أقلام حرة

أقلام حرة

حرب اوكرانيا من المستعبد ان تنتهي في الاشهر القليلة المقبلة، وحتى في نهاية السنة المقبلة، بل ربما كبيرة جدا؛ ان تستمر هذه الحرب الى عدة سنوات، ربما قليلة، وربما في حالة اخرى اكثر من قليلة. هذه الحرب في جميع المقاييس، انها حرب مصير بالنسبة الى روسيا، وحرب استدامة جلوس امريكا على كرسي القيادة للنظام الدولي. وزير الدفاع الروسي في اخر تصريح له، قال؛ ان ليس امام روسيا الا الانتصار في هذه الحرب. روسيا على الرغم من  انها دولة عظمى، وتمتلك جيشا قويا وجرارا، لكنها لم تزج بكامل قواتها حتى اللحظة في هذه الحرب، ولم تعتبرها حربا، بل اعتبرتها عملية روسية خاصة في اوكرانيا، بما يتناقض كليا مع الاهداف الروسية المعلنة، ومع قواعد الاشتباك والقتال فيها، ومع استخدام جميع صنوف الاسلحة التقليدية في قتال الجانبين المتحاربين على الارض الاوكرانية. ان عدم تسميتها او اعتبارها حربا بين روسيا واوكرانيا، له دلالات في نوعية التعبئة والحشد العملياتي، بما تفرضه من حشد الطاقات المدنية والعسكرية، وتحويل الاقتصاد الى اقتصاد حرب. هذا يعني انها قد استعدت لحرب استنزاف طويلة؛ تأكل من الجرف الاوروبي اكثر مما تأكل من الجرف الروسي حسب الرؤية الروسية لمجريات هذه الحرب، ومالاتها. المستشار السابق لوزارة الدفاع الأمريكية، الكولونيل دوغلاس ماكغريغور، قال خلال مقابلة مع قناة “Redacted” على منصة “يوتيوب:-  "أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يعتمد على السيناريو الطويل في الصراع الأوكراني، وينتظر أن يتفاقم الوضع في أوروبا، وهو ما سيؤدي إلى انهيار حلف شمال الأطلسي (الناتو). ووفقا للخبير الامريكي هذا، فإن القيادة الروسية لا تقوم على الفور بزج جميع قواتها واحتياطياتها في القتال ضد القوات المسلحة الأوكرانية. وأشار ماكغريغور إلى أن القوات الروسية مستعدة لشن هجومها الذي سينهي الصراع. واضاف في ذات المقابلة: للشهر الرابع، يحاول الجيش الأوكراني التقدم في اتجاهات جنوب دونيتسك وأرتيوموفسك وزابوروجيه، ويدخل في المعركة ألوية دربها حلف شمال الأطلسي ومسلحة بمعدات عسكرية غربية. ومع ذلك، فقد فشلوا في تحقيق النجاح على أي محورمن الجبهة". الرئيس الاوكراني، وكما نقلتها الصحافة الروسية؛ هدد بإعلان رسميا الحرب على روسيا، وليس الدفاع عن اوكرانيا واستعادة المناطق التي تحتلها روسيا، بما ينطوي عليه هذا الاعلان ان حدث؛ من مواجهة مفتوحة مع روسيا وعلى جميع الجبهات سواء على خط المواجهة او الاندفاع والقتال  في العمق الروسي؛ في اي ثغرة يتمكن الجيش الاوكراني؛ من احداث اختراق فيها، على خط الحدود مع روسيا، مع ان هذا الاحتمال غير وارد تماما لكنه في ذات الوقت احتمال له حساباته في سياقات الحروب. هذا السيناريو حسب الصحافة والخبراء الروس الذين علقوا عليه؛ عندما هدد به الرئيس الاوكراني روسيا مؤخرا؛ مستبعد جدا؛ لعدم واقعيته، لمعارضة رعاة اوكرانيا الامريكيين والاوروبيين لهذا السيناريو؛ لأن روسيا في هذه الحالة سوف تدخل في حرب مفتوحة مع الناتو، وهذا التطور لا يريد الناتو التورط فيه، مهما طال امد الصراع، لسبب بسيط وواضح كل الوضوح؛ لأنه يأتي على الجانبين بدمار كلي لا يبقي ولا يذر، لأن روسيا وامريكا تمتلكان 90% من السلاح النووي في العالم. ان روسيا حين ترى نفسها او هي في الطريق الذي يقود عاجلا الى تهديد وجودها؛ سوف لن تتأخر في استخدام السلاح النووي وفقا او تنفيذا لعقيدتها العسكرية. مع ذلك فأن حرب اوكرانيا محفوفة بمخاطر انزلاقها الى حرب واسعة ومفتوحة؛ سواء لخطأ ما او لسوء في تقدير رد الطرف المقابل، حين يتم من الطرف الأخر؛ توسيع مساحات الصراع، في جغرافية الحرب، وفي الاسلحة المستخدمة فيها، لجهة  الكم والنوع، بما يؤدي الى هزيمة الطرف المقابل؛ بفعل ميل كفة الميزان في الذي يخص السلاح التقليدي سواء المحرم دوليا او غير المحرم دوليا؛ لصالح الطرف المقابل. عليه فان هذه الحرب ربما كبيرة جدا، سوف تستمر لسنوات، قد لا تكون قليلة؛ وتستخدم فيها من الجانبين؛ كل انواع الاسلحة في الميدان من القنابل العنقودية الى قنابل اليورانيوم المنضب الى القنابل القذرة، وحتى الصواريخ ذات الميديات الاقل من المتوسط قليلا، لجهة تزويد الغرب اوكرانيا بها؛ في زمن او خلال زمن قد لا يتجاوز السنة من الآن. ثم تتحول الى حرب استنزاف متبادل من طرفي الحرب، اي تقل فيها الهجمات العسكرية واسعة النطاق والحشد والكثافة، والاكتفاء بهجمات محدودة، مع ما يرافقها من هجومات متبادلة من طرفي الصراع؛ لأهداف منتخبة على العمق الجغرافي لكليهما. ان هذا التبريد لأتون هذه الحرب، ربما سوف يحدث بعد ان تكون اوكرانيا، قد استنزفت قدراتها بالقيام بتعرضات واسعة النطاق، و قلة او ضعف قدرة امريكا واوروبا على الاستمرار في تزويدها بالسلاح؛ لنضوبه في مخازنها، أو لقلة قدرة المجمع الصناعي الامريكي والاوروبي؛ في تلبية احتياجات الجيش الاوكراني في حرب مع دولة عظمى، ربما كانت قد استعدت لها منذ سنوات، هذا اولا وثانيا التوسع في الكم والنوع وفي الجغرافية؛ قد يدفع روسيا، عندما تجد نفسها في خانق ضيق؛ الى الرد على عاصمة القرار في الناتو. الرئيس الروسي قبل اكثر من سنة على بدء الغزو الروسي لأوكرانيا؛ صرح في تدشين الصواريخ فرط صوتية، قائلا؛ ان هذه الصواريخ لا يوجد مثيل لها في العالم، كما ان روسيا في اي اعتداء عليها من اي دولة سوف ترد في مهاجمة عاصمة القرار، وهو هنا يقصد حصريا امريكا. كما انها (هذه الحرب) سوف تستقطب الشركاء الاقليميين، بصورة او بطريقة واضحة ومباشرة كما تفعل اليابان وكوريا الجنوبية وغيرهما، او بصورة او بطريقة مستترة وخفية وغير معلنة الى الطرف الثاني من هذا الصراع، اي روسيا، كما تفعل الصين وايران ودول اخرى، او بطريقة مباشرة كما تفعل كوريا الشمالية وسوريا. ان هذه الحرب سوف تكون مركزا جاذبا للتكتلات في المنطقة، وفي جوارها، وفي العالم، على مسارات سنوات استمرارها..

***

مزهر جبر الساعدي

شخصيات الخلفاء تستدعي الدراسة والتحليل، وفقا لما وردنا عنهم في المدونات، التي قد تكون ذات نسبة قليلة من الصواب، لأن التأريخ مكتوب بمداد كراسي المرحلة التي دوّن فيها، ولا يوجد ما هو نزيه وصادق تماما، ولهذا يستوجب القراءة العلمية والعقلية التي تحاول أن تقترب من الحقيقة .

ومن الواضح أن نظام الحكم فردي إستبدادي منذ إنطلاقته الأولى، وشخصية الخليفة تؤثر على مجريات الأحداث، فهو الذي يمثل الدين وينوب عن رب العالمين، وعدم طاعته كفر وزندقة، وأي معارضة تستوجب المحق الفوري.

وهذه محاولة لسبر أغوار شخصيات الخلفاء العباسيين، إعتمادا على ما جاء عنهم في كتاب تأريخ الخلفاء للسيوطي.

أولا: أبو العباس السفاح!!

أول خلفاء بني العباس (132 - 136) هجرية.

هو أبو العباس عبدالله بن محمد بن علي بن عبدالله بن العباس بن عبد المطلب (108 - 136) هجرية، مولود في ناحية البلقاء في الأردن، نشأ فيها، وبويع بالخلافة في الكوفة، وأمه ريطة الحارثية.

"ولما بلغ مروان مبايعة السفاح خرج لقتاله فانكسر، وقُتِلَ في مبايعة السفاح من بني أمية ما لا يُحصى من الخلائق، وتوطدت له الممالك إلى أقصى المغرب"

ومن خطبته في الكوفة حين مبايعته: ".....أنا السفاح المبيح، والثائر المبير"

إنتقل إلى الأنبار وصيّرها دار الخلافة سنة (134) هجرية، ومات بالجدري، وقبره على الأرجح في (هاشمية الأنبار) قرب الفلوجة، وعهد من بعده لأخيه أبي جعفر المنصور .

"وكان السفاح سريعا  إلى سفك الدماء"

ومن خطبته عند بيعته: "...ولما قبض الله نبيه قام بالأمر أصحابه إلى أن وثب بنو حرب ومروان فجاروا واستأثروا، فأملى الله لهم حينا حتى آسفوه، فانتقم منهم بأيدينا، ورد علينا حقنا ليمنَّ على الذين إستضعفوا في الأرض".

وما أن قُتِلَ مروان الحمارعلى يد صالح عمّ السفاح في قرية بوصير المصرية، حتى فتك أبو العباس السفاح ببني أمية، وإجتثهم عن بكرة أبيهم، وهم من المسلمين، إذ إرتكب إبادة جماعية بحقهم، وما أبقى لهم ذكرا، حتى صارت تهمة الإنتساب لبني أمية تبيح القتل الفوري للناس.

وكما جاء في خطبته فأنه أعطى لهذا القتل المروع معاني دينية، وكأنه تفويض إلهي للإنتقام من الذين إغتصبوا السلطة وهي ليست من حقهم.

وهو نفس المفهوم الذي إتبعه الجبابرة في قتل الناس بالجملة عندما يدخلون المدن، فلا فرق بين السلوك البشري في الحالتين، بل أن الحالة الأولى أشد ضراوة، لأنها تنطلق من روح حب الإنتقام والثأر المرير.

وبرغم أن حكمه لم يتجاوز الأربع سنوات، لكن السيف كان منطقه، وسفك الدماء منهجه، وفرض الإرادة بالقوة ديدنه، وكان متأجج التفاعلات شديد الصولات، حتى تمزقت البلاد التي كانت تحت إمرة بني أمية، "وتقسَّمت ممالك الأرض عدة أقسام، وصار بكل قطر قائم يأخذ الناس بالعسف، وينكبهم بالقهر".

فدولة بني العباس أقيمت على سفك دماء مروعة في دمشق، وإنتهت بسفك دماء أشد ترويعا في بغداد.

فأبو العباس السفاح لم يضع أسسا لبناء الدولة، وإنما إعتمد البطش غاية ووسيلة في الحكم، ولولا وفاته المبكرة لإنتهت دولته على يده!!

والكثيرون يقرأون تأريخه بزوايا أخرى تميل إلى تحويله إلى مَلاك، حتى أن تسميته بالسفاح يقرنونها ببذل المال، غير أن الوقائع وما آلت إليه أحوال الأمة، تشير إلى أن الخلفاء كانوا بشرا كأي البشر، لهم ما لهم وعليهم ما عليهم، ولا يجوز تحويل التأريخ إلى منصة خيالية بعيدة المنال، حتى تتوهم الأجيال بأنها مقعدة ومعوقة بالمقارنة إلى ما كانت عليه الأمة قبل عصور، فالواقع يكذب المنطق الخيالي الرومانسي للتأريخ، لأن ما مدوّن بهذا المنظار لا يقبله عقل رشيد.

ويبدو أن الإنتقام كان مهيمنا على تصوراته ورؤاه، والتضخم الكبير للأنا فعل فيه ما فعل، حتى توهم بأنه يمثل إرادة الله في الأرض، ويترجم غضبه على بني أمية، لما فعلوه من آثام حسب تأويلاته، وما يغذيه به فقهاء الكراسي، وقد وقف مَن وقف بوجهه من رجالات الأمة وفقهائها الصادقين.

***

 د-صادق السامرائي

التشريع هو ركيزة الدولة والمجتمع معا لتحقيق دولة الحق والقانون. قوة هذا الأخير تتجلى كونه فوق الجميع. في نفس الوقت التطورات المجتمعية وطنيا ودوليا، والتداخل والتفاعل بين القواعد القانونية في الداخل والخارج تستوجب تكيف الترسانة القانونية القطرية (لكل بلد) مع المتغيرات المجتمعية، منتصرة بذلك لمبدأ المصلحة الوطنية العليا. في هذا الصدد، المملكة المغربية تعتبر من البلدان الرائدة في تطوير ترسانتها القانونية لجعلها في خدمة المصالح العليا للوطن ومصالح المرتفقين المشروعة.

في هذا السياق، تتوصل الإدارة المغربية ببعض الطلبات المشروعة إذا ما تم استحضار طابع المصلحة الشخصية، لكنها تسعى في العمق لتطويع أو تغيير قاعدة قانونية سارية المفعول. تقع الاجتهادات في بعض المؤسسات ويبقى إنصاف القاعدة القانونية بدلالاتها النبيلة وتقديسها أمانة يتحملها الممارس المسؤول في كل الدواليب المؤسساتية المعنية.

وهنا أطرح ظاهرة "الابن مجهول الأب" الباحث عن إثبات نسبه. عند ولادته تصرح به أمه لدى مكتب الحالة المدنية المختص داخل المملكة أو خارجها، فتختار له اسم أب وجد من أسماء العبودية واسم عائلي يجسد الخصوصية المغربية، مع التمتع بحقها في تمكينه من اسمها العائلي. تتطور وضعية ومصالح الوليد وأمه، وتتلاقى في بعض الأحيان مع مصالح الأب البيولوجي، فتنضج الفكرة عند هذا الأخير بدافع وضغط مصلحة الأطراف الثلاث (الوليد، الأم والأب البيولوجيان)، فيقبل منح نسبه لابنه أو ابنته بمقتضى إقرار ببنوة مكتوب. يتقدم إلى السلطة القضائية، ويستصدر حكما باسم جلالة الملك يتوج بتضمين بيان هامشي في رسم ولادة الطفل المعني. تستكمل مقومات هويته على هامش رسم ولادته الذي يعكس في شكله ومضمونه أنه كان قبل صدور الحكم طفلا مجهول الأب.

ومع تطور قانون نظام الحالة المدنية المغربي نتيجة حرص الدولة على إنجاح رقمنته، طرح عدد من الآباء والأمهات البيولوجيين ومواليدهم من هذه الفئة مطلب حق الطفل على هوية خالية من أثار الماضي السلبية بتمتيعه برسم ولادة طبيعي لا يعكس الأوضاع السابقة للأطراف الثلاث، ويمتع الطفل بهوية عادية. يتطلعون إلى أن يتغير القانون مرة أخرى لصالحهم بإتاحة إمكانية نقل رسم ولادة الطفل الرافض لصفة "مجهول الأب" التي التصقت به منذ ولادته إلى السجل الإلكتروني للسنة الجارية مع تضمين بيانين هامشيين (النقل على أساس حكم قضائي بإقرار بنوة)، الأول يحرر على هامش رسم الولادة الأصلي بمثابة إلغاء، والثاني (الجديد بمثابة ترسيم) يشار على هامشه كونه ناتج عن نقل رسم ولادة (رقم/السنة/المكتب) بمقتضى حكم قضائي (رقم، ملف، تاريخ، المحكمة المختصة).

أما بالنسبة للمواليد من هذه الفئة الذين سبق تسجيلهم خارج أرض الوطن، فقد أتاح القانون لأوليائهم الحق بنقل ولاداتهم من بلد الإقامة إلى القنصلية العامة للمملكة المغربية المختصة وفي أجل غير محدد، ورفع دعوى قضائية لإثبات نسبهم بمقتضى إقرار ببنوة. كما يبقى من حقهم كذلك، رفع نفس الدعوى لدى السلطة القضائية ببلد الإقامة لإضافة بيانات الأب البيولوجي في رسم الولادة الأجنبي، ومن تم نقله بهوية متكاملة إلى القنصلية المغربية السالفة الذكر. أكثر من ذلك، فقبل يوم 6 يوليوز 2023، كان متاحا لنفس الأولياء رفع دعوتين قضائتين في مكان السكن بالمغرب، الأولى لنقل الرسم الأجنبي ببياناته الكاملة إلى مكتب الحالة المدنية المختص داخل المملكة، والثانية لإقرار النسب بمقتضى إقرار ببنوة. تتوج العملية بترسيم ولادة الطفل في السجلات المغربية في رسم ولادة يجسد وضعيته منذ ولادته إلى أن تم الإقرار بنسبه (نقل الرسم الأجنبي بياناته الكاملة وإضافة بيان هامشي لإثبات النسب). بنفس الدوافع، هذه الفئة من الأولياء والأطفال يطمعون في رسم ولادة جديد يتضمن بيانات المولود وأبيه وأمه ومراجع الأحكام القضائية بدون أن يعكس أي عبارة متعلقة بوضعية السابقة خاصة ما يفيد أنه كان مجهول الأب.

وأختم هذا المقال بالقول أن هناك اجتهادات قضائية جريئة في هذا الصدد. منطوقها يأمر ضابط الحالة المدنية بنقل ولادة أجنبية مجهولة الأب إلى السجلات المغربية المفتوحة مع تحديد هوية الوالدين بمقتضى إقرار ببنوة أثناء تحرير رسم الولادة إلكترونيا. على المستوى العملي، هذا النوع من الأحكام يطرح صعوبة في التنفيذ محليا، ويحتاج إلى استشارة مركزية. النقل نقل لرسم أجنبي، والإقرار ببنوة إثبات لنسب بمقتضى اعتراف مكتوب وحدث لاحق زمنيا (الواقعتان مرتبطتان بزمنين مختلفين)، ليبقى إدماج القضيتين في حكم واحد يحتاج إلى صيغة واضحة لمنطوقه (نقل ثم إثبات نسب بإقرار بنوة).

***

الحسين بوخرطة

تفكير البشرية بالسعادة بشكل عام من الامورالطبيعة ولكن تعتمد على نوع الصفات التي يمتلكونها، وبطبيعة الحال البشر مخلوقات اجتماعية، ولها حالة من الرغبة  في رفع درجة الرضا في الحياة، فعليها ان تتعلم كيفية التعامل مع الاشخاص في السلب والايجاب، وهناك حقائق تخالف احلام الكثيرين، فتغيب العقول مختارة بكامل إرادتها لتغيب الحقيقة عند البعض؛ ولهذا يعتبرمثل هذا الانسان كائن غامض على الارض في الكثير من جوانبة تصل الى الابهام، ملتبس إلى الأبد في بنيته النفسية والذهنية بعمق، بدون نقطة وضوح، متشعِّبَة ومتداخل الامكانيته في بلوغ الحقيقة التي لاتشوبها الغموض والتي قد تضع شخصا معينا ضمن إطار محدَّد، وتصنفه في نهاية المطاف على سبيل الاحتمال بالمضطرب الجوانب.

'الإنسان حكاية خارقة بامتياز، عصيَّة على الإدراك الأحادي. يضمر أكثر مما يبلور، يخفي أكثر مما يظهر، يبطن أكثر مما يكشف، ما يقوله غير ما يفكر فيه، فكره عكس سلوكه، سلوك أقرب إلى طاقة الديناميت، بل زيادة، خيرا أو شرا، تتجاذبه خلال ذاته دوافع لا متناهية، نزاعات ظرفية متباينة، تتفاعل في ذاته، بين طيات الذات الواحدة. هكذا، تتأجل هوية الإنسان باستمرار؛ لأنها مجرد ممكن يرتبط تحققه بالمحتمل، بناء عليه،'

يتضح أنَّ أكبر معركة يجدر بالإنسان خوضها في هذه الحياة، حتى يحظى افتراضا بمعنى وهوية، تكمن في سبره لأغوار نفسه وتوخي استبطانها بقصد الوقوف على جانب بحارمغاراتها الظلماء، ولكن تبقى 'النزعة الإنسانية' مثل الشجاعة والتواضع والرحمة والكرم والصبروالتسامح والنزاهة هي الصفات المميزة له والاعتقاد بأن لكل شخص قيمة وكرامة إنسانية أصيلة، ويطلق على السمة الثانية تعني معاملة الأشخاص برقي بوصفهم غاية في أنفسهم، وليس مجرد وسائل لتحقيق الربح مثلا، أو كبيادق الشطرنج، وتسمي السمة الثالثة بـ'الإيمان بالبشر' وهي الاعتقاد بأن الاعتدال في الأساس هو صلاح الناس، وأنهم لا يسعون دائما للإيقاع بك لانك شخصية قوية تستطيع المواجهة لكفاءة عقلك، لذلك، تظل باقي المعارك التالية، لأفق صراع الإنسان مع ذاته، قصد اكتشافها أولا، ثم تبيُّن ملامحها ثانية، بالتالي امتلاك الإنسان زمام مصيره الشخصي، وبلوغه على وجه التقريب مرتبة الحرية الباطنية.

في كثير من الاحيان الانسان لا تجبره سوى العواطف ... لأن النفس تحتضن ظمأً مضاعفاً فيرعبها أن لاتجد قطرات الأمل في يوما ما،إن انشغال المشاعر عن الحضور في اللحظة الراهنة وبقائها في ذلك المستقبل الموهوم قد تخلق لها كارثة  بسبب الانشغال الجانبي لانه هو السبب الرئيسي في ضعف الوعي المطلوب لحماية النفس والروح من أي صدمات أو نكبات أو سوء اختيار، بعيداً عن المشاعر التي كثيراً ما تحكمها الأوهام ليهبط الإدراك حينها إلى أرض الواقع بعد أن كان محلقاً في أعالي الوجود .. والعيون لا ترى إلا ما تشاء أن تراه، وهي الأحاسيس التي ترفض أن تعيش إلا في ما تحبه وترضاه ، ذلك هو الغباء الاختياري الذي تمليه عليه العواطف، أما الطبيعي منه فأصحابه من ذوي المسؤوليات والطامحين لان الحقائق ستبقى غائبة عنهم وبالتالي لا تعنيهم كل تلك المتاعب ولن يصحو يوماً وعيهم لإدراك الفرق الشاسع بين الحقيقة والوهم، ذلك الذي نراه اليوم في عقول البعض من البشر وخاصة  ' من توكل لهم المسؤولية وهم غير جديرين بها ' مع الأسف ولديهم الرغبة للانخراط في أنشطة خلافية مثل الغش أو الرشوة أو الكذب أو السرقة بكل انواعها .

لقد لاحظ الباحثون أن الإطار الجديد على فهم صفات الشخصية السلبية بشكل أفضل، يعتمد الى التوصل لاستراتيجيات أفضل لمعالجتها. وهؤلاء يتشبثون بغير الحقيقة بقناعة ذلك الحدس الذي ينتمي لاصواتهم الداخلية ولكن الجمال والأمل وحدهما ماثلان أمامهم و قد تُمزق وتخرس وتتبرأ من همساتهم المؤلمة. أن جميع الصفات الشخصية المنحرفة تعتمد على الميول السلبية وإن كانت بدرجات مختلفة، وهي إعطاء الأولوية لرفاهية أو سعادة المرء نفسه ومن يدور في دائرته أو نجاحه على حساب الآخرين، حتى لو كان يعني أن الآخرين  سيعانون من أبشع الصور التي تبتعد عن الانسانية..

***

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

أود التذكير بداية إلى أن هذه السلسلة من المختارات التي أنشرها هي مسودات من معجم جديد ولذلك ففيها الكثير من الأخطاء الطباعية والمعلوماتية، لأنني لم أنتهي منها وأراجعها كلها. ولهذا سأبدأ بإعادة نشر ثلاث فقرات نشرت في الحلقة السابقة، بعد أن صححتها هنا، ثم نعود إلى حلقة اليوم، فشكرا لكم على صبركم ورحابة صدوركم:

652-ميمر = (ميمر) وتعني في المندائية قول، تكلم. ويضيف المؤلف (ومنها كلمة أمر التي تعني قال ... ويبدو أن لازمة كلمات الأغنية العراقية الشهيرة "عل ميمر وعل ميمر" ربما جاءت من هذه الكلمة). وهذا التخريج لا حظ له من الصواب فالميمر المقصود في أغنية "عَ الميمر" هو كما يكتب ماجد شبر "نمط من أنماط الأدب والشعر الشعبي العراقي وله بحر مستقل بحد ذاته ووزنه «مستفعلن مستفعلن مستفعل» وقد استعمل في العديد من المقامات العراقية ويقسم إلى قسمين: ميمر مذيل وميمر هجيني. هناك ثلاثة آراء في أصل الميمر؛ فالبعض يعيد أصله إلى عبارة "ما مر" العربية والتي تعني لم يمر، والرأي الثاني يعيد أصله إلى كلمة ديرم وهي قشرة شجر الجوز التي كانت تستخدم سابقاً كأحمر للشفاه. أما الرأي الثالث فيقول إن أصل الكلمة آشوري وهي تعني «القصيدة» في الكتابات الآشورية القديمة حيث جاء بهذا الرأي السيد مجيد لطيف القيسي في كتابه «معرفة اوزان الشعر الشعبي العراقي»، والأصل هو الرأي الأول". ماجد شبر/ الأدب الشعبي العراقي ص 89 ومابعدها". وأرجح أن يكون الرأي الثالث هو الأصوب أي أن الكلمة وردت باللهجة الآشورية أي إنها أكدية أصلا انتقلت لاحقا إلى اللغات الجزيرية الشقيقة.

676-ناطور= (نطر) يحرس يحفظ يحمي. والكلمة جزيرية قديمة ومشتركة في عدد من اللغات السامية كالأكدية بلهجتيها والعبرية القديمة - توجد منظمة يهودية محافظة ومعادية للصهيونية إنطلاقا من عقيدتها التوراتية المسيحانية "المهدوية" والتي تحرم قيام دولة لليهود قبل قيام المسيح المنتظر وتسمي نفسها "ناطوري كارتا" أي حراس المدينة – والكنعانيات والآراميات بالمعنى نفسه. وهذه الحقيقة يعرفها المعجميون العرب القدماء فقال ابن منظور في معجمه لسان العرب (النَّاطِر والنَّاطور من كلام أَهل السَّواد "العراقيين": حافظ الزرع والتَّمر. والكَرْم، قال بعضهم: وليست بعربية محضة، وقال أَبو حنيفة: هي عربية؛ قال الشاعر:

تُغَذِّينا إِذا هبَّت علينا........وتَمْلأُ وَجْهَ ناطِرِكم غُبارَا

قال: النَّاطِر الحافظ. وجمع النَّاطِر نُطَّار ونُطَراء، وجمع النَّاطُور نَواطِير" وعبارة أهل السواد في كلام ابن منظور تعني أن الكلمة من اللغات الرافدانية القديمة فالسواد من أسماء العراق الأوسط والجنوبي في لغة العرب قبل وبعد الإسلام.

700-سترة = (صُدرا) وتعني سترة في المندائية، والمؤلف يرفض أن تكون الكلمة العربية بذات المعنى من الستر فهو يكتب؛ لأن "كلمة سترة فهي تشير إلى الجاكيت أي ما يغطي منطقة النصف الأعلى من الجسم...أما كلمة صُدرا المندائية فهي تشير تماما إلى الصدرية وما يغطي الصدر والظهر)! ولا أدري بم أعلق على هذا الكلام! فالسترة سواء كانت من الستر أو من الصدر فهي صدرية وكلتا الكلمتين عربية وإذا كانتا موجودتين في المندائية فهما كلمتان مشتركتان بين لغتين من عائلة لغوية واحدة، فما الجديد والخارق في هذا؟!

 كلمات هذا الجزء: "سنطور - عاد -عاين- عتوي - عطابة - عمارية - يَمعود -فاهي -فلش – صَكْ". شكرا لكم مقدماً على تعليقاتكم انطلاقا من لهجاتكم العربية الجميلة تصحيحاً وإضافة... سيكون ترتيب الفقرات أدناه كما يلي: رقم الفقرة ثم الكلمة كما تلفظ في اللهجة العراقية ثم علامة مساواة وبعدها لفظ الكلمة في اللهجة المندائية بين قوسين ثم معنى الكلمة في المندائية فمعناها في العراقية فرأيي الشخصي بهذا التخريج مع التوثيق المعجمي:

737- سنطور =(سِنورا) غطاء الرأس الخوذة. ويقول المؤلف أن الكلمة في العامية العراقية تعني السنطور في قولهم (إشكبر سنطوره، عابت هذا السنطور) و (سنطوره فارغ)، بمعنى رأسه فارغ. ولم أسمع شخصيا بهذا المعنى للكلمة. والسنطور - كما تذكر السيدة عائدة الخطيب في كتابها "السنطور في العراق" - هو اسم لآلة موسيقية أكدية بابلية وآشورية قديمة، تأكد وجودها بالأدلة الآثارية "الأركيولوجية". ويعتقد أن هذه الآلة انتقلت إلى بلاد فارس واكتسب اسماً وصفات أخرى ثم عادت إلى العراق في العصر الإسلامي؛ وتحديدا "في عهد الخليفة المستعصم العباسي في منتصف القرن السادس الهجري وعلى يد الموسيقي حكيم بن الأحوص السندي البغدادي فهذبها وزاد على اوتارها تسعة أوتار وقسم الأوتار إلى ثلاثة دواوين وهي المعمول بها اليوم". ويبقى حتى اليوم السنطور العراقي أكبر حجماً من الإيراني وحتى من السنطور العراقي "الرافداني" القديم أو البابلي، وعدد أوتاره مائة وتر في حين أن عدد أوتار الإيراني ستة وسبعون وتراً. واسم الآلة مأخوذ من الفارسية (سان طور) وتعني الرتم السريع. أغلب الظن فأن الأمثلة التي جاء بها السعدي لإثبات أن الكلمة مندائية كانت تعني أنَّ رأس الشخص المستهدف بالمعايرة كبير أو فارغ كآلة السنطور الموسيقية، وهذا تخريج طريف حقاً ولكنه لا علاقة له بعلم التأثيل المفرداتي!

