أقلام حرة
صادق السامرائي: الإقران بالله!!
إقترن الكرسي بإسم "الله" مع تسلم المعتصم للخلافة بعهدة من أخيه المأمون، الذي حجبها عن إبنه، ربما لعذاب الضمير الذي أصابه بسبب مقتل أخيه الأمين!!
والبعض يرى أنه توسم فيه الشجاعة والقدرة على إخماد الثورات التي عجز عن القضاء عليها، كحركة بابك الخرمي.
ومنذ ذلك الحين وأسماء خلفاء بني العباس ترتبط بإسم "الله"، حتى آخرهم.
قبل المعتصم بالله، كان السفاح، المنصور، المهدي، الهادي، الرشيد، الأمين والمأمون، فثامنهم إقترن إسمه بالله وتواصل الخلفاء من نسله، وما كان الرشيد يخطر على باله أن المعتصم المدلل بإسراف سيكون خليفة!!
وكأن معنى هكذا إقران أنهم وضعوا الله في الكرسي، فأصبح الخليفة ممثله وصوته، ومَن يخالفه يكون كافرا بالله، وعليه أن ينال عقابه الشديد واوله القتل.
فالخليفة يترجم إرادة رب العالمين على عباده أجمعين.
السمع والطاعة قانون، والنقد وإبداء الرأي جنون، والمدح والتبجيل فنون، ولابد للتأريخ على مشيئته يكون ، فاكتبوا ما يرفع من شأن الخليفة المَصون، وإن خالفته فهو كالحمأ المسنون.
كلهم يمثلون الله، وغيرهم من أتباع الشيطان الرجيم، ولكي تكون من الصالحين، عليك أن تراهم حاكمين، وعلى العباد متسلطين، وبهم تتقرب زلفى إلى رب العالمين.
عجائب سلوكية تسببت بتداعية مأساوية، فتحول الخلفاء إلى رموز مجمدة في أوعية الكراسي، وبإسمهم يتحكم غيرهم بالأناسي، فانتقلت صرامة الإنتماء، إلى حواشي الإبتلاء.
ولهذا أصبحت الخلافة من ورق، وفي الدولة دول ودول، حكّامها يفعلون ما يشاؤون، وفي خطبهم للخليفة يذكرون، وهكذا تكالبت الأعداء وتسيّد الغباء، وإنتهى عهد الخلفاء، وما عاد الله رفيقهم بعد الفناء.
فهل حقا أجادوا الحكم بإتقان أمين؟!!
***
د. صادق السامرائي