا أن يصدره بيان بحظر الطيران الإسرائيلي من فوق غزة. . ؟ بالطبع لاأحد للانها خطوة مهينة كاشفة ومؤكدة للسيادة العربية “المجروحة" منذ اتفاقيات (كامب ديفيد، واسلو. ومدريد. والتطبيع وفتح علاقات دبلوماسية من المغرب حتي البحرين) ، إن العمل الذي قامت بة (اسرائيل) بقصف معبر رفح وتهديد الإدارة المصرية بأنها سوف تقصف اى سيارات تحمل مساعدات مصرية لغزة، وعليه قامت مصر بإغلاق المعبر وبإعادة قوافل المساعدات. الي مطار العريش، دليل علي نقص السيادة علي الأرض العربية وغياب التكامل والقرار العربي الواحد إذا أقدمت مصر علي خطوات أكثر، فالعرب في غياب تام، ولكن الوضع كشف سوء عورات الاتفاقيات العار من كامب ديفيد التي قيدت مصر في هذة المواقف.. الحرب كشفت لنا

بالكف الفورى عن مواصلة المشاركة فى هذا العدوان والحصار الاسرائيلى القاتل لغزة، والتحرر من “اتفاقية فيلادلفيا” الموقعة عام 2005 التى الزمت مصر بالقيام بمراقبة الحدود مع غزة امنيا لصالح (اسرائيل). والقيام بفتح معبر رفح فورا وذلك وفقا “لقرار واتفاق المعابر بين مصر وفلسطين” مستقل عن أى أطراف أخرى، اتفاق تحكمه المبادئ والقواعد التالية:

اتفاق متحرر من السيطرة الاسرائيلية والنفوذ الامريكى.

اتفاق متحرر من اتفاقيات كامب ديفيد، ومن" اتفاقية فيلادلفيا" التى اعطت السيادة الحقيقية على معبر رفح لاسرائيل.

اتفاق يهدف الى تحرير وتطبيع العلاقات المصرية الفلسطينية بعيدا عن (اسرائيل).

اتفاق يضع امن مصر فى الاعتبار وليس امن (إسرائيل).

اتفاق متحرر من الادعاءات الأمريكية الإسرائيلية بان الفلسطينيين هم مصدر الخطر والإرهاب.

اتفاق لا يعترف بشرعية الاحتلال للأراضى الفلسطينية ومن ضمنها غزة وبالتالى لا يعترف بشرعية التحكم والمراقبة الإسرائيلية للمعبر الفلسطينى.

اتفاق ينطلق من ان فلسطين قطر شقيق، وان (اسرائيل) لا تزال هى العدو والخطر.

اتفاق يسمح لنا فى مصر وفى البلاد العربية الأخرى بزيارة غزة بتأشيرة فلسطينية وليست إسرائيلية.

اتفاق لا يقيد حركة الأفراد والبضائع إلا فى حدود القانون.

اتفاق يلتزم بالقانون الدولى الذى يجرم ابادة الشعوب وحصارها وتجويعها.

اتفاق يسمح بدخول الواردات الى غزة ولا يقصر المعبر على الصادرات.

اتفاق يحرر الفلسطينيين من جحيم معبر (كرم أبو سالم)

اتفاق يعامل معبر رفح معاملة معبر السلوم، ولا نحلم فنقول معبر طابا. . !

إننا لا نطالب بفتح الحدود وإنما بتحرير المعبر من الارادة الاسرائيلية. كما طالب بذلك الزميل محمد سيف الدولة في مقالة في رأي اليوم. إنها مطالب بسيطة ومشروعة لا تحتاج إلا الى قدر من الإرادة الوطنية. ، هل نستطيع كعرب أن نتبنا موقفا واحدا رواية واحدة وقرارا واحدا في هذه الظروف العصيبة التي تمر بالأمة. . ام اننا مثل نظرية الفيلسوف شوبنهاور في تحليل العلاقات الإنسانية بين البشر وتمثيل ذلك بمعضلة بحيوان القنفذ!!

***

محمد سعد عبد اللطيف. كاتب مصري وباحث. .

الشهادة الفخرية هي شهادة بدون رسالة أو مناقشة وتعطى للشخص تقديرا لجهوده في مجالات معينة، منح درجة دكتوراه "شرفيّة" لشخصيات معينة كتعبير عن الشكر أو العرفان بالجميل أو الإنجازات العلمية أو الاجتماعية، وذلك حتى لو لم يكن الحائز عليها ذا تكوين أكاديمي. في ألمانيا مثلاً مُنح هذا اللقب لفرديناند بورشه، وفي مصر منحت لسوزان مبارك، ويمكن للشخص أن يحصل على أكثر من درجة دكتوراه واحدة. وكانت الشهادة الفخرية تمنح لشخصيات لم تتمكن من متابعة تحصيلها الاكاديمي الكلاسيكي، وتركت اثراً ونتاجاً أهم بكثير من عدد من الأطروحات بإعطائها هذه القيمة التي تستحق علمياً، إذ ان قيمة الإنسان العلمية ليست بلقب الدكتوراه الاكاديمي الذي يحصل عليه بل بنتاجه المعرفي والثقافي والسياسي والاقتصادي وبدوره في الحياة. لذا هي عملية تكريم للشخص والمؤسسة التربوية المانحة، معنوياً، والدكتوراه الفخرية هي مسألة تقدير واعتراف بالجهود والأعمال التي قدمها المكرّم أو سيقدمها للمجتمع أو لمؤسسات في المجتمع، منها المؤسسات التعليمية. كل ذلك كان من الماضي الجميل كما حصل مع العملاقين الراحلين نجيب محفوظ ومحمد عبد الوهاب

القانون يعترف بلقب الدكتوراه الفخرية، لكنها لا تمنح الا من خلال مؤسسات اكاديمية رصينة معترف بها لاشخاص اعتباريين، قدموا خدمات وتركوا بصمات في مجالات سياسية كانت ام اجتماعية ام علمية ام غيرها، ويمكن منحهم تلك الالقاب الفخرية، مع الاعتراف بانهم لا يمكن ان يمارسوا اي عمل تحت مظلة تلك الشهادة الفخرية، الا ان الشهادات الفخرية الحالية، هي للاسف شهادة عشوائية وخداع علمي - اجتماعي بامتياز، خداع مجتمعي بامتياز ولا يمكن السكوت عنه تحت اي ظرف ولا بد من تضافر كل الجهود لوقف عمل تلك المراكز والمؤسسات التي لا بد من مقاضاة اصحابها ومن يقبل ان يحصل على تلك الشهادات مقابل للاسف مبالغ من المال ايضا، حيث لا يمكننا مشابهة هذه الفئة لمن يحملون شهادات الدكتوراه الفعلية التي درسوا سنوات ليحصلوا على لقب باي تخصص يستحقونه بالفعل وهم رواد العملية الاكاديمية، لا يمكن باي حال مشابهتهم بتلك الفئة غير المشروعة.

وهنا لابد من الاشارة الى اني توقفت امام رفض الزعيم الكردي مسعود بارزاني منحه شهادة دكتوراة فخرية من جامعة دهوك، قائلا / أنا لست دكتوراً و لم أدخل الجامعة لحظة واحدة في حياتي، و هذا سيقلل من قيمة الجامعة ووسيقلل من قيمتي وسيفسر بشكل أخر، مضيفا انا زميل لكم ومستعد ان اكون حارسا لجامعتكم، ونرى في كلام البارزاني احترامه الراقي للعلم والعلماء رغم تفاديه بما يفعله سياسيو الصدفة من التهافت وراء الحصول على شهادات مزورة اطاحت بهم

في العراق، بعد الاحتلال 2003، تجد آلاف الأشخاص ممن يحمل هذه الشهادة والتي لا تُضيف لصاحبها سوى حرف الدال، الذي يقلل من شخصيته ولا يزيد عليها شيء، متمنين على الجميع ان يدركوا إن الإنسان ليس بشهادته المزيفة بل بأخلاقه وثقافته، متذمراً من كل شخص عراقي اشترى شهادته الفخرية من هذه المواقع، والتي تشبه المواقع الساقطة في غايتها، نعم هكذا تكون اللهجة مع الذين يحاولون إسقاط القيّم الخُلقية والمعرفية ويحاولون أن يُدمروا ما بقي عامراً في العراق،، وكم من مسؤول في الدولة العراقية تبوء منصب وزير ووكيل ومستشار ونائب ومدير وهو يتخفى بشهادة لا قيمة لها اشتراها من ماله الحرام، ليبقى متربعاً في منصبه يسرق وينهب من خيرات وثروات العراق دون حساب أو رقيب، والمصيبة الكبرى أن المانح لهذه الشهادات وخاصة الدكتوراه الفخرية لا يحمل أي شهادة علمية

وأخيراً وليس آخراً .. لو كان في العراق نظام حقيقي يحمي العِلم والعُلماء والمثقفين من هذا البلاء الخطير، فعليه أن يُلاحق ويُلقي القبض على جميع أصحاب الشهادات الوهمية المزيفة من دكتوراه وبروفيسور والتي كثرت في أيامنا بجميع مفاصل الدولة والمتزامنة مع تزايد الفساد الأخلاقي والمالي والديني.

***

نهاد الحديثي

في المرحلة الابتدائية، مطلع ستينيات القرن العشرين كنا ننشد قبل خروجنا من المدرسة ظهراً أنشودة "أمجاد يا عرب أمجاد".. كان صوتي يرتفع بحماس يعلو على أصوات زملائي الصغار، كنا أبرياء لا نعرف آنا نعيش في مختبر التضليل السياسي المبرمج .

وفي المرحلة الإعدادية دربونا على حمل السلاح (بندقية ألية كلاشنكوف 7،62ملم روسية الصنع) لتحرير فلسطين من الكيان الغاصب، ولم يخبرونا أن اسرائيل تمتلك قنابل نووية وانشطارية، واثناء التدريب كنا نردد (فلسطين عربية فلتسقط الصهيونية)، خدعونا بشعاراتهم القومية الفضفاضة التي أنطلت علينا حينها، وبدلا من أن نذهب لتحرير فلسطين ساقونا الى الجبهة الشرقية لمحاربة أيران وتحريرها من المجوسية كما يدعون،  في حرب دموية أستمرت لمدة ثمان سنوات، بعدها أدخلونا في حرب مدمرة أخرى مع الكويت حينما أحتلوها في 2 أب عام/ 1990 وقالوا عنها المحافظة التاسعة عشر، وأنها تسرق النفط العراقي.

كما علمونا في المناهج الدراسية أن الصفر هو اختراع عربي، والمعلم قال لنا أن كليلة ودمنة قصص عربية، وأن العرب لهم مجد في العلوم الطبية فأبن سينا طبيب عربي٠٠٠طيلة سنوات اعتبرت ذلك مسلمات قبل أن أكتشف أن الصفر اختراع هندي، ولم يعد بالإمكان لأي معلم أن يكذب على تلاميذه بعد أن حصلت الهند على براءة اختراع للصفر وتكريما عالميا لها، بل وصارت هي المشرفة على تتويج علماء الرياضيات في العالم، وقصة كليلة ودمنة حكايات هندية ترجمت إلى الفارسية ونقلها أبن المقفع الفارسي إلى العربية، وأبن سينا طبيب من أوزبكستان، فصارت كل فكرة مسلمة درستها في المدرسة هي موضع شك حسي حتى يثبت العكس، حتى تلك الأنشودة صارت تعني لي كهف علي بابا والأمجاد المسروقة.

واليوم وبعد أن بلغ عمري السبعين عاماً، لم تُّحرر فلسطين وإنما حُّررت الكويت من الغزو البعثي الصدامي بعد أن استعانت بالمجتمع الدولي ودول التحالف لإنقاذها من أخوة يوسف المتجبرين.

واليوم الكثير منا يقول ان قطاع غزة سوف يدمر عن بكرة أبيه، وان حماس لن تستطيع مجابهه إسرائيل بسبب عدم تكافؤ القوة، واخر يقول انهم يقاتلون بالنيابة .. الى اخره من الكلام.

نعم من حيث الواقع والنظرة الموضوعية ان العدو مدعوم دوليا ويمتلك من المعدات والأسلحة المتطورة تكنولوجيا، وفي كل مره يحدث فيها اعتداء تدمر فيه غزه وتفقد الكثير من ابنائها، وهناك من القادة العرب من يتفاوض مع إسرائيل ويتوسل بها لوقف أطلاق النار بغض النظر عن الجرائم التي تقترفها بحق الشعب الفلسطيني ويجلس ويتاجر بها .

لكن الواضح ان العمليات التي تقوم بهما حماس والجهاد الاسلامي في شمال غزه وفي الداخل قد اربك العدو وافقده الكثير، فأعداد القتلى والاسرى الكبيرين يحدث لأول مره وبهذا الحجم، ولأول مره تجري عمليات في العمق الإسرائيلي بهذا الشكل، وتحقيق خسائر عسكريه وبشريه واقتصاديه فادحة وبأسلوب المباغتة والسرعة في التنفيذ، وابتكار صيغ جديدة في الهجوم ومنها استخدام المظلات والزوارق والطائرات المسيرة واعداد المهاجمين الذين تجاوزوا المئات، وامدادات الهجوم الذي لازال مستمرا.

كل ذلك حطم أسطورة العدو الذي لا يقهر، وحطم معه استخباراته التي طالما تبجح بها بعد ان تعاون مع دول محيطه اقليمية ودوليه تعطيه كل نوايا لأي هجوم محتمل مما يتيح إجهاضه قبل حدوثه وحتى منظومة القبه الحديدية اثبتت فشلها بعد اعداد الصواريخ التي ضربت العمق الإسرائيلي مما خلق حالة من الفوضى والخوف والرعب لدى المستوطنين.

اما دمار المدن فقد اعتادت غزة على الدمار سواء بهذا الهجوم او غيره واعتادت على القصف الجوي واما عن الشهداء فان غزه ولدت والمقاومة شعلة فيها تنتفض حتى يشعر الجميع شيبا وشبابا واطفال ونسوة بانهم مشاريع للاستشهاد بالفعل لا بالقول كما يدعي الاخرون ممن يحملون مشاريع المقاومة اسما لا فعلا ففي غزة من النادر ان تجد بيتا لا يوجد فيه اسير او شهيد او مقاوم .

حفظ الله غزه، ورحم شهداءها، وشافي جرحاها، وافرج عن اسراها ومعتقليها (وسيرى الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون).

***

شاكر عبد موسى/ العراق/ ميسان

كاتب وأعلامي

الغيب مرعب، والبشر من أشد المخلوقات رعبا من الغيب، ولهذا لا يوجد بشر لا يمتلك منظومة عقائدية مطمئنة عن معنى الغيب، حتى الذين نصفهم بالإلحاد لديهم منظومتهم الفكرية التي تفسر لهم الغيب.

ولا نعرف عن المخلوقات الأخرى، لكن الرعب من الغيب يتوطنها، فهي تتحرك وفقا لما فيها من الطاقات والغرائز والإندفاعات، ونهاياتها في مجاهيل الغيوب، التي لا يمكن أن يجيب عليها بيقين أي مخلوق آخر.

وبالنسبة للبشر فأنه وجد ضالته المريحة في الأديان، ولهذا فأنها رافقته مع أولى خطواته فوق التراب، وربما سبقته، وكأنها منظومة عقائدية ترشده إلى ما سيؤول إليه.

والأديان تطورت مع البشر وغادرت بداياتها لتصل إلى ذروة قدرات العقل البشري على الوعي والإدراك.

وعلى مدى أكثر من عشرين قرن، إنطلقت مناهج ومذاهب وفرق وجماعات، وفقا لما تمليه عليها قراءاتها لنصوص كتبها السماوية وغير السماوية، فكل جيل له منظاره المعرفي، ولكل غاية وسيلتها في الكتب المعتمدة في الأديان.

وهي حمّالة أوجه ويمكن تبرير الخير والشر بما جاء فيها من نصوص، وبتأويلات وتخريجات تخدم الغاية وتحققها.

فلكل سلوك ما بين طرفي الخير والشر ما يبرره في الكتب التي تعتمدها الأديان.

مهما تكن بواعث المآسي والويلات!!

فهل أن هذه السلوكيات من مناهج الغيب الفاعل فينا؟

الرعب من الغيب هو الأصل والأديان وغيرها من المعتقدات هي النتيجة أو الضالة التي يبحث عنها البشر، وقد يصدقها ويؤمن بها، أو يسفهها وتتسبب له بقلق مرعب أيضا.

فالبشر بين رعب اللاغيب والغيب، وهذه محنة وجودية عجزت عن حلها الأديان والمعتقدات، لكن الكثير منها تحاول أن تشيع الطمأنينة في النفوس البشرية، وتخفف من روعها، لكن البشر يبقى في حالة رعب من الغيب يتناسب عكسيا مع درجة إيمانه بما يعتقد به !!

وحقيقة البشر تتكشف عندما تحين منيته، ويجد تفسه أمام يقين الموت!!

وذلك من علم الغيب، وإن الله علاّم الغيوب!!