719- عاد =(آد) وتعني في المندائية حتى، كي، إلى حين. وفي العامية يقول المؤلف أن كلمة عاد تأتي مقرونة بأداة النفي "لا" فيقال "لا عاد" ثم أدمجت اللفظتان فصارتا كلمة واحدة هي "لعد" التي تقال في اللهجة البغدادية، ويربط المؤلف أخيرا بين هذا "الأساس" وعبارة "عود ليش؟". وبصراحة فهذا التعسف التأثيلي العشوائي والكاريكتيري لا يستقيم ومعنى عبارة " لا عاد" والتي تكون فيها كملة "عاد" أداة تأكيد للنفي أحيانا، وأحيانا أخرى بمعنى " إذن، لا" أما عبارة " عود ليش" فيمكن ان تعني " أعود وأسأل ليش؟". وهذه اللفاظ مألوفة في العاميات ومنها العامية العراقية وعبارة عود ليش تقال في المنطقة العربية من العراق بصيغة مختلفة هي " عجل ليش" دون ان تخرج كلمة عجل عن معنى تأكيد التساؤل، وفي الجنوب العراقي يتساءلون بالقول " چا ليش؟" وحتى في العاميات العربية الأخرى خارج العراق فهناك ألفاظ مشابهة ففي مصر يقولون " أمال ليه؟ أو " أومال إية" بمعنى إذن لماذا...إلخ. أما في اللهجة التونسية فنجد عبارة "يزي عاد" بالمعنى واللفظ العراقيين نفسهما. ومعلوم أن كلمة "يزي" تركية وتعني يكفي. ولكن لفظة "عاد" وهي كثيرة الاستعمال في التونسية وتأتي بمعنى التوكيد على الأرجح كما في العراقية.

733- عاين =(إين) وتعني في المندائية أنظر لاحظ. ويقول المؤلف أن هذا المعنى لا يرد في اللغة العربية إذ يقال أنظر بدلا من عاين" وهذا خطأ يدل على الجهل بالمعجمية العربية وكثرة المرادفات فكلمة عاين عربية فصيحة بالمعنى نفسه نقرأ في معجم المعاني: "عاين: رآه عِيانًا: رآه مشاهدة، ووقف عليه. عايَن الموقِعَ: رآه أو شاهده بعينه، تحقَّق منه بنفسه بنظرة عامَّة أو شاملة عليه". وجذر الكلمة عربي هو "عين" وفي لسان العرب نقرأ "عين الرجل: شاهده". وفي الغني نقرأ: "مُعَايَنَةٌ

[ع ي ن]. (مص. عَايَنَ) جَاءَ لِمُعَايَنَةِ العَمَلِ: جَاءَ لاخْتِبَارِهِ وَفَحْصِهِ. "لَيْسَ الخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ" "مُعَايَنَةُ الخَبِيرِ" مُعَايَنَةٌ طِبِّيَّةٌ: الْمُكَاشَفَةُ".

735- عتوي =(أتوانا) وتعني في المندائية قوي. والكلمة بعيدة لفظا ومعنى عن كلمة إتوانا، ولماذا لا تكون صيغة عامية من الجذر العربي عتا يعتو فهو عاتٍ والعاتي من معانيها القوي والجبار والمتكبر والقاسي.

739- عرين =(أريا) أسد. وهنا يكتب المؤلف السعدي تخريج عجيب يقول فيه: "العرين معروف في اللغة العربية، إلا أن الأسد ترد في اللغة المندائية على "أريا" وربما أن لفظ الكلمة انسحب إلى العرين ولكنها ظلت مرتبطة بالأسد". وهنا، يبدو المؤلف لا يعرف ماذا يريد أن يؤكد أو ينفي فيطرح احتمالات لا رابط بينهما ولا علاقة لها باللفظ العربي والذي هو نفسه في العامية العراقية، وإذا كان المؤلف لا يعرف ماذا يريد فماذا يفعل القارئ والناقد؟

743- عطابة =(طبا) يشوي يحمص يحرق. ولا علاقة للكلمة في العامية بهذه الكلمة من حيث المعنى فالعطابة لفيفة من القطن يحرق طرفها بالنار ويكوى بها موضع المرض في الإنسان او الحيوان في الطب التقليدي الشعبي. وكلمة عطابة عربية فصيحة وتعني القطن. نقرأ في الصحاح (والعُطُب: القُطن. والعُطْبة: قطعة منه. يقال: أجد ريح عُطْبة، أي ريح قطنة، أو خِرقةٍ محترقة)، وفي معجم المعاني: "العُطْبُ - العُطْبُ: القُطْنُ. الواحدة: عُطْبَةٌ". أما في المعجم الوسيط فاللفظة العربية واضحة ولا تحتاج إلى تأويل نقرأ (العُطْبَةُ- العُطْبَةُ: خِرْقَةٌ تُؤْخَذُ بها النارُ).

755- عمارية =(أمارية) وتعني النعش في المندائية وهي كما يقول المؤلف تعني في العامية العراقية دكاكين مبنية من أربعة أعمدة وسقف ولهذا يشبهها بالنعش أي التابوت لأن الذين يحملونه أربعة كما يقول؛ وهذا تخريج متهافت فالعمارية يمكن أن تكون مشتقة من عمارة وهي كل بناء يعمره الإنسان فيكون بناء كبيرا أو صغيرا وقد تكون نسبة إلى مكان أو مدينة تسمى العمارة. ومن الطريف أن نذكر أن "العمارية" في اللهجة المغربية تعني "الهودج الذي تُحْمَلُ فيه العروس في زفافها بعد أن تلبس اللباس التقليدي المغربي ثم يحمل الهودج أربعة شباب بأزيائهم التقليدية أيضا.

759- يَمعود =(يا مأود) ويقول المؤلف إن الدخول إلى تركيبة هذه المفردة يبقى محيرا، ولكنه يحاول أن يربط بينها وبين الفعل الآرامي "أود" ويعني "يعمل" وواضح أن هذا التخريج لا معنى له ولا علاقة بموضوع المفردة والتي يذهب البعض إلى تفسيرها بأنها مختصر لعبارة طويلة كانت تستعمل لمناداة الشيوخ والوجهاء الموقرين وهي "يا يمعو على الخير" بمعنى "يا من تعودت على فعل الخيرات والمكرمات" ويحدد البعض حتى مكان وتاريخ ولادة هذه العبارة في بدايات القرن الماضي وخلال ثورة العشرين ومهدها في منطقة الرميثة في محافظة المثنى "السماوة" ولا أميل إلى هذا التحديد الزمكاني لأنه غير موثق ويعتمد على السماع والنقل الشفاهي، ولكن التفسير بحد ذاته يبقى معقولا نسبيا.

765-فاهي =(فها) وتعني في المندائية يندهش، يفتح فمه استغرابا. وفي العامية تعني الشخص الذي لا يركز على شيء ولا يأخذ المور على محمل الجد وغير المنتبه. وفي إقليم نجد في الجزيرة العربية نقرأ (فَاهِي "أو" فَهَاوَة: هي كلمة تطلق على الشخص الغبي أو الذي لا يفقه شيئاً.)  وفي اللغة العربية نقرأ في مختار الصحاح عن جذر فهه (ف ه ه : الفَهَّةُ السقطة والجهلة ونحوها وهو في الحديث. الفَهَّهُ والفَهاهَةُ: العيُّ. ورجلٌ فَهٌّ وامرأةٌ فَهَّةٌ... رَجُلٌ عَيٌّ: عَاجِزٌ فِي نُطْقِهِ، غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ مِنْ إِظْهَارِ قَصْدِهِ مِنْ كَلاَمِهِ). وفي لسان العرب (فَهَّ عن الشيء يَفَهُّ فَهّاً نَسِيَه وأَفَهَّهُ غيرهُ أَنْساه، والفَهُّ الكليلُ اللسانِ العَييُّ عن حاجته، والأُنثى فَهَّةٌ بالهاء، وفَهَاهةً أَي عَيِيتَ وفَهَّ العَيِيُّ عن حاجته الجوهري الفَهةُ والفَهاهةُ العِيُّ يقال: سَفِيه فَهِيهٌ). وفي العامية يقال " هذا الطعام فاهي" أي لا طعم ملحوظ فيه او انه بلا ملح أو قليل الملح.

788-فلش =(لم يذكر كيف تلفظ في المندائية) ولم يذكر معناها في المندائية بل قال ( وربما جاءت كلمة فلش بمعنى هدم في العامية من الفعل فِلَگ) وهذا غير صحيح فالكلمة أكدية وردت في كاتب طه باقر "من تراثنا" وورد بخصوصها: فلَّش = پلاشو – هدم ونقض وخرب في اللهجة العراقية.

804- صَكْ =(صُك) وتعني في المندائية كما يقول المؤلف ينهي يكمل. ويأتي بمثال في العايمة يقول (حين يشرب العطشان ماء يقال: صك عليه صك)، ويضيف أن الكلمة باللهجة المصرية تعني اغلق الموضوع (صك عليه). وهذا تخريج مضطرب وضعيف ففي هذا المثال ثمة تشبيه لعملية الإطباق والانغلاق على الماء وشربه بما يقارب معنى الإغلاق وليس الإنهاء أو الإكمال ونقرأ في اللسان (الصَّكُّ: الضرب الشديد بالشيء العريض، وقيل: هو الضرب عامة بأيّ شيء كان)، وفي المصباح نقرأ (الصَّكُّ: الكتاب الذي يكتب في المعاملات والأقارير -التقارير - وجمعه "صُكُوكٌ")، وفي معجم المعاصرة (يَصُكّ، /صُكَّ، صَكًّا، فهو صاكّ، والمفعول مَصْكوك، صَكَّ الشَّخصَ: دفعه بقوَّة "صَكَّتِ الدَّابَّةُ الولدَ". صَكَّ البابَ: أغلقه بعُنْف). والعبارة الأخيرة "صك الباب" بمعنى أغلقه بعنف شائعة بهذا المعنى في اللهجة العراقية. للاطلاع على هذه الاجزاء السابقة من المفردات انقر لطفا على هذه الوسمة:

#لهجة_عراقية_اللامي

يتبع

***

علاء اللامي

تَنْتَشِرُ مُنَظَّمَاتٌ مِنْ الْمُتَطَوِّعِينَ فِي مُعْظَمِ الدُّوَلِ الْأُورُوبِّيَّةِ.، بَعْدَ غُرُوبِ كُلِّ يَوْمٍ، وَخَاضَتَا فِي فَصْلِ الشِّتَاءِ ،وَتَنْشَطُ هَذِهِ الْجَمَاعَاتُ عِنْدَمَا يَتَسَاقَطُ الثَّلْجُ وَتَهْبِطُ دَرَجَاتُ الْحَرَارَةِ دُونَ الصِّفْرِ ..،أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الزِّيِّ الْأَصْفَرِ. فَمُنْذُ سَنَوَاتٍ تَسَاقَطَ الثَّلْجُ بِشَكْلٍ كَبِيرٍ حَتَّى وَصَلَ إِلَى حَوَالَيْ/ 50 سَنْتِيمِتْرًا وَكَسِّيٍّ شَرِيطٍ الْقُضْبَانُ التُّرَامُ وَأُغْلِقَتْ الشَّوَارِعُ.، وَكَانَتْ الْعَاصِفَةُ الثَّلْجِيَّةُ "لَيْلَةَ الْأَحَدِ" وَمُعْظَمُ النَّاسِ خَارِجَ بُيُوتِهِمْ لِلسَّهَرِ. خَرَجْتُ أَنْتَظِرُ أَيْ وَسِيلَةً لِلذَّهَابِ لِلْمَنْزِلِ ..-وَقَفَتْ عَلَيَّ مَحَطَّةُ تَرَامْ. فُوجِئَتْ بِسَيَّارَةِ شُرْطَةِ دَفْعٍ رُبَاعِيٍّ... تَطْلُبُ مِنِّي عُنْوَانِي وَرَقْمٍ هَاتِفِي وَانْتَظَرَ دَقَائِقَ لِحِينِ وُصُولِ حَافِلَةٍ تَجْمَعُ النَّاسَ مِنْ الشَّوَارِعِ..، وَأَمَامَهَا كَاسِحَةِ الثَّلْجِ لِتَوْصِيلِ النَّاسِ الي أَقْرَبَ مَكَانٍ لِمَنَازِلِهِمْ، هَذَّةَ الْوَاقِعِهِ حَدَثَتْ لِي شَمَالَ أَلْمَانْيَا...، وَكَانَتْ هَذَّةُ الْجَمَاعَاتِ التَّطَوُّعِيَّةِ تَجْمَعُ الْمُشَرَّدِينَ فِي مَحَطَّاتِ الْمِتْرُو فِي" بَرْلِينْ "كُلَّ يَوْمٍ مِنْ أَصْحَابِ الْعَاهَاتِ السُّكُوبَاتِيَّةِ. وَالسَّكَارِيِّ كُلَّ لَيْلَةٍ بَعْدَ مُنْتَصَفِ اللَّيْلِ فِي حَافِلَاتِ الِي مَنَازِلَ خَاصَّةٌ وَيَتِمُّ الْكَشْفُ الطِّبِّيُّ عَلَيْهِمْ وَرِعَايَتُهُمْ . وَتَقْدِيمُ وَجَبَاتٍ لَهُمْ ثُمَّ يُطْلِقُوا سَرَاحَهُمْ فِي الصَّبَاحِ بَعْدَ تَقْدِيمِ وَجْبَةٍ فَطَارَ لَهُمْ...،، وَكَذَلِكَ فِي الْمَيَادِينِ يَتِمُّ تَوْزِيعُ وَجَبَاتٍ وَمَلَابِسَ وَغِطَاءٍ لَهُمْ كُلَّ يَوْمٍ عِنْدَمَا يَتَحَسَّنُ الطَّقْسُ لِمَنْ يَرْغَبُ أَنْ يَنَامَ أَمَامَ الْمَحَالّ .وَالْمَيَادِينِ وَلَاتَنَزْعِجَ مِنْهُمْ الدَّوْلَةُ..،، فَفِي الدُّوَلِ (الِاسْكِنْدِنَافِيَّةِ ) يُطْلِقُوا عَلَي هَذَّةَ الْجَمَاعَاتِ

"غَرُبَانُ اللَّيْلِ " أَصْحَابُ الثِّيَابِ الِاصْفَرُّ تَبْحَثُ فِي اللَّيْلِ

وَفِي عُطْلَةِ الَاسْبُوعِ فِي زَوَايَا الشَّوَارِعِ

وَالْمُنْعَطَفَاتِ وَفِي الْحَفْرِ ..،

وَتَحْتَ مِظَلَّاتِ الْمَحَالّ عَنْ كُلِّ سَكْرَانَ مَغْمِيٌّ عَلَيْهِ،

أَوْ عَاشِقٌ مُنْهَارٍ وَعَالِقٌ فِي شَبَكَةِ مَجَارِي،

وَأَيُّ حَشَّاشٍ يَقِفُ مُنْتَصَفَ الطَّرِيقِ وَيُعْتَقِدُ أَنَّهُ مَوْقِفٌ

الْحَافِلَاتُ...،

أَوْ أَيْ عَازِفٍ هَارِبٍ مِنْ الْحَفْلِ بَعْدَ ضَرْبِهِ بِالْكَرَاسِي

لِازِعَاجِ الْجُمْهُورِ...،

وَأَيُّ مَخْمُورٍ شَرِبَ حَتَّى الثِّمَالَةِ وَسَقَطَ عَلَى وَجْهِهِ فِي الثَّلْجِ،

أَوْ تَلَقَّى وَهُوَ خَارِجُ الْمُرْقُصِ رِسَالَةً

الْكَتْرُونِيَّةٌ

عَنْ مَرَضِ طِفْلَةٍ اوْ قَطِّهِ أَوْ كَلْبِهِ وَنَقْلِهِ لِلْعِيَادَةِ..،

وَأُصِيبَ بِنَوْبَةِ إِغْمَاءٍ.

هَذِهِ الْمُنَظَّمَةُ تَضُمُّ أَطِبَّاءَ وَمُمَرِّضِينَ وَمُسْعِفِينَ

وَسَيَّارَاتُ إِسْعَافٍ مُزَوَّدَةٍ بِمُسْتَلْزَمَاتٍ صِحِّيَّةٍ لِلِاسْعَافِ الْفَوْرِيِّ،

كَجُزْءٍ مِنْ وَاجِبِ الدَّوْلَةِ الرَّاعِيَةِ تُجَاهَ مُوَاطِنِيهَا،

هُوَ الْعَقْدُ الِاجْتِمَاعِيُّ بَيْنَ الْمُوَاطِنِ وَالدَّوْلَةِ فِي أَنْ تَرْعَاهُ

وَفِي أَنْ يَقُومَ بِوَاجِبِهِ.

بِلَا هُتَافَاتٍ لِلدَّوْلَةِ وَلَا مَدِيحَ لِلْحَاكِمِ لِكَيْ يَتَغَطْرَسَ...،

لِأَنَّ الْحَاكِمَ مُوَظَّفٌ فِي الدَّوْلَةِ يَقُومُ بِوَاجِبِهِ،

كَمَا يَحْدُثُ عِنْدَنَا فِي الْعَالَمِ الْعَرَبِيِّ عِنْدَمَا يَرْتَفِعُ الْجَعِيرُ لِأَتْفِهِ فِعْلٌ إِسْتِعْرَاضِيٍّ مِنْ مَسْؤُولٍ...،

لِأَنَّنَا مَصْنَعُ مُنْتِجٌ لِلْأَوْغَادِ وَالْمُمَثِّلِينَ وَالْكُومْبَارِسِ وَإِنْصَافِ الرِّجَالِ...،

لَايَجُوزُ قَانُونًا أَنْ يَنَامَ الْمُوَاطِنُ بِلَا سَقْفٍ.

أَوْ جَائِعًا أَوْ مُتَأَلِّمًا مِنْ مَرَضٍ أَوْ خَائِفًا مِنْ أَحَدٍ...،

الْوَطَنُ هُوَ الصِّدِّيقُ،

عِنْدَمَا تَحَوَّلَ الْوَطَنُ الْأَصْلِيُّ الَى مَنْفًى.

شِعَارُ مُنَظَّمَةِ غَرْبَانِ اللَّيْلِ هُوَ \"الْأَمَانُ\"،

وَشِعَارُ الْأَمْنِ الْعَرَبِيِّ هُوَ \"امْنُ الْحَاكِمِ\" حَتَّى لَوْ كَانَتْ

الْعَدَالَةُ مَفْقُودَةٌ،

قَدْ تَكُونُ تَجْرِبَةً مُثِيرَةً وَغَرِيبَةً مِنْ نَقْلِ الْجَرْحَى وَالْقَتْلَى

فِي سَاحَاتِ الْحَرْبِ،

الَى نَقْلِ الْعُشَّاقِ الْمُنْهَارِينَ وَسُكَارَى اللَّيْلِ الْمَغْمِي عَلَيْهِمْ

فِي زَوَايَا الشَّوَارِعِ،

لَيْسَتْ تَجْرِبَةً فَحَسْبُ بَلْ هُوَ الْفَارِقُ بَيْنَ الدَّوْلَةِ الْأُمِّ الرَّاعِيَةِ،

وَبَيْنَ شُبَّةِ دُوَلٍ مِنْ الْعِصَابَاتِ،

بَيْنَ دَوْلَةٍ تَرْعَى الْفَرَحَ الْبَشَرِيَّ مِنْ الْخَطَرِ

وَبَيْنَ دَوْلَةٍ تَزْرَعُ الْمُتَفَجِّرَاتِ لِشَعْبِهَا فِي حُرُوبِ دَائِرَةٍ فِي بُلْدَانٍ عَرَبِيَّةِ الَّانَ لِتَزْرَعَ الْحُزْنَ وَالْخَوْفَ وَالْقَلَقَ وَالْكَآبَةَ،

إِنَّ الَّذِي سَتَعْثِرُ عَلَيْهِ مُغَمِّيًا فِي مُنْعَطَفِ مُنْتَصَفِ اللَّيْلِ،

هُوَ فِي النِّهَايَةِ إِنْسَانٌ يَسْتَحِقُّ أَنْ يَكُونَ سَعِيدًا،

حَتَّى لَوْ تَطَرَّفَ فِي ذَلِكَ،

وَعَلَى الدَّوْلَةِ حِمَايَتُهُ مِنْ الذَّهَابِ

بِفَرَحِهِ نَحْوَ الْهَاوِيَةِ. هُوَ الْفَارِقُ بَيْنَ غَرْبَانِ اللَّيْلِ لِانِّقَاذِ حَيَاةِ وَكَرَامَةِ الِانْسَانِ،

وَبَيْنَ ارْجُوزَاتِ الْمُجْتَمَعِ الْمَدَنِيِّ الْعَرَبِيِّ مِنْ عَاهَاتٍ سْكُوبَاتِيَّةٍ عَلِي شَبَكَاتِ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ...، هَذَّةَ هِيَ مُهِمَّةُ الْعَمَلِ التَّطَوُّعِيِّ وَلَيْسَ الْفُرْجَةَ وَالْتِقَاطُ صُوَرٍ تِذْكَارِيَّةٍ بِجِوَارِ شِنْطَةٍ اوْ وَجْبَةِ طَعَامٍ لِلْمُحْتَاجِينَ. نَحْنُ شُعُوبٌ لَمْ نَتَعَلَّمْ مَعْنِيَ الْعَمَلِ فِي الْمَجَالِ الْعَامِّ التَّطَوُّعِيِّ وَنَعِيشُ مَتَاهَاتِ التَّدَيُّنِ .؟!!

**

مُحَمَّدُ سَعْدِ عَبْدِ اللَّطِيفِ

كَاتِبٌ مِصْرِيٌّ وَبَاحِثٌ فِي الْجُغْرَافِيَا السِّيَاسِيَّةِ

لم تعرف البشرية ظاهرة انتشار الإلحاد بشكل كبير كما عرفتها الآن فنسبة كبيرة من المجتمعات الأوربية والأسيوية لا تؤمن بدين ولا وجود إله خالق لهذا الكون وهناك فلسفات وإيديولوجيات تنظر لموجة الإلحاد وتدعو له وللأسف مع الفراغ الروحي والجهل بالدين وقع كثير من شبابنا في شرك الإلحاد ...

اقول هذا الكلام بعد قراءة كتاب المفكر والفيلسوف البريطاني "أنتوني فلو" الذي عاش ملحدا أكثر من خمسة عقود ملحدا ومنظرا الإلحاد ومدرسا له في الجامعات ومؤلفا لأكثر من ثلاثين كتابا وبعد كل هذه الجهود والكتابات والحضور الإعلامي يفاجئ العالم ومتابعيه بأنه تخلى عن الإلحاد فيكتب كتابا مهما "للكون إله" يقر فيه بوجود خالق لهذا الكون ويبطل خرافة الإلحاد...

وحسب دراسة أعدتها الندوة العالمية للشباب المسلم والإلحاد هو: " مذهب فلسفي يقوم على فكرة عدمية أساسها إنكار وجود الله الخالق سبحانه وتعالى، فيدّعي الملحدون بأن الكون وجد بلا خالق.

وأن المادة أزلية أبدية، وهي الخالق والمخلوق في نفس الوقت."(1)

"والإلحاد في اللغة يعني الميل والعدول عن الشيء، وهو في الشريعة يقصد به الطعن في الدين أو الخروج عنه.

ومن الإلحاد أن يطعن أحد في دين الله تعالى وأن يشكك فيه مع أنه قد ينتمي اسما إلى الإسلام، أو التأويل في ضرورات الدين، كأن يقول: الصلاة ليست واجبة، أو أنها لا يشترط أن تصلى كما يصلي المسلمون، أو أن الحجاب ليس فريضة، أو أن الربا ليس محرما ونحو هذا"(2).

يستغرب الدارس لظاهرة الإلحاد أن يجد كتابا كبارا ومثقفين يتقنون عدة لغات يصرحون علانية أو في مجالسهم الخاصة بأنهم ملحدون فكيف يلغي هؤلاء عقولهم ويتخلون عن أكبر نعمة وهي التأمل والتدبر في خلق الله؟ لو أمعنوا النظر وتخلوا عن كبرهم وتعنتهم لوصلوا إلى الحقيقة الساّطعة التي وصل إليها "انتوني فلو" بعد عقود من التيه والضياع في ظلمات الإلحاد الحالكة المكفهرة.

كيف غاب عنهم أن وراء هذا الجمال والإبداع في الخلق خالق جميل مبدع قوي جبار؟.

إن الإلحاد خرافة ناتجة عن عدم التعمق في العلم والغرور بمظاهره الاكتفاء بقشوره..

يقول العالم الألماني الحائز على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1932 ” فيرنر هايزنبيرغ”:” إن أول جرعة من كأس العلوم الطبيعية سوف تحوّلك إلى ملحد، ولكن فى قاع الكأس، ستجد الله فى انتظارك” هذا كلام صادق من عالم متبحر فالتعمق في العلم والغوص في بحاره يقود الإنسان إلى معرفة الله الخالق لهذا الكون المدبر لشؤونه الرحيم بخلقه..

فالإنسان عابد بالفطرة ولم نجد في تاريخ الإنسانية امة بلا عبادة، يقول المؤرخ الإغريقي “بلوتارك”: “لقد وُجِدَت في التاريخ مدن بلا حصون، ومدن بلا قصور، ومدن بلا مدارس، ولكن لم توجد أبدا مدن بلا معابد”.

فلنحصن أبناءنا من موجة الإلحاد بغرس فيهم قيم الدين الحق الوسطي المعتدل بعيدا عن التطرف والفهم الضيق المغشوش ولنحاورهم بالعقل وأساليب الإقناع ولنصغ لهم ونتفهم عصرهم واهتماماتهم لنكن لهم قدوات صالحة ونماذج ناجحة معتدلة في حياتها.

***

الكاتب والباحث في التنمية البشرية

شدري معمر علي 

.........................

المرجع:

1- الندوة العالمية للشباب الإسلامي، الإلحاد، صيد الفوائد.

2- مسعود صبري، فقه الإلحاد، إسلام أون لاين.

قد تكون بعض العادات والتقاليد والأخلاقيات متوارثة من جيل إلى جيل وعلى مر الزمان متبعة والناس على قناعة تامة بها وتعمل على تعليمها لأبنائها جيلاً بعد جيل، في حين نجد أن البعض قد يصاب بالضجر والملل وحتى الأمراض النفسية من بعض تلك السلوكيات فنجده يجتهد للتخلص منها وعدم نقلها لأبنائه ! وهذا أمر وارد الحصول خاصة إذا كانت طريقة التعليم خاطئة وإن كان الفعل صحيحاً لكن الطريقة خاطئة تؤدي إلى نتائج عكسية بكل تأكد . في السابق كان احترام الآباء أمر مقدس جداً حتى أن بعض السلوكيات مبالغا فيها وصارمة فنجد أن الإبن يحترم والديه بصورة جميلة فمثلاً كان من غير اللائق أن يجلس الإبن ووالده واقفاً أو أن يضطجع بوجود والده ولا يتحدث بأحاديث غير مفيدة أو قليلة الأدب، كان الآباء صارمين في تربية أبناءهم وتعليمهم للفضيلة والرجولة، قد يجد البعض أن هذه السلوكيات خاطئة وتزيد من تعقيدات التربية فيتصرفون بطريقة مختلفة خاصة أن والداه كانا يتعاملان بقسوة في تربيته فيعكس ذلك على أبناءه بإعطائهم الحرية المطلقة في التصرفات والتعاملات وحتى في ارتداء الملابس! وعدم محاسبتهم أو تعليمهم أساليب صحيحة في التربية بحيث يترتب على ذلك تنشأة غير مرغوبة من قبل المجتمع وقد تصل إلى استهجان ورفض من قبل المجتمع لهذه التصرفات، وعلى الرغم من أن بعضهم قد تعرض للضغط من قبل آباءهم لكن لا يعني ذلك عكسه على تربية أبنائهم فالتصرفات العقلانية مهمة جداً ولا يجب التفريط بها إطلاقاً،يمكن أن تعالج بعض التعاملات الخاطئة من خلال الأسلوب لكن ليس على حساب العادات نفسها فهناك أمور مهمة في التربية لا يمكن التغافل عنها، يمكن تغيير الأسلوب بأن يكون أكثر لطفاً وبذلك ستكون النتائج مرضية للجميع، ومن أساليب التربية الصحيحة أن نحترم شخصية الأبناء ولكن لابد أن يكون هناك حزم في بعض الأمور، وكما هو معلوم أن أطفال اليوم مختلفون عن اطفال الأمس فهم مهووسون بحب الأنا ويتفاخرون بأنفسهم ولا يرضون بالموجود بينما في الماضي كان التواضع هو سمة عامة الأطفال يفرحون بالقليل ويقتنعون بالموجود لهذا قد تغير الزمان وكذلك التربية أصبحت صعبة بعض الشيء، فيبذل الأهل الكثير ليصل أبناءهم إلى بر الأمان وسط هذا الكم الهائل من الانفتاح الذي يجعل من الصعب السيطرة على توجيه الأطفال بخط مستقيم واحد إذ أن المعلومات في السابق موجهة أما بالكتب المدرسية أو بمجلات الأطفال والقصص التي يمكن للأهل الإطلاع عليها قبل إعطاءها لأبنائهم لكن اليوم كيف يمكن السيطرة والشبكة العنكبوتية تبث ما هو غير لائق في احيانٍ كثيرة أو أشياء قد تنشر للكبار ولكن من يشاهدها هم الأطفال!!، وغيرها الكثير من الامثلة . ولذلك لابد من التوجيه واستخدام الأساليب الصحيحة والتمسك بالقيم والمبادئ والتقاليد و الأخلاقيات الجيدة التي تسمو بالأبناء إلى القمة وإلى الحياة السليمة وتهيأتهم للدخول إلى المجتمع بشكل لائق ومحترم وبذلك تسود المجتمع كل تلك الأخلاقيات وسلوكيات وينعم العالم بالمثل العالية والأخلاق الفاضلة.

