أقلام حرة

صادق السامرائي: غرناطة التي سقطت!!

غرناطة كانت آخر المعاقل التي غنمتها ممالك الشمال بعد حروب الإسترداد، التي إستمرت لأربعة قرون أو أكثر، وكان آخر أيام العرب المسلمين فيها يوم (2\1\1492).

وقد إتحدت مملكة ليون وقشتالة مع مملكة أريغون، وإستطاع (الملك فرناندو والملكة إيزابيلا) دخولها، ويُقال أن شهر عسلهما كان في قصر الحمراء، وهو القصر الذي غادره (أبو عبدالله الصغير) (1460 - 1533) منكسرا متحسرا باكيا، ووبخته أمه بقولها " إبكي كالنساء على ملك لم تصنه كالرجال"، أو " أجل عليك أن تبكي بكاء النساء على ما عجزت أن تدافع عنه دفاع الرجال" !!

ذهب وعائلته إلى فاس المغربية وعاش فيها حزينا فقيرا (898 - 940) هجرية.

والذي يتجول في قصر الحمراء يقرأ على جدرانه "لاغالب إلا الله"، وهو شعار أبو عبد الله الصغير الذي أزاح والده من الحكم لأنه رفض دفع الجزية لفرناندو.

فالسبب الجوهري لذهاب الأندلس وسقوطها، التناحر الدامي بين أهلها في ممالك ودويلات محقت بعضها البعض، فجاءها المفترس الذي يتربص بها فأنهى وجودها بالكامل.

وقد إستمر ذلك التفاعل التآكلي لقرون، فلم يتحقق الإنهيار في ليلة وضحاها، وإنما تواصل حتى بلغ ذروته بسقوط غرناطة.

والزائر لإسبانيا تشخص أمامه معالم الاندلس بثورتها العمرانية والمعرفية، وقد حافظ الإسبان على الشواهد العربية في بلادهم، وجنوا أرباحا طائلة منها لأنها جذابة للسياح من أنحاء العالم.

ويكفيها قصر الحمراء، والجامع الكبير، وجامع قرطبة وقصور الأمراء، والآثار المتنوعة التي لا تزال زاهية بصيانة وحرص أهل البلاد الذين حافظوا عليها بغيرة وطنية عالية.

فهل أن أحوال دولنا تشابه ما جرى في بلاد الأندلس؟!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم