أقلام حرة

أقلام حرة

ذكرني تصريح المتحدث باسم بنيامين نتنياهو قبل أيام حيث "اتهم جنود المقاومة باغتصاب جنودهم في السابع من أكتوبر" بقصة الشرطي اليهودي المجري مردخاي شوارتز والشرطي الفلسطيني مصطفى خوري أثناء أداءهم العمل المشترك في شرطة الانتداب البريطاني في العام ١٩٣٧ عندما أطلق الأول النار على الثاني ما أدى إلى موته ،حينها اعترضت القيادات الصهيونية على حكم الإعدام الذي صدر بحق مردخاي شوارتز مدعيه أن عملية القتل جرت بدافع الانتقام من قتل العرب لليهود. ثم ادعى شوارتز بأن الجريمة تمت بسبب حالة من الجنون أصابته بعد تعرضه لاغتصاب من قبل الشرطي الفلسطيني. وقد تم استغلال هذه الحادثة لتصوير الممارسات الجنسية الشاذة من قبل العرب بأنها تشكل خطراً على شباب وأمن اليهود. وقد دعمت الكتابات الاستشراقية التي تناولت موضوع العلاقة المثلية بين الرجال العرب والمسلمين هذه الصورة. بعد أن ركزت على العصر العباسي حيث نعتته بعصر الانحطاط من خلال الشعر الذي يتغنى من خلاله الشعراء بالغلمان ،ومنه انطلق الهجوم من قبل الغرب على العالم الإسلامي في مرحلة ما قبل الحداثة بسبب ممارساته الجنسية المزعومة وخاصة أن البيانات الخاصة بالعرب التي يحتاجها أي غزو إمبريالي أو نشطاء حقوق الإنسان تنهل من ذات المنبع الاستشراقي. وقد استخدمت وتستخدم إلى الآن لإدانتها واعتبار أنها ممارسات جنسية غير متحضرة .

وقد نست أو تناست دولة الاحتلال الآن بأن رئيس أول جماعة عالمية للشواذ جنسيا هو ماجنوس هيرشفيلد( ١٨٦٨_١٩٣٥) ومساعده كورت هيلر(١٨٨٥_١٩٧٢) وكلاهما كان يهوديا ألمانيا وكان الأخير أول من طالب باعتبار الشواذ جنسيا أقلية لا بد من حماية حقوقها.

 وفي أواخر ستينات القرن العشرين أخذت أجندة الحقوق الجنسية تظهر في الولايات المتحدة وبدأت عولمة تلك الأجندة في الثمانينات والتسعينيات فأصبح الحديث عن الممارسات الجنسية في العالم وبما فيه العالم العربي يطرح على أجندة حقوق الإنسان العالمية.

والآن دولة الاحتلال أصبحت الدولة الأولى التي تدعم الشواذ جنسيا بعد أن قامت عام ١٩٨٨ بإلغاء قانون تجريم "المثلية" وساوت بينهم وبين غيرهم من عدة نواح مثل الوظائف وغيرها وخصصت لهم نواد للمتعة وترحب بالجميع بغض النظر عن هوياتهم. وفي عام ١٩٩١ عقد في تل الربيع المؤتمر الدولي الثالث للشواذ جنسيا. كما وأصبحت مدينة تل الربيع المدينة المفضلة لقضاء عطلهم ورفعوا أعلامهم الخاصة التي تحمل ألوان قوس قزح على المباني التي يقطنونها.

بل ونجدهم قد أصبحوا أعضاء في الكنيست فها هو عوزي ايفين يصل في العام ٢٠٠٢ إلى الكنيست. بالإضافة إلى وصول أعضاء من حزب الليكود في فترة رئاسة بنيامين نتنياهو واليوم يتهم جنود المقاومة بأنهم اغتصبوا جنوده وها هم ثلة الشواذ تحكم وتتحكم بمصير الشرق الأوسط ،فتقتل وترتكب المجازر باسم القضاء على الإرهاب ،فاي إرهاب وهي الدويلة الشاذة التي تقصف بدوافع سادية وأيديولوجية ممنهجة ثم تدعي الديمقراطية والتحضر والبراءة.

وأختتم بيائيل ديان ابنة المجرم موشيه ديان التي تزعم بأن العلاقة بين الملك داوود ويوناثان هي علاقة شاذة، لتجد بذلك مخرجا في أساطيرهم لتلك الممارسات الشاذة.

***

بديعة النعيمي

 

هكذا ودع الرئيس التركي طيب رجب أردوجان خصمه السياسي الشرس، كمال كليجدار أوغلو بُعَيْدَ إعلان فوزه في الإنتخابات الرئيسية الأخيرة، نعم و من فوق منصة الإحتفال في جو من المرح، وقد حملت هذه التحية في حينها قدرا هائلا من خفة الظل، الأمر الذي جعل الجماهير الغفيرة المحتفلة بفوز مرشحها، تقابل هذه التحية الظريفة بالهتافات والتصفيقات، والقهقهات العالية المنبعثة من عميق القلوب وسويداء الأفئدة.

ومن يومها طاب لي استعمال هذه التحية ذاتها، في مواجهة كل من فقدت الأمل في صدقه ومصدقيته وقررت القطع معه نهائيا، لأتخذه عدوا أتقيه ويتقيني.

وما أظنني اليوم واجدا تحية أبلغ منها، أقذف بها في وجه هذا الغرب الكالح المحيا، الذي كثيرا ما لهج أقوام بديمقراطيته، التي كان الكثيرون في مشارق الأرض ومغاربها يهفون إليها، ليتفيأوا ظلالها الوارفة وكلهم أمل في أن يمارسوا حريتهم في التفكير والتعبير، دونما حسيب أو رقيب ينتقدون ماشاءوا متى شاءوا وكيف ما شاءوا، بدء بمن يٌقَرْفِصٌ فوق هرم السلطة ،وانتهاء بمن يجثم على سفحها، ثم يرجعون إلى بيوتهم آمنين على أنفسهم، ومطمئنين على أهاليهم وممتلكاتهم فينام الواحد منهم قرير العين هانيها.

أما الذين لم يلتحقوا بهم من بني وطنهم، من الذين كانوا على هواهم ويبثون على نفس موجتهم، فإنهم لم يكونوا بأقل منهم تسبيحا وتحميدا، وهم يشاهدون نظراءهم كيف يتقلبون في تلك الوفرة الوافرة من "الحقوق والحريات" بغض النظر عن أديانهم وألوانهم وخلفياتهم الثقافية....إلخ.

النَّاسٌ فيها سَوا لافَرْقَ بَيْنَهٌمٌ

قَيْسُ كَلَيْلَى وَعٌرْبٌ سَاوَتِ الْعَجَمَا

لكن في مقابل هذه الجوقة كانت أصوات تنطلق من هنا ومن هناك، لتنبه على خطورة هذا الوهم الساذج السخيف، مذكرة بجرائم الغرب، سواءٌ في ذلك جرائمه في التاريخ البعيد ،أو جرائمه في التاريخ القريب من خلال الإمبريالية والإستعمار المباشر، وما فعله بالحقوق والحريات وكيف أذل الإنسانية ونكل بالإنسان، وكيف سرق ونهب، واستغل خيرات من وقعوا بين براثن احتلاله أوانتدابه أوحمايته.

وما أكثر ما ذكَّرَتْ به، من جرائم زعيمة ما يسمى بالعالم الحر، الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، في كوريا وفييتنام بَلْهَ جرائم الإبادات القديمة في حق السكان الأصليين مما يشيب لهوله الولدان.

إلا أن هذه الأصوات في غالب الأحوال ما كانت تترك هملا وسدى، كذلك الذي حدث مع شخصية "أبو محمود" في مسلسل باب الحارة حيث بُحَّ صوت الرجل وهو يحذر أهل حارته، حارة الضبع من جاسوس فرنسا، الملازم نمر الذي انتحل شخصية مأمون كامل الضبع.

ثم مالبثت تلك الصورة الوردية أن بدأت في الإهتزاز لدى أولئك المغرر بهم -دون آخرين- مع حرب الخليج الثانية، لتزداد ترنحا مع غزو أفغانستان ثم مع العراق خاصة، عندما دعست الولايات المتحدة على منظمة الأمم المتحدة ضاربة بميثاقها عرض الحائط ،غير آبهة بمبدأي تحريم استعمال القوة أو التهديد باستعمالها في إطار العلاقات الدولية، وتحريم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وفقا للفقرتين الرابعة والسابعة من المادة الثانية لميثاق الأمم المتحدة، متذرعة بمبدأي التدخل الإنساني و حق تقرير المصير -اللذين لا نسمع عنهما شيئا الآن!-  مستغلة القمع الذي كان يعصف بالأكراد والشيعة من قبل نظام صدام، فكان ماكان مما يعرفه القاصي والداني من أهل ذاك الزمان.

وفي خضم كل هذا ظلت القضية الفلسطينية تفضح هؤلاء وتكشف أولئك بين الحين والآخر، إلى أن وصلنا إلى (معركة طوفان الأقصى) وهي حلقة من حلقات النضال الفلسطيني الطويل الممتد عبر عقود من الزمن، فكانت الفضيحة الفاضحة، ولعل هذه الأخيرة تذكرك عزيزي القارئ كما تذكرني بقصيدة جرير في هجائه لِبَني نُمَيْرٍ، والتي سَمَّتها العرب بالفاضحة وسماها جرير بالدَّمَّاغة والتي يقول فيها مخاطبا غريمه الشاعر الراعي:

فَغُضَّ الطَّرْفَ إنَّكَ مِنْ نُمَيْرٍ

فلا كَعْباً بَلَغْتَ ولا كِلابا

ثم قال: "قد والله أخزيتُهم بها آخرَ الدهر"

كذلك فضحت غزة وتفضح هذا الغرب- نقصد الغرب الرسمي وليس الشعبي فلنتنبه جيدا- القبيح الوجه وستخزيه إلى آخر الدهر.

وكأني بلسان حالها يُقَرِّعُ سمع هذا الغرب وعلى رأسه كبيرهم جوزيف بايدن قائلا:

فَغُضَّ الطَّرْفَ ياجوزي أَمِرْكا

فلا شيبا حَمَيْتَ ولاشبابا

*

ولاقانونَ سِلـْمٍ قَـدْ اِحْتـرمـتــم

ولاقانونَ حَرْبٍ قَـدْ أهابا

*

نَقَضْتُمْ وَقْفَ حَرْبٍ قَدْ أبادَتْ

ضِعافا دورُهُمْ باتَتْ يَبابا

وما زالت عجائب هذا الغرب تتوالى وتترى، إذ بالأمس صدر تصريح عن الخارجية الأمريكية ينفي وجود أية أدلة على أن قوات الإحتلال تتعمد قصف المدنيين والصحفيين، مع أن الجرائم والمجازر تُنقل بالصوت والصورة وعلى الهواء مباشرة، وفي نفس الوقت عاد المسؤولون الأمريكيون ومَواليهم الصهاينة من جديد يعزفون أكذوبتهم السمجة بخصوص الإغتصاب، والإستغلال الجنسي الذي "تعرض ويتعرض له الأسرى الإسرائيليون"، وعبثا تسألهم عن دليلهم فيما يدعون.

وهنا أتذكر ذلك القس الأمريكي الشهير "جيمس سواجات" عندما سأله أحد الحاضرين في مناظرة كانت قد جمعته بالراحل أحمد ديدات في القرن الماضي، سأله عن دليل مادي على أن الإنجيل الذي بين يديه هو فعلا كلمة الله، فأجابه بكل ثقة قائلا:" أنا الدليل على أنه حق لأنه خَلَّصَ روحي"فدوت القاعة بتصفيقات حارة، وعلت هتافات مريديه راضية بإيمانها مطمئنة عليه،كما يذكرني هذا المنهج في السلوك و التفكير،  بذلك القانون الغريب الذي عٌرف بقانون الأدلة السرية، إبان الحملة الأمريكة على الإرهاب عقب هجمات الحادي عشر من شتنبر.

ومنذ أيام طلع علينا بلينكن في ندوة صحفية مشتركة مع نظيره البريطاني دايفيد كاميرون، ليؤكد على أنهما متفقان على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وكأنها هي الرازحة تحت الإحتلال وليس الشعب الفلسطيني، وبالتالي فمن حقها وفقا لميثاق الأمم المتحدة مقاومة من يحتلها،طبعا إن بلينكين ليدرك جيدا ما يقول، ولكنه يمارس عملية غسيل المخ لمواطنيه بجعله العدوان دفاعا والدفاع عدوانا، وقد أشار إلى شيء من هذا العالم الأمريكي الشهير "نعوم تشومسكي" في كتابه: (ما الذي يريده حقا العم سام).

عجبي لا ينقضي إذ يَدَّعي ....عَمُّهُمْ سامي، خِلافَ ما بَدا

فَتَراهُ يَسِمُ الْعُدْوانَ دَفْـــــــــــــعًا وَرَدا، والقـتيــلَ إِذْ غَـــدا

في جَـراءَةٍ يَـرومُ سُـؤْدَدا....مُجْرِمًا، مِـنْ كُـلِّ حَـقٍّ جُـرِّدا

ومن ثم فليس من الغرابة في شيء، أن تنقض أمريكا في مجلس الأمن مشروع قرار وقف إطلاق النار من أجل المزيد من الفتك بالإنسان، وتدمير العمران، وها نحن أولاء نشاهد هذا الغرب بوجهه الكالح القبيح، نشاهده وقد سقطت عنه ورقة التوت والتين، فأصبح عريانا لاستره الله، وربما نكون بإزاء ما قرره الفيلسوف البريطاني برتراند رسل فيما مضى، في مقولته الشهيرة: (لقد انتهى العصر الذي يسود فيه الرجل الأبيض، وبقاء تلك السيادة إلى الأبد ليس من قانون الطبيعة) فإذا كان الأمر كذلك فلا يسعنا في ختام هذه النُّفاثَة إلا أن نقول "باي باي كمال"

***

محمد العربي حمودان

يسعى الجيل الجديد من شركات التعدين إلى إرسال آلات حفرٍ هائلة الحجم لتجريف قاع المحيط بحثاً عن المعادن القيمة، لتقضي في الوقت نفسه على  الأحياء التي تعيش هناك! ويقوم رئيس الوزراء النرويجي اليوم بحثّ أعضاء البرلمان على إقرار هذه الخطوة الجنونية، ولكنّ الأمل موجود، حيث سيجري التصويت خلال ٤ أسابيع على التصديق على هذا القانون، والعالم بحاجةٍ إلى حملةٍ عالمية واسعة لترجيح الكفة لصالح إنقاذ المحيطات، والدعوة عامة لأحرار العالم لوقف مثل هذه التعديات على مؤثرات السلبية على المناخ لذلك يجب أن تتخذ حكومات العالم موقف مؤثر في هذا الصدد لوقف مثل هذه التعديات من خلال مناشدة البرلمان النرويجي مباشرةً وبدون أي تأخير، اليوم قبل الغد.

فما بقي من غاباتنا يموت شيئاً فشيئاً، وأنهارنا تحوّلت إلى مجارٍ مائية مسمومة، أما الجبال الباسقة فلم تسلم من عمليات الهدم والتجريف.

هذا ما فعله التعدين بكوكبنا الجميل، ويمكنكم أن تتخيلوا الفظائع التي ستحدث إذا أُطلقت هذه العملية في أعماق المحيطات،  ولسوف تكون بذرة البدء في القضاء على ما تبقي من المؤثرات الإيجابية في هذا الكوكب المريض!

لقد قامت اللجنة الرئيسية في البرلمان النرويجي بخطواتٍ كبيرة اتجاه إقرار هذا القانون وأمامنا العالم المهتم بالتغيرات المناخية بضعة أسابيع فقط لنقنع البرلمان بعدم إقرار هذا القانون الذي يعمل سلباً على المناخ العالمي وتحت أيّ ظرف من الظروف يجب وقف مثل هذه التعديات.

واليوم تعارض الدول الساحلية مثل فرنسا والمملكة المتحدة وكندا عمليات التعدين الخطير وغير المدروس في أعماق البحار، ولكن تغيير موقفها لا يتطلب سوى أن تبدأ النرويج تلك العملية، ورئيس الوزراء النرويجي يوناس غور ستوره يتحدى اليوم الضغط العالمي المتنامي ويدعو أعضاء البرلمان للمصادقة على مشروع التعدين في أعماق البحار.

ولكن ما يبشر بالخير هو أن العالم يراقب ما يجري، وقد تناقلت وكالات الأنباء الأخبار في النرويج بأن رئيس الوزراء يتعرض للانتقادات على المستوى العالمي وأنّ المشرّعين يتعرضون لضغطٍ هائل ولكن ما ذال العمل على تمرير هذا القانون على طاولة البرلمان النرويجي للقرار والعمل به.

لذلك لا يفصلنا عن التصويت النهائي سوى ٤ أسابيع، ويمكن للعالم عبر الضغط الشعبي العالمي وضغط الحكومات أنترجح كفة الميزان لصالح إنقاذ المحيطات، وخصوصاً أن النرويج لا تتعرّض غالباً للحملات الشعبية العالمية لذا ندعوا العالم اليوم وخاصة الحكومات المؤثرة لاتخاذ موقف ايجابي اتجاه البرلمان والحكومة النرويجية في هذا الصدد.

لذا يرى الخبراء أن التعدين في أعماق البحار سيقضي بالكامل على جميع الكائنات الحية في مواقع التعدين، وسيؤدي إلى اختفاء النظام البيئي للأنظمة الأحيائية وهو ما سيفضي بالنهاية إلى عواقب لا يمكن للعالم اليوم  تقديرها.

لذلك، يجب أن تعم لتلك الدول ذات السيادة والمؤثرة في القرار العالمي لإيقاف خطة النرويج المدمرة قبل أن تنضمّ إليها باقي البلدان التي تفكّر جدياً بإطلاق حملة تدمير قاع المحيطات، على غرار ما فعله العالم من قبل بجبالنا وأنهارنا وغاباتنا.

تخيلوا لو أننا امتلكنا فرصة منع استخدام الوقود الأحفوري قبل أن نقوم بحرق كوكبنا وتشويهه واستنزافه وتلويثه وإيصاله إلى حافة الانهيار، وهذا بالضبط ما نحن كمسؤولين على الحفاظ على الكوكب على وشك القيام به في المحيطات ايضاً.

تدعو العديد من البلدان المؤثرة، وحتّى الشركات الخاصة، إلى فرض حظرٍ أو وقفٍ مؤقّت على أقلّ تقدير على أنشطة التعدين البحرية هذه بهدف كسب الوقت لوضع التشريعات المناسبة بدلا من المضي قدماً في خطوات غير مسؤولة قد تكلف الكوكب ما لا يتحمله والذي يغير من طبيعة المناخ عليه تأثيرات حادة ومميته للكائنات الأخرة وأولها الأنسان الذي يمد يده بالتخريب ظناً منه أنه على صواب في استخدام ما يملكه على الأرض الذي يعيش فيها متناسيا أن ذلك الكوكب هو مكان مشترك لجميع الأحياء عليه ولا يحق لحكومة ما اتخاذ قرارات سلبية منفردة في الأضرار بمقدرات الأحياء لهذا الكوكب المريض.

سيقوم أعضاء البرلمان النرويجي بالتصويت على قانون التعدين في أعماق البحار خلال ٤ أسابيع، ويمكن للعالم أن يحشد الجهود مع البلدان الملتزمة بحماية المحيطات في وجه السياسيين مثل رئيس الوزراء النرويجي ستوره، لذا ندعو العالم لتشكّل جبهةً من المدافعين الحقيقيين عن المحيطات وعن المناخ للوقوف في وجه هذه التعديات السلبية .

لطالما وقف أحرار العالم وعلمائها دفاعاً عن المحيطات وعن المناخ والأنواع الحية التي تعيش فيها، حيث ساهم العالم في إنشاء واحدةٍ من أكبر المحميات البحرية في التاريخ، كما تم حشد الملايين واقتنعت أوروبا بإغلاق مرافئها في وجه صيادي الحيتان عندما أصبح الحوت الأزرق على وشك الانقراض، ويمكن للعالم اليوم أن يوحّد جهوده من خلال المهتمين بحماية المحيطات ومخلوقاتها الرائعة من خطرٍ وشيكٍ آخر هو الدمار طويل الأمد الذي لا يمكن إصلاحه في المواطن الطبيعية البحرية.

بأملٍ لا ينتهي وعزيمةٍ لا تلين ادعو احرار العالم وعلماء البيئة والعاشقين للطبيعة والحكومات والشعوب للحفاظ على ما تبقي من كوكبنا آمل إلا تخور تلك الروح سدي دون تحقيق الغاية المثلي في الحفاظ على البيئة وإلا تزداد التغيرات السلبية للمناخ أذا ما استطاع العالم ردع تلك الأعمال السلبية فقد بات الكوكب إلي حاجة ماسة للحفاظ على ما تبقي منه وليس ذلك فحسب بل يجب على العالم السير قدماً في أصلاح ما أفسدته أيديهم على مر الحقب والعقود الماضية والتي كانت تعمل فيها الحكومات بلا وعي أو تفكير في حياة الكوكب برمته.

***

بقلم / احمد عزيز الدين احمد

كاتب وروائي وشاعر

 

قبل تحرير العراق من براثن الدكتاتورية التي كانت جاثمة على صدور العراقيين لثلاث عقود من الزمن والتي أحجمت دور الكفاءات من التكنوقراط ذات الإختصاص الدقيق من تطوير قابياتهم لقيادة المجتمع وإنحسار القيادة في مجموعة من الذين تمرنوا على توزيع الظلم على الشعب دون إستثناء بحجج واهية ما أنزل الله بها من سلطان، ومنعهم من مواكبة التقدم الهائل في عصر التقنيات والتكنولوجيا الحديثة مما إضطر العديد منهم للهجرة وترك الوطن الأم نتيجة للضغوطات التي كانت تمارس ضدهم لمجرد عدم إنتمائهم للعمل السياسي الموجه من قبل حزب معين، للعمل في دول أجنبية ترعى أصحاب العقول وتوظف قدراتهم العلمية لخدمة مجتمعاتهم التي وجدت لخدمة الإنسانية بشكل عام مع وضع الدولة كافة إمكانياتها تحت تصرفهم لفسح المجال لهم للإبداع في إختصاصاتهم .