***

د. صادق السامرائي

 (أن تكتب عن انتفاضة تشرين /اكتوبر 2019 وأنت في مكتبك، غير ما تكتب عنها وانت تعيش الحدث ميدانيا)

الخميس..  يوم الدم العراقي من بدء الانتفاضة في (الثلاثاء 1 تشرين/اكتوبر 2019) كان المتظاهرون قد طرحوا مطالب مشروعة: مكافحة الفساد، تأمين الخدمات، معالجة البطالة لاسيما الشباب الحاصلين على شهادات جامعية، تحقيق العدالة الاجتماعية....  واستمر الهدوء والأمن الى اليوم الثالث وفيه كانت بداية المجزرة التي اودت بحياة مئات الشباب.  كان يوم الخميس (الثالث من الأيام الخمسة الأولى للانتفاضة) هو الأكثر دموية في مواجهات عنيفة غير مسبوقة بين المحتجين والقوات الامنية، حيث امتدت التظاهرات التي تطالب برحيل الفاسدين وتأمين فرص عمل للشباب الى المدن الجنوبية ما استدعى الحكومة الى اعلان الانذار جيم، وفرض حظر للتجول في عدد من المدن، وإغلاق العديد من الطرق المؤدية من الشمال والشمال الشرقي إلى العاصمة وإرسال تعزيزات إلى شرق بغداد، وقيام القوى الامنية وقوات مكافحة الشغب باستخدام الماء الحار والغاز المسيل للدموع والرصاص الحي..  كان نتيجته سقوط (63) قتيلا في بغداد و (21) في ذي قار تليهما: الديوانية، النجف، كربلاء، وديالى..  باستثناء البصرة التي لم تحدث فيها اصابات. وخلال خمسة أيام، وبحسب الآرقام الرسمية لوزارة الداخلية في 6 تشرين/اكتوبر فان عدد القتلى بلغ 110 فيما تجاوز عدد المصابين 6100 جريحا حتى الرابع عشر من تشرين اول. وفي مساء اليوم نفسه، الخميس (الثالث من تشرين أول)، توجّه رئيس الوزراء العراقي السيد عادل عبد المهدي، بخطاب متلفز بُثّ على وقع أصوات الطلقات الناريّة التي يُسمع دويّها في أنحاء بغداد، دافع فيه عن إنجازات حكومته وإدارته للأزمة الحاليّة، مطالبًا بمنحه فترة زمنيّة لتفيذ برنامجه، ووصف ما يجري بأنه (تدمير للدولة). ومع ان الحكومة اعلنت حظر التجوال وقطع خدمات الأنترنت فان المتظاهرين وصلوا العاصمة بغداد على متن شاحنات حاملين اعلاما عراقية واخرى دينية معظمها يحمل اسم الامام (الحسين) ويهتفون (بالروح بالدم نفديك يا عراق).  وبرغم هذا الرعب، وبرغم هذا البطش غير المسبوق في تاريخ العراق ضد متظاهرين سلميين يحملون علم العراق، فأن المحتجّين توجهوا نحو جسر الجمهوريّة حيث ضربت القوّات الأمنيّة طوقاً مشدّداً عليه خوفا من اقتحامهم الخضراء.  وفي يومها كتبنا مقالة نشرت في (المدى والحوار المتمدن) بعنوان (خمسة أيام هزت العراق)..  وثقنا ما حصل بقولنا: (ان ما حدث في (الأول من تشرين أول/اكتوبر 2019) كان حدثا سياسيا وجماهيريا غير مسبوق في تاريخ العراق السياسي. ففي هذا اليوم انطلقت بالمحافظات الوسطى والجنوبية تظاهرات فاجأت السلطة والشعب والمحللين السياسيين الذين كانوا على يقين بأن الأحباط اوصل العراقيين الى اليأس والعجز من اصلاح الحال.  وفاجأت ايضا علماء النفس والأجتماع بما يدهشهم..  بل أنها خطّات نظرية في علم النفس تقول: اذا اصيب الانسان بالأحباط وحاول وحاول ولم ينجح، فأن تكرار حالات الخذلان والخيبات توصله الى العجز والاستسلام..  فأطاح بها جميعها شباب ادهشوا العرب والعالم!. وأكدت الأحداث ان هذا الحراك كان عفويا، إذ لم يُعلن أيّ حزب أو زعيم سياسي أو ديني دعمه له، واعتبر سابقةً ما حدثت في تاريخ العراق السياسي..  من حيث زخمه وحجمه وما احدثه من رعب في السلطة اضطرها الى استخدام القوة المفرطة، ادانها الرأي العام العالمي في حينه).  ان التحليل السيكولوجي لجريمة الخميس الدامي يفيد بأن الحاكم الطائفي (قافل عقليا)..  لأنه يعتبر التظاهرات تحديا له، وهذا يدفعه الى ان يعطي لنفسه الحق في قمعها.  فمن متابعتنا للعملية السياسية في العراق بعد 2003 خلصنا الى ان العقل السياسي العراقي مصاب بالدوغماتية التي تعني الجمود العقائدي او الانغلاق الفكري، وان هذه الدوغماتية، برأي علماء النفس والاجتماع، هي احد اهم واخطر اسباب الازمات السياسية والاجتماعية التي غالبا ما تنتهي بحروب.  وقد اوصلتنا متابعتنا للعملية السياسية الى ابتكار مصطلح جديد في علم النفس اخذ طريقه الى علم النفس العربي اسميناه (الحول العقلي)..  ويعني ان المنتمي لجماعة، لطائفة، لقومية..  . ، يرى في جماعته الجوانب الايجابية ويضخمها، ويغمض عينيه عن سلبياتها، ويرى في الجماعة الأخرى سلبياتها ويضخمها، ويغمض عينيه عن ايجابياته، ويحّمل الجماعة الأخرى كلّ ما حصل من مشكلات وأزمات.  وكان هذا هو موقف حكّام الخضراء..  انهم يرون انفسهم على حق وأن المتظاهرين على باطل، وانهم،، بوصف رئيس حكومتهم عادل عبد المهدي يريدون (فناء الدولة)..  فنفذ في الخميس الدامي ما طلبوه وسفك دماء شباب ابرياء غادروا الدنيا فيما هو ظل، ومن جاءوا به، منعما مرفها..  في دنيا هم على يقين بأنها ستدوم لهم ما داموا يمتلكون القوة والمال.

يتبع

***

أ. د. قاسم حسين صالح

ان النبي محمد بن عبد الله (ص) هو النبي الخاتم للأنبياء والرسل الذي وقع عليه حيفا كبيرا وظلما من دون غيره من الرسل من خلال ما وصل إلينا في كتب السيرة النبوية الشريفة التي تطرقت إلى حياته العظيمة اجتماعيا واسريا وسياسيا وعقائديا لن تستطيع أن ترتقي إلى مصافي الرسل والأنبياء الذين سبقوه في الزمن فقد تناولت هذه السيرة حياته الشريفة كثيرا من الغموض في بدايات عمره وأخباره قبل البعثة تكاد تكون قليلة حتى بعد البعثة فكل شيء فيه مختلف عليه من قبل معاصريه أو التابعين من بعده فعمره الشريف مختلف عليه وسنة ولادته بالذات وزواجه من خديجة بنت خويلد عليها السلام وعدد أولاده وعمره عند زواجه وهجرته ومبعثه حتى وفاته صلوات الله عليه قد شابها كثيرا من الغموض فقد تعرض النبي الكريم كما تعرض كثيرا من الرسل إلى التشويه والتزييف في رسالاتهم وهو آخرهم فجعلوا منه نبيا قريبا إلى البشر في تصرفاته وحياته اليومية يسهو ويغضب ويُسحر وتخالطه أفكار الجن ويخطأ ويصيب وكل هذه الصفات بعيدة عن التكليف الإلهي وأن هذه الرسالة جاءت لتصحيح مسار الأمم الأخرى وكنبي حامل لواء الرسالة الإلهية الموحدة بالتعاليم والشرائع الجامعة لكل الشرائع والسنن التي سبقته فقد كان النبي حامل لواء رسالة موسى وعيسى وزبور داوود ومن قبلهم صحف إبراهيم عليهم السلام وكان مختارا بعناية إلاهية حكيمة تجلت بصفات خالصة متكاملة لحمل الرسالة الخاتمة حتى قيام الساعة تجلت بصفات خالصة متكاملة لحمل الرسالة الخاتمة حتى قيام الساعة لكن مع الأسف عندما نقرأ التراث الإسلامي السلفي الذي تطرق إلى حياته الشريفة وتصرفاته وأحاديثه جردته من خصائصه كنبي وإنسان يُوحى إليه من قبل السماء وأن ما وصلنا عن النبي الأكرم عن طريق الكتب المزيفة والمشوهة للحقيقة التي خُطت بأيادي خبيثة أرادت تزييف الحقائق وضرب الإسلام في أول ظهوره حيث أقدمت على إظهاره دينا دمويا استبداديا شعوبيا مناطقي في رسالته وأرتكب الكثير من الأخطاء وأوقع الحيف على المجتمعات الأخرى الحالية والسابقة .

فعلينا أن نعيد التعرف على النبي الكريم من خلال صفاته في القرآن الكريم ووصفه من قبل سبحانه وتعالى (وأنك على خلق عظيم ) وقد ذكرت بعض الأقلام المنصفة حين وصفته (كان خلقه القرآن ) وكثيرا من الآيات التي وصفت رحمته وإنسانيته ونقاء سريرته ورقة قلبه على أصحابه ومجتمعه وحتى على أعدائه حين قال سبحانه وتعالى ( لعلك باخع نفسك على آثارهم أن لا يؤمنوا بهذا الحديث أسفا ) و( وما أنت عليهم بوكيل .....)و( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لنفضوا من حولك) (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) و(بالمؤمنين رءوف  رحيم) وغيرها من الآيات منها (ويعلمهم الكتاب والحكمة والموعظة الحسنة) وبما أنه يعلمهم فالتعليم يحتاج إلى المعرفة العالية من الثقافة والتعليم والقراءة والكتابة والعقل المتفتح وإلمامه بأمور الحياة من حوله  ومعرفته بالمجتمعات حوله وهذا ما كان عليه نبينا العظيم صلوات الله عليه الذي حمل وفسر وبلغ الرسالة بمضمونها العالمي بطريقة وصفها تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة والنقاش والجدال المجدي والأحسن لتبليغ رسالته في مجتمع قاسي ذكوري قبلي قروي يعيش على ما ألفوا عليه آبائهم وسفك للدماء والعصبية القبلية وبالإضافة لعُقد المجتمع العربي الكثيرة حينذاك فقد استطاع بأخلاقه الحميدة وصفاته المحمودة التي سميه بها محمدا أي جامع لكل الصفات الحميدة التي يوصف بها الإنسان وبهذه الصفات الآنفة الذكر أستطاع الرسول أن يؤسس دولة العدل الإلهية وأن يتعايش مع جميع مكونات شبه الجزيرة العربية وجيرانه من اليهود والنصارى والمجوس وغيرهم وعلى مدى عشر سنين من بناء الدولة مع رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه وأوفوا بعدهم مع الله تعالى ورسوله لكن ما أن ألتحق النبي إلى الرفيق الأعلى حتى أحدث كثير من القوم ما أحدثوا من تزيف للرسالة وتشويه للسنة ومبادئ الإسلام الحقيقية وما زال الإسلام والمسلمين يعانون من تجاذبات وصراعات فكرية وانحرافات عقائدية أضرت بالإسلام وعقيدته ومن تخوف منه حيث يُرى للإسلام نظرة سوداوية إجرامية وعرقية وشعوبية على عكس ما أرادته السماء من توحيد العالم وشعوبه على عقيدة واحدة ونظام اجتماعي وسياسي وفكري منظم وعبادة إله واحد خالق للإنس والجن، فنحن بحاجة في الوقت الحاضر إلى غربلة كل التراث الفكري العربي والإسلامي والسيرة النبوية والتفاسير لإعادة صياغتها من جديد بفكر عقائدي متحضر ومتطور ملبي لطموحات المجتمع البشري لنعيد للإسلام ولنبينا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه رونقه وجماله وشخصيته التي رسمها واجتباها الله تعالى لحمل الرسالة الثقيلة وفق ما جاء به القرآن الكريم بعيدا عن الأيادي التي عبثت بجمال هذه الشخصية الفذة الرائعة المتكاملة في الصفات الحميدة خلقا وأخلاقا.

***

ضياء محسن الاسدي

الصحة نعم من أنعم الله الكثيرة التي أنعم بها سبحانه على بني البشر، والتي هي، مع الأسف،  الأكثر إغفالا واستهتارا بمقوماتها  رغم ما تخلقه من توازن في الجوانب الحياتية كافةً، وما تلعبه من دور مهم في السلام الجسدية والبدنية، القيمة الثمينة التي جعلت من الصحة الجيدة تاجا على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى والمعلولين، الحكمة البليغة والأكثر تداولا عبر العالم، والأقل اهتماما بها بين الأصحاء، الذين تفرض عليهم الرغبة في بلوغ حالة والرفاه والسلامة البدنية، والعقلية المثلى، وليست مجرد غياب المرض أو الإعاقة العقلية منها والعاطفية والروحية، الكثير من الاهتمام بالحالة النفسية، التي كلما كانت في حالة جيدة يكون الجسم في منتهى النشاط والحيوية وقادر على مواجهة جميع الأمراض الجسدية، والتي مع الأسف يغفل تقويتها بالتمارين وممارسة الرياضة، الكثير ممن يعتقدون أنه ليس لديهم الوقت لذلك بسبب مشاغل الحياة، ولا يتكيفون مع ضغوطاتها المختلفة المؤثرة في الحالة النفسية،، ما يعرضهم للاختلالات الصحية المزمنة المؤلمة للأجساد ومكدر للأمزجة، الناتجة في غالبية حالاتها عن الاضطرابات النفسية والعاطفية، خاصة مع التقدم بالعمر الذي يبدأ معه انخفاض الصحة وتعب الجسد، وتحطم الأحلام، وارتباك الأولويات، وغيرها من الاضطرابات التي تغيب البسمة، وتقتل الفَرحة، وتصغّر الدنيا في أعين المرضى، وتجز بهم في معارك وحروب التطبيب الضارية في المستشفيات العامة التي ليس بها إمكانيات، والعيادات الخاصة التي لا تخصصات فيها، ومع الأطباء والصيادلة ومختبرات التحاليل ومعامل الأشعة التي لا كفاءة لجلها، غير ابتزاز جيوب المرضى واستنزاف قدرات تحملهم بالعلاجات الطويلة المضنية، والعمليات الجراحية المكلفة، والفحوصات المعملية والتحليلات المخبرية التي تفوق كل الطاقات، ومختلف الأقراص الطبية الكيماوية ...، وغيرها من ....التي لم يكن المرضى يتخيلون – حتى في الأحلام – ان يكونوا أسراها إلى حد هذا الاستنزاف الإنساني، الذي يحول المبتلى من مريض إلى زبون، لا ينظر إلى علته للتخفيف من سطوتها، بقدر ما ينظر إلى ما في جيبه،

وهذا لا يعني أنه لا وجود لأطباء شرفاء وأطر طبية  بضمائر حية، بل هناك الكثير ممن يلعبون أدوارا بالغة الأهمية في تعزيز الصحة النفسية، ويتحملون مسؤولياتهم في حماية حقوق الإنسان الصحية، رغم النواقص والاختلالات التي ما يعرفها  في ظل المنشات الصحية الحكومية المعانية من الفقر المدقع في الموارد البشرية وظروف العمل وقلة الوسائل، والنقص الحاد في الأسرَّة ومستلزمات وأدوات التطبيب، والاكتظاظ المهول، وسوء الحكامة والتدبير،  وانعدام النظام، وفوضى التسيير، وانتشار مظاهر الفساد، وبؤس الخدمات المقدمة في النظافة و التغذية، أولئك الذين يجعلون وبكل مهنية الإنسان يشعر في أي عمر كان بأنه في أفضل حال رغم علته، وأنه بصحة جيدة رغم ألمه، أولئك هم الذين لا نستطيع إيفاءهم حقهم من الشكر والثناء،ونكتفي بالوقوف لهم إجلالا وتقديرا، والدعاء لهم بالخير الدنيوي والجزاء الأخروي ..

***

حميد طولست

سيغضب الكثيرون من السؤال، فكيف يجوز للمسلم أن يتفوه به؟

لكنه يطرح نفسه رغما عنا، لأن ما نقوم به لا يمت لجوهر الإسلام بصلة، (المسلم) يقتل، ويخطف ويستبيح، ويعذب، ويكفّر أخاه بالدين، ويرتكب جرائمه بموجب فتاوى وتصورات مَن يتبعهم ويتعبد في ميادينهم، فالكثير من تجار الدين صنعوا أديانا على مقاساة رغباتهم يسمونها (إسلام)، ولكل منهم إسلامه الذي يمثل الدين القويم وغيره عدوهم.

فالمسلم يتفاخر بإزدراء أخيه المسلم، وإلقامه للتراب، حتى صار العدوان على المسلم من طقوس دينه، ونشاط تعبّدي يقرّبه لربه الذي يؤمن به.

السؤال يفرض حضوره، لأن الإسلام مجرد كلام، فالمسلم ما أروعه بالخطابات المثالية، والواقع من حوله يعاني من الوجيع.

لو تأملتم ما يحصل في أي موضع عبادة، ستجدونه يحتشد بالمصلين، والخطب الدينية تلعلع فيه، ومن حوله الناس في قهر وبؤس وحرمان، والمتاجرون بالدين يبررون لهم ويسوّغون إستلطاف ما هم فيه، أما أن يقوموا بنشاطات تعبر عن الرحمة والتعاون والشعور بالغير فمن الممنوعات.

 المتسولون كل جمعة يتجمعون حول المساجد والجوامع والحسينيات، ولا نشاط لتغيير الحال، ولا جمعيات إنسانية لرعايتهم وتطوير أحوالهم المعيشية، وإشعارهم بأن الإسلام دين الرحمة والرأفة والتعاون.

لكن المسلم ما أسرعه إلى تكفير المسلم الآخر، وتبرير قتله والتلذذ بتعذيبه وترويعه.

أنظروا الرموز الدينية التي تعيش في رغدٍ ورفاهية، وحولها المحرومون من أبسط حقوق الإنسان، وهم يعززون ظروفهم الصعبة، ويمعنون بتجهيلهم وإحساسهم بأن لاخيار عندهم غير التبعية والخنوع لهم.

أ هذا الإسلام كرسالة، أم كتجارة؟

السلوك يخبر عن الفكرة، وما نقوم به أفصح من أي كلام!!

فأي دينٍ ندّعي؟!!

"ألا كلّ شيئ ما خلا الله باطلٌ...وكلّ نعيمٍ لا محالة زائلُ"

***

د. صادق السامرائي

رسالة بعد البيان المشترك أمس من أمريكا والمانيا وفرنسا. وبريطانيا. وإيطاليا. لدعم إسرائيل في الحرب علي غزة. ازدواج المعايير. هذه رسالة لعل درس الحرب الأهلية في لبنان للأمريكان بعيد لهم الذاكرة من الأحداث...

ريجان الرئيس الأمريكي يتحدى ويرسل قوات إلى لبنان، وكذلك فرانسوا ميتران الرئيس الفرنسي...، بعد المؤامرة الكبرى التي اشترك فيها الغرب والخونة من العرب لتصفية المقاومة الفلسطينية في بيروت بعد الاجتياح الإسرائيلي لبيروت عام 1982 وتشريد المقاومة والفصائل الفلسطينية إلى اليمن والجزائر، وتونس،، منذ أربعين عاما في 18/ من أبريل عام 1983 تم تفجير السفارة الأمريكية في بيروت

وأسفر الانفجار عن مصرع 65 شخصا كان بداية ظهور حزب الله علي مسرح الأحداث...!!