***

سراب سعدي

في الوقت الذي أبان فيه المجتمع المدني المغربي تضامنه وتعاضده وحسه الوطني تجاه المصاب الجلل الذي أصاب البلاد والعباد جراء الزلزال العنيف الذي ضرب عدة مناطق بالمملكة المغربية.

وفي الوقت الذي عبرت فيه العديد من الدول ومسؤوليها عبر العالم عن تعازيهم القلبية العميقة ومتمنياتهم بالسلامة لأرواح الضحايا/الشهداء والشفاء العاجل للجرحى والمصابين، وتعاطف وتضامن بلدانهم، حكومات وشعوبا، مع الشعب المغربي في محنته الأليمة، والذين كان من بينهم على سبيل المثال لا الحصر- ليس الترتيب هنا حسب الأهمية أو القيمة-: الرئيس الأمريكي جو بايدن وبلاده أمريكا التي نكست ألأعلام تعاطفا مع المغاربة، وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد ورئيس مجلس وزراء المملكة العربية السعودية، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، والعاهل الأردني جلالة الملك عبد الله الثاني، وصاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، وعاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وصاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان، وعبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر التي أعلنت الحداد ثلاثة أيام  تضامنا مع الأشقاء في المغرب ضحايا الكارثة الإنسانية والعاهل الإسباني فيليبي السادس، والرئيس الصيني شي جينبينغ، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، والبابا فرانسيس الذي أقام قداسا ترحما على أرواح ضحايا الزلزال، ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ورئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فقي محمد، ورئيس الاتحاد الإفريقي ورئيس دولة جزر القمر غزالي عثماني، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ورئيس جمهورية السنغال ماكي سال .

وفي الوقت الذي سار فيه عدد كبر من نجوم الفن وأعلام الرياضة الوطنيين والعالميين على نفس منوال تفاعل رؤساء الدول التضامني، والذي سأكتفي بذكر بعض أمثلة قليلة من لكثرة الأمثلة، أسرد منها على سبيل المثال لا الحصر  تضامن أسطورة كرة القدم كريستيانو رولندو، الذي خصص للمتضررين من الزلزال - حسب صحيفة ماركا - فندق بيستانا 4 نجوم الذي يمتلكه بمراكش، وأذكر حال البطل المغربي بدرهاري الذي تضامن مع ضحايا الزلزال بإلغاء مباراة نزاله المبرمج بكل ما كان سيدره عليه من أموال وتسابق منتخبات عديدة وطنية ودوليه على الانخراط في حملة التبرع بالدم لضحايا زلزال المغرب.

في هذا الوقت الحرج، وأمام هذه الهبة التضامنية للشعب المغربي، وذلك التفاعل الكبير لرؤساء الدول، وتانك التعاطف الكاسح للفانين والرياضيين، وغيرها من مظاهر التآزر والتضامن والتعاضدة والمواساة والتعازي الخالصة لأسر ضحايا الزلزال، الذي فرضته "رقة الإنسانية" التي بها يصير الإنسان إنسانا، نتوقف عند تفاعل من لون خاص أثار موجة من الاستياء لدى فئات واسعة من الفاعلين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لربطه الكوارث الطبيعية، من زلازل وفيضانات، وجفاف بأفعال البشر، وأنها عقوبة إلهية لا تقع إلا بسبب شيوع المنكرات، كالزنا والمثلية وشرب الخمر وغيرها من  الذنوب والمعاصي، الرأي الذي دأب على ترديده الشيوخ والوعاظ وخطباء المساجد على مر التاريخ في تفسيرهم الخاطئ للظواهر الطبيعية، كما حدث مع ظاهرة الجفاف التي عرفها المغرب في القرن الماضي والتي تزامنت بموضة ارتداء نساء المغرب للجلباب، الحدث الذي ربطه –رجال الدين – بالجفاف، ودفع بهم لرفع شعار "الجلابة بلا قب مخلات الشتا تصب".

لقد كان حري برجال الدين، في هذه الظرفية الحرجة التي وضعت البلد كلها في حالة حداد - وأمام هول هذه الكارثة، أن ينأوا بأنفسهم عن تلك الترهات -حتى لو كانت صحيحة- ويبرهنوا على حسهم الوطني بتقديم الدعم العاطفي للشعب المغربي عامة وللأشخاص الذين تم إنقاذهم وتهدئتهم ودعمهم ومساعدتهم على التعامل مع التوتر والقلق، عبر خطاب ديني متسامح يحثهم على قيم  التعاون والتآزر والتعاضد، ويشجعهم على تنمية روح الفريق وثقافة المشاركة والتبادل، أهم المرتكزات التي بني عليها الذين،الذي هو ملجأ الإنسان في مثل هذه الحالات ومنذ الأزل، بدل استغلال الكارثة لتبرير خرافاتهم الكهنوتية المسيئة لسلوك الناس، عبر خطابات دينية لاأخلاقية ولاإنسانية مؤثرة على معنويات المغاربه ومضرة لنفسيات المتضررين، والتي لا تساعد على تجاوز الأزمة، ولا تزيد الناس ألا قلقا فوق الهلع الذي أنزلهم من بيوتهم إلى الشوارع ليقضوا فيها ليلة بيضاء مرعبة  تاركين وراءهم كل شيء،

وفي الختام أعزي نفسي والشعب المغربي، وأسأل الله تعالى أن يرحم أمواتنا ويشفي الأحياء المصابين، ويحفظ بلادنا من الإحن والمحن، وينعم عليها بالأمن والخير والاطمئنان، ويحميها من المغرضين المضللين الذين يزعمون بارتباط الظواهر الطبيعة، من زلازل وبراكين وأوبئة بسخط الله وغضبه على الإنسان جراء ارتكابه المعاصي، حسب تفسيراتهم غير العقلانية المنتشرة والمرتكزة في غالبيتها على أحاديث ملفقة منسوبة للرسول صلى الله عليه وسلم،وهو براء منها، والذين نتمنى من الرحمان الرحيم أن يهديهم للتأدب بآداب الإسلام الوسطي الصحيح البعيد عن ثقافة التأنيب والتخويف، ويتركوا خلق الله لخالقه، فيرتاحوا ويرتاح منهم شعب يمر بأزمة إنسانية .

***

حميدطولست

لكل زمان أشخاصه وعلاماته الفارقة، والزمن مقرون بمجايليه، والأجيال ولودة، فمِن رحمها تأتي الرموز والقدرات الإبداعية المتنوعة، وهي مرهونة بآليات زمانها، وما فيه من العناصر التي تفاعلت لصناعة حالة ما.

وللزمن قوانينه، ولابد من بضعة أشخاص في أي جيل تتوافق تطلعاتهم مع قوانينه، فيتحركون بسرعة فائقة نحو أهداف رسموها أو رُسمت لهم، ولن يتقدم شخص في سلم الأيام، إن لم تتناغم خطواته مع إيقاعات الزمن الذي هو فيه.

فلو قسّمنا أي قرن إلى ثلاثة أقسام، ودرسنا الأشخاص فيها، لتبين الفارق بين الحالات الثلاثة، على أن القرن وعاء ثلاثة أجيال أو أربعة.

ونحن في الربع الأول من القرن الحادي والعشرين، بدأنا لا نستسيغ ما أنتجه الربع الأخير من القرن العشرين، لأننا في عالم مغاير.

فكيف يصح في الأفهام، إستحضار أشخاص من بطون القرون الغابرات، وفرضهم على مجتمعاتنا المعاصرة؟

هل أن أدعياء هذا الإستحضار المريب يريدون إيهامنا بأن الأرض لا تدور؟!!

إنها من عجائب الإقترابات التي يريد بموجبها المفكرون وأمثالهم، أن يستنجدوا بأشخاص القرون الوسطى لحل مشاكلنا في القرن الحادي والعشرين!!

إنه سلوك يمثل عجزهم ونضوبهم وإنقطاعهم عن الواقع الزماني والمكاني لمجتمعاتهم، وبأنهم مرهونون بالنظريات التي أودعت في رؤوسهم من قبل أساتذتهم في الجامعات الأجنبية، فتوهموا فيها الحل الناجع ففشلوا وإندحروا في الغابرات، تعبيرا عن نكوصهم الإدراكي.

الغابرون لا يعرفون مشاكلنا المعاصرة، وعلينا أن ننطلق منهم لا بهم، ونبني آلياتنا المتوائمة مع التحديات التي تواجهنا، فما تصدوا له يختلف عما نتصدى له، فكيف يمكن لذلك أن يكون حلا لهذا الذي نعيشه ونقاسيه؟

تلك أمة خلت.. وعلينا بأمتنا المعاصرة التي نحن فيها!!

فأين الذين يتفكرون ويتعقلون ويقرأون؟!!

***

د. صادق السامرائي

كلمات هذا الجزء: "-ناهي - نسر - ناطور- نفط – سفيفة - سترة - سعلوة - سُفط - سماگ – سميد". ترتيب الفقرات أدناه كما يلي: رقم الفقرة ثم الكلمة كما تلفظ في اللهجة العراقية ثم علامة مساواة وبعدها لفظ الكلمة في اللهجة المندائية بين قوسين ثم معنى الكلمة في المندائية فمعناها في العراقية فرأيي الشخصي بهذا التخريج مع التوثيق المعجمي.:

663-ناهي =(ناهي) وتعني في المندائية هادئ وساكن. ويقول المؤلف أن ناهي من الأسماء المعتمدة للرجال في العراق". ويرى أن هذا الاسم يتأسس على الجذر المندائي وليس العربي من النهي بل من الهدوء والسكينة ويختم بالقول " فالناهي هو هو الهادئ الساكن المريح". والواقع أن اسم ناهي يكثر في البيئة العشائرية الجنوبية العراقية حيث تنتشر عادات عشائرية متخلفة منها "النَّهَوَة". وبموجب هذه العادة أو التقليد ينهى ابنُ العم أيَّ شخص آخر سواه عن زواج من ابنة عمه دون موافقته، وهنا يبطل زواج ابنة العم، وقد ينتهي الأمر بشجار وصدام مسلح. والشخص الذي يمارس "النهوة" هو الناهي، أي المانع من القيام بالفعل - فعل زواج ابنة عمه من غريب - كما تعني كلمة (ناهي - ناهٍ) كاسم فاعل من الفعل نهى ينهى تماماً في العربية الفصحى.

673- نسر =(نسر) وتعني الكلمة في المندائية يمزق. ويقول المؤلف أن اسم الطائر المعروف بالنسر هو تأسيس على الفعل المندائي نسر أي يمزق.. عجبي! والكلمة عربية عريقة ومعجمة. نقرأ في لسان العرب نقرأ: "طائر معروف، وجمعه أنسر في العدد القليل، ونسور في الكثير، زعم أبو حنيفة أنه من العتاق، قال ابن سيده: ولا أدري كيف ذلك. ابن الأعرابي: من أسماء العقاب النسارية شبهت بالنسر". وفي معجم المعاني (النَّسْرُ: طائر من الجوارح حادُّ البصر قويٌّ من الفصيلة النَّسْريَّة من رتبة الصَّقريّات، وهو أَكبر الجوارح حجمًا).

676- ناطور=(نطر) يحرس يحفظ يحمي. والكلمة جزيرية قديمة ومشتركة في عدد من اللغات السامية كالأكدية بلهجتيها والعبرية القديمة - توجد منظمة عنصرية صهيونية متطرفة تسمي نفسها "ناطوري كارتا" أي حراس المدينة – والكنعانيات والآراميات بالمعنى نفسه. وهذه الحقيقة يعرفها المعجميون العرب القدماء فقال ابن منظور في معجمه لسان العرب (النَّاطِر والنَّاطور من كلام أَهل السَّواد "العراقيين": حافظ الزرع والتَّمر. والكَرْم، قال بعضهم: وليست بعربية محضة، وقال أَبو حنيفة: هي عربية؛ قال الشاعر:

تُغَذِّينا إِذا هبَّت علينا........وتَمْلأُ وَجْهَ ناطِرِكم غُبارَا

قال: النَّاطِر الحافظ. وجمع النَّاطِر نُطَّار ونُطَراء، وجمع النَّاطُور نَواطِير، والفعل

النَّطْر والنِّطارة، وقد نَطَر يَنْطُر".

679- نفط =(نفط) ويسجل المؤلف أن الكلمة معربة ولكنه يزعم أن أصلها من الفعل المندائي "فطا" الذي يعني ينبثق، يكسر، يحل. وهذا تخريج ضعيف وخارج الموضوع، فالكلمة موجودة في أقدم المعاجم العربية وهو لسان العرب حيث نقرأ: "النَّفْطُ والنِّفْطُ: دُهْن، والكسر أَفصح. وقال ابن سيده: النِّفْط والنَّفط الذي تُطْلى به الإِبل للجَرب والدَّبَر والقِرْدانِ وهو دون الكُحَيْلِ. وروى أَبو حنيفة أَن النفط والنفط هو الكحيل. قال أَبو عبيد: النفط عامَّةُ القَطِرانِ، وردّ عليه ذلك أَبو حنيفة قال: وقول أَبي عبيد فاسد، قال والنفط حلابة جبل في قعر بئر توقد به النار، والكسر أَفصح. والنَّفَّاطةُ والنَّفَاطة: الموضع الذي يستخرج منه النفط".

694- سفيفة= (من جذر سف). ويعتبرها مندائية بمعنى "تشكيل من خوص النخيل بحياكة خاصة"، والكلمة عربية وموجودة في اللهجات الشامية فقد أوردها للشيخ أحمد رضا في "قاموس رد العامي إلى الفصيح"، كتب "السفيفة = كل ما يسف من خوص النخيل قبل أن ينسج. أما في الصحاح فنجدها مذكرا، ونقرأ (السَفيف: حِزامُ الرَحْل. من خوصٍ: نسيجةٌ من خوصٍ)، وفي معجم المعاني فنقرأ: "السَّفَيفة: نَسِيجَةٌ مِنْ وَرَقِ النَّخْلِ"؛ وأيضا "شَرِيطٌ رَهِيفٌ مِنْ حَرِيرٍ أوْ قُطْنٍ، أو كتَّانٍ خَفِيفٍ، ألْوَانُهُ زَاهِيَةٌ، يُزَيِّنُ حَوَاشِيَ الْمَلاَبِسِ النِّسَائِيَّةِ، أوْ يُجْعَلُ لِرَبْطِ خُصَلِ شُعُورِهِنَّ". وفي العباب نقرأ (وسَفِيْفَةٌ من خوضٍ: نسيجة منه، وقد سففت الخوص أسُفُّه -بالضم- سَفّاً: أي نسجته. والسُّفُّةُ -بالضم-: السَّفِيْفَةُ يجعل مقدارا للزبيل أو الجُلَّةِ). نلاحظ هنا صاحب العباب الزاخر يؤكد أن (الزبيل) و(الجُلة - الروث الجاف للوقود) كلمتان عربيتان فصيحتان.

700- سترة =(صُدرا) وتعني سترة في المندائية، والمؤلف يرفض أن تكون الكلمة العربية بذات المعنى من الستر فهو يكتب؛ لأن "كلمة سترة فهي تشير إلى الجاكيت أي ما يغطي منطقة النصف الأعلى من الجسم...أما كلمة صُدرا المندائية فهي تشير تماما إلى الصدرية وما يغطي الصدر والظهر)! ولا أدري بم أعلق على هذا الكلام! فالسترة سواء كانت من الستر أو من الصدر فهي صدرية وكلتا الكلمتان عربية وإذا كانتا موجودتين في المندائية فهما كلمتان مشتركتان بين لغتين من عائلة لغوية واحدة، فما الجديد والخارق في هذا؟!

706- سعلوة =(إلوا) وتعني في المندائية الشبح وروح الميت. والكلمة عربية فصيحة وتلفظ "السعلاة" وفي العامية العراقية "السعلوة". نقرأ في الصحاح (والسعْلاةُ: أخبث الغيلان، وكذلك السِعْلاةُ: يمدُّ ويقصر؛ والجمع السَعالي)، وفي معجم المعاني (السِّعْلاةُ – ج، سعالي: السِّعْلَى، غول، حيوان ثدييّ من مرتبة القرديّات ضمن رتبة الرئيسيّات ومن أقرب الحيوانات للإنسان". وفي معجم مختار الصحاح:" السِعْلاة أو السِعْلاء والجمع: سَعَالى (بالعامية: سِعْلُوَّة) هي شخصية شيطانية أنثوية، السعلوة شكلها غريب ومخيف، فجسمها مليء بالشعر كأنها قرد، لكن لديها قدرة على التحول في شكل امرأة جميلة حسناء الشكل طويلة القد، ومرتبة الهندام، تُغري الرجال ثم تفتك بهم وتقتلهم".

711- سُفط =(سفط) وتعني في المندائية يقيد، يربط، يضبط. ويقول المؤلف إن "الكلمة لا ترد الكلمة في العامية كما ترد في اللغة العربية بمعنى الطيب بل تأتي تماما كما في المندائية بمعنى ربط وقيد وضبط". والمؤلف لم يكن أمينا في النقل هنا فالسفط في العربية ليس الطيب بل وعاء يوضع فيه الطيب. لنقرأ ما ورد بهذا الخصوص في معجم المعاني: "السَّفَطُ: وعاء يوضع فيه الطِّيبُ ونحوُه من أَدوات النساء". وفي لسان العرب نقرأ:" السَّفَطُ: الذي يُعَبَّى فيه الطِّيبُ وما أَشبهه من أَدَوات النساء، والسَّفَطُ معروف". وهو أيضا " قُفّة، وعاء مصنوع من أغصان الشجر أو القصب تُوضع فيه الفاكهةُ ونحوُها سَفَط لنقل الفواكه". ويمكن أن نفهم فعل سفط من تعبئة الأشياء وترتيبها في السفط بمعناه العربي والكلمة مستعملة في الجزيرة العربية والخليج وتلفظ بالسين المفخمة المتماهية مع الصاد. يقولون في السعودية والكويت مثلا "ركن السيارة" أي سفطها.

716- سماگ =(سماقا) وتعني في المندائية أحمر، حمرة. وفي العامية العراقية هو مسحوق السماق الأحمر المعروف بطعمه الحامض والذي يستعمل كنوع التوابل توضع على اللحوم المشوية كالكباب وغيره. والكلمة عربية ممعجمة وبهذا المعنى تحديدا نقرأ في معجم المعاني (السُّمّاقُ: شجرة من الفصيلة البُطميَّة، تستعمل أَوراقه دِباغًا، وبذوره تابلاً، وينبت في المرتفعات والجبال)، وفي الوسيط والرائد والغني نقرأ (نبات: شَجَرٌ مِنْ فَصِيلَةِ البُطْمِيَّاتِ، مَهْدُهُ الأَصْلِيُّ مِنْطَقَةُ البَحْرِ الأبْيَضِ الْمُتَوَسِّطِ، ثَمَرُهُ شَدِيدُ الحُمُوضَةِ، تُسْتَعْمَلُ أوْرَاقُهُ دِبَاغاً، وَبُذُورُهُ تَابِلاً). وجذر الكلمة هو في المعاجم القديمة كلسان العرب (سَمْقُ النبات إذا طال، سمَق النبتُ والشجر والنخل، يَسْمُق سَمْقاً وسُموقاً، فهو سامِق وسَمِيقٌ: ارتفع وعلا وطال) وفي غيره (سَمَقَ النباتُ والشَّجرُ وغيْرُه سَمَقَ سَمْقًا، وسُمُوقًا: ارتَفَعَ، وعلاَ، وطَالَ).

717- سميد=(سيميدا) طحين ناعم. والكلمة غير شائعة في اللهجة العراقية بل في لهجات عربية أخرى مشرقا ومغربا على حد علمي، أو لا وجود لها في جنوب العراق على الأقل، فهم يستعملون كلمة طحين لكل أنواع الطحين. ولكن المؤلف قيس مغشغش السعدي يكتب (ومن المعروف أن كلمة "سميد" معروفة ليس في العراق فحسب بل في بلاد عربية أخرى ويظهر أن أساس الكلمة قديم جدا". والكلمة، مع ذلك، ورغم كونها غير مستعملة في اللهجة العراقية على حد علمي، فهي عربية ممعجمة ونقرأ عنها في معجم المعاني والمحيط والمعاصر (السَّمِيدُ: طَحينٌ أَبْيَضُ خَشِنٌ). وفي الغني (طَعَامٌ مِنْ سَمِيدٍ: طَعَامٌ مِنَ لُبَابِ الدَّقِيقِ). أما في المعاجم القديمة فالكلمة تلفظ بالذال "سميذ" وبذات المعنى؛ نقرأ في القاموس المحيط (السميذ: السميد). وللشاعر كشاجم (ت. 360هـ/970م) بيت شعر قال فيه:

 ودقيقِ السّميذِ يُعْجَنُ بالمَا........ وَرْدِ عُلَّ بمسكِهِ المسحوقِ.

أما صفي الدين الحلي (677 - 752 هـ / 1277 - 1339 م) فقال في السميذ:

ولدينا شادٍ، ونقلٌ، ومشمو...... م، وطَيرٌ يُشوَى، وخبزٌ سَميذُ

للاطلاع على هذه الاجزاء السابقة من المفردات انقر لطفا على هذه الوسمة:

#لهجة_عراقية_اللامي   يتبع

***

علاء اللامي

...........................

* مختصرات المراجع والمعاجم التي ورد بعضها في فقرات المعجم أعلاه:

العين: كتاب العين للخليل بن أحمد الفراهيدي البصري وهو أول معجم لغوي في اللغة العربية (718م 786م)

اللسان: لسان العرب لابن منظور

التاج: تاج العروس في جواهر القاموس للزبيدي

المصباح: المصباح المنير لأحمد بن محمد بن علي الفيومي.

المقاييس: مقاييس اللغة لأحمد بن فارس القزويني الرازي

الجمهرة: جمهرة اللغة لابن دريد الأزدي

الصحاح: الصحاح في اللغة ويعرف أيضا بـ (تاج اللغة وصحاح العربية) لابن حماد الجوهري.

العباب: العباب الزاخر واللباب الفاخر للحسن بن محمد الصغاني

القاموس: القاموس المحيط للفيروزآبادي

المختار: مختار الصحاح لمحمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي وهو معجم مختارات من معجم الصحاح في اللغة للجوهري.

الوسيط: المعجم الوسيط تأليف نخبة من اللغويين بمجمع اللغة العربية بالقاهرة الرائد: معجم ألفه اللبناني جبران مسعود.

الغني: معجم الغني الزاهر، ألفه المغربي الدكتور عبد الغني أبو العزم.

المعاصر: سلسلة المعجم العربي المعاصر للعراقي هادي العلوي

المعاصرة: معجم اللغة العربية المعاصرة للمصري أحمد مختار عمر

الفصيح الدارج: من معجم الفصيح الدارج في اللهجة العراقية المحكیة في محافظة كربلاء – للعراقي خالد عباس حسين السياب

تترفع الأنفس النزيهة عن ممارسة الوشاية كونها خلق ذميم وسلوك مشين وتشكل خطرا على السلم المجتمعي، وأخطر ما فيها انها تتسبب بكوارث اجتماعية مختلفة، فكم من أرواح ذهبت ضحية الوشاية وكم من اعراض هُتكت واواصر تقطعت بسببها حتى انها اطاحت بعروش الملوك وتسببت في اسقاط الرؤساء ولنا خير مثال في "مارك فليت" اشهر الوشاة في التاريخ السياسي الذي اسهم في اسقاط الرئيس الامريكي السابق ريتشارد نيكسون حين قدم معلومات " لصحيفة واشنطن بوست " عن تورط نيكسون في فضيحة " ووترغيت " التي تسببت في عزله وازاحته من منصبه عام 1974، والأمر اللافت والأكثر اثارة للدهشة هو مصير من يقوم بالوشاية فهو ينتهي منبوذا ولا يحظى باحترام حتى من قبل المستفيد من وشايته، فالوشاية شكل من اشكال الخيانة كما ان الوشاة يصبحون أحذية في اقدام من يعملون له فهي ما ان تتهرأ وتنتفي الحاجة اليها ينزعونها ويلقون بها الى براميل القمامة، ولشدة تأثير الوشاية على أمن المجتمع فقد نالت اهتمام الدارسين فكتبوا فيها الرسائل الجامعية كما امتلأت دواوين الشعر العربي والموروث الشعبي بحكايات الوشاة وسوء عاقبتهم على الرغم من محاولة البعض التقليل من شأنها مثل تحدي الشاعر بهاء الدين زهير في قوله:

دعوا الوشاة ما قالوا وما نقلوا

بيني وبينكم ما ليس ينفصل

والوشاية داء لم تسلم منه العديد من المجتمعات، ومن قصصها الغريبة تلك التي قرأتها في كتاب (أنا وبارونات الصحافة) وهي مذكرات الصحفي المصري المخضرم جميل عارف حيث يسرد في الصفحة 24 قصة واقعية كان بطلها صحافيا زميلا له وملخصها انه بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية قام شاب مصري من الفدائيين بأطلاق الرصاص على ضابط انجليزي برتبة ميجور فارداه قتيلا، وكانت كل محاولات البوليس والقلم السياسي المصري قد فشلت في الكشف عن مرتكب الحادث وقام الجنرال بيكر ــ الحكمدار الانجليزي للبوليس المصري في الاسكندرية في تلك الأيام ــ بالإعلان عن مكافأة قدرها 1000 جنيه لمن يدلي بأية معلومات تؤدي الى القبض على مرتكب الحادث وشاءت الصدفة ان يعلم الصحفي ــ زميل عارف ــ  ان ابن خالته هو مرتكب الحادث الذي يفتش عنه الحكمدار الانجليزي وقوات القلم السياسي المصري التي كانت تعمل لحساب الاستعمار الانجليزي فلم يتردد في التوجه الى حكمدارية البوليس وابلاغ الجنرال بيكر باسم ابن خالته، وتم القبض على الشاب الوطني لتجري محاكمته بسرعة وقد انتهت هذه المحاكمة بالحكم عليه بالإعدام شنقا، وعرفت والدة المخبر ــ الصحفي ــ بالجريمة البشعة التي ارتكبها ابنها فثارت في وجهه ثم طردته من البيت وهي تصب عليه لعناتها وقد عاشت وقلبها غاضب عليه وظلت الى آخر لحظة من حياتها تدعو عليه في صلوتها، وعندما ذهب المخبر الى الجنرال لتسلم مكافئته تنكر له الاخير وقال له بالحرف الواحد:

 - أنت قدمت خدمة كبيرة لصاحبة الجلالة الامبراطورية البريطانية ولكن المتهم ابن خالتك وانت بلغّت عنه وهذا شيء لا أظنه أخلاقيا .. لذلك لن تحصل على المكافأة ثم قام بطرده من مكتبه واحتقره لنذالته وخسته.

***

ثامر الحاج امين

الأرض تنعي ابتسامتها وضحكتها.. سعاد محمد.. أختي في الإنسانية

في ذاك الصباح الحزين كنت ولم أكن موجوداً.. كنت غارقاً في الغياب وكان كل ما حولي سراب.. ووقع الرفض كان نيشانا أعلقه

في وطن لازال يمضي إلى خراب..

لكل مقام مقال و لكل مقال مفتاح

وحين تكون الفاجعة كبيرة تنهمر الدموع بغير إرادتك لتشكل غمامة مابين البصر والبصيرة تخفي في ضباب الألم مفردات وحروف كثيرة لوهلة يعتريك الشك والخوف أيمكن أن تكون قد أضعت مفتاح المقال بأي حرف أبدأ بأية كلمات وما المناسب ماذا يمكن ان يقال.. ثم تدرك أن دموعك هي المفتاح تنزوي حيث لايراك أحد حيث يتدفق ذاك السيل المنهمر مابين مقلتيك شلالا.. لا تدري أين كانت تخبئه المدامع أهو من هول المصاب أم من خيبة الأمل الملازمة لمرارة الواقع.

في ذاك الصباح الكئيب المرير كنت كعادتي أتسلق جدران صفحة الفيس بوك عبر مرور سريع أتقصى (بقدر ما يسمح به الوقت) ما يهمني من أخبار قبل بدء العراك مع صخب النهار..

سقط بصري على صورتها على ابتسامتها وضحكتها التي لم تفارق يوما محياها لتمدنا بطاقة الحب والأمل إذ نلقاها وجه بشوش رغم كل ما خبأته لها الأيام رغم حراب ذوي النفوس الضعيفة.. رغم ورغم.. بقية أميرة الضوء سعاد محمد ترفرف في عوالم الحلم تفرش الربيع بالورود تغرسه في صدر لوحتها على أمل أن يعود

لم يأتي الربيع إليها ولكنه أخذها إليه نعم هي اليوم حية في ذاكرة محبيها الطيبين وفي جنان الخلد في أحضان الربيع و حقها إن ضاع في الأرض فثوابه المستحق عند باريها أضعاف مضاعفة لا تضيع..

في ذاك الصباح الكئيب نعيتها بصدر الصفحة ثم..ثم..شلت أطرافي.. بصعوبة بالغة نقل لساني خبرها لزوجتي ماتت سعاد

شو عم تقول ؟!!

تركت المجلس وتوجهت لأنزوي في مرسمي.. كان هذا الجواب حاسما..

فطالما كان مرسمي ملاذا لأفراح وأتراحي ل أحزاني وآلامي طالما كان مخبأً لدمعي وابتسامي.. هنا في هذا الملاذ أتمدد على سطح دمعة أسرج ضوء الذكريات لأذرفها معطرة عبر كلمات أكشف فيها عن سر احترامي وتقديري لتلك السيدة بالذات

أميرة الضوء أختي وشبيهة أختي ابنة أمي وأبي التي قضت نحبها قبل خمس وسبعين يوماً في إحدى الصباحيات وبنفس المرض بالذات

لا يكمن السر فقط عبر ذاك الشبه الكبير بالشكل والروح إنما عبر تلك الألفة وذاك التقارب الذي تستشعره أمام شخصية واثقة تلقائية وبسيطة كما وردة صامدة في حقول تخنقها الأشواك نعم هكذا كانت وهكذا عرفتها منذ لقائنا الأول (في المؤتمر العام الخامس لاتحاد الفنانين التشكيليين) الذي شكل وتشكل معه انطباعي الأول سيدة بشوشة تضحك ملء قلبها تفرح لنجاحات الآخرين وتهنئ ملء قلبها... إلى زيارتي الأولى لفرع اتحاد الفنانين في طرطوس ثم للمعرض الذي نظمته السيدة سعاد في مهرجان الشيخ بدر (بدعوة منها) وما حصدته من صور الذكريات ومن كتابة رصدت الدقائق واللوحات في رحلتي هذه بالذات.. ثم إلى التواصل الهاتفي بين الفينة والأخرى للاطمئنان عن سير العمل وعن بعضنا البعض بحكم المهنة.. ورغم أنف الشللية و النافذين الساعين دوما للهيمنة على ضعاف النفوس واستخدامهم كقوة رادعة لعزل الحق والانفراد بالباطل.. رغم.. ورغم.. رغم كل العراقيل بقيت أميرة الضوء تنشر عطرها وسحرها ساعية لاقتلاع الأشواك و أغناء حديقتها بالورود.. رغم ورغم.. بقية صديقة لي ولزوجتي التي أحبتها (رغم أنها لم تلتقيها) أحبتها من صوتها من صمتها من سحرها من طاقة حب كامنة كانت ولازالت تنثرها عبر الأثير

في ذاك الصباح الحزين نعت الأرض ابتسامتها وضحكتها وزغردة السماء سعادةً بسعاد.