ومن المسلم به أن القيادة هي فن التأثير على الآخرين وتوجيههم للعمل نحو تحقيق الأهداف المرسومة من قبل القيادة وفق آلية إستراتيجية تضع خدمة المواطن نصب عينيها وبكل أمانة وإخلاص ونزاهة بعيدة عن الصفات اللامسؤولة التي تجعل من القائد صغيراً بأعين من هم بمعيته وتفقد الثقة بينهم، لكن بدأت في الآونة الأخيرة وتحت غطاء ومسميات مقبولة من الديمقراطية وبإسلوب الإنتخابات غير النزيهة المدعومة من جهات لها مصالحها في إختيار شخصيات هزيلة لا تنسجم ومعطيات المرحلة الراهنة في الوقت الذي يعاني فيه العراق من دمار للبنى التحتية وتفشي الفساد المالي والإداري في جميع مؤسسات الدولة وفقدان الأمن والعمل وفق مبدأ المحسوبية والمنسوبية ووضع المصلحة الشخصية فوق المصلحة العامة، ومن هنا يمكن القول حقيقة بأن العراق يعاني من أزمة بروز القادة والشخصيات القوية الذين يتمكنون من إنتشال البلد من الوضع المزري الذي يمر به نتيجة للصراعات بين أطراف العملية السياسية والعمل على خرق بنود الشراكة الحقيقية وفقدان التوازن والتوافق على القرار السياسي والتعمد في تهميش وإقصاء البعض مما زاد في الطين بلة .

في العراق والتي تعتبر الدولة الوحيدة التي تختار قادتها بالأموال والرشاوى دون النظر الى سمات القيادة التي يجب أن تتوفر في الشخص المختار وعليه فالفشل يكون حليفهم جيلاً بعد جيل والمجتمع يعاني من أبسط الخدمات الضرورية للعيش برفاه وأمان، وتتحمل القوى السياسية كافة مسؤولية ما وصل اليه البلد من فشل الى فشل على مدى سنوات من الخلاص من النظام البائد .

أما آن لهذا الوطن أن ينعم بقائد وطني في الوقت الذي طال إنتظاره بالرغم من أن البلد يزخر بالكفاءات الوطنية ممن يتصفون بصفات القيادة وبما يؤهله لقيادة العراق الى بر الأمان ليوصل الليل بالنهار لخدمة شعبه ويطوي حقبة من الظلم والتهميش والمعاناة التي جعلت من العراق لقمة سائغة لكل من هب ودب للتحكم بمقدراته غير مراعياً لمعاناتهم وهمومهم اليومية التي أصبحت حديث الشارع العراقي، فالى متى يبقى البعير على التل؟

***

حسن شنكالي

 

تماما مثلما فعل زعيم النازية أدولف هتلر باليهود خلال الحرب العالمية الثانية يريد الصهاينة اليوم استرجاع كرامتهم التي لم يجد لها هتلر حينها أي وجود ولم يعثر لها على أثر وعلم وقتها أنهم حيوانات ليس لهم إلا المحرقة، كذلك يفعلون بأهالي غزة وبالفلسطينيين ويتمنون أن يفعلونه بالعرب أجمعين فجعلوا غزة محرقة اسرائيل الكبرى، وجردوا الشباب من ثيابهم في الشارع واقتادوهم في عربات مكشوفة الى جهة مجهولة !!

حقيقة لقد فعلت النازية الألمانية باليهود ما يندى له جبين الأحرار، ولكن أن يستأسد بني صهيون على الشعوب المسالمة بعد أن عاشوا قرونا آمنين وسطهم فهذه مصيبة، وأن يستعينوا بالعدو الغربي من الضالين والمغضوب عليهم من أهل الكتاب فهذه مصيبتين، حرق المدن وتهديم المساكن فوق رؤوس المواطنين ليلا، والتفتيش العاري للنساء داخل الزنزانات الانفرادية ! وتجريد مئات الشباب الفلسطيني من ثيابهم في الشارع في شهر ديسمبر البارد من عام 2023 وقتل الأطفال والنساء وتهديم المستشفيات والعيادات فوق رؤوس المرضى بعد قطع الكهرباء والأدوية عنهم ثم نزع أعضاء الشهداء وضحايا التعذيب الوحشي بالسجون وسلخ جلودهم،كلها من ممارسات الصهيونية الوحشية اللعينة المأخوذة من مخلفات النازية القميئة، لم يقمع جبروت النازية الألمانية وحليفتها الفاشية الإيطالية وباقي دول المحور مثل اليابان إلا التحالف البريطاني الفرنسي والتدخل العسكري الأمريكي، ويخطئ من يظن أن دول الحلف الأوروبي كانت تهدف استرجاع السلام والأمن الدوليين، لأن كلا من بريطانيا وفرنسا كانتا دولتين استعماريتين تستعبدان الشعوب وتحتلان أكثر من ثلثي دول الكرة الأرضية، ولم يحيد الكيان الصهيوني عن الخط عندما شارك بريطانيا وفرنسا في العدوان الثلاثي على مصر خلال حرب السويس عام 1956 واعتمد على الدعم الأمريكي المباشر في حرب 1967على مصر أيضا، كما لم يسبق أن تجرأ على الانفراد بقراره بعيدا عن الإدارة الأمريكية صاحبة الأمر والنهي في شؤونه، بمعنى أوضح أن ما يجري في فلسطين هو بعلم أمريكا، وقدّر الكيان الصهيوني في غض بصرها وإصابتها بالطرش أنها فرصة للتمادي أكثر.

ما أسعد ألمانيا وهي ترى الكيان الصهيوني يمارس نفس أساليب النازية القديمة في حق أجداد وآباء هؤلاءالصهاينة والتي بسببها اتهمها العالم بالإجرام في حق الإنسانية ووصموهم بالوحشية المفرطة على من كانوا بالأمس ضحاياها، والآن صار أبناؤهم بإجرامهم يعيدونها كالتلاميذ النجباء بأيديهم في حق الفلسطينيين العزل.

الصهيونية النازية مزيج بين إيديولوجيتين مضطربتين، غير مأمونتين،مهووستين بالذاتية القميئة والعنصرية القبيحة، ويتميزان بجوانب خفية شديدة العداء للإنسانية لا تفصح عن نفسها سوى في النزاعات السياسية و الصراعات العسكرية، إن ما يفعله الصهاينة بأهالي غزةc'est deja vuشوهد من قبل مطبقا على جدودهم اليهود في ألمانيا، ويجب عليهم أن يشفقوا على أنفسهم وعلى أبنائهم منه،وهم يعلمون مدى الألم أن يرى المرء أهله ضحايا الحرق أوالموت تحت الأنقاض، والجميع يعلم أن ما قهر الألمان عام 1945 ما زال هو نفسه صالحا للاستعمال في 2023وفي كل وقت .

***

صبحة بغورة – كاتبة وأديبة مغربية

الواقع الكوكبي المعاصر إنقلبت فيه الموازين وعادت عقارب الساعة إلى الوراء فتجاوزت القرن العشرين بكثير، وأصبحنا أمام إنطلاقة إفتراسية متوثبة متوحشة تمتلك أدواتها المتطورة القادرة على الفتك بأهدافها، وتمرير مصالحها وتدمير مَن يتصدى لها ويواجهها.

فالعالم على شفا حفرة من النار!!

ومنذ فترة، تحفزت فيه أسود، وتأسّدت أرانب، وتوسعت ميادين المواجهات وسوح الصولات، وإنتقلت التفاعلات إلى تحديات عدوانية غابية الطباع والتطلعات.

ويبدو أن الكرة الأرضية قد إختل دورانها، وإرتعشت أوصالها، وأطلقت قوانين القوي يأكل الضعيف، في عالم يطغى فيه الإقتدار على الإنهيار، وتنبعج القوى في وديان الإنحدارات الحضارية المنخفضة، وفقا لقاعدة الأواني المستطرقة، فالقوة ما أن تطفح حتى تفيض، وتجري في السهول والمنحدرات المؤهلة للخضوع لإرادتها المنفلتة.

ومن المنخفضات الواضحة والعميقة في العالم منطقتنا العربية، التي فيها قواعد المفترسين، وتخضع ونخنع لإرادة الطامعين بها، وما تمكنت دولها من تحرير إرادتها من القابضين على مصيرها، منذ مطلع القرن العشرين.

وبما أن الأقوياء أخذوا يتململون، ويقتربون من الأزمات الإقتصادية القاسية، فأنهم سينطلقون نحو إفتراس ما يستطيعونه من دولنا لكي يعالجوا أزماتهم الإقتصادية والستراتيجية، وهذا يعني أن الدول الغنية في المنطقة ستكون في أولويات الأهداف، وقد تحصل إحتلالات غير متخيلة، وتفاعلات تساهم في إمتصاص الثروات وتغزيز أسباب القبض المحكم على فوهات آبار النفط، وما يترتب على ذلك من إستلاب وإنتهاب وإذلال وتدمير وخراب.

هذه قراءة معقدة لسلوكيات بشرية تكشف مساراتها شواهد تأريخية وبراهين متكررة عبر العصور.

فهل ستشهد المنطقة تداعيات مصيرية، وتتحول أثراها إلى مستعمرات ودول تحت الإنتداب الديمقراطي الجديد؟!!

وهل سيكون قريبا أم بعيدا ومن أخوات المحال؟!!

***

د. صادق السامرائي

15\6\2022

الإعلامي الإسلامي احمد منصور كمثال

الغاية التي اريد ان اصل لها في هذه المقالة هي ان عقلية الكثير ممن يعتبرون بالعرف العام انهم من الطبقة الجامعية والمثقفة والمهنية هم في حقيقتهم أناس مؤدلجون، يقدمون فيها الآراء المسبقة التي يمتلكونها بناءا على انتماءاتهم القومية والدينية والمذهبية والحزبية على الموضوعية والواقعية والحيادية، وهو ما يعتبر واجب على كل مثقف بان يوصل هذه المعلومات والحقائق والأرقام كما هي لعوام الناس من دون ان يتدخل في اختياراتهم فيصبغها بايدلوجية قبل نشرها وهذه المهمة تصبح مضاعفة على من يعمل في مجال الاعلام. واستنادا لهذه المقدمة البسيطة سوف نأخذ الإعلامي احمد منصور والمحسوب على التيار الإسلامي الإخواني كنموذج.

الإعلامي المصري أحمد منصور واحد من اشهر العاملين في قناة الجزيرة القطرية. عمل في بداياته كمراسل لعدد من الصحف العربية في تغطية احداث أفغانستان خلال الثمانينات وكذلك لأحداث كوسوفو في التسعينات لاحقا، كما وعمل مديرا لأحدى المجلات في الكويت وأخيرا استقر به المطاف في قناة الجزيرة أولا كمراسل لها في العراق بالخصوص لتغطية احداث الفلوجة واستمر بعدها معها حتى صار احد اهم مقدمي برامجها ومن اشهرهم. خريج كلية آداب في مصر وذو توجهات إسلامية واضحة وقريبة من تنظيم الاخوان المسلمين السلفي والذي تعتبره عدد من الدول العربية تنظيم إرهابي خطير على أمنها الوطني.

فرغم انه حامل لشهادة جامعية واحترافه للأعلام منذ أواسط الثمانينات الا ان لقاءاته وكتاباته يغلب عليها طابع الانحياز واللا موضوعية والذي يظهر جلي من خلال الأسئلة الموجهة لضيوف الحلقات التي يقدمها والتركيز على مواضيع واهمال أخرى. وكمثال لتوضيح هذا الانحياز بشكل جلي سوف نأخذ قناته على تطبيق التيليغرام (صفحته على الفيسبوك ليست نشطه بشكل كافي) والتي يتابعه فيها حوالي 80 الف شخص الان (في بداية الاحداث كان الرقم هو 65 الف) ولنرى كيف غطى احداث غزة الأخيرة منذ 7 أكتوبر \ تشرين الأول ولحد الان. قناته قبل الاحداث كانت تنشر بين 2-4 اخبار يوميا لكنها قفزت في يوم 7 من تشرين الأول الى حوالي 140 خبر ثم خلال الأسبوع الأول نزلت الى مستوى 110-120 خبر في اليوم والان وصلت الى حوالي 20-30 خبر في اليوم الواحد. أتصور ومن خلال تقدير اولي ان الموقع قد نشر حوالي 1500 خبر من اول يوم للأحداث ولحد الان وهو رقم كبير جدا وبكل المعايير. لكن نلاحظ انه من هذا العدد الهائل من الاخبار نجد ان الاخبار حول جبهة لبنان ومعها اخبار حزب الله اللبناني وايران ومحورها لا تتجاوز الثلاث اخبار تقريبا لا غير حسب ما انا احصيته وبجهود فردية في الأيام الأولى، وقبل أيام نشر فلم عن قصف حزب الله لشمال إسرائيل وايقاع دمار كبير وكذلك نشر فلم استيلاء الحوثيين على سفينة في البحر الأحمر وهذين الفلمين نشرهم بعد انقطاع لأسابيع عن نقل او نشر أي شي متعلق بالمحور الإيراني حتى انه تجاهل كل ما صرح به وزير خارجية ايران طوال كل هذه المحنه وكذلك الضجة الإعلامية حول خطبة الجمعة للسيد حسن نصر الله والتي توقع الكثير بانه سيعلن عن الحرب البرية الكاملة. حوالي خمس اخبار تقريبا لا غير طوال فترة 45 يوم من الاحداث والكلام والذي كان للمحور الإيراني فيها نصيب الأسد.

طبعا التعليقات على هذه الاخبار الخمسة كان بالمئات والغالبية العظمى منها كانت تعليقات طائفية وعنصرية ممزوجة بسب واتهامات واستهزاء وسخرية وانها مسرحيات ومؤامرة وخدعة وما شابه من تعليقات، وهذا يشير بكل وضوح الى نوعية وطبيعة المتابعين لقناته وبالتالي لآرائه وتحليلاته التي تجذبهم لمتابعته. الغريب ان اخبار الصراع الإعلامي بين أمريكا وإسرائيل من جهة وايران ومحورها من جهة ثانيا تملئ وسائل الاعلام العربية والأجنبية بما فيها الجزيرة التي يعتبر هو من اهم مقدمي البرامج فيها ومجموعة العربية وغيرهما. ولا استطيع تصور سبب لهذه المقاطعة المقصودة الا انها لأسباب عنصرية طائفية خصوصا اذا ربطناها بموقف حركة الاخوان المسلمين المصرية وموقف الشيخ المرحوم القرضاوي احد اهم مفكري وشيوخ الدين في تنظيم الاخوان المسلمين من ايران ومن الشيعة، والا كيف يمكن ان نفسر هذه الظاهرة الغريبة المتمثلة بتجاهل اخبار المحور الإيراني التي تملئ الاعلام والصحافة.

وهذا ما يقودنا الى الإجابة على تساؤلات تطرح باستمرار وفي كافة المجالات وعلى كافة المستويات وهي مسالة لماذا نحن متخلفون عن الكثير من الدول في العالم، وما يتبع هذا التخلف من ضعف اجتماعي وسياسي واقتصادي وعسكري وامني. بالنسبة لي المشكلة تكمن في طريقة التفكير لمجتمعاتنا على مستوى الفرد وعلى مستوى الجماعة، واهم هذه الطرق هي تقديم المتبنيات الفكرية والعقدية والايدلوجية على الحيادية والواقعة والموضوعية وبتالي يصبح ما ينشره المثقف والسياسي ورجل الدين هي عبارة عن أخبار ومعلومات مشبعة بتلك الآراء المسبقة ومنحوته بشكل على الأقل لا يتعارض معها، ولكن هذا النحت والتحوير يجعل تلك الاخبار المنتشرة في المجتمع مشوهه وحتى تصل الى درجة الانحراف اذا ما تتابعت الاخبار واستفاضت. ولهذا نجد ان مجتمعاتنا مملوءة بالتناقضات والصراعات التي لا قيمة لها ومؤمن بتلفيقات وقصص وهمية واحلام وردية وتمنيات لاواقعية، وكل هذه الأمور تؤدي بالمجتمع الى الوقوع في كوارث لا حصر لها تستهلك جهوده وامكانياته وبالتي توصله الى طريق مسدود ويظل يدور في حلقة مفرغة لا نهاية لها رغم الجهود والأموال والاعمار التي تهدر. وينتهي بالمجتمع في نهاية المطاف بان يظل في خانة الدول النامية ويدور في حلقات مفرغة تؤدي به الى البقاء متخلف اجتماعيا وحضاريا. طبعا هناك عوامل أخرى لا مجال لبحثها الان.

ادعوا كل مثقف واعي مهما كانت خلفيته العقائدية والايدلوجية، إسلامية علمانية يسارية ماركسية يمينية، الى تبني الفكر الواقعي ونشر الاحداث والاخبار كما هي والابتعاد عن تقديم الايدلوجيا على الواقع والالتزام بالحيادية والموضوعية وترك الانسان العربي ليصل الى الفكرة الصحيحة بنفسه بعيدا عن كل التزويقات والألوان التي يحاول الكثير صبغ الخبر والحدث قبل نشرها لأجل ان يتم وصفه بانه انسان مبدئي ملتزم، لان هذه المبدئية والعقائدية وبهذا الاسلوب السيء ستدفع الاخبار والوقائع المنشورة بان تكون بعيدة عن الحقيقة مما يؤدي الى نتائج سلبية على عقل المتلقي، فعلى المثقف عدم لبس اي نظارة عندما يتعامل مع ما يحتاجه الانسان العربي من معلومات وان يتبنى العقل النقدي البناء في تعامله مع ما يدور حوله ويلتزم بالموضوعية على طول الخط وان يطرح اراءه ومبادئه بشكل مستقل بعيدا عن الاخبار والوقائع. اذا نجحنا في ذلك عندها فقط يمكننا ان نتحدث عن العقل العربي السليم وعن السير في طريق التقدم الحضاري والا فسنظل ندور وسنظل نلقي باللوم على الاخرين من الدول والحضارات وننسى انفسنا.

***

عارف الجواهري

منذ هزيمة اسرائيل المذلة في حرب أكتوبر 1973 وضع الجيش المصري قوة اسرائيل المزعومة  أمام العالم في حجمها الذي تستحقه،وفي وزنها الذي لا يتجاوز جناح بعوضة،وهو ما بدا جليا في عدوانها على قطاع غزة حيث أكملت كتائب القسّام المهمة وفضحت وهم القوة الإسرائيلية الذي لم يتعد حدود الادعاء الفارغ .

الحديث عن أسطورة اسرائيل العسكرية مرادف للخرافة  القائمة على الكذب الذي ظلت الدوائر الإعلامية الغربية والموالية للصهيونية تردده وتمجده وتعيده وتكرره أملا أن يتأثر الناس بقولهم فيصدقونه وبالتالي يتحقق هدفها بأسط الوسائل وهو ترهيب الشعوب العربية ببعض المقالات المنمقة لمن يدفع أكثر وهي لا تتضمن سوى القليل من المعلومات البسيطة  والكثير من الكذب تخاطب بها عقول البسطاء لتثبط عزائمهم، وتخور قواهم وتضعف إرادتهم، وعليه يسهل تحقيق هدف آخر للصهيونية وهو تشكيل رأي عام واسع داخل المجتمعات العربية يمثل فيما بعد قوة اقتراح انهزامية تدعو إلى تجنب إحداث دمار وخراب العواصم والمدن العربية، والحقيقة عدم سفك الدماء الإسرائيلية لأنهم يعلمون أن الدماء العربية هي مداد تكتب به شهادات التضحية والاستشهاد، والأكثر أن دماءهم لا تسطر سوى بضعة أسطر فارغة تصف أبعاد الأسطورة الكاذبة . طبيعة الخرافة أنها ضعيفة المنطق لا تقوى على الصمود أمام الحقائق الناصعة، ولا تقوى على الاستمرار أمام الحجج الكاشفة، لا يمكن لإسرائيل بهذه الصورة المهزوزة الخالية من الملامح الأساسية للدولة أن تدوم، فلا بقاء لها وخوفها يقتلها في النهار ألف مرة، و وجودها زائف حتى ولو توارت خلف الأسطورة.

الوهم مرض، ولا شك أن الطرف الواهم أنه قوي، متكبر متجبر يجلب على نفسه المتاعب، ويعرض نفسه ومن معه للخطر. عاشت إسرائيل منذ ان احتلت الأراضي العربية في فلسطين على كذبة ساعدت بعض الظروف القاهرة والمؤامرات الخارجية عام 1948على تأكيدها فأصبحت حقيقة ثابتة في الوجدان العربي وهي أن القوة العسكرية الإسرائيلية لا يمكن أن تقهر، وبرغم أن من أهم نتائج حرب تحرير سيناء عام 1973من المغتصب الإسرائيلي هو سحق الجيش الإسرائيلي وقهر قوته في حرب شاملة بالقوات المسلحة البرية والجوية والبحرية والدفاع الجوي خلال مدة 6 ساعات فقط، فقد بقي القادة الإسرائيليين أسرى وهمهم الأبدي بأنهم قوة لا تقهر، واليوم ونحن في أواخرعام 2023 ما زال هناك من يردد مع كل دبابة تقصف وكل جندي إسرائيلي يقتل نفس المقولة وبذات المفردات، إنهم كالمرأة القبيحة التي تظل تردد أمام المرآة من أعماق قلبها أنها هي أجمل الجميلات..

صورة إسرائيل تختصر ملامحها في كلمة واحدة . الكذب، الخرافة كذب، والوهم كاذب، ولا يكون الحديث كذبا إلا في غياب الصدق، والكذب شر، ولا يكون الشر شرا إلا في غياب الخير.

***

صبحة بغورة 

(عود على بدأ لصفحات لم ولن تنسى من المجد والكرامة)

  لم تخطىء كثيرا رئاسة الوزراء العراقية حين ردت على استفسار المحكمة الجنائية المشكلة لمحاكمة الصحفي منتظر الزيدي، معتبرة زيارة الرئيس الامريكي للعراق قد تمت بناءا على دعوة رسمية وجهت له من قبلها. وعلى ما أرى فقد كان من الاولى الاجابة على ذلك التساؤل بالقول: بأن الرئيس جورج بوش الإبن، هو من وجّه الدعوة للرئاسات الثلاث في العراق، رئيس الدولة العراقية، رئيس البرلمان وأخيرهم رئيس الوزراء. وليس هناك من ضير في ان تكمل,لو أكملت، بأنه قد تم استقبالهم جميعا في قصر الرئاسة الامريكي المقام في بغداد والمخصص لتلك الزيارات.

 عن تلك اللحظات التي نتحدث عنا فقد كرماء والى أبعد الحدود، حين قمنا برفع وحضر كل الاجراءات الرسمية البرتوكولية التي ينبغي الالتزام والقيام بها في هكذا مناسبات. وسائل الاعلام المقروءة والمسموعة والمرئية من جهتها، نقلت مراسيم استقبال كل المسؤولين العراقيين، وكيف كان الرئيس الأمريكي يرحب بضيوفه (الكرام) وعلامات الدهشة والتعجب بادية على محياهم جميعا، وكذلك تلك الحفاوة والحرارة الفائقة والتكلف الزائد عن اللزوم حين المصافحة، أيضا العناق الخاطف على والطريقة الغربية وليس على الطريقة الشرقية التي إعتدنا عليها، مما يثبت ثانية بأن مراسيم الاستقبال قد تمت في حضرة الرئيس الامريكي وتحت ظلاله الوارف.