وفي شهر أكتوبر عام 1983 أعلن تنظيم جديد أطلق علي نفسه (الجهاد الإسلامي) عن مسئوليته عن تفجير مقر القوات المارينز الأمريكية والفرنسية التي قتل فيها من قوات المارينز الأمريكان 241 ليعلم القاصي والداني من ساسة الغرب إننا في شهر أكتوبر المجيد شهر الانتصارات.. بعد تفجير مقر القوات المارينز من الأمريكان والإنجليز والفرنسيين... إنهم هم أحفاد صقور الجهاد الإسلامي وحزب الله ينتظر قدومكم علي الأرض. ولكن بعد هزيمتكم في العراق وأفغانستان لا تستطيعوا المواجهة البرية... ازدواج المعايير في الموقف لا يضيف للغرب شيء لم ولن يتعلم الغرب الدرس من أحداث 11من سبتمبر والغطرسة الأمريكية

لو كان كتاب \"جينيس\" للأرقام القياسية عن الولايات المتحدة وحدها، لضموا إليه \"إسماعيل عسكري\" كقاتل أكبر عدد من مواطنيها دفعة واحدة خارج حرب معلنة منذ تأسست الولايات المتحدة حتى هجمات 11 سبتمبر 2001 بواشنطن ونيويورك، فليس في التاريخ زاهق لأرواح الأميركيين بالجملة مثله. مع ذلك، فلا أحد يعرف عنه شيئا سوى الاسم فقط، على افتراض أنه فعلا إسماعيل عسكري.

إسماعيل هو إيراني نفذ عملية انتحارية في بيروت كان التفجير فيها قويا استيقظت بيروت من نومها مذعورة من شدة الانفجار...

وبدأ كل شيء في السادسة و22 دقيقة من صباح الأحد 23 أكتوبر/ 1983 وانتهى للأميركيين بكارثة: القتلى

تفجير \"شاحنة الموت\" كان بقوة 6 أطنان

كتبوا في التقارير الرسمية أن إسماعيل قاد شاحنة مإرسيدس إلى مقر \"المارينز\" المجاور كثكنة عسكرية لمطار بيروت، وكانت من 4 طوابق يقيم فيها 300 من مشاة البحرية البالغ عددهم في العاصمة اللبنانية ذلك الوقت 1600 عنصرا، ممن شكلوا مع نظرائهم من بريطانيا وفرنسا \"قوات حفظ المزعومة السلام الدولية\" التي تمركزت في بيروت منذ انسحاب منظمة التحرير الفلسطينية بعد الغزو الإسرائيلي في 1982 للبنان.

وعندما اقتربت \"شاحنة الموت\" من مدخل الثكنة اتجه سائقها نحو موقف السيارات، فظنوها صهريجا كانوا ينتظرونه لتزويد المبنى باحتياجاته من الماء. إلا أن إسماعيل كان يقود شيئا مختلفا بالمرة عن أي صهريج ماء، لأن شاحنته الصفراء كانت محملة بما قوته التفجيرية أكثر من 6 أطنان \" تي. إن. تي \" أحدثت عندما صعقها دويا كان أقوى ما سمعه لبنان في حربه الأهلية التي بدأت في 1975 وانتهت بعد 15 سنة.

وبالتزامن مع تلك العملية، دمر انتحاري آخر بشاحنة متفجرات أيضا مبنى مجاور، كان مقرا لقيادة كتيبة المظليين الفرنسية العاملة هي \"المارينز\" الأميركيين في إطار قوات متعددة الجنسيات تم تكليفها بتهدئة الأوضاع في لبنان، فسقط في التفجير 58 جنديا فرنسيا و6 مدنيين.

العام الذي ولد فيه \"جنين\" اسمه حزب الله

في اليوم التالي، قام الرئيس الفرنسي آنذاك، "فرانسوا ميتران"، بزيارة غير رسمية إلى بيروت، وأمضى في موقع الانفجار الفرنسي بضع ساعات، ثم قال: \"إننا سنبقى هنا\" ومثله قام "جورج بوش الأب"، وكان نائبا للرئيس الأميركي رونالد ريجان آنذاك، بزيارة موقع تفجير قوات \"المارينز\" بعد 3 أيام من العملية الانتحارية، ليصرح بأن الولايات المتحدة \"لن يهددها الإرهابيون\" كما قال.

ساعات مرت على تصريحه، وصدر عن \"حركة الجهاد الإسلامي\" بيان أعلنت فيه مسؤوليتها عن العملية المزدوجة، وبعد شهور يهدد رونالد ريجان الجهاد الإسلامي. ففي اليوم التالي يعلن التنظيم عن تفجير شركة آبأن أمريكان للطيران في" مدريد" عن مسئوليته عن التفجير ويتحدى ريجان في خطاب: قال المتحدث باسم الجهاد الإسلامي ليعد ريجان أن يعلم إننا نستطيع أن نصل إلى أي مكان في العالم... ها هم أبناء من وضعوا في قلوب آباؤهم الرعب والخوف وهربوا. ليلا نحو ميناء "جنوة في بيروت " مثل الفئران الزعرانة...!!

***

 محمد سعد عبد اللطيف كاتب وباحث مصري

إقحام العقل في الدين يفرغه من جوهره ويجعله لا دين، وهذا ما حصل مع الإسلام منذ وفاة قائده، فصارت العقول تتبارى بتأويلاتها وتفسيراتها، حتى دخل الإسلام في دوامات الفرق والمدارس والمذاهب والجماعات والتحزبات، وغيرها الكثير من الكينونات الساعية لتدمير الدين بالدين.

وبموجب ذلك أصبح المسلمون أعداء بعضهم، ومن أشرس المقاتلين لإخوانهم لاختلاف الرأي والتأويل.

ولو كان الدين عقليا لما جاء للناس كافة، فالبشر لا يستعمل عقله، والذين وهبوا مهارات إستعمال العقل قلة، وهم القادة ومعظم الآخرين أتباع وعبيد بإرادتهم المقهورة.

فالعقول متباينة كبصمات الأصابع، ولا يوجد عقلان يفكران بذات الآلية، وإن تشابهت النتائج، لكن مفردات التفاعل الداخلي ذات صيرورات لا تتطابق مع غيرها.

فالعقل جهاز فريد، وإعماله يأتي بما لا يتطابق مع ما يتوصل إليه عقل آخر، فالآية الواحدة تقرؤها العقول على شاكلتها، أي أن عيون العقل ترى وفقا لمنظارها المرتبط بها، وما يحصل في الدين، أن العقول العامة معطلة وعقل واحد فاعل أو بضعة عقول، وعلى الآخرين التقليد والإتباع الأعمى، وفقا لمبدأ "السمع والطاعة" الداعي للإذعانية والخمود.

وتجربة المعتزلة معروفة، فهي حركة عقلية، تسببت بتداعيات كلفت الأمة العديد من أفذاذها، لأنهم لا يتوافقون وما يطرحونه ويرونه الدين القويم.

فالأديان إنتماءات قلبية وليست عقلية!!

***

د-صادق السامرائي

 (أن تكتب عن انتفاضة تشرين /اكتوبر 2019 وأنت في مكتبك، غير ما تكتب عنها وانت تعيش الحدث ميدانيا)

يوم دخلت ساحة التحرير في (15 تشرين أول 2019) كنت قد استحضرت تاريخ الانتفاضات في العراق، بدءا من اول تظاهرة شعبية زمن الحكم العثماني الذي كان قاسيا وظالما لاسيما بفرضه ضرائب باهضة، ولأن ولاة العثمانيين لم يفهموا سيكولوجية الشخصية العراقية الشعبية التي تأنف الخضوع لسلطة سياسية.. جسدتها عشائر الخزاعل وزبيد والمنتفق في تحديهم للقوات العثمانية والأنكليزية، ما اضطر الدولة العثمانية الى اتباع سياسة أخرى بعد أن فشلت سياسة البطش والقوة، لاسيما انتفاضة مفتي بغداد عبد الغني جميل زاده عام 1832 والمذبحة الكبرى ضد اهالي كربلاء سنة 1842 التي راح ضحيتها قرابة 4000 مواطنا من اهالي كربلاء، وصولا الى ثورة العشرين ضد الاحتلال البريطاني، الى انتفاضات ثلاثينات وأربعينات القرن الماضي. الى انتفاضة شباط 1948 التي القى الجواهري في حفل كبير بجامع الحيدر خانه قصيدته (اتعلم انت ام لا تعلم بأن جراح الضحايا فم) بعد مقتل اخيه جعفر بسبعة ايام.

وكنت شهدت بعيني في آذار 1991 تظاهرات مدينة الناصرية بعد خسارة الجيش العراقي المذّلة في غزو الكويت، ورأيت كيف وضع المتظاهرون اطارت السيارات في رقاب بعثيين واحرقوهم احياء!. وكنت شاركت في معظم تظاهرات ساحة التحرير، واكبرها التظاهرة الضخمة التي عبرت جسر الجمهورية متوجهة نحو الخضراء.

وما حدث لي، رغم انني شاركت في صباي بتظاهرة طلابية في ستينات القرن الماضي تطالب بإيقاف الحرب في كوردستان) انني حين توجهت من شارع السعدون لساحة التحرير، رأيت طالبات جامعيات وصبايا تنسقت مجاميعها بأربعة صفوف يرددن بصوت جميل كجمالهن (موطني.. موطني...) فادركت ان تاريخا آخر سيكون لهذه التظاهرة يختلف عن كل التظاهرات التي حدثت في تاريخ العراق السياسي.

دخلت ساحة التحرير فرأيت ما لم تصدقه عيناي...اجملها انني رايت على الرصيف الأيمن نساء جئن بتنانيرهن يخبزن الخبز ويوزعنه مجانا!، فتقدمت نحو اكبرهن.. وقبل أن اسألها.. مدت يدها داخل التنور واخرجت رغيفا وقالت: ( اك يمه.. مكسب وحار يلوك لهالوجه). لحظتها لاجت الدمعة بعيني فتقدمت نحوها وقبلتها من رأسها، وصار لدي يقين ان العراق سيكون بخير ما دامت الغيرة العراقية على الوطن قد هبّت في اوساط الجماهير الشعبية.

اجتزت الخبازة العراقية (صاحبة اروع غيرة وأعظم نخوة) ودخلت ساحة التحرير. كانت الساحة تغص بالآف المتظاهرين، معظمهم شباب وبنات وصبايا ومراهقين وطلبة وكسبة وفلاحين وشيوخ عشائر وأكاديميين، توزعوا على خيم متنوعة، واحتلوا بناية عالية مهجورة كانت تسمى (المطعم التركي) ومنحوها اسم (جبل أحد) تزين واجهاته شعارات (نريد وطن)، (نازل آخذ حقي).. وصور شهداء وأعلام عراقية.

كانت الساحة في الأعلى وكأنها معرض فني.. لوحات.. خرائط للعراق بالوان زاهية مكتوب عليها عبارات جميلة (العراق.. وطني). منظر يبهر من يراه ويكشف عن حقيقتين: ان الغالبية المطلقة من المتظاهرين هم شباب بعمر العشرين والثلاثين، وأنهم هنا.. غيرهم في وسائل التواصل الأجتماعي. فهم في ساحة التحرير.. مثقفون وموهوبون ويعشقون العراق، وانهم والصبايا والشابات بأعمارهم وكأنهم أخوة وأخوات.. بوجوه مؤطرة بالفرح تحمل لمن يراها بشرى حلم سيتحقق.

نزلت متوجها نحو نصب الفنان جواد سليم، وحين وصلت استقبلني (ابو بلال) صاحب دار سطور..

- اهلا دكتور.. نورت التحرير.. تفضل استريح

واسترحت، وبعد القهوة والماء، قال:

- نريد منك محاضرة.. هنا.. في خيمتنا.. خيمة جواد سليم.

وكانت تلك امنية ان اقدم محاضرة على الهواء في ساحة التحرير مقابل نصب الحرية. وحددنا الموعد، لأعود الى البيت مزهوا وبي حاجة.. أن أرقص!

يتبع

***

أ. د. قاسم حسين صالح

صباح الخير غزّة، ونحن نتنفس الكرامة من رئون فتيانك

صباح الخير غزّة، وفتيانك كالأسود يزأرون وسط أزيز الرصاص ودوّي القنابل

صباح الخير غزّة، وأنت تمسحين نكسة الأنظمة وتطبيع الجبناء، بطبشور الحريّة

صباح الخير غزّة، وأنت تحولّين النمر الأسرائيلي، الى نمر من ورق

صباح الخير غزّة، وأنت تحولّين حياتنا المالحة الميتة، الى حلوة كطعم الشهد

صباح الخير غزّة، وأنت تدخلين معركة الكرامة دون خطابات مللناها لكثرة هزائمنا

صباح الخير غزّة، وأنت تخوضين المعركة بمرسوم من الشعب

صباح الخير غزّة، وأنت تنتشلينا من جادّة الضياع

صباح الخير غزّة، وأنت تجعلين الشمس تشرق في ليلنا حالك السواد

صباح الخير غزّة، وأنت تغتالين جبن الأنظمة

صباح الخير غزّة، صباح الخير صباح الخير صباح العزّة

*

كم كان صوت المذياع جميلا اليوم، وهو يزفّ أخبارا أنتظرناها خمسة وسبعون عاما، كم كان جميلا وهو ينسينا "ميس تهدي سلامها لعلي في مخيّم ما"، كم كان جميلا وكيف لا يكون جميلا وهو يلحّن أغاني قهرنا وذلّنا كاجمل نشيد للحريّة. كم كان جميلا ونحن نستبدل مفاتيح بيوتنا القديمة ببندقية تقاوم وتنتصر. بنادقك اليوم يا غزّة أقوى من كل طائرات العرب وجيوشهم، بنادقك اليوم مسحت بالأرض العجرفة الصهيونية وجيشها الذي "لا" يقهر، رصاص بنادقك قلائد في أعناق نساء وفتيات فلسطين، رصاص بنادقك أساور حريّة لشعبك.

*

"مهما هُمُ تأخرّوا ... فأنّهم يأتون

من درب رام الله، أو من جبل الزيتون

يأتون مثل المنّ والسلوى من السماء

ومن دمى الأطفال، من أساور النساء

ويسكنون الليل، والأحجار والأشياء" (*)

*

ها هم الفتية يا نِزار، جاؤوا من درب غزّة ومن بحر غزّة ومن سماء غزّة، تركوا المنّ والسلوى لأطفال غزّة وأمطروا العدو بالقنابل والصواريخ، ولم يسكنوا الليل بل سكنوا النهار بعد أن حوّلوا نهار العدو الى ليل. نعم غزّة، ميزان القوى الى جانب عدو مدجج بالأسلحة، عدو يحصل على دعم غربي بلا حدود، عدو له سفارات في من يشاركك لغة الضاد وأعلامه ترفرف في عواصمهم.

*

غزّة عرفت أنّ الأدعية والتوسّل بالله لا يعيد كرامة شعبها، وأنّ خطب الملوك الرؤساء والأمراء التي تُكتب في تل أبيب لن يعيد لها كرامتها، و "إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ"، وقد بدأت غزّة بالتغيير.

 ***

زكي رضا - الدنمارك

8/10/2023

..........................

(*) أبيات من قصيدة فتح للشاعر نزار قبّاني

الدول المسماة صناعية، هي زراعية أولا، وتعتمد على الثروة الحيوانية ثانيا، وبعد أن حققت إنجازات كبيرة في هذين الميدانين، أخذت مسيرة الصناعة فيها تتطور.

فالشعوب الجائعة الغير قادرة على إطعام نفسها لا تصنع، فالحاجة أم الإختراع، والحاجة للطعام تأتي أولا

فهل أطعمنا أنفسنا لكي نصنع؟

الواقع البشري لا يستخدم مصطلحات الصناعية والزراعية وغيرها، فالمجتمعات متكاملة متفاعلة في نشاطاتها اللازمة للقوة والإقتدار، ومن أهم مصادر القوة والقدرة والبقاء هو الطعام.

إن التركيز على توفير الطعام للمواطنين بجهود وطنية من الخطوات التي تدفع إلى صناعة الحياة الحرة الكريمة.

أما كتابات الوهم والرؤى السرابية التي إحتقرت الزراعة على أمل تحقيق الصناعة، فأنها أذهبت كل شيئ وحولت بلداننا إلى عالات على الآخرين، حتى صارت الصين تطعمنا!!

دول الأمة فيها من الإمكانات الزراعية ومشاريع الثروة الحيوانية ما يغنيها عن الآخرين، ومعظم حكوماتها منهمكة بالتدمير والتخريب والحروب الداخلية، التي تساهم في تجريف البساتين وتبوير الأراضي الزراعية، وإهمال المياه والمساهمة في نضوبها، فلا مشاريع زراعية إروائية، ولا تطوير للثروة الحيوانية، فمعظم دولنا تخرّج أطباء بيطريين ولا توجد مشاريع لإستيعابهم، فيتيهون في ربوع البلدان، وأكثرهم غير قادر على الإنطلاق بمشاريع ذات قيمة إقتصادية لإنعدام الإستثمار والدعم الحكومي.

أيها العرب لا تتحدثون عن الصناعة وتهملون الزراعة، عليكم أن تزرعوا أولا، وتهتموا بالثروة الحيوانية، وعندها ستتعلمون كيف تصنعون بعد أن تملأون البطون!!

***

د-صادق السامرائي

في ذكرى حرب تشرين العربية الرسمية، تأتي حرب تشرين الفلسطينية وقد ازاحت جزءا من الغمة وبعثت الروح من جديد في الجسد الذي ترهّل بفعل ساستنا المنهزمين.

لخمسة لعقود لم يتعرض العدو الصهيوني لهجوم مكثف على الأراضي الفلسطينية التي احتلها العام 67، ولم يسبق له ان خسر هذا الكم من القتلى والجرحى والاسرى، كما انه لم يفقد أي من الاراضي التي احتلها ضمن فلسطين التاريخية، لم يتوقع ان تباغته المقاومة بإنزال على اشبه بالنوردماندي بمظلات بدائية الصنع يقودها اناس نذروا انفسهم للوطن، قاموا بتصنيع وتطوير ما عجز عنه النظام الرسمي العربي الذي يتشدق بقومية المعركة وحرصه التام على الفلسطينيين.