اختلطت الدمعة بالابتسامة فأميرة الضوء ستلاقي شبيهتها في السماء.

وسنتنقل في عالمنا الكئيب هذا ما بين عتمة وأخرى بحثاَ عن ضياء.

***

الفينيق حسين صقور

أبارك أولًا لكلّ المهتمين بعودة الطلاب الابناء القشيبة إلى مقاعد الدراسة، بعد عطلة ساخنة ارتفعت خلالها درجات الحرارة بصور غير مسبوقة، وأرجو للجميع تفاعلًا مثمرًا من أجل مجتمع أفضل ومستقبل أكثر اشراقًا.

أقول بدايةً لا تسألوني عمّا أشتاق إليه من أيام المدرسة، بل اسألوني عمّا لا أشتاق إليه. فتلك الايام هي أيام الشوق لكلّ ما هو دافئ ويفرح القلب كلما خطر على البال. إنها أيام الطفولة والتفتح الأول على الحياة.. وهي أيام الاكتشاف للذات والمحيط.. تلك الايام حفلت بذكريات تنوء بحملها الذاكرة.. ابتداءً من مفارقة الوالدة في ساعات الصباح الباكرة انتهاء باللقاء دائم الروعة لمن علّمني قراءة الحرف والكلمة.. مرورًا بالشارع الذي احتضن أحلى الذكريات والاشجار الوارفة المحيطة به. تلك الفترة لم تكن واحدة بل كانت آحادًا.. ولكلّ منها طعمه ورائحته وحنينه الخاص به.. ولعلّي أكتب عنها ذات يوم بكلّ ما حفلت به من أناس وأماكن احتلوا مساحة واسعة من القلب.. لا يمكن نسيانها.

أكثر ما أحن إليه من تلك الايام إذا كان لا بدّ من حصر هذا الحنين، هو التفتّح الاول على عالم الكتاب والكتابة عبر مُدرّسين تركوا آثارًا لا تُنسى في حياتي منهم مُدرّسات لا أحب أن أذكر أسماءهن خشية نسيان إحداهن ومُدرّسين ينطبق عليهم الامر ذاته. لقد وجّهني اولئك إلى الكتابة والنشر وكان منهم مَن نشر بعضًا من كتاباتي الأولى في مجلات للأطفال كانت تصدر في تلك الايام، أذكر منها مجلة "اليوم لأولادنا" و"زهرة الشباب".

لقد أحببت تلك الايام، بالضبط كما أحبَّ شاعرُنا العربي القديم حبيب بن اوس الطائي- أبو تمام، مكانه الاول فراح يتغنّى به قارنًا إياه بالحبيب الاول الذي ألفته العين واستشعره القلب. وأذكر بالمناسبة أنني كنت طالبًا مُجتهدًا مُجدّا أقرأ الكتب اللامنهجية إلى جانب تلك المنهجية.. ضمن محاولة لتوسيع الآفاق والمدارك، ولو دارت عجلة الزمان إلى الوراء وجلست على المقاعد الدراسية ذاتها لكنت أكثر اجتهادًا.. حتى لا أضيع فرصة مهما صَغُرت.. فما نتعلمه في الصغر يبقى محفورًا في القلب والذاكرة كالنقش في الحجر..

فيما يتعلّق بالفرق بين طالبي اليوم والامس أقول إنني من المؤمنين بالتغُّير والتبدّل. وبأن كلّ فترة تختلف عن سابقتها. في رأيي أن طالب اليوم يختلف عن طالب الامس في العديد من الامور الايجابية.. منها التحضير المهني والجاد له قبل دخول المدرسة والاعتناء المهني الخاص به إذا كان بحاجة والدورات اللامنهجية التي تنظّمها المدارس وما إليها. لا تقولوا إن طالب الامس كان أفضل من طالب اليوم. فطالب اليوم هو التراكم الكيفي لطالب الامس. وقد استفاد منه. لتأكيد هذا ألفت النظر إلى ما أحرزه مجتمعُنا من تقدّم وتطوّر في مجالات التعليم المختلفة. وأشير بكثير من المحبة إلى الاهتمام الرائع الذي المسه من الآباء للأبناء الطلاب.. فقد تحول الطالب اليوم إلى حلم أخضر لوالديه.. ربّما كمن وراء هذا حرمانُ بعض الآباء من الفُرص المنشودة للتقدم. ولسواه من الاسباب.

أعمل بالمناسبة حاليًا معلّمًا للكتابة الابداعية وعادة ما أسأل طلابي المميزين الخاصّين عمّا يريدون أن يكونوا عليه في المستقبل فيرد كلّ منهم وفق رغبته وهواه، فأعود لسؤالهم ماذا يُطلب مِن الواحد منّا اليوم لتحقيق حلم الغد؟ بعدها ندير نقاشًا نتوصل خلاله إلى أننا يُفترض أن نكون مجتهدين اليوم لنحقّق ما نحلم به ونصبو إليه في المستقبل.. وكثيرًا ما أذكر لهم بيتًا من الشعر أبدعته قريحة الشاعر العظيم أبي تمام بن أوس حبيب الطائي، يقول: بصرت بالراحة الكبرى فلم أرها تنال إلا على جسر من التعب.

نصيحتي الذهبية للطلّاب هي: اجتهدوا ثم اجتهدوا ثم اجتهدوا وسوف تحققون كلّ ما تحلمون به وأكثر.. أزجي هذه النصيحة إليكم.. كونها معيشة ومجرّبة، فقد حققّنا باجتهادنا في حياتنا كلّ ما أردناه وأكثر بكثير.

***

ناجي ظاهر

من المؤسف ان أوطان العرب الى الآن؛ خارج كينونة الوجود، ونواميسه، وبوصلته، وخرائط الطريق في صناعة التمكًين، الذي ينتج سيرورة ركائز التواجد في الوجود لتاريخ كلي الوجود، سريع التحرك، بمحركات كونية، تتدافع أليات طرق التاريخ هذا في جميع ارجاء المعمورة، ليس معها ألية التاريخ العربي، فهي متوقفة تماما؛ لأعطال اساسية وتكوينية في اصل مكونات محرك التاريخ لجغرافية العرب كقارة. جغرافية كانت على قوارع مسارات الوجود التاريخي؛ لعقدين او اكثر من العقدين، ربما اكثر من هذين العقدين اللذين مضيا، بفعل مفاعيل الفاعل المحلي المتحكم تحكما يكاد يكون تاما (النظام الرسمي العربي) والاقليمي والدولي. يموت فيها كل جميل. يتعملق فيها كل قبيح. يتجذر في منابت تربتها كل فاسد ومفسد ومستبد وشرير. عبرت أليات التاريخ الكوني عليها. ظلت ألية التاريخ العربي متوقفة تماما، بانتظار حتى اللحظة؛ اعادة صناعتها، بعقول خبرائها، ومهندسوها وفنيوها، ومكوناتها من مواد تربتها؛ لتحمل البلاد والعباد، وتعبر بهما الى الي الجانب الأخر الذي فيه؛ تواكب في المسير، حركة التاريخ في جميع اصقاع العالم. لتبدأ مسارها في قلب الطريق التاريخي وليس على قارعته. بين خط الشروع المفترض هذا، والذي لا يعلم بزمن الذي يستغرقه الوصول الى خط الانطلاق المفترض هذا، الا الله جل جلاله، وصحوة الجياع والمظلومين؛ بمعرفة مسببات هذا الجوع وهذا الظلم، وهذه الحروب البينية العبثية في الوطن الواحد، وبين الشعب الواحد، ليس لهم فقط، بل لأرضهم ولتاريخهم ولقيمهم، ولضياع فرصتهم في ان يكونوا واوطانهم كباقي شعوب الارض واوطانها؛ تحت شمس العدل والحرية والتنمية والتطور. المؤسف المؤلم الذي يوجع القلب والعقل والنفس في آن واحد؛ في جغرافية العرب هذه، التي لا انوار ولا اضواء فيها تضيء الدروب التي في مفاتحها؛ يبدأ التنوير؛ لا تبصر فيها باصرات الناس، ولا بصائر العقول، الا العتمة القاتلة. هذه العتمة التي كان وجودها وسيادتها التي تكاد تكون سيادة تامة، لم يكن من فراغ، بل لها مولدها ومنتجها حتى طغت واطفأت جميع مصابيح التنوير.. والانارة. مما قاد او كان من نتيجة هذا؛ ان اختلطت الطرق العديدة في الساحة التي منها تبدأ جميع المسارات، الصالح، وطالح، وصافي ونقي النية، في طريقين مختلفين كليا، طريق الى الهدف الشريف، و طريق مخادع وكذاب. ليكون طريق الجوع والظلم والحروب، هو الطريق؛ لوضع العباد والبلاد خارج مسار التاريخ خلال عقود خلت والي الآن، لأغلب دول جغرافية العرب هذه، وليس جمعيها الذي ربما لا يتعدى اصبع او ربما اصبعين من اليد الواحدة على ابعد عدد محتمل. على هذا الطريق؛ جنود الطغاة الصغار يفترون في كل ليلة مظلمة في الشوارع والساحات والحدائق التي لم يبق منها سوى الاسم. مع انها والحق لابد من ان يقال؛ مع انها في النهار قبل مغيب الشمس، ممتلئة حد الازدحام بالحركة والناس. انهم يتدافعون، يتزاحمون في كل دقيقة وساعة من النهار، قبل ان يحط الليل بمفاجأته عليها وعليهم، والتي هي خارج توقع الناس وتحسباتهم؛ مفاجأة من تلك التي يزرعها عسس الليل وازلام الطغاة بعيون المراقبة والتحقق. هؤلاء الناس يبحثون عن فسحة من الآمل، ولو صغيرة تكفي لموطأ القدم، يتوافر فيه رزقا يحفظ حياة الأنسان من الإنطفاء. هذه الحياة التي هي ومن جميع دروبها، من جدران البيوت، من الأزقة الضيقة؛ تسمع خلائق الله فيها، على ارض الله هذه، صوت العدل من سماء الله، الذي تصادى في جميع هذه الأنحاء. الجوع والرصاص يركضان عاريان فيها، من غير اي غطاء يستران فيه عورتهما. عيون الارامل والثكلى واللواتي قتلهن الجوع والعوز والحرب وفوهات البنادق والمدافع؛ تحدق في مناظر هذا العراء، بخوف وخجل ودهشة وانذهال، إنما بعيون تنزل الدموع مدرارا منها على الخدود المصفرة التي لونها بلون الشمع الذي ينذر بقرب الموت. في زوايا تلك البيوت؛ اطفال يصرخون جوعا، او خوفا في بيوت فارغة من رعاتها الذين هربوا الى البحر، وعبره الي اي مكان اخر، لا جوع فيه، لتوفير قوت العيش والحياة لأهلهم الذين تركوهم في بيوت الديار، أو في حالات اخرى؛ هربوا الى امكنة، لا خوف فيها من عصا السلطان، انه في النهاية؛ هروب غير ذي نفع في ايجاد ظروف وشروط، يكون فيها الأنسان انسانا حرا، بل ان الصحيح واقعيا طبقا للنتائج التي تتمخض عن هذا الواقع المختلف والجديد؛ هو المضاد تماما؛ لغايات الهروب، أنها احلام يقظة، ليست في الخيال، بل في الواقع المؤسس بإرادة الأنسان على وهم الاوهام. تبحلق هذه العيون في الجدران وفي الابواب، علها تفتح ويدخل الراعي. لكن لا شيء يحدث ولا احد يجيء. لا يسمعون سوى صمت الخوف ورهبة المكان. عسس الطغاة حين يمرون في الليل على مقربة من البيوت تلك الفارغة من عرابيها، الا الاطفال والرضع والنساء والشيوخ؛ يتنصتون على بعد اشبار من النوافذ، بأجهزة  تم صناعتها في مصانع كبار طغاة الارض؛ دعما منهم لطغاة ارضنا الصغار، وتقوية لأعمدة عروشهم كي لا تنهار وتسقط الى الارض، بقوة زخم ثورة وغضب الجياع، هذه الأجهزة، لها قدرة فائقة على التقاط همس الصوت وحتى النأمة وحتى صور الوجوه وان اختفت وراء برقع او حجاب او ستار. لا يجيء الى مسامعهم وابصارهم الا السكون المحمل برعب الامكنة، وصراخ الجوع من الافواه، وترى ابصارهم وجوه مصفرة، رسم الموت المؤجل وجوده في عيونهم. يقول احدهم للأخر:- لا شيء هناك يقلق أمن الناس واستقرار المكان. لذا؛ تظل تلك الامكنة؛ حلبة لاقتتال الأخوة الاعداء. الطغاة كل طاغية في مملكته، يحكم الناس بالحديد والنار ككل طواغيت الارض والتاريخ؛ اقاموا منصات شرف في تلك الملاعب. يشاهدون اشواط صراع واقتتال الأخوة، من على شرفاتهم. ليس بمهمة كمية الدماء التي تسيل من الاجساد حد الموت في بيوت وشوارع ومباني كل المباني يعمها الخراب والانهيار والدمار. المهم هنا ان الأمن مستتب في المملكة او في الجمهورية او تحت اية تسمية تم بها تسمية نظام حكم في هذه الدول العربية. اذرع الأمن؛ أمنوا الأمن في جميعها. لكن ظل الجوع والخوف ورعب ورهبة الرصاص في تلك الامكنة؛ احرارا في كل الزوايا وفي جميع الدروب والبيوت؛ لا رقيب او متابع يحد عليهم تحركاتهم، ويقلص عليهم مساحات حركاتهم، بل تركوا تماما في التوسع والتمدد في جميع اركان الوجود في هذه الجغرافية العربية الا القليل جدا منها ربما. ليس هذا بمهم ما دام امن السلطان الحاكم بأمر من الله مستتب، وما دام كرسي الحكم مستقر على قواعد لا تهتز. المهم اباطرة كرة الارض العظماء والكبار؛ راضون وممتنون للحاكم بأمر ابليس والشطان على الارض هذه.

***

مزهر جبر الساعدي

في هزيع الليل المظلم وبينما الناس بين راقد ونائم ..بين مقيم وهائم ..بين لاه وقائم، وقع زلزال مدمر لم يمهل أحدا حتى لارتداء ملابسه ولا لوصية أو وداع أهله، زلزال بلغت قوته (7.2) درجة على مقياس ريختر على عمق (18.5) كلم وفقا لبي بي سي، مستهدفا منطقة جبال الأطلس وهو الزلزال الأعنف الذي يهز المغرب منذ (100) عام بلغت شدته ما يعادل (30) قنبلة ذرية بحجم قنبلة هيروشيما بحسب أستاذ الجيوفيزياء بجامعة كوليج لندن الدكتور بيل ماكغواير، وذلك من جراء حركة الصفيحة التكتونية الإفريقية عند نقطة التقائها مع الصفيحة الأوراسية على ذمة هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، ما سَبَبَّ دمارا هائلا وأسفر عن سقوط الالاف بين قتيل وجريح فضلا على عشرات المفقودين والعالقين تحت الانقاض وسط تحذيرات أطلقها"مركز رصد الزلازل الأورومتوسطي" يحذر فيها السكان من مغبة العودة إلى منازلهم خشية وقوع هزات ارتدادية من شأنها التعجيل بانهيار المباني التي تصدعت وتضررت خلال الزلزال الرئيس وكما ورد في وكالات الانباء المغربية .

الحقيقة وأنا أقلب الطرف متابعا عن كثب كم الصور المروعة، وهول المقاطع المفجعة التي تناقلتها وسائل الإعلام المختلفة زيادة على مواقع التواصل الاجتماعي وقد تم التقاط معظمها بهواتف التيك توكرية واليوتيوبرية والبلوغرية والفلوغرية وما يسمى بصحفيي المواطنة وكلها تحوم في دائرة الرعب الزلزالي لتكشف حجم الدمار الكبير الذي خلفه الزلزال بعد أشهر قليلة على زلزال مماثل في كل من تركيا وسوريا، استدعيت الى ذاكرتي ما سبق للامام الموسوعي جلال الدين السيوطي، وله كتاب بعنوان " كشف الصلصلة عن وصف الزلزلة " أن وصف به الخراب الذي خلفه أحد الزلازل قائلا في بعض ما جاء فيه "كثر الويل والعويل، ولم ينجُ من الناس إلا القليل، والناس حيارى على الزائل، سكارى من الهول الهائل، والأرض تمرغ وتميد، وليس عما قضاه الله محيد" .

ولعل أشد ما لفت انتباهي من جملة ما يتم تداوله وتناقله حاليا نقاط عدة، أولاها ما يسمى بـ" أضواء الزلازل " أو " برق الزلازل " أو " الوميض الازرق" الذي ظهر في السماء قبيل وقوع زلزال المغرب تماما كما ظهر في زلزال تركيا وسبق ظهوره في زلازل الصين وإيطاليا والمكسيك ما شجع مدمني نظرية المؤامرة على نسبته الى "مشروع الهارب" الامريكي السري المعروف اختصارا بـ "H.A.A.R.P" أو برنامج الشفق القطبي النشط عالي التردد، فيما خفف عشاق "نظرية المغامرة "وأعني بها "المغامرة العلمية"وبخلاف أقرانهم من عشاق المؤامرة من حماسهم الجيو - السياسي عازين الظاهرة الى نتائج دراسة علمية كان قد أجراها عالم الفيزياء الفلكية بمركز أبحاث أميس الدكتور"فريدمان فرويند" بعد تحليله لنمط العديد من الاضواء الزلزالية السابقة ليخرج لنا بنتائج تفيد بأن"تنشيط الشحنات الكهربائية في صخور البازلت والغابرو نتيجة الضغط التكتوني ينتج عنها موجات كهربائية وتفكك ذرات الأوكسجين لتشع ألوانا وبما يعرف بأضواء الزلازل أو (EQL)، ليظهر لنا عشاق "نظرية الجدال والمراء والمناظرة "وأعني بهم "أولئك الذين يتخيرون التفسيرات الأكثر سهولة، وينتقون التعليلات والتبريرات الأشد سطحية بعد أن يصابوا بالاعياء الذهني والنفسي الشديد الناجم عن اسهال المناظرات، وطوفان المسامرات، وسيول النقاشات، وتسونامي الجدالات ليناموا في ختامها على وسادة فرضيات سطحية جدا الا انها مريحة لهم جدا جدا ومن بينها تلك التي نشرها موقع "جامعة كولومبيا الوطنية" نقلا عن بعض الفيزيائيين تفيد بأن ظاهرة الضوء الأزرق لها ارتباط وثيق باهتزاز خطوط ومحولات وكابلات الكهرباء نتيجة الهزات الارضية !!

أما ثانيها فهي ولاشك توقعات العالم الهولندي " فرانك هوغربيتس" والذي سبق له أن نشرها قبيل وقوع زلزال المغرب بأيام قليلة وهو ذات الشخص الذي كان قد أطلق توقعات مماثلة قبيل زلزال تركيا وسوريا بثلاثة ايام فقط لاغير، ولهذا الهولندي المثير للجدل وأحيانا للدجل و الذي باتت طلته المشؤومة، وتغريداته الملغومة مثارا للرعب والقلق في أرجاء المعمورة، فهذا الشخص مؤمن بنظرية علمية يعارضها كثير من العلماء تفترض بأن تموضع الكواكب بطريقة معينة بالتزامن مع اضطرابات الغلاف الجوي وأحيانا عند اكتمال القمر بإمكانها أن تحدث ضغطا أو تكثيفا جذبيا أرضيا يؤدي الى تحرك الصفائح التكتونية وحدوث الزلازل، أما ثالثها فتتربع في صدارتها "الوسائل المبتكرة لإنقاذ الضحايا والبحث عن المفقودين "وبما يفتقر اليه معظم الدول العربية التي تنفق على السلاح - الخردة - اكثر من انفاقها على الصحة والتعليم والخدمات والصناعة والزراعة، ورابعها" الهندسة اليابانية المقاومة للزلازل"والتي لن تبتكر دول العشوائيات والاكواخ والخيام والكرفانات والمدارس والمنازل الطينية ما يناظرها قطعا وتحت شعار"المبلل ما يخاف من المطر" لأن الكرفانات والعشوائيات والبيوت الطينية والخيام وأحياء الصفيح وإن وقع أشد الزلازل تدميرا على سطح الكوكب فلن يؤذي سكانيها وبالتالي "فإن المسؤول الفاسد ..المختلس ..المرتشي ...المقصر ..المتحزب ..المنافق ...الذيل لدول اجنبية ..الذنب لدول اقليمية، سيضع في بطنه بطيخة صيفي وأخاله سيستخدم البيوت الطينية والكرفانية وخيام النازحين دعاية سياسية له ولحزبه في حملتهما الانتخابية القادمة باعتبار أن عشوائيات الفقراء وخيام النازحين كانت السبب الرئيس في تقليل الخسائر المادية والبشرية وانقاذهم من موت محقق ومن مخاطر الزلازل والهزات وعلى الفقراء والمعوزين والمحرومين أن يقدموا فروض الطاعة والولاء لينتخبوا من حرمهم من سكن - مال أوادم - في أرض من الذهب لأن بيوت الصفيح العراقية والعربية توازي في فوائدها " هندسة الابنية المقاومة للزلازل اليابانية " ولاسيما لإسهامها بتقليل الخسائر !!

الملاحظ أنه وخلال السنين القليلة الماضية فجع العالم بكثرة وتتابع الكوارث البيئية والمناخية وبالطقس المتطرف ولا يكاد العالم يغفو على كارثة حتى يصحو على وقع آخرى وأبشعها الزلازل والهزات الارتدادية نتيجة لحركة الصفائح التكتونية وبسبب إجراء المزيد والمزيد من التجارب النووية في قاع البحار وتحت الارض ضمن سباق التسلح النووي، اضافة الى حفر المناجم والأنفاق وبناء السدود العملاقة وكلها بحسب خبراء الجيولوجيا تعد بمثابة عوامل مساعدة وممهدة لوقوع الزلازل المدمرة والتي يقع أكثر من 80 % منها بمنطقة (الحزام الناري) قرب المحيط الهادئ بحسب المعهد الجيولوجي البريطاني، وضمن نطاق المنطقة الزلزالية الثانية المعرضة لـ 17% من الزلازل والمتمثلة بـ(الحزام الألبي)، وسبق للبرنامج العالمي لتقييم المخاطر الزلزالية أن قدم مشروعًا برعاية الأمم المتحدة قسم بموجبه الكرة الأرضية إلى 20 منطقة لتحذير الدول من مخاطر الزلازل المحتملة وخلص الى أن قارة إفريقيا وشمال اوربا وأستراليا والقطب الجنوبي تعد الأضعف زلزاليا خلافا لمناطق اليابان وآسيا الوسطى وشرق البحر الأسود والكاريبي .

أما عن الصفائح التكتونية فهناك تسع صفائح رئيسة أكبرها صفيحة المحيط الهادئ تليها صفيحة أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية و الأوراسية والأفريقية وأنتارتيكا والهندية والأسترالية زيادة على الهندية - الأسترالية وهذه الصفائح تتصادم مع بعضها نتيجة انصهار المعادن والصخور من تحتها في وقت لايمكن التنبوء بتوقيتات الزلازل والتي عادة ما تعقبها هزات أرضية ارتدادية وحدوث تصدعات وانهيارات ارضية وموجات (تسونامي) في حال حدوث الزلازل في قاع البحر .

 ولأن احتمال العثور على أحياء بعد مرور أكثر من أسبوعين يعد "شديد الندرة" بحسب منظمة أطباء بلا حدود، فإن فرق الدفاع المدني تتسابق لإنقاذ أكبر عدد ممكن من الأحياء قبل فوات الآوان و تعد وسائل الـ (فيبرا سكوب) و(أجهزة الاستشعار الزلزالي) و(كاميرات البحث) وأجهزة (التصوير الحراري) و(معدات الصوت) وأجهزة الكشف عن (ثاني أكسيد الكربون) من ابرز التقنيات والابتكارات المستخدمة للبحث عن العالقين والمفقودين تحت الانقاض بحسب وكالة سبوتنيك الروسية، اضافة الى تقنية (فايندر) التي أطلقتها وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) والمسيرات المزودة بنظام قياس معدلات ضربات القلب والجهاز التنفسي للعالقين تحت الانقاض بغية انقاذهم، لتأتي فرق الكلاب البوليسية المزود بنظام الـ (GPS) كإحدى وسائل البحث المهمة ويعد فريق الكلاب التشيلي والمكسيكي الاشهر في هذا المضمار، فيما برزت مؤخرا تقنية (الافعى الروبوت) المزودة بأجهزة استشعار الكترونية طورها باحثون يابانيون لصعود السلالم المنهارة والتنقل خلال المساحات الضيقة!

 فاجعة زلزال (كانتو الكبير) في اليابان والذي بلغت قوته 7.9 درجات عام 1923 ما تسبب بمقتل 140 ألف ياباني دفع اليابانيين لتطوير طرق بناء وابتكار تصاميم هندسية فريدة من نوعها لمواجهة الزلازل والهزات الارضية حيث تتمتع المباني بفعلها ولو كانت ناطحات سحاب بقدرة فائقة للتمايل مع الهزات من دون تعرضها للضرر أو التصدع والانهيار نتيجة اعتمادها على طبقات من الرصاص والفولاذ والمطاط تعمل على عزل المبنى عن الارض مع اعتماد المتانة الفائقة في بناء الهياكل والجدران وفقا لمهندس الانشاءات الياباني (جن ساتو).

 وشكرا من القلب لـ" بلد الـ 6 ملايين شهيد " ولا اقول " بلد المليون شهيد " كما يروج له في مناهجنا الدراسية للتخفيف من حدة الصدمة التاريخية، ومن شدة العصف الذهني السياسي، لأن المليون شهيد هو ما ارتقى من الشهداء فقط في فترة حكم ديغول، وحكومة فيشي العميلة للنازيين، اما اعداد الشهداء الحقيقي ممن ارتقوا بين تموز 1830 م وتموز 1962م وهي الفترة التي احتلت فيها فرنسا الجزائر بذريعة " حادثة المروحة "، أقول شكرا للجزائر التي فتحت أجواءها مع المغرب ووضعت كل إمكاناتها تحت تصرف الحكومة المغربية برغم الخلاف السياسي بينهما وبذلك تكون الجزائر قد فوتت الفرصة على المتصيدين بالماء العكر ممن حاولوا تأجيج الخلافات ودق اسفينها بين البلدين الجارين والشعبين الشقيقين ولاسيما تلك القنوات الخبيثة التي حاولت صب الزيت على النار بقضية مقتل سائحين اثنين يحملان الجنسيتين المغربية والفرنسية بعد دخولهما المياه الاقليمية الجزائرية بـ الخطأ بحسب المعلن ...

وصلى الله على سيدنا محمد القائل (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى يُقْبَضَ العِلْمُ، وتَكْثُرَ الزَّلَازِلُ، ويَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، وتَظْهَرَ الفِتَنُ، ويَكْثُرَ الهَرْجُ - وهو القَتْلُ القَتْلُ - حتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ المَالُ فَيَفِيضَ) ومعنى قبض العلم = قبض العلماء، وأما تقارب الزمان = نزع البركة من الوقت، ومعنى الفتن = كثرة الابتلاءات .

 فقلي بربك هل بقي مما حذرنا منه رسول الحق، وحبيب الخلق ﷺ الذي لاينطق عن الهوى إن هو الا وحي يوحى، شيء لم يقع ولم يحدث حتى الان ؟!

***

احمد الحاج

ونحن في عام 2023 ميلادية هناك شعوب ودول قطعت شوطا طويلا في التقدم والمعرفة والعلم والرفاهية لشعوبها. وكثير من الحكومات في العالم أخذت تتصارع وتتسابق فيما بينها لتقديم ما هو أفضل وأرقى المتطلبات لإسعاد شعوبها منها من غزى دولا في سبيل تلبية متطلبات شعبها ماديا ومعنويا وتقنيا ومنها من أخذت تستورد القمامة من الدول المجاورة لإنتاج الطاقة الكهربائية ودولا تسير قاطرة لنقل طالبة واحدة فقط لمدرستها ذهابا وإيابا ودولا جعلت من المعلم يمتاز براتب شهري يوازي رئيس الجمهورية أو البرلماني وإطلاق يده كوزير للدفاع من خلالها حققت أحلاما لشعوبها فاقت الخيال وعلى مدى قصير .