 والشيء الاخر الذي يثبت بأننا في ضيافة الرئيس، هي الحيرة التي انتابت المسؤولين في تحديد المكان والكيفية التي دخل منها الى بغداد. فأبو جعفر المنصور طيب الذكر حين بنى عاصمته، وضع في حسابه ضرورة السيطرة الامنية على مداخلها وزاد من أعداد العسس مخافة الاعداء وذوي النوايا السيئة (لا أدري ان كان الامريكان يعدون من هذا الصنف أم لا) ومن اي البوابات ولج فخامة الرئيس المفدى، فهل من باب المعظم أم من الباب الشرقي أم من باب القبلة في الكاظمية أم شطحت به الجغرافيا ودخل من باب الطوب في الموصل أم أن الحقيقة تقول، بأنَّ أبوابنا باتت مشرعة، لليسوه والميسوه وصار العراق (خان جغان).

 هل تتذكرون حين حط الرئيس الامريكي السابق جورج بوش الإبن بطائرته الخاصة مضارب الدليم في غرب العراق، وجعل من خيمة رئيس مجالس الصحوات في العراق آنذاك الشيخ أحمد ابو ريشة مكان استقبال ضيوفه من قادة الدولة العراقية الجديدة؟. هل تتذكرون كيف قطع هؤلاء الزعماء التزاماتهم الرسمية وغير الرسمية وتداعوا تباعا وبسرعة قياسية، من أجل تلبية الدعوة ورغم أنوفهم للقاء بالرئيس الامريكي، وعلى أرض ليس هناك من خلاف على عراقيتها.

 قد يتهمني البعض بعدم اطلاعي بشكل كافي على ما يجري من تطورات سياسية وادارية في أرض السواد، خاصة واني قد قضيت أكثر من نصف عمري مغتربا أو هاربا ان شئتم، فلربما يكون قد صدر مرسوم رئاسي، على حين غفلة مني ومن غيري، يقضي بجعل احدى مدن الانبار عاصمة صيفية للعراق الجديد، علما ان فكرة العاصمة الرديفة هو نظام معمول به في بعض الدول، حيث تجعل من احدى مدنها المهمة عاصمة اقتصادية أو ثقافية.

 وشروط الدولة الكاملة السيادة وغير المنقوصة، معروفة المعالم وجرى تثبيتها في المواثيق التي أقرها المجتمع الدولي وهيئاته. وبالنسبة للعراق فهو عضو كامل السيادة وكما يُفترض ومنذ العشرينات، وجرى تدعيم ذلك في الأربعينات ومع تأسيس المنظمة الدولية والتي سميت حينذاك بعصبة الامم، وبحدوده المرسومة والمقرة، والتي توارثناها أبا عن جد. وعندما تحدث المنازعات بين دولة واخرى بسبب تجاوز ما، سيتم الشروع بحلّها عبر الطرق الدبلوماسية، واذا ماعجزا عن ذلك فسيتم التدخل وبناءا على طلب يقدم من قبل هذه الجهة او تلك، وصولا الى حل الازمة. وعن ذلك فهناك في ذلك  فهناك أمثلة كثيرة، ابتداءا بمشكلة المياه وانتهاءا بتعديل الحدود وترسيمها.

 اذن هناك آلية دولية، جرى اعتمادها من أجل حل أي النزاعات بين دولتين أو أكثر. غير اننا العراقيون، بُتنا امام مأزق كبير بل كارثة حقيقية، فالامر لايتعلق بخلاف حدودي بسيط، بل نحن تحت وطأة احتلال غاشم، بسط سيطرته على كافة المنافذ والحدود، وعلى أرضه وسماءه ومياهه، والاتفاقية الامنية التي عقدت بين امريكا والعراق، أكدت وكررت وللمرة الالف، بأننا بلد محتل والسلطات المهمة جلّها تحت قبضته، فما من تشكيلة وزارية ولا من اقرارميزانية ولا من علاقات دبلوماسية ولا.. ولا .. الا وكانت تحت رغبته وإرادته، او على الاقل بدراية وعلم منه. واذا ما تساهلنا قليلا وخففنا من غلواء هذه التهمة، فهي أي (قوات الاحتلال)، مَنْ إرتضت لنفسها أن تكون كذلك وتحمل هذه الصفة  ودونما إكتراث أو إلإلتفات للشرعية الدولية وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها.

والحديث عن استقلال القضاء العراقي هو ضرب من ضروب الإدعاء والتمني ليس الاّ. فقد كان امام الجهاز القضائي فرصة ذهبية ليثبت مدى استقلاليته ووطنيته، وذلك خلال مجريات المهزلة التي تم فيها محاكمة الصحفي منتظر الزيدي. فبدل من ان تصدر قرارها الجائر بحبسه ثلاث سنوات، كان عليها ان تفرج عنه فورا، ويجري تكريمه، لتصديه لشخص غير مرغوب فيه، وأيضا لإختراقه الحدود ودخول البلاد بدون إذن، وكذلك لعدم توجيه دعوة رسمية من قبل الحكومة العراقية للسماح له بزيارة البلاد.

واذا كانت الحكومة العراقية قد إستهدفت من وراء محاكمة الصحفي العراقي رد الاعتبار (لكرامة الرئيس) التي هدرت بسبب من تلك الفعلة، فالوسيلة التي وُضفت في إهانة مَنْ سميتموه ضيفا، لم تكن لترتقي الى اسلحة الدمار الشامل التي أستخدمت في تدمير العراق، ولم تهدر كرامات العراقيين من قبل كما هدرت على أيدي قوات الاحتلال في سجونها، والتي أقامتها خصيصا للمقاومين والمتصدين لمشروعها. كذلك ليس بجديد في أسلوب التعبير الغربي حين الاحتجاج على زائر بتلك الوسيلة او بأخرى كالبيض الفاسد. بالمناسبة وعلى ذكر البيض الفاسد فقد قررت احدى المحاكم البريطانية تغريم أحد مواطنيها بغرامة مالية، تساوي قيمتها غسل وكوي الملابس التي ألحقَ الضرر بها، بسبب القاء البيض الفاسد على أحد المسؤولين الكبار. وفي حادثة منتظر لم يقع أي ضرر فاحدى الرميتان أخطأت الهدف وفي الثانية جرى تلافيها بأعجوبة. والى رمية أخرى قد تصيب الهدف, ولاندري على من ستكون.

 وللتذكير فقط، فبحوزة الشباب العراقي المعارض للعملية السياسية التي جاء بها المحتل، مختلف الأشكال والأنواع والقياسات من الأحذية ولكل المواسم، والتي تنتظر الإنطلاق نحو رؤوس يانعة، تستحقها بإقتدار عالٍ، وأعتقد أن أمر توقيتها قد دنى كثيراً.

***

حاتم جعفر - السويد ــ مالمو

هناك مراحل أساسية في مسيرة الإسلام لم يتم الإقتراب منها بموضوعية وعلمية، كفترة تواجد النبي في المدينة (10) سنوات، وفترة الخلفاء الراشدين (30) سنة، وحياة النبي قبل النبوة وفي مكة، التي لا يوجد الكثير عنها، ولا مدونات للقرآن حال إملائه على كتاب الوحي.

أين ذهبت الأدلة والوثائق؟

فالسائد سطوة (قال)، التي فاقت المنطق وقضت على المعقول، وتسيّد المقدس، فكل شيئ محفوظ في الصدور.

فتنسب أقوال للرموز، لو جمعناها وقيمنا ما فيها من الأفكار والرؤى، لتبين أنها بحاجة لوقت لتنضج عند قائلها، مما يعني أنها تستوجب أضعاف عمر المنسوبة إليه.

وتجدنا أمام مدونات محكومة بالمداد المقدس، وما تحقق إنجازه منها بعد أكثر من قرن هو الصحيح والصائب وغيره بائد.

وهنا تظهر إشكالية لأن المصادر المعتمدة قولية، ولا توجد براهين وأدلة مدونة وراسخة يمكن الإعتماد عليها.

والقول المنقول بين الناس يتعرض للتحريف لطبيعة الذاكرة، مما يعني أن في كل قول نسبة من الخطأ والصواب، ولا يُعرف لماذا صار المنقول يميل للصواب لا غير.

هذه الإشكالية خطيرة وأسهمت في إجبار قادة الدولة العباسية الأوائل لإيجاد حل لها، فكان لابد من إنطلاق التدوين وبناء التراث المطلوب، الذي على الأجيال أن تتواصل على سكته.

فلو لم يتم الشروع بالتدوين، وهذا أعظم إنجازات الدولة العباسية، لما بقي أثر.

كما أن أعظم إنجاز في دولة الخلفاء الراشدين هو جمع القرآن وتدوينه، ولولا هذه الخطوة الفذة لما توارثنا القرآن.

وتبقى أسئلة كثيرة بلا أجوبة، منها لماذا لا توجد مدونات في مكة والمدينة وهناك مَن يجيد الكتابة.

لماذا أغفل المسلمون أهمية التوثيق، والتدوين معروف في جميع الحضارات القديمة، والديانات الأخرى في الجزيرة.

ويأتي في مقدمة القادة الذين أغفلوا التدوين ربما معاوية بن أبي سفيان، فهو يقرأ ويكتب ويوصف بأنه كان من كتاب الوحي في آخر عهد النبوة، وتبقى أسئلة وحسب!!

***

د. صادق السامرائي

تشكّل الانتخابات المحلية في العراق خطوة مهمة نحو الاستعداد لانتخابات مجلس النواب القادم،لذلك فان القوى السياسية تسعى جاهدة بكل امكانياتها الى أيجاد البنى الاساسية في هذه الانتخابات لأنها ستكون مقدمة للانتخابات البرلمانية القادمة،لذلك ستعتمد هذه القوى على جودة ادائها ومدى صدق نواياها في تقديم الخدمة لناخبيها،وأن القوى السياسية المشاركة والمرشحون سوف يلجأون الى فيما بينهم لتشكيل أي حكومة محلية،فيما سيكون التنافس في داخل القوى السياسية الكبرى داخلياً،لذلك سيتركز التنافس بين القوى السياسية في داخل القوى السياسية ذات اللون الواحد والمكون الواحد،فيما سيكون التنافس في المحافظات المختلطة على قوة الكتل السياسية وقدرتها على تشكيل الكتلة الاكبر في المحافظة.

غياب بعض القوى السياسية عن الانتخابات وتحديداً التيار الصدري لايعني ان عنصر المنافسة قد غاب كلياً عن المشهد،بل ان المشهد تعزز بوجود القوى المدنية(التشارنة) الذين يسعون لوضع موطأ قدم لهم في الانتخابات البرلمانية القادمة وتشكيل قوى معارضة في داخل البرلمان،بالمقابل قد يقرأ غياب التيار الصدري عن المشهد الانتخابي غياب قدرة الاطار التنسيقي على تنظيم اوضاعه الداخلية في الانتخابات البرلمانية،ماسيشكل عائقاً واضحاً ويكشف مدى عدم قدرة الاطار التنسيقي على وضع الاستراتيجيات والتعاون داخلياً من اجل هذه الانتخابات، ما يشجع الصدريين على العودة الى الحياة السياسية وهو عامل بالغ الاهمية.

بالتأكيد وجود القوى السياسية الحالية سيكون حافزاً في تسخير نفوذها في التأثير على الناخبين،وهذا الامر بات واضحاً في قدرة جمهور السلطة في تغيير وجهة الانتخابات،لذلك لجأت حكومة السيد السوداني الى إجراءات من شانها أن تقلل نسب التزوير والتلاعب بالنتائج والتي من اهمها العد والفرز اليدوي ونصب الكاميرات الحرارية في قاعة التصويت وغيرها من إجراءات مراقبة شديدة في يوم الاقتراع،وسيكون رئيس الوزراء محمد شياع السوداني حاضراً بشخصه من أجل مراقبة الانتخابات المحلية والذي راهن بحياته  السياسية من اجل تحقيق الاستقرار في العراق بعد الاحداث المريرة التي مرت بالعراق ما بين 2019-2022،لان إجراء انتخابات مجالس المحافظات بنجاح مع تقليل نسب التجاوزات الانتخابية يمثل أولوية للسوداني،والذي يسعى الى الوصول الى الانتخابات البرلمانية المقبلة مع تعزيز دوره التنفيذي للمرحلة القادمة.

سيكون تأثير انتخابات مجالس المحافظات مهمة في تحديد النظام السياسي في كل محافظة،وهذه مسألة مهمة لبناء التحالفات قبل الانتخابات البرلمانية المقبلة كما أنها حاسمة للسماح بتطبيق المحاصصة وستكون المنافسة شرسة في المحافظات الغنية بالموارد مثل البصرة وكركوك، لذلك اذا أجريت انتخابات مجالس المحافظات بنجاح فمن شأنها أن تقوي فترة الاستقرار النسبي في العراق وتمنح حكومة السوداني الثقة لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة أو استكمال ولايته بالكامل.

إذا اكتملت الانتخابات بنجاح وبدأت الحكومات المحلية في انتخاب المحافظين وتقديم الخدمات فانها الخطوة الاولى نحو استعادة بعض الثقة، كما انه سوف ينظر إلى مجالس المحافظات على أنها ناجحة وخلاف ذلك، سيتم اعتبار الانتخابات المحلية غير ضرورية وأداة لتمكين الفساد والتي ستؤثر مستقبلا على شرعية الدولة العراقية ككل وتهدد النظام السياسي.

***

محمد حسن الساعدي

تبدأ حملات مكافحة المخدرات بنشر لافتات يُكتب عليها (كلّا للمخدرات)، ثم يتم القبض على متعاطين وتجّار ويحُكم عليهم بالسجن، ولكن بفضل الواسطات والرشا وفلان بظهري، يخرج المتهم من السجن وينفلت من العدالة، ونبقى في ذات الحلقة ندور لأن المجتمع تحكمه المصالح وليس العدل. لانستغرب عندما نسمع عن دخول المخدرات من المنافذ الحدودية رغم التصريحات المتكررة بشأن انتشار مفارز الأمن، وإعداد برامج لمكافحتها والحد من انتشارها، لكننا ما نستغربه هو انتشار المواد المخدرة بقلب الصروح التربوية لتصبح في متناول أيدي الطلبة، وهذا الأمر لاينذر بخطر بل يضعنا أمام صورة مؤلمة وحقيقة بشعة توضح عدم جديتنا بوضع الحلول الجذرية ومدى وعينا بحجم هذه المشكلة التي باتت تهدّد حياة الشباب وسلم المجتمع، وتتناقل الأنباء القبض على تاجر مخدرات واعتقال شبكة تتاجر بالمواد الممنوعة تقودها إمرأة لكن الأهم من ذلك ماهي نهاية هذه التصريحات وفيلم تجارة المخدرات؟ بادرت وزارة الداخلية بإطلاق ورش وندوات لتعريف الشباب بخطر الإدمان كما تشارك بعض منظمات المجتمع المدني والناشطين بإنقاذ المدمنين من الاستمرار في تعاطي المواد السامّة عبر المحاضرات النفسية، والتوعية الهادفة إلى إنقاذهم من الموت المحتوم، ورأيت أن دور بعض الشابات والشباب من الناشطين في مجال مكافحة المخدرات يضاهي دور الجهات التشريعية المسؤولة عن تفعيل قوانين تحمي المواطن من فساد المتنّفذين وتجارة المنتفعين من بيع هذه السموم بين الأطفال والبنات والشباب لتضييعهم و كسب الأموال الطائلة، ورغم أن المسؤولين عن ملف المخدرات يبذلون جهوداً في منع تمريرها عن طريق سيطرات التفتيش الحدودية والمطارات والطرق، لكن هذه الجهود ستذهب مع الرياح إذا لم يتم تفعيل قانون صارم يضرب بقوة على أيدي المستفيدين من انتشار المخدرات، ولذا مهما اتخذت الأجهزة الأمنية إجراءات وشدّدت بالتوصيات ونشرت أفراد الأمن والمخابرات لن تفلح إذا لم تدعمها السلطة التشريعية بإقرار عقوبة الاعدام بدلاً من السجن بحق كل تاجر ومروّج ومتعاطي لمنع أي مواطن من التجارة بها أو تعاطيها .. جميعنا نأمل واقع أجمل ونتحدث عن غدٍ أفضل ولكن لن نرى هذا الغد بدون الخوف من قانون حازم يفزع منه الجميع دون استثناء.

***

ابتهال العربي

في الفترة التي تعرض فيها الكاتب محمد عارف لمحنة المرض، أصدرت دار المدى كتابه "أسفار في العلوم والتكنولوجيا" وفيه قدم لنا حكايات امتزجت بالعلوم الحديثة ، عن الانترنيت والإنسان الآلي والتكنولوجيا الحديثة، وصورا عن عالم المستقبل، وما الدور الذي تلعبه العلوم في حياة الشعوب.

وبعد اشهر قليلة على صدور الكتاب يرحل محمد عارف عن عالمنا بعد أن عاش فيه منقباً وباحثاً عن كل ما يربط العراق بتراثه الحضاري العظيم، مزهواً بما قدمه هذا البلد الى تاريخ البشرية، لم يفلسف حنينه الى العراق. ولم يطلب راتبا تقاعديا وهو يستحقه، ولم يقف على ابواب المسؤولين.

في واحدة من مقالات كتاب محمد عارف نقرأ هذا العنوان المثير " بابل.. سينهض العراقيون" يكتب فيها : "سينهض العراقيون عاجلاً أم آجلاً لأنهم يمثلون بلد حضارة لا يمكن لأحد أن يُطفئ نورها التقدمي".. مقالة تحمل الحنين والحب لبلده الذي تنكر له، فغاب اسمه عن برقيات النعي التي يبرع فيها المسؤولون، وغَّيب ضجيج العشرين ألف منتسب إلى نقابة الصحفيين العراقيين، اسم محمد عارف من لافتة توضع على جدران النقابة باعتباره واحدا من رواد العمل الصحفي وصاحب المسيرة المتميزة في الإعلام منذ أكثر من نصف قرن، منذ قصصه الأولى في خمسينيات بغداد إلى إشرافه على صفحة آفاق بجريدة الجمهورية في سبعينيات بغداد إلى كتابة زاويته الأسبوعية في جريدة الحياة اللندنية لينتهي به المطاف على صفحات صحيفة الاتحاد الإماراتية بمقال أسبوعي عن دور العلوم والتكنولوجيا في حياتنا، وفي بعض الأحيان يأخذه الحنين إلى بغداد فيكتب مقالاً عن نكات العراقيين التي يصفها بأنها: "تُعبِّر عن روح التسامح في المجتمع العراقي الذي تتعايش فيه وتتزاوج القوميات والمذاهب، وحتى الأديان المختلفة".

يأخذنا محمد عارف في كتاباته للغوص معه في رحلة فكرية وعلمية وأدبية، بدأت عندما قرر أن ينشر قصصه القصيرة في صحف بغداد في الخمسينيات وهي القصص التي وصفها غائب طعمة بأنها من أجمل ما كُتب في السرد العراقي، لتمر رحلة محمد عارف بمحطات كان فيها مصرّاً على أن يستبدل القصة القصيرة، بدراسة علوم الفضاء التي عشقها وغيّرت مصيره بالكامل ليتّجه إلى مهنة واحدة هي الكتابة في مجال العلوم وأحدث ما تنتجه العصر الحديث.

عاش محمد عارف مثل شخصية تشبه حكيماً قادماً من زمن مختلف، يخشى على بلاده التي غادرها مجبراً بعد تجربة مريرة مع الملاحقة والمنع، ويخفي خشيته بنوبات من الحنين والأسى أحياناً، على زمن جعل من العراق مجرد ذكرى لحلم يريد له البعض أن يمرّ سريعاً.

يغيب محمد عارف، فتنطوي معه صفحة مشرقة من تاريخنا الثقافي الذي يريد له البعض ان يتحول الى اهزوجات طائفية.

*** 

علي حسين

 

لا شك أن غزة ترزح تحت الحصار منذ سنوات طويلة من قبل الكيان الغاصب،أضف إلى ذلك المعاناة الطويلة مع الحروب العنيفة منذ عام ٢٠٠٨ وإلى الحرب الأخيرة بتاريخ ٧/ أكتوبر حيث شنت حركة حماس بذراعها العسكري كتائب القسام وفصائل المقاومة الفلسطينية الأخرى العملية العسكرية (طوفان الأقصى) على مستوطنات الغلاف ردا من الحركة على الاعتداءات المتكررة على المسجد الأقصى المبارك من قبل الجيش والمستوطنين.

فما كان من دولة الاحتلال إلا أن ردت على ذلك بشكل إرهابي باستهداف المدنيين بطائراتها بشكل متواصل. وهنا لا بد أن نذكر التأثيرات التي تسببت بها هذه الحرب على الأطفال وخاصة العامل النفسي في مقدمتها الخوف. هذا إذا استثنينا بعضا من التجارب التي قد تسرع من عملية النضوج لدى الأطفال الذين نشأوا في عائلات لها تاريخ سياسي وعلاقة بالمقاومة الفلسطينية.

لكن حينما نتحدث عن الغالبية العظمى من الأطفال الذين يعايشون الحروب نجدهم وقد تعرضوا لهزات عاطفية تعتبر غير اعتيادية بالقياس مع أولئك الذين يعيشون في بلدان آمنة من الحرب.

والمتابع للحرب على غزة وما تنشره شبكات التلفزة وفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي لسوف يدرك حالة الهلع والخوف التي يعاني منها الأطفال جراء القصف العنيف للمنازل وخاصة أن الاحتلال يتقصد القصف ليلا. وحيث أن علماء النفس يحذرون من إيقاظ النائم بطريقة مرعبة لأن ذلك قد يتسبب له في حالة نفسية مستقبلا. وقد يصاب الشخص بمخاوف أو قلق أو حتى كوابيس نتيجة تعرضه المستمر للفزع أثناء الاستيقاظ من النوم. فكيف بأطفال غزة الذين توقظهم الصواريخ والقنابل القاتلة. فها هي أميرة طفلة من غزة تقول (كنت نائمة عندما تم قصفنا ،استيقظت ولم يكن باستطاعتي التنفس ،كنت أسمع أصوات الناس وكانت هناك صخور فوقي وتحتي). والطفل أحمد الذي لم يتجاوز الخمسة رأيناه كيف كان جسده يرتجف بالكامل وحين سأله الصحفي إن كان نائما وقت القصف فأجاب بهز رأسه دون القدرة على الكلام.