لقد اثبت اصحاب الارض انهم يستطيعون فعل أي شيء فاليأس لم يجد طريقا الى قلوبهم، ما قاموا به اذهل الجميع، بمن فيهم المحتل، وأثبتت المعركة ان الشعوب العربية رغب تطبيع ساستها مع النهج المقاوم للاحتلال واستعادة الارض، بضعة حكام عرب مطبعين وصفوا علميات المقاومة بانها ضد التهدئة، أي تهدئة تلك التي يتحدث عنها هؤلاء والشعب الفلسطيني يعاني وعلى مدى عقود كافة اساليب القمع والجوع والترحيل القصري عن ارض الاباء والاجداد، سكان غزة اليوم هم لاجئون من كافة بقاع فلسطين جمعهم المصير المشترك وانصهروا في بوتقة الوطن فاصبحوا جميعهم غزاويون حملوا على عاتقهم تحرير بقية الاراضي بعد ان اجبروا العدو على الخروج من القطاع صاغرا ذليلا ، انهم فتية امنوا بربهم وارضهم ، واصلوا الليل بالنهار، فوق الارض وتحت الارض واثبتوا للخانعين ان العزيمة تصنع المستحيل.

استطاعوا ان يحدثوا ثغرات في جدار غزة ويدخلوا الاراضي الفلسطينية المحتلة التي كانت محرمة عليهم وباغتوا المستوطنين ومن يحرسونهم، فقتلوا واسروا اعدادا هائلة منهم واجبرت اخرين على مغادرة الارض التي وُعدوا الاقامة بها، انتشر المقاومون في اراض تفوق بكثير مساحة غزة واصبحوا على مشارف الضفة.

ندرك ان العدو ومن خلفه امريكا والغرب يملكون احدث انواع الاسلحة، وبامكانهم استخدامها وبكثافة وعنجهية ضد القطاع وقد يسببون عديد الماسي للمدنيين، فهؤلاء المجرمين لا يعترفون بالأعراف والمواثيق الدولية اثناء الحروب ومعاملة الاسرى لانهم ببساطة غزاة محتلين يريدون احياء امجاد وهمية وتهجير شعب بأكمله ليعيش في الشتات بينما ينعم هؤلاء بخيرات مهد الحضارات وموطن الرسالات السماوية، ولكن رغم ذلك، فإننا على ثقة تامة بان من اراد العيش بعزة وكرامة على ارضه وبذل كل جهد في سبيل تحقيق ذلك، لقادر على مجابهة الصعاب .

ونقول لضعاف النفوس الذين يحاولون تثبيط المقاومين واثنائهم عن القيام بدورهم البطولي ، والتهويل بالمصير المشؤوم ، بانهم لن يفلحوا وان الامة ستنهض رغم الركام، وضيق ذات اليد وخذلان من يدعون الاخوّة في العروبة والاسلام والانسانية، وان التطبيع مع الكيان لن يجدي الحكام نفعا، فما اصطلح على تسميته الربيع العربي ما هو الا مخطط استعماري بتواطؤ محلي لأجل المحافظة على الكيان الصهيوني ودمجه في محيطه الذي لفظه ورفضه رغم مرور عقود على اتفاقيات، كامب ديفيد واسلو ووادي عربة.

تحية للمقاومين في عرسهم الجماهيري الذي يشترك فيه كافة ابناء الوطن، وان هذه المعركة هي احدى المعارك التي ستقود حتما الى استرجاع الارض وهيبة المواطن رغم المحن.

***

ميلاد عمر المزوغي

في صباح السابع من اكتوبر، تشرين الاول؛ شنت المقاومة الفلسطينية؛ هجوما مباغتا على مواقع دولة الاحتلال الاسرائيلي في غلاف قطاع غزة. هذا الهجوم المباغت سيطرت فيه المقاومة على تلك المواقع العسكرية الاسرائيلية؛ كما انها تمكنت من اسر عدة جنود اسرائيليين، ونقلهم الى قطاع غزة. هذا الهجوم هو الاول منذ حرب اكتوبر. ان الاهم هو ان هذا الهجوم يعكس عزم وصلابة وتصميم المقاومة الفلسطينية على الدفاع عن حق الحياة للشعب الفلسطيني. كما انه يشكل ردا عمليا على غطرسة واجرام دولة الاحتلال الاسرائيلي، وعلى صمت العالم على جرائم هذا الاحتلال، وعلى عمليات التطبيع العربية المجانية. ان البحث الاسرائيلي المستمر عن الطرق ومسارات ووسائل؛ اقامة سلام في المنطقة عبر علميات التطبيع ما هو الا وهم من اكبر الاوهام. ان اسرائيل لا يمكن ان تنعم بسلام من دون حصول الفلسطينيين على حقهم الشرعي والقانوني في دولة ذات سيادة كاملة. الدول العربية المطبعة ليس في قدرتها ان تمنح دولة الاحتلال الاسرائيلي الامن والاستقرار والسلام واستدامة وجودها. ان عملية طوفان الاقصى ومهما كان او ما سوف يكون عليه رد الفعل الاسرائيلي؛ فأنها اي هذه العملية؛ سوف تدق جرس الانذار ليس في (اسرائيل) فقط بل في جميع العواصم العربية المطبعة مع هذا الكيان الاجرامي، وفي عواصم العالم ذات الصلة او التي تهتم بموضوع الصراع العربي الاسرائيلي. كما ان هذا التعرض او الهجوم المفاجئ؛ أكد بما لا يدع مجالا للشك؛ ان الشعب الفلسطيني المقاوم له القدرة والامكانية على ان يواصل نضاله وكفاحها من اجل استرجاع ارضه التي تم طردها منها قبل اكثر من ثلاثة ارباع القرن بتأمر دولي وعربي؛ بالاعتماد على قدراته الذاتية، كما كان عليه نضاله خلال السنوات المديدة السابقة؛ من تسعينيات القرن السابق والى الآن. كما عملية طوفان الاقصى الواسعة والجريئة، هي وفي اهم فيها؛ رسالة الى السلطة الفلسطينية؛ مفادها ان النضال هو الكفيل باسترجاع الحقوق، اضافة الى الحوار والمفاوضات ان كان هناك في دولة الاحتلال الاسرائيلي؛ من هو رغب فيها، او انه يجدها هي الطريق الاسلم ولا طريق غيره؛ الى السلام عندما يشعر ان كل ما يقوم به لا يؤمن له السلام وان الاثمان باهظة. ان الشعب الفلسطيني وكما يصفه او وصفه الراحل ياسر عرفات؛ انه شعب الجبارين. كيف لا وهو يقاتل قتالا ضاريا بلا دعم او اسناد من اي كان سواء من دولة او من غير دولة. مع انه تعرض خلال عدة سنوات ولايزال يتعرض الى حصار جائر وظالم وليس فيه ذرة من الاخلاق والانسانية، بل انه وبكل المقاييس القانونية والانسانية هو جريمة انسانية، صمت عنها العالم الذي يدعي بالعالم الحر والمتحضر والانساني؛ وهنا اقصد امريكا والغرب وحتى الدول الكبرى الأخرى؛ فالجميع لم يرفع صوت الرفض لهذا الحصار الظالم. إنما الشعب الفلسطيني مستمر في المقاومة بكل ما يتاح له، او ما هو من يبتكر ويجترح؛ الوسائل والسلاح سواء بالحجارة او بالسكاكين او بغيرهما. واخيرا توج هذا النضال القتالي؛ باروع واشجع عملية بطولية، لم يشهد لها التاريخ العربي مثيلا منذ حرب اكتوبر عام 1973. ان هذا الهجوم او العملية البطولية هذه؛ سوف يكون لها تداعيات واسعة وكبيرة جدا؛ على ساحات الكفاح الفلسطيني، وعلى عمليات التطبيع المجاني، وعلى السلطة الفلسطينية.

***

مزهر جبر الساعدي

خشيل: اليابس من الغثاء

غثاء: ما يحمله السيل من رغوة ومن فتات الأشياء على وجه الأرض

يقول لي متأسدا: أنا عندي 65 كتاب من تأليفي، ولا يتعاملون معي كما ينبغي!!

لم أعرف له كتابا، ولم أقرأ له موضوعا، وبدون مقدمات يباغتني بأنه صاحب هذا العدد من الكتب، وكبرياؤه يفور ونرجسيته تطغى، ولا أدري كيف أحاوره، فالإناء ينضح بما فيه.

وحبذا لو حمل معه أحد كتبه لأتصفحه، وأستشف شيئا مما فيه، لكنه يدّعي وحسب!!

هل المثقف بعدد الكتب التي يطبعها؟

يبدو أن الكتب لا تقدم ولا تؤخر خصوصا في زمننا المعاصر، الذي صار فيه الكاتب هو الناشر لنفسه.

وتكاثر عدد الكتب وتنوعت مواضيعها، حتى لتحتار ماذا تقرأ.

سيبوية (148-180) هجرية، ألف كتابا واحدا لا يزال حيا عبر الأجيال، ولآكثر من ألف عام، فالثقافة ليست بكمية الكتب وإنما بنوعيتها وقيمتها التفاعلية مع الناس.

في مجتمعات الأمة، المئات من المفكرين والفلاسفة الذي ألفوا أعدادا هائلة من الكتب، مكدسة في رفوف مظلمة ربما يقترب منها بعض المتخصصين، وما نفعت لأنها لا تتفاعل مع الواقع، وتتصدى لموضوعات خيالية لا تهم الناس.

"وأفضل ما إشتغلت به كتابٌ...جليل النفع حلو المذاق"

فهل نكتب ما ينفع ويثير المتعة ويشد القارئ ويمنحه وقتا طيبا، أم أن المسطور حشو بلا طعم ولا لون، فكيف يسمى كتابا، وهو الذي عليه أن يُقرأ لا أن ينام في الظلام؟

"إذا كان الكتاب جديرا بالقراءة، فإنه جدير بأن يُقتنى"

علينا أن نعيد النظر فيما نطلق عليه "كتاب"، فما هو التعريف المعاصر له، وما هي مواصفاته، ومنهجية كتابته، وتحريره وإخراجه؟

و"الكتاب الجيد صديق حميم"!!

فهل أن دور النشر أهملت معنى الكتاب، وحولته إلى دينار؟!!

***

د. صادق السامرائي

تبدأ عملية تحضير فنجان القهوة من حبوب البن إلى الكوب على المائدة انطلاقا من زراعة البذرة. ونظراً لحجم صناعة القهوة والطلب عليها في كافة قارات العالم، يتم الاعتماد أساسا على مزارعي القهوة لإنتاج حبوب البن بملايين الأطنان. وعلى الرغم من ذلك، لم يحظ مزارعو القهوة بمعاملة عادلة منذ الماضي البعيد. إن الدفع المالي بأقل من المستوى المطلوب مقابل شراء حبوب البن، والعمل لساعات طويلة والرواتب المنخفضة هي بعض الطرق التي يتم بها استغلال مزارعي القهوة. وإدراكًا لآثار وعواقب هذه الظروف المتردية على مزارعي البن، وفرضها على حقوقهم الإنسانية الأساسية، تم إنشاء منظمة التجارة العادلة في أفريقيا لوضع معيار مشترك للمنتجين لضمان معاملتهم بكرامة - وهي إحدى الركائز الأساسية لحقوق الإنسان في أفريقيا وخصوصا في جنوبها.

غالبا ما ننسى أن هذا المشروب الأسود اللذيذ الذي نستمتع به كثيرًا، يتطلب قدرًا وجهدا هائلاً من العمل لإنتاجه، في حقول تبعد مئات الكيلومترات عن مكان وصوله في النهاية إلى فنجانك في البيت أو في المكتب أو في المقهى.

ونظرًا لأن القهوة يتم الحصول عليها من هذه الحقول النائية، فإن العلامات التجارية للقهوة لا تكون دائمًا قادرة على ضمان تعويض مزارعيها بشكل مناسب مقابل عملهم. وهنا يأتي دور شهادة منظمة التجارة العادلة.

منذ عام 1997، قامت منظمة التجارة العادلة بتعيين مدققين مستقلين للتأكد من أن القهوة والمنتجات الأخرى المستخلصة منها التي تحصل على شهادتها تتمتع بمستوى عالٍ من الاستدامة. وفي حين أن ذلك يشمل مجموعة واسعة من المتطلبات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، ومن بين أهمها:

ضمان دفع الحد الأدنى من سعر القهوة للسماح بالإنتاج المستدام وتوفير ظروف العمل الملائمة للعاملين في المزارع لإنتاج القهوة بطريقة مستدامة بيئيا الاستثمار في المجتمع من خلال توفير الأموال للمشاريع الخاصة.

إذا كان ليس من الضروري أن تكون القهوة حاصلة على شهادة التجارة العادلة للوفاء بهذه الشروط، فإن رؤية هذا الشعار على الملصق توفر اليقين بأن معايير الاستدامة هذه قد تم استيفاؤها ويتم مراجعتها كل عام.

إن دعم العلامات التجارية للقهوة الحاصلة على شهادة التجارة العادلة يدعم أيضًا سبل عيش الأشخاص الذين يتأكدون من أنه يمكننا الاستمتاع بفنجان من القهوة كل يوم. لذا، إذا كنت ترغب في الاستمتاع بفنجان من القهوة اللذيذة، مع التأكد من أنها تمت زراعتها بشكل مستدام، فادعم إحدى العلامات التجارية للقهوة الجنوب أفريقية المعتمدة من التجارة العادلة

***

عبده حقي

قبل أسابيع مرت وفي الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول؛ اثنتان وعشرون سنة على تفجير برجي التجارة العالمية في نيويورك، والبنتاغون، هذان التفجيران هما اللذان دفعا أمريكا إلى أن تغزو وتحتل دولتين، هما أفغانستان والعراق، بادعائها؛ أنهما تقفان وراء هذين التفجيرين؛ حركة طالبان في أفغانستان بصورة مباشرة، والعراق بالطريق غير المباشر. هذه الادعاء مشكوك في صحته من قبل الخبراء في هذا الشأن، سواء كانوا أمريكيين أو من غير الأمريكيين.

روسيا بوتين هددت أمريكا مؤخرا بأنها قريبا سوف تكشف معلومات عن هذين التفجيرين تنسف السردية الأمريكية حولهما من الأساس. هذا الإعلان الروسي بالكشف عن الحقيقة بقدر ما هو مهم في إماطة اللثام عن حقيقة التفجيرين، وإزالة الغموض حولهما، بقدر ما يشكل إدانة للصمت الروسي، بمهادنة أمريكا على حساب الحقيقة في وقتها. هذه المعلومة الروسية، كانت روسيا قد اعلنت عنها قبل أكثر من شهر، لكنها لم تكشف عن ما في حوزتها من معلومات حتى الآن، فقد غزت أمريكا تحت هذه الحجة وحجج أخرى، أثبت الواقع الموضوعي والحقيقة التي أنتجتها معطيات هذا الواقع؛ بطلانها وخديعتها بالكامل؛ دولة ذات سيادة وواحدة من أعضاء الهيئة الأممية، بلا تفويض، أو قرار من مجلس الأمن الدولي.. غزو أمريكا واحتلالها للعراق، وما سببته من دمار للزرع والضرع والإنسان، والبنى التحتية؛ سوف تترتب عليه تعويضات تكون أمريكا ملزمة، بدفعها للعراق، مهما تقادم عليها الزمن؛ فتقادم الزمن لا يلغي الحق الشرعي والقانوني، حالها حال ما ترتب على العراق بعد خطيئة غزو واحتلال الكويت من قبل نظام صدام حسين حينها، من تعويضات كانت مبالغا فيها على الأغلب، ومجحفة بحق الشعب العراقي إلى حد كبير جدا، وكما هو الوضع والحال والنتائج؛ في قرار مجلس الأمن الدولي 833 من ظلم وسلب لحق العراق في سواحله ومداخلها وأرضه.

أمريكا بغزوها العراق وأفغانستان؛ كانت قد شرعت وفتحت الباب واسعا، بعد سنوات، وبدءا من عام 2008، إلى الوقت الحاضر، خاصة حين تراخت قبضتها على النظام الدولي؛ شرعت للقوى الدولية الكبرى أن تقوم بما يحلو لها من غزو واحتلال للدول، وبالذات الدول التي ليس في قدرتها وقوتها الدفاع عن نفسها، كما حدث في جورجيا في عام 2008، وكما هو حاصل الآن في الغزو الروسي لأوكرانيا، وفي غيرهما بطريقة أو بأخرى. وعلى الرغم من كل هذا يتساءل المسؤولون الأمريكيون، لماذا العالم يكرهنا؟ وكأن أمريكا هي الحمل الوديع! والعالم لا يرتاح لها أو يكرهها بلا أسباب وجيهة. أجزم لو تم إجراء استفتاء حر وحيادي ونزيه او استبيان؛ عن من يحب امريكا ومن يكرهها على مستوى الناس في أرجاء العالم؛ لكانت النتيجة أن أكثر من ثلثي المصوتين، على أقل تقدير، يكرهون أمريكا. إن أمريكا بغزوها واحتلالها لأفغانستان والعراق، وبالذات العراق من جهة القانون الدولي؛ لم تحصد سوى الخسارة وهي خسارة استراتيجية، لا يمكن واقعيا أن يتم وضعها في خانة الخسارة التكتيكية. ففي أفغانستان خرجت منه وهي تجر خلفها أذيال الخيبة وفقدان هيبتها، إذ انسحبت وسلمت السلطة إلى حركة طالبان، وكان هذا الانسحاب انسحابا مذلا ومهينا؛ لتترك الشعب الأفغاني ضحية للتطرف في أجلى وأوضح صوره. كما انها في انسحابها هذا؛ تركت في يد مقاتلي حركة طالبان أسلحة متطورة، تقدر أثمانها بأكثر من سبعة مليارات دولار، حسب البنتاغون. أما في العراق التي لا تزال حتى الآن قواعدها العسكرية فيه، أو على أرضه، مهما قيل بخلاف هذا، فإن هذه الأقوال لا تغير من واقع الوجود الأمريكي على أرضه، أي تغيير مهما كان صغيرا، ففي العراق وعند غزوها وهي في الطريق إلى احتلاله، والمعارك لا تزال مستمرة على مشارف بغداد العاصمة؛ دفعت مجلس الأمن الدولي إلى تبني قرار؛ يجعل منها قوة احتلال، وقد صدر القرار حتى قبل سقوط بغداد بإيام، لكن أمريكا لم تقم بما يفرض عليها هذا القرار كقوة احتلال، من التزامات بدءا من حماية مؤسسات الدولة ودوائرها المهمة والحيوية بما فيها البنوك، والمتحف العراقي وغيرهما. لكنها بدلا من هذا، فتحت أبواب مؤسسات الدولة، المتحف العراقي مثلا والبنوك، أمام اللصوص لنهبهما، أو أن قواتها لم تقم بما يجب عليها القيام به، من حماية هذه المؤسسات، كما فعلت في حماية وزارة النفط. وكان عليها لو كانت جادة في تأسيس دولة ديمقراطية ومدنية وعصرية؛ أن تحمي مؤسسات الدولة، وأن لا تحل الجيش، الذي هو في الأول والأخير؛ جيش عراقي، وليس جيش رأس النظام السابق؛ وان تفتح أبواب المستقبل أمام الشعب العراقي الذي كان ولمدة أكثر من عقد يرزح تحت ثقل الحصار الجائر، وفي ظل نظام ديكتاتوري؛ يحكم الناس والدولة بقبضة من حديد.

