أقلام حرة

صادق السامرائي: الأموات بين الكراهية والتمجيد!!

ظاهرة سلوكية فريدة تعصف في مجتمعاتنا عبر أجيال وأجيال، تتبدد فيها الطاقات بين السلب الفظيع والإيجاب البديع، وتبقى الأجيال تدور في حلقة مفرغة بينهما.

أموات نكرههم ونلعنهم ونقتل مَن لا يرجمهم ويشاركنا كراهيتهم، وأموات نمجدهم، ونحسبهم أحياءً ولمصيرنا يقررون.

لو فتشنا في كافة أمم الدنيا فلن نعثر على هكذا سلوك إلا عندنا!!

الناس تفكر بمصالحها الوطنية، وتعمل وفقا لما يحقق غاياتها المشتركة، وما مضى في عرفها مات، وتستثمر فيما هو آت، وتفعّل عقولها وتسخر طاقاتها للبناء والرقاء والنماء المتوثب نحو غدٍ ثري بالعطاءات.

لماذا مجتمعاتنا محكومة بالأموات، وتأبى التفاعل المعاصر مع الحياة؟

هل ينفع الأموات الأحياء؟

هل أن الزمن يتوقف عندهم، والتغيير مات؟

لكل زمان رجاله، ولكل عصر عقوله ومستلزماته، المتوافقة مع معطيات ما فيه من القدرات والتطلعات المتجددة الأصيلة الغنّاء.

سلوكنا يبرهن على أننا نخاصم عصرنا، وننكر تواجدنا في مكاننا، ونطارد خيوط دخان، وغيوم أوهام، ولا نعترف بأن الدنيا تؤخذ غِلابا.

تراثنا لا يتوافق مع ما نراه، ومنذ ما قبل الإسلام، فالرؤى والتصورات التي نقلتها لنا الخطب والمواعظ والأشعار، تحثنا على التفاعل المقدام مع العصر الذي نعيش فيه، ولا نهمل التجارب التي نستولدها ما ينفعنا لتطوير قدراتنا وسبك طاقاتنا في دروب التقدم والعلاء.

فلماذا نعطل عقولنا، ونسترشد بالرميم، ونحسب الأجداث تقودنا؟!!

و"قف دون رأيك في الحياة مجاهدا...إن الحياة عقيدة وجهادُ"!!

فأنى نكون تكون حياتنا، ويبدو واقعنا!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم