أقلام حرة
رسول عدنان: مهرجان المربد وأدباء الفيسبوك
كان أخر مهرجان للمربد في العراق له قيمة أدبية وحضور أدباء .حقيقيين.في سبعينات القرن الماضي ..وبعدها تحوّل هذا المهرجان الى مظاهرة لتمجيد الصنم المقبور ونظام البعثيين الفاشستيين والترويج الرخيص لأفكارهم والتطبيل لحروبهم العبثية التي دمّرت البلاد وأنهكت العباد في بداية الثامنينات حتى سقوط الصنم المقبور عام 2003 حيث سخّر الصنم وزبانيته أموال الشعب العراقي الصابر المبتلى لتمجيد الطاغية والتسويق لنظامه حيث كان ينفق على هكذا مهرجان تافه بكل سخاء وغباء حيث كان عدد المدعويين بالألاف وتصرف لهم مخصصات 400 $ كل يوم طيلة أيام المهرجان وتحجز لهم أجنحة في كل الفنادق الراقية في العراق الى درجة كانوا يدعون حتى أصحاب (الأكشاك) الذين يمتهنون بيع الصحف والمجلات وليس لهم أية علاقة لا بالشعر ولا بالأدب لا من قريب ولا من بعيد ..أمّا أبواق النظام المقبور فكانت لهم صولات وجولات في أيام المربد وكونّوا علاقات أدبية وفي النشر في طول وعرض الوطن العربي وسوّقوا أنفسهم ك أدباء وشعراء حقيقيين بينما الحقيقة انّ مواهبهم أقرب الى القاع بل وصل الأمر بهم الى تكوين علاقات جنسية وعاطفية مع الضيوف وهذا كله بعلم ومباركة نظام الصنم المقبور ..ولا تختلف الحالة كثيرا ألان بعد التغيير منذ 2003 الى لحظة كتابة هذا المقال فقد ظهر على السطح جيل ممن تمسحوا بأدباء النظام المقبور وكوّنوا أسماءهم وتسنموا مناصب لا يستحقون حرفا واحدا منها وأصبح هؤلاء الغوغاء أسوأ خلف لأسوء سلف وأصبحوا يتزعمون مهرجان المربد ويتحكمون بتوجيه الدعوات الى الأدباء سواءا داخل او خارج العراق من العراقيين والعرب ..امّا الكيفية التي يتمّ بها أنتقاء أسماء المدعويين فهي طريقة لم يصل لها ولم يفكر بها حتى من وضع سيناريوهات الكارتون (توم وجيري) فهم يوجهون دعوات لأصدقائهم في صفحات الفيسبوك ممن يطري ويعلّق على منشوراتهم السخيفة والتي ليس لها أية علاقة بالأبداع مطلقا لكن يحصلون على تعليقات بالمئات على كتابات اقل ما يقال عنها تافهة وبلا قيمة ..وهكذا يتمّ دعوة أدباء الفيسبوك الى مهرجان المربد الشعري بهذا الطريقة المخجلة والا أخلاقية ..وبهذه الطريقة تم تشويه صورة البلد الذي كان يتباهى في سبعينات القرن الماضي بمثل هكذا مهرجان بغياب تام للسلطة ولمحافظ البصرة ودوره الرقابي على هؤلاء الأمعات الذين يتحدثون بأسم العراق العريق تأريخا وحضارة وأدبا وشعرا ..لديّ صديق أتحفظ عن ذكر أسمه كلما بنشر مدونة او منشور في صفحته تنهال عليه التعليقات وهي عبارة عن مجاملات رخيصة مثلا: دراسة ممتازة ..مجهود تنظيري رائع ..ألخ وحدث ذات يوم ان طلب رأيي بما كتب فقمت بمحاولة فتح الرابط في صفحته في الفيسبوك فلم يفتح بالمطلق فقلت له أنّ الرابط لا يفتح فتعجب فحاول فتحه لكن دون جدوى فلم يفتح مطلقا ..عندها أستغرب فقال لي كيف يطري عليّ هؤلاء عن دراسة لم يقرأوا حرفا واحدا منها ؟!! ثمّ قلت له تأكد من بقية الدراسات التي في صفحتك والتي تمّ التعليق عليها من قبل هؤلاء وهكذا ذهب الى بقية الدراسات واذا بالمفاجأة ولا رابط منها يفتح بالمطلق ..وذات المعلقين يكتبون له: دراسة راقية وأسلوب متين ولديك رؤيا نقدية دقيقة ..ولكن الحقيقة انّ جميع هذه الروابط لا تفتح بالمطلق ولم يقرأوا حرفا منها!! هل تعرفون من هم المعلقون عليها؟ أوّلهم مسؤولون مهرجان المربد وثانيهم ضيوف المربد وثالثهم من يضعون أ .د أمام أسمائهم وغالبتهم أساتذة جامعات ورابعهم نقاد كبار ولهم أسماؤهم في عالم النقد ..عندها قال صاحبي: هذه مهزلة ومسخرة ولن أحترم أيّ منهم بعد الآن!! نعم هي مهزلة ومسخرة وهؤلاء الذين قاموا بهذه المسخرة أصبحوا مسوؤلين يوجهون دعوات الى المدعوين لحضور مهرجان المربد ..ومن هم المدعوون ؟ في الحقيقة هم أصدقاؤهم في صفحات التواصل الاجتماعي وخاصة الفيسبوك ..بهذه الطريقة الفجّة يتمّ إدارة مهرجان عريق في العراق الجديد كمهرجان المربد البصري .. ولا أعرف أيّهما أكثر سوءا العهد القديم حيث الصنم وزبانيته ام العهد الجديد وأبطاله من الفيسبوكيين؟ لكنّي أقول قول الشاعر: بليت بأعور فعدلت عنه .. فكيف وقد بليت بأعورين؟.
***
د. رسول عدنان
شاعر عراقي .أمريكا