إلا في بلادي كل الأحلام البسيطة والتي لا تتعدى المألوف والموجود في ساحة الإمكان والتطبيق مؤجلة في نظر ومخيلة العراقيين الآن إلى وقت غير معلوم من غير بصيص من الأمل يلوح في أفق الحياة التي تقودها الحكومات المتعاقبة كونها تفتقد لخط الشروع في الانطلاق لتحقيق جزءا بسيطا من الأمل للمواطن العراقي كما أنه غير مسموح له أن يحلم أو يفكر أو يُمسك بخيط رفيع من التمني كالحفاظ على راتبه شبه كاملا من قبل أن ينفذ أو يتفرق بين جيوب الدائنين وسلف الدولة ومصارفها أو قبل أن يذوب في نيران أسواقنا المشتعلة كما أنه وقف عاجزا أمام صعوبات الحياة التي رسمتها وفرضتها عليه الحكومة وتركته فريسة لها يخوض غمار حربها الشرسة لوحده يلعق جراحاته وهو يرى راتبه الشهري يتبدد بين تكاليف الدروس الخصوصية والمدارس الأهلية التي أثقلت كاهل الأسرة العراقية على مرأى ومسمع وزارة التربية كما أن الشاب أستبعد من ذهنه كل فرص العمل والتعين بعد سنوات طوال من التعليم لتكوين أسرة جديدة له كما أنه يرى كيف يتلاشى جزء كبيرا من راتبه لجشع أصحاب المولدات الأهلية بدون رحمة ورقابة .كما أن في بلادي أصبحت الحقوق أمنيات صعبة المنال وبعيدة التحقيق بعدما همش المواطن وضاعت حقوقه وتفرقت أحلامه بين أروقة الحكومة وتطايرت فوق سحب الوعود وسُرقت الأمنيات من خزائن عقول المواطنين وقلوبهم الذين ما زالوا يفترشون بساط الأمل الطائر بأحلام العصافير تتقاذفه رياح الحكومات المتعاقبة الساعية في طمس الأحلام وجعلها ضربا من الخيال ومجرد التخيل بها تعد جريمة يُعاقب عليها المواطن البسيط الذي يأس من الكذب عليه حيث ما زال المواطن العراقي يحلم في يوم من الأيام يصحو بعيدا عن ضوضاء التظاهرات المطالبة بالتعين أو أن ينام هادئا على أخبار تثلج صدره من غير قتل أو سرقة أو انتحار بعدما وصلت الأمور المعيشية إلى حد الانهيار لغياب القانون وتطبيقاته بعدما رفعت الحكومة شعارا لا للأحلام حاليا كونها طموحات غير مشروعة وغير مرغوب فيها لأنها تُتخم المواطن بالتمنيات وتزيد من سقف تطلعاته وطموحه التي لا تستطيع الدولة من تحقيقها داعية المواطن العراقي الفقير تأجيل الحلم بحقوقه المشروعة التي أصبحت أحلاما والثبات على هذا القدر من العيش المفروض إجباريا للتكيف والتطبع على هكذا نمط من المعيشة تاركا أحلامه إلى كثير من البطون المترفة لتشبع وجيوبا تملا بمال السحت الحرام تاركة المواطن يقبع في دهاليز الفقر والعوز لتبقى في بلادي الحقوق أمنيات بعيدة عن التطبيق ولتبقى حبيسة الوعود ومسروقة من خزائن عقول الموطن العراقي.

***

ضياء محسن الاسدي

وكنت إذا ماجئت جئت بعلة

فأفنيت علاتي فكيف أقول

(يزيد بن الطثرية)

أظن الحديث -بعد عشرين عاما من الإخفاق الموثق والتقصير المثبت صوتا وصورة- عن البناء والإعمار في العراق الجديد، بات حديثا أقرب الى المزحة السمجة منه الى النقاش الهادف والجاد، إذ كان حريا بالحكومات التي أمسكت زمام الأمور فيها، أن تخرج بمحصلة تؤهلها لجعل البلاد جنينة من جنان الله في الأرض، لاسيما وأن أرض البلاد مكنوزة بثروات وخيرات على سطحها وفي باطنها، بما لاتحصره أرقام ونسب مئوية ورسوم بيانية.

وكما يقول مثلنا: (حدّك ويه الچذاب لباب حوشه) فإن علات التلكؤ والتعويق بطلت وانقضت، فذريعة الاحتلال وشماعة تنظيم داعش فضلا عن تركة حكم البعث، كلها أضحت طي النسيان، وبذا يكون الدرب سالكا أمام السياسيين ليطبقوا برامجهم في بناء البلد وإعمار ما تهدم فيه، فهل هذا ماسيفعلونه؟ أم هناك ذرائع أخرى ومسوغات ستستحدث بكبسة زر (Update) يتصدرون بها دفوعاتهم عن تقصيرهم المتعمد إزاء تنفيذ واجباتهم!.

إن من المفترض أن يكون هناك بناء مدني وإداري متميز، أداءً وسرعة وكما ونوعا يشمل محافظات العراق جميعها، لكن كما يقول مثلنا أيضا: (الكتاب يبين من عنوانه) إذ أن البطء والتلكؤ الذي اعترى عمليات البناء والإعمار سابقا، سيكون السمة الواضحة للقادم من العمليات، إذ ما فتئ السير في الإعمار والبناء سلحفاتيا، ومازلنا نعاني من الكبوات والإخفاقات في مؤسسات الدولة التنفيذية، والأدلة على هذا كثيرة وبمتناول أي فرد منا، إذ بمجرد سماع نشرة الأخبار المحلية، يتضح جليا أن مفاصل البلد تشكو الانجماد في الإنجازات على صعيد البناء، وهو مايراه المواطن بأم عينه على أرض الواقع، فيما يستمع أحيانا الى تصريحات مغايرة تماما، تعكس صورة رائعة يتمنى ان تكون صادقة يوما ما في بلده.

فلو استمعنا الى تصريحات الوزراء والمسؤولين في مؤسسات الدولة التنفيذية التي تحتك بشكل مباشر مع المواطن، في توفير الخدمات والبنى التحتية والأمان وباقي حقوقه، لوجدنا انها مجموعة كلمات وجمل تتكرر في لقاءات واستضافات، تتخللها وعود وارقام هي نفسها قيلت قبل أشهر في الفضائية (س) وبعد أشهر في قناة (ص) ثم أدلى بها المسؤول ذاته في اجتماع أو مؤتمر لأحد المجالس، او في لقاء مع رؤساء عشائر أو قبائل في محافظة جنوبية تارة، وتارة شمالية وشرقية وغربية. وكلها COPY PASTE الأمر الذي عزز ملكة العراقي في استقراء احداث المستقبل، لاسيما أن أغلب الأحداث لا تسره، كما أن المتسببين فيها يجترون الأسباب ذاتها، لتقيأوها دون ضجر أو ملل من جديد، ما يذكرني بابيات قصيدة للشاعر خلدون جاويد منها قوله:

في كل يوم فتنـة ودسيسـة

حرب يفجرهـا زعيم قاتل

*

هذا العراق سفينة مسروقة

حاقت براكـين بها وزلازل

*

هو منذ تموز المشاعل ظلمة

سوداء ليل دامس متواصل

*

أما قتيـل شـعبنا او هـارب

متشرد او ارمـل او ثاكـل

*

فهنا عميـل ضالـع متـآمر

وهناك وغد حاقد متحامل

أوليس هذا عين ماحدث ومازال يحدث طيلة عقدين مضت؟ ومن يعلم ما المخفي في قادم الأيام؟ إذ ما إن نهضنا من كبوة مسؤول أخل بواجباته، إلا كبونا في محنة مسؤول او قائد آخر أرجع خطى البناء التي سار بها البلد الى المربع الاول كما يحلو لهم تسميته. فالأمل كل الامل ان لايكون ثمة مربع أدنى ليقذفوا بنا فيه، فبالمربع الأول دوما يهددون ويذكّرون ويتوعدون ويشمتون.

***

علي علي

سألني أحد الأخوة: متى بدأت خطب الجمعة؟

فقلت: أظنها إنطلقت منذ بناء أول مسجد في الإسلام، وعلى أكثر تقدير في المسجد النبوي في المدينة، إذ كان فيه منبر للرسول من جذع النخيل.

قال: فأين ذهبت تلك الخطب، ولماذا لا يوجد ذكر لها في المدونات، إلا خطبة الوداع؟!!

إحترت في الجواب، ورحت أبحث عن الخطب النبوية، فلم أعثر على غير خطبة الوداع، ولم تصلنا من خطب الخلفاء من بعده إلا نتف قليلة هنا أو هناك.

والخطب الوحيدة التي وصلتنا كانت في كتاب "نهج البلاغة" الذي جمعه الشريف الرضي (359 - 406) هجرية، وفيه خطب منسوبة لعلي بن أبي طالب المتوفي(40) هجرية، أي بعد وفاته بأكثر من ثلاثة قرون.

فهل يصح أن لا أحد نقل شيئا من خطب النبي والخلفاء من بعده؟

أم أن تلك الخطب كانت بلا قيمة ولا دور في حياة المسلمين آنذاك؟

أو هل أن الأمويين قد محقوا ما قبلهم ليبرروا وجودهم في السلطة؟

البعض يذكر أن السيرة النبوية جُمعت في زمن عثمان بن عفان، وأن بني أمية أحرقوها، لأن فيها الكثير مما يتصل بالأنصار ودورهم في إقامة دعائم الدين، والأمويون فعلوا ما فعلوه بهم في موقعة "الحرة" سنة (63) هجرية، في زمن يزيد بن معاوية (25 - 64) هجرية، وتولى الخلافة (60 - 64) هجرية.

هذا الموضوع بحاجة إلى بحث ودراسات من متخصصين، للإجابة على الأسئلة الحائرة التي تدور في الأذهان، بعد أن أبصرنا المدوَّن بالعقول لا بالعواطف والمواقف المسبقة، التي تعمي الإدراك  وتدثر الحقيقة بالضلال والبهتان.

***

د. صادق السامرائي

ما وقع ليلة البارحة؟ أي نعم ليلة البارحة (الجمعة) لم يترك أناملنا تهدأ؟ ولا ذهننا يرتاح؟ ولا شيطاننا ينعم بإجازته؟ هـذا ليس من باب استراحة محارب: كما يقال! بل تأملا وتدبرا في منطلق فكري/ إبداعي مخالف عن الموسم السابق. وأي المواضيع أهَـم بالاهتمام؟ لكن كيف تكون الاستكانة؟ والبلاد والعباد عاشت ليلة بيضاء! نعم يا ملائكة الرحمان، وأنتم الأعلمون: ليلة ليست ككل الليالي عمت ربوع المملكة ! أكيد ليلة غير متوقعة؟ ولا في الحسبان! حَـتى ولو في مذكرة الأوهام! ولا في سجلات الأحلام! ولا في سلم الأرصاد المترصدة لكل دبدبة ; إنها لم تستطع أن تترصد، بأن الأرض ستتكلم، وستخلف مشاهد مرعبة! وحكايا وأحداث مفزعة! بعدما حاول ذاك أن يخلد للنوم؛ ليرتاح جسده / ذهنه، من متاعب العمل. أو من الدوران بحثا عن عمل؟ أو ذاك الذي اختار حانته المفضلة لينتشي كؤوس نبيذ على راحته كالمعتاد. أو تلك الجماعة التي اجتمعت على مائدة إحدى المقاهي،  أو ذاك الذي فضل أن يحلق شعره أو يغتسل في حمام "بلدي"، استقبالا لعطلته الأسبوعية. وتلك السيدة التي وضعت أطباق العشاء لأبنائها وزوجها، أو أولائك  المدعون لحفلة زفاف أو ضيافة عشاء... في رمشة عين، انقلبت الأغـراض والنوايا والأهداف ... لهروب جماعي، من المحلات و الشقق والمقاهي... ليحتمي [ الكل ] في العَـراء مُـدثر سماء رب العالمين، إننا بشر ضعيف القوة! منخور الحيلة ! أليس كذلك؟ إنه كذلك: أمام غضب الطبيعة! أو غضب الأرض! وإن كانت هي تحولات جيولوجية: نسأل الله الرحمة والمغفرة .عما يصدر منا من هُـناتٍ ومكـْر وطغيانِ وهفوات ٍوخديعةٍ وتعَـنتٍ ورياء .

لنـعْـتبر: في دقائق معدودة انقلبت الحياة، خـراباً وهلعاً، ولمشاهد وصور وحكايات مختلفة الأشكال والأفعال...  مِـن جَـري وركض واندهاش وصراخ وصدمة وبحث عن أمكنة آمنة بين الحدائق أو الساحات؛ أو في الخلاء.

الكل أمسى سواسية، إنه منطق الحَـدث؟ لا فـَرق بين المحتاج والميسور! ولا فـرق بين الموظف والعاطل! ولا فرق بين العَـدو والصديق من الساكنة ! ولا فرق بين الطيب والخبيث من الجيران! لأنه منطق الحَـدث؟ زلزال رهيب مما لاشك فيه! لأن الكل في الأزقة والفضاءات يحتمي هَـربا من الموت والحتف المطلق... ولم يصدق ذاك الهارب، أننا رهائن زلزال مفجع في أية لحظة؟  ربما سكرات الموت المؤجل، كانت تلاحقنا؟ مما كان الهروب  كـَوَسيلة. ولربما أصابتنا غيبوبة عرضية  جَـراء ما حـدث في رمشة واحدة . فكان الهروب كغاية، وعدم التصديق أننا في معمعان زلزال مدمر هاته المرة! حتى تحركَـت وسائل التواصل الإجتماعي؛ بقوة متفردة، وتصبيب المعلومات والصور بسرعة برق، بين الشباب الملتحم في العَـراء رفقة أمهاتهم وآبائهم وجيرانهم ... إذ ذاك كان التصديق والإيمان بحُـدوث زلزال مُـدمِّـر؛ حينما تمركز في منطقة " الحوز" وما يحيطه، ليخلف خسائر؟ خسائر لم تحسم بعد! لكنه تَـرك قلوبا مكلومة عن فقدان أبناء وأزواج. عن فقدان متاع وسكن! أفجع الذاكرة بالذكريات، لتنهمر عيونا بدموع أعاصير الزمان عمن لازال تحت الأنقاض.

إنها السواسية: بخروج العباد من كل الأعمار للأزقة والشوارع؛ قبل أن تكون فاجعة كبرى!!  لكنها أعادت بي لأحداث ظلت راسخة في ذهني/ذاكرتي وستبقي كذلك، ليضاف إليها ما عشناه سويا في هاته الليلة، وتلك الليلة من بداية السبعينيات من (ق.م) حيث هـرع كل الساكنة خارج البيوتات في منتصف الليل من ثاني عيد الأضحى، لكن الطريف والمحزن، أن الأغلبية هَـربت بذبيحتها! خوفا من سرقتها؟ إنها عقلية "الأحياء الشعبية"  فرغم التآزر والتواصل والتكافل الذي كان؛ لم يثق أحـد بترك خرفانه معلقة في منزله؟ هكذا فـَسرت الأمر هكذا؟ ونحن يافعين أنذاك. ويمكن أن أعكـس المشهد (الآن) فالكل هَـرب بهاتفه، خوفا من ماذا؟ هل خوفا من سرقته؟ أم خوفا من الملل؛ لبقاء الهاربين ساعات فوق أرض الحدائق والبساتين والطرقات؟ أم أنه سلاح يحمي عجزنا؟ إنه بوصلة ومرآة /الغافلين/ النائمين/ الجهلة/ الذين لم يستوعبوا بعْـد! بأن طغـيان وسائل التواصل الاجتماعي وذكائها المتنامي، سلاح إعلامي رهِـيب، قبل أن يعْـقد أواصر الصلات الإنسانية والتفاعلية؛ بين الأفراد والبشر، في كل بقاع الكون. أليس بواسطته كشف قبل ساعات عن الخراب والدمار! الذي حل بنا وبأبناء جلدتنا؟ وضح عن الهلاك الذي لحق مدنا ومداشر وقـرى؟ ألم نسمع أنين الضحايا؟ ألم نسمع صراخات استغاثة، وطلبات العباد المنتشرة خارج أسوار المدينة؟ إنهم يطلبون المتاع والطعام والشراب والخيام، ولا يطلبون تحليلات وتفسيرات عن الزلازل ولا عن تاريخها ولا عن مرثيات على جثت الضحايا أو على مشاهد مأساوية لأمهاتهم أو آبائهم وأبناء حَـيِّهم أو قـُراهم؟ لكن نحن لا نملك سوى المآزرة، وباقات أحرف منثورة على جثمانهم الطاهرة بالوَرد والندى، عربون تعاضد ومساندة لا مشروطة. رغم بعْـد المسافات؛ فالكل مكلوم من شرق البلاد لغـَربها ومن شمالها لجنوبها . الفاجعة مشتركة والمصير واحد، وإن اختلفت الأحداث والأضرار، فجميعنا نتقاطع في الضرر النفسي، وفي الهلع الذي خلفته (الليلة البيضاء) فالبقاء للواحد الديان، له المُلـك والمغفرة، اللهم باسم قـُدرتك؛ ونورك؛ كـن في عَـون كل من فقد عزيزا عليه وعلى نفسه، ولكل من ذاق طعْـم الهلاك الزلزالي، ولكل نفـْس فقـَدت نفـَسها، ولكل نفـْس فقدتْ أبناءها وأحفادها... فـللَّه الأمر من قبل ومن بـعْـد .

***

نجيب طلال

فــاس/ 09/09/2023

تداولت وسائل الإعلام الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الإيراني إلى الرياض ولقائه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وعلى الرغم من عدم الإعلان عن أي اتفاقات بين البلدين،الا ان المراقبين يرون أن هذا التقارب من شأنه أن يدفع بأتجاه الاعتراف بضرورة إيجاد حاجة الى العمل الجماعي لحل المشاكل والخلاف في المنطقة،وخصوصاً الامنية منها،فضلاً عن مناقشة التحولات المهمة في المنطقة وتأثيرها على الاستقرار السياسي والأمني فيها .

أن حل الخلافات وتخفيف التوتر بين طهران والرياض من شأنه أن يحد ويخفف من التوترات في المنطقة،وكذلك يؤدي الى حالة التوافق في المواقف تجاه قضايا المنطقة،بالإضافة إلى التعاون في القضايا المتعلقة بالمناخ والتي يمكن أن تكون كافية لتقديم فوائد للمنطقة،لذلك فإن أي اتفاق بين الطرفين سينعكس بالإيجاب على المنطقة وليس فقط على المملكة العربية السعودية او الجمهورية الإيرانية، بالاضافة إلى إنه ييدو لم يتم احراز اي تقدم بشأن افاق الاستثمار في ايران والتي حضيت بتغطية اعلامية كبيرة وتمت مناقشتها عندما تم ابرام الصفقة في بكين بشهر أذار الماضي، خصوصاً وان الجانبان يعترفان بأن مشاكل المناخ والأمن لا يمكن حله بجهد فردي لدولة واحدة بل هوة عمل جماعي، وضرورة الاعتماد على الدول الاقليمية بدلاً من الاتجاه نحو الاعتماد المفرط على المجتمع الغربي والذي خلق شعوراً بالالحاح لاستمرار الدبلوماسية بين طهران والرياض.

الاندفاع نحو العمل الجماعي في المنطقة تعزز من خلال الحروب الاهلية التي اندلعت سواء في العراق أو لبنان أو اليمن أو سوريا والتي تسببت قبل عقد من الزمن في جر الطرفين وغيرها من الدول الاقليمية نحو فخ الصراع، لذلك توجب الآن إلى خلق ضرورات تحد من هذه الاندفاعات، واعادة المشاركة في استقرار المنطقة والاعداد والاستعداد لحملة الاستثمار، وتفعيله بين البلدين وبما يحقق المصلحة المشتركة، كما أن التحولات العالمية وفرت السياق لاستمرار المحادثات بين البلدين ، واصبح العراق الذي عانى من الخلافات الاقليمية مسؤولا عن فتح المسارات الدبلوماسية بين طهران والرياض.

أن الدور الذي لعبته الصين في تقريب وجهات النظر بين البلدين والتوسط بين الاتفاق الثنائي يجعل من الصعب على اي من الجانبين التنصل عن التزاماته، لذلك تجد ايران والسعودية بان فتح العلاقات وانهاء حقبة الخلافات هي السبيل الوحيد للخروج من الازمة، وابعاد الايادي الغربية عن التدخل في المنطقة واشعالها في اي وقت تشاء، وان مبدأ الدبلوماسية والطريق الوحيد لضمان امن البلدين بل عموم المنطقة وعلى الرغم من وجود بعض الخلافات إلا أن من المرجح أن تتحول التوافقات بين البلدين إلى تنامي الاقتصاد بين الرياض وطهران والذي ينعكس على المنطقة عموما وبما يحقق الازدهار الدائم للمنطقة.

***

محمد حسن الساعدي

الزلازل ظاهرة طبيعية، هي عبارة عن هزات أرضية سريعة، وتحدث من دون سابق إنذار، وهي خسائر بشرية في أماكن التجمعات الكبيرة، وذلك بعدما تعرضت المغرب لهزة أرضية بقوة 7 درجات على مقياس ريختر بإقليم الحوز المغربي، ووقعت الهزة الأرضية في حوالي الساعة الحادية عشرة و11 دقيقة مساء بالتوقيت المحلي للمغرب.

 كان الشعب المغربي على موعد مع زلزال هو الأعنف منذ 100 عام، حيث خلّف وراءه أكثر من ألف وفاة، ومئات الجرحى بعضهم في حالة خطرة، مئات الآلاف من المشردين خارج منازلهم المهدمة أو المعرضة للهدم، وما زال الضحايا العالقون تحت الأنقاض يواجهون مصيرًا صعبًا.

الوضع في المغرب اليوم مأساوي وخطير، حيث لا تستطيع سيارات الإسعاف الوصول إلى الجرحى بسبب الطرق المسدودة والمغلقة بالانهيارات، بينما تسارع الجهات المعنية بإزالة الأنقاض، فإن جهود الإنقاذ والإغاثة وسط التضاريس الجبلية وخطر الانهيارات الأرضية والمسافات الكبيرة، ووجود تبعات للزلزال تتزايد بقوة.

الزلزال، الذي شعر به سكان مناطق بعيدة مثل الجزائر والبرتغال، مدينة مراكش التاريخية، وهي أقرب مدينة رئيسية إلى مركز الزلزال. وللأسف، بجانب العدد الكبير والمتزايد، المحزن للضحايا، فقد انهارت أيضًا بعض المباني المدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي.

يتميز الزلزال بأنه مختلف عن الزلازل السابقة التي وقعت في السنوات الأخيرة، حيث لم تتجاوز قوتها 3 أو 4 درجات، وكانت تحدث عادة في عمق البحر وكان يشعر بها فقط سكان المناطق الساحلية. لقد أسفر زلزال المغرب اليوم، في مصرع وإصابة المئات من أبناء الشعب، حيث أحدث خسائر فادحة في الأرواح والمباني السكنية، في عدد من القرى والمدن من جبال الأطلس إلى مدينة مراكش التاريخية.

إن هذا الزلزال هو الأقوى منذ عام 1900 ميلادي لما خلفه من أضرار مادية وبشرية، أقوى كارثة من نوعها تضرب المغرب على مرّ التاريخ. تكاد الدموع تحجب حروف كلمات على الكارثة الإنسانية الكبيرة التي ستتمكن العالم كله أن يتجمع على منصة واحدة  لبقاء البشرية، والبشرية أولا.

***

الدكتور معراج أحمد معراج الندوي

 الأستاذ المساعد، قسم اللغة العربية وآدابها

 جامعة عالية، كولكاتا - الهند

تحركت الأرض وتعطلت لغة الكلام، الجدران تهتز والأثاث لم يعد جامدا يعتريه السكون، وقبل أن نَطرح السؤال أدركتِ الحواس والجوارح بحافز الغريزة، إنه الزلزال وغضب الطبيعة الذي يأتي دون سابق إنذار، أسرعنا نرتدي أي شيء ثم هرولنا مع المهرولين، مغادرين الشقق لا نحمل معنا إلا خَوفِنا والرّهبة التي تسكن قلوبنا، كل من كنا نصادفهم نازلين عبر سلاليم العمارة كانوا ذاهلين تَجتَاحهم تلك الرغبة الغَريزية في الافلات والهروب من مخالب المجهول، الوجوه كانت كالحة لأنّ الحدث جلل.

قال قائل: " قَضَى خَلقٌ كثير، وجُرح نَفرٌ لَيسَ باليَسِير في المناطق المُجَاورة "

وقال أخر " الله يعاقبنا على ما اقترفت أيدينا من ذنوب وآثام بخسف الأرض تحت أقدامنا"

قاطعه قائل القول السالف:" اِلعن الشيطان فما حدث ظاهرة فزيائية تنتج عن حركة الصفائح الصخرية في القشرة الأرضية، والتجارة بالدين عيب"

امتلأ ت الشوارع والساحات بِمنْ غيّرتْ بضع ثواني مسار حياتهم وجعلتهم ضيوفا على الإسفلت، في مساواة عادلة بين الفقير المعدم والغنِيّ المتخم، تكوّم الأطفال حَوْلَ أُمهاتهن وَجِلِينَ، و جَلس كبَارُ السِنّ غارقين في لجَّة التساؤل الرهيب يتبادلون أطراف الحديث ويسردون بعضا من تجاربهم القديمة مع غضب الطبيعة وجورها، كان الجميع مُؤمناً ومقتنعا بأن الضعف سمة بشرية وأن ذلك الزهو والنرجسية الذي يَغلب على طباع بعض الناس مجرد وَهْمٍ زائل، وأنّ الانسان مجرد تركيبة من الغرائز المتضاربة والهرمونات المتفاعلة.

كان الوقت يمضي ثقيلا والناس يتبادلون مع ذويهم أخبار الكارثة ولا يملكون لبعضهم إلا الأسف وكلمات المواساة، وهم متمسكون بالأمل.

*** 

بقلم محمد محضار

وأنت تتابع ما يقدم على الفضائيات من برامج حوارية، وما تجود به مواقع التواصل الاجتماعي من خطب وكتابات، لا تستطيع أن تمنع نفسك من أن تسأل: لماذا تتكرر مشاهد يسعى أصحابها إلى إهانة عقول العراقيين والسخرية منهم؟، والسؤال الأهم: لماذا يصر البعض من الخطباء المفوهين على أن يجعلوا من العراق الرقم الاخير في اهتماماتهم؟..وسؤال من جنابي: الى متى تستمر مثل هذه المهازل؟

فى البداية كانت الإساءة إلى العراق من خلال إطلاق سهام ضد المؤسسات الدولة ومنها الجيش، حيث خرج علينا من طالب بإلغائه، بل ذهب البعض الى ابعد من ذلك حينما وصف أحدهم الجيش العراقي بالمرتزقة، ثم ذهب إلى بيته آمناً مطمئناً من أن لا أحد سيحاسبه، ولن يجرؤ أحد على مجرد سؤاله: لماذا؟

للأسف أصبحت بعض البرامج الحوارية وضيوفها مادة للتندر، ودليلاً على انهيار كامل فى قيم الوطنية، وسعياً إلى السخرية من المواطن العراقي المغلوب على امره، غير أن البعض ذهب بالظاهرة إلى أقصاها، فها هو شيخ يمسك المايكرفون ليتحدث وبكل صراحة يعبر موقع الفيسبوك قائلا: "شنو يعني عراقي؟ وليش تكول آني عراقي؟" مختتما محاضرته بأن لا يوجد هناك شيء اسمه عراق، وان هذه البلاد مجرد كذبة اخترعها الاستعمار. غير أن هذه الظاهرة لم تقتصر على مواقع التواصل الاجتماعي بل غزت الفضائيات، حتى بلغت حالة الاستخفاف بالعراق أن يخرج سياسي ليقول في برنامج تلفزيوني "أموالنا ونلعب بيها"، أتمنى أن لا تعتقد أنني أسخر من الرجل، فأنا أعترف بأنني لا أعرف شيئاً عن السيد "أبو ميثاق المساري"، هل هو نائب؟، ام محلل سياسي؟، او أستاذ جامعي؟، ام يمتلك مركزا للدراسات مثل الكثيرين؟، فالحمد لله مراكز الدراسات في العراق أخذت تنافس مراكز التجميل، ما أثار انتباهي، ما قاله الرجل في برنامج حواري مع الزميل نجم الربيعي، عندما قال، بالحرف الواحد، وهو يدافع عن المصارف التي تهرّب الدولار، وتخلق أزمة اقتصادية في البلاد: "العراق له الحق في حرق الأموال، أو تهريبها، أو رميها في البحر". ولم يكتف بذلك، بل أضاف: "هذه الأموال هي نتيحة بيع النفط، أريد اتوسدها، أسويها دوشك بكيفي" وعندما يقاطعه المذيع قائلاً: لكن هذه أموال العراق ومن حق الشعب، يجيب بكل أريحية: "بكيفي حلالي وبكيفي".

وأنت تسمع مثل هذا الحوار ستتأكد أن الجرأة في السخرية من العراقيين وحلمهم بالتغيير والعدالة الاجتماعية وصلت إلى أقصاها. وأن الخطابات والشعارات عن بناء مؤسسات الدولة مجرد أحلام يقظة يعيشها الشعب العراقي، مادام "الدوشك" جاهز لكي نضع فيه أموال النفط.

***

علي حسين

إن لإرتفاع درجات الحرارة أثراً كبيراً في التغيير من مناخ العراق فهي تؤثر بشكل كبيرة على بقية العناصر كالضغط والتبخر وعلى كمية الأمطار الساقطة وبذلك سيكون التأثير واضحا حتى على التضاريس وخاصة التصحر، واختلف الباحثون حول تعريف (التصحر) حيث عرفه هورن مشينج بأنه "امتداد مكاني للظروف الصحراوية في إتجاه المناطق الرطبة وشبه الرطبة "، ولعلنا نسمع بين الحين والآخر عن أن العراق معرض للتصحر ومهدد بجفاف نهري دجلة والفرات وقد وصلت النسبة إلى 70% من الأراضي العراقية حسبما صرح مسؤول عراقي في التغيرات المناخية .. السؤال الأكثر أهمية هل قلة الامطار وارتفاع درجات الحرارة هي المسؤولة الوحيدة لهذه الازمة ؟، بكل تأكيد فتلك العوامل هي من الأسباب المهمة في ما وصل إليه العراق لكن هناك عوامل أخرى ولو أخذنا على سبيل المثال نقص الإمدادات من قبل الدول التي ينبع منها نهري دجلة والفرات، فتركيا وما تبنيه من السدود لها تأثير كبير على منسوب المياه في العراق وكذلك إيران، مع أن العراق طالب بمنع بناء السدود لكن لم تكن هناك استجابات جدية في الأمر، وعلى هذا الأساس أصبح الوضع شبه مأساوي ولعل السبب الرئيسي لما يحدث في شط العرب و ينذر بالخطر هو وجود تلك السدود فالأمر أصبح غير مسيطر عليه خاصة بما يتعلق بالملوحة التي باتت تهدد المحاصيل الزراعية وهجرة الفلاحين من أراضيهم والمشاكل ليست فقط في شط العرب وإنما أيضاً ما يحصل من تصحر في الأهوار نتيجة التغير المناخي والجفاف الكبير الذي طرأ على تلك الأهوار فتسبب في هلاك المواشي ونقص كبير في المحاصيل الزراعية . هناك الكثير من الإجراءات التي يجب على الدولة الأخذ بها وأهمها هي خلق حوارات دبلوماسية مع دول الجوار وخاصة الدول التي ينبع منها نهري دجلة والفرات وتفرعاتها، لا ننسى مسألة الحزام الأخضر بين المحافظات والذي له الأثر الكبير في تحسين الجو المناخي للعراق، وبالإضافة إلى صيانة التربة من خلال عدم قطع الأشجار وزيادة المساحة الخضراء وبذلك يمنع من التبخر وكذلك من انجراف التربة والمحافظة على البيئة، استخدام التقنيات الحديثة في الري من أجل الحافظ على المياه وتقنين استهلاكها، وضع خطط للتوعية والإرشاد في كيفية التقليل من الإستهلاك وعدم التبذير والحفاظ على البيئة . المسؤولية تقع على جميع الأطراف للمحافظة على البيئة والحد من التصحر وعلى الدولة ووزارة الزراعة أن تكون جادة في عملها إزاء هذا الأمر وعدم التخاذل للوصول إلى بر الأمان والتخلص من هذه المشكلة الكبيرة.