أميرة وأحمد اثنان من آلاف الأطفال في غزة الذين تعرضوا إلى صدمات نفسية عنيفة. ناهيك عن الأطفال الذين فقدوا عائلاتهم ولم يبقى سوى هم. ومن المعروف بأن وجود الوالدين إلى جانب الطفل من أكبر العوامل المؤثرة عليه. حيث يعتبر موت العائلة من التحديات التي تواجه الأطفال وخاصة الأم التي تعتبر عازلا بين الطفل والمعاناة النفسية،وهذا التحدي سوف يسبب القلق والتناقضات للطفل وبالتالي ستؤثر على نظرته المستقبلية إلى العالم وتشكيل شخصيته بطريقة غير طبيعية.

كما أن تكرار مشاهدة العنف والموت والدم والأشلاء تتسبب في حدوث القلق المتواصل والاضطرابات النفسية.

أطفال غزة مثلهم مثل غيرهم من أطفال العالم يحق لهم العيش طفولة طبيعية غير أنهم يعيشون مرحلة اختصار الطفولة والقفز إلى مرحلة البلوغ هم الآن يعيشون الحرمان والمعاناة والأخطار الدائمة تحت ظل هذا الاحتلال الدموي.

***

بديعة النعيمي

يقولون: أن مكناس قد تم استغلال مناصبها السياسية (الريعية) بدون أثر تنموي صعودي. يقولون: أن مكناس نالت من عقوق أبنائها مثل ما ناله (الطبل يوم العيد). يقولون: أن مكناس لم تستفد من تمثيليتها السياسية الوطنية ولا الجهوية في ترافع الإقلاع التنموي العادل، ولا التحفيز الاستثماري المتحرك. يقولون: أن مكناس تمضغ الحسرة عن الماضي (مسألة التراث في ملابسات سياسية وفكرية: التراث حاضر زمنيا وغائب في الوعي) ولم تستطع صناعة رؤية بديلة للحاضر (النظر إلى الماضي على أنه ما ينفك يمضي والى الحاضر على أنه ما يفتأ يحضر). يقولون أن مكناس أخفقت شعاع التوهج بتصدر قائمة مدن التاريخ (بهذا لا يكون التراث من ورائنا، ولا نحن يسرقنا الحاضر بالتطويح في المستقبل). يقولون: أن ساكنة مكناس تتحدث عن حب المدينة مثل نيرون حارق روما، ثم يقولون (ومن الحب ما قتل).

 يقولون أن: مكناس افتقدت ساكنتها الثقة في السياسيين، وباتت الثقة في موضع التدني (إقامة ذاكرة مضادة). يقولون: أن الرمز السياسي للمدينة يحمل معادلة (طَايَحْ من السمَاء...). يقولون: أن بيانات السجل الاجتماعي ستضع مكناس على رأس قائمة تنقيط الحاجة والفاقة، ودون معدل النجاح !! يقولون: أن مكناس  تعيش فائض حديث الانتقادات البلهاء، ومن وراء حجاب الشاشة الزرقاء، ومن تحت الجلباب، ويغيب الحوار المديني (الإصغاء للأصوات المتعددة). يقولون: أن مكناس  يعيش مجتمعها المدني تحت وطأت خلافات الانتماء السياسي والتبعية والنفعية، إلا من رحم ربك من الثلث الناجي. يقولون: أن مكناس يمكن أن تبحث عنها في التراث المادي واللامادي وهي لا تقدر على توظيف تثمين الحاضر ولا المستقبل (التاريخ موشوم على جسم الساكنة، عالق بأذانهم، منقوش على جدرانهم، مكبوت في اللاوعي... مسألة التراث في ملابسات سياسية وفكرية)، وحتى الماضي (الهوية والتطابق) يمكن أن يضيع جزء منه غير موجود في الواجهة (تقوية الوهم بالخلود ).

 يقولون: أن مكناس يتساءل فيها الجميع، أين مدينتي؟ سؤال ماكر يبحث عن كسب البراءة من المسؤولية (بسبق الإصرار والترصد) ويعلقها لزاما على عنق (السياسي/ المدني/ الاقتصادي/الثقافي/ الرياضي...). يقولون: أن هذا السؤال لن نجد له جوابا موحدا، حين نجده يتردد مرات عديدة وبالتكرار المُمِلِّ. سؤال نجده بالقسوة والتحسر حتى عند من دبر أمر المدينة غير ما مرة، فهو يتسلح بنفس السؤال !!! ويطرحه بصيغة الاستنكار وبلا أجوبة حارقة !!!

يقولون: أن عجينة مكناس السياسية غير باردة في بؤرة وسطها (ولي قال سياسة عجينة مجلس جماعة مكناس باردة يدير يديه فيها)!!! يقولون: أن مكناس خرجت من اتفاقيات قطاع الشباب والثقافة والتواصل (بخفي حُنَيِن) مكسورة الترافع، وباتت تنال حصصها في (برامج تأهيل المراكز الحضرية والمراكز الصاعدة... للتقليص من العجز الاجتماعي والتفاوتات الترابية الداخلية). يقولون: ألا مناص لمكناس من بناء تنمية محلية بدل تأثيث اللامركزية الترابية الجهوية، والتي باتت تخلق الفرص التنموية فقط للقطب الأول بالجهة. يقولون: أن مكناس تكتسي دورا أساسيا في مكونات رجال ونساء مجلس الجهة، ولا تنال حقها العادل في تنظيم بيئتها وتهيئة مجالها الترابي، وتحقيق جاذبية ترابية تنافسية. يقولون والعهدة على القائل: أني أكتب لأقوض النقص الذي تسببه الكتابة من المشاهد المتفحمة.

***

محسن الأكرمين

محطات التلفزة العربية تزدحم بالبرامج العبثية التي لا تنفع، وتهدر الملايين عليها، دون جدوى للأمة بأجيالها المتوقدة الطاقات والتطلعات.

برامج غنائية، رياضية، وغيرها مما لا يجدي ولا يطعم من جوع.

فلماذا لا توجد برامج لرعاية الأفكار وإستثمارها؟!

لماذا لا تقوم الدول التي تهدر الملايين على برامج دعائية فارغة، بإطلاق برامج تحفز الشباب على طرح أفكارهم وتقيمها والإستثمار فيها، أو تصنيعها، كما يحصل في الدول المتقدمة.

فمحطات التلفزة العربية تقلد العديد من البرامج العبثية الأجنبية، وما وجدناها تقلد برامجهم الجدية ذات الإنتاجية الصناعية العالية.

إن المصنوعات أيا كانت بنت أفكار أصحابها، فكل مصنوع فكرة تحقق الإستثمار فيها من قبل شركات، وجهات تمويلية وتسويقية ذات خبرات وقدرات عملية.

إن من أهم محفزات التصنيع في دول الأمة، أن تستحدث فيها برامج تلفازية لتنمية الأفكار ورعايتها، والقيام بتصنيعها ، فصاحب الفكرة مالكها وصانعها، ولا يهم في أي بلد يمكن تصنيعها، ومعظم الأفكار يتحقق تصنيعها في الصين ودول شرق آسيا الأخرى لسهولة ذلك وقلة الكلفة.

فهل لنا أن نكون جادين ونستحدث برامج تكشف عن طاقات الشباب الصناعية، لا أن نركز على الطاقات الغنائية وما يتصل بها.

لابد أن يكون للفكرة قيمتها ودورها في بناء الحياة العربية، فهل لنا أن نعز أفكارنا ونستثمرها، فالأفكار جذوة التصنيع وجوهر الصناعة.

فاستثمروا أفكار الأجيال ولا تبخسوها!!

***

د. صادق السامرائي

الاعتذار هو من الأخلاق النبيلة الّتي يصدرها شخص ما ليسوّغ خطأً اقترفه بحقّ شخص أو مجموعة من الأشخاص، وربما بحقّ شعب بأكمله، فارتكاب الأخطاء هو سمة من سمات البشر، فالكمال لله وحده سبحانه وتعالى، وللأسف لا يجيد العديد من الأشخاص تقديم الاعتذار، وذلك لجهلهم بأهميّة هذا التّصرّف وما قد يعقبه من راحة للنّفس، فقد يؤدّي عدم الاعتذار لعواقب غير محمودة من شأنها زيادة الأحقاد والضّغينة بين النّاس, الاعتذار ليس خطأ بل سمو للشخصية الآنسانية

وللأسف الكثيرون بدل أن يقدّموا الاعتذار، يسوّغون لأنفسهم ما ارتكبوه من خطأ بطريقة أو بأخرى، ويرون أنّ الاعتذار هزيمة، أو ضعف، أو انتقاص من مقامهم وشخصيّتهم، وللأسف ما من ثقافة اعتذار تتبنّاها المجتمعات في العديد من دول العالم، والتّسليم بأنّهم يخطئون تارةً ويصيبون تارةً أخرى.

في حين نجد أنّ الاعتذار هو أحد سمات الثّقافة في المجتمعات الغربيّة ومجتمعات الشّرق الأقصى، فهم يملكون الشّجاعة لمراجعة الذّات والاعتراف بالخطأ، وقد يكون ذلك أحد أسباب تقدّمهم وازدهار بلادهم، وكما ذكرنا فلا يقتصر الاعتذار على الأشخاص، فقد تعتذر دولة لدول أخرى قد أخطأت بحقّها واحتلّتها سابقًا، كما فعلت اليابان مع دول جنوب شرق آسيا

إنّ الإنسان السّويّ هو الّذي يقبل أعذار الآخرين ويتعامل معهم بتسامح ويتسلّح بخلق العفو عند المقدرة، وقبول اعتذار المعتذِر ليس قبولًا بالأمر الواقع أو ابتلاع الإهانة، بل هو سلوك المتسامحين المنصفين الّذين يعرفون قيمة الصّفح والتّسامح.

أمّا الّذين يرفضون الاعتذار ولا يقبلون أعذار الآخرين ولا يقدّرون الظّروف الصّعبة التي دفعتهم إلى التّجاوز والإساءة فهم عاجزون عن التّسامح بسبب أحقادِهم.

وقد ورد الاعتذار في القرآن الكريم في عدّة آيات:

﴿قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي ۖ قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا (76)

﴿فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (57)

﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ ۖ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (52)

﴿وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا ۙ اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ۖ قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164)

ويدعو عالم السُّنَّة النّبويّة د. أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر المسلمين جميعًا إلى التّخلّق بخلق القرآن الذي دعا رسول الإنسانيّة إلى العفو والرّحمة بمن خرجوا على طاعته، فاعفُ عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر»، كما ينصح كلّ مسلم بأن يقتديَ برسوله الكريم في التّخلّق بخلق العفو، ويقول: "العفو عند المقدرة من الفضائل الكريمة الّتي تدلّ على نبل صاحبها وسماحته، وعلى أصالة معدنه وطيب سجاياه.

***

نهاد الحديثي

 

أقدمت دولة الاحتلال ظلما على سرقة ما ليس لها (فلسطين التاريخية) وأعلنت سيادتها عليها منذ ٤٨ .لكن أن يصل بها الظلم والتجبر على سرقة جثامين الشهداء الفلسطينيين لهو الطامة الكبرى وكأنها بهذا تعلن تسيدها حتى على جثامين الشهداء.

ليس بالأمر الجديد ولا الغريب ما ترتكبه دولة الاحتلال من سرقة واحتجاز جثامين الشهداء لينتهي بها الحال في مقابر جماعية تحت مسمى مهين للإنسانية (مقابر الأرقام). وفي السنوات الأخيرة تم الاحتفاظ بالجثامين في ثلاجات درجة الحرارة فيها تحت الصفر دون دفنهم بطريقة تليق بهم كشهداء. وبهذا يكون هذا الكيان الوحيد الذي ينتقم من الشهيد ويحتجز جثمانه ويدفنه في مقابر الأرقام العسكرية داخل الخط الأخضر حيث يمنع الاقتراب منها. وما يميز هذه المقابر أنها غير معدة بشكل ديني وإنساني كأماكن الدفن حيث تبقى الجثث عرضة لنهش الكلاب والوحوش الضارية. وتجدر الإشارة أن دولة الاحتلال ما زالت تحتجز جثامين لعشرات الشهداء في هذه المقابر ،بعضها من ستينات القرن الماضي. وإلى اليوم ترفض الإفراج عنها وتسليمها لذويها ما يعتبر تنكر لتطبيق القانون الدولي الإنساني من قبل هذا الكيان الغاصب.

في الحرب الأخيرة على غزة ٧/ اكتوبر (طوفان الأقصى) كانت هذه الدولة قد حاصرت مجمع الشفاء الطبي الواقع في المنطقة الغربية الوسطى من مدينة غزة بتاريخ ١٦ نوفمبر وبعد اقتحام ساحاته قامت بسرقة جثامين الشهداء. كما كررت نفس الفعلة في المستشفى الاندونيسي. فما الذي يدفع هذا الكيان للقيام بمثل هذه الأفعال؟ وما أهدافها من وراء ذلك. هل من الممكن أن تكون استراتيجيات عسكرية من أجل المقايضة المستقبلية مع قتلى يهود لدى المقاومة الفلسطينية؟ أم أن السبب أعقد من ذلك ألا وهو وما تناقلته مواقع الانترنت من أن دولة الاحتلال تسرق الجثامين بهدف سرقة أعضاء الشهداء مثل القرنيات والقواقع السمعية والأنسجة الجلدية وخاصة أن هذه الدولة تمتلك أكبر بنك جلود في العالم لتخزين الجلود البشرية واستخدامها في معالجة الحروق والسرطانات الجلدية. وحسب المعتقدات اليهودية فإن سكان دولة الاحتلال يرفضون التبرع بالأعضاء ،فمن أين أتى هذا الاحتياطي الضخم من الجلود البشرية ؟ وقد تبين في عام ٢٠٠٩ بأن هناك ثمة اعترافات للمدير السابق لمعهد الطب الشرعي (يهودا هيس) يؤكد فيه سرقتهم أعضاء الشهداء في المعهد.

ومع أن اعتقال الجثامين يعتبر ممارسة غير قانونية ومخالفة للاتفاقيات الدولية حسب اتفاقيات جنيف الرابعة حيث تلزم المادة ١٣٠ منها والمادة ٣٤ من البروتوكول الإضافي الدول جميعها بدفن المعتقلين المتوفين أو المقتولين باحترام وبما يتلاءم مع ثقافتهم ودينهم. إلا أن دولة الاحتلال انتهكت القوانين وركلت الاتفاقيات عرض الحائط بشكل علني ما بجعلها في واجهة الإرهاب الدموي.

***

بديعة النعيمي

بين يوم وآخر، وفي هذا المكان، أكتب عن تجارب الشعوب، وأحيانا أخشى أن يصاب القارئ العزيز بالملل وأنا أعيد الحديث عن البلدان التي حققت الرخاء بفضل سياسيين ومسؤولين أحبوا أوطانهم، وأصروا على أن الصورة الحقيقية التي يجب أن تُقدم عن بلدانهم، هي صورة التنمية والعمران ووجوه المواطنين التي تمتلئ سعادة..

كان السنغافوري لي كوان يرفض أن توضع صوره في الساحات أو الشوارع ويقول للمعترضين إن صورتي الحقيقية هي التي يراها المواطن في الإعمار وارتفاع الدخل وفي الاستقرار.

دائًما أتساءل كيف تمكن رجل أن ينقل بلاد كانت تسمى مستنقع البعوض لتصبح بعد عقود قليلة واحدة من أكبر اقتصاديات العالم. فيما لا نزال في بلاد الرافدين نصدر البيانات الثورية عن النزاهة والإصلاح. هل قرأتم البيان الذي أصدرته هيئة النزاهة والذي اخبرتنا فيه أن رؤساء ومؤسسي الأحزاب مشمولين بحملة "من أين لك هذا؟". أنا من جانبي ساعتبر الأمر مجرد خطأ مطبعي، فكيف يتسنى للنزاهة أن تسأل كبار قادة البلاد: من أين لكم هذا؟.. ارجوكم اعتبروا الأمر خطأ طباعي، افضل من أن يتحول الى نكتة.

لم يعد أحد يسأل لماذا أصبح الفساد جزءاً من لحم الدولة وشرايينها، لم يعد أحد يسأل من أين يحصل النائب على كل هذه الاموال، لا يوجد اليوم من يسأل السياسيين كيف تضخمت ثرواتكم؟

احتفلت سنغافورة قبل أشهر قليلة بمئوية لي كوان، الذي رحل عن عالمنا عام 2015 بعد أن ترك وراءه بلاداً صغيرة لكنها تنعم بالاستقرار والرفاهية، وبمنافسة كبرى مع الدول على المراكز الأولى في سعادة الإنسان، كان يقول إن الصراحة وكشف الحقائق أمام الناس هي التي تبني سنغافورة قوية.. ظل لي كوان يردد "سنشكل حكومة نظيفة، وسنحرص على إخضاع كل دولار من الإيرادات العامة للمساءلة، والتأكد من أنه سيصل إلى المستحقين من القاعدة الشعبية من دون أنّ يُنهب في الطريق". كان الناتج السنوي يعد بملايين الدولارات، ويوم ودع لي كوان الحياة عام 2015، كانت الأرقام التي نشرتها الإيكونومست عن مؤشر جودة الحياة، على النحو الآتي: "حصلت سنغافورة على الدرجة الأولى في آسيا بدخل المواطن.

يحزننا ياسيدي السنغافوري الكبير أن نقول إن الحقيقة لدينا هي مجرد بيانات كاذبة، ننشرها بين البسطاء ليل نهار، نحن ياسيدي نعيش في ظل مسؤولين يفعلون أي شيء من أجل الفوز باكبر قطعة من "كعكة" هذه البلاد.

نقرأ سيرة باني سنغافورة، في الوقت الذي نزال نستمع إلى اخبار النزاهة وخطب الذين يطمحون بكعكة مجالس المحافظات.

***

علي حسين

اليوم، بعد مضي عشرين عاما على سقوط صدام، أرى أن برايمر قد شبع لوما وتقريعا على إدارته العراق، ولو أنصفنا الحكم فإن اللوم والتقريع، يقع أيضا على سياسيين في ظهرانينا يدعون حب العراق، ويتشدقون بوجوب التضحية من أجله، ويهتفون بالوقوف سدا منيعا أمام أي خطر يواجهه في الداخل او من الخارج، فيما هم على حقيقتهم، يضمرون في سرهم غير ما يدعون به علانية، ولقد قالها معروف الرصافي منذ عشرات السنين:

لا يخدعنك هتاف القوم في الوطن

فالقوم في السر غير القوم في العلن

وأول دليل على تأبطهم شرا للبلاد وملايين العباد، هو نأيهم عن إنشاء دولة مؤسسات، واتباعهم سياسة التحاصص في إدارة البلد وقيادته، وليتها -المحاصصة- وقفت عند الإدارة والقيادة فحسب، بل هي شملت تقسيم خيرات البلد وثرواته ونهشها بنهم، فضلا عن شفطها ولفطها بشراهة منقطعة النظير.

نسمع كثيرا عن دولة المؤسسات، وكيف هو حال الأمم التي تعيش بكنفها، حتى صرنا نخال الشعوب التي يمن الله عليها بقيادة "شريفة" تنتهج سياسة الدولة المؤسساتية، أنها هي المقصودة بشعب الله المختار حقيقة، حيث ينزل جنته على أرض بلدهم ليرفلوا بنعيمها، وما هذا الظن إلا لما لدولة المؤسسات من رقي نموذجي في إدارة شؤون الدول. وكنتيجة حتمية لما عاشه العراقيون خلال جميع الحقب التي مرت عليهم، فإن أغلبهم أشبع فكره وظنه وحتى عقيدته، بوحدانية القائد وفردانية الرئيس، فاصطنع "قالبا" وضع فيه مايتمناه من مواصفات وكفاءات ومؤهلات، وشخصن وظيفة الحاكم والرئيس والقائد وفقه، ظانا بأنه فارس الأحلام، وهو الذي سيتولى أمره وأمر معيشته ومستقبله، فضلا عن حاضره، فأغدق على هذا الـ "إله" كل المواصفات الحسنة، ملبسا إياه ثوب النزاهة والمصداقية والمهنية والأمانة، فإذا به يُصدم آخر المطاف فتخيب الظنون، وتتلاشى الأحلام وتتبدد الأمنيات، في سماء الحقيقة المريرة الواقعة على رأسه ورؤوس باقي المرؤوسين.

أعود الى المؤسسات ودولة المؤسسات، فلو أردنا النظر إليها أو تحقيق وجودها على نحو مصغر، فإن أقرب مثال لنا هو اللجان النيابية الدائمية في مجلس نوابنا، إذ من المفترض أنها حلقة الوصل التي تربط المواطن، بممثليه في دولته، وهي التي تصطفي الصالح من القرارات والقوانين فتحث النواب ورئيسهم على إقرارها، وبالمقابل فهي -اللجان النيابية- تبعد شبح الطالح من القوانين التي تتنافى مع مصلحة البلاد والعباد، وبهذا تكون اللجان النيابية -مجتمعة- دولة المؤسسات المرجوة التي يتحقق بأدائها ما يصبو اليه الشعب. ومنذ عام 2003 "عام السعد"، والحوارات والسجالات في موضوع اللجان النيابية على قدم وساق، من "لدن" رؤساء مجلس النواب المتعاقبين على رئاسته ولكن، لسوء حظ العراقيين لم يصل المجلس حتى اليوم، إلى نتيجة مرضية تفي بالغرض المرسوم لهذه اللجان.

إذ مازال "فايروس" المحاصصة المسرطن يسري في جسد الدولة والحكومة، ومازالت المصالح الفئوية والحزبية هي الركيزة الأثقل التي يتم توزيع المهام والمناصب على ضوئها، ومازال الخلاف على هذه الحيثيات قائما، بل في تصاعد يتزامن مع الضغوط التي يتعرض لها رؤساء المجالس في الدولة، والضغوط هذه عادة ما تفضي الى التسليم للأمر الواقع والاستسلام أمام "الضاغطين". وحينها يكون أقرب قرار الى الرئيس هو "اتباع التوافق السياسي"، وبهذا القرار يوضع المواطن تحت مطارق عدة، فيغدو أمره كما يقول مثلنا:

"يخلص من الطاوه تتلكاه النار".

