أقلام حرة
علي حسين: فتوى المشهداني

اعجز مثل غيري عن إدراك التحولات "الفلسفية" عند رئيس البرلمان محمود المشهداني وحل لغزها في فكره، ربما لا املك ملكة الفهم التي تتيح لي حل احاجي حواراته الفضائية.
محمود المشهداني الذي عشنا معه من قبل فصولاً عجيبة وغريبة، عاد الينا ليقدم لنا فصلا جديدا من فواصل المهزلة السياسية كشف فيه عن مساعيه لإصدار فتوى بتحريم رواتب أعضاء البرلمان بسبب استمرار توقف عقد الجلسات، رغم ان قطع ارزاق النواب صعب على السيد المشهداني فهو يقول بكل اريحية: " قلبي ما ينطيني”.
ولأننا شعب ناكر للجميل فأنني اقترح على البرلمان العراقي ان يصدر كتابا عن انجازات ومعجزات النواب، وان يكتب السيد المشهداني مقدمة الكتاب يقول فيها للعراقيين بأنهم كانوا غارقين في مستنقعات التخلف حتى أنقذتهم "فتاوى المشهداني" من مصير اسود في منتهى البؤس، وأتمنى عليه وهو يكتب المقدمة أن لا يغادر صغيرة وكبيرة في عصرنا السعيد هذا إلا ويسجلها إنجازا يضاف إلى الانجازات الكبيرة والعملاقة التي نفذت خلال السنوات الماضية والتي جعلت العراق يتجاوز دولاً مثل ألمانيا واليابان. الناس بحاجة إلى كتاب يقدم لهم عصور مجلس النواب الزاهية الذي اتمنى ومعي ملايين العراقيين أن يأخذ البرلمان إجازة استجمام طويلة، فربما يرتاح الناس من فوضى الخطابات والهتافات التي تفاقم أزمة الاحتقان السياسي، فما الذي سيجنيه الناس من برلمان يعيد إلى مسامعهم الخطب نفسها وتمتلئ شاشات الفضائيات بمعارك تاريخية غير مسبوقة؟ وتتحول جلساته إلى مناكفات شخصية، ويملأ أعضاؤه السماوات والأرض بتصريحات عن الوطنية ومصلحة البلاد والدفاع عن قضايا الشعوب، لكنهم يعجزون عن مناقشة قانون يصب في مصلحة الناس.
سيقول البعض ان "فتوى المشهداني" انما هي تشخيصٍ دقيق للحالة العراقيةً، منذ استولى "الروزخونية" على رئاسة البرلمان، بغطاء ديني وفرته خطب وشعارات تنتقص من الدولة المدنية وتعتبرها كفر وإلحاد.
ولا أدري هل صاحب القلب الرحيم، واقصد السيد المشهداني، وهو يساهم مع زملاء له يفتقرون الى مشروع سياسي واقتصادي أو ثقافي يناسب اللحظة التي نعيشها بمفاهيم الحياة الآن، ولهذا نجدهم يُغطون على الخراب والفساد الذي ينخر جسد العراق بمعارك وخطب عن الأخلاق والفضيلة التي ضاعت بسبب مطالبة العراقيين بالدولة المدنية.
للأسف نعيش مع طبقة حاكمة منفعية تصر على اننا لا نزال نعيش عصر فيلم “الرسالة” وأن مهمة المسؤول ليست توفير الخدمات والأمن للناس، وإنما تحشيد الجيوش لفتح بلاد الكفار ونشر نظرية مثنى السامرائي في كيف تصبح مليارديرا في أربع سنوات وأننا أصحاب رسالة تؤمن بأن الخلاص من كل المشاكل يتلخص في اصدار "فتوى" المشهداني .
***
علي حسين