أقلام حرة
صادق السامرائي: الرثاء والبلاء!!
الرثاء: صوت البكاء مع الكلام على الميت، رثاه بقصيدة: عدد محاسنه وبكاه؟
الرثاء أحد أغراض الشعر المتواترة عبر العصور، وخلاصته "قفا نبكي"، فالأشعار المحببة للنفوس رثائية بكائية، وتجد شعراء الأمة في دولها متأهبين للرثاء المستطاب، الذي يترنم به الناس وكأن الإبداع يميل إلى سلوك البكاء.
فهل نحن مجتمعات نوّاحة باكية؟
معظم الشعر رثائي وتملقي، ووحتى الغزل يختزن من هذين الغرضين او يجمع بينهما .
يرسل إلي عدد من الأصدقاء تسجيلات لقصائد رثائية مرعبة، ويحسبونها شعرا رائعا يشاركونني به، وما يرسلونه بكائيات ولطميات بالكلمات الدامعة، وتحتها، ما أروع مَن عبّر عن الحزن والألم.
فإلى متى نبقى نتألم؟
إلى متى لا نتعلم ونتكلم؟
كلامنا كِلام، وبؤسنا غرام، وكلنا عظام، أسياد وذوو أنساب ومقام.
فمن يبكي على مّن؟
تأريخنا يبكينا، أم نبكي على ماضينا؟
نوح الحمام صديقنا، ودموع الثكالى رفيقنا، وإن لم تداهمنا الأحزان نستحضرها، فنحن قتلة ذاتنا وموضوعنا، ولا يوجد مجتمع ينوح ويتباكى على ما فيه مثلما نبكي وننوح.
العالم يتحرك بسرعة الضوء ونحن نتعثر ببعضنا، ونجلد انفسنا، ونجيد البكاء على الأطلال، والوقوف بلا أسفار، كأننا منهوكين، ومسلوبين الإرادة والمصير.
وماذا أقول وقد ناحت بقربي حمامة، وأنا القاتل والمقتول، والعال والمعلول، وأذرف الدموع على الطلول، وقال قائلهم حي على الخمول، والجهل والأفول!!
و"رأيت الدهر مختلفا يدور...فلا حزن يدوم ولا سرور"!!
***
د. صادق السامرائي