والمواطن في حالة كهذه يستعين بصندوق الشكاوى، وهنا الطامة الكبرى الثانية -إذا علمنا أن الطامات الكبرى في عراقنا الجديد كثيرة- حيث سيتبين للمواطن المسكين أن شكواه واستغاثته واستجارته، لن تتعدى في كل الأحوال ماقصده شاعر حين قال:

المستجير بعمرو عند كربته

كالمستجير من الرمضاء بالنار

***

علي علي

ندرك جيدا ان البساط قد سحب من تحت اقدام مصر منذ توقيعها كامب ديفيد، لقد تم ابعادها عن محيطها العربي والهائها في شؤونها الداخلية، لإيمان الغرب القاطع بانه لا حرب في المنطقة بدون مصر، فتداعت الانظمة العربية الى البيت الابيض تعلن انها مع السلام العادل في الشرق الاوسط وحل معضلته الرئيسية فلسطين وشعبها المهجر في الشتات والمقيم في الداخل تحت سلطات الاحتلال الغاشم. وكنتيجة حتمية لقرار القيادة المصرية (السادات) بإنهاء حالة العداء مع العدو على اعتبار ان مصر كانت الخاسر الاوحد  لخوضها 3 حروب، فان غالبية الانظمة العربية اليوم قامت بالتطبيع الكامل على بياض، والثمن بقاءها في الحكم.

كنا نتمنى على مصر والتي تملك قدرات بشرية علمية وبرؤوس اموال عربية ان تدخل مجال (توطين) الصناعات الهندسية العسكرية منها والمدنية، مصر الرسمية التي تخلت كليا عن الشعب الفلسطيني الذي يقع على حدودها ويعاني مرارة الاحتلال، الإعلان عن تدشين فرقاطة بأيادي مصرية من طراز MEKO-A200  وراجمات صواريخ ودبابات وناقلات جند وغيرها. بالتأكيد يتم صناعتها لأجل الدفاع عن النفس بمعنى عن تراب مصر، فالحرب الاجرامية على غزة لم تحرك القيادة المصرية بالدفاع عنها، بل اكتفت كغيرها بعبارات الشجب والاستنكار ومحاولة التهدئة ،بمعنى اخر مصر لم تعد اما للعرب او الشقيقة الكبرى لهم كما كانت، بل اصبحت تتصرف كأي دولة بالإقليم وتتعامل مع كيان العدو وفق الاعراف الدولية سفارات، وتبادل سلع وخدمات وبالأخص النفط والغاز.

لم يعد يخفى على احد  سعى امريكا ومعها الغرب الاستعماري الى القضاء على الفلسطينيين من خلال تسفيرهم الى مختلف بقاع العالم والاستيلاء على فلسطين كاملة كمرحلة اولى، اما (من النيل الى الفرات) فذاك يكون في مرحلة مقبلة، والى ذاك الحين فان أيا من الصناعات الحربية لن تستخدم ضد العدو الذي اصبح قادته (مجرميه) يستقبلون في عواصمنا بالأحضان وتفرش لهم البسط الحمر وتنكس لهم الاعلام ،فهم ابناء عمومة لنا ونطلب منهم الصفح والعفو على ما ارتكبناه في حقهم .

وعليه نقول للقيادة المصرية: سياتي اليوم الذي تحطون فيه مدمراتكم  والياتكم وكل اسلحتكم في معارض التحف او في المسابقات الدولية لتأخذوا عليها جائزة نوبل للسلام (الاستسلام)، فالدولة التي لا تتحكم في معبر شقته بدماء ابنائها وقوت شعبها واممت الشركة المنفذة له بجرأة وجسارة زعيمها العروبي الابي، الذي لا يزال يمثل نبض الامة رغم غيابه (تغييبه قسرا) عن الساحة لأكثر من خمسة عقود، لا فائدة من هذه الصناعات ، قريبا سوف يتم بيعها في سوق الخردة العالمي  لتستفيد منها امم تقدس حرية وكرامة الوطن والمواطن، والحال هذه نتمنى على القيادة المصرية استثمار الاموال في الصناعات التي تدر ربحا على المواطن المصري وخفض نسب البطالة وعدم رهن مصر للبنك الدولي، فالقوة العسكرية تحتاج قيادة تمتلك مؤهلات خاصة وارادة صلبة وايمان بقضية العرب الاولى وقدرة على اتخاذ القرار، وهي ما تفتقده السلطات القائمة والمتعاقبة منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد.

 لقد فقدت مصر زعامتها على امتها، بسبب تخليها عن القيام بالأدوار المنوطة بها ،واكتفت بان تكون شاهدة على تصفية القضية الفلسطينية، وترهل الجسد العربي الذي لم يعد يقو على البقاء. ويبقى الأمل في القوى الحية التي تقدم التضحيات الجسام وتقاتل العدو بل العالم اجمع المنتهك لحقوق الانسان وسلب الحريات.

***

ميلاد عمر المزوغي

حين ظنوا أن الحكاية انتهت كانت قد ابتدأت..

بعد اتفاقيات الهدنة بين دولة الاحتلال مع مصر والأردن عام ١٩٤٩ وأصبحت الضفة الغربية تحت إدارة أردنية وقطاع غزة في الجنوب تحت إدارة مصرية، ظنت دولة الظلم أن القتال توقف وأنها تستطيع الآن أن تبدأ للتأسيس لدولة مستقرة. لكن هيهات فدولة ارتقت سلالم الدم وقامت على جماجم أصحاب الأرض لن تنعم بالأمن والأمان يوما. ففي خمسينات القرن العشرين ظلت الأرض الفردوس المفقود هاجس الكثيرين ممن هجروا قسرا بعد ارتكاب مئات المجازر من قبل عصابات الغدر اليهودية والتي كانت تقتل تحت شعار الغاية تبرر الوسيلة. وقتها قامت المخابرات المصرية العسكرية بتكليف بعض الضباط عام ١٩٥٣ لتنظيم الفدائيين.وبدأت بعدها عمليات التسلل المنظم من قبل شبان فلسطينيين عبر الحدود مع غزة حيث قاموا بعمليات مثل تفجير أنابيب المياه في العمق اليهودي وقصف مسارات القطارات وغيرها من العمليات التي أرهبت الدولة الوليدة لدرجة أن اليهود امتنعوا عن القيادة ليلا على الطرق الرئيسة في الجنوب. وعندما أعيت هجمات الفدائيين جيش الاحتلال لجأ الأخير إلى الأعمال الانتقامية. ففي خريف ١٩٥٣ وبسبب عملية فدائية قتل فيها ثلاث أشخاص فقط اختار المتطرف شارون قرية قبيا الفلسطينية للانتقام من المقاومة وقتل ما لا يقل عن تسعة وستون شخصا معظمهم من النساء والأطفال وقد أدان مجلس الأمن الغارة بشكل صوري فقط.

وقد أصبحت مكافحة المقاومة الفلسطينية الهدف الرئيسي للشاباك اليهودي ودائما ما كان مسرح العمليات الأصعب هو قطاع غزة نظرا لأنه أحد أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم وخاصة بعد حرب ٦٧. وفي عام ١٩٧٠ بدأت دولة الاحتلال بإقامة مستوطنات يهودية في القطاع. وفي هذه السنة تحديدا نفذت المقاومة حوالى خمسمائة عملية في القطاع فبدأ شارون وكان قائد القيادة الجنوبية بإدخال المزيد من الوحدات العسكرية إلى القطاع بمساعدة الشاباك بهدف مطاردة واعتقال أعضاء المقاومة. وكان شارون وقتها قد أعلن أمام ضباطة أن من يقتل "إرهابيا" ويعني فلسطينيا من المقاومة سيحصل على زجاجة شمبانيا. فلا عجب مما يحصل في غزة الآن منذ بداية عملية طوفان الأقصى ٧ اكتوبر من قصف جنوني وعشوائي للمدنيين واستهداف للكوادر الطبية والصحفيين وكوادر الدفاع المدني فنتنياهو يسير على نهج شارون وديان الذي قال قولته المشهورة ( نحن جيل الاستيطان وبدون الخوذات الفولاذية وقذيفة المدفع لن نتمكن من زرع شجرة أو بناء منزل)..

وقد سمعنا التصريحات التي أدلى بها بعد توعده باجتثاث حماس ومقاومتها من غزة غير أنه أخفق. وبعد كل إخفاق له ولجيشه الأسطوري ومن خلفه البارجات الأمريكية في قطاع مساحته لا تتجاوز ١٤١ ميلا يكون الرد ارتكاب المزيد والمزيد من المجازر الدموية وهدم المنازل على رؤوس ساكنيها. وكلما أثبت القطاع بأنه كبير بمقاومته وصمود أهله وتمسكهم بكل ذرة تراب فيه كلما ازداد جنون نتنياهو بإنزال حمم فشله على الأطفال والنساء وكما زايد شارون من قبل على رأس كل فلسطيني مقاوم بزجاجة شمبانيا يزايد اليوم نتنياهو على مئات الرؤوس لكن لا شمبانيا اليوم ولا شيء غير الانتحار لجنوده والفرار المخزي من أرض المعركة والخسائر التي تقدر بالمليارات.

أما غزة فستبقى الشوكة العالقة في حلوقهم ومن يواليهم ومن يظن بأنها ستنكسر فليعد حساباته.

***

بديعة النعيمي

مع بدا الحملة الانتخابية للترشح لمحافظات العراقية واحتدام الصراع بين المتنافسين للحصول على المقاعد وفي خضم هذا الصراع المحتدم نرى الشوارع وهي تكتظ بالصور التي من ورائها هذا الاستنزاف للأموال الطائلة التي تُصرف بدون اكتراث لمعانات المواطن العراقي البسيط الذي يسعى لتأمين قوته اليومي يقابله عدم احتواء الحكومة العراقية لأبنائها الخريجين المطالبين بالوظائف وهذا التراجع في الأداء الخدمي للحكومة ومؤسساتها التي تثقل كاهل المواطن بإجراءاتها المعقدة حيث نرى البذخ الواضح والغير مقنع في تلميع صور المرشحين التي تحمل الشعارات الرنانة والكبيرة في معناها على مدى عشرين عاما الماضية والتي لم نراها ونلمسها على أرض الواضع والتطبيق حيث ما زالت في أطار صور حامليها والكل يقول سوف نبني وسوف نتقدم ونطور الواقع لكن لم نرى البناء ولا التقدم ولا جزء بسيطا من هذه الوعود المزيفة وبقينا ندور في فلك الأخت الفاضلة (سوف) إلى حد التسويف في الأيام الماضية ولا الحاضرة ولا على المستقبل القريب كون المواطن فقد الأمل والمصداقية لشخوص هذه الكيانات الحزبية التي تسعى لمصالحها الشخصية على حساب مصلحة المواطن .

أن في كل مرة نرى وجوها مرسومة على أعواد خشبية وصورا مملوءة بالصحة والعافية والترف يملأ محياها مصحوبة بالشعارات الكاذبة تعودنا عليها تبشر بالخير القادم والتقدم والعدالة والمساواة وإحقاق الحق وغيرها من الشعارات التخديرية  التي تُحاكي مشاعر الناس البسطاء والنفعيين الذين لا يهمهم سوى أنفسهم ومصالحهم الشخصية وهذه الوجوه المبعثرة على أعمدة الطرقات والأرصفة والساحات لا تراهم إلا في الحملات الانتخابية بواجهة وشعار جديد على أمل الفوز بالكنوز التي تفرزها العملية السياسية يسيل لها لعاب الوصوليين ومحبي السلطة والنفوذ والطامة الكبرى هي من يصدقهم في كل مرة ويطبل لهم والذين يدعون لانتخابهم بأبخس الأثمان لإعطائهم الشرعية في الفوز على حساب جراحات المواطن العراقي ومصالحه فعلى مدى سنين ولم نلمس من هذه الشعارات سوى تنفيذ مشاريعهم التجارية الخاصة والمربحة لهم بطريقة بشعة استنزفت ميزانية الدولة قبل انتهاء مدة دورتهم والعراق ومستقبل أجياله يراوح في مكانه وخارج نطاق عملهم وفكرهم حيث يعملون في كل دورة ترحيل مشاكل العراقيين ومعاناتهم إلى أجل غير مسمى لتتفاقم مأساة المواطن العراقي فكلنا أمل بأجيال القادمة أن تكون في حدود المسئولية والوعي الوطني لنصرة الشعب العراقي المسكين في  المساهمة  للتخلص من هؤلاء الشرذمة النفعيين والفاسدين وطردهم من العملية السياسية.

***

ضياء محسن الاسدي

بعد التحول النوعي الذي شهده العراق من النظام الشمولي ودخوله فضاء الديمقراطية من أوسع أبوابه اعتاد العراقيون على خوض الإنتخابات كل أربع سنوات تقويمية لإنتخاب من يمثلهم في السلطة التشريعية التي تعد السلطة الرسمية العليا التي تشرع وتتبنى القوانين والتي بدورها يتم تنفيذها من قبل السلطة التنفيذية ونحن على أعتاب إنتخابات مجالس المحافظات عليه ينبغي التوافق على إختيار المرشحين الذين يكونون أهلا"للقيام بتلك المهمة العسيرة وبمستوى المسؤولية الملقاة على عاتقهم ومقبولين لدى غالبية الناخبين من جميع شرائح المجتمع ومشهود لهم بالنزاهة والصراحة واضعين المصلحة العامة فوق كل إعتبار وفوق المصالح الشخصية التي خذلت بعض أعضاء مجالس المحافظات في الدورات السابقة وأن يتحلوا بالشجاعة والجرأة في إطروحاتهم من أجل أعادة تاهيل البنية التحتية وتقديم أفضل الخدمات وعلى جميع الأصعدة من خلال المصادقة على المشاريع الحيوية المهمة ومراقبة عمل الدوائر الحكومية الخدمية منها وينبغي تواصلهم مع الناس وعدم الترفع عنهم والاستماع الى مشاكلهم اليومية دون تمييز بين طائفة أو دين أو مذهب رافعين شعار خدام الشعب بشرط أن يعملوا بمضمونه نصا"وروحا" ولا يرضخوا تحت أية ضغوطات ليكونوا كبيادق الشطرنج تتحكم بهم أجندات خارجية وفقا" لمصالحهم الخاصة ويميلوا حيث ما تميل أهوائهم الدنيئة وأن يضربوا الفاسدين بيد من حديد ولا تأخذهم في الله لومة لائم من أجل تحقيق العدالة في أدنى درجاتها ليشهد لهم التأريخ خدمة للناس والوطن .

***

حسن شنكالي

تأريخ: تسجيل الوقائع وأسبابها

تاريخ: الأحداث التي تحصل

القول بأن تأريخ الأمة كان عظيما  يستند على بعض المرتكزات، والقول بأن الأمة حققت إنجازات علمية فائقة، قابل للنقاش، فالأمة ما تبنت العلم كوسيلة للقوة والقيادة، ووجدت في الدين ضالتها لتأمين الحكم والسيطرة على الناس.

وهي لا تختلف عن غيرها  من الأمم التي نالت فرصتها  من القوة والهيمنة، وربما كانت الأمة مؤهلة للقيام بدورها، وموعدها مع الثورة الدينية بقيادة محمد قد يكون مصادفة، إذ حضر الدين في زمن نهوضها وبدايات بزوعها فمنحها طاقة توثبية فائقة.

لم تنقل المدونات عن نشاط علمي في زمن الخلفاء الراشدين، وكان النبي من الذين يعزّون العلم وخصوصا الطبي، وهو الذي أنشأ أول مستشفى ميداني في المسجد النبوي أثناء معركة الخندق، وكانت تديره رفيدة الأسلمية.

وفي العصر الأموي تركز الإهتمام على علم الفلك لضبط مواعيد الصلاة وإتجاه القبلة.

وأول مَن إهتم بالعلم هو خالد بن يزيد بن معاوية، الذي إنشغل بالكيمياء وترجمة بعض الكتب العلمية.

وكان النشاط العلمي ضعيفا بالمقارنة بما حصل في العصر الذهبي للدولة العباسية (750 - 847) ميلادية (132 - 232)  هجرية، الذي وضع أسسه الخليفة الثاني أبو جعفر المنصور(714 - 775) ميلادية، وحكم (22) سنة، ورسّخها حفيده هارون الرشيد (149- 193)، ومن ثم جاء المأمون (170- 218) فأوقدها وتوهجت بعصره، أما الأمين (170- 198) فتأريخه مطموس ومشوّه ولا يُعرف عن إنجازات علمية في زمانه.

فالنشاط العلمي الحقيقي كان في زمن المأمون، لأنه ركز على تفعيل العقل ووضعه في المقدمة، لكنه قضى عليه بإتباعه مناهج المعتزلة وفرضها على الناس بالقوة.

ومنذ وفاة المأمون هدرت إرادة الأمة العلمية وفقدت بغداد مكانتها ودورها، وعندما جاء المعتصم نقل العاصمة إلى سامراء.

وعلى مدى ستة عقود عانت بغداد من الدمار والخراب، وبيت حكمتها تعرض للإهمال، ويُقال أصابه بعض الإهتمام في زمن الواثق، وبعده فقد قيمته ودوره، لأن بغداد إنشغلت بحروب تدميرية وعمها الخراب أكثر من مرة، وأبشع الدمارات التي أصابتها أثناء الصراع بين المعتز بالله والمستعين بالله.

وعندما جاء هولاكو لم يجد بيت حكمة كما يُصوَّر لنا، فهل تصدقون أن بيت الحكمة قد صمد دون رعاية مركزية وإهتمام بالعلم منذ وفاة المأمون حتى سقوط بغداد (9\8\833 – 29\1\1258)؟!!

وهل يُعقل أن ما فيها قد نقلت إلى نهر دجلة، وهل لديهم الوسائط  لنقل آلاف الأطنان من الورق، أم من السهل حرقها في مكانها؟

حرق بغداد كان للوقاية من الأوبئة لكثرة الجثث المتفسخة فيها، فأعداد الأبرياء الذين قتلوا عشرات أو مئات الآلاف، في غضون عشرة أيام.

ومن غرائب المنصور أنه كان مولعا بالبناء بالطين، ومعظم ما شيّده أودت به الفيضانات، ولا أظنها لم تصب  بيت الحكمة بأذى طيلة عمره.

فالموت العلمي الذي أصاب الأمة بدأ قبل دخول المغول إليها بأكثر من أربعة قرون، فبعد مقتل المتوكل (31\3\822 - 11\12\861) ميلادية، تحول الخلفاء العباسيون إلى رموز كالدمى ومنهم مَن قتلوهم وسملوا عيونهم.

فكم نسبة الصحيح في التأريخ؟!!

*هذا المقال محاورة مع التأريخ وليس نيلا منه.

***

د. صادق السامرائي

1 ــ اجتمع رؤساء ألقمتين ألعربية والأسلامة، في السعودية الأسلامية، ازدحمت ألخطابات والقرارات، بالشجب والمطالبة، ثم انصرفوا تاركين عرضهم المثقوب في غزة، مدينة صغيرة، يسكنها أقل من المليونين ونصف المليون، تمردوا في أرضهم، على احتلال عنصري، عمره اكثر من خمسة وسبعين عاماً، عانوا خلاله وحشية الأحتلال والحصار والأذلال والأفقار ألمبرمج، (1500) او أكثر قليلاً، رفعوا اصبعهم بوجه الأحتلال اليهودي، بمنتهى الشجاعة والبسالة، اطلقوا "طوفان الأقصى" كان الأمر محضور من قبل أمريكا والغرب ألديمقراطي!!، الى جانب اسرائيل المدججة، بأخطر السلاح التقليدي والنووي، تدخلت امريكا واغلب دول الناتوا، لتأديب العدد ألقليل من ثوار غزة، جائوا ومعهم البوارج والسفن الحربية الحاملة للطائرات، بأخطر اسلحتها، بما فيها الغواصسات النووية، لاسترجاع (الحقوق المغتصبه!!!)، ليهود اسرائيل "المدافعين عن انفسهم!!!" في غزة.

2 ــ حالة رعب غير مسبوقة، أطفال بعضهم من ولد تواً، وأخرون لم يتجاوزوا الثالثة من أعمارهم، فرحون بأحضان امهاتهم، يشيرون بأطرافهم الى فرح غير مفهوم، لا يعلمون ان الموت يحتظنهم والأمهات، والمنية على مسافة أقل من نصف (ملم)، هناك مسنين ومقعدين لا يستطيعون حمل ألسلاح، أنهم مستسلمون بلا حراك، يحلمون بموت حسب التقاليد ومريح أيضاً، في أقل من رمشة عين، وجدوا أنفسهم متفحمين وبيوتهم أصبحت قبور لهم، في نهاية بشعة، قالت أمريكا "لاسرائيل الحق في مواصلة المجزرة "انها تدافع عن نفسها!!" أمريكا الباغية المتمردة، ومن تحت البساط، راحت ترتب اولويات أطماعها، بعد اُكرانيا وتايوان ومجازر غزة، وربما من تحت البساط التاريخي ذاته، عقدت مع ايران المشروع الجديد، لكم العراق واطراف من الخليج، ولنا جسد الخليج كاملاً.

3 ــ لا أحب أمريكا، لأنها اغتالت اول جمهورية تموزية عراقية وطنية، في التاريخ العراقي الحديث، وأشرفت على قتل اول زعيم وطني لا يتكرر(1)، وبعد ان اسقطت النظام البعثي المر، جاءت بالنظام الأسلامي الهجين، الأمر من الذي سبقه، وأمريكا لا تغير شيء الا لتأتي بالأمر منه، وفي دسيسة غامضة، اشركت امريكا حليفتها ايران، على تقاسم العراق ، عبر التحاصص المكوناتي، أكره ايران أيضاً، لأنها المحتل المباشر للعراق، وهيأت لنا حرس ثوري من ولائيي مليشيات الحشد الشعبي، به استطاعت تدمير الدولة وأذلال المجتمع العراقي، بعض الكتاب والمحللين والباحثين!!، يعتقدون ان هناك عداوات بين أمريكا وأيران، قد تفضي الى حرب بينهما، انها سذاجة مفرطة، فأيران وأسرائيل هما العكازتين التاريخيتين، التي تسير عليهما الأطماع والمصالح الأمريكية في المنطقة، فأيران ومن أجل المصالح الأمريكيية، عملت على تشكيل حزب ألله، لأخصاء الدولة اللبنانية، ولذات الهدف وبذات المليشيات الولائية مسحت الدولة العراقية، وبالحوتيين مزقت الدولة والمجتمع اليمني، أيران هي ألمنتصرة في الحرب على غزة، أستطاعت النجاح، في عملية غسيل جهادي، لجرائم عملائها في المنطقة، لتبدأ بهم من جديد.