***

سراب سعدي

مما يُزهّدني في أرض أندلس

تلقيب معتمد فيها ومعتضد

*

ألقاب مملكة في غير موضعها

كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد

***

ما أظنني أشط عن الصواب وأشذ عن جادة الحقيقة، إن قلت ان أرباب الكتل والتحالفات والأحزاب، ومتبوئي المناصب العليا في البلد ولاسيما القيادية منها، يمتهنون صياغة العبارات وسبك الألفاظ وانتقاء المفردات، أكثر من اتقانهم تفاصيل واجباتهم، ودقائق ما منوط بهم من مسؤوليات والتزامات مهنية تجاه الوطن والمواطن؟ وما رأيي هذا بجديد آتي به، ولا ابتكار استحق عليه براءة اختراع، ولا بُلغة بلغتها دون غيري من العراقيين، فهي بديهة تراكمت في قناعاتهم مذ كان يحكمنا دكتاتور، ومايؤسف حقا أن الدكتاتورية والظلم لم تمت بموته، ولم تتبدل بتبدل نظامه الحاكم، وكذا الحال في باقي صفاته المذكورة.

وهناك عبارات كثيرة لطالما سمعها المواطن العراقي، اليوم وأمس وأمس الأول، وقبل سنوات، على لسان ساسة الساحة العراقية الجديدة، ومن رؤساء الأحزاب والتحالفات، ومن الشخصيات القيادية في البلد، وذلك في الأوقات التي تسبق كل دورة برلمانية، وتشكيلة حكومية، أو تلك التي يحلو لبعضهم تسميتها أعراسا انتخابية، ولست أدري كيف أضحت المآتم أعراسا، إذ ما كان جني أعراس العمليات الانتخابية غير انتشار الفساد بأشكاله وأصنافه وأحجامه الفلكية، في كل مفاصل البلاد التي مرت بهذا العرس المزعوم. فالعبارات التي يرددها السياسيون والمسؤولون، وتترى على أسماع العراقيين قسرا، إنما هي عبارات سامية في ظاهرها، تهدف الى تحقيق النتائج المجدية من اجتماعات الرؤوس، لاسيما حين يكون المرؤوسون على أحر من الجمر، انتظارا لما تجود به كف أحدهم، وهو في حقيقة الأمر ليس جودا، بل واجب منوط بالرأس، ماعليه إلا إتمامه وإتقانه، وهو حق للمرؤوس عليه.

من تلك العبارات: تقارب وجهات النظر، تلاقح الأفكار، توحيد الآراء، توافق الرؤى، رأب الصدع، لم الشمل، حلحلة الأزمة، تفتيت الصراعات، تلطيف الأجواء وغيرها مما يستخدمه المتكلم من السياسيين والمتحدث من المسؤولين. وبلدنا في ظرفنا الحالي بأمس الحاجة الى تفعيل مثل هذه العبارات، وترجمتها الى سلوك ونهج واقعي معمول به، لاسيما وأن الواقع اليوم بدا مريرا من جراء الخلافات والاختلافات التي لها أول وليس لها آخر، فلا يكفي التلويح بها في اللقاءات الإعلامية او الخطب الرنانة، في اجتماعات ومؤتمرات هي أصلا خارج نطاق خدمة البلاد وملايين العباد. وبعد التجارب المحبطة التي مُرر المواطن في حلقاتها الضيقة، بات يصعب عليه الوثوق 100 % بمصداقية تلك العبارات، فهو بين مصدق -من وحي الأمل- ومكذب -من واقع الحال- لها. وماتزعزع ثقته هذا إلا نتاج سنين عجاف طوال، مرت عليه خلالها جميع أفانين الضحك على الذقون، وأساليب التحايل وطرائق الالتفاف ووسائل الخديعة وأدوات المكر. وما يؤلم أنها حيكت عليه من أبناء جلدته وأبناء محلته او مدينته او محافظته، بعد أن رشحوا أنفسهم خدمة له وللبلد، فاستحدثوا عبارات ومصطلحات عصرية امتطوها مغرضين، متخذين منها جسرا للعبور، والعبور هنا قطعا لن يكون إلا على أكتاف المواطن.

فهل يظن ساستنا أن مستلزمات القيادة الحكيمة ومقومات القائد الحكيم، هي تحليه بالمفردات الوطنية وترديده العبارات الطنانة ليغرد بها هنا وهناك، لإثبات وطنيته ومهنيته دون الالتفات الجدي الى مصالح بلده؟ وكما ينسب للشاعر مالك بن زيد مَنَاة:

أوردها سعد وسعد مشتمل

ماهكذا ياسعد تورد الإبل

***

علي علي

كلمات هذا الجزء: "گن - مردي -مرغ - مسخنة - مشگ – مشوفة – مطال - معچال - معدان - منشار - مهد – ميمر".  شكرا لكم مقدماً على تعليقاتكم انطلاقا من لهجاتكم العربية الجميلة تصحيحاً وإضافة... سيكون ترتيب الفقرات أدناه كما يلي: رقم الفقرة ثم الكلمة كما تلفظ في اللهجة العراقية ثم علامة مساواة وبعدها لفظ الكلمة في اللهجة المندائية بين قوسين ثم معنى الكلمة في المندائية فمعناها في العراقية فرأيي الشخصي بهذا التخريج مع التوثيق المعجمي:

613-گن =(مكنا) الملجأ والستر والمستقر في المندائية. وفي العامية العراقية هو كما يقول (مكان يخصص لحفظ الدواجن)، والكلمة عربية ومتداولة في جميع اللهجات العربية. نقرأ في معجم المعاني (القن قن: بيت الدجاج، وأصل الكلمة "خُم") نقرأ في لسان العرب (خُمُّ الدجاج أو حظيرة الدجاج ويَقُولُ له العامَّة: «قن الدجاج» هو هيكل يتم فيه الحفاظ على الدجاج أو الطيور الأخرى بأمن وأمان. قد يكون القن عبارةً عن صناديق عِشيَّة ومجثمات في المنزل. الخُمُّ: قَفَصُ الدجاج؛ قال ابن سيده: أَرى ذلك لخُبثِ رائحَتِه. وهو "مَحبس الدجاجِ" كما ورد في المعجم الوسيط.

618- مردي = (أرادا) سارية. والكلمة لا علاقة لها باللفظ المندائي لفظا ومعنى فالمردي ليس سارية لأن السارية عمود ينصب في وسط السفينة يعلَّق عليه الشَّراع، أما المردي فهو عبارة عن قصبة صماء طويلة نسبياً بين مترين وثلاثة يستعملها راكب الزورق العراقي القديم "المشحوف" لدفع قاربه في النهر. والكلمة عربية ممعجمة، نقرأ في المعجم الوسيط (مردي خشبة يدفع بها الملاح السفينة، ج مرادي... ومردي: خَشَبَة طَوِيلَة ينحي بهَا الملاح السَّفِينَة عَن الأَرْض أَو يَدْفَعهَا بهَا جمعها: مرادي).

620-مرغ =(مرق) وتعني في المندائية ينظف يغسل، وفي العامية تعني الغسل والتنظيف كما يقول المؤلف وهذا التعريف ليس دقيقا تماما فالتمريغ يعني تلطيخ وتقليب الشيء في الماء أو ما شابه بهدف جعله يتشرب في الماء ليتنظف او يتلوث جيدا. والكلمة عربية فصيحة نقرأ في معجم المعاني (مرَّغه بالتُّراب/ مرَّغه في التُّراب: قلّبه فيه، لطّخه به...وتمرَّغ فلان في النَّعيم أو في الرَّذيلة: تقلَّب فيهما. مرغ - يمرغ، مرغا عرضه: دنس، تلطخ بمكروه أو شيء قبيح)

وقال أبو تمام في بيت شعر جميل:

أغرُّ إذا تمرغَ في نداهُ......... تَمَرَّغنا على كَرَمٍ وَطي

625- مسخنة /مصخنة =(مـ +سا + گننا) وهي إناء من النحاس يشبه الإبريق كما يقول المؤلف قيس مغشغش السعدي ولكن يكبره بخمس مرات ويستخدم لجلب الماء من النهر. والكلمة مؤلفة من ثلاثة مقاطع كما يقول هي (ما) للدلالة على اسم الآله و (صا) وتعني يغسل و(گننا) وتعني إناء. وهذا تخريج خاطئ، فالمسخنة إناء من النحاس ذو رقبة طويلة يستعمل لجلب الماء وتسخينه وليس لغسل الأشياء فيه، ومن هنا جاء اسمه مسخنة كاسم آلة من الفعل سخن على وزن (مِفْعَلَة)، ويلفظها العراقيون بتفخيم السين إلى صاد كعادتهم مع كلمات من قبيل سخل/ صحل وسماخ/صماخ...إلخ، ولا علاقة له بالكلمات او المقاطع المندائية الثلاثة.

629- مشگ =(مشكا) وتعني الجلد في المندائية ولكنها في العامية تعني جفاف وتشقق يصيب الجلد. والكلمة عربية فصيحة وتعني تشقق الجلد نقرأ في المعجم الوسيط: "الأَمْشَقُ: الجلْدُ المتشقّقُ. والجمع: مُشْقٌ" وفي الرائد نقرأ " مشق - يمشق، مشقاً احتكت إحدى فخذيه بالأخرى فأصابه تحرق فيهما".

613- مشوفة=(شوف)وتعني في المندائية صقيل شفاف رائق. وتعني في العامية العراقية المرآة. والكلمة عربية اسم آلة على وزن (مِفْعَلَة - مِشْوَفَة) ويبدو أنها مشتركة بين أكثر من لغة جزيرية لفظاً ومعنى. نقرأ في اللسان (وتَشَوَّفَ: نَصَب عُنُقَه وجعل ينظر) وفي العباب الزاخر (وتَشَوَّفْتُ إلى الخبر: إذا تطلعت إليه، يقال: النساء يَتَشَوَّفْنَ من السطوح: أي ينظرن ويتطاولن)، وفي معجم المعاني: " شافَ يَشُوف، شُفْ، شَوْفًا، فهو شائف، والمفعول مَشُوف (للمتعدِّي): شاف الرَّجلُ صعد مكاناً عالياً ونظر. وشافَ الحادثَ بنفسه: نظر إليه ورآه. وفي معجم الرائد نقرأ (شاف، يشوف، شوفا: شاف الشيء: صقله، زينه).

636- مطال =(مطل) وتعني في العامية قرص من الروث وفضلات الحيوانات المجففة تستعمل للوقود. ويقول المؤلف يبدو أن "الكلمة من أساس لغة العراق القديمة". دون أن يحدد اسم هذه اللغة. علما بأن المفردة مستعملة في الجنوب والغرب العراقي وقد وضحنا جذرها العربي (مطل) بمعنى (مدَّ) فعجين الروث يتم عجنه ثم تمديده كأقراص على الأرض ليجف ثم يجمع في أشكال هرمية تسمى "قبة المطال" بالقاف الحميرية.

637- معچال =(أشلا) وتعني حبل في المندائية وهذا التخريج ضعيف وبعيدة لفظا ومعنى فالمعجال وتلفظ أحيانا بالحاء (محچال) وهو المقلاع الصغير؛ آلة لرمي الأحجار الصغيرة والحصى لاصطياد العصافير والطيور الصغيرة وغير ذلك. وقد أصبحت هذه الآلة لاحقاً من أسلحة أطفال فلسطين في مواجهة الجنود الصهاينة المدججين بالأسلحة في انتفاضاتهم المجيدة العديدة. وقد تكون تضاهي لفظا (محكال) بلفظ الكاف مكشكشة.

وأرجح أن تكون كلمة "المعجال" بالجيم المعجمة بنقطة واحدة من الفعل يعاجل أي يعاجل الهدف برمية من معجاله، ولا علاقة لها بـ "أشلا" المندائية ولكن هذا التخريج يصطدم بأن المفردة كما سمعتها في طفولتي تلفظ بالحاء وليس بالجيم؛ وربما حدث فيها إبدال بين الحاء والعين. وهذا النوع من الإبدال ممكن قياسا على ما يسمى إبدال الفخفخة بين العين والحاء، وعلل ابن جني سبب هذا الإبدال بالتقارب المخرجي بينهما بقوله: "العرب تبدل أحد هذين الحرفين من صاحبه لتقاربهما في المخرج، كقولهم: بَحَثرَ ما في القبور، أي بعثر/ بحث جامعي لواثق الواثق –الحوار المتمدن 7 نيسان 2017".

639- معدان = (مادنا) وتعني في المندائية الشرق. وهذا تخريج ضعيف فكل شعوبنا وأقوامنا شرقية لماذا اختصوا بها المعدان؟ أدناه ما كتبته عن هذه الكلمة في كتابي سالف الذكر:

المُعَيْدي = تصغير المعدي، من بني معد وخففت الدال استثقالا للتشديد مع ياء التصغير والمثل العربي القديم يقول "تسمع بالمعيدي خير من أن تراه أو لا تراه"، ويضرب هذا المثل في مَن شُهر وذُكر وتُزدرى مرآته ونسوقه هنا كشاهد لغوي يؤكد معنى الكلمة مع وافر الاحترام لأهلنا المعدان.

646- منشار =(مسارا) وهو المنشار المعروف. والكلمة عربية فصيحة وجذرها "نشر" وهي موجودة بهذا المعنى في المعاجم القديمة والحديثة أما محاولة المؤلف لجعل الكلمة مندائية لأنها كما يقول "مكونة من حرف الميم المفتوح لتكوين اسم الآلة زائدا الفعل (سار) الذي يعني في المندائية يسير ويطوف" فهو كلام لا معنى له فالكلمة عربية فصيحة جذرا ومشتقات. نقرأ في اللسان (ونشرتُ العُودَ بالمِنشار نشْراً، ووشرتُه وَشراً وأشرتُه أشْراً، في لغة مَن سمى المِنشار منشاراً)، وفي المقاييس (ونَشَرت الخشبةَ بالمنشار نَشْرا)، معجم المعاني (منشار: اسم آلة من نشَرَ، أداة ذات أسنان يُشقّ بها الخَشَبُ وغيرُ، أَداةٌ مسنَّنةٌ من الصُّلب يُشَقُّ بها الخشبُ وغيرُه، ونَشَرَ النّجّارُ الخشبَ شقَّه مستخدِمًا المنشار).

648- مهد = (ما هدا) سرير الطفل الصغير والكلمة عربية عريقة ولكن المؤلف يحاول جعلها مندائية بقوله إنها مؤلفة من "ما " بمعنى الذي و "هدا" بمعنى واحد ومنها اشتقت كلمات مهد يمهد تمهيدا". وهذا كلام مؤسف وتلفيقي. الكلمة كما قلنا عربية نقرأ في واحد من أقدم المعاجم العربية اللسان (والمَهْد: مَهْدُ الصبيّ: موضعه الذي يُهَيّأُ له ويُوَطَّأُ لينام فيه)، وفي المعجم المعاصر (مصدر مهَدَ. سرير يَنَامُ فيه الصبيُّ وعادة يكون هزّازا)، وقد وردت الكلمة في القرآن في سورة مريم الآية 29 ﴿كيف نكلم من كان في المهد صبيا﴾.

652- ميمر =(ميمر) وتعني في المندائية قول، تكلم. ويضيف المؤلف (ومنها كلمة أمر التي تعني قال ... ويبدو أن لازمة كلمات الأغنية العراقية الشهيرة "عل ميمر وعل ميمر" ربما جاءت من هذه الكلمة). وهذا التخريج لا حظ له من الصواب فالميمر المقصود في أغنية "عَ الميمر" هو كما يكتب ماجد شبر "نمط من أنماط الأدب والشعر الشعبي العراقي وله بحر مستقل بحد ذاته ووزنه «مستفعلن مستفعلن مستفعل» وقد استعمل في العديد من المقامات العراقية ويقسم إلى قسمان: ميمر مذيل وميمر هجيني. هناك ثلاثة آراء في أصل الميمر؛ فالبعض يعيد أصله إلى عبارة "ما مر" العربية والتي تعني لم يمر، والرأي الثاني يعيد أصله إلى كلمة ديرم وهي قشرة شجر الجوز التي كانت تستخدم سابقاً كأحمر للشفاه. أما الرأي الثالث فيقول إن أصل الكلمة آشوري وهي تعني «القصيدة» في الكتابات الآشورية القديمة حيث جاء بهذا الرأي السيد مجيد لطيف القيسي في كتابه «معرفة اوزان الشعر الشعبي العراقي»، والأصل هو الراي الأول"[1]. الأدب الشعبي العراقي ص 89 ومابعدها". وأرجح أن يكون الرأي الثالث هو الأصوب أي أن الكلمة وردت باللهجة الآشورية أي إنها أكدية أصلاً انتقلت لاحقاً إلى اللغات الجزيرية الشقيقة.

للاطلاع على هذه الاجزاء السابقة من المفردات انقر لطفا على هذه الوسمة:

#لهجة_عراقية_اللامي

يتبع.

***

علاء اللامي

.........................

[1] - شبر ماجد - الأدب الشعبي العراقي، - ص 89 – ورد مقتبسا في مادة "ميمر" على الموسوعة الحرة "ويكيبديا".

عندما يتم استعراض مسيرة شاعر قديم (مثل المتنبي) يبدأ الناس بالبحث في صفحات التاريخ عن مواقف يعتبرونها سيئة وغير مشرّفة لهذا الشاعر..

فتارة يقال انه مدح فلان وتارة يقال أنه جبان في الحرب وتارة يقال أنه مقرب من الحاكم الخ.....

وفي وقتنا الحاضر ، نلاحظ عندما يُتوفى شاعر ، تنهال عليه الاتهامات والطعن.

فيقال انه كان انتهازياً لأنه مدح فلان او لأنه عمل لدى فلان او كتب شعراً معيناً او انه حصل على جائزة من فلان الخ....

سؤالي لهؤلاء السادة :

هل ان الشاعر نبي صاحب رسالة؟

هل ان الشاعر بالضرورة زعيم ايديولوجي ولديه مشروع تغيير عظيم ويقود الجماهير؟

الشاعر انسان موهوب لديه قدرات فنية في نظم الكلام على شكل شعر؟

ثم انه انسان يحتاج هو وعائلته الى لقمة العيش والى الأمان.

كذلك فهو حُر في ان يمنح ولائه لمن يريد ولمن يحب وبالشكل الذي يريد شأنه شأن باقي الناس..انه انسان حر!!

هو لم يأتي بعقيدة او منهج (مثل الانبياء) وعندما يخون عقيدته ، نقوم نحن بالاحتجاج والانتقاد الشديد!!

هل ان نظم الشعر (في نظرنا) هو التزام عقائدي ام انه مهارة

وموهبة يمكن توظيفها لمختلف الأغراض؟

اعتقد شخصياً ، ان الالتزام بقضية او موقف يعتبر موضوع يتعلق بالحرية الشخصية ، ومن حق الانسان ان يلتزم او لايلتزم.

فاذا كان ذلك الانسان / الشاعر ملتزماً ، انعكس ذلك على شعره

واذا كان انساناً لايملك سوى موهبته الشعرية ، فنحن نكتفي بالاستمتاع بشعره الجميل الذي يصاغ لاغراض مختلفة كالغزل والسياسة والحزن والمديح والرثاء الخ....

ولايحق لنا اجباره على الالتزام ..

ثم كيف له ان يلتزم بموقف يرضى عنه الجميع؟؟

اذا كان يسارياً فسوف يُغضب اليمينيين واذا كان يمينياً يحصل العكس!!!

نحن نقسو على هؤلاء ونريد منهم ان يكونوا كائنات خرافية لاتخشى من سطوة الحاكم ومستعدة للتضحية بكل شيء ولاتحتاج الى المال والأمان وان تكون كما نشاء نحن لها!!

نريدهم ان يحققوا مانعجز عنه نحن!!

التاريخ الحديث يروي لنا حكايات عن شعراء غارقين في السفالة لكنهم كتبوا اجمل الاشعار وعن مطربين وملحنين يعيشون حياة دونية لكنهم قدموا لنا اجمل الاغاني التي نرددها رغم رحيلهم ...

الحياة الخاصة منفصلة عن الموهبة ..

الشاعر ليس نبياً ولا ملاكاً ...

***

د. صلاح حزام

تناولت عشائي على عجل ثم تمددت في فراشي متعبا، وبعد هنيهة أحسست بأن السرير يميل بي ذات اليمين وذات الشمال، والأرض تهتز وترتعد.. فقفزت من فراشي كأن أفعى سامة لذغتني، ثم غادرت الغرفة مسرعا، وما إن اقتربت من النوافذ المطلة على الشارع حتى رأيت الناس زرافات ووحدانا فارين من بيوتهم، وصراخهم ملأ الزقاق كله.. كنت أسعى إلى النجاة، فاقتربت من الباب لأفتحه، ولكني وجدتني قد أغلقت الباب الخشبي وحتى الحديدي، لتبدأ حكاية البحث عن المفتاح، ذاك المفتاح الذي يبدو لي منفذ نجاة، ذاك المفتاح المألوف لدي صار مجهولا... ارتجت أمعائي لما قيل لي إنه زلزال، خفت قليلا، وتملكني العجب والذهول، واضطربت حتى كدت أرى الملجأ في النافذة. بيد أني ما إن رأيت تلك النظرات الصغيرة، نظرات العيون المشعة بالبراءة والاستغراب؛ لأنها صغيرتي استيقظتْ فزعة خائفة على وقع الأمور التي اضطربت حولها، والعويل والضجيج اللذين ملآ المكان.. تمالكت نفسي وأمعنت النظر في المفاتيح حتى ألفيت المفتاح الذي نسيته بسبب الخوف والاندهاش، ففتحت البابين، وألفيت جاري وأبناءهم مضطربين، وقد علا الخوف ملامح وجوههم، وأخذ بريقه يشع في أعينهم.. وما هي إلا لحظات قصيرة حتى غادروا البيت جميعا، وتركوه خاويا إلا من الأثاث والفراش، ثم توجهوا نحو الزقاق حيث تكدس سكان الحي.

أما أنا فقد حملت صغيرتي، وأخذت أفكر رفقة أهلي في الخروج، وما إن وطنت أنفسنا على ذلك حتى بدأت الأرض تعود إلى سيرتها الأولى.. فأخذت أنظر إلى الثريا المعلقة في سقف إحدى الغرف، فوجدت مصابحها الصغيرة تتحرك بقوة، وتصدر صوتا ينذر بأن كل الأشياء المعلقة في البيت ساقطة لا محالة.. ولكن الله تعالى لطف بنا؛ لأنه عالم بأننا كائنات ضعيفة: تدعي القوة وهي أضعف خلق الله.

خفت لأني قرأت بعضا مما كتب حول ظاهرة الزلازل باعتبارها ظاهرة طبيعية، ولكني لم أعش لحظة الزلزال يوما، لم يسبق لي طوال السنوات الماضية أن أحسست بالأرض تميل بي يمينا وشمالا، لم أعش هذه التجربة في ما مضى، لذلك تملكني الخوف والعجب، وأخذت أنظر إلى الناس في ذهول وشرود.. رأيت في نظراتهم الخوف، لكن من ماذا؟

يخاف الناس من الموت، وهذه طبيعة محفورة في النفس البشرية، هذه النفس التي تتشبت بالحياة حتى الرمق الأخير؛ لأنها تعشق الحياة كثيرا، ومتعطشة لعيشها طولا وعرضا في كل الأحوال والظروف.

بدأ الهدوء يعود إلى النفوس الوجلة، والحركة الصاخبة في الخارج تضعف شيئا فشيئا، فيدأ الناس يعودون إلى منازلهم، وتتملكهم الحيطة والحذر والترقب.. حملت هاتفي وأخذت أتصفح مواقع التواصل الاجتماعي، فعلمت أن الزلزال قد زار أغلب المدن المغربية، وأن بؤرته أو نقطة انطلاقه هي منطقة في الحوز، وأن هناك أخبارا تقول بأن نسبة الزلزال بلغت 7.1 على سلم ريتشر، وأنها درجة خطيرة وقوية حسب هذا السلم العالمي، فتملكني حزن وخوف شديدين... تذكرت أهلي وكل من يعيشون في مناطق الهشاشة؛ لأن بيوتهم بنيت بالتراب ولا قاعدة صلدة لها، فخطر لي خاطر أخافني كثيرا.. حاولت الاتصال بهم، بيد أن خط الاتصال متوقف، وبعد محاولات عديدة، تمكنت من ربط الاتصال بهم، فبلغ سمعي كلام أخي الصغير يخبرني أنه كان نائما في سطح البيت، وأن باقي أهلي جالسون في الأسفل، فسألته عن حال البيوت والمنازل هناك؛ لأني أعرف جيدا مادة بنائها ومدى هشاشتها وضعفها، فأخبرني أن ثمة جدارا قد انشق، ولما تحدثت مع أمي وأختي وجدتي، واطمأن قلبي عليهم، أخبروني أن سكان القرية جميعهم قد غادروا منازلهم الهشة، وتجمعوا في أماكن عمومية.. حاولت قدر الإمكان أن أقنع أهلي أن لا يخافوا، وأن الأمور قد مرت بخير، بيد أن هناك من ساق لهم معلومات ترهيبية، فزرع الرعب في نفوسهم، لذلك أصروا على أن ثمة هزات وترددات أخرى آتية لا محالة، فاختلفوا بين من يقول إنها ستحدث في الواحدة والنصف من تلك الليلة، ومن يقول الساعة الثانية أو الثالثة.. آلمني حال جدتي المريضة؛ إذ غادر الجميع وبقيت وحيدة في البيت، وقدماها لم تسعفاها للفرار، فظلت في مكانها خائرة القوة.. طلبت الحديث معها محاولا تهدئتها وطمأنتها، بيد أنها مصرة هي الأخرى على أن الزلزال سيعود إن عاجلا أو آجلا.

تصفحت مواقع التواصل الاجتماعي مرة أخرى، فهالني ما تعرضت له مدينة مراكش والمناطق المجاورة لها.. أناس كثيرون فقدوا حياتهم، وآخرون قابعون تحت الأنقاض يلفظون أنفاسهم في صمت.. تألمت وتأسفت لحال ساكنة مولاي إبراهيم، هذه المنطقة التي لم تشف جروحهم بعد من فيضان جرف البشر والحجر والشجر.. اخترق أذني نداء شاب من سكان المنطقة وهو يستنجد السلطات، يطلب منهم سيارة إسعاف أو مروحية عسكرية تنقذ الأشخاص الذين تم انتشالهم تحت الأنقاض، لكنه يصرخ بأنهم لمدة ساعة وهم يطلبون النجدة ولا من يمد لهم يد العون.. فتساءلت في مرارة عن السبب الذي يحدث هذه الفجوة السحيقة بين المسؤولين والمواطنين؟ هل سببها انعدام المسؤولية، أم اللامبالاة وعدم الاهتمام؟ أم أن هناك سببا عميقا نتج عن فقدان الثقة التي باتت تملأ نفوس المواطنين؟

لفت انتباهي شيء آخر قد يبدو تافها بسيطا، ولكنه ليس كذلك في حال الكوارث الطبيعية التي تحل بالبلاد.. ففي اللحظة التي ينتظر المواطنون معلومات رسمية موثوقة من قبل المراكز العلمية المكلفة، نتفاجأ ببلاغات وبيانات تصدر باللغة الفرنسية، قد يفهمها الذين يعرفون الفرنسية، ولكننا نعلم أن الغالبية العظمى من المواطنين المغاربة لا يعرفون ولا يفقهون اللغة الفرنسية.. وهذه أزمة أخرى تضاف إلى الأزمات التي تقتل سبل التواصل والحوار بين الجهات المختصة والمواطنين.

تأتي حاجة المواطنين إلى المعلومات الرسمية حينما يكثر القيل والقال، ويأخذ الجاهلون الآفاكون في نشر معلومات مغلوطة بين المواطنين، الشيء الذي ينتج عنه خوف وهلع لديهم، ومن ثم تضاف إلى خطورة الزلزال خطورة الاضطراب بين المواطنين.

لم أستطع النوم ليلة أمس، فأخذت في تصفح مواقع التواصل الاجتماعي، ومتابعة المقابلات الإعلامية المباشرة التي تحاول أن تنقل ما يبلغها من معلومات، وأن تطلع الرأي العام المغربي والدولية على الخسائر المادية والبشرية في المغرب.. إلا أن النوم قد تملكني، فتبدد الخوف من نفسي، وما إن استيقظتُ صباحا حتى أخذت في متابعة ما استجد من أخبار ومعلومات في وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية، فأحزنني عدد الموتى والمصابين في وطني، والخسائر المادية التي لحقت بالعمران في أماكن محددة في البلاد.

وفي هذه المناسبة الأليمة، أعزي نفسي والشعب المغربي، وأسأل الله تعالى أن يرحم أمواتنا ويشفي الأحياء المصابين، ويحفظ بلادنا من الإحن والمحن، وينعم عليها بالأمن والخير والاطمئنان.

