أقلام حرة

عبد القادر رالة: محمد الغزالي في الجزائر

يُعد الشيخ محمد الغزالي أحد أبرز رجال الدعوة الإسلامية في العصر الحديث، وله تأثير عميق على قطاع واسع من الناس، من المواطنين البسطاء والدعاة والعلماء، بل وحتى السياسيين، وقد امتد تأثيره إلى ما بعد وفاته بسنوات. لا يزال أسلوبه الدعوي وأفكاره حية في الأذهان، لا سيما في الجزائر التي ارتبط بها ارتباطًا وثيقًا...

امتاز أسلوبه الدعوي بالعبارة المؤثرة، والعاطفة المتأججة، واللغة الواضحة، والدعوة الى الوحدة والتماسك والأخذ بالعلم والسنن الكونية للتقدم والخروج من التخلف والتبعية والتحرر...

وقد ارتبط بالجزائر وتفاعل مع مجتمعها وتاريخها وتقاليدها، فأحبها وأحب أهلها، وأحب مدينة قسنطينة وسكانها، مدينة الجسور المعلقة؛ مدينة الثقافة والفكر...

كما ارتبط في الذاكرة الجماعية لنا نحن كجزائريين بدروسه الأسبوعية على شاشة التلفزيون الوطني حديث الاثنين...

كان غزير الإنتاج في التأليف، إذ كتب عن كل القضايا التي تهم الأمة في حاضرها ومستقبلها بأسلوب واضح ولغة سلسة وإيمان قوي، وبالطبع تعرضت بعض كتبه للنقد من طرف المثقفين أو الدعاة ورجال الدين، وكان يتنازل عن حقوقه في التأليف لصالح القارئ الجزائري، كما كان يُكتب على أغلفة كتبه !..

كما أنه كان محاضرا أساسيا في المؤتمرات الفكر الإسلامي التي كانت تُعقد كل عام بشكل دوري في مدينة من مدن بلدنا الحبيب..

ولا ننسى دوره في تأسيس جامعه الأمير عبد القادر الإسلامية بمدينة قسنطينة سنة 1984 .

كان الشيخ الغزالي محترما ومكرماً من طرف الجميع؛ من المواطن البسيط، ومن الطالب الجامعي، ومن طرف رجال السياسة، بل ومن طرف الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد نفسه ...

كان في كتبه ناقدا للتغريبيين، والسلفيين، والقوميين والإخوان المسلمين ولليبراليين بأسلوبه الهادئ، القائم على الحجة والبيان الواضح البيان، وكان يدعو دائما الى الوحدة بين الشعوب العربية والإسلامية ونبذ الفرقة داخل الأمة الواحدة ...

احترق ألماً بسبب الأحداث التي عصفت بالجزائر مع بداية التسعينات، اذ كان يعتبرها بلده الثاني...أحداث العنف والإرهاب التي أعقبتْ أحداث الثامن أكتوبر سنة 1988، وحرب الخليج في بداية التسعينات...

تُوفي سنة 1996، وهو يُلقي محاضرة حول العلم في الرياض بالمملكة العربية السعودية، ودُفن بمقبرة البقيع بالمدينة المنورة، تاركا وراءه ثروة علمية وفكرية كبيرة، تجاوزت الخمسين كتابا، والعديد من المحاضرات والمقالات والحصص التلفزيونية حيث يحرصُ كل أديب آو فقيه أو داعية أن يستزيد منها، حتى أولئك الذين يختلفون معه، لأنه قلمٌ صادق !..

وحتى اليوم لا يزال له مكان في قلوب الجزائريين .... الذين يكنون له محبة وتقديرًا كبيرين...

***

بقلم عبد القادر رالة

في المثقف اليوم