أقلام حرة

صادق السامرائي: أحب الفلسفة وأنفر منها!!

منذ وقت مبكر قرأت كتاب (الأخلاق) لأرسطو، والظروف من حولي صعبة، لكنه كان ممتعا رغم تعقيدات أفكاره، فأسهم في إنتصاري على الواقع الذي يحاوطني.
أتذكره وأتساءل عن وجود فلسفة عربية، فعندما أتصفح أي كتاب فلسفي أو أقرأ مقالة لها علاقة بالفلسفة، أجدها مكررة ولا تخرج من قبضة الأسماء المعروفة في الفلسفة اليونانية، ولا تجد ذكرا لفلاسفتنا منذ الكندي (185 