أقلام حرة
صادق السامرائي: مدرسة الإمعان!!

في مرحلة مبكرة من الدراسة المتوسطة قرأت كتاب (تأريخ البشرية) بجزأيه، للمؤرخ (أرنولد توينبي)، وبقيت في ذاكرتي مفاهيم لا أدركها، منها، أن العلاقات بين الدول، كعلاقات المخلوقات في الغاب، وأن الإبتكارات ستتنامى بإزدياد عدد البشر وعمره، وكذلك كتاب (مجمع الأحياء) من تأليف (عباس محمود العقاد).
ومضيت لا أفهم ما ترسخ في ذاكرتي من أفكار، وبعد أن دارت السنون بتحدياتها وأحداثها، وغرقنا في الفيضان المعلوماتي، ومعطيات التواصل الإجتماعي، بدأت تتضح الصورة وتتجسم، فالدنيا التي تجاوز عدد البشر فيها الثمانية مليارات، صارت تضخ المبتكرات التي تسابق الخيال، وكذلك الصراعات بينها، محكومة بقانون القوة التي تفترس الضعيف.
أسود وقرود وثعالب وذئاب وأرانب تسمى دول، في مجمع الأحياء العقّادية، تجتمع مخلوقات الغاب الدولية، ووفقا لمنطلقات أرنولد توينبي، علينا أن نقارن بين كل دولة والحيوان الذي تمثله.
الأسود قليلة والغزلان والأرانب كثيرة، والأسود لا تأكل الأسود، ولكي تكون أسدا عليك أن تمتلك السلاح النووي الفتاك وأبعد، ومن لا يصنع سلاحه ولا يُطعم نفسه يكون من فصيلة الغزلان والأرانب.
تلك مسرحية الحياة على خشبة التراب، وبعض الدول متفرجة، وأخرى تجيد التمثيل وغيرها الإخراج وبعضها التسويق، وما أعجز المتفرجين المغفلين، الذين يضحكون ويهرّجون والممثلون يعدّونهم لوليمتهم الشهية بعد إسدال الستار على فصول المسرحية.
عجائب سلوكية، بها تملأ بطونها الدول الثرية، التي لا تعرف الإنسانية، في عالم يتباهى بالنزاعات العسكرية، ويرفع رايات الحرية، في وسائله الإعلامية، والأفعال عدوانية!!
وكل مَن عليها خار، ومن فوقها طار، وتحول إلى غبار، أو إندفن في الدار، وتسعّرت في أركان وجوده النار، وتناثرت الأحجار، فالضعف إنسجار، والقوة إقتدار، والإعصار يتلوه إعصار، والناس تأكلها المخاوف والأخطار، فإلى أين الفرار؟!!
أسدٌ أنت وأنت الظالمُ...وكذئبٍ وبصيدٍ ينعمُ
لا تكن ظبيا خنوعا مبلسا...بمروجٍ اصطفاها الغانم
***
د. صادق السامرائي