إن أمريكا منذ احتلالها للعراق، وخلال العشرين سنة التي انصرمت؛ تؤكد بما لا يدع مجالا للشك؛ أنها لم تكن جادة في إقامة نظام ديمقراطي ودولة حضارية وعصرية ومدنية؛ كما كان عليه العراق في جميع حقب تاريخه؛ التي تمتد عميقا في أغوار التاريخ البشري، لكنها على العكس من هذا؛ قامت بالعمل أو بالتشجيع غير المباشر، بواسطة وكلائها؛ على تشظي المجتمع العراقي، الذي لم يعرف في كل مراحل تاريخه الحديث؛ مثل هذا التشظي والانقسام، لأن أمريكا تريد أن يظل العراق، دولة ضعيفة منقسمة على ذاتها، وقرارتها السياسية أو الاقتصادية أو غيرهما موزعة، على الأقسام المقسمة؛ سياسيا واقتصاديا وبشكل يقوي هذا الانقسام؛ ليصبح البلد في حاجة دائمة إلى الراعي الأمريكي الذي هو في الواقع لا يرعى إلا مصالحه. هذه القراءة ليست وجهة نظر فقط، بل إنها قراءة للسياسة الأمريكية في العراق منذ تاريخ غزوه في 2003 وحتى الآن.. ومن وجهة نظري أن السياسة الأمريكية في ما يخص العراق؛ سوف تفشل فشلا ذريعا؛ بعقل ووعي وبسواعد وإرادة المخلصين الوطنيين من أبناء هذا الوطن، الذين لم يسكتوا على ضيم في كل مراحل تاريخهم الحديث والقديم. ويمكن تلخيص السياسة الأمريكية في العراق في النقاط التالية:

أولا، أفشلت من وراء ستار وبشكل غير مباشر، بواسطة ما تملك من وكلاء؛ لهم دور منتج في تشكيل أي حكومة بعد أي انتخابات؛ محاولات إقامة حكومة أغلبية، ومعارضة برلمانية. ثانيا، ألغمت قرار مجلس الأمن الدولي بإخراج العراق من طائلة البند السابع؛ بإضافة فقرة مفادها من الممكن تفعيل هذا البند، إذا لم ينجح العراق في تسوية خلافاته مع جيرانه، والمقصود به هو دولة الكويت. ثالثا، عرقلت الجهود العراقية بطريقة غير مباشرة في تسليح الجيش العراقي، لعدة سنوات إلى وقت قريب. رابعا، وكما يقول الإعلام؛ كان لها دور غير مباشر في سيطرة «داعش» على ثلث مساحة العراق؛ بطريق غير مباشر. خامسا حالت دون سيطرة العراق على أجوائه؛ ما جعله رهن أمريكا في هذا المجال. وهذا يرتبط ارتباطا عضويا وواقعيا ومنتجا في ما ورد في رابعا. هذه القراءة لا تعفي أحدا من المسؤولين من مسؤوليته، كما لا تعني أن ليس هناك فساد ومفسدين..

***

مزهر جبر الساعدي

للعصور عقولها المعبرة عما فيها من المعارف، ولا يجوز التجمد على عصر وإهمال معطيات الزمان والمكان.

والسائد في واقعنا أن مهارات التعويق تتعزز وتتعاضد، فتجدنا في مأزق التمسك بالأعلام الذين برزوا في زمانهم، وتمثلوا بمعارف عصرهم، وقدراتهم المعرفية قليلة بالقياس لما توفر في عصرنا من آفاق علمية وثقافية.

فترانا نتمسك بإبن خلدون (1332 - 1406) ميلادية، وإبن رشد (1126-1198) ميلادية، وغيرهما، وكأن الأمة عقمت من بعدهم، وما عادت قادرة على الإتيان بأفضل منهم.

مقدمة إبن خلدون، ليست كما نرى بالقياس لمعارف اليوم!!

ولماذا نعتقد بأن ما ذكره قوانين مطلقة؟

فوصفه للعرب فيه إجحاف وسوء تقدير، وما أورده عن الممالك والمدن مستوحاة من ملاحظاته لما جرى في زمانه، وتجربته في مكانها وظروفها المتقلبة المضطربة.

أما إبن رشد الذي أحيا ما إنطلق به إبن مسرة (833 - 931) ميلادية، فنردد ما ذهب إليه من إعمال العقل في النص الديني، ولا إجماع مع التأويل وغيرها، وكأن الأجيال لم يفعّلوا عقولهم بالنصوص االدينية، ولم يفسروا ويؤولوا ويؤلفوا عشرات الموسوعات، وبسبب هذا التفعيل تخرّب الدين وتشظى!!.

ولن تجد مثل هذه الظاهرة في المجتمعات التي تعبّر عن زمانها ومكانها، وتستفيد من ماضيها وحسب.

وهذه المناهج تثير الشكوك وكأنها مدبرة، ومن الواضح إننا لم نكتشف رموز حضاراتنا، ولم نتعرف عليهم بجهودنا، والذي دلنا عليهم هم الأجانب، مثلما إكتشفوا آثارنا، ويبدو أنها مقصودة لتعطيل أجيال الأمة ومنعها من التفاعل مع عصرها، لكي تبقى في تبعيتها ودونيتها وشعورها بعجزها على التنافس مع الأمم الأخرى، وتوهمها بأن الماضي أحلى، لأن حاضرها تعيس ومرير.

إن لكل عصر أعلامه المتفاعلة مع رموز العصور السابقة، للوصول إلى صناعة نماذج لاحقة ذات شأن إبداعي أصيل، أما التشبث بأعلام عفى عليها الزمان وداستها سنابك القرون، فهذا عدوان مروع على الذات والموضوع، وعمل إندثاري خطير.

فهل لنا أن نتحرر من سطوة الغابرين، وعندنا خلاصة المعارف العلمية المعاصرة؟!!

***

د. صادق السامرائي

السببية لا تُثبت وجود خالق وانما فقط تحقق احتمالا لذلك الوجود

كان الاستدلال بالسببية لإثبات وجود الخالق من الاستدلالات المنطقية لقرون طويلة، الا أنها في الحقيقة وبحسب فهمي لا يمكن أن تقدم دليلا تاما على وجود الخالق فهي بذاتها قاصرة عن ذلك إلا بالارتكاز على دالة أخرى لأن النظرية تعتمد الشرطية بين المقدمات والنتائج دون النظر إلى الفارق في الماهية بين هذه المقدمات والنتائج، فعندما تقول إن « الأثر يدل على المسير » فأنك هنا فقط تثبت أن هناك سببا لهذا الأثر ولكنك لا تثبت ماهية المسبب ولا تستطيع أن تسمي هذا المسبب حرفيا الا اذا كنت تعرف مُسبقا على وجه الدقة ماهية ذلك المسبب كالقول المأثور بأن «البعرة تدل على البعير » لأن هذه المقولة كانت تصدر عن من كان يعيش في بيئة الصحراء حيث كان سكان الصحراء يعرفون البعير بعينه

ويعرفون أن هذه البعرة لهذا البعير قطعا لذلك فإن هناك هذه الشرطية الموضوعية التي تكون فيها النتيجة مُعَّرفة والمُقَدِمة مُعَرفة أيضا، من هنا نفهم أن حدود ما يمكن إثباته من قانون السببية هو إثبات السبب وليس إثبات المُسبب، ولأن السبب يعتبر فعل فلابد أن يكون له فاعل ولأننا نتحدث عن قانون يُفترَض أن نستخدمه لإثبات الخالق فأن الأصل في ذلك إثبات الفاعل وهو المسبب لهذا السبب وهذه مرتبة من البحث تعتبر الدالة الأساسية لجعل قانون السببية مناسبا لإثبات وجود الخالق، حيث أن هذا القانون دون الارتكاز على هذه الدالة يُصبح دون قيمة تذكر

 ماهي هذه الدالة التي تجعل قانون السببية مناسبا لإثبات وجود الخالق؟

اذن نحن هنا أمام حقيقة أن هناك نتيجة لمقدمة وهي شرطية حتمية ولكننا أيضا أمام انسداد موضوعي لا يتعلق بالنتيجة وانما يتعلق بالمقدمة ؛ وهو أن هذه المقدمة تحتاج إلى تعريف والتعريف يحتاج إلى أدوات لرسم صورة مطابقة لهذا المُعَرف، فمثلا عندما تريد ان تُعرف حيوانا يعيش في البحر فانك هنا تمتلك في مفكرتك عددا من الصور الواقعية لعدد من المحتملات مما يعيش في البحر ؛ لذلك ستظهر في مخيلتك هذه الصور من اسماك مختلفة أو أي حيوانات بحرية سبق لك مشاهدتها، وكذلك مثال «البعرة والبعير» فأنك تعرف البعير واقعيا لذلك فأنك حتماً ستربط بينه وبين مخلفات البعير وهو ربط موضوعي

وفي حالة الأثر والمسير كذلك فإن الربط هنا موضوعي لأنك تعرف مثلا أن اطار السيارة على الأرض يدل أن هناك سيارة قد مرت من هنا وذلك لأنك تعرف السيارة وقد شاهدتها مسبقا وتعرف أن لها اطارات، أما نسبة المخلوق إلى خالق من خلال نفس الاستدلال فأنه سيكون قاصرا من ناحية ان المقدمة غير مُعَرفة مُسبقاً بمعنى أنكلا تملك في مفكرتك صورا لكي تستخدمها أو تطابق بها هذا المُسبب في الخلق، فقد يكون المسبب هو الله الذي نؤمن به وقد يكون بالنسبة لغيرنا مُتحكم آخر مختلف أو أن تكون الطاقة هي المسبب أو أن الصُدفة قد أوجدت سببا لنشوء الكون كما يدعي البعض من المشتغلين بالعلوم التطبيقية أو أنه التطور في كون أزلي موجود بذاته وغير مخلوق وعليه فإننا هنا نحتاج إلى إسقاط الاحتمالات الأخرى لكي تكون مقدمتنا والمتعلقة بالنتيجة مقدمة عقلانية : من هنا فإن أي مقاربة مادية تتعلق بمقدمة الخلق ستجعل احتمال وجود خالق منتفية موضوعيا لأنها ستكون مضطرة لاستخدام أدوات الواقع المادي الذي يتناسب مع أقصى التصورات البشرية المُتاحة، وهي الاشكال التي مرت عبر التاريخ البشري في البحث عن الٰه والذي لم يتمكن فيه هذا الإنسان من أن يتصور خالقا خارج قدرة الاستيعاب المتعلقة بالمادة ولذلك فإن تصوره كان يراوح بين المراتب المادية الأربعة والتي لن تفرز أكثر مما أفرزت في الماضي من أشكال محتملة للآلهة من واقع هذه المراتب، حجراً أو نهراً أو شجراً أو ريحاً صرصراً أو ناراً وجمراً أو شمساً أو قمراً لذلك فأن خالقا خارج هذا التصور المادي لا بد له أن يكون مفهوما على مستوى آخر أعلى من أدوات المادة وذلك هو الحكم العقلي الذي يحدد ما يعقل ومالا يعقل دون الحاجة إلى تصور أو تحديد وعليه يُصبح قانون السببية معلقاً على إثبات عقلانية المسبب وهي بتقديري الدالة الوحيدة القادرة على أن تجعل السببية قاعدة ارتكاز في إثبات حتمية وجود الخالق؛ ولمعرفة أن المسبب لهذا الخلق عاقلا مدركا لما يفعل فإننا بحاجة إلى إثبات وجود الفعل العاقل وذلك ستجده في مقاصد الخلق، حيث أن كل الوجودات لها مقاصد ولن تستطيع أن تستثني اي تفصيلة في الوجود من هذه القاعدة ؛ ولأن القصد فعلٌ عاقلٌ فلابد له من فاعل عاقل ومن هنا فإن كل الاحتمالات الاخرى المطروحة من قبيل أن المسبب صدفةً أو طاقة أو وجودا ذاتيا ازليا أو غير ذلك من الطروحات ستسقط حتما لأنها لن تستطيع نفي وجود المقاصد في الخلق

***

فاضل الجاروش

العراق من شماله إلى جنوبه يغرق بأكداس مرعبة من النايلون والصناعات البلاستيكية الأخرى، والنايلون واللدائن بشكل عام تنماز مثلما هو معروف بصفة التحلل البطيء جدا، وفضلا عن ذلك يصاحب عملية تحللها انطلاق غازات خطيرة مميتة. وفي الظروف الطبيعية يبدأ تحللها عادة بعد 500 – 700عام من تاريخ طمرها، وبشكل بطيء جدا، أما الأكياس البلاستيكية فيبدأ تحللها بعد مرور 1000عام من تاريخ طمرها، وإذا بقي معدل إطلاقها في الطبيعة بهذا الشكل المرعب قد لا تجد الأجيال القادمة مكانا للزراعة مثلا، ولا من يزرع، فهم سوف تقتلهم الغازات المنبعثة من عملية التحلل.

كل هذا ونكاد لا نلمس ولو مجرد إشارة عابرة من مسؤول؛ عظم أم صغر، أو من وزارة البيئة المعنية بهذا الأمر، أو من أي جهة أخرى مجرد تنويه إلى هذه المخاطر المرعبة، مع أن عملية علاجها لا تحتاج إلى عقول جبارة، بل مجرد اتخاذ بعض الإجراءات يكفي لمعالجة جزء كبير من المشكلة الكبيرة.!

فإذا كان ولابد من استيراد الفواكه والخضر، يجب أن نلزم التجار باستيرادها بصناديق وحاويات خشبية حصرا، وبدون وجود أي أكياس أو نايلون تلف به المادة داخل الصندوق الخشبي.

وإذا كان ولابد من استيراد العصائر والمياه الغازية، وأغلبها مثلما هو معروف مضرة بالصحة العامة، فيجب أن نلزم التجار باستيرادها بعبوات معدنية حصرا.

وإذا كان ولابد من استيراد مياه الشرب المعقمة، فيجب أن نلزم التجار باستيرادها بعلب معدنية، ونلزم أصحاب المحطات المحليين باستخدام العلب المعدنية.

وإذا كان ولابد من استخدام الأكياس عند التبضع، فيجب أن نلزم الأسواق والباعة باستخدام الأكياس الورقية.

وأترك الباقي لوزارة البيئة عسى أن يُحلل وزيرها وموظفوها رواتبهم التي يتقاضونها من خلال تفعيل عمل وزارتهم، أليس من واجباتهم الأساسية حماية البيئة وتحسين عناصرها المختلفة بشكل مستدام؟

أليس من واجباتهم الأساسية المحافظة على مكونات البيئة والارتقاء بها ومنع تدهورها او تلويثها؟

أليس من واجباتهم الأساسية اتخاذ مجموعة من التدابير والإجراءات التي من شأنها إلغاء الآثار البيئية السلبية أو تخفيفها إلى المستويات المقبولة محلياً وفقا للتشريعات الوطنية والمعايير الدولية المعتمدة؟

أليس من واجباتهم مراقبة ومتابعة وجود أي من الملوثات في البيئة بكمية أو تركيز أو صفة تؤدي بطريق مباشر أو غير مباشر إلى الإضرار بالإنسان او الكائنات الحية؟

فلماذا لا نجد لهم أثرا؟ ولماذا لا يؤدون واجباتهم؟ ومتى تختز شوارب المسؤولين ليهتموا بمصلحة المواطن المسكين؟ أم ستبقى المعادلة أذن من طين وأخرى من عجين، و(لكم الله يا خائبين).

وأنت أيها الإنسان العراقي، ما دورك في هذه المعادلة غير العادلة؟ هل أديت دورك في الحفاظ على موطن أولادك وأحفادك؟ لماذا لا تنتبه للضرر الكبير الذي تحدثه من خلال تعاملك مع البلاستك بهذا الشكل الغريب؟

إن العقلاء والحكماء يعترضون المشكلة في طريق سيرورتها قبل أن تصل إلى هدفها وتستفحل فيصعب علاجها، فلماذا لا نرى أحد منهم يشمر عن ساعديه ليعترض طريق هذه المشكلة القاتلة؟ أم ليس بينهم حكيما ولا عالما؟ وغذا كانوا كذلك فلماذا لا يبتعدون ويفسحون المجال للعلماء والحكماء لكي يقودوا البلد قبل خراب البصرة؟

بالمناسبة هل أن البصرة لم تخرب لحد الآن؟ وكيف هم مع استخدام المياه المالحة غير الصالحة للاستخدام البشري؟؟

***

الدكتور صالح الطائي

علي هادي وكوندورسيه وبطاطا في حكايات السوداني المذبوحة الديك

قالوا إنَّ مواطناً عراقياً اسمهُ علي هادي يزحفُ على ركبتيه، في وادي طوى القانون العراقي منذُ عقدٍ من السنين. هادي الذي يسكنُ محافظة النجف التي تقعُ جنوب بغداد، مارس هذا الزحف المُقدَّس من أجل إنقاذ قطعة أرضٍ يمتلِكُها منذُ 22 عاماً. ناشِطون وفضائيات ومقاطع على السوشيال ميديا حاولت أن تُعطي لقضيته رجلين لكن بلا فائدة؛ فالمناشير مثل بعض أطراف هيئة النزاهة في المحافظة والعصابة البشريَّة التي استولت على أرضه في منطقة الوفاء، حرِصت على قطعِهما كلما نبتت. الأولى طالبته بالرشوة والثانية تُريدُ منه بيعها بابخس ثمن.