***

محمد الورداشي

هل نرغب فعلا في ديمقراطية وعدالة اجتماعية؟ هل ننشد بلدا تعمه الحرية، وحياة كلها عزة وكرامة؟ ألم نتكيف مع القهر حتى صار مألوفا؟ ألم نتأقلم مع الظلم حتى صار من بديهيات حياتنا؟ ألم تتحول الساحات والميادين إلى اماكن للتجمع من أجل الهتاف والتصفيق، التنديد والتنضيد، وامتصاص الغضب الذي قد يفتح كوة في قفر الزمان، ليتحرر الوقت المتجمد في المقاهي وعلى الارصفة؟

الا نعود إلى بيوتنا بعد كل تظاهرة احتجاجية في اقصى درجات النشوة بعد صرخات رفعناها في وجه الريح، لتتناثر على حدود الكون، كانما نقدمها عربون تواطؤ مع الفساد المستشري، مع الظلم المستتب، ومع الليل الطويل الذي لا ينجلي، ونحن لا ندرك اننا ننتشي بانتصار الهزائم فينا، كلنا متواطئون، لا استثنيني منكم  أحدا ولا استثنيني …كلما تجلت الحقيقة عارية رجمنا النهر.. ولعنا الظلال الطافحة بالقهر.. الرياح المعاكسة لأمان سخيفة لا تتعدى مقعدا في مقهى.. وسيجارة رديئة تشعرنا أنا مازلنا على قيد الموت.. ننتشي بالمآسي..  ونرقص على نواح الفقد. على وجه الماء..  ترتسم الحقائق الفاضحة.. ونحن عرايا الا من الخبث.. من نوايا سيئة تستلذ انهيار الاخر..  ولعنات الدهر التي تشعرنا بأنا اخوة في الوهن، اشقاء في الذل.. في رحلات كر وفر.. بين امس ممعن في الصمت وغد ماهر في الهروب.. كلما هاجمنا التاريخ بحكاياته المحبوكة باساطيره المنسوجة على مقاس الصبر.. تداعت الجغرافيا معلنة رفضها تناسُلنا المضطرد.. تكاثُرنا العشوائي.. وتأففنا من البرق والرعد من العواصف التي تعري سوأة أولي الامر.. العقارب التي تقوم بدورها على اكمل وجه.. حتى ازعجت الجماجم المتخمة بالرقص.. السهرات الباذخة باللامبالاة.. والليالي الحمراء التي تتلألأ في سمائها نجوم استخفاف، واقمار استغباء.. كما تتلألأ في سمائنا ارواح قتلانا، اشلاؤهم المتناثرة.. ابتساماتهم المغتالة، على حين غرة..  ومخاض القبائل ينجب الموت توائم، مثنى وثلاث.. هكذا صرنا معلقين معتقلين.. بين دمع الحق وانياب الباطل.. نتآلف نتخالف ونتحالف.. على الاجساد طحالب تتراكم.. هزائم تتزاحم تتراحم.. ودموع تحفر طريقا على خد الوطن.. استسهالا لمرور السفاحين الجدد.. المستشرفين لانهياراتناالقادمة.. المخططين لميتات متنوعة.. وهجرات مختلفة تشتت الملتئم تحت قبة الوطن .. منذ الف عام وعام واصوات الرماح تشق الجباه كلعبة يتنافس فيها الذئاب والثعالب عند الانتهاء، يتسلم الاسد الغنيمة ونصفق نحن للهزائم المتراكمة. كلما ضاق صدر الصمت.. رسم على الجدران احلاما معاقة تقودنا توا نحو رابية الجهل.. هناك نرتوي حتى يصبح الانسان كومة هم .. شعب يزن البشر بميزان الجزار.. يقيسه بمقياس الخياط ليعرف كم مترا ستحتاج تكاليف الدفن..  لن تطلع عليه شمس وان تجلت في الافق.. هي بعض رؤى مغرضة تثبت أنا مجرد هياكل اثقلها الصدأ وامثالنا الشعبية التي تغلغلت في بوصلة الراس=سير الحيط الحيط حتى يبان الخيط.

والمخيط فقأ عين الحلم .. كلنا متواطئون ظالمون ومظلومون. كلنا جاهلون علماء، فلاسفة.. وشعراء الزمن المغبون. كلنا مازوشيون بالفعل، بالحديث وبالخيال المربوط إلى كعب فتاو طازجة وخطابات معدة كما الاكلات الجاهزة تسمن الاجساد، وتغلف الوعي بحكايا أمنا الغولة .. حتى ينام الغضب مطمئنا على سرير التسويف والتصفيق. كلنا ساديون.. نرقص على الجراح ونستلذ مشاهدة الدماء .. نتبادل فعل التعذيب شهوة، هواية، غواية وفي الزوايا نرسم لوحات سريالية طمسا لحقائق لا يفك لغزها الا الراسخون في الحقد، في الكراهية في ادوار تمنح الشر مشيمة تقودنا جميعا نحو الهاوية.. كلنا، كلنا متواطئون.. لا استثني منكم أحدا ولا استثنيني..  الاحلام تعفنت الاشجار اصابها العقم ولن تورق بعد.. الطيور تشردت على اطراف الكون بلا اعشاش صارت حتى اصبح اصطيادها سهلا في متناول كل ذي رصاصة طائشة.. مقلاع متين.. أو عقرب متعطش للدماء البريئة .. ونحن في نفس الباحة نرقص رقص الدراويش.. دورات حول النفس لا أحد يخرج عن الايقاع وإن كنا ندرك جميعا أن الدف مثقوب.. والعود مقطوعة أوتاره

***

مالكة حبرشيد - المغرب

قطبان متنافسان بقيادات متعددة

انتهى مؤتمر منظمة البريكس في 24 أغسطس الماضي، وقد شارك فيه أكثر من أربعين دولة، تمت دعوتها للحضور، من قبل جنوب افريقيا، الدولة المضيفة، ورفضت الصين حضور الرئيس الفرنسي، وطلبت إبداله بوفد فرنسي أقل مستوى. تأسست منظمة البريكس عام 2006 من قبل روسيا والصين والهند والبرازيل، لاحقا بعد عدة سنوات انضمت إليها جنوب افريقيا. لم تكن هذه المنظمة هي الوحيدة التي عملت كل من روسيا والصين على تأسيسها بدءا، بل عملتا على تأسيس اتحاد أوراسيا ومنظمة شنغهاي، لكن هذه المنظمة هي الأكثر وجودا وتأثيرا في الفضاءات الدولية، لجهة الاقتصاد والمال والتجارة والأعمال، وما إلى ذلك، لتقليص احتكار الغرب وأمريكا لها.

واللافت أن بين الدول المؤسسة لبريكس، خلافات أكثر مما بينها من التوافقات والاتفاقات؛ ولكن تجمعها مشتركات كثيرة في الوقت ذاته، ولكل منها على حدة؛ شراكاتها وعلاقاتها مع الدول المؤثرة الأخرى في المجال الدولي، (أمريكا والاتحاد الأوروبي)، أو في المجالات الإقليمية. وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية، قال عنها عشية انعقاد مؤتمرها؛ إن الخلافات بينها أكثر من التوافقات، أما وزير خارجية روسيا؛ فقال بأن المنظمة ستقوم بقبول الدول التي تتمتع باقتصاد صاعد وواعد، واستقرار داخلي، وتأثير في الفضاءات الدولية. وفي نهاية المؤتمر تم الإعلان عن دعوة عدد من الدول للانضمام إلى المنظمة بداية من العام المقبل؛ وهي إيران والأرجنتين ومصر والسعودية والإمارات وإثيوبيا، فيما تم رفض طلب الجزائر ودول أخرى. وفي الخطاب المتلفز للرئيس الروسي بوتين للمؤتمرين؛ أشار بوضوح إلى أن إنهاء العمل بالدولار أمر لا رجعة عنه، ودعا إلى اعتماد عملة موحدة لدول المنظمة. إن ما يجمع دول البريكس هو الاقتصاد حصرا في المرحلة الحالية، وربما يتطور الوضع حتى يصل إلى الجانب السياسي في المستقبل. والخلافات لا تمنع التعاون المثمر بينها؛ للتخلص من هيمنة أمريكا والغرب على الاقتصاد العالمي، بإيجاد هيكل اقتصادي ومالي وتجاري بديل، كبداية ومرحلة أولية، لكن تضخيم دور هذه المنظمة في الاقتصاد العالمي أمر سابق لأوانه، لأن الطريق سيكون محفوفا بالمخاطر، التي ستسببها الولايات المتحدة، لكسرها وتفتيتها، ووضع الكثير من الحفر والمطبات في طريقها. إن سعي كل من الصين وروسيا والهند بدءا؛ في العمل على تأسيس هذه المنظمة؛ هو تأمين الموارد المعدنية، أو موارد الطاقة، إضافة الى فتح الأسواق في الدول المُنضمة إليها، أو التي ستنضم مستقبلا، بالإضافة إلى خطط الصين الطموحة في (الحزام والطريق). هذه المنظمة إذا ما كتب لها التوسع والنجاح ستشكل نقلة نوعية في النظام العالمي، وستكون الأساس في إيجاد عالم متعدد القيادات، بقطبين متنافسين، وتنقل ثقل التنمية والتطور إلى الجنوب وتنزع من الشمال بدرجة ما الهيمنة التي استمرت لأزمان مديدة، بل إن الشمال سيكون حينها القطب الآخر الموازي، لا المتراجع، كما يروق للبعض تصويره. هذا التطور وهو بكل تأكيد سيخدم دول العالم الثالث، بما فيها الدول ذات الاقتصادات الواعدة أو الناشئة، أو الدول ذات الاقتصادات الأقل نموا وتطورا، لكن هل يخلو التحول المرتقب من الصراع حتى بين الدول المنضوية تحت الراية الاقتصادية والتجارية والمالية للبريكس؛ بكل تأكيد أن هذا التحول سيؤدي إلى صراعات وتنافسات على صعد الاقتصاد والتجارة وغيرهما من قبيل المشاريع الاستثمارية، وغيرها الكثير. كما أن دول المنظمة لن تضع جميع بيضها في سلة البريكس، بل ستضع قدما هنا وقدما هناك. كما هو حال السعودية ومصر والإمارات، وكما هو وضع إيران التي تخوض منذ أكثر من سنة مفاوضات سرية مع أمريكا، وفي هذا الصدد نؤكد، كما تناقلت وسائل الإعلام الروسية والإيرانية؛ أن البعض من مسؤولي إيران؛ دعوا مؤخرا إلى بناء علاقة سليمة مع أمريكا؛ لأن هذه العلاقة؛ ستخدم وتفيد إيران. وكما هي علاقة الهند مع الصين.. فالصين هي العمود الفقري لهذه المنظمة، ولها طموحاتها البعيدة سواء في تأمين الحصول على الموارد من دول العالم الثالث أو الدول الأخرى كروسيا مثلا، وعلى فتح الأسواق لمصانعها. هنا يكون العالم متعدد القيادات في المستقبل.. إنما ليس متعدد الأقطاب، بل الصحيح هو أن العالم في المستقبل، سينقسم الى قطبين متوازيين ومتنافسين بقوة وشراسة من دون صراع عسكري وما إليه، باستثناء حروب الوكلاء؛ هما القطب الأمريكي والقطب الصيني؛ على قاعدة تأمين الحصول على الموارد.. وفتح الأسواق. من الطبيعي أن ما يفرضه هذا التنافس بين القطبين؛ أن تكون هناك مساحة نفوذ وشراكات وحلفاء لناحية السياسة الأمريكية لا الصينية، فالصين ليس في وارد سياستها صناعة الحلفاء، بل إقامة الشراكات، ومشاريع استثمارية واسعة في العالم، شماله وجنوبه، والجنوب سيأخذ في توجهات الصين المساحة الأكبر. بمعنى أكثر دقة وتوصيفا لواقع الحال؛ قطب شمال الكرة الأرضية، القطب الأمريكي الذي ستكون له عدة قيادات تحت عباءة القطب الأمريكي؛ فرنسية وألمانية ويابانية واسترالية وكندية، وربما غيرها، تبحث عن مصالحها حتى إن تقاطعت جزئيا مع الاتجاه الأمريكي، لكنها تظل داخل هذا القطب؛ لمصالحها الجيوسياسية، التي تؤمّن لها مساحات لحركتها الاقتصادية والتجارية والمشاريع الاستثمارية والأسواق والموارد. أما القطب الصيني، الذي سيمثل جنوب الكرة الأرضية؛ فستكون تحت مظلته؛ عدة قيادات دولية ذات ثقل كبير، لكن ليس بثقل وقوة نسيج الخيمة الصينية، أي بمستوى مشاريع الاستثمار الصيني في مختلف الصعد، الفرق بين اقتصادات هذه القيادات الدولية، واقتصاد الصين؛ كبيرا جدا، وبأرقام فلكية، وهذا هو الذي يجبرها على الانضواء تحت الفضاءات الاقتصادية الصينية، حتى إن كان هذا لا يناسب طموحاتها، وأقصد تحديدا روسيا والهند. أمريكا تتراجع بالفعل، ولكن ليس إلى الدرجة أو المستوى الذي يجعلها تفقد مساحات نفوذها بصورة كلية في المستقبل. كما أن دول الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى أمريكا، ليس فقط لضمان الأمن والدفاع عنها في وجه طموحات روسيا بوتين، بل إن اقتصادات دول الاتحاد الأوروبي؛ متداخلة ومتشابكة مع الاقتصاد الأمريكي بطريقة من الصعوبة تفكيكها، كما يقول خبراء الاقتصاد. كما أن دول الاتحاد الأوروبي؛ بحاجة إلى أمريكا في المجال الجيوبوليتكي. أمريكا بسياستها وقوة اقتصادها وحتى ماكنتها العسكرية وتحالفاتها وشراكاتها في المحيطين الهادئ والهندي ودول المنطقة العربية، وغيرها من بقاع العالم؛ تتفوق كثيرا جدا على قوة الاقتصاد الأوروبي، وعلى ماكنة دول الاتحاد الأوروبي العسكرية؛ ستساعد بطريقة أو بأخرى حلفاءها على تأمين المساحات الضرورية؛ لإدامة تحركاتها الاقتصادية والتجارية والاستثمارية في دول الجنوب والشمال على حد سواء؛ لأن الاتجاه الأمريكي حينها، ضروري وأمر لا بد منه؛ لاستمرار الحلف بين هذه الدول وأمريكا؛ في تخادم مصلحي متبادل؛ في الصراع التنافسي مع القطب الصيني جنوبا. إن جميع دول البريكس؛ اقتصادها اقل كثيرا جدا من الاقتصاد الصيني، بما في ذلك روسيا والهند والبرازيل وجنوب افريقيا، بالإضافة الى الدول الأخرى من دول البريكس، لذا لن تشكل قطبا موازيا ومتنافسا مع القطب الأمريكي من دون الغطاء الصيني، وستكون قيادات في القطب الصيني، أي يكون لها موقف ورأي في صناعة القرارات داخل أروقة البريكس. الصين كما يصفها خبراء الاقتصاد؛ مصنع العالم الذي يصنع السلع الرخيصة، التي تحوز تقنيات الجيل الخامس، كما أنها ستقدم لدول العالم، ومنها بل أولها دول البريكس؛ مشاريع استثمارية قليلة التكلفة بلا شروط سياسية. هذه القوة في الاقتصاد والمال والتقنيات الحديثة؛ وجودها في دول البريكس مثل روسيا والهند والبرازيل قليلة جدا، بما لا يقاس مع القوة والقدرة الصينية، ما يجعل الصين القطب المنافس للقطب الأمريكي. عليه فإن الصراع التنافسي سيكون مستقبلا بين القطبين الصيني والأمريكي، مع إعادة هيكلة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي؛ بإضافة أعضاء جدد للأخير. سوف لن يكون للأيديولوجيا تأثير ووجود، إنما التأثير الوجودي الفعال والعميق؛ سيكون للثورة المعلوماتية، وقوة الاقتصاد والمال وتكنولوجيا المعلومات فائقة الذكاء..

***

مزهر جبر الساعدي

لا ينكر احدا ان التدخل الروسي هو الذي انقذ النظام السوري الذي كان قاب قوسين او ادنى من السقوط، وبالتأكيد الدعم الايراني ومقاتلي حزب الله اللبناني، انحسر وجود الميليشيات التي تقاتل النظام في شمال غرب سورية بدعم تركي اما شرق الفرات فان امريكا تدعم ما يعرف ب(قسد) الانفصالية للحيلولة دون التوغل التركي في المنطقة لغاية في نفس امريكا لان سياساتها لم تكن متوائمة مع سياسة اردوغان الذي حاول ان يجعل من تركيا قوة اقليمية،خاصة وان ادارة ترامب عملت جاهدة على اضعاف الليرة التركية فهوت الى الحضيض ،ايا يكن الامر فتركيا لا تزال عضوا نشطا في حلف الناتو الاستعماري رغم تقاربه مع روسيا لأجل تحقيق مصالحه في ان يكون له دور اساسي في الاحداث الجسام التي تطبق على المنطقة.

السويداء ذات الغالبية الدرزية، تشهد مظاهرات للأسبوع الثالث على التوالي، ولم يتم قمعها من النظام او من داعميه، أ لا يدرك الدروز ان المشكل الاقتصادي وغلاء المعيشة بسبب التدخل الخارجي في الشأن السوري على مدى 12 سنة وان النظام ليس باستطاعته تحسين الوضع الاقتصادي طالما استمر التدخل الامريكي في شرق البلاد والاستحواذ على مقدرات البلد النفطية حيث يقوم الامريكان والفصائل التابعة لهم ببيع النفط والاستئثار بعائداته،أ ليس من واجب الدروز ان يساعدوا النظام في تحرير البلد من امريكا وتركيا والفصائل الموالية لهم؟ انهم بهذا التظاهر يشقون الصف الوطني ويساهمون من حيث لا يدرون  في تقويض سلطة النظام أي المساهمة في تفتت الدولة الذي يسعى اليه كافة المتدخلين رغم اعلانهم انهم يريدون الحفاظ على وحدة التراب السوري.

هل وجود هذه البؤر التي تقض مضجع النظام تغاضى عنها الروس لان النظام السوري لم يجاري الروس في التطبيع مع تركيا؟ وهي اساس المشكل السوري، فعبر اراضيها دخل الاف المرتزقة وهي التي اشرقت على تكوين مجموعات مسلحة تقاتل النظام فكي للنظام ان يطبع مع تركيا فهي وعملاءها يحتلون مساحات من الشمال السوري، طلب النظام من تركيا بان تسحب قواتها من سوريا ووقف دعمها للفصائل المسلحة حق مشروع، قبل التطبيع وان كان الاتراك يتخوفون من قدوم المرتزقة اليهم فالحقيقة انهم من ادخلوهم  الى سوريا،ا لا يمكن لتركيا ان كانت جادة في حل المشكل السوري ان تساعد النظام في القضاء على التشكيلات المسلحة ووقف دعمها؟.روسيا ترى في تركيا المتنفس الوحيد على البحر المتوسط ،فبإمكانها قفل المنفذ الى البحر المتوسط امام التحركات العسكرية الروسية وبالتالي تفقد عملية امداد قواتها بسوريا..

ايران تلوذ بالصمت، ربما لأجل مهادنة امريكا وغيرها للإفراج عن الاموال المجمدة لديها والاستفادة منها، وربما وجدت ان النظام السوري الحالي يشكل عبئا عليها فتريد التخلص منه وان على مراحل ومحاولة التقرب الى بقية الكيانات العرقية والسياسية التي استحدثت بفعل الحرب واظهار نفسها على انها تقف على مسافة واحدة من الجميع لكي تضمن لنفسها موقعا متميزا ان سارت الامور نحو التهدئة والحلحلة؟.

كافة الدول العربية احدثت لها قلاقل داخلية عرقية واقتصادية لئلا تقوم بمساعدة بعضها البعض، وهذا ما يريده الغرب الاستعماري واذنابه.

ويبقى القول بانها لعبة المصالح التي تتحكم في التحالفات الدولية، أما المبادئ فلم يعد لها وجود لدى غالبية متصدري المشهد بالمنطقة.

***

ميلاد عمر المزوغي

غباء: عدم الفطنة، بلادة، جهل، غفلة.

ليس المقصود معامل الذكاء ودرجاته، فالمقياس الذي بني عليه التعريف، هو خواتم الأمور، فنهاية الحالات تحدد درجة الغباء الفاعلة فيها، وهذا ينطبق على الأفراد والجماعات، والدول والأمم والإمبراطوريات.

فالغباء آفة تنخر جوهر الموجود وتسقطه أرضا ليكون طعما للتراب.

دول الأمة أبتليت بقادة أغبياء، منذ بداية القرن العشرين، ولا يُستثنى أحد مهما توهمنا، وركبنا صهوة العناد والكبرياء الفارغ، فما آلت إليه دولنا كان بسبب قياداتها،  التي أكدت سلوك الغباء، ففعل بوجود الأمة ما فعل.

أكثرهم بلا مهارة قيادية، ولا حكمة وتبصر، ونظرهم قصير، ويفتقدون قدرات رؤية مآلات الأمور وتداعيات ما يقررون، ومن السهل إيقاعهم في المطبات والحفر، ليتم سحقهم ودفنهم وإيصالهم إلى سوء المصير، كأنهم لم يكونوا كما كانوا قبل حين.

أنظروا نهاياتهم وبموجبها قرروا مستويات غباوتهمم، وعجزهم على التفاعل الواعي مع عناصر ومفردات  دولهم، التي أوجدتها الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى، وتقاسمتها على أنها فرائسها وغنائمها الحلوب.

خذوا أي دولة وستكتشفون قوة الأفعال الغبية، التي أفرغتها من طاقات وجودها العزيز، خدعونا بقادة كثر وعندما سقطت الأقنعة تبين المستور.

والعلة أن كل أمة تلعن أختها، فتجد دولنا في دوامات متماحقة من تغيير الأنظمة، وما هي إلا تسلطات فئات على أوطان يتحقق إفتراسها بنهب ثرواتها من قبل أبنائها المغفلين، وبهم يدوم الإستعمار وتتوارد الأرباح إلى ديار الطامعين.

فمسيرة قرن أو يزيد، تؤكد مآلات الأموال في دول الأمة، فما دامت مستعمَرة ومخنعة بأنظمة حكم  مسوّقة، بأساليب متطورة للضحك على الأجيال ومصادرة مصيرها، فلن تقدم شيئا ولن يعم الإستقرار والأمان والرفاه.

فالقوى الطامعة تشجع الفاسدين والعدوانيين والمجرمين، وصارت تستعمل الدين للقضاء على الدين وأهله، فما أسهل شق الأمة وشرذمتها بإسم الدين، فكل دجال يقول أنا صاحب الدين القويم وغيري من الكافرين، وكل يعتصم بأمارة السوء التي فيه!!

فهل من فعل ذكاء مبين؟!!

***

د. صادق السامرائي

تعتبر جماهير كرة القدم عنصراً فاعلاً في دعم مؤشر الأداء ورفع المستوى المأمول من المواجهات في مختلف اللقاءات الرياضية، وعلى رأسها الكروية، وذلك من خلال تنشيطها لوتيرة الحماس والإثارة والتشويق والإمتاع التي تُضفيها القواعد الجماهيرية الكبيرة على التنافسيات الرياضية، كما هو حال مع الجمهور الفاسجديدي الذي ينشد الفوز لفريقه الوداد الرياضي الفاسي، والذي لم يتخلّ قط عنه، أو ييأس منه، حتى في أحلك الأوضاع،وبقي خلفه يقاوِم - كركنٍ رئيسيٍ ومُكملٍ للمنظومة الكروية - في كل اتجاه، تيارات التراجع والهوان التي أصابته في فترة الشدة وظروف العسر، وزمن قساوة الكفاح، التي لم يتركه فيها وحيداً يصارع من أجل إعادة النهوض واستعادة البريق والانتشاء بالقدر الأكبر من الحضور وفرض التواجد على منصات التتويج، وغيرها من الآمال التي قدمت من أجلها الجماهير "الوافوية" أجمل صور الوفاء وأكبر التضحيات التي توازي ما تحمله قلوب عشاقه من الحب والتقدير، الذي ظهر جليا في الاحتفال الحماسي المنقطعة النظير الذي خصصته الفاسجديديون للإنجاز الثمين والمشرف الذي افتتح به فريقهم الموسم برسم الدورة الأولى من منافسات البطولة الاحترافية القسم الثاني على حساب نادي أولمبيك اخريبكة بهدفين مقابل هدف واحد ؛ الانجاز الذي تمنت فئات عدة -من المقتنعين والمنسجمين مع والوقع الذي لا يمكن أن يخرج من محيطه - أن يتواصل بالفوز - ضمن الجولة الثانية من منافسات البطولة الاحترافية في قسمها الثاني – الذي يرزح تحت ضغط منطق كون سقف التوقعات دائماً ما يتجاوز حدود الأمنيات، وأن الآمال والرغبات المتعطشة لتحقيق الإنجازات والانتصارات، لا تحدث إلا بالإرادة القوية الطامحة في تجاوز الكبوات والقطع مع البدايات المتعثرة المتكررة التأزم الذي عاش "الواف" دوامة مراراته المتعاقبة خلال جولات المواسم السابقة، وما خلقته من جدلٍ كبيرٍ أثر على انتصاره الأخير والمهم، الذي لوحظ في أعقابه، أنه بقدر ما أفرح محبيه وأسعدهم، بقدر ما دفع بغالبيتهم للالتفاف حول مشاكله، ودفع بهم لرفع عصا الملامة على المسؤولين المعنيين بتسيير ناديهم العريق، واستفهامهم عن أسباب تقاعسهم عن استغلال مقومات النجاح الحاضرة، وتهاونهم في وضع قوائم الأولويات والاختيارات المناسبة وتوفير المتطلبات والمعطيات اللازمة وتسخيرها بالشكل الذي يؤدي إلى النهايات المحمودة والهادفة لتعديل صورة الفريق وتحسينها، ومطالبتهم بالاستغلال والتوظيف الأمثل للممكنات والقدرات المتاحة، التي يستطيع الفريق أن يقارع بها  منافسيه خلال مشوار هذا الموسم والمواسم القادمة .

وإني هنا لا أشيد بالجمهور "الوافوي" باعتباري فاسجديدي تغمره فانتازيا "توافوييت"-إن صح التعبير- لكنه التأثر بالواقع كما وضح لي، هو الذي أثار عندي الاستغراب والإعجاب الكبيرين بعظمة وفاء هذا الجمهور المتميز، وكيف لم تسليه لحظات الفرحة بالفوز ...عن واجب القيام بواجب الاهتمام بقضايا التسيير التي ما زالت تدور في مسارات متعرجة لا تقود إلى النهايات السليمة التي ينشدها الحالمون والمتطلعون للمستويات عالية في الأداء والنتائج، و تنبيههم لبعض القرارات والسياسات التي كانت وراء معاناة السنوات القاحلة و لم تتغير، رغم أنه لم تُجن منها ثمرة واحدة.

هنيئا للوداد الفاسي بالانتصار وبجمهوره .

هوامش: "توافيت" نسبة إلى مجمل أشكال السلوكات والممارسات الإيجابية، المبنية على القيم الأخلاقية، والقناعات الفكرية، والمواطنة الإيجابية والهوية المواطِنة، والمواقف السياسية، التي تميز محبي "للواف" التي هي تصغير للوداد الرياضي الفاسي، أحد أهم وأقدم فريق كروي لمدينة فاس بالمغرب

***

حميد طولست

كلمات هذا الجزء: " خرخاشة - خصّ – خشالة – خش - خمط - خيخة –لاو-لبچ -لخم -لگن -لوتي -مترهي - مچعة". شكرا لكم مقدماً على تعليقاتكم انطلاقا من لهجاتكم العربية الجميلة تصحيحاً وإضافة... سيكون ترتيب الفقرات أدناه كما يلي: رقم الفقرة ثم الكلمة كما تلفظ في اللهجة العراقية ثم علامة مساواة وبعدها لفظ الكلمة في اللهجة المندائية بين قوسين ثم معنى الكلمة في المندائية فمعناها في العراقية فرأيي الشخصي بهذا التخريج مع التوثيق المعجمي:

499-خرخاشة =(كركشتا) وتعني في المندائية جرس ولعبة أطفال. في العامية هي لعبة للأطفال صغيرة تحدث صوتا حين يتم تحريكها بحركات متتابعة هزّا. والكلمة عربية أخذت تشبها بالخشخاش الذي يحدث صوتا واضحا عند قضمه أو حين تصطدم ثماره الجافة ببعضها ومنه جاء صوت "خشخشة السلاح". وفي المعجم الوسيط نقرأ (خشخشَ السِّلاحُ وغيْرُه: صَوَّتَ إذا حُرِّك. يقال: خَشْخَش الثَّوْب الجديد. وفي الشيء: دخل وغاب. وـالسِّلاح َوغيرَه: حَرَّكه فَصَوَّت. والشيءَ في الشيء: أدْخَلَه.؛ (تَخَشْخَشَ): صَوَّت. وفي الشيءِ: دخلَ فيه وغابَ. يقال: تَخَشْخَشَ في الشَّجَر.؛(الخَشْخَاشُ): الجماعةُ عليهم سلاح ودُرُوع. وكلُّ شيء يابس إذا حُكَّ بعضه ببعض صَوَّت. ونبات حَوْليّ من الفَصِيلَة الخشْخاشِيَّة، يُستَخرج الأفيون من ثِمَاره. واحدته: خَشْخاشة.

503- خصّ =(هصص) وتعني في المندائية حصر، رزم... ومعاناها في العامية سياج من القصب يفصل بين بيت وآخر ... والكلمة عربية نقرأ في المصباح المنير (الخُصُّ: البيت من القصب والجمع "أَخْصَاصٌ"، و "الخَصَاصَةُ" بالفتح الفقر والحاجة) وفي المعجم الوسيط (الخُصّ: بيتٌ من شَجَر أَو قصب.) وفي المعجم المعاصر نقرأ (جمع أخصاص وخِصاص وخُصُوص: بيت من شجر أو قصب، كوخ، بيت سقفه من خشب: سكن في خُصٍّ بعد تهدُّم منزله).

505- خشالة =(خشل) لم يذكر معناها في المندائية وقال إنها تعني في العامية العراقية القديم المكسر وذكر أن الكلمة أكدية وهذا صحيح وقد ذكرها طه باقر فقال (في اللهجة العراقية وهو ما تكسر وعتُق من أواني النحاس، وأيضا الحُلي كالأساور والخلاخيل. وردت في الأكادية بلفظتين "خِشالو" و " خشالتو" بمعنى ما انكسر وانسحق).

506- خشل =(خشلا) مصوغات ومجوهرات. ويذكر المؤلف أن الكلمة موجودة في العربية ولها أحد عشر معنى ومنها (الحلي) وهو معناها في العامية، ولكنه مع ذلك يصر على أن الكلمة لا ترد في العامية العراقية إلا مندائية "حيث تقول العامة خشل إشارة الى المصوغات وليس مخشلات" وهذا تخريج غريب ولا يخلو من الطرافة الممزوجة بالعناد. نقرأ في لسان العرب (والخَشْل الأَسْوِرة والخلاخيل، وهو ما كان منها أَجْوَف غير مُصْمَت، وكل أَجوف غير مُصْمَت فهو خَشْلٌ. قال: وأَما رؤوس الأَسْوِرة والخلاخيل فلا تكون إِلا مُصْمَتة وليست خَشْلاً).

