أقلام حرة
صادق السامرائي: المثالية والآدمية!!

لا توجد مدينة مثالية فاصلة ولا قائد مثالي في مسيرة البشرية منذ الأزل، الموجود تفاعلات آدمية، لبشر مخلوق من التراب ويمتلك خصال الطين.
منذ أن إنطلق مفهوم المدينة الفاضلة وإلى يومنا المعاصر، بقيت خيالا ووهما وأملا لا يمكن تحقيقه مهما حاولنا وإجتهدنا، فالطبع البشري لا يتوافق مع المثالية، ففيه من العدوانية والغابية ما لا يمكن تصوره، والتنبؤ بمعطياته.
ومَن يدّعي بوجود حالة مثالية فهو في بهتان عظيم.
البشر أيا كان توصيفه، ولا يمكن تقديسه وإعتباره من الملائكة والمنزهين من الخبائث، ويمثل الفضيلة المطلقة.
لا يوجد بشر من جوهر الفضيلة، بل فيه منها ومن الخبيث خليط متنوع التجانس والإنسجام، ويعبر عن الحالتين وفقا للظروف التي يكون فيها.
لا يمكن إخراج الأشخاص من بشريتهم وتحويلهم إلى مخلوقات لا آدمية، وكأنهم لم يخلقوا من طين.
آدم ونسله هذه مادة خلقهم، وإبليس مخلوق من نار حسب ما ورد في القرآن ولهذا أبى السجود لآدم، فهل أن الذي يتحرر من قبضة الطين يكون مخلوقا من نار؟!!
الواقعية الأرضية تخبرنا بأن الأسلاف كافة قد أكلهم التراب وتحولوا إلى رميم، وما منهم مَن لم يمت وينام في رمسه.
لا يوجد ما هو فاضل ومثالي في جميع قادة البشرية، بأنواعهم وتوصيفاتهم ودرجاتهم، ومعظمهم عبروا عن نوازع النفس الأمارة بالسوء الكامنة فيهم، وبعضهم القليل جدا إستطاع أن يهذبها ويبدو مختلفا عن غيره.
فالتصورات المثالية خيالية، والمدينة الفاضلة بعيدة المنال، فالعدوان وسفك الدماء من طبع البشر الساعي فوق التراب.
فهل لنا أن نستفيق من عواصف الأوهام.
***
د. صادق السامرائي