المُضحك المُبكي في قضية هادي إنَّهُ يسكنُ محافظةً دينيَّة، تقعُ ضمن عباءة ما تُعرف بـ " المرجعية العُليا"؛ تلك التي وصلت عباءتُها إلى منطقة الجادرية في العاصمة بغداد كي تُدافع عن حقوقِ أُناسٍ في أراضٍ يمتلكونها هناك، ضد عصابات تجمعُ بين الدولة وسلاح اللادولة. سكَّينة الشرف الحكومي ذبحت يومها الموضوع على قِبلة، ونثرت الفضائيات العراقية دمَّ إجراءاتها أمام المشاهدين، واستضافت من أصابتهم ضربة حظ "المرجعية العُليا". لا أعرِفُ لحدِّ هذه اللحظة، لماذا قصُرت هذه العباءة التي وصلت جادرية بغداد عن وفاء كربلاء، ولماذا لم تُحرِّك جلطة علي هادي الدِماغية مشفى فتاوى هذه المؤسسة الدينية.

علي هادي وبالإضافة للوثائق التي يمتلِكُها لديه سندُ تمليكٍ بهذهِ الأرض، لكن كما يبدو فإنَّ إجراءات القانون العراقي، لم توفِّر لهُ ولحدِّ الآن سوى مياه دجلة وفرات كي يُغمِّس فيها تلك الوثيقة، ويشربها شاياً وقهوة مع من حكى وما زال يحكي لهم قصة أرضه وتهتُّك العِرض الحكومي الذي يسكنُ المنطقة الخضراء.

استدعيتُ بسبب علي هادي سامحهُ الله على مطالبتِه بحقَّه أحد المُشرِّعين الدستوريين لحق الاقتراع العام "الانتخابات" زمن الثورة الفرنسيَّة. حضر كوندورسيه فوراً من كتاب "انتصار المواطن" الذي كتبهُ بيار روزانفالان. بعد طرحي قضيَّة علي هادي عليه، أخبرني بأنَّ قضية هادي خاسِرة لأنه غيرُ عراقي!

نظرتُ إليه شزراً فأوحى لي بنظراته أن أصبِر قليلاً، وقدَّم الحُجَّة التي سأذكرُها بتصرُّف "قُلت سابقاً قبل 250 سنة تقريباً بأنَّ الفرنسيين الذين لا يمتلِكون أرضاً في بلادِنا لا يحِقُّ لهم التصويت إذ كيف نضمنُ تصويتهم لصالِح فرنسا. وبناءً على ما طرحتهُ آنذاك كيف لي أن اعتبر مسيو هادي عراقياً ما دام يمتلِكُ أرضاً لا يمتلِكُها؟".

صعَّرتُ خدي وشمختُ بأنفي بعيداً عن هذا البلّوط البشري وقُلت في سِّري " فرنسي ولا عتب عليك". تلقفني الأمريكي من أصلٍ لبناني حنا بطاطو، صاحب الثُلاثية المشهورة عن العراق وقال لي بأن هذا البلّوط كان جافاً في التوضيح. ذَكَرَ لي إنَّهُ التقى في الجزء الأول من الثُلاثية بشرطيٍ عراقي من أهالي ميسان، كَفَرَ بالعباد والبلاد لأنهُ لا يمتلِكُ شِبراً فيها.

بعيداً عن هذه اللقاءات المُحبِطة، هناك مشكلة أُخرى تتعلَّق بالأراضي العراقيَّة وهي تاريخيَّة أيضاً، تحدَّث عنها الدكتور فاضل الربيعي في إحدى كُتُبِه، ألا وهي قوانين "تسوية الأراضي" البريطانية التي تُتيح وباختصار أخذ الأرض من الشيوخ المُعارضين لهم وإعطائها للشيوخ "المُتبرطنين". بعد 2003 أُعيد العمل بروحها تحت يافطة "هيئة نزاعات الملكية"، وبفضلِ هذه اللوحة الإعلانية أصبحت معظم رؤوس النظام الجديد مالكة لمناطق وعقارات مُعتبرة في العاصمة بغداد، بعد أن جُرِّدت من أصحابها بحجَّة الانتماء للنظام السابق.

هذه البدعة البريطانية الكافِرة والتي ما زال نِظام العراق الإسلامي عامِلاً بها، تمنحُ السُلطات البيروقراطية في الدولة العراقيَّة، قُدرة شبه مُقدَّسة على التوثيق القانوني، ما دامت هي أكبر مالك ومانح للأراضي في نفس الوقت، وبسبب حالات التهجير والقتل على الهوية الطائفية التي سادت العراق بعد 2003؛ فإنَّ أضابير الأراضي المملوكة لكثيرٍ من المواطنين مُحيت منها أسمائهم وكُتِبت أُخرى بحبر الحزب والطائفة أو اختفت.

وثيقة التملُّك أو ما تعرف عراقياً بـ "الطابو" تشبهُ هنا خاتم زواج يرتديه اثنان ضُبِطا على السرير في فُندُق بدون عقدِ زواجِهما، في عالمٍ بيروقراطي تُسيطر عليه الأحزاب وأُمراء الطوائف بديلاً عن الدولة. كما أن تطبيق القانون العراقي وحتّى بعد اثبات الحق لأحد الخصوم، يحتاجُ سنيناً كي يعود لصاحِبه وقد لا يعود إن كان الخصمُ حزباً أو زعيم طائفة يلبس عباءة حزبيَّة؛ بل قد يقتُل كما حصل لأحد العراقيين الحاصلين على الجنسية السويدية، بعد أن فاز بحكمٍ يُلزم إحدى شركات تحويل الأموال بإرجاع نقوده التي أودعها لديها، لتقوم بتحويلها إلى هذا البلد الاسكندنافي الذي يقطنُ فيه. لم يتم العثور إلى الآن على القاتل أو القتلة أو معرفة من هم.

الحكومة العراقية الحالية ومنذُ أيامها الأولى في الخضراء، جعلت من الشعب شهريار، حكت له وما زالت قصصاً عن نيَّتِها بمكافحة الفساد، لكن بعد كُلِّ ليلة كانت تذبحُ ثقة واحدٍ منّا ديكاً. مرَّة تُفرِج عن السيد نور زهير بطل قضية "فساد القرن"، وعن رئيس عصابة بطاقات "الكي كارد" في مديرية التقاعد العامَّة في الثانيَّة، وعن لصوص مصفى بيجي في الثالثة وهكذا دواليك.

رئيس الحكومة محمد شياع السوداني الذي قرر أن يلعب دور شهرزاد في إرجاع ثقة العباد بحكومة البلاد قد لا يستطيع ضرب رأس حكومته بحيطان الفساد أمامه وبالأحزاب التي ورائه، لكن قضية علي هادي البسيطة رغم عدم امتلاكِها "عباءة عُليا" منسوجة في الجادرية فُرصة لا تعوُّض؛ كي تُثبِت الحكومة أن مصفى الثقة بها غير مثقوب، وأن تطبيقها القانون لا يحتاج "كي كارد" المرجعيات الدينية الذي لا يعمل كما يبدو إلَّا في المناطق الثريَّة من العاصمة بغداد، وبأنَّها لا تُفكِّرُ بافتتاح جامعة تُدرِّس العراقيين مناهج علي بابا في القضاء على كهرمانة وزيادة الأربعين حرامي.

***

مسار عبد المحسن راضي

كاتب، صحافي، وباحث عراقي

الأوطان الجريحة لا تبنى بالصراخ والعويل.. بل يجسد البناء الفكر الحر والارادة والثبات والذهاب بالحلم الى الأقاصي.. هكذا علمتنا دفاتر التاريخ بكل محطاته. المؤمنون بافكارهم ورؤاهم المستقبلية ليس في قاموسهم الخوف او الرهبة من خوض معركة الحرية والعدالة الاجتماعية والتقدم والحداثة وتجسيد قيم المواطنة على ارض الواقع.. المستقبل للاحرار الشجعان وليس للسفهاء الجبناء..

هناك من يتقدم المشهد العام في تونس والوطن العربي المثخن بالانكسارات والهزائم، وليس في رصيده التاريخية آي مشروعية لأن يكون شخصا قياديا، في كل الميادين.. الثقافة والإعلام والنقابة والسياسة وحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني بشكل عام. هنا مربط الفرس مثلما يقول الأجداد، من لا يمتلك مشروعا متكاملا للنهوض والتغيير والبناء محصنا بالفكر النقدي المستنير والرؤية الإستشرافية البعيدة المدى، لا يستطيع ان يذهب مسافات من أجل تأسيس وتركيز هذا المشروع مهما إدعى وتوهم إنه من عباقرة هذا الزمن اللعين الموبوء بالخيبات.

إن المجتمعات الطامحة للتغيير الجذري وضرب التخلف في معاقله، لم تترقب هذا النهوض النوعي بل كان نتيجة طبيعية وثمرة جهود جبارة قام بها اولادها وبناتها من كل الأجيال والأطياف والفئات الإجتماعية ومن كل الأقاليم، عواصم ومدن كبرى وقرى متاخمة للتهميش والنسيان..

الفكر النقدي المستنير هنا هو البوصلة الحاملة في زواياها وصفحاتها المضيئة بذور الزرع لافكار وبرامج تنموية في أرض صالحة تربتها.

لا تستطيع السواعد المفتولة ان تؤسس البناء وخلق معمار جديد صلب ومتين إذا كانت الأفكار المتسمة بالنقد والمعرفة والرؤية الإستراتيجية والبعد الإستشرافي في حالة غياب تام. هذا ما نلحظه الآن على المستوى العربي، مما جعل مواطن / إنسان هذا الوطن الكبير، من المحيط إلى الخليج، في دوامة الشعور بالانكسار والخيبة والخوف من الغد ..

ما تتطلبه المرحلة العربية الراهنة، هو التاسيس الفعلي لمشروع التغيبر الراديكالي في كل القطاعات بعيدا عن المحاصصات السياسية أو الطائفية أو الفئوية للخروج من النفق المظلم والدخول إلى الأفق الكوني / الإنساني بقيمه الحداثية والعقلانية والمواطنية لتركيز الدولة الاجتماعية، هنا وهناك، مشرقا ومغربا، قوامها الحكم الديمقراطي وتكريس قيم المواطنة بكل شموليتها وابعادها مع العمل الجدي والدؤوب على العدالة الاجتماعية والتنوير الفكري والثقافي لمحاصرة الظلامية في كل مكان.

هذا العمل الجبار، لا تقوم به اجساد لا تحمل مشروعا متكاملا للنهوض والزحف على معاقل التخلف، بل هذا هو الحلم المتنامي في اجساد رحلت عن الدنبا واجساد تكافح بلا هوادة بعزيمة المحاربين الأشاوس الذين لا يعرفون ويعترفون بالهزيمة ..

الغد، تصنعه العقول المستنيرة المحصنة بالفكر النقدي المؤمن بالمستقبل وإنسانية الإنسان مهما إختلفنا معه، لونا وعرقا ودينا ولغة وحضارة.

***

البشير عبيد / تونس

الشعر عجينة كلمات بسلاف العواطف والانفعالات، البعض يعجبه "خبز التنور" وآخرون يتلذذون بأنواع المعجنات المعاصرة، والصمون بأشكاله ومسمياته، والأجيال في مجتمعاتنا تحن لخبز التنور؟

والمشكلة أن العجينة تلد أشكالا متنوعة وفقا لقدرات المتفاعل معها، وتحتاج إلى ملح وسكر وإختمار، والشائع ما تقطّع من العجينة ووضع في قوالب الرؤى والتصورات.

وهناك معجنات غير مستساغة، وكأنها صنعت من ماء البئر المج الخالي من الطعم الطيب، وطعم خبز التنور لا يزال المفضل عند معظم الناس.

إنها مقاربة لتوضيح حقيقة الشعر وجوهره، ويمكن الإتيان بالتعريفات المتعددة، فكل من كتب سطرا يستطيع ان يدلي بدلوه، فالشعر أنواع وأصناف وطاقة الإبداع قادرة على صناعة أي الأشكال.

فهل مَن يكتب كلاما موزونا يسمى شاعر؟

وهل البوحيات الطاغية شعر؟

لماذا يكثر الشعراء في مجتمع دون غيره؟

سيختلف الكثيرون مع هذا الطرح، لكنه يستحق النظر والتفاعل، فالشعر ضعفت قيمته وخفتَ دوره في عالمنا المعاصر الذي انتصر فيه العلم، إنه عصر " لا سلطان على العقل إلا العقل"!!

وبموجب ذلك تواكبت الإبداعات وتسارعت حتى هيمنت على النشاطات الأرضية، وأوجدت متغيرات غير مسبوقة بكينونتها وسرعتها، فإيقاع التواصل مع الأيام فاق مخيلة أبناء القرن العشرين.

وهذا القرن سيصل إلى ذروات تستحضر ذروات، وبعض المجتمعات في عجينة الشعر مرهونة وحائرة.

فهل سنتجاوز محنة الإرتهان بالشعر؟

معظم المهاجرين من بلدان حضارية يبدعون في ميادين متنوعة ويتفوقون فيها، ولا تجدهم من الشعراء.

ترى هل أن الشعر وسيلة لتخدير الشعوب وإيهامها بالعجز، وأفضل ما تستطيعه أن تنتج شعرا؟!!!

***

د. صادق السامرائي

قام مجموعة من الشباب والشابات بمظاهرات واحتجاجات عفوية وسلمية في بغداد وبعض المحافظات مطالبين بالحدود الدنيا من الحقوق المدنية والسياسية لتحقيق العدالة الاجتماعية وإصلاح النظام السياسي والاقتصادي ومحاربة الفساد المالي والإداري ورفض المحاصصة السياسية قبل بضع سنوات، وتطورت هذه الاعتصامات الى ما يعرف بانتفاضة تشرين؛

 وقد جوبهت هذه التظاهرات من قبل الدولة وجهات أخرى مجهولة في ذلك الوقت باستخدام القوة المفرطة، وعلى اثر ذلك سقط المئات من الشهداء الأبرياء تغمدهم الله بواسع رحمته فضلاً عن المئات من الجرحى؛

 لقد قامت المرجعية الرشيدة المتمثلة بآية الله السيد السيستاني اعزه الله بمساندتهم بمختلف الطرق والوسائل إلى درجة الإيحاء لرئيس الوزراء للاستقالة بسبب عجزه عن حماية المتظاهرين مع العلم انه كان يتمتع بمنصب القائد العام للقوات المسلحة؛

للأسف ضمن تلك الظروف التي فقدت فيها السيطرة قامت اكثر من جهة باستغلال هذه التظاهرات لمصالحها الشخصية وضد مصلحة البلد، كالصداميين من البعثيين وسفارات بعض الدول التي لا تريد خيراً للعراق، بل ايضاً بعض أجهزة الدولة التي سخرت لمصالح اشخاص محددين الذين استغلوا هؤلاء المتظاهرين فخدعوهم وتسلقوا على ظهورهم لتسنم اعلى المناصب كما حدث قبل حوالي الأربع سنوات، كما قام باستغلالهم بعض الفاسدين من أحزاب السلطة فأنشأوا بعض التنسيقيات للترويج للكثير من المطالب السياسية لمصالحهم الخاصة؛

لقد عجزت الدولة في الحفاظ على أرواح الكثير من الأبرياء فسقط اكثر من ستمائة شهيد بريء كما عجزت الدولة عن الكشف عن القتلة، امام هذا الواقع المطلوب من الحكومة الحالية ومجلس النواب بتحقيق المطالب الدنيا في تعويض عوائل الشهداء ومعالجة الجرحى وتشريع قانون يعترف بهذه الانتفاضة السلمية والكثير من المطالب لعوائل الشهداء والابرياء من الشباب الذين تحركوا بعفوية وإخلاص للنهوض ببلدهم بعيداً عن الفئات التي استغلت هذه الظروف ضد مصلحة البلد..

لقد قام بعض عوائل هؤلاء الشهداء وبالذات المفجوعين من امهاتهم وآبائهم وابنائهم بالتواصل معي لإيصال صوتهم الى الجهات المعنية من الحكومة ومجلس النواب ومجلس القضاء، كما قاموا مؤخراً باعتصام سلمي في ساحة التحرير، واني من هذا المنبر أتوجه الى هذه الجهات لإحقاق الحق ونشر العدل والاستماع الى مطالب تلك العوائل المكلومة إكراماً لدماء الشهداء التي سفكت على مذبح الحرية من اجل كرامة وعزة بلدنا وتخفيفاً لمعاناة أبناء شعبنا الأعزاء.

***

محمد توفيق علاوي

ليس في عنوان المقال أية سخرية أو إساءة إلى نشاطات فنية او فعاليات ثقافية يسعى أصحابها إلى إبراز الوجه الحضاري للعراق. ويتذكر القراء الاعزاء أنني كتبت في هذا المكان عن الحملات التي قامت بها مجاميع سعت الى شيطنة الفعاليات الغنائية رافعة شعار "الغناء رجس من عمل الشيطان".

وكيف ذهبت مجاميع ثائرة لتغلق مكاناً ترفيهياً لأنه أعلن عن إقامة حفلة غنائية لمطرب مغربي، فيما رفع البعض شعار "الإحراق أو الإلغاء"، وكنا نسمع ولا نزال عبارات من عينة "الدولة المدنية كفر وإلحاد" . فيما ظهر بعض الشيوخ يصرخون "واسمعتاه" وبالتالي أيها القارئ العزيز عليك أن تتأكد أن ما يجري أمر محير وباعث على التساؤل: هل نحن بلد يسعى لتنمية الثقافة والفنون، أم أننا نحتاج إلى ملهاة تقودها مطربة تريد من العراق أن يبقى "ناعماً منعماً"..