508-خمط =(خمط) لم يذكر المؤلف معناها في المندائية ولكنه ركز على أن معناها في اللهجة العراقية وهو "أخذ بسرعة" لم يرد في المعاجم العربية فهي إذن مندائية رغم أنه يذكر إنها بابلية وذكرها طه باقر في كتابه سالف الذكر. والكلمة فعلا أقدم من المندائية فهي أكدية وتعني الأخذ بسرعة ومن الأكدية انتقلت إلى بعض اللغات السامية الأخرى كالآرامية "المندائية" واللهجات العربية الأخرى ومنها العراقية، ومن هذه الكلمة نحتوا اسم ملاح العالم الأسفل المكلف بنقل أرواح الموتى إلى العالم الآخر، واسمه "خمط تبال" وتعني الآخذ بسرعة. أو هو الأخذ باليد أخذا شديدا كما قال هادي العلوي وضرب له مثلا من الشعر الجاهلي قال:

وانشد اللغوي ابن العرابي لرجل جاهلي لم يذكر اسمه يفخر بقومه:

إذا رأوا من ملك تخمطا ****أو خنزواناً ضربوه ماخطا

التخمط=التصرف الأهوج. وفي العامية البغدادية اخذه بيده أخذا شديدا. والخنزوان: التكبر والغطرسة. وقوله "ماخطا" يعني كلما خطى خطوةً.

وفي تاج العروس شاهد لغوي هو:

إذا تخمط جبارٌ ثنوه إلى **** ما يشتهون؛ ولا يثنون إنْ خمطوا

507- خَلال =( گلال) وتعني في المندائية "كل شيء مكور ومدور كالحصى والبرد، وقد غلب استعمالها على التمر قبل أن يكون رطباً" . ولكن الكلمة أكدية وقد ذكرها طه باقر في كتابة "من تراثنا" فقال (خَلال = بالأكدية تُخالو: وتعني البلح غير الناضج. في اللهجة العراقية).

516-لاو =(لاو) وتعني في المندائية أداة نفي، لا، ليس. ولتوضيح معناها في العامية يضرب المؤلف مثالا فيقول (لو انك) وتعني لو لا انك، و (لاو وين) وتعني إلى أين، او إلى متى. وهذا منتهى الهذر! فهذه اللفظة مندغمة من (إلى / لـ +أين) وأين الفصحى تلفظ في جميع العامين العربية (وين) فيكون لوين بمعنى إلى أين. ومثل ذلك مع (لونك) فهي مكونة من (لو + أنك)، وما حدث في اللسان العامي هو حذف الهمزة وكما قلنا فالهمز غير مستساغ عموما وفي العاميات خصوصا.

518-لبچ =(لبش) وتعني في المندائي يلبس، يداخل، يكسو. وتعني في العامية العراقية تداخل الكلمات على لسان من يتكلم بسرعة (يلبچ). ولا علاقة للتأتأة هنا.. وهذه الكلمة عربية ممعجمة وملفوظة بكشكشة ربيعة، ونقرأ عنها في معجم المعاني (لبِكَ يلبَك، لَبَكًا، فهو لَبِك، لبِكَ الأمرُ: التبك، اختلط والتبس.. التبك عليّ الأمرُ: لبِكَ؛ التبس، اختلط. وسأَل الحسنَ رجلٌ عن مسألة ثم أَعاد عليه فعيَّ مسألته فقال له الحسن: لَبَكْتَ عليّ أَي خلطت عليَّ).

ويؤيد هذا التخريج خالد السياب في معجمه ويأتي عليه بشاهد شعري لزهير بن أبي سلمى يقول:

رَدَّ القِيانُ جِمالَ الحَيِّ فَاِحتَمَلوا......إِلى الظَهيرَةِ أَمرٌ بَينَهُم لَبِكُ

523-لخم =(لُكما) وتعني في المندائية وجنة خد. وفي العامية والعربية الفصحى تعني الكلمة ضربه على وجهه نقرأ في الوسيط (اللَّخْمُ: القَطْعُ، واللَّطْمُ) وفي الرائد (لخمه: لطمه على وجهه. لخم الشيء: قطعه. لخم الشَّيْء لخما قطعه، وَوَجهه لَطَمَهُ، وَفُلَانًا شَغَلَهُ بِمَا يثقل عَلَيْهِ وَهُوَ من قَوْلهم بِهِ لخمة أَي ثقل نفس).

526-لگن =( لگيانا) وتعني وعاء لوضع الطعام والأكل في المندائية. والكلمة عربية وممعجمة نقرأ في القاموس المحيط (اللَّقَنُ: شبهُ طَسْتٍ من نُحاس أَو صُفْر ضيِّقُ القاعِ متَّسعُ الأعلى) وفي جنوب العراق لا يوضع فيه الطعام بل غالبا ما يقدم إلى الضيوف لغسل الأيدي قبل أو بعد تناول الطعام أو للوضوء.

527-لواث =(لوات) وتعني في المندائية المخالطة، الملازمة، المعية. وفي العامية اللواث هو خلط كرات العجين بشيء من الطحين أي بتلويثها به. والكلمة عربية فصيحة نقرأ في معجم المعاني والوسيط (اللَّوَاثُ: الدقيق الذي يُذرّ على الخِوان لئلاَّ يلزَقَ به العجين).

528-لوتي =(إلواتا) وتعني في المندائية اللولبة وخاصة ما يشبه الغُصين اللولبي. وهي بعيد جداً لفظا ومعنى عن المراد، ويقحمها المؤلف بهذا المعنى عن الشخص الذي يوصف باللوتي إقحاماً فيقول (يقولون شنهو هاي اللواتة؟ بمعنى ما هذه الفبركة واللولبة؟). والكلمة موجودة في اللهجة العراقية ولهجات الخليج العربي وتعني المخادع والنصاب والمحتال. وكتب عنها جواد الموسوي قال: "لوتي في اللهجة العراقية ولهجات خليجية، هي كلمة ذمّ لوصف الإنسان الحذر وصعب المراس، وتقال كذلك للمحتال، قيل أصلها أكدي عراقي قديم من Lutu بمعنى "ضعيف"، وجمع اللوتي "لُوتيّة" و"لِواتة".

535-مترهي =(رهو) وتعني في المندائية ينفرج ويرتاح والمعنى بعيد نسبيا في اللهجة العراقية حيث المترهي هو المسيطر باطمئنان والمتفوق والأحسن حالا. والكلمة عربية وجذرها رهو ونقرأ في اللسان (رَها الشيءُ رَهْواً: سَكَن. وعَيْشٌ راهٍ: خصيبٌ ساكنٌ رافِهٌ)، في المعجم العربي المعاصر (رهو: ساكن، هادئ "مَطَرٌ رَهْو: خفيف- وفي القرآن الكريم {وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً}: ساكناً متَّسعاً، لا اضطراب في أمواجه". ما اطمأنّ من الأرض وارتفع ما حوله فيجتمع فيه الماء). والمثال الذي ضربة المؤلف يفي بالغرض هنا حيث كتب (شكو عليك أنت مترهي!).

538-مچعة =(مشا) في المندائية هي وحدة قياس. الكلمة بالجيم غير المعطشة أي المعجمة بنقطة واحدة وليست ثلاثية. وهي في العامية قليل من الماء يشربه الإنسان دفعة واحدة. ولا أرى رابطا معقولا بين الكلمتين خصوصا وأن عبارة " وحدة قياس" عامة وغير محددة ولا علاقة لها بالمعنى السياقي. وأعتقد أن كلمة "مجع ومجعة، هي نفسها في اللغة العربية الفصحى، ونقرأ في اللسان ( يَمْجُعُ مَجْعاً وتَمَجَّعَ: أَكل التمر باللبن معاً، وقيل: هو أَن يأْكل التمر ويشرب عليه اللبن. يقال: هو لا يزال يَتَمَجَّعُ، وهو أَن يَحْسُوَ حَسْوةً من اللبن ويَلْقَمَ عليها تَمْرةً)، وفي معجم المعاني (مَجَعَ يَمْجُعُ مَجْعا وتَمَجَّعَ: أَكل التمر باللبن معاً، وقيل: هو أَن يأْكل التمر ويشر عليه اللبن.. هو لا يزال يَتَمَجَّعُ، وهو أَن يَحْسُوَ حَسْوةً من اللبن ويَلْقَمَ عليها تَمْرةً، وذلك المَجِيعُ عند العرب). تبع.

للاطلاع على هذه الاجزاء السابقة من المفردات انقر لطفا على هذه الوسمة:

#لهجة_عراقية_اللامي

***

علاء اللامي

ليس المهم كيف تهب الريح الأهم كيف ننشر الأشرعة. بدل أن نلعن الريح ..!

في رواية الأديب والروائي" أرنست همنجواى  الشيخ والبحر"  التي كانت من أهم اعماله في  حصوله علي جائزة نوبل من هذة الرواية .. الرواية تدور عن رجل مسن" سانتياجو.. يخرج الصياد سانتياجو لصيد السمك وبعد أيام من الفشل في العثور على صيد، تعلق سمكة كبيرة في شبكته، لكن بعد عناء ومشقة وسحب للشاطئ، تقاوم السمكة حتى تتحول الى هيكل عظمي، جراء نهش سمك القرش وضربات الصياد:...

لم تهزم السمكة بل قاومت حتى الموت، ولم يهزم الصياد لأنه بذل كل ما يستطيع، وهو على سرير القش على الساحل ينام منهكاً مغطى بالصحف يقول للصبي المساعد:

" جهز الشباك ليوم غد"

يا للبهاء والقوة والاصرار: لم يفشل ولم يهزم،

عندما نجحت الثورة الفرنسية ..كان نابليون بونابرت يطمع أن يكون اسكندر الأكبر..

قيل لنابليون: " جبال الألب تعرقل تقدم الجيش"

فقال: " نزيل جبال الألب". قوة إصرار ومحاولة ..!!

هناك نجاح مختفي في كل فشل، وقد يختزن النجاح العابر فشلاً مروعاً: هناك دائما بداية جديدة،

والأهم كيف نجهز الشباك لليوم القادم وكيف نفتح الأشرعة.،

تقول ؛-"فيرا بيفر" أخصائية فرنسية في علم النفس...،

ما معنى الفشل....؟!  تقول الباحثة الفرنسية: انه مفهوم مرن ومطاط ويتوقف على طريقة تفسيرنا له وليس حدث الفشل نفسه:

كل الأمر يتوقف على الطريقة التي حفظنا

فيها التجربة وتعاملنا معها وغالبا نضع العنوان الخاطئ: (فشل، إحباط، صدمة، خيبة).

على ضوء ذلك سنشعر ونفكر ونتصرف....، لا شيء إسمه الفشل في حياة مستمرة كما هو سائد في المعنى العام، وعادة نضع الفشل كنقيض للنجاح، وهو تعريف خاطئ:

النجاح هو فشل متكرر تم تجاوزه.

الفشل يعني سوء تقدير وتخطيط وتوقع مفرط،

ومع ذلك كل فشل يختزن في داخله نجاحاً مخفياً،

كيف نعثر عليه...؟!

هنا النجاح الحقيقي وتجاوز محاولة فاشلة.

غالبية العلماء عانوا من فشل تجربة، توماس أديسون في المحاولة المئة نجح.

الأخطر هو تعميم تجربة خاطئة على كل الحياة، أو النظر لكل شيء من منظار العطب المغبر، وهو اليأس والفشل النهائي، الاستسلام ويحدث الخوف من المبادرة بناء على فشل سابق لم يصحح....،

هناك توصيف غير صحيح للمفاهيم.

الليل لا يتناقض مع النهار بل يختلف عنه ويحتويه،

الشجاعة لا تتناقض مع الخوف، الشجاعة هي خوف متحرر،الغزال أسرع من الأسد ولكن الخوف من الأسد تقع فريسة له ..!

والحياة لا تتناقض مع الموت بل تتضمنه،

ومن لحظة الولادة نحن في حالة هدم وبناء، موت وحياة،

والنجاح لا يتناقض عن الفشل بل يختزنه،

النجاح وجه الفشل الآخر المخفي:

نحن أسرى قوالب وسجناء مفاهيم. قال ناقد لأسرة الكاتب  بلزاك طلبت رأيه:

" بلزاك يصلح لكل شيء إلا الرواية"

بلزاك سخر منه وصار أشهر كتاب فرنسا والعالم...لذلك لاتقلل من قيمة شخص حتي ولم يحقق نجاح في مجال ما

كثير من قريتنا فشلوا في الدراسة ولكنهم نجحوا في مجالات أخري ..،

الحدث نفسه عندما طرد المعلم العالم" البرت انشتاين" من المدرسة

كغبي وكذلك "توماس " لكن أمه علمته تعليماً خاصاً.

لماذا نسمى محاولة فاشلة إذا كنا غير مستعدين

لها ولم نفحص الاحتمالات...؟

علم الاحتمالات علم مثل أي علم آخر يُدرّس في المعاهد والجامعات ومراكز الابحاث العالمية ..! وهو يدرس القضية من جميع جوانبها مع الاحتمالات، النجاح والفشل

الاحتمال الصحيح، المرجح، الخطأ، غير المتوقع، الاحتمال الذي تفرزه ظروف طارئة.... والخ .!!وهو معروف في مراكز الابحاث وفي غرف

التخطيط للحرب وفي المؤسسات العلمية،

لكن في العواطف والمواقف الانسانية هناك الاندفاع بلا حساب،

ومع ذلك قد نخسر معركة لكن نربح فرصة جديدة  وتكسب رهاناً.

أحيانا يدلك الشخص الخطأ على الشخص الصحيح وكل ما في الأمر أنك سلكت الطريق الخطأ وتشابهت الصور والاهداف. يمكن دائما قطع طريق العودة .

عندما أعود اليوم الى حالات فشل شخصية من زاوية جديدة، أكتشف ان النجاح فيها كان سيكون كارثياً ، بمعنى ما يسمى الفشل كان منقذاً من خسارات لا تعوض. كان الفشل العابر نجاحاً على المدى البعيد. قد تمضي في طريق خاطئ وترهق لكنه يدلك على الطريق الصحيح..المهم ليس المهم كيف تهب الريح الأهم كيف ننشر الأشرعة.بدل أن نلعن الريح ..!!!

***

محمد سعد عبد اللطيف

 كاتب وباحث مصري في الجغرافيا السياسية

كثيراً ما نسمع ونقرأ عن الديمقراطية التي تجعل العالم مكاناً يتسم بالرفاهية والحياة الرغيدة، وتعتبر اليونان هي مسقط رأس الديمقراطيات وذلك ما بين القرنين السادس والسابع قبل الميلاد وجاءت التسمية من demos بمعنى الشعب وكلمة kratos بمعنى السلطة و من خلال ذلك يظهر المعنى الحقيقي للديمقراطية على انها السلطة والشعب أي أن السلطة تستمد قراراتها وحُكمها من الشعب بعدما تتطلع على أراءه واحتياجاته ، ومرَّ العالم بتغيرات كثيرة وبعد قرون عديدة عادت الديمقراطية مطلباً للشعوب وبدأت أنظمة الحكم تتغير لتتماشى مع متطلبات الشعوب وبدأت تقسم السلطات وكذلك تشكل اللجان التي تُعنى بهذا الجانب خاصة في الدول الأوروبية وقد نجحت هذه التجربة فيها لكن ليس في كل البلدان وإنما في البعض منها وتأتي النرويج في المقدمة إذ أن نسبة الحرية المدنية فيها قد يصل إلى 9.75 وذلك حسب المؤشرات لهذا العام وهي نسبة ممتازة وكذلك الحال في ايسلندا وغيرها من الدول ، لكن السؤال الاساسي الذي يتبادر للأذهان ماهي المبادئ التي تقوم عليها الدول الديمقراطية ؟ ، الديمقراطية تقوم على عدة خصائص وأهمها هي وجود نظام سياسي يتشكل من عدة أحزاب تمثل جميع الأصناف والطوائف وحتى الأقليات مع وجود بيئة تنافسية صالحة ومن ثم انتخابات نزيهة حرة بلا ضغوط أو إستعمال القوة أو الترهيب بحيث تكون شفافة وغير متلاعب بها ، كذلك مراقبة الانتخابات من قبل الإعلام والذي يكون حر ومستقل وغير متحيز ولا يخضع لسلطة الحكومة. أما عن المؤشرات التي نستطيع من خلالها تمييز الدول الديمقراطية عن غيرها فتكون من (0 إلى 10) وعلى أساسها تقاس النسب سنوياً وتحدد من خلال تطبيق الدول للمبادئ التي ذكرتها سابقاً بالإضافة الى تقييم عمل الحكومة المنتخبة ودورها في تحقيق الحريات للشعوب . بعد أن أوضحنا كل ما يتعلق بالديمقراطية هل من الممكن أن نعتبر الدول النامية من الدول الديمقراطية ؟ بدأت أغلب الدول النامية للتوجه نحو نشر فكرة الديمقراطية وأغلب البلدان بدأت بتطبيقها ومع وجود إخفاقات في تطبيق النظام الديمقراطي لكن المحاولات موجودة وتسعى لها أغلب الشعوب من خلال القيام بثورات ترفض الظلم والدكتاتورية وتجبر السلطات على العمل على أساس الحريات المدنية وتوفير الخدمات وعدم الاستئثار بالحكم، وبرغم ذلك فقد كانت هناك معوقات كثيرة أدت إلى فشل بعضها في تطبيقها لنظام الديمقراطية ومن أهم هذه المعوقات أو العقبات : سيطرة الحزب الواحد على النظام السياسي فيؤدي بالتالي إلى ضعف التعددية السياسية ، وكذلك خمول العملية الإنتخابية وتضييق دور المعارضة وأيضاً وجود التلاعب والتزوير في أغلب تلك الدول بالإضافة إلى السيطرة على وسائل الإعلام والتي من خلالها يتم تكميم الأفواه وسلب حرياتها . لهذا تحتاج الدول النامية إلى تهيئة أجواء مناسبة للوصول إلى صفوف الدول المتقدمة حتى تنعم السلطات والشعوب بالرفاهية والحرية والإنتعاش على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية.

***

سراب سعدي

العقل: إدراك الأشياء على حقيقتها بالجملة، ومظهره التمييز بين الحق والباطل، الشر والخير.

مقدّس: منزّه، مُعظّم

العقل وظيفة القشرة الدماغية، والدماغ كأي أعضاء الجسم الأخرى، وإن كان سيدها، يتأثر بالحالة التي يكون فيها البدن الذي ينتمي إليه، وأي مرض يصيب الجسم يؤثر على الدماغ، ويكون ما نسميه بالعقل مصابا أيضا.

فالعقل السليم في الدماغ السليم!!

وعمل الدماغ نسبي ولا يكون مطلقا، لأنه مسجون في الجمجمة، ومرهون بالبدن الذي يحملها.

ولهذا فوق كل ذي علم عليم، والعلم درجات، لأن العقول درجات.

وما يبدو مقنعا اليوم ربما لا يكون كذلك في الغد، عندما تتراكم معارف وحقائق جديدة.

القول بالمقدس تعني إخراج المخلوق الآدمي من بشريته، وإنكار أنه سيكون طعاما للتراب، ومصيره كغيره من الناس.

فهل وجدتم ما يُكنى بالبشر المقدس أفلت من قبضة الموت؟

 ويبدو أن الكون بأسره يتعارض مع فكرة التقديس، لأن ما فيه يجري وفقا لضوابط محكمة ونواميس ملزمة، لا تستطيع الموجودات التحرر من قبضتها، فكل موجود مستعبَد، ومرهون بها.

المقدس مطلق، ولا يوجد مخلوق مطلق الكينونة، بل هو نسبي ويُرى بعيون مكانه وزمانه، إلا ما شذ وندر.

والمعروف أن في البشر نزعات للتنزيه والإرتفاع الخيالي بحالات، يُراد لها أن تمنحه شعورا بالإطمئنان من الغيب والمجهول.

وهي التي تحتم عليه أن يستحضر أوهاما وتصورات ذات معاني حسية ظنية أو إنحرافية، تكبله بطاقاتها ودواعيها فيمضي منوّما في دنياه، ويتحرر من المسؤولية  بتقديس سواه، لكي يلقي على عاتقه ما لا يطيقه ولا يهواه.

فأين المقدس بعيون العقل لا بعدسات العواطف والأضاليل؟!!

***

د. صادق السامرائي

1- وحدي سأعبر جسر الشك، ووحدي في الهناك، سأبحث عن نفسي واليقين، وعن عقلي الشهيد ورغيف خبز عائلتي، وفي استحياء شديد، اسأل الله عن ألآله  الجديد، ذو المظاهر والألقاب واللحية الصفراء، وهل انه شريك، و"الله لا شريك له"، يقول  لنا ويفسر أللامعقول، ويدعيه منزلاً من السماء، كيف ومتى، قبل او بعد المطر او معه مثلاً، ثم يتوعدنا بعذاب القبر، إن لم نحتمي بشفاعته، ويدفعنا الى قيلولة مستدامة، مغموسة بالجوع والجهل والأيمان الأعمى، ويطلق فينا بيوض الشيطان، قناصة وسيافين وقتلة مجهولين، لينتزع منا ما تبقى، من أمننا وفرحنا ورغيف خبزنا، جزية كانت ام خمساً، وأسأل الله ايضاً، هل ان لصوص الدنيا يهبطون من السماء، سماحات ومجاهدين وأولياء؟؟، يستحقون وحريمهم وكلابهم، رواتب تقاعدية يستقطعوها من لحم الضحايا، ثم يتوسدون ملفات فساد مريحة، ليس وحدي من يعبر جسر الشك، هناك من سبقني، ورفع أقنعة الكون، عن غول جبار من الأكاذيب،لا نعرف مكانه من زمانه، يربي  بيوض الشيطان، مراجع ورموز سرقت وظائف الله، ولم تترك لنا متسع وعي، لأصلاح عطب الذات.

2 - انتفاضة الأول من تشرين 2019،  ثورة شك على واقع كافر، وتمرد حق على باطل يتأله، وغضب الحقيقة، على عقائد خرجت فاسدة من سراديب المتألهين، أسألة الشك غير مقتنعة باجوبة مغموسة بألتدليس، العراق يولد من موته، ليكرر السؤال الأخرس، هل ان الخلل الكوني الكبير، ساكناً في اديان السياسة، ام في سياسة المنزلين والمبشرين؟؟، المفكرون ومنهم علماء دين افاضل، يختلفون ويراوغون وخائفون احياناً، كون الواقع الكافر، قد مضغ الحقيقة كاملة، وليست هناك فرصة للحوار والأقناع، فحجم الكذبة التاريخة قد تجاوز حجم الكون، وأن بادر العراقيون، على طرح قضيتهم الوجودية، على بساط اوجاعهم، تُقتل أصواتهم، بسلاح التضليل والخداع والتجهيل والأستغفال، والذخيرة الحية أحياناً، ويموت العراق مرة أخرى، حتى ينهعض من جديد غاضبا، ليعبر جسورالشك حتى نهايتها، حينها تتعرى العقائد، امام رغيف خبز الناس.

3 - اين الله مما يحدث للعراقيين، ولأسمائه المهدورة على جداريات النفاق المذاهبي، المتألهون والمتأسلمون، استأثروا بكامل وظائفه، يقولون أن الأسلام، دين المحبة والأخوة والتسامح، قد نصدق لو انه لم يكن سياسياً، وامامنا مشاهد المذاهب والجماعات الأسلامية، وهي تتصارع وتتكاره وتتقاتل، وفي لحظات هدنتها فالآخر قتيلها، هل ينسى العراقيون، مجزرة الأيزيديين ووحشية سبي نسائهم، التي اشترك فيها وتواطأ مع احداثها المأساوية، أطراف طائفية وقومية صامتة وناطقة، وننسى اسساليب الأستئصال ودفع المسيحيين على الهجرة، بغية الأستيلاء على ارضهم وعقاراتهم ونهب ثرواتهم، وكذلك ما حصل لفيلي العراق والمندائيين واليهود العراقيين، والمعتدي المجهول قابع كعادته، تحت جلد الصمت المراجعي.

4 - العالم القديم، تضيق عليه ديمقراطية الخدعة التاريخية، وهو الآن ينقلب على ذاته، ليس العراق وحده سيولد من موته، بل شعوب افريقيا ستفاجيء الواقع المنهار، ليس لغزاً ما يحدث الأن، بل انه الأرض تخلع جلدها كالأفعى، والنظام الأستعماري القديم، يتآكل مسرعاً لأعلان نهايته، تحاصره ثأرات الجوع القديم لشعوب الأرض، الحرب في اوكراينا، انفجرت في افريقيا، وستنفجر في الشرق الأوسط والخليج، والعراق الذي كسرت اجنحته، المظالم الخارجية والخيانات الداخلية، سيتعافا ويصنع من سحب سماءه اجنحة العودة، في ولادة كاملة العافية، وأن كانت في اوكرانيا نقطة الصفر، فأفريقيا السطر الأول، في مجلد التغيير، اما ثورة الشك في العراق، سترفع اسمال الشعوذات والتخريف، عن شعوب المنطقة، لتجمعها موحدة متصالحة متآخية، حول طاولة اليقين، وستقطع شرايين آلهة النفط، والطبقات المؤمنة بالدولار ألة لها.

***

حسن حاتم المذكور

06 / 09 / 2023

غير ما مرة نختار أجزاء علية من حياتنا، ونُداومُ الفرح على فخر الاختيارات أو نَنتحب بكاء من سوء الطالع الغامض. وفي تكرار الحدث ذاته نكون نواصل الدفاع عن قضية قد تبدو عند البعض الآخر عملية عديمة الجدوى ولا فائدة طائلة منها، أو هي من السذاجة الاجتماعية. فيما تبقى قضية المعاناة بالاستمرار أو التقطع في الأزمنة، ومن الأمر المحتوم الذي نألفه بتجلياته وبتآلف، ولا مفرَّ إذا من معاودة الهروب منه إلا بسنة التغيير الحتمي.

غير ما مرة نسقط في بؤس الندم المتردي، ونداوم على فخر الاختيار بأنه قدر (سماوي) حتمي، وليس لدينا اليد الوسطى في التغيير، ولا يمكن تفاديه حتى بقيمة استعمال العقل والتفكير المنطقي. هنا قد يشابه إدراك الذات (العليا) طبقات البصلة الملفوفة بالتعقيد النباتي، وفي فك طبقاتها تزداد العيون غزارة بكاء طوعي من المعاناة ، ومن بيان إكراه هم ِّحياة.

 من قيمة قوة أداة (لماذا)، من خلال تتصدرها لجملة الاستفهام، تبقى هذه الأداة الانفصالية صعبة الجواب، وقد تُلزمنا التحري العميق (التفكيك والتركيب)، ويمكن لعدة سنين ابتغاء معرفة ماهية الفرق بين علة بكاء الولادة الأولى، وسبب الفرح الدائري. قد تُكون (لماذا) طبقات أسئلة متنافرة وغير متجانسة، لكنها قد تساعدنا هذه الطبقة (البصلية) من الأسئلة في معرفة السبب الأول والأصلي (البكاء) وبالعمق المستفيض. وفي العجز المخيف عن الإجابة الصريحة عمَّا تصدرته أسئلة لماذا؟ تبقى العلة مكهربة ومتخفية في همِّ الحياة. لكن، من تجليات خلخلة بنية العقل، قد نكتسب حكمة (توقف قليلا، وفكر قليلا في حلول متمركزة حول امتلاك الذات وتغيير المحيط).

حتما، طبيعة مشكلاتنا المتنوعة بالاختلاف والقياس والتأويل، تتحدد من قوة اختياراتنا لمعايير جودة الحياة ونوعية السعادة، التي نطمح إليها بسواعد التفكير لا بالمتمنيات. لكن، في غياب العلاقة الوثيقة بين الواقع وتحقيق الحلم، تبقى ضبابية الأشياء غير الصحيحة مثيرة للتجريب مثل سراب قيظ صيف.

من الأصعب المحطم للذات حين نجرب مقياسا خاطئا في تجلياته الوصفية، ومطلقاته الوجودية والعلمية. هنا تبقى الثقة المستوفية للكمال في المستقبل (البدال) قابل للترميم وتصويب المعاناة المؤلمة نحو متوجهات كوميديا طيعة والشعور بامتلاك أجوبة مستفزة عن أسئلة: لماذا؟ فالحكمة لا تسقط هبة من السماء، بل هي حتما بنية تأويل في التفكير المقارن المزدوج، والشيطان نفسه يُرجم شُهبا، حين يسترق أجوبة عن أسئلة: لماذا؟ هي نمطية التفكير (الماكر) في الانتقام المتبادل بين الإنسان ولعناته للشيطان، وهذا الأخير الذي لا يكلُّ تعبا من مداومة الإغراء والإغواء، وإخراج سُلالةِ آدم وحواء من الصراط المستقيم الدنيوي.

من العدل الأصولي حين تتنوع ثلة اليمين باليقين واليسر، والإيمان المطلق (من له بداية له نهاية)، وثلة اليسار بالإفك والافتراء والخديعة، ومعاودة نصب الفخاخ الشداد في استيفاء أجوبة مُشكلة ومحيرة عن سؤال: لماذا ؟ ففي بداية الجهل والغباء، يتم اختيار لحظات السوء المرتد، من تم يسبب الألم المتمرد، وعلى طول عشرات السنين بعد تلك البداية المرتبكة(الموت والحياة)، ولا تنفع الندامة متسعا من غياب معاودة تجربة أسلوب حياة (من له بداية له نهاية).

من التقابلات المستملحة (أنا) و(أنتم) وبصيغة التخصيص، نتشارك في الدمع الساقط (فلسفة لُفافة البصلة)، وفي البسمة المريحة والمتقطعة (بداية ولادة الألم)، من تم ننتقل نحو (نحن) بصيغة التعميم الكلي، والآخر الغائب عن فسحة جواب سؤال: لماذا؟ هنا يكون القياس متساويا في درجات السلم (قياس الذات)، ومختلفا بالتمام في قياس (الآخرين) بالجدال المتناقض والتأويل.

فالمشكلات قد تبقى عالقة. وفي تجاوز الإخفاق من إنتاج الحلول لها كليا، يكون من الأفضل تعليقها علوا، وترتيبها من سهل التفكيك إلى صعب المناولة. وفي هذا الترتيب يكون الزمن قادرا على إبراء النفس من الذنب والمعاناة، وامتلاك سلطة المعرفة الكلية للإجابة عن أسئلة تتقدم فيها أداة (لماذا) كعلامات استفهام قادمة من الحقيقة لا من الحيرة والارتباك.

***

محسن الأكرمين

في المثقف اليوم