أقلام حرة
عبد الخالق الفلاح: الحكومات.. الاستنهاض والمواكبة
على طريق بناء ثقافة وطنية ديمقراطية جُعلت من الثقافة الوطنية بتنوعها الثري مرادفا للتقدم والديمقراطية والابداع اذ ان التحركات بما احتوته من اشكال ثرية ومتنوعة تؤشر في الحقيقة بالظروف المجتمعية الشعبية التي تخوض مضمارها بمختلف قطاعاتها وطبقاتها وفئاتها وشرائحها الاجتماعية و، تبرز الاهمية المحورية للعمل الجماهيري والنشاط المطلبي، باعتباره أحد روافع النشاط السياسي للقوى الحاملة للمشروع العابر للطوائف، والتي لن يكون بمقدورها أن تؤدي رسالتها التنويرية والحداثية، إلا إذا اعتمدت بجدارة على الجماهير واجتذبها الى النضال من منطلق الاهداف والمهمات والشعارات التي تنسجم مع المصالح والحاجات الحيوية لهذه الجماهير في اللحظة التاريخية الملموسة، ان أزمة العقل البشري في العالم الثالث تُخيِّلُ له أن العمل لتغيير الواقع لا يمكن أن يتم إلا من مدخل السياسة وهي مع الاسف أزمةٌ عامة تُعبِّر عن ثقافةٍ في هذه المجتمعات. وإن إحداث تغييرٍ حقيقي في موقعٍ يتفنَّنُ أهله في مثل تلك الممارسات، إن للاستبداد السياسي حدوداً لا يملك تجاوزها بحال، ومواقعَ لايُمكن أن يصل إليها على الإطلاق.
ان مواقع المسؤولية في الحكومات لا تمن على شعوبها، ولا تتصدق عليهم من جيوبها أو جيوب كبار مسؤوليها، والوزراء يعتاشون على رواتبهم من ضرائب الشعب، والمواطن هو السيد وليس العكس، والحكومة مجرد مجري أو موظف يذهب لحال سبيله إذا قدم خدمات فاشلة للمواطن أو أساء إدارة مال شعبه او احيل على المعاش وفقا للقانون.
واثبتت التجارب أنه بدون العمل الجماهيري لن تحل الأزمات البنيوية المتفاقمة وهي الوسيلة المثلى لتغيير الواقع، ومن المعلوم ان لا تنهض المجتمعات الكبرى ولا تستقر من دون حكومة معينة، حتى لو كانت هذه الحكومة عاجزة عن تحقيق تطلعات الشعب وإن كانت أكثر الحكومات في العالم رجعية، ولا تواكب العصر الحالي وإذا لم تساير الحكومات تغيرات العصر وتحاول اعطاء الشعوب حقوقها والاهتمام الأهداف القصيرة المدى على أن تتواصل من أجل تحقيق الأهداف طويلة المدى حتما سوف ستقل قدرتها تدريجيا على ادارة شعوبها، ويزداد السخط الشعبي عليها، ويشعر المواطنون أنهم حُرموا من حقوقهم التي يكفلها لهم القانون لذلك سوف تتحرك من اجل تحقيق مطالبها سلباً وايجاباً.
ان الاوضاع الصعبة التي يمر بها العالم اليوم يتطلب إدارات نموذجية من الحكومات وهذا لا يمكن ان يتحقق إلا بشرط منها الكفاءة وتجفيف بؤر الفساد بأنواعه' ما من بلد محصن من الفساد، وتؤدي إساءة استخدام الوظيفة العامة لغرض تحقيق كسب خاص وإلى تقويض ثقة الشعوب في حكوماتها ومؤسساتها، وإضعاف فعالية السياسات العامة والانتقاص من عدالتها، وتحويل اموالها بعيدا عن الإنفاق على المدارس والطرق والمستشفيات'، مما يتطلب إخضاع جميع الانشطة الادارية او السياسية وغيرها للاختبار والتقويم، حيث تخضع لمعايير النجاح والفشل، لذا تتحدد قيمة الإدارة استنادا الى معياريّ النجاح والفشل وحيث يقسّم الادارة وفقا لشرطيّ النجاح والفشل والادارة الناجحة لا تكون إلا بمقوماتها، من شروط ومقتضيات وإلا ستكون فاشلة. ومن أهم مقومات الإدارة الناجحة هي المداراة لشعوبها وفي إدارة شؤون المجتمع والتعامل مع الناس مما يُعبّر عنه بمدرسة التعايش بدل تخير السلطة الحاكمة المواطن الذي لا حول له ولا قوة بين أمور كلها غير منطقية أصلا ولا علاقة بين بعضها والبعض الآخر منها مثلا، بناء الدولة أو الحصول على خدمات عامة، وبناء مشروعات وبنية تحتية أو توفير سلع للجماهير التي لا يمكن الاستغناء عنها أصلا،
***
عبد الخالق الفلاح- باحث واعلامي






