أقلام حرة
محمد سعد: الرِّزقُ المكْتُوبُ.. فلَا تَستعجِلهُ ولَا تأكُلهُ بِغَيرِ حقٍّ

في هذا الشهر الكريم، حيث تُضاء المساجد بنور الإيمان، وتعلو أصوات الدعاء، ينتظر كثيرون لحظة الفرج، التي قد تأتيهم في هيئة زكاة أو صدقة. ليس لأنهم تعودوا على الأخذ، بل لأن الله قدّر أرزاق العباد ووزعها بينهم، فجعل بعضهم في موضع العطاء، وآخرين في موضع الحاجة، ليختبر الجميع في الأخذ والعطاء.
الرزق ليس مالًا فقط..
الرزق لا يقتصر على المال، فقد يكون صحةً في البدن، أو راحةً في القلب، أو محبةً بين الناس. هناك من يملك المال، لكنه محروم من السعادة، وهناك من يعيش بالكفاف، لكنه هانئ البال مطمئن النفس.
كم من رجل ينام وبيته خالٍ من الطعام، لكنه يؤمن أن الله لن يتركه! وكم من أم تسهر والدموع في عينيها، تنتظر يدًا تمتد إليها بالخير، فتدعو لمن أعانها دون أن تراه...! هؤلاء لا يستعجلون رزقهم، بل يؤمنون أن ما كُتب لهم سيصلهم، سواء في صورة زكاة، أو عمل شريف، أو حتى باب خير يُفتح فجأة في اللحظة الأخيرة.
(لا تأكل رزق غيرك)
قد يغريك المال السهل، وقد تبرر لنفسك أخذ ما ليس لك بحجة أنك أحق به، لكن تذكر دائمًا:
"ما كان لك سيأتيك ولو كنت في قعر البحر، وما لم يكن لك، لن تناله ولو كنت بين يدي السلطان."
في الأسواق، في الوظائف، في التجارة، وحتى في الميراث، هناك من يظن أن الرزق "شطارة"، لكن الأيام تُثبت أن المال الذي جاء بغير حق، سيذهب كما جاء، وربما يجرّ خلفه ندمًا لا ينتهي. المال الحرام قد يغني صاحبه فترة، لكنه يحرم البركة، فلا يدوم ولا ينفع.
(الرزق لا يُستعجل)
الحياة مليئة بالدروس، وكل تجربة تثبت لنا أن الرزق لا يرتبط بالسعي وحده، بل يرتبط بالبركة. فكثيرون يكدّون ليل نهار، لكن لا يجدون راحة، بينما هناك من يعيش بالقليل، لكنه يشعر بسعادة تفوق الأغنياء.
الفرج قد يأتي في اللحظة الأخيرة، تمامًا كما حدث مع رجل من قريتنا، كان يعمل بجهد لكنه لم يكن يملك ما يكفيه، وفي ليلة العيد، وهو لا يعلم كيف سيواجه أطفاله بجيوب فارغة، جاءه الرزق من حيث لم يحتسب، فأعطاه رجل ثري أجرًا قديمًا نسيه، ولم يكن يدري أن هذه الأموال ستنقذ أسرة كاملة من الضيق.
فتذكر دائمًا…
الرزق مكتوب، فلا تأخذ حق غيرك ما كان لك سيأتيك في وقته
المال الحلال هو الذي تدوم بركته
الرزق ليس مالًا فقط، بل هو سعادة وراحة بال
"الرزق مكتوب لك حيث كنت، فلا تستعجله، ولا تأكل حق غيرك، ولا تيأس من رحمة الله، فإن الفرج يأتي في اللحظة التي لا تتوقعها."
***
محمد سعد عبد اللطيف - كاتب وباحث مصري