أقلام حرة

صادق السامرائي: بناة الدول متشابهون!!

الطبع البشري مشترك وثابت الوضوح، ولا فرق بينهم عندما يتعلق الأمر بالحكم وبناء الدولة، ولا يهذب الطباع أي معتقد أو تصور مهما توهمنا.
فلا فرق بين مؤسسي الدولة الأموية والعباسية والعثمانية، وبينهم وبين بناة دولهم في القرن العشرين، فمنهم من دمّر ومنهم مَن عمّر، ولكل مثالبه ومحاسنه، ولا يوجد مثالي ومنزه من الخطأ.
لو درسنا بناة الدول منذ فجر الحضارات قبل التأريخ، فلن نجد إختلافا في سلوكهم، وأي إدّعاء غير ذلك يثير أسئلة.
القيام بدور بناء الدولة وتأسيس نظام حكم يتطلب قدرات ذاتية وظروف موضوعية تساهم في تفتح ما فيه، وتجتذب الرعية إليه، وحصر القوة في يديه.
وما يميزهم، التعبير عن سلوك الأسد في الغاب، وما يتصفون به يظهرونه بإنفلاتية مطلقة.
كبرياء، إستبداد وطغيان، وتوحش، ورغبة للإفتراس وسفك الدماء، ومحق الأعداء دون تردد، فالقوة أداتهم التي تمثل وجودهم وتسلطهم، وخضوع الجميع لهم، ومن يرفع رأسه يتم بتره.
وكلهم أعتى من فرعون!!
ولن يتغير لو حاوره ألف نبي، وأكثرهم يتوهمون بأنهم ينفذون إرادة قوة كونية عليا، سخرتهم لتأكيد شرائعها وما تمليه عقائدها، وفي هذا التوافق خطر مروع، لأن السلوك مهما كان قاسيا لن يتسبب بتأنيب ضمير، أو مساءلة ذاتية، فالحاكم ينفذ أوامر وغير مسؤول، ومَن يُفتك به، فهذا عقابه من القوة العليا وهو وكيلها.
لا فرق بين خليفة وملك وأمير وقائد وحاكم ورئيس وغيرها من المسميات، فجميعهم بشر ويعبرون عن خُلق التراب، إلا ما شذ وندر.
فمعادلة العلاقة بين الكرسي والبشر ثابتة، وتخضع لذات القوانين والعوامل المساعدة!!
فالدولة دولة بما تمليه على قادتها، والقوة سلطان مطلق الخصائل والمميزات، فالقوة عامل مشترك ومتجبر وتتمتع بطغيان وإستبداد، وجور مبين، لكنه في عرفها عدل مكين.
فالدول عبر العصور تدين بالقوة والهيمنة على غيرها، ولا شيئ يعلو على القوة في عرفها.
فهل بنبت الدول والإمبراطوريات بغير القوة؟!!


يا سراةً يا حماة الأمة
أبعثوها بصراط القوة
قوةٌ سادت وأمٌ إرتقت
برجالٍ من ذواتٍ القدرة
لا تقل أني وأنا بُعثرت
ورؤانا بعميق الحفرة
خطوة تاهت وأخرى بعدها
وضياعٌ في وخيم الغفلة
***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم