أقلام حرة
ضياء محسن الاسدي: هجرة الريف إلى المدينة وتداعياتها على المدينة
أظهرت نتائج التعداد السكاني في العراق لعام 2024 ميلادي بعض الإحصائيات الملفتة للنظر منها التي وثقت عدد سكان الريف نسبة حوالي 29% وهذه النسبة تؤكد على أن الريف وسكانه أخذ يفقد بريقه وتركيبته المجتمعية وبداية للذوبان التدريجي في المجتمع المدني العراقي بكل ما يحمله من موروث وعادات وتقاليد وأسلوب عيش ونمط في التفكير لإدارة المجتمع الريفي التي تميزه عن المجتمع المدني وإذا أردنا وفق هذه الأمور أن نلخص السلبيات المهمة منها:
أولا: أن هجرت أبناء الريف إلى المدينة لها مؤشرات سلبية في المستقبل القريب والبعيد منها أن المجتمع الريفي سيذوب في المدينة تحت وطأة مغريات المدينة الغريبة على أبنائه ومعيشتهم البسيطة وستكون أحلامهم وتطلعاتهم كثيرة ومعقدة والحصول عليها في زحمة المدينة وصعوباتها وتعقيداتها ليس بالسهل اليسير وقد يتطلب منه الكثير من الأساليب الغير مشروعة للحصول عليها في وسط هذا الزخم الهائل من التحديات التي تعيشها المدينة وسعت مجتمعها وأسلوب عيشها المعقد .
ثانيا: ستكون هذه الهجرة سببا في النقص للمجتمع الريفي وتغير ديموغرافي لسكان العراق وله تداعيات خطيرة على الزراعة الذي يؤثر على الأمن الاقتصادي والغذائي للعراق كونه الشريان الرئيسي في جسم المجتمع العراقي وهذا يعد خطأ وقعت فيه الحكومات العراقية وخصوصا في السنوات الأخيرة والتي شجعت ودعمت بطرق وأساليب على أفراغ الريف من أهله وأجبرتهم على ترك ثروتهم الإستراتيجية وحولت المجتمع الريفي إلى نصف مدني والآخر أضاع خصوصيته الاجتماعية لأنه ليس من السهولة أن يتخلى كلا عن أسلوب عيشه .
ثالثا: ان كثيرا من سكان الريف سعى جاهدا على فرض أسلوب حياته بالقوة تارة وبالهيمنة تارة أخرى ليشكل ضغطا ليتسلط على مقدرات البلد سياسيا واقتصاديا واجتماعيا والدليل على ذلك أن أغلب الحكومات والبرلمانات العراقية أصبح يشكل فيه نسب كبيرة من شيوخ ووجهاء العشائر أو مدعومين من قبلهم وأبعدت العقول الأكاديمية والعلمية والمدنية عن الساحة السياسية حيث شُكلت حكومات عرجاء في الأداء المؤسساتي وغير مثمرة للمواطن العراقي بعيدة عن طموحات المجتمع ومشلولة في السير بعجلة التطور التي تحضا به الدول الأخرى المجاورة لنا. ومن جراء ذلك اوجد اختلاف في التركيبة الاجتماعية بين المدينة والقرية منها زيادة في أعداد الباحثين عن العمل في المدن على حساب سكانها مما يسبب مشاكل اجتماعية كثيرة وكذلك أوجدت هذه الهجرة فراغا في المنظومة المجتمعية الريفية على حساب نقصان في الثروة الحيوانية وإهمال الأراضي الزراعية الصالحة للزراعة وتراجع في الاقتصاد التي تعتمد عليه هذه الأراضي .
رابعا: محاولة فرض قوانين وسنن العشائر على المجتمع المدني وتراجع في تطبيق الكثير من القوانين المؤسساتية في ظل غياب تطبيق القوانين الحكومية مما جعل من المواطن العراقي إلى اللجوء للعشائر لفض الكثير من النزاعات الأسرية والوظيفية والمجتمعية ومن هذا الاتجاه جعل الهيمنة والكلمة العليا للعشائر الكبيرة والذات حضوه مجتمعية وفرض سيطرتها وسيطرة أفرادها مما سبب تفاوت في الأمن على الصعيد الشخصي للمواطن والمجتمع.
***
ضياء محسن الاسدي