أقلام حرة
فراس ميهوب: رسالة من تحت الكارثة
![](/images/1/firas_mayhob.jpg#joomlaImage://local-images/1/firas_mayhob.jpg?width=600&height=350)
بعد السلام، هل نتعظُ بعد كل ما حدث بنا من مآسي، أم ننتظر يوم القيامة لنعترف بأننا أخطأنا بحق الوطن، وبحق أنفسنا؟
هل نعيد حساباتنا، أم أن الاعتراف بالخطأ ليس من شيمنا أبدا؟
كنا ننكر الواقع، ونتدعي التميز، ولكن الكارثة سقطت فوق رؤوسنا، فهل نصدق الواقعة، أم نمعن بالسير نحو الهاوية الأخيرة بمن بقي منا، من مثقوبي الرؤوس، ومسمولي العيون، وفاقدي السمع والبصر، والعاطلين عن العقل، العاطلين عن القلب.
هل أيقنا بأننا لم نقم دولا، ولا بنينا مجتمعات، وأننا ما زلنا حتى الساعة نصفق للأقوى، ونسحق الضعيف بلا رحمة، وأننا حتى السُّكر وبعد ألف كأس لا نريد الاستفاقة من الكارثة؟
هل نتخلى أخيرا عن عبادة الأصنام، الدين الوحيد الراسخ بلا نفاق في مورثاتنا منذ الجاهلية الأولى، هل نكفُّ عن الادعاء بحرية تأييد حاكم لا نملك خيار الاعتراض على أي أمر يصدره، ولا نملك أصلا إلا حرية التعبير في التهليل له وذبح الأبناء على عتباته ليرضى؟
هل نعترف بأننا طائفيون عند اللزوم، وعنصريون متى شئنا، واقليميون حين تخمش أظافرنا، وقُطريون يوم يأمر هذا أو ذاك، ولكننا عاجزون أن نرجع إنسانيين كما يجب أن نكون؟
ندَّعي الفضائل كلها، صحة الفكر والمعتقد والدين، فإن كنا واثقين إلى هذا الحدِّ فلمَ نخاف النقاش ونغلق أبوابه بالإرهاب الفكري دوما، وبالسكين وحتى المدفع إن لزم الأمر؟
إلى أين نمضي، ونحن نستيقظ كل يوم، وقبل أن تطأ أقدامنا الأرض نحلم بعيون مفتوحة أنَّ بلادنا صارت غير البلاد وعباد الله في هذه الأرض أصبحوا لا يشبهون أنفسهم بالأمس، وحين نجرجر أرجلنا على أرض الواقع ندرك أن لا شيء، لا شيء قد تغيَّر إلا إلى الأسوأ.
في السياسة، نحن اقصائيون، في العمل، نحن متكبرون، نصبح سادة أي مهنة لا نتقنها، نتعالى على من يعمل، وحين يبلغ الفشل مداه نتقاعد، ونورث ذات المهنة لأبنائنا.
عندما نخسر في أي مواجهة للمرة الألف، لا نراجع ولو لمرة يتيمة أفعالنا، ونضع اللوم على الغير.
***
فراس ميهوب
24/05/2021