4 ــ أمريكا القاتل التاريخي لشعوب العالم، كعراقيين لنا معها ذكريات دامية، ونكره اسرائيل ايضاً، لعنصرية ووحشية احتلالها  لارض الفلسطينيين، وعبثية احلام توسعها غير المحدود، "من النيل الى الفرات"، وادعم حماس بأضعف الأيمان، لأنها وبمنتهى البسالة والتضحيات الجسام، تواجه الغولين الأمريكي الأسرائيلي، وهنا اتوقف عند حماس الأسلامية، وكمواطن عراقي، استعيد ذكريات العراقيين المرة، مع الهجين الأسلامي بأغلبيته الشيعية، نظام فساد وأرهاب وتجهيل وأفقار غير مسبوق، فالنظم الأسلامية لا يستقيم وجودها، الا من خلال، تفكيك وتدمير الدولة المدنية وتمزيق الوحدة المجتمعية، وعبر الشعوذة والتخريف والتطرف، صادر البيت الشيعي، العقل والسلطات والثروات، وسفك دم العراقيين، ولا زالت مذابح ثوار الأول من تشرين 2019، ماثلة على ابواب الذاكرة العراقية، هكذا سيصبح مصيير المجتمع الفلسطيني، لو عادت حماس الأسلامية، نصف منتصرة على اسرائيل، في جولتها الراهنة، سيتقاسم النصر كلا الغريمين، والشعوب وحدها الخاسرة، في تصفيات داخلية قادمة لا ترحم، فأعادة أسلمة ألمجتمعات العربية والأقليمية، عملية ستكون متعبة ومدمرة، خاصة وفي باب كل دولة، قناص وسياف أيراني لا يرحم، الا بتحرير ديمقراطي أمريكي!!!، كما يحصل الآن في العراق الأيراني الأمريكي، وموجة الأسلمة الدموية قادمة، بعد الأنتهاء من حرب غزة مباشرة.

***

حسن حاتم المذكور

02/12 /2023

.........................

(1) الزعيم الوطني الشهيد عبد الكريم قاسم

 

عندما عُيّن هنري كيسنجر مستشاراً للامن القومي نهاية الستينيات، ثم وزيراً للخارجية الأميركية بدا الأمر مفاجئاً للجميع، فليس من السهل أن يُعطى هذا المنصب، لرجل مولود في ألمانيا.

الفتى اللاجئ الذي كان يبلغ خمسة عشر عاماً سوف يحور اسمه الألماني من هاينز، إلى هنري وجد عملاً في أحد المصانع وواصل دراسته ليحصل على الدكتوراه في الفلسفة عام 1950، وظل حتى اللحظة الأخيرة من حياته يقرأ كل شيء، ويصر على العمل حتى وجدناه بعد أن احتفل بعيد ميلاده المئة في السابع والعشرين من أيار 2023، قرر أن يزور الصين للمرة المئة، ليستقبله الرئيس الصيني شي جينبينغ وهو يقول له: "لن ننسى أبداً صديقنا القديم".

سوف يعتاد العالم على مشهد الرجل حاد النظرات، حاد اللسان، ينتقل من عاصمة إلى عاصمة، يجادل الرؤساء، يخوض غمار المسائل المعقدة، لكنه في الوقت نفسه يعشق السهر في أي مكان تتواجد فيه الراقصة المصرية نجوى فؤاد، وسيخصص لها مكاناً في يومياته فيكتب: "بعد يوم طويل من المفاوضات والجدل بين دهاليز السياسة، أخيراً أستريح في سهرة أحرص فيها دائماً على وجود الراقصة المصرية التي فُتنت بها وهي الفنانة نجوى فؤاد، وكنت أحرص قبل وصولي إلى القاهرة على التأكد من وجود الراقصة الجميلة في مصر، وأسأل عن أماكن تواجدها حتى أراها، وكانت تبهرني، بل أعتبرها من أهم الأشياء الجميلة التي رأيتها في الوطن العربي إن لم تكن الشيء الوحيد".

كسينجر الذي رحل عن عالمنا قبل أيام تحول من مجرد صحفي يعمل في صحيفة أسبوعية إلى واحد من أهم رجالات السياسة الأمريكية، يجلس في مكتبه لتمر من أمامه كل الأوراق المتصلة بالشؤون العسكرية والداخلية والخارجية، يكتب في واحد من مؤلفاته "ضرورة الاختيار" عن الفرق بين السياسي البليغ والسياسي العميق، حيث يرى أن السياسي البليغ يبتعد دائماً عن أعماق المشكلة وأساس الحقائق، معتمداً على ما يقدم له من ملخصات عن الأوضاع، فنجده يبتعد عن الابتكار"، بينما يرى أن عالمنا يحتاج إلى السياسي العميق الهادئ الذي يحلل الأشياء قبل أن ينطق بكلمة. فالسياسة الارتجالية تفتقد الى النظرة الشاملة، ونجدها فاقدة الاتجاه والمضطربة، تخضع لردود الأفعال أمام الأزمات.يقول كسينجر إن المسؤول الحقيقي لا يستحق لقبه مالم يستطيع التمتع بنكران للذات، قوة وحكمة في مواجهة العواصف السياسية، وأن يكون قريباً من رجال مثقفين لا بيروقراطيين.

ربما يقول البعض إن أسوأ ما يحدث للكاتب، أن يضرب أمثلة بأشخاص كان قبل سنوات يضعهم في خانة الأعداء، ولكن ماذا نفعل ياسادة وليس لدينا ما نتباهى به سياسيا.

بعد أن أُعلن خبر وفاة كيسنجر أرسل لي الكاتب الكبير رشيد الخيون بوست لأحد العراقيين كتبه على صفحته في الفيسبوك يقول فيه: "كسينجر كان السياسي الأول في العالم لغاية ظهور إبراهيم الجعفري". بالتاكيد لا توجد ابلغ من هذه النكتة.

***

علي حسين

إذا كان الفيلسوف هو المحب للحكمة الباحث عن الحقيقة العاشق للمعرفة فإنه دائما وفق مبادئه وقيمه يقف بجانب الحق ويدافع عن الحقيقة حتى ولو كانت على حساب معتقده وملته ..

يعرف المفكر السوري خالص جلبي الفيلسوف فيقول:  "الفيلسوف إنه ذلك النهم للمعرفة، الذي تغشاه روح الطفولة، ولا تفارقه روح الدهشة، وفضولية الطفل وحبه اللعب والإصغاء ولو لفلاح جاهل، مع نسيان النفس، وتأمل كل قديم بنظرة جديدة؛ فالجدة لا تفارقه، والعجب لا يغادره" .

فإذا كان هذا الفيلسوف الذي تغشاه روح الدهشة والمعرفة فكيف به يخرج عن إتسانيته وعقلانيته وخاصة وقد مر بتجارب عميقة وبلغ من العمر عتيا .

"فقد أصدر الفيلسوف  يورغن هابرماس- ومعه نيكولا ديتلهوف أستاذة العلوم السياسية، ورينر فوريست الفيلسوف المعروف، والأستاذ كلاوس غونتر- بيانًا حول ما يجري في قطاع غزة، أدانوا فيه "المجزرة التي ارتكبتها حماس ضد إسرائيل بنية إبادة الحياة اليهودية بشكل عام"

يقول هابرماس، ومن معه في بيانهم: "إنّ الوضع الحالي الذي تسبّبت فيه وحشية الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حماس، وردّ فعل إسرائيل عليه، أفضى إلى سلسلة من المواقف الأخلاقيّة والسياسيّة والمظاهرات الاحتجاجية".(1)

إن هذا الموقف اللإنساني من فيلسوف كبير  ينظر لعملية فعل التواصل يجعله يسقط سقوطا حرا في بحر التناقض و كل ما عاش من أجله يتلاشى بهذا الموقف العنصري الذي يقف فيه مع الجلاد المغتصب ضد الضحية صاحب الأرض الذي يقاوم منذ أكثر من خمس وسبعين سنة متشبثا بها رغم الحصار والدمار..

وقد صدق الشاعر محمد المقرن حينما قال :

نبني من الأقوال قصرا شامخا **والفعل دون الشامخات ركام..

***

الكاتب: شدري معمر علي - الجزائر

...................

1- موقع الجزيرة.

الغرب غرب والشرق شرق، والتوهم بأنهما سيلتقيان من مستحيلات الثوابت الكونية، فهما على طرفي نقيض، الشمس تشرق وتغرب ولا تتطابق الحالتان في ذات المكان. فهي تشرق في مكان وتغرب في آخر، وهكذا دواليك بموجب إرادة الدوران.

وهذا ينطبق على مشارق الأرض ومغاربها، ومن الأمثلة الجلية، أن الشرق منغمس بالتأريخ وآليات تفكيره ماضوية بحتة وغرق فيها وتمادى.

بينما الغرب يرى ما يعاصره ولا يستوعب أقرب تأريخ، فالبارحة ماتت في وعيه، وهو إبن لحظته؟

و يرى الغرب :"ما مات فات"، ويرى الشرق  " ما مات عاش" ، فكيف يلتقيان؟

ولو أخذنا مثلا قريبا وهو القضية الفلسطينية، الغرب لا يفهم لغتنا المعبأة بالتأريخ، إنه يرى حالة قائمة أمامه، ويتوهم الحلول وفقا لمقتضيات مصالحه ومستلزمات الحفاظ على وجوده.

ولهذا تجدنا على مدى ثلاثة أرباع قرن ندور في وادٍ وهم يدورون في آخر، وسيمضي ناعور الويلات يتحرك بتعجيل متزايد، ما دامت المسافات تتسع مع الأيام.

أصحاب الحق ما عاد لهم حق، والراتعون في مواطنهم هم الأحق، هذا ما تمليه العقلية الغربية، وترفضه العقلية الشرقية التي ترى غيره تماما.

وقس على ذلك العديد من الحالات والمواقف والتداعيات، التي تتحرك بشراسة على أرض واقع أليم، الخاسر فيه المنغمسون في الغابرات، والمتمكنون فيه المتفاعلون مع واقع قائم أمامهم، يرونه كما هو لا كما يُراد له أن يُرى!!

فهل سيلتقي الضدّان، والضد يُظهر شرّه الضد؟!!

***

د. صادق السامرائي

30\11\2023

منذ أن أعلنت المفوضية المستقلة للانتخابات موعد إجراء انتخابات مجالس المحافظات في الثامن عشر من كانون الاول المقبل حتى بادرت بعض الكتل والأحزاب السياسية من خلال مرشحيهم الى الإلتفاف على القانون بطرق مبتذلة وغير مشروعة لتحط من قيمة الناخب العراقي وكرامته من خلال شراءهم الذمم بأساليب رخيصة لا تمت للمواطنة بصلة، وبعيدة عن كل القيم الإنسانية .

علما" أن التباري في البرامج الإنتخابية بين المرشحين من أجل تقديم أفضل الخدمات، حالة حضارية لا تتعارض والقوانين السارية، على أن توفر قناعة للناخب للإدلاء بصوته، وكسب عدد أكبر من الأصوات، دون تأثير أوضغوط جانبية لمصادرة إرادته الحقيقية، مما يوطد الثقة بين المرشح والناخب، ليكون ممثلاً حقيقياً للشعب في مجلس المحافظة .

 فالذي يحدث مؤخراً مع الأسف في هذه الأيام التي تسبق يوم الإقتراع وأمام أنظار الحكومة العراقية، وهذا دليل على ضعف شخصية الناخب وإنصهارها في بوتقة الرياء السياسي وعدم إكتراثه للعملية السياسية، وما تؤول اليه نتائج الإنتخابات مسبقاً، وهوعرض الأصوات للبيع بالمزاد العلني من قبل بعض الناخبين، عن طريق سماسرة المرشحين، مقابل مبالغ مالية زهيدة، أو وعود كاذبة، لأن المجرب لا يجرب، ومن يبيع صوته فلا مانع لديه من بيع وطنه والتنازل عن وطنيته، لأن صوت الناخب أمانة، وعندما أتاحت الدولة للمواطن فرصة المشاركة في الإنتخابات، لإختيار العناصر الكفوءة المتمثلة بالتكنوقراط وأصحاب الإختصاص والتي تعتبر سلطة رقابية على مستوى المحافظة، فينبغي إستغلال هذه الفرصة بما يضمن مستقبل أجيالنا التي عانت الأمرين لسنوات خلت .

فنحن أحوج ما نكون اليه اليوم هو الوعي السياسي للمواطن والإيمان بالمواطنة الحقة التي أضعناها منذ سنوات، نتيجة ضعف هيبة الدولة العراقية، واستشراء الفساد في جميع مفاصلها دون رادع ولا وازع، مما مهد لدخول عصابات داعش الإجرامية وإحتلالها لثلث مساحة العراق، والتأثير على نفسية المواطن وتغييرها الى سلوك عدائي وهدام للبنى التحتية، لإرتباطها بأجندات خارجية تهدف الى بث الفرقة بين مكونات المجتمع، بصيغ طائفية مقيتة بعيدة عن الواقع العراقي الذي تربى عليه .

نتساءل، أين دور الحكومة العراقية ومؤسساتها الإدارية والقضائية ؟ في كل ما يحدث من إستخفاف بالقوانين والتلاعب بها حسب مزاج بعض الكتل والأحزاب السياسية، أليس القانون فوق الجميع؟ أم هناك من هم فوق القانون ؟ في دولة اللاقانون، نتيجة لإرتباطهم بجهات حزبية متنفذة على الساحة السياسية في العراق .

سلفاً وإستقراءً للمستقبل القريب، سنشهد إنتخابات تشوبها الضبابية وعدم الشفافية وقد ترتقي الى مستوى حدوث بعض حالات التزوير، لتسلط بعض الجهات المتنفذة على المناطق المسيطر عليها وممارستها لأساليب مشبوهة تهدف الى التلاعب بنتائج الإنتخابات المرتقبة لصالحها زوراً وبهتاناً وخرقاً فاضحاً للقوانين المرعية وبنود الدستور العراقي .

***

حسن شنكالي

دول الأمة التي تعاني الويلات والإضطرابات والخرابات والدمارات يدير شؤونها الأغبياء. فالذكاء لا يقاس بالدرجات العلمية، وإنما بالسلوك ومآلات الأمور وما تنتهي إليه، فعندما نعاين دولا ذات ثراء وطاقات بشرية نابهة ذكية، وترزخ تحت سنابك القهر والإذلال والحرمان، ويعصف في مؤسساتها الفساد وإغتصاب حقوق الإنسان، فالجواب الواضح على ذلك أنه الغباء الفاعل في حكوماتها من رأسها حتى أدنى درجة وظيفية فيها.

فالغباء كالوباء، وعندما يكون القائد غبيا، فمَن معه وما دونه يصابون بذلك الوباء المروع، فتنتكس الأحوال، وتتردى الأوضاع، وتنقلب الموازين، ويكون في المواقع القيادية الذين يتمتعون بدرجات عالية من الغباء.

هذا واقع سلوكي وتفاعل بشري قائم، يحدثنا به التأريخ عبر مسيراته المعاصرة والغابرة، فعندما يكون القائد ذكيا يؤلف حكومة ذكية، وعندما يتمتع بالغباء فأنه سيكره الأذكياء ويبعدهم، ويقرِّب الذين أكثر منه غباءً، وبهذا يقضي على نفسه وحزبه وحكومته، ويذيق شعبه كأس العلقم والسأم المرير، حتى لتجد أبناء البلاد يهربون إلى أي بقاع في الدنيا للخلاص من أهوال الغباء.

إن المواطن يشعر بالسعادة في غير بلاده، لأنه يمتلك ذكاءً، فيجد نفسه في عالم يقوده الأذكياء، فيستريح ويستشعر السعادة، وينطلق بإبداعه وتعبيره المطلق عن ذكائه.

وكم من القيادات الغبية والحكومات الأغبى منها في بعض دولنا، التي تذيق مواطنيها شر الحياة، وتحيل وجودهم إلى قهر وعناء.

فهل تستحق مجتمعات الأمة الذكية حكومات على هذه الدرجات من الغباء.

حكومات تساندها القوى الطامعة بالبلاد، وتؤسسها بطوابير من الرعاع، وتوهمهم بأنهم قادة وأذكياء، وما هم إلا عقارب صفراء عمياء، تريد أن تنفث سمومها في أبدان المساكين الأشقياء من أبناء البلاد الأبرياء.

فهل من حكومات ذكية في دولنا الشقية، يا أمة الألباب التي بها يتعقلون؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

حضرة السيد كريس منس رئيس ولاية نيو سوث ويلز المحترم

تحية وبعد..

لقد وجدت نفسي مضطراً لأن اخاطبكم مباشرة لأنها الطريقة الأسرع والأفضل التي يمكن ان تصل بها رسالتي لكم.

أنا الأسترالي من خلفية لبنانية عربية المؤمن بانسانيته والذي يقدم انتماءه الانساني على كل ما عداه من الإنتماءات الأخرى حيث لا حاجة لجواز سفر او بطاقة هوية لتأكيد ذلك الانتماء.

أنا الهارب من جحيم الحروب الاهلية والتي رُفعت فيها شعارات طائفية،مذهبية، مناطقية وأثنية وبكل فخر لم يشارك في تلك الحروب التي أستمرت 15 عاماً لأنني لا أؤمن بأن الله الذي خلق الانسان وكرم بني آدم وحملهم في البر والبحر ورزقهم من الطيبات  يسامح أي إنسان يقتل أخيه الأنسان تحت أي شعار أو لأي سبب.

قبل ثلاثة عقود ونيف انتقلت الى أستراليا وحصلت على جنسيتها والتي أعتز بها كما أعتز بخلفيتي اللبنانية العربية.

منذ أن وطأت قدماي هذه الأرض وعملاً بالعقد ما بيني وبين هذه البلاد فقد نذرت نفسي لخدمتها لأنها أمنت لي الكثير لإثبات ذاتي على كافة المستويات رغم الصعاب التي واجهتها كما كل القادمين الجدد ومنها على سبيل المثال لا الحصر العائق اللغوي.

لكن التسهيلات التي حصلت عليها كما غيري من المهاجرين شكلت عندي الحافز للعمل بتفاني، فوجدتني مندفعاً لخدمة المجتمع ضمن ألأمكانيات المتاحة متسلحاً بأنسانية عابرة لكل الأنتماءات والتي ساعدت عليها التعددية الثقافية والتسامح والتناغم الأجتماعي وقوانين مكافحة العنصرية والتفرقة على اي أساس من العرق واللون والخلفية الثقافية والجنس وغيرها.. التي تصونها قوانين البلاد، بالأضافة الى أنني استطعت أنشاء عائلة افتخر بها وكل طموحي كما كل العائلات ان تعيش بسلام.

إن السياسة من الناحية اللغوية لها تعريف متنوع منها معالجة الأمور، وهي مأخوذة من الفعل ساس ويسوس، أما اصطلاحاً فتعرف بأنها رعاية شؤون الدولة الداخلية والخارجية، وتقوم على توزيع النفوذ والقوة ضمن حدود مجتمع ما، وتعرف كذلك بأنها العلاقة بين الحاكم والمحكوم في الدولة وهناك تعريف آخر بان السياسة طرق وأجراءات مؤدية الى اتخاذ قرارات من اجل المجتمعات والمجموعات البشرية .

السيد منس، لا افشي سراً إذا قلت أننا كأستراليين من كافة الخلفيات نتفاعل بشكل او بآخر مع الأحداث في البلاد التي جئنا منها، ولكن أؤكد ان الأولوية هي المحافظة على التناغم الأجتماعي والأمن في استراليا، وكما أسلفت التزاماً بالعقد الذي دخلنا بموجبه الى البلاد التي أمنت المأوى الآمن لكل الهاربين من المشاكل على اختلاف انواعها من بلادهم الأصلية.

مؤخرا، انفجر الوضع بين الأسرائيليين والفلسطينين وهذا الانفجارالاخير لم يأتي من فراع كما قال الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرتش حيث يخضع الشعب الفلسطيني لأحتلال منذ سبعة عقود ونيف ويمارس الأحتلال تمييزاً عنصرياً على كافة المستويات ضد الفلسطينيين، وحيث فشلت عملية السلام والتي كانت تقوم على مبدأ حل الدولتين الذي لم يبصر بسبب توسع الأستيطان الأسرائيلي غير الشرعي حسب قوانين الأمم المتحدة على حساب الشعب والارض الفلسطينية وذلك تحت مراى ومسمع المجتمع الدولي والأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الأممية.

السيد منس، عندما انفجرت الجولة الأخيرة من العنف في فلسطين كنا نتوقع منكم موقف حيادي لا يحابي طرف على حساب طرف آخر من ابناء المجتمع ، ولكن وللأسف اتخذت موقفاً منحازا ًبإضاءة أشرعة دار الاوبرا في سدني بالوان العلم الأسرائيلي والذي عدت واعتذرت عنه مع العلم ان الشرطة كانت قد حذرت من هذه الخطوة ولم تكتفي بذلك لا بل بدات تهدد بمنع المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين رغم ان القانون يسمح بذلك.

السيد منس، دعني أصارحك واقول لكم أنها المرة الأولى التي أشعر بها بقلق كبير على التناغم الأجتماعي عندما بدأتم بتخويف المواطنين على أساس مناطقي بين شرق وغرب في مدينة سدني بقولكم أن حكومتكم لن تتساهل مع الذين يقومون بمسيرات سيارة في مناطق معينة سواء في لاكمبا او المناطق الشرقية من سدني.

السيد منس، اليس كل ابناء نيو سوث ويلز هم رعاياك بغض النظر عن الجنس والعرق واللون والأثنية والمعتقد والمنطقة..

إذن، لماذا هذه المقاربة أليس الجميع تحت القانون ؟!

السيد منس، تقولون أنه وفاءاً بوعد انتخابي فإن حكومتكم شكلت مجلس شؤون الأديان لولاية نيو سوث ويلز وانكم تعتقدون أنكم  تكونون حكومة افضل عندما نستمع، وان المجلس سوف يساعد على تحديد نوعية الفرص والمبادرات من أجل تعزيز التعاون والحوار المستمر بين حكومة نيو شوث ويلز والمجتمعات الدينية.

عجباً المجتمعات الدينية اليست أستراليا بلد علماني؟! ولا يعرف المواطن بها حسب الدين اليس المفروض ان تتقدم المواطنة على ما عداها.

السيد منس، نتمى لكم ولمجلسكم الذي سيعقد في جلسته الأولى في أوائل كانون الأول كل التوفيق، لكن دعني أصارحكم بأن هذه المقاربة لن يكتب لها النجاح واول المشاكل هو على أي أساس أختيار الممثلين وما هو دورهم التمثيلي وهل يمثلون جالياتهم ومن إنتخبهم في بلد نفاخر بديمقراطيته الانتخابية مع إيماننا الكلي والثابت بحق كل مواطن/ة بممارسة شعائره والتي لا تتعارض مع القوانين المرعية الني تحفظ حق المواطنين هذه القوانين التي يجب تطويرها بما يناسب مصلحة البلاد واسمترار إزدهارها وتقدمها.