تتحدّث الدولة وبرلمانها العزيز دائماً عن عراق الحضارات الذي علم العالم الكتابة والقانون، واخبرنا ذات يوم وزير النقل الاسبق كاظم الحمامي بان المركبات الفضائية انطلقت من هذه البلاد قبل خمسة آلاف. إلا ان هذه الدولة ايها السادة تصر في كل مشاريعها إلى إفراغ العراق من عقوله وتسليمه "ناعماً منعماً" إلى منظمة الفشل التي تحاصر المواطن منذ سنوات، وتقديمه ايضا ناعما منعما الى حيتان الفساد.

هل نحن دولة تسعى لمنح الثقافة دورها الحقيقي في تنمية قدرات المواطن، إذا عرفنا أن مخصصات الثقافة في الموازنة العراقية لا تعادل واحد بالمئة من مخصصات أفواج تحمي كبار المسؤولين السابقين؟... ربما يسخر البعض من كاتب عمود يدعي "المفهومية" ويخصص عموده للسخرية من مهرجان فني؟ ولكن ماذا أفعل يا سادة ونحن البلاد الوحيدة التي تعتبر وزارة الثقافة زائدة عن الحاجة.

ماذا علينا ان نفعل ايها السادة ونحن نرى الامية تنتشر والجهل يسيطر ويراد له ان يعم في ربوع البلاد. نتحدث عن قيمة الفن وننسى أن نضع تمثالا لناظم الغزالي ونستنكف ان نتذكر مئوية محمد القبانجي، ونصر على الاحتفال بعيد وطني لم يتفق عليه متناسين أن البلدان تبنى بالثقافة والفنون، وأن قرون مرت على هذه البلاد وهي تنثر على العالم حضاراتها وعلمائها.

في كل حديث عن العيد الوطني لهذه البلاد يشتعل صراع تاريخي بين عشاق الملكية وأنصار الجمهورية.. وتختفي أزمة الكهرباء والخدمات.. ولم نلتفت إلى ما فعلته احزاب المحاصصة من خراب في القطاع الصحي. والتعليمي والخدمي.

الذين يقلبون صفحات التاريخ، لا يريدون أن يلتفتوا لقضية مهمة جداً، لكي تحتفل بعيدك الوطني يجب أن تكون متحرراً من العوز والفقر والخوف، لا يوجد عيد وطني من دون مستقبل مشرق للبلاد.

***

علي حسين

في إحدى مقاطعات شمال شرق مصر الريفية، حيث مسقط رأسي في إحدى القرى، وكان من المعروف أن المنازل المقامة خارج أو علي أطراف الكتلة السكنية، يربي أصحابها الكلاب للحراسة. ولكن كانوا يبحثون عن أفضل السلالات من الكلاب رغم وجود كلاب ضالة كثيرة في القرى والنجوع، كان هناك شابا يحب تربية الكلاب، وكانت كل أمانيه أن يصبح صاحب حظيرة مواش وأغنام. وكان جارة له نفس الحظيرة والأغنام وحراسة من الكلاب... بدأ الخلاف بينهم ووقعت مشاجرة بين العائلتين...، علي من قتل الكلب.؟

وتدخل أصحاب الهامات وكبار القوم لوقف نزيف الدم من اشتباكات وقذف أحجار من الجانبين الجاريين... وعقدوا جلسات في المحكمة الفيدرالية بالمقاطعة للوصول الي حل يرضي الطرفين. وفي نهاية الجلسة قال المرحوم صديقي فهيم حسين ما احلي هذه الجلسات الكلابية... وفي النهاية سألني هو المرحوم كان اسمة اية...؟؟

وأثناء قراءتي هذا الاسبوع توقفت عند رواية للأعرابي...

ﻳﺮﻭﻯ ﺃﻥ ﺭﺟﻼ ﺣﻜﻴﻤﺎ ﺃﻋﺮﺍﺑﻴﺎ ﻳﻌﻴﺶ ﻣﻊ ﺃﻭﻻﺩﻩ ﻭﺑﻨﺎﺗﻪ، ﻟﻬﻢ ﺇﺑﻞ ﻭﻏﻨﻢ ﻳﺮﻋﻮﻧﻬﺎ، ﻭﻟﻬﻢ ﻛﻠﺐ ﻳﺤﻤﻲ ﺍﻟﻐﻨﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﺋﺎﺏ، ﻭﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﻣﻦ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﺟﺎﺀ ﺍﺣﺪ ﺳﻔﻬﺎﺀ ﺍﻟﺤﻲ ﻭﻗﺘﻞ ﻛﻠﺐ ﺍﻟﺤﺮﺍﺳﺔ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺸﻴﺦ... ﻓﻌﻠﻢ ﺃﺑﻨﺎﺋﻪ ﺑﺎﻟﺨﺒﺮ ﻭﺫﻫﺒﻮﺍ ﺇﻟﻰ" ﺃﺑﻴﻬﻢ" ﻭﻗﺎﻟﻮﺍ ﻟﻪ ﺇﻥ ﻓﻼﻧﺎ ﻗﺘﻞ ﻛﻠﺒﻨﺎ

ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻬﻢ ﺍﺫﻫﺒﻮﺍ ﻭاﻗﺘﻠﻮﺍ ﻣﻦ ﻗﺘﻞ ﺍﻟﻜﻠﺐ...!

ﻓﺠﻠﺲ ﺃﺑﻨﺎﺋﻪ ﻳﺘﺸﺎﻭﺭﻭﻥ، ﻫﻞ ﻳﻨﻔﺬﻭﻥ ﺃﻣﺮ ﺃﺑﻴﻬﻢ ﺑﻘﺘﻞ ﻗﺎﺗﻞ ﻛﻠﺒﻬﻢ...؟ ﻓﺎﺟﺘﻤﻌﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ (ﺃﺑﻴﻬﻢ ﻛﺒﺮ ﻭﺃﺻﺎﺑﻪ ﺍﻟﺨﺮﻑ ﻓﻲ ﻋﻘﻠﻪ)، ﻓﻜﻴﻒ ﻳﻘﺘﻠﻮﻥ ﺇﻧﺴﺎﻧﺎ ﺑﻜﻠﺐ، ﺃﻫﻤﻠﻮﺍ ﺃﻣﺮ ﺃﺑﻴﻬﻢ...

ﻭﺑﻌﺪ ﻣﺮﻭﺭ ﺷﻬﺮﻳﻦ ﺃﻭ ﻳﺰﻳﺪ، ﻫﺠﻢ ﺍﻟﻠﺼﻮﺹ ﻭﺳﺎﻗﻮﺍ ﺇﺑﻞ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻭﻏﻨﻤﻪ، ﻓﻔﺰﻉ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﻰ ﺃﺑﻴﻬﻢ ﻭﻗﺎﻟﻮﺍ ﺇﻥ ﺍﻟﻠﺼﻮﺹ ﻫﺠﻤﻮﺍ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻭﺳﺎﻗﻮﺍ ﺍﻹﺑﻞ ﻭﺍﻟﻐﻨﻢ، ﻓﺮﺩ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺃﺑﻴﻬﻢ: ﺍﺫﻫﺒﻮﺍ ﻭﺍﻗﺘﻠﻮﺍ ﻣﻦ ﻗﺘﻞ ﺍﻟﻜﻠﺐ...،،

ﻓﻘﺎﻝ ﺍﺑﻨﺎﺋﻪ " ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺃﺻﺎﺑﻪ ﺍﻟﺠﻨﻮﻥ، ﻧﺤﺪﺛﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻠﺼﻮﺹ ﻭﺳﺮﻗﺔ ﺍﻹﺑﻞ ﻭﺍﻟﻐﻨﻢ ﻓﻴﻘﻮﻝ ﺍﻗﺘﻠﻮﺍ ﻗﺎﺗﻞ ﺍﻟﻜﻠﺐ "...!

ﻭﺑﻌﺪ ﻓﺘﺮﺓ ﻗﺼﻴﺮﺓ ﻫﺠﻤﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﺍﺧﺮﻯ ﻭﺳﺒﻮا ﺇﺣﺪﻯ "ﺑﻨﺎﺕ ﺍﻟﺸﻴﺦ"، ﻭﺳﺎﻗﻮﻫﺎ ﻣﻌﻬﻢ، ﻓﻔﺰﻉ ﺍﻷﻭﻻﺩ ﺇﻟﻰ ﺃﺑﻴﻬﻢ، ﻭﻗﺎﻟﻮﺍ ﺳﺒﻴﺖ ﺃﺧﺘﻨﺎ ﻭﻫﺎﺟﻤﻮﻧﺎ ﻭﺍﺳﺘﺒﺎﺣﻮﺍ ﺣﺮﻣﺔ ﺑﻴﺘﻨﺎ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻬﻢ: ﺃﺑﻮﻫﻢ ﺍﻗﺘﻠﻮﺍ ﻣﻦ ﻗﺘﻞ ﺍﻟﻜﻠﺐ...؟؟

ﻓﺠﻠﺲ ﺍﻷﻭﻻﺩ ﻳﻔﻜﺮﻭﻥ ﻓﻲ ﺃﻣﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ، ﻫﻞ ﺟﻦ ﺃﻡ ﺃﺻﺎﺑﻪ ﺳﺤﺮ ﺃﻡ ﻣﺎﺫﺍ...؟ ﻓﻘﺎﻡ ﺇﺑﻨﻪ ﺍﻷﻛﺒﺮ ﻭﻗﺎﻝ ﺳﺄﻃﻴﻊ ﺃﺑﻲ ﻭﻟﻨﺮﻯ ﻣﺎ ﺳﻴﻜﻮﻥ، ﻓﻘﺎﻡ ﺇﻟﻰ ﺳﻴﻔﻪ ﻭﺣﻤﻠﻪ ﻭﺫﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﻗﺎﺗﻞ ﻛﻠﺒﻬﻢ ﻭﻓﺼﻞ ﺭﺃﺳﻪ ﺑﺴﻴﻔﻪ، ﻓﻄﺎﺭﺕ ﺃﺧﺒﺎﺭ ﻗﺘﻠﻬﻢ ﻟﻘﺎﺗﻞ ﻛﻠﺒﻬﻢ، ﻭﻃﺎﻓﺖ ﺍﻷﻓﺎﻕ، ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻠﺼﻮﺹ ﺇﻥ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻗﺘﻠﻮﺍ ﻗﺎﺗﻞ ﻛﻠﺒﻬﻢ، ﻓﻜﻴﻒ ﺳﻴﻔﻌﻠﻮﻥ ﺑﻨﺎ ﻭﻗﺪ ﺳﺮﻗﻨﺎ ﺇﺑﻠﻬﻢ ﻭﻏﻨﻤﻬﻢ، ﻭﻓﻲ ﻋﺘﻤﺔ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺗﺴﻠﻞ ﺍﻟﻠﺼﻮﺹ ﻭﺃﻋﺎﺩﻭﺍ ﺍﻹﺑﻞ ﻭﺍﻟﻐﻨﻢ ﺍﻟﻰ ﻣﺮﺍﻋﻲ ﺍﻟﺮﺟﻞ، ﻭﻋﻠﻤﺖ ﺍﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ﺍﻟﻤﻐﻴﺮﺓ ﺍﻟﺴﺎﺑﻴﺔ ﻟﺒﻨﺖ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺑﻘﺘﻠﻬﻢ ﻗﺎﺗﻞ ﻛﻠﺒﻬﻢ ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ ﺇﻥ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻗﺘﻠﻮﺍ ﺭﺟﻞ ﺑﻜﻠﺐ ﻓﻤﺎﺫﺍ ﺳﻴﻔﻌﻠﻮﻥ ﻣﻌﻨﺎ ﻭﻗﺪ ﺳﺒﻴﻨﺎ ﺑﻨﺘﻬﻢ ﻓﺎﻋﺎﺩﻭﺍ ﺍﻟﺒﻨﺖ ﻭﺧﻄﺒﻮﻫﺎ ﻻﺑﻦ ﺷﻴﺦ ﻗﺒﻴﻠﺘﻬﻢ...

ﻭﻋﻨﺪﻫﺎ ﺟﻠﺲ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻭﻓﻬﻤﻮﺍ ﺣﻜﻤﺔ ﺃﺑﻴﻬﻢ ﻭﺃﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺨﺮﻑ...!!

ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻐﺾ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ ﺣﻘﻮﻗﻚ ﺳﻴﺘﺠﺮﺃ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺳﺮﻗﺘﻚ ﻓﻲ ﻭﺿﺢ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻻ ﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻣﻨﻬﻢ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺳﻜﻮﺗﻚ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﻨﺤﻬﻢ ﺍﻟﺘﻄﺎﻭﻝ ﻋﻠﻴﻚ ﺩﻭﻥ ﺣﻴﺎﺀ ﺃﻭ ﺧﻮﻑ، ﻭﻫﺬﺍ ﻟﻴﺲ ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﻌﻔﻮ، ﺍﻟﻌﻔﻮ ﻣﻘﺮﻭﻥ ﺑﺎﻟﻤﻘﺪﺭﺓ ﻭﻻ ﻳﺴﻤﻰ ﻋﻔﻮﺍ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻊ ﻋﺠﺰ ﺑﻞ ﻳﺴﻤﻰ ﺟﺒﻨﺎ ﻭﺫﻻ...! '

حقا انة عصر القوة عصر بلا فضيلة ولا أخلاق،

***

محمد سعد عبد اللطيف

كاتب مصري وباحث

المؤكد انها اكثر الحكومات فسادا على مدى تاريخ البلاد السياسي في فترة وجيزة لم تتعد بعد السنتان، فهي جاءت نتيجة فساد مالي من خلال شراء ذمم بعض اعضاء لجنة الـ75 حيث تحصل فريق الدبيبة على 39 صوتا، وعدت ستيفاني وليامز بإجراء تحقيق بالخصوص، لكن الامر وئد في المهد.

تقرير ديوان المحاسبة لعام 2021 كشف عن وجود إهدار كبير وإنفاق مبالغ فيه للمال العام، داخل أغلب مؤسسات الدولة، وسط دعوات باتخاذ إجراءات قانونية ومحاسبة الفاسدين، كذلك كشف عن إنفاق مبالغ فيه، تراوح بين تخصيص مصاريف باهظة لبعض المسؤولين ولأشخاص لا تربطهم أيّ علاقة وظيفية، وكذلك تكاليف مرتفعة لإقامات في الفنادق وتذاكر الطائرات لغرض تنفيذ رحلات خاصة في بعض الأحيان، إلى جانب شراء أجهزة إلكترونية بمبالغ كبيرة.

في مطلع هذا العام (2023) تم نشر قوائم ضمت كبار سن وأبناء مسؤولين ليبيين. حيث تم ايفاد أشخاص تتجاوز أعمارهم 60 سنة تم ترشيحهم لدراسة الماجستير وطالبة لا يتجاوز عمرها 19 سنة تم إيفادها لدراسة ماجستير في الطب للدراسة بالخارج ما يمثل فسادا بشان اهدار المال العام. لكن وزير التعليم استطاع البقاء في منصبه بسبب الاسناد الجهوي له.

في اغسطس الماضي (2023) تم تسريب لقاء جمع وزيرة الخارجية المنقوش مع نظيرها الصهيوني في روما، سارع الدبيبة الى اقالة وزيرة خارجيته للحد من الغضب المتزايد بشأن اللقاء الذي أثار احتجاجات في عدة مدن ليبية.

في نهاية العام 2021 النائب العام يأمر حبس وزيرة الثقافة (مبروكة توغي عثمان) على ذمة قضية ارتكاب الوقائع وقيام جرائم الحصول على المنافع بالمخالفة للقوانين التي تحيط المال العام بالحماية، وصرف المال العام في غير الوجه المخصص له. أيضا قبل نهاية العام 2021 تم توقيف وزير التعليم موسى المقريف على خلفية تعثر توريد الكتاب المدرسي للعام الدراسي والذي تسبب في عدم انطلاقه.

في تسجيل صوتي لسفيرتنا لدى بلجيكا (أمل الجراري) مخاطبة سكرتيرتها (نديمة القريتلي) إنها تحتاج إلى "فاتورة مزورة" تفوق قيمتها 200 ألف يورو لعلاج مريض ليبي "زائف" من مرض السرطان، السيد رئيس حكومة الوحدة الوطنية وزير الخارجية المُكلف (وزير الدفاع منذ تشكيله للحكومة لكي يكون على اتصال مباشر مع زعماء الميليشيات بالمنطقة الغربية وتقديم المنح والهبات اللازمة لكي يبقى في السلطة) يُصدر قرارين بإنهاء إعارة السفيرة في وزارة الخارجية وإحالة إجراءات إعفائها إلى المجلس الرئاسي، من جانبه مكتب النائب العام يُعلن حبس السفيرة المذكورة احتياطياً على ذمة التحقيق، بتهمة ارتكاب واقعة تحقيق منافع مادية غير مشروعة، والاستيلاء بدون وجه حق على مال عام، والتسبُّب في إلحاق ضرر بالمصلحة العامة.

وبعد، هذه بعض فضائح الحكومة في مختلف المجالات ورغم ذلك فان السيد رئيس الحكومة لا يزال مستمرا في منصبه وكأن شيئا لم يكن، كارثة درنه شغلت الراي العام وخففت عن الدبيبة حجم الغضب الشعبي بسبب تصرفات حكومته اللامسؤولة المتماهية في الفساد، دونما حسيب او رقيب. بالتأكيد صدور القوانين مؤخرا عن مجلس النواب بشان الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والتي لم تقص احدا، سوف يعجل بذهاب الحكومة الفاسدة ومحاسبتها على ما اقترفت. وانتخاب رئيس للبلاد ومجلس امه بغرفتيه وينتهي الانقسام ويعم الامن والسلام في ربوع البلاد.

