أقلام حرة

علي حسين: المثقفون المزيفون

في هذا المكان كتبت عن ظاهرة مركز الرافدين وعن صاحبه زيد الطالقاني .. وقد كنت اشاهد مجموعة اطلق عليهم زورا لقب مثقف يشاركون في فعاليات مركز الرافدين، والبعض منهم اصبح من اعضاء الهيئة الادارية للمركز، وتجده يجلس مسترخيا والابتسامة ترتسم على وجهه ينظر باعجاب الى زيد الطالقاني وهو يستقبل السفراء وكبار المسؤولين .

هذا المثقف المزيف نفسه ستجده في جلسات " الانس " الليلية يتحدث بحسرة والم عن الفساد وضرورة التغيير، وما ان تشرق شمس الصباح حتى يرتدي بدلته ليذهب مطمئنا  للعمل في مكتب الحلبوسي او مكتب عمار الحكيم او اي مكتب من المكاتب التي توفر له مالاً وعلاقات وسهرات ليلية .. هذا المثقف المزيف اصيب بالخرس بعد ان تعرض زيد الطالقاني للملاحقة القانونية ..وتوارى عن الانظار وهو يشاهد الطالقاني يُساق الى السجن ، بل ان البعض منهم اخذ يبحث عن ممول جديد ليطوي صفحة مركز الرافدين  ويتهيأ لفتح صفحة جديدة .

في كتابه الشهير  "المثقفون المزيفون" – ترجمة روز مخلوف -  يقدم لنا المفكر باسكال بونيفاس، قسمين من المثقفين، الأول: يسميهم المثقفين المزيِفين وهم الذين  يمارسون تضليلا متعمدا، ويصفهم بأنهم يلجأون إلى حجج هم أنفسهم لا يصدقونها. والقسم الثاني: ويعتبرهم أسوأ من الفريق الأول، فهم المثقفون الذين يعتنقون مواقف وفقا لمصالحهم الشخصية. والى هذا الصنف ينتمي الذين صمتوا وهم يشاهدون ما جرى لزيد الطالقاني .

اكتب هذا الكلام الذي ربما يزعج البعض، لكننا ياسادة نشاهد ونقرأ كيف يساهم " المثقف المزيف " بإشعال نيران التعصب واشاعة الرثاثة عندما يصفق ويروج لاعمال ثقافية اوفنية او منتديات لا تنتمي للثقافة او الفن بصلة، لمجرد انها تداعب حواسه الطائفية او غرائزه المالية، فنجده يرفع شعار ان هذه الاعمال تشبهنا، وهي بالحقيقة تشبهه لانها مزيفة مثله .

يضع إدوارد سعيد يده على رسالة المثقف الأساسية، حيث يطاليب في كتابه " خيانة المثقفين " بان يمارس المثقف دوره الحقيقي في الدفاع عن قدسية الحياة، وعن القيم التي تجمع الناس. رسالة المثقف عند ادورد سعيد هي رسالة انسانية، غايتها الاساسية الدفاع عن حرية الإنسان وكرامته واستقلاله، بل تصل حتى للدفاع  عن حرية من يختلف معه في الرأي، وفق لمقولة فولتير الشهيرة : قد أختلف معك في الرأي، ولكنني أبذل كل ما في وسعي للدفاع عن حريتك، ولو كلفني ذلك حياتي .

***

علي حسين

 

في المثقف اليوم