السيد منس، أخيراً أعتقد أن مواطني نيو سوث ويلز انتخبوا حكومتكم لتحكم بالعدل لان العدل أساس الملك.

ولكم خالص مودتي وتقديري

***

عباس علي مراد

  من المضحك المبكي أن في إحدى الدول المتقدمة، زار وزير الصحة مشفى للأمراض العقلية لتفقد أحوال النزلاء هناك، ورافقه في تجواله أحد أطباء المشفى، وبينما هما في تجوالهما بادر الوزير بتوجيه سؤال الى الطبيب مستفسرا: كيف تميزون العاقل من المجنون؟

فرد عليه الطبيب: نأتي بـ (بانيو) ونملأه ماءً ونضع أمام المريض ملعقة وفنجانا ودلوا، ونطلب منه تفريغ البانيو من الماء، وبسرعة بديهة قال الوزير بثقة تامة: من المؤكد ان العاقل سيختار الدلو والمجنون يختار الملعقة او الفنجان، أليس كذلك؟

فرد عليه الطبيب: كلا يامعالي الوزير، فالعاقل يرفع سدادة البانيو.

  هنا أرى أن الوزير استخدم عقله فقط، ولم يستند الى الحكمة والروية في استنتاجه ذاك، فالعقل وحده قابل للخطأ والاشتباه، ومن دون الحكمة يكون اللبس والالتباس أقرب اليه من التشخيص الدقيق والتحليل الصائب. فالحكمة إذن، هي دليل نضج العقل وبلوغه حدا، يمكـِّنه من قراءة ماتؤول اليه الأمور من نتائج، واستباقها بحلول في حال قصور العقل عن بلوغها بمفرده، وبذا تكون الطرق سالكة للوصول الى الحلول الناجعة والمجدية.

  لاأريد بما تقدم تشبيه ذاك المشفى بما أبتغي الوصول اليه في سطوري هذه، لاسيما ان ما أبتغيه من خلال منبري هذا، هو طرح رأيي كمواطن عراقي في شأن عراقي بحت. فقد كثرت في الآونة الأخيرة بين ظهرانينا، أحداث لايقوى العقل وحده على مهمة تحليلها وتأويل نتائجها، مهما بلغ وسع إدراكه وسعة أفقه، بدليل ان النتائج طالما تأتي عكس كل توقعات العقول وتنبؤات ذويها. آخرها -وأتمنى ان تكون خاتمتها- الانتخابات وقانونها ذو الجدل، وما أعقبته من تداعيات وروائح نتنة، بلغ فيها الهرج والمرج مايجسده مثلنا: (ما تعرف رجلها من حماها). إذ تتوالد بين ليلة وضحاها مستجدات، هي في حقيقة الأمر طلاسم وفوازير، يشوبها الغموض وتطغى على تفاصيلها الضبابية، والمواطن -الناخب والمقاطع على حد سواء- ما عاد يدرك الصالح من الطالح من الذين اصطبغت من أجلهم سبابته، فهو بين مصدق مواعيدهم ومكذبها، وبين متأمل خيرا ويائس حد القنوط، وقطعا لم يأتِ هذا من خواء.

  وبين هذا وذاك، يستذكرون جميعهم العمليات الانتخابية السابقة، والتي مافتئ المواطن -لاغيره- يتحمل نتائجها المريرة حتى اللحظة، ومازال هو وحده الخاسر الأول والأخير فيها، في وقت كان يتأمل من كل واحدة من العمليات، أن تعديلا جذريا سيشمل حياته يوميا وتفصيلا، مأكلا ومشربا وملبسا ومسكنا، فضلا عن أمنه وأمانه على حاضره، واطمئنانه على مستقبله.

  إن تعديل مسار المجلس التشريعي، ليعقبه بعد ذلك مجلسه التنفيذي، بات رهين العملية الانتخابية، وللأسف هو حلم غير قابل للتحقيق، وبصيص الأمل الذي كان يحدو المواطن طيلة العقدين المنصرمين، بات واضحا أنه سراب لا يروي ظمآنا، بالدليل والبرهان علاوة على التجربة.

  وبعودة الى الـ (بانيو) واستخدام الحكمة في كيفية تفريغه مما يحتويه، فإن الحل الأنسب والأجدى في ظرف بلدنا الراهن والحرج، هو رفض أساليب المحاصصة بجميع صورها رفضا قاطعا، وتهميش الأحزاب أول الأمر بعيدا عن تمثيل المواطن، ذلك لأنها أثبتت تمثيلها الأناني والمنحاز الى مآربها وأجنداتها لا غير، ليعقب هذا ركلها خارج أسوار المؤسسات، وإبعادها عن المناصب لاسيما القيادية والسيادية منها، وفتح منافذ الخروج لعناصرها وآلياتها وخططها ومناهجها وأهدافها، ودفعها فيها كما تدفع المياه الآسنة في مجاري التصريف، وبغير هذا تبقى الأحزاب تجر المواطن من خراب إلى خراب، ولايأبه قادتها إلا بما يخص جيوبهم، وملؤها هو شغلهم الشاغل، متمسكين بنظرية: "ماطول بالنخلة تمر ما اجوز من شرب الخمر".

***

علي علي

يشهد عصرنا الحديث ظاهرة الاستبداد او ما يسمى الاستفراد بالسلطة والتحكم برقاب الناس والاستئثار بخيرات الشعب، وتتجلى نزعة الاستبداد التي تعتبر من ظواهر الاجتماع السياسي عند الرؤساء الذين تأتي بهم الصدفة الى هرم السلطة او يصلون اليها عن طريق الانقلابات العسكرية او التآمر مع قوى خارجية وهؤلاء الذين عادة ما يكونون بلا تاريخ سياسي أو خبرة في الادارة بأشكالها كافة عندما يصلون الى السلطة وينعمون بخيراتها وتطيب لهم امتيازاتها يشدون العزم على فعل كل شيء من أجل البقاء فيها، فتراهم يسخرون موارد الدولة ويزيدون من عسكرتها ويخرقون القوانين وكل ما يفعلونه هو من أجل توطيد وحماية أركان سلطتهم، كما انهم يتصرفون مع شعوبهم على انهم آلهة طاعتهم واجبة وتقديسهم فرض، ومثل هؤلاء للأسف باتوا يمثلون القاعدة ولكن التاريخ يحدثنا عن القليل الذين يمثلون الاستثناء أولئك الرؤساء الذين تمتعوا بكاريزما خاصة جعلتهم قريبين من شعبهم ويحظون بحبه واحترامه وهذا الصنف من الرؤساء يدركون انهم موظفون في الدولة لهم حقوق وعليهم واجبات ولا يختلفون عن غيرهم من الموظفين الا في الموقع الوظيفي ونوع الواجبات وبالتالي وجودهم في موقع المسؤولية هو لخدمة شعوبهم وليس لاضطهادها، وقد وجدنا في سيرة عدد من الحكام دروسا في التواضع والأمانة والزهد، فمن تجارب الحكم العربية لا يمكن ان نغفل تجربة الرئيس عبد الكريم قاسم التي تركت أثرا طيبا عند جمهور واسع من الشعب العراقي فهو زعيم وطني مخلص وزاهد اقترب كثيرا من هموم الطبقات الكادحة والفقيرة واتصف بالبساطة والتواضع في السلوك اليومي ولعله الحاكم الوحيد الذي اعطى للدولة ولم يأخذ منها وذلك عندما تبرع بدار والده لإنشاء مدرسة ثانوية ما تزال قائمة في مدينة الصويرة، وكذلك الحال مع الزاهد في السلطة الرئيس السوداني عبد الرحمن سوار الذهب الذي انسحب من رئاسة السودان بعد تسليم السلطة الى الحكومة المنتخبة دون اراقة قطرة دم واحدة، ودرس آخر في الزهد ونظافة اليد نستمده من تجربة رئيس أوروغواي السابق خوسيه موخيكا الموصوف عالمياً أفقر رئيس في العالم الذي فضّل العيش فترة توليه رئيس للأوروغواي بين عامي 2010 و2015 في بيته الريفي على البيت الرئاسي وبلا حراسة أمنية مشددة كبقية رؤساء العالم، كما انه لم يحتفظ سوى بـ10% من راتبه الذي يبلغ شهريا 12 ألفا وخمسمئة دولار أميركي ويتبرع بالباقي لفائدة الجمعيات الخيرية،  وليس لديه أية حسابات مصرفية ولا ديون، وأغلى شيء لديه وفق تصريحه هو سيارته القديمة من طراز "فولكس واكن"، ونظرا لارتباطه بالفقراء فقد خصص بعض أجنحة القصر الرئاسي لإيواء المشردين بعد اطلاعه على عدم كفاية طاقة استيعاب المراكز المتوفرة بالبلاد مثلما رفض استلام على أي راتب تقاعدي عن فترة خدمته. وهذه السيرة تشبه الى حد كبير مع ما حدث مع المستشارة الالمانية " ميركل " التي عادت للعيش في شقتها البسيطة بعد 16 عام قضتها في السلطة، وهناك من الرؤساء من ضرب مثلا رائعا في التواضع والحرص على المال العام فرئيس وزراء هولندا يذهب الى دوامه الرسمي على دراجة هوائية بدون موكب وحمايات كذلك الحال مع رئيس وزراء بريطانيا الذي يذهب بنفسه للتسوق على دراجته الهوائية ويقف في الطابور حاله حال المواطنين الاخرين.

ان ما نشهده اليوم من فساد وكوارث انسانية وشعوب مقهورة تعيش حالة مؤسفة من التخلف الاجتماعي والتدهور الإنساني في أوضاعها الأمنية والاقتصادية وغياب الدولة يضاف اليها حملات التجهيل الثقافي والمعرفي تعود اسبابها الى ان رجل السياسة السيء الذي عاش سنوات من الحرمان عندما يصل الى السلطة يتنكر لماضيه فلا يفكر الا في مصلحته الخاصة ولو كان تحقيقها يحتم اتباع وسائل غير اخلاقية وغير مشروعة وذلك باستغلال السلطة للسرقة والانتقام، في حين هناك من يفاخر انه جاء من اسرة فقيرة ووصل الى ما وصل اليه وهو ما حدث مع الرئيس البرازيلي " لولا داسيلفا " لدى اعتلائه المنصة لألقاء خطابه الاول بعد فوزه في الانتخابات فقد صعد المنصة وبيده حذاء وقال وصلني اليوم هذا الحذاء هدية من عمدة مدينة فرانكو واعرف انه يريد ان يذكرني انني ربما مسحت له يوما حذاءه عندما كنت أعمل ماسح أحذية وأنا طفل صغير وهذا شرف عظيم لبلدنا ان يصبح ماسح الأحذية رئيسا للدولة وذلك خيرا من ان يصبح رئيس الدولة لصا ينهب أموال شعبه.

والمعروف عن الرؤساء انهم يبالغون في ابراز مظاهر الهيبة والوقار من خلال سلوكهم السياسي والاجتماعي فلا يظهرون الا بوجه متجهم وجدية صارمة ويعتقدون الظهور بهذا الشكل من سمات الشخصية المهمة وتزيد من سطوتهم على الشعب في حين هناك من الرؤساء من يتصرف كانسان عادي يمازح ويشاكس ويتعامل باللين ويلجأ الى الطرفة حين يستوجب حضورها، يروى عن رئيس وزراء بريطانيا الأشهر ونستون تشرشل الذي عرف بذكائه الحاد في الحياة السياسية والاجتماعية اضافة الى سرعة البديهة لديه، ان مواطنا اقتحم موكبه وهتف في وجهه قائلا: أنت غبي. فاعتقلت الشرطة المواطن وقادته الى السجن، واستدعى البرلمان تشرشل وسأله احد الاعضاء غاضبا: هل يجوز ان تعتقل الشرطة مواطنا وتضعه في السجن لمجرد انه قام بسبك؟.

فأجاب تشرشل: الشرطة لم تعتقله لأنه سبني، بل لأنه أفشى سرا من اسرار الدولة !! فضجت قاعة البرلمان بالضحك والتصفيق.

للأسف لم يقدم تاريخنا السياسي العربي رئيسا تحلى بالحكمة والأمانة والعدل واكتسب الهيبة وحب الناس له من خلال تواضعه ونزاهته وقربه من هموم شعبه الا ما ندر.

***

ثامر الحاج امين

المطالبة بدولة فلسطينية منزوعة السلاح الى جوار دولة نووية منزوعة القيم والشرف والإنسانية والأخلاق لا تعترف بحدود لها رغم انقضاء ثمانية عقود على انشائها او لنقل زرعها في قلب الامة العربية، امر غريب ومستهجن من قبل رئيس اكبر دولة عربية كنا نعتقد انها تشد الازر وتعين على المصائب، المؤكد ان ما تفوّه به السيسي  يمثل راي غالبية حكامنا اليوم الذين كل همهم المحافظة على عروشهم وارضاء اولياء نعمتهم ، تفاهات نجزم انها صدرت عن حكام كانوا سبباً مباشرا لهذا العدوان الشرس الذي قضى على الحجر والبشر بجبنهم وتخاذلهم والمقاومة الوطنية الاسلامية  في اوج تألقها وانتصاراتها وعنفوانها .

ها هي فلسطين اليوم تمر بأصعب مراحلها، يقف الفلسطينيون وحدهم يواجهون أقوى الجيوش في العالم ممثلة في الصهاينة وأمريكا والغرب وبعض الأنظمة المهزومة والمطبعة، فأين المجتمع الدول وأين القانون الدولي؟ وأين حقوق الانسان وحرية تقرير المصير لأكثر من ثمانية عقود. أم أن الفلسطينيين ليس بأناس ولم يرتقوا الى ذلك بعد، كما قال وزير دفاع الصهاينة عن الشعب الفلسطيني بانه “حيوان بشري” ويستحق أن يعامل بقدر ما هو؟ ان ما ذكره السيسي يؤكد ان الطبخة المجهزة مع دوائر اقليمية ودولية أخرى خطيرة قد استوت ويريد منا السيسي أن نضيع تضحياتنا على مدى عقود الاحتلال والتشريد.

لن يقبل الكيان المحتل بدولة منزوعة السلاح تحت اشراف اممي في حدود 67، فهو يماطل للاستحواذ على المزيد من الاراضي لأجل توسيع المستوطنات واستجلاب المزيد من الصهاينة ،فالشعارات اثبتت فشلها والانظمة العربية اصبحت بعد تحييد او لنقل تقييد وتكبيل مصر، عاجزة عن الحرب واسترداد الحقوق بالقوة، وان مبدا الارض مقابل السلام الذي قدمه العرب على طبق من ذهب التهمه العدو والقى بالطبق في وجوه حكامنا، الذين اذلوا انفسهم على ابواب العواصم الاوروبية وامريكا استجداءا للسلام المزعوم، الذي يعني الخنوع لهؤلاء الفرنجة، لقد كان بإمكان الحكام العرب ان يمتلكوا القوة العسكرية من خلال دخول مجالات التصنيع بمختلف انواعها، وكذلك ولوج عالم الذرة فهم يمتلكون الاسباب المادية والعلمية والطاقة البشرية التي تجعلهم امة يحسب لها، او من خلال اقامة التحالفات الدولية الحاسمة والفاعلة في المنطقة.

ظن الجميع بمن فيهم الحكام العرب الخانعين المتآمرين على الشعب الفلسطيني، انه بموت الرعيل الاول او توزعه القسري في الشتات سينهي القضية، لكنهم خسئوا وباؤوا بالفشل الذريع ،لقد توارثت الاجيال المتعاقبة خاصة الذين ولدوا تحت نير الاحتلال وجبروته، جينات حب الوطن والذود عنه بكل الامكانيات،بما فيها تقديم الارواح قربانا له، لكي ينعم من يتبقى على قيد الحياة بالأمن على حدود كامل تراب فلسطين التاريخية من النهر الى البحر، وليعش اصحاب الديانة اليهودية غير المتصهينين بالبلدان التي ولدوا بها .

تحية للمقاومين في غزة بمختلف توجهاتهم السياسية والفكرية والذين جمعهم حب الوطن، الذين اثبتوا لمن يدعون صداقتهم قبل عدوهم انهم مؤمنون بالقضية ولا يهابون الموت بل يتقدمون الصفوف والالتحام المباشر مع الصهاينة (المسافة صفر) وتحية للمقاومين في الضفة الذين يعيشون في سجن تقوم بحراسته سلطة تعمل لصالح العدو، حيث اعلن راس السلطة قبوله بالمقترح.

تقف البوارج وحاملات الطائرات من مختلف الدول الاستعمارية امام اعينهم، فلم ترهبهم، بل زادتهم ايمانا بعدالة قضيتهم، ما اصغر العالم وما اكبرك يا غزة.

***

ميلاد عمر المزوغي

القرار الذي اتخذته اجمعية العامة للأمم المتحدة هوانسحاب إسرائيل من الجولان المحتلة منذ 1967، وبإجماع 91 دولة غربية، ووافقت المملكة العربية السعودية على القرار، وشاركت في صياغة القرار مجموعة من الدول، من بينهم الجزائر، فنزويلا، مصر والأردن والعراق وقطر وكوريا الشمالية وكوبا والكويت ولبنان وموريتانيا والإمارات العربية المتحدة وسوريا وتونس.، بعد أن كان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قد وقّع في عهده مرسوم اعتراف الولايات المتحدة بسيادة إسرائيل على الجولان، والجولان تحكي قصة هضبة سورية احتلتها إسرائيل منذ الستينيات وجعلتها مستوطنة يهودية، وتهدف إلى إعمارها باليهود ومضاعفة عددهم حتى العام 2030 .

 وكانت الجولان تستقبل لاجئين فلسطينيين ما جعل إسرائيل تجعلها من المناطق الأكثر استهدافا، حسب التقارير (المرصد السوري لحقوق الإنسان)، فمنذ الحرب على غزة استهدفت إسرائيل البنى التحتية للجولان السوري وبخاصة منطقة منطقة حوض اليرموك، على اساس انها مواقع إرهابية، القرار طبعا يعتبر قرارا سياديا تتخذه جمعية الأمم المتحدة، لولا أنها ملزمة بأن تبادر إلى اتخاذ قرار آخر تطالب فيه إسرائيل الإنسحاب من غزة، وتكون عملية الهدنة الممتدة نقطة انسحاب إسرائيل من منطقة غزة، حتى تمكن أهلها من العودة، فالشعب الفلسطيني لا يزال يتعرض للاعتداء والعدوان منذ أكثر من 75 عامًا، وقد حان الوقت لأن تتخذ الأمم المتحدة في جمعيتها القادمة قرارا مماثلا للقرار التي اتخذته في قضية الجولان السوري.

 كما على الدول العربية التي وقّعت على وثيقة الأمم المتحدة أن تطالب هذه الأخيرة، بل تضغط عليها لإصدار قرار بانسحاب إسرائيل وتوقيف القصف على غزة، بعد انتهاء مدة تمديد الهدنة، فلا فرق بين الجولان وغزة،  لأن معركة العرب ضد الصهيونية هي معركة واحدة ولذا على الدول العربية الغير مُطَبَّعَة أن تلتقي داخل دائرة واحدة، لإنهاء الحرب التي أعطيت لها طابعا هستيريا عدوانيا، طالما لها قواسم مشتركة عديدة في الدين واللغة والمواقف، وعاشت نفس الأزمات، وإلا فإن الأمور ستبقى متذبذبة ومعقدة سواء في الجولان أو في غزة أو في أي منطقة تحتلها إسرائيل.

***

علجية عيش

الفرص تتفجر من بطن الازمات والكوارث، كما تتفجر الينابيع من باطن الأرض لتحي الأرض بعد موتها، والحقيقة ان معظم أراضينا العربية تواجه شبه الموت الاقتصادي في العقود الاخيرة بفعل اعتمادنا على السلع المستوردة من الخارج في كل مفردات حياتنا اليومية من مأكل ومشرب، ودواء وتجميل وزينة .

في المقابل هجرنا صناعتنا المحلية وجعلناها على الهامش، والأنكى من ذلك كله ان الكثير من الصناعات المحلية في أوطاننا العربية من شركات ومصانع تعمل بنظام الفروع للبراندات الماركات والعلامات التجارية العالمية مما جعلنا تابعين في اقتصادنا لهذه العلامات .

ومن رحم مأساة غزة المحاصرة، تفجرت الفرصة لمناصرة شعبها الصامد على الأرض بسلاح مقاطعة شعوبنا للسلع والمنتجات الغربية لدعمها لسلطات الاحتلال الاسرائيلي في تدمير غزة وشعبها، وتوسعت حملات المقاطعة لإحياء البديل الوطني من المنتجات المحلية العربية .

هذه المقاطعة التي خرجت من رحم آلام شعب غزة، وأدارتها الشعوب العربية من بواعث أخلاقية ودينية وانسانية تحتاج الى استغلال حكيم من جانب الحكومات والمسئولين ورجال الأعمال العرب وتوظيفها لدعم الاقتصاديات الوطنية من خلال ثلاث محاور هي :

المحور الاول يركز على : التوسع في رقعة الانتاج الزراعي والصناعي العربي، وضخ الاستثمارات  الوطنية  بهذين الحقلين بدلا من استثمار رجال الاعمال العربي أموالهم بالخارج .

ويمكن لكل قطر عربي انتاج السلع التي يحتاجها شعبه من غذاء ودواء وصناعات وطنية بما يشجع الصناعة المحلية  وبعثها حية مجددا كصناعات الملابس والاغطية والمفروشات والمنظفات والمطهرات وأدوات المائدة وغيرها، على ان  يتم ذلك بخطط مدروسة وبعناية فائقة لتؤتي ثمارها بسرعة تحتاجها أوطاننا . على سبيل المثال لا الحصر

فالصمغ العربي  الذي يتواجد 70 % منه عالميا  بالسودان يمكن للتعاون العربي في استثماره عربيا بإدخاله في العديد من الصناعات كالطباعة وانتاج الطلاء، والغراء، ومستحضرات التجميل والعديد من التطبيقات الصناعية الدوائية والغذائية .

 والرمل المصري الموجود في سيناء  يعد من أنقى انوع الرمل بالعالم، وهو يمكن توظيفه في تصنيع أشباه الموصلات والسيليكون اللازم لتصنيع  الرقائق الاليكترونية .

وتشتهر اليمن بزراعة البن وبعسل النحل الجبلي ويمكن تطوير هذه الزراعات والتوسع فيها وزيادة انتاجها محليا كسلع تنافسية تزدهر بها اليمن، ويمكن اقامة عدد

من المشروعات الصناعية القائمة على منتجاتها محليا .

