أقلام حرة

بنيامين يوخنا دانيال: السياحة الرياضية.. الواقع وآفاق المستقبل

يشير مصطلح السياحة الرياضية إلى سفر الأفراد إلى مناطق أو دول تتاح فيها إمكانيات ممارسة أنواع الرياضات المعروفة، مائية كانت أو جبلية أو صحراوية وغيرها. مثل السباحة وركوب الأمواج والغوص البحري وتسلق الجبال والتزحلق على الجليد والتخييم في الغابات والخروج برحلات السفاري في الصحراء والطيران الشراعي والغولف وركوب المناطيد والتجديف في الأنهار والهبوط بالمظلات والرغبي، أو حضور مباريات أو مهرجانات أو سباقات رياضية، وطنية كانت أو دولية (مشاهدة ومشاركة). وهي رياضات تجذب شرائح واسعة من السياح في مختلف بقاع العالم. ويعرف عن السياحة الرياضية والمغامرات بأنها سياحة متنامية يوما بعد يوم، وبمعدلات سنوية متصاعدة على النطاق الدولي والوطني بالنسبة لكثير من الدول، بزيادة وعي الناس بأهمية الرياضة وفوائدها الصحية الكثيرة، وتزايد عدد السباقات والفعاليات الرياضية، وقيام السلطات السياحية في الكثير من الدول باستثمارها وتوظيفها في أوجه التنشيط السياحي. مثل الولايات المتحدة الأمريكية التي تشير الأحصائيات إلى حضور (38 %) من الأمريكان البالغين في فعالية رياضية واحدة على الأقل خلال الأعوام الخمسة الأخيرة قبل 2012، واضطرارهم للسفر لمسافة (50) ميلا على الأقل في سبيل ذلك. وقد سجلت توقعات بتحقيق إيرادات بقيمة (300) مليون دولار أمريكي في (أوستن) عاصمة ولاية (تكساس) عند إقامة سباق الفورميولا 1 مع إمكانية استفادة المناطق القريبة مثل (سان أنطونيو) و(هيوستن) و(دالاس) وغيرها. وبريطانيا أيضا، وكندا التي سجلت فيها سنويا ملايين الرحلات السياحية الرياضية وذلك للسنوات القريبة السابقة لعام 2012. وكذلك أستراليا، وجنوب أفريقيا التي تستحوذ السياحة الرياضية فيها على (4 %) من اجمالي السياحة في البلاد. وقد استقبلت في عام 2010 قرابة (400000) سائح وفقا لتقرير صادر عن مؤسسة (جانت ثورنتون) الأستشارية، وبالاستناد إلى الاحصائيات الصادرة عن مكتب أفريقيا للاحصائيات. و(55 %) في أستراليا التي تشكل الرحلات الليلية من أجل السياحة (5 %) من مجموع الرحلات، وأنفق عليها (1.386) مليار دولار مقابل (0.461) مليار دولار على الرحلات النهرية التي تشكل (6 %) من مجموع الرحلات. كما يشير واقع البيانات والأحصائيات إلى انفاق سواح الألعاب الرياضية على مستوى العالم ل (3) مليارات دولار سنويا، واستحواذ السياحة الرياضية على نسبة الربع من اجمالي العائدات السياحية في بعض البلدان التي تعتمد سياسات واضحة في استثمار الرياضة في تحريض الطلب على المنتوج السياحي المحلي واستقدام السياح. وهناك إشارات واضحة إلى هذه الجوانب في الرسالة المشتركة التي القيت من قبل الأمين العام لمنظمة السياحة العالمية (دبيلو. تي. أو) ورئيس اللجنة الأولمبية الدولية (آي أو. سي) عام 2004 عند الأحتفال باليوم العالمي للسياحة، وتحت عنوان (الرياضة والسياحة: قوى حية من اجل التفاهم والثقافة والتطور الأجتماعي). وجاء فيها (للرياضة والسياحة أهداف مشتركة ألا وهي مد جسور التفاهم بين مختلف الثقافات وأنماط الحياة والتقاليد، وتعزيز السلم والنوايا الطيبة بين الأمم، وتحفيز الشباب والهامهم، وتوفير أساليب التسلية والمتعة للتخفيف من ضغوط الحياة اليومية على قطاعات كبيرة من السكان. السياحة والرياضة مترابطتان ومتكاملتان، أما الرياضة كاحتراف أو هوية أو تربية فتنطوي على حد كبير من السفر للعب والتنافس في مقاصد وبلدان مختلفة، وان الأحداث الرياضية الكثيرة مثل الألعاب الاولمبية وبطولات كرة القدم والرغبي وسباقات السيارات فقد أصبحت بحد ذاتها جوانب سياحية جبارة، تساهم إيجابيا جدا في تحسين السمعة السياحية للمقصد المضيف.. وفي هذا الاطار بدأت منظمة السياحة العالمية واللجنة الأولمبية الدولية التعاون في 1999 لتوطيد