***

بقلم: ميلاد عمر المزوغي

رغم قساوة الزلزال الذي ضرب المغرب فقد خلف العديد من اللقطات والمشاهد والصور المتنوعة والحكايات والروايات ذات الدلالات المختلفة، التي تُنوسي بعضها في زحمة الحياة، إلى لأن برع أحد متشردي شوارع مراكش - مع اعتذاري على هذا النعت -تحريك أسئلتها الوجودية من خلال القصة / الخبر الطريف المحزن التي نُشرت صبيحة الفاجعة الرهيبة على تطبيق "التيك توك"، وعبر الفيديو الذي يسرد فيه، وبنشوة وزهو خارقين، حدث بيات قاض وزوجته ليلة الزلزال في الخلاء بجانبه، قائلا :"والله حتى بات حدايا في الزنقة قاضي ومراتو مخلين دارهم ومالهم ومتاعهم وملابسهم وطبلتهم العامرة بالطعام والفاكهة، وجاو يباتو معنا حنا كلاب الشوارع الشاردة - خاتما قوله - الحمد لله على الخوف اللي ردنا بحال بحال"

القصة التي لاشك أن "شمكار مراكش " قد نجح من خلالها، وبكل مهارة وبراعة في إيصالِ حقيقة دلالة قصته التي تتجاوز صورة القاضي وزوجته اللذان دفع بهما الهلع للاحتماء بالفضاءات التي يستوطنها مشردو المدينة، لتفضح المنسي والمتواري والمتحجب من المستخلصات التي يمكن اعتبار منطق "السواسية" التي أمسى معها "بحال بحال " كما صرح بذلك "شمكار مراكش" في قصته التي لخص فيها كيف حولت صدمة الزلزال الجماهير إلى حفنة من الضعفاء يدفع بهم الخوف والهلع للجَـري والتسابق نحو الخلاء والحدائق والساحات وعراءات مدينة مراكش، وغيرها من المناطق التي هـرع إليها الناس خارج البيوت، التي يزاحمون فيها من كانوا يعتبرونهم "شمكارة" خوفا من فاجعة الزلزال، واستجداء للنجاة من الموت المرتقب، الذي يصبح معه الناس متساوين، لا فـَرق بين المحتاج منهم والميسور،ولا بين الموظف والعاطل، ولا بين الحاكم والمحكوم، ولا بين العَـدو والصديق، ولا بين الطيب والخبيث، الكل محكوم بمنطق "السواسية" التي تتلاشى معها كل صور الغطرسة والمكانة الاجتماعية، وكل زهو المناصب والمواقع الوظيفية، وكل تسلط من يعتقدون أنهم يملكون مصائر البلاد والعباد، القصة التي لاشك سيشكل درسا يدفع بالجميع لإعادة حساباتهم وترتيب حياتهم بعد الزلزال بما يليق بمنطق السواسية التي عبر عنها "شمكار مراكش" و حكيمها، بلهجته المراكشية الجميلة في نغمة نطقِه لحروفِها وإظهاره للكلماتِ..

***

حميد طولست

تعيش العديد من دول ومجتمعات الشرق الاوسط في حال وظروف عامة يرثي لها، جعلتها متخمة بالأزمات القابل للاشتعال كل منها في أي لحظة، وما يجمع هذه الأزمات، وخصوصًا في الرقعة الممتدة بين شرق المتوسط والخليج وتكاد تكون هي الأسوأ من بين كل دول ومجتمعات العالم ، ولانها لسوء حظها أصبحت المستهدفة بالعنف والتطرف والارهاب اكثر من غيرها ولعلها تنفرد بأهميّة قصوى في حسابات الدول الكـبرى، لما لها مـن أهميّة استراتيجيّة في المشهد السياسي الإقليمي، لما تتمتّع به من غِـنى في مواردها و التنافس على موارد الطاقة هي الاهم وإحدى الغايات الرئيسة للدول الكبرى التي تسعى إلى تأكيد نفوذها والسيطرة عليها  لتأمين احتياجاتها من النفط الخام والغاز، في ظل تسارع وتيرة الإنتاج وفي ظل اضطرابات مالية تصيب الاقتصاد العالمي باهتزازات متتالية بين حين واخر، في السباق على حجز مواقع متقدمة في السوق الدولية ، وتشابكت العديد من الأحداث السياسية والاقتصادية والأمنية فيها لتضع شرط تقبل قيادتها السياسية في مهب الريح إذا لم تعد الى رشدها وتلقي بها داخل علامة استفهام كبرى إذا استمرت على هذه الوتيرة ، خاصة بوجود ازمة مختلفة والمجموعات الارهابية مثل " القاعدة والدولة الإسلامية أو داعش"،وغيرها التي تتبنّى أجندات عابرة للحدود تنبذ فكرة الدولة والحدود القائمة عليها بالكامل ،من القواعد الشريرة وتواجد القوى الغربية في المنطقة تحت ذريعة القضاء على مصادرها وتسعى هذه الدول الداعمة إلى استغلال  هذه المجموعات المسلحة  لغرض تقوية وضعها و تعزيز مصالحها، وايقاف مسارها كي لا تلجئ إلى هذه الدول بعد ان توسعت في الوقت السابق ولم تبقى منها الا فلول هنا وهناك في الوقت الحالي بعد أن تشرذمت  قواها و التي هي كانت قد أعد لها لكي تكون الشماعة التي تتعكز عليها في تواجدها في المنطقة ، في حين تفرعت الخطوط الرئيسية للمشاكل لترتبط بتحركات هذه المجموعات الارهابية  وتؤكد تحريكها للأحداث الدائرة هنا تارة وهناك تارة أخرى تشير الى تورط العديد من الدول في المنطقة ورجال السياسية في هذه الأحداث لتحقيق أهداف سياسية في مقدمتها فرض حالة عدم الاستقرار وتغيير مسارات الأعمال السياسية نحو هذه الجهات النافذ لدى تلك القوى الدخيلة في المنطقة.

لا بدّ من إرساء مناخٍ من الحرّية والعدالة في دول الشرق الأوسط وتغيير السياسات الخاطئة التي تهمش ارادة الشعوب وطوي صحيفة الدكتاتوريات. فحماية الامتيازات، وممارسات الفساد، والاحتكارات، وكذلك الخوف من التغيير، يجب أن تُستبدَل كلها بالإدماج والتنافس العادل، ما من شأنه أن يُطلق العنان للإبداع والمجهود الفرديَّين. يمكن الشروع في عملية تدريجية من أجل التقدّم، خصوصًا أن الإصلاحات الاقتصادية والسياسية قد تؤدّي إلى تحسين الثقة بالمؤسسات وبالمستقبل، وتاريخيًا، كان السبب الأساسي خلف ضعف الأداء الاقتصادي في دول منطقة الشرق الأوسط هو انعدام الشجاعة السياسية لدى القادة على الرغم من أن الحاجة إلى التحلّي بالشجاعة لتحقيق التغيير لا زالة ضرورية، ولا شكّ من أن الإصلاحات السياسية قيّمة في حدّ ذاتها، ولم يعد ممكنًا تجنّبها كي تؤدّي دورا أكبر في هذا الصدد. فثمة اصطفافٌ نادر لعناصر قد تكون مؤاتية للتغيير، وتتمثّل في عدم جاذبية الخيارات البديلة عن الإصلاح، وتحسّن آفاق الاستفادة من الإصلاح، والضغوط.

***

عبد الخالق الفلاح

أقلامنا، أفواهنا، إنشائية صرفة، وما أنجزته على مر العصور تخدير الأجيال تلو الأجيال.

وبلغت الإنشائية ذروتها في عصرنا المشحون بوسائل التواصل المسعورة بأنواعها.

وصارت الأضاليل والأكاذيب مواد دسمة للإلهاء والتغفيل وتعطيل العقول واستعباد البشر المذهول.

وتفوقت التأويلات للنصوص الدينية وسادت الواقع، ورفدته بالمغفلات والمروعات الآخذات بالناس إلى سوء المصير.

والغريب في الأمر أن المؤرخين والكتاب والمفكرين، تحركوا في دائرة مفرغة من الأضاليل الإنشائية، وسخروا قدراتهم لتبرير الواقع وتفسيره بآليات عجيبة، رسخت وعززت ما فيه من السلبيات والانحرافات السلوكية.

فكتب التأريخ تزدحم باللامعقول، والعمل على إخراج الجالسين على كراسي القوة من بشريتهم، وتحويلهم إلى آلهة، حتى صاروا رموزا لرب العالمين، وتحت لوائهم  نشأت دول وفرق وجماعات تستعبد الناس وتصادر مصيرهم.

وعندما تبحث بإنجازات المفكرين، تجدها لا تمت بصلة للواقع، فهي محاولات لتفسيره بنظريات أجنبية لا تعرفه، فلكل منهم مشروعه المطمور في ظلمات الرفوف، ويأتي مَن يرى أن لكل منهم عشرات الكتب، فما نفع ما ألفوه؟

أ يعقل أن أمة فيها هذا العدد من المفكرين، وتتخبط في قيعان الوجيع وتتراكم في ديارها الإحباطات والإنتكاسات والإنكسارات والنكبات، وما إستطاعت أن تبني نظام حكم يستند على قانون ودستور قويم.

إنها الإنشائية المظفرة التي ترهننا بأوهام أحلام اليقظة، وتصورات اللاممكن، وتجعل الأجيال تردد : " أنتم أتعس أمة أخرجت للناس"!!

فهل أفلح المفكرون؟!!

***

د. صادق السامرائي

منذ عام 2003 انقلبت حياة العراقيين رأسا على عقب، أو بتعبير أصح عقبا على عقب، إذ يبدو أن الرأس ومكانة الصدارة حرمت على العراقيين في العهدين، الأول عهد القائد الضرورة الأوحد أبو الليثين صدام حسين، والثاني عهد القادة غير الضروريين وغير النافعين واللاجدوى من وجودهم، بل في وجودهم كل الضرر والخراب، وحاشاهم من فعل الخير وما يعود به للعراقيين، فقد عقدوا همتهم لحلب خيرات العراق حلبا، وشدوا عزمهم لشفط "نفطات" العراق شفطا، وشمروا عن سواعدهم لنهب ثروات البلاد نهبا، فاستطيبوا تبعا لهذا أكل الحرام، واستساغوا طعم السحت، واستحلوا الحرام، وغضوا أنظارهم عن العيب، وغادرت ضمائرهم مفردات الجائز والمعقول والمقبول، فيما حطت مفردات اللاجائز واللامعقول واللامقبول ركابها عندهم، فصار طبيعيا تضادهم مع مصالح العراقيين، وباتوا لايأبهون بحاضر البلاد ولامستقبلها، وقطعا هم لن يحيدوا عن ديدنهم هذا، ولن يغيروا ما بأنفسهم، ولن يبدلوا تبديلا. ولعلي أقارب في وصفهم ببيت الأبوذية القائل على لسان العراقيين:

طحت بناس لا مذهب.. ولا دين

ومنهم ما تصح قرضة.. ولا دين

هم شفت البغل يولد.. ولا دين

يحلبونه ويسوونه رثيه

ويا ليتهم يتصافون فيما بينهم لتأخذ سلبياتهم شيئا من الـ (استاتيكية) فينعم العراقيون حينها باستقرار المآل على أدنى حال، إذ مافتئت خلافاتهم تتعالى أصواتها بين نعيق ونهيق، ومابرحت ساحة صراعاتهم تتسع بين ناطح وجامح، حتى غدت حلبتها تشغل رقعة تبلغ مساحتها (437,072) كم2، تشمل -فيما تشمل- السهول والجبال والصحارى والأهوار والمستنقعات، وهي صراعات على أصعدة عدة، فمن كان منهم متكلما او متقولا، نراه يستخدم اللقاءات المتلفزة والتصريحات الصحفية أداة يبرز عن طريقها عضلاته، ومن لايستطيع التعبير بالكلمات يستخدم بكل سهولة، ما تيسر له من أدوات التعبير من دون احتساب صلاحيتها او ذائقتها وسط المجتمع، فقوانين صراعاتهم تبيح لهم كل السبل والطرق لإتمام ما مكلفين به. أما المتفرجون فيربو عددهم على أربعين مليون متفرج، ومن غرائب تلك الصراعات أن البهلوانيات بين المتصارعين، تعود بالويلات والمصائب على المتفرجين، فيما ينعم اللاعبون بمتعة الفوز ونيل الأوسمة والأحزمة والكؤوس، فضلا عن الامتيازات الدنيوية الأخرى.

إن نظرة على عجالة لما يدور في العراق من أحداث، ومتابعة تسلسلها من ألفها الى يائها، يتبين بوضوح مدى حنكة ترتيبها زمانا ومكانا وحيثيات، ومراعاة التقديم والتأخير بها بدقة وإمعان شديدين، واستبدال بعضها ببعض متى ما تطلب الأمر. ولايقف الأمر عند هذا الحد، بل يتعداه الى استحداث مستجدات وكأنها قد وضعت (standby) مع متغيرات المعطيات، وما هذا إلا لإتمام مسرحية بدأت فصولها عام 2003، ولا أظنني وقارئ سطوري هذي ومجايلينا سندرك فصولها الأخيرة، إذ أن أستارها لن تسدل على مدى جيل او اثنين او حتى عشرة، بل هي مستمرة العرض الى إشعار آخر. أما الأخير هذا فمن المؤسف والمؤلم حقا أنه غير مسمى، ذلك لأن من أهم مقومات استمرار المسرحية استمرار التصفيق، والأخير بدوره ما برح يعلو ويعلو بأكف العراقيين لا غيرهم، وهم المسؤول الأول والأخير -الى حد ما- عن تداعيات فصول ما يجري عليهم ولهم وبحقهم من مسرحيات.

في بيت قاله ابن زريق البغدادي يتحسر فيه على ما لم يحسن التعامل معه حتى فقده، شبه كبير لواقع العراقيين، حيث يقول ابن زريق:

أُعطيت ملكا لم أحسن سياسته

وكذاك من لا يسوس الملك يُخلعه

***

علي علي

البشر لا يختلف عن بعضه، فالنفس واحدة، والسلوك الناجم عنها متشابه، وهناك قوانين تتحكم بالسلوك، فالوحشية وسفك الدماء، والعدوانية والأنانية، وروح الانتقام وعدم الالتزام بالضوابط والقوانين فاعلة في الدنيا.

واستعمال الدين لتمرير التطلعات السيئة أمر تعارفت عليه البشرية منذ الأزل.

التأله أو "أنا ربكم فاعبدونٍ"، نزعة قائمة يعبَّر عنها بأساليب متنوعة، فهذا نائب الله، وذاك يمثل إرادته وهلم جرا.

ومن الواضح أن البشر إذا اعتاد على حالة ترضي رغباته وتشبع نزعاته، فسيحافظ عليها، وعندما تتهدد يفعل ما لا يخطر على بال لاستعادتها.

وفي أكثر المجتمعات تطورا، ما أن تتردى الأوضاع الاقتصادية حتى تتزايد الجرائم، وتتكون المجاميع الساعية لتنفيذ المهمات الخارجة عن القانون والمعتدية على حقوق الآخرين.

ففي بعضها صار نهب المحلات والمتاجر بهجمات جماعية عصابية منظمة، للاستحواذ على الحاجات التي صار الناس غير قادرين على دفع ثمنها بسبب التضخم الاقتصادي.

جرائم متزايدة لا يردعها قانون ولا دين ولا أي ضابط أخلاقي، فنيران الإجرام عندما تتأجج لا تستطيع قوة أن تخمدها.

ومعظم الدول التي تسمي نفسها ديمقراطية وتحترم حقوق الإنسان، تعيش فترات مفعمة بالجرائم والتداعيات الخطيرة التي تهدد بفقدان الأمان في كل مكان.

التاس مسلحة وأمارة السوء منفلتة، وما أسهل الضغط على الزناد، بزمن التخاطب عن بعد، وفقدان مهارات التفاعل الإنساني مع البشر.

فالابتعاد عن الناس يعزز الإقدام على الإجرام.

فإلى أين المسير؟

***

د-صادق السامرائي

قبل ايام جرت مناقشة اطروحة ماجستير قدمتها احدى الفتيات، وكان موضوعها هو صناعة الحلويات في كربلاء. لقد تعرضت الفتاة الى درجة عالية من التنمّر والسخرية من كل من هب ودب حتى لو كانوا أميين!!

ارسلوا مناشيرهم حول الاطروحة بعد ان تلاعبوا بالعنوان من أجل الامعان بالسخرية!!

ذلك أمر مؤسف ومحزن حقاً ان تسود الفوضى وتغيب الحدود الى هذا الحد..

صحيح ان العراق " ديمقراطي"، لكن ذلك لا يخوّل كل الناس ان يتدخلوا في كل الاشياء ...

عنوان الاطروحة ومحتواها هو شأن اكاديمي يتم الاتفاق عليه بين الطالب والمشرف والقسم العلمي.

الاطروحة لا تذهب بالضرورة لمعالجة مشكلة قائمة..

معظم الاطروحات في ارقى الجامعات، توضع في المكتبات فقط ولا تذهب لحل مشكلة..

(الدكتور المعروف الراحل عبد الجبار عبد الله الذي أخذ الدكتوراه باشراف اينشتاين العظيم، هل سمعتم عن عنوان وموضوع اطروحته؟؟ هل قيل لنا انها ساهمت في حل مشكلة في الفيزياء؟)...

الاطروحة هي في حقيقة الأمر بمثابة امتحان موسّع يحاول الطالب ان يُظهر من خلاله مدى اطلاعه على المصادر العلمية.

ذات الصلة بموضوعه وقدرته على توظيف معرفته في التحليل واستخدام البيانات بشكل صائب وتشخيص واستخلاص جوانب المشكلة واستخلاص الحلول او المعالجات.

اضافة بذلك يفترض ان يُظهر الطالب قدرته على الدفاع عن افكاره بشكل علمي متوازن وان يرد على الاسئلة التي تطرح عليه بشكل سليم...

العراق يستورد حلويات بمئات ملايين الدولارات ويحتاج الى دراسة اقتصاديات صناعة الحلويات، ما هو الخطأ؟

هل يريد المنتقدون اطروحة حول تصنيع الدبابات؟

قطاع صناعة الحلويات الذي يستورد بمئات الملايين من الدولارات، الا يستحق ان تقام فيه مشاريع استثمارية لتوفير فرص عمل وتحويل تلك الصناعة الى قطاع منظم يعوض الاستيرادات؟.

في رأيي ان هنالك العديد من الصناعات التي تستحق الدراسة طالما العراق يستورد كل شيء، حتى وان لم تُعجب الجمهور دراستها، ذلك الجمهور الذي لا يرضى عن شيء!!

***

د. صلاح حزام

في المثقف اليوم