أقلام حرة
صادق السامرائي: المعتز بالله وما جرى!!
هذا الخليفة الصبي أخرجوه من السجن الذي وضع فيه منذ أن إعتلى أخوه المنتصر بالله قاتل أبيه عرش الخلافة ستة أشهر (247-248) هجرية، ونصبوه خليفة وهو إبن التاسعة عشر من العمر (252-255) هجرية، وأرغموه على خلع عمه المستعين بالله (248-252) هجرية، الذي هرب إلى بغداد، ودارت حرب بينهما إستمرت أشهرا دُمرت فيها بغداد، ومن ثم أجبر المستعين على التنازل، وتم قتله بأمر من الخليفة الرهينة، والذي أجبر على قتل أخيه المؤيد أيضا، ومن ثم إنتهى به الأمر أن قُتِل شرَّ قتلة في سامراء، وعمره لم يتجاوز الثالثة والعشرين، وقد أنجب (إبن المعتز) من جارية، وهو في سن الخامسة عشرة.
أي أنه أمضى خمسة عشر سنة في كنف أبيه المتوكل، وبعدها خمسة سنوات في السجن، بعد أن خلعه المنتصر بالله من ولاية العهد ووضعه وأخاه المؤيد في السجن، وأقل من أربعة سنوات خليفة.
وكما جاء في تاريخ الخلفاء للسيوطي عن المستعين بالله " ولما تنكر له الأتراك خاف وإنحدر من سامراء إلى بغداد، فأرسلوا إليه يعتذرون ويخضعون له ويسألونه الرجوع، فامتنع فقصدوا الحبس، وأخرجوا المعتز وبايعوه، وخلعوا المستعين، ثم جهز المعتز جيشا كثيفا لمحاربة المستعين، وإستعدَ أهل بغداد للقتالل مع المستعين، ووقعت بينهما وقعات، ودام القتال أشهرا وكثر القتل، وغلت الأسعار، وعظم البلاء، وإنحل أمر المستعين...."
ومضى المستعين محبوسا حتى أمر إبن أخيه المعتز بذبحه وهو إبن إحدى وثلاثين سنة.
"وفي سنة 251 هجرية وقعت فتنة عظيمة بين جند بغداد وجند سامراء، ودعا أهل سامراء إلى بيعة المعتز وكان مسجونا فأخرج، وإستقر أمر أهل بغداد على بيعة المستعين، فصارت بغداد بجانب المستعين وسامراء بجانب المعتز، وأمر المستعين محمد بن عبدالله بن طاهر أن يحصن بغداد، وأدير حولها السور وحفرت الخنادق ونصب على السور المجانيق وأسلحة كثيرة عظيمة،......وإنضم الأتراك إلى معسكر المعتز، وجرت بينهما حروب طويلة وفتنة مهولة جدا، ولما تفاقم الضغط على المستعين جعل إبن طاهر يضغط على المستعين حتى خلع نفسه"
فأصاب بغداد ما أصابها من الخراب والإضطراب، وعانى الناس من شظف العيش والفحش والغلاء، وما هدأت الأحوال وإستقرت لحين، إلا بعد أن خُلع المستعين بالله، وتمت الخلافة للمعتز بالله إبن المتوكل من محبوبته (قُبيحة)، التي تسيدت على أركان الدولة، وما أنقذت ولدها من الموت، فاستولى على ثروتها القادة الأتراك المتنفذون وعلى رأسهم (صالح بن وصيف)، وأبعدوها وإبن المعتز إلى مكة.
وهكذا أتلفت النزاعات العائلية معالم الدولة العباسية في بغداد وسامراء!!
فهل من دراسات للصراعات بين خلفاء بني العباس؟!!
***
د. صادق السامرائي