الروابط بين السياحة والرياضة). ومن الدول التي تستثمر هذا الجانب في الترويج السياحي، ودعم نمو السياحة الوافدة جمهورية الصين الشعبية، ومن خلال مهرجان (تشانغشون) للسياحة الثلجية في الصين للفترة من 1 كانون الأول وحتى 28 شباط، والذي تحرص السلطات المختصة على إقامته منذ عام 1998. وتغطي فعالياته في مختلف الأوجه السياحية والرياضية والتجارية والثقافية. وشهد عام 2013 الدورة ال (15) للمهرجان. وكانت إدارة السياحة الوطنية والأدارة العامة للرياضة والسلطات المحلية في مقاطعة هاينان الصينية قد أقامت معرض السياحة الرياضية في 18 كانون الأول 2010. وتم تأسيس (الشركة المحدودة للسياحة الرياضية التابعة لمجموعة السياحة الصينية) بتمويل من الشركة المساهمة لصناعة الرياضة البدنية الصينية ومجموعة السياحة الصينية من أجل تحقيق هذه الهداف. أما في تونس فيقام سنويا المهرجان الدولي للسياحة الرياضية الصحراوية، وقد انطلق اعتبارا من 25 كانون الأول 2011 ليستمر حتى 2 كانون الثاني 2011، وتحت شعار (السياحة المستدامة والمنصفة). كما ينظم الديوان الوطني للسياحة فيها تظاهرة السياحة والرياضة (ريدو رايد) في سبيل تنمية وتطوير السياحة في المناطق التي تفتقر إلى الأنشطة والفعاليات السياحية على نحو مكثف. ويأتي اهتمام السلطات السياحية بهذه المباريات والمسابقات الرياضية لكونها تشكل عناصر جذب فعالة (مشوقات – مغريات) تستقطب أفواج السياح من الداخل والخارج، ووسائل ترويج ناجحة للمنتوج السياحي الوطني، وبما يخدم الأتجاه الرامي إلى زيادة عدد السواح والعائدات السياحية وتنشيط النشاطات والقطاعات المرتبطة بها على نحو مباشر وغير مباشر. فلو أخذنا مدينة (انسبورك) النمساوية على سبيل المثال لوجدنا ان معظم السياح الذين ييممون نحوها من هواة الرياضات الشتوية، خصوصا بعد إقامة الألعاب الأولمبية الشتوية فيها عام 1964 وبعدها في عام 1976، واكتسابها لشهرة واسعة في هذا المضمار جراء ذلك، واستضافتها لمسابقات القفز السنوية من على منصة جبل (ايزل) لتستقبل الألعاب الأولمبية الشتوية الأولى للشباب في العام 2012. أما (بكين) العاصمة فقد استقبلت (450000 - 500000) زائر خلال فترة إقامة الألعاب الأولمبية الصيفية في آب 2008. وكان من المخطط أن تستقطب (لندن) في آب 2012 نحو (1) مليون زائر، ينفقون (5.2) مليار جنيه إسترليني أثناء الأولمبياد التي استمرت لمدة (16) يوما والتي توقع لها أن تخلق (50000) فرصة عمل جديدة في القطاع السياحي والقطاعات والنشاطات الأخرى المرتبطة بها. علما ان (50 %) من العطلات في بريطانيا تتضمن المشاركة في الألعاب والأنشطة الرياضية، وان (20 %) من الرحلات فيها هي لدوافع رياضية، وفقا للاحصائيات الوطنية. كما توقع لبولندا أن تستقبل (1) مليون سائح دولي أثناء إقامة بطولة الأمم الأوروبية 2012. أما ماليزيا فقد أطلقت بتاريح 29 أيار 2012 برنامج (عائلة ركوب الدراجات 2012) الذي شمل ساحة (باسيربوترا – كوليم) من ولاية (قدح) من أجل جذب السياح من هواية ركوب الدراجات الهوائية وتنشيط السياحة في الولاية. وأما دولة قطر فقد خصصت ميزانية بقيمة (150) مليار دولار أمريكي من أجل تهيئة البنية التحتية والفوقية واكمال الأجراءات والمستلزمات الخاصة باستضافة كأس العالم بكرة القدم 2022 التي توقع أن يحضرها (3.151) مليون متفرج محلي وعربي وأجنبي، ومنها (20) مليار دولار ستذهب لقطاع السياحة والترفيه. وكان من المتوقع أن تسجل هذه الفعالية الكبرى إيرادات هائلة للبلاد، ومنها (829) لقطاع الأطعام والشراب و(4.76) مليار دولار لقطاع الأيواء (الفنادق) و(1.37) مليار دولار لقطاع النقل و(51) مليون دولار من تأشيرات الدخول وغيرها كثيرة.
***
........................
- عن كتاب (مقالات في السياحة الرياضية) للباحث، مطبعة بيشوا، أربيل – العراق 2012.

 

في المثقف اليوم