أقلام حرة
صادق السامرائي: الأديان والإنسان!!
البشرية لديها معتقدات راسخة متنوعة، ومَن يقترب منها بعقله ورأيه يُحسب من أعدائها، والمناوئين لنواميس الوجود الفاعلة في المخلوقات فوق التراب.
والقوى المتمكنة المهيمنة توظف الأديان لتأمين مصالحها بتكاليف زهيدة.
"سنصنع لهم دينا يحقق أهدافنا كلها بأيديهم"!!
فأي دين يمكن إعادة تصنيعه وتصديره للمجتمعات المُستهدفة به، وهذا ما جرى في واقع الأمة، حيث صارت تستورد دينها وفقا لآليات التسويق المعاصرة المتطورة، مما جعلها تندفع نحو حتفها بإيمان عنيف، وتحسب ما تقترفه من الجرائم والآثام من طقوس دينها المرهونة برموزه، الذين يوهمونها بأنهم يمثلون الدين القويم وغيره دين رجيم، فصار المنتمون لذات الدين يتقاتلون بشراسة ويفتكون ببعضهم بضراوة فائقة.
فالعلاقة بين الدين والكرسي سلبيةً، وتوفر فرصا للطامعين بالبلاد والعباد لتسخيره لتأمين مصالحهم، ويكون ذلك بنشر أسباب الفرقة والإنتقام بين أبناء الدين الواحد، فكل دين قابل للتشظي والإنقسام، وذلك بطرح فكرة وإقرانها بعمل عاطفي شديد الإنفعال، مما يؤدي إلى تعطيل العقول، وشحذ النفوس لتكون منطلقا للدمار الذاتي والموضوعي، وما أخطر الدين عندما يتحول إلى آفة!!
فالطبع البشري ميال للتخاصم والإفتراق، ويبتعد عن التوائم والإنسجام والإرتفاق!!
الأديان خامات فكرية يمكن إستيلادها أفكارا لا تعد ولا تحصى، ولهذا تنتشر المدارس والفرق والجماعات والمذاهب في كل دين، ولا يوجد دين متماسك، ما دامت عقول الناس كبصمات أصابعهم.
وهذه الثغرات التفاعلية تؤدي إلى نتائج خطيرة تجعل أي دين يبدو وكأنه من وسائل سفك الدماء وقتل الأبرياء، وفقا لتوجهات يتمسك بها الفاعلون ويتحررون بموجبها من مساءلة الضمير، فما يقومون به تنفيذا لما يأمرهم به الذين يرون أنفسهم الممثلين للدين.
وواقعنا المأساوي يزدحم بالتفاعلات المنبثقة من تباين الرؤى والتصورات، وحسبان الذي لا يتوافق مع غيره عدوه، فأما أن تكون معي أو أنت عدوي، وإن لم تؤمن بما أرى فأنت من الذين يحق لي إبادتهم، وتطهير الدنيا من وجودهم، فديني هو الدين وغيره لا دين.
وما تساءلوا ما معنى وقيمة الدين في الحياة إذا كان مشروعا للقتل والإجرام!!
فهل أن رب الدين معادي لخلقه أجمعين؟!!
***
د. صادق السامرائي