المحور الثاني :  يركز على استغلال سلاح المقاطعة في دعم الصحة  العامة بدولنا العربية، بالاعتماد على المواد الخامة الصحية المتوفرة في بلادنا مثل استبدال الصابون المستورد والمصنوع من مواد كيمائية بمكونات وطنية لإنتاج الصابون من الغار وزيت الزيتون مثل الصابون النابلسي، واستبدال البيبسي كولا التي تحتوي كل علبة منها على ما يعادل عشرة معالق سكر، بمشروبات محلية قليلة السكر، وبذلك نمنع أمراض السكر والضغط والكوليسترول وتوابعها في بلادنا  فالمقاطعة لهذه المنتجات الضارة ستؤثر ايجابيا على صحة الناس .حتى انني شاهدت فيديو لرجل امريكي يؤكد وجود لحوم بشرية خاصة لأطفال في لحوم احد المطاعم العالمية المشهورة جدا والتي تم مقاطعتها حاليا بسبب دعمها الصريح للحرب على أطفال غزة.

وأيضا التوقف عن شراء اللحوم المجمدة والمصنعة المستوردة من الخارج والتي لا نعلم طريقة ذبحها وفق الشرائع السماوية أم لا؟ ولا نعلم طريقها هرسها وفرمها بجلدها وعظامها أم لا؟ !!! والعودة لطريقة  أهالينا في شراء اللحوم الطازجة من  الجزار وفرمها أمام أعيننا لضمان سلامتها وجودتها الصحية .

أما المحور الثالث : فيعتمد على قدرة رجال الاعمال الوطنيين في استثمار المقاطعة بضخ اموالهم في استثمارات زراعية وصناعية تقدم بدائل للمنتجات المستوردة وبجودة لها قدرة على المنافسة العالمية، وهو من شأنه ان يحفظ أموالهم  داخل  الوطن بدلا من استثماراها بالخارج وحمايتها من التعرض لمخاطر خارجية، ومن شأنه أيضا فتح مجالات عديدة من الانشطة التجارية الصناعية التي تستقطب الأيدي العاملة المحلية بما يقضي على البطالة، وايضا يقلص الاعتماد على العملات الاجنبية خاصة الدولار، ويقوي العملات الوطنية  .

 في تصوري، لو أننا أحسنا استغلال سلاح المقاطعة على هذا النحو فانه بإمكاننا ان ندعم اقتصاداتنا الوطنية بما يقوي مركزنا السياسي في العالم الذي يتخذ من مصادر القوة الاقتصادية مرتكزا لقوته السياسية والعسكرية وفرض قراره على الدول النامية .

ويجب الا نغفل أبدا عن حقيقة ان الصهاينة سيطروا على المجتمع الدولي بسلاح الاقتصاد والمال والاعمال، وبسطوا ايديهم على السوق العالمي وفرضوا كلمتهم القوية عليها من خلال سيطرتهم على البنوك والصناعات.

فعائلات روتشيلد وروكفلر ومورجان  دوبونت وبوش وغيرها ممن يسيطرون على الاقتصاد العالمي هم انفسهم الذين يتحكمون في صعود المرشح الرئاسي لقيادة القوى العظمي الامريكية .

من هنا يظل دعم اقتصاديتنا الوطنية ضرورة رئيسية في حماية أمننا الوطني والقومي، ولدينا كل مقومات النهوض الاقتصادي مواد خام من غاز ونفط وذهب ومعادن وغيرها يمكن توظيفها في صناعات محلية تلبي احتياجات سوقنا العربي الكبير، ويمكن ايضا الاستفادة من أبنائنا الذين تلقوا احدث نظم التعليم بالخارج وتوظيف علومهم في تطوير منتجاتنا الوطنية .

أتصور ان صناعتنا الوطنية العربية ترتكز على أرضية صلبة من مقومات الصناعة الحديثة، فالكثير من الدول العربية التي حققت طفرة في الصناعات الهندسية مثل الغسالات والثلاجات والمواقد وغيرها بأيدي وطنية ومستعينة بخبرة أجنبية، وقد تشربت الأجيال العربية هذه الخبرة وباتت تطور عليها، ويبقي علينا توطين هذه الصناعات محليا وضخ  استثمارات وطنية في تطويرها  بجودة عالمية لتلبي احتياجات الداخل  العربي والباقي يجد طريقه للسوق العالمي . كما ان صناعة الدواء في الأردن صناعة يشهد لها العالم من تطور وتقنية عالية.

ولابد من مواكبة التحول للإنتاج المحلي زيادة الاهتمام بالبحوث العلمية والصناعية وتوظيف نتائجها في تحقيق طفرة صناعية بأوطاننا العربية، مع نشر الوعي الاعلامي التسويقي بالمنتجات الوطنية ، والعمل في تغيير انماط الاستهلاك  والتسوق في دولنا العربية لكي تتسق مع المنتجات المحلية القومية .

وتحقيق هذا الهدف الاسمي من نهوض صناعتنا واقتصاديتنا العربية مرهون بتوافر جملة من الشروط المهمة منها توافر دعم حقيقي من الحكومات والقطاع الخاص لتقديم منتج جيد الصنع وبسعر تنافسي .

 ***

سارة طالب السهيل

عن الوضع الراهن في فلسطين المحتلة والمشرق العربي

تستمر عملية تبادل الأسرى بين الفلسطينيين وقوى الجيش الصهيوني المحتل، مع بروز الفارق الإنساني البشري الواضح بين عملية تعامل الفلسطينيين مع أسرى معركة طوفان الأقصى من مواطني ما تسمى بدولة إسرائيل من جهة ومعاملة جنود النجمة السداسية للمحتجزين والرهائن من الأطفال والشبان الناشئين والنساء من الشعب الفلسطيني من جهة ثانية. لماذا أصر على كلمة محتجزين أو مخطوفين أورهائن لدى العدو الصهيوني؟ سأوضح ذلك. معنى كلمة (سجين) هذا المصطلح الذي تستعمله مصلحة السجون الصهيونية يشير أن هذا الإنسان رجلا كان أم إمرأة - إنسان بلغ سن الرشد وقام بجنحة أو جريمة  يعاقب عليها القانون، وتمت إدانته بتهمة قدمت إليه، وبعد صدور الحكم بحقه، ها هو يقبع في السجن . بينما كل الذين أفرج عنهم من الفلسطينيين، وعشرات بل آلاف الفلسطينيين غيرهم تم إعتقالهم بأمر إداري - أي دون إبراز لائحة الإتهام لهم، أي بعبارة أخرى هم رهائن لدى قوى القهر الصهيونية، كونهم يرفضون نظام الأبارتايد - اي نظام التمييز العنصري، الذي تمارسه قوى الإحتلال من سلطات مدنية أو تشريعية أو بوليصية أو عسكرية، منهم من قبض عليه في بيته، ومنهم من جروه من مقعد الدراسة في مدرسته، ومنهم من أخذوه من صفوف مظاهرة إحتجاج على إحتلال بلدته وأرضه،  وحرمانه لكرامته وسيادته على أرضه...ما يلفت الإنتباه أن بين الرهائن في سجون الإحتلال من النساء والناشئين كثيرون من تلاميذ المدارس، ممن لم يبلغوا بعد سن الرشد. عندما نتحدث نحن هنا أمام مواطني روسيا الإتحادية أن سلطات الإحتلال الصهيوني هناك تقوم بإعتقال أطفال دون سن المدرسة، ودون سن الرشد لا يصدقوننا، جاءت أحداث طوفان الأقصى، وجاءت عملية تبادل الأسرى كي تثبت للعالم قولنا الصحيح هذا.

هناك طفلة فلسطينية من حارة الشيخ جراح ترفض مصلحة السجون الإسرائيلية الإفراج عنها كي لا تثير غضب المستوطنين، الذين في مشاريعهم ترحيل سكان هذا الحي. أما الطفل  الأسير محمد نزال من قرية قباطيا، تم الإفراج عنه ولكن بعد أن حطمت العصابة الصهيونية في السجن حطمت يديه، وأصابعه تحت أثر ضربهم القاسي له بهراوات من حديد، سمعته وهو يتحدث، حيث قال: كنت لا أقدر على الأكل أو الشرب، بل زميل لي كان يطعمني. أما عن معاملة الأسرى من قبل زلم مصلحة السجون الصهيونية فحدث ولا حرج. تخجل زنازين إس إس و أقبية الغيستابو في ألمانيا النازية أمام سلوك رجال السجون في معتقلات الصهاينة، بل يخجل  زلم سجن أبو غريب. كلنا يعرف همجية معتقلات ألمانيا النازية ومعاملة زلم تلك المعتقلات للأسرى والمعتقلين من أبناء الشعوب الأخرى، قساوة رجال القهر وزلم سجون دولة الإحتلال الصهيوني تساوي قساوة زلم إس إس وغيستابو في ألمانيا النازية.المثقف والمطلع على تاريخ الحرب العالمية الثانية يدرك الأسباب والخلفيات الفكرية التي يغذيها فكر التفوق العنصري، والنظرة الدونية نحو أبناء الشعوب والقوميات الأخرى من قبل النازيين، لا غريب في الأمر هنا فالجندي الصهيوني يتشرب فكر التفوق القومي، والعنصري منذ أيام الحضانة والطفولة، ويتشرب ذلك من كتب التاريخ والفلسفة الصهيونية،هذا الوزير الصهيوني أو ذاك يقول بشكل طبيعي موجها كلامه نحو العرب أبناء فلسطين: "أنتم حيوانات بشكل بشر، وعلاقتنا بكم ستكون من هذا المنطلق". هذا هو الفكر المبني على كراهية تجاه كل من هو ليس صهيونيا......

في كل دولة في أوروبا أو أمريكا وغيرهما  يحق للمواطن التحدث بكل حرية عن أي حزب سياسي، ويحق له أن ينتقد أي حركة سياسية في أي دولة أو قطر في العالم، ونظرة الناس والمجتمع نحوه ستبقى ضمن الأمور الطبيعية، ويقولون عنه :إنه إنسان سوي وطبيعي، ولكن يكفي لرجل أم إمرأة أن يقوم بالحديث عن سلوك الحركة الصهيونية، والجرائم التي يقوم بها رجال هذه الحركة من قتل وإغتصاب، وتدمير منازل، وأحياء بالجملة كما شاهدنا أثناء هذه الحرب في غزة ستلصق به عبارة  (معاداة السامية).

تسمع في الأخبار هنا وهناك أن حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي وغيرها وغيرها أنها  حركات راديكالية – إرهابية!!!!. أطرح هنا السؤال الذي طرحه الرئيس الروسي السيد فلاديمير بوتين – (ماذا أبقت السياسة الدولية بزعامة أمريكا، ماذا أبقت من حقوق للشعب الفلسطيني؟) لقد إنتظر الشعب الفلسطيني 30 عاما لإقامة دولته المستقلة. وماذا قدمت السياسة الدولية بزعامة الغرب وأمريكا سوى الوعود، بل الوعود الكاذبة. صدرت قرارات هامة بل العشرات من قرارات الأمم المتحدة حول حق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة، ولكن دولة إسرائيل لا سمعت ولا رأت. وكما يقول المثل الروسي الشعبي: مهما صرخنا على القط (فاسيا) فهو يأكل ويشرب، ولا عنده أي هم  من صراخنا.

هناك تناقض واضح في صناعة الخبر لدى بعض المحطات في وطني الثاني - روسيا الإتحادية.عندما تقوم القوات النازية الجديدة  في أوكرانيا بقصف البيوت، والأسواق، والمشافي، والجامعات، والجسور، والمؤسسات المدنية، في الدونباص او جزيرة القرم، وتقوم باغتيال المدنيين تسمي هذه المحطات الروسية، وهي محقة بذلك، تسمي هذا السلوك إرهابا. وأنا لا أختلف مع هذه المحطات في ذلك. ولكن عندما تقوم قوى الجيش الصهيوني بأعمال هي أكثر بشاعة، وأكثر تدميرا، في غزة أو الضفة من تدمير ممنهج للمنازل - مربعا بعد مربع، وحيا بعد حي، وبناية بعد بناية لا تقوم محطات روسية معينة بتسمية الأمور هنا بأسمائها، بل تغض الطرف، وتغمض العين عن ذلك، وتسمي هذا من الأمور التي ترافق أي عمل  حربي. هنا يمكن لي أن أقول وبكل صراحة: أن صناعة الأخبار في بعض محطات البث في روسيا الإتحادية لا تعكس موقف وزارة الخارجية الروسية، ولا تعكس موقف السيد الرئيس فلاديمير بوتين، بل هي خدمة مقدمة الى اللوبي الصهيوني.

إذا كان القهر في السجون والمعتقلات الصهيونية يوجد وراءه هدف -  وهو ترهيب العرب الفلسطينيين، وجعلهم يستسلمون للحكم والاستبداد الصهيوني. فإن تدمير البيوت في غزة والضفة وغيرها من المواقع في فلسطين المحتلة، مع أسلوب القتل الجماعي، بل منهج الإبادة الجماعية فوراءه هدف وهو - التهجير أي ترانسفير إلى سيناء والأردن وحتى إلى لبنان والعراق. نستنتج من ذلك أن وراء كل شكل من أشكال القتل، أو القهر، أو الإغتصاب، أو الدمار يوجد هدف - وهو (سيادة العنصر الصهيوني، والتوسع على حساب الآخرين) وهذا ما قامت به الدولة الصهيونية خلال 75 عاما، أي  منذ أن تأسست بناء على قرارالأمم المتحدة بشأن تقسيم أرض فلسطبن وبناء دولتين: عربية، ويهودية.

من المشاريع التي يرفع الستار عنها وتتضح معالمها يوما بعد يوم هي تسفير أو تهجير سكان القطاع - قطاع غزة إلى سيناء المصرية، والعمل على إستقبال ملايين من المهاجرين الصهاينة الجدد، وبناء مدينة كبرى مكان مدينة غزة وتسمى  نوفوسيتي. والأمر الآخر الذي يحلم به زعماء صهيون اليوم هو تقديم شكوى إلى المؤسسات الدولية بطلب  لتقديم تعويض لدولة إسرائيل عن هجرة اليهود من البلدان العربية، هذه الهجرة التي شجعها، ودعمها، وقادها، رجال الحركة الصهيونية ومنذ أيام تأسيسها الأولى بغرض بناء دولة إسرائيل. المشروع فيه مطالبة للتعويض عن أرزاق اليهود في السعودية، والعراق، ومصر، وسورية وغيرها من الدول العربية، هذا هو رد إسرائيل على بعض السفراء العرب الذين سرا يواجهون سفراء دولة الإحتلال، ويوشوشون في آذانهم:  (نحن معكم، ولكن لا تخبروا أحدا عن ذلك. أسترونا) !!!!! للكلام بقية.

***

بقلم الدكتور إسماعيل مكارم

كنا نتوقع ان يكون باثيلي افضل من سابقيه، يلم الشمل ويسعى الى تقريب وجهات النظر بين الفرقاء واختصار المدد الانتقالية التي لم تنتهي بعد ،فكل من ينتخب او ينصب لأجل اقامة الانتخاب  يسعى جاهدا للتمديد لنفسه، فالسراج وزبانيته بقوا في السلطة اكثر من اربع سنوات وكأنهم جسم منتخب شعبيا فخرج من السلطة بتوافق اممي ذهب السراج في سبيله ولم  تقم أي من الجهات المختصة بمحاسبته على اهدار المال العام وشراء الذمم، جيء بالدبيبة لفترة انتقالية محدودة جدا لا تتجاوز السنة لأجل التهيئة للانتخابات لكنه اليوم يقترب من نهاية عامه الثاني في السلطة، استطاع ان يمكّن نفسه من خلال شراء ذمم بعض التشكيلات المسلحة في العاصمة وما حولها ،اغدق عليها الاموال واطلقها تسرح وتمرح في ربوع الوطن، ضمن الى جانبه محافظ البنك المركزي (بيت المال) وكذلك استطاع ان يحدث تغييرا في رئاسة مجلس الدولة الذي اظهر تقاربا في وجهات النظر مع مجلس النواب انعكس ذلك بحوارات ابوزنيقة المغربية واللجنة المشتركة لإنهاء الازمة بشان الانتخابات وقوانينها الانتخابية واستصدار المراسيم بالخصوص .

الدبيبة الذي اسقطه مجلس النواب ولم تعد له شرعية قانونية او دستورية يتكئ على الجماعات المسلحة ومحافظ البنك المركزي ومجلس الدولة الذي يعتبره سلطة تشريعية موازية لمجلس النواب بينما هو مجلس استشاري ما يصدر عنه ليس ملزما لغيره.

السيد باثيلي يبدو انه ركب الموجة كسابقيه ويريد التمديد لنفسه ايضا، فلم يبارك تفاهمات المجلسين ونتائج لجنة 6+6 التي افضت الى نتائج ايجابية جدا بشان الانتخابات قام مجلس النواب بالمصادقة عليها دون تغيير، السيد باثيلي يريد العودة من جديد الى مربع الصفر بطلبه دعوة الاجسام الفاعلة في المشهد الليبي للاجتماع، فالجسمين التشريعيين قالا كلمتهما من خلال لجنة الحوار المشتركة بينهما(6+6)،بينما المجلس الرئاسي لا نرى انه قام باي دور يذكر وخصوصا بشان المصالحة، كذلك لاحظنا وباعتبار انه القائد الاعلى للجيش على الاقل في المنطقة الغربية، فانه لا سلطة له على التشكيلات المسلحة بالمنطقة الغربية والتي تم منحها الشرعية من قبل الدبيبة باعتباره وزير الدفاع (الذي يتبعه) المكلف منذ تعيينه بهذا المنصب!، أما القيادة العامة فإنها تحكم السيطرة على المنطقتين الشرقية والغربية وتقوم بدورها الامني  وهي على توافق تام مع رئاسة مجلس النواب وهما راضيان جدا عن ما توصلت اليه اللجنة المشتركة بين النواب والدولة وما صدر من قوانين من شانها اقامة انتخابات رئاسية وتشريعية في اقرب الآجال وانهاء الفترات الانتقالية.

الدفع الرباعي اليات تستخدمها التشكيلات المسلحة في تحركاتها، ولم تكترث يوما في ان تستخدمها في دهس المواطنين ،فهي ترى نفسها فوق الجميع وصاحبة القرار، كذلك يقوم السادة المسؤولين باستخدام سيارات الدفع الرباعي في ارتال بالطرقات العامة والطلب من مرتادي الطرقات بإفساحها لهم والا وجدوا انفسهم وسياراتهم خارج الطريق غير قادرين على الحركة.

لماذا اذن دعوة باثيلي الى الاجتماع الرباعي؟ يراه غالبية الشعب وبعض السياسيين مضيعة للوقت واطالة امد الازمة وبالذات تشكيل حكومة جديدة مهمتها اجراء الانتخابات التي يتمسك السيد الدبيبة بالبقاء على راسها وهي منتهية الولاية وتعتبر بحكم القوة القاهرة  او بالأحرى حكومة الامر الواقع خاصة وانه يرغب وبقوة في الترشح لرئاسة الدولة، أي انه ينحاز الى طرف دون اخر ومحاولة تثبيته في السلطة لإهدار المال العام .

ما يقوم به باثيلي هو محاولة قيادة ليبيا وكأنها عربة بدفع رباعي لتدهس ما تبقّى من الشعب الذي يفتقد الى العيش الآمن ومستوى معيشي جد متدني، لتستمر المعاناة التي طال امدها، ويستمر الساسة في نهب الاموال،ويستمر السيد باثيلي في منصبه للحصول على المزيد من الاموال على هيئة مرتبات ومهايا ومزايا قد تكون مستديمة.

يبقى القول ان الشعوب العربية المنكوبة والتي فرضت عليها عقوبات اممية وشمل بعض الفصل السابع لم يتحسن وضعها بفعل المندوبين الساميين للأمم المتحدة بل تفاقمت ازماتها.ما لم يتحرك الشعب ويوقف المهزلة فان القادم اعظم وامرّ.

***

ميلاد عمر المزوغي

ذات يوم شتائي قارص البرودة مضطرب الرياح تسلق مراد جبل "بلغة" وما أدراك ما "بلغة"، وكانت الطرق النيسمية مكسوة بالثلج الذي يجعله يشعر بأنه يدوس على سطح زجاج، وفي زلة قدم مباغتة إنزلق في وادٍ سحيق، ويبدو أنه فقد الوعي لبرهة، وعندما فتح عيونه وجد عشرات الصقور الكبيرة الحجم الحليقة الرؤوس والأعناق تتصارع حوله، إذ حسبته جثة هامدة، ولولا النظارات الواقية للعيون، أو النظارات الثلجية ذات العدسات الصفراء لفقد عيونه قبل إستفاقته.

حسب مراد أنه في الجحيم ، وبدون تردد مسك مسدسه وأطلق إطلاقة في الهواء، لإبعاد الصقور المتأهبة للهجوم عليه.

وبقي في حيرته بعد أن تحرر من عدوان الصقور، إذ كيفس يخرج من الوادي فلا مجال للخطو فيه فهو منزلق رهيب.

الصقور تتزاحم وجسم مراد المتحرك يرهبها، وهي تريد الفوز به كوليمة، ومسدسه في شاجوره عشرة إطلاقات لا غير، هو حبله السري مع مشيمة الحياة.

تعالى صياحه طالبا النجدة ولا أحد يسمعه، وخاف أن يسمعه العدو فيأتي لأسره أو قتله، وبعد وقت أطول من عمره، مر جنديان وناداهما فانتبها وعرفاه، وبعد فترة أعدا حبلا طويلا ألقي إليه، وما أن أمسكه حتى أخذ يتسلق الزجاج الأملس، ويبحث عن صخرة بارزة ليسند قدمه عليها ويحاول الخروج.

تذكر مراد تلك الواقعة وهو يتابع ما يحصل في الدنيا، فقد تدحرجت قوى في وادي التلاحي وتزاحمت ضدها قِوى، وإن إبتعدت عنها قليلا فلتعد العدة للإنقضاض عليها.

كان صراع مراد في الوادي الثلجي كصراع القوى المقتدرة المتوهمة بالإمساك بعنق الدنيا؟

فهل سقطت القِوى في وادي رَحَل؟!!

ومَن سيمد لها حبل النجاة، أم ستبقى متمحنة في منزلقات الوادي السحيق؟!!

***

د. صادق السامرائي

...........................

 * بلغة: جبل في السليمانية على الحدود العراقية الإيرانية شمال قلعة دزه، وهو من إمتدادات سلسلة جبال الهملايا، ويتميز بإرتفاعه الشاهق.

 

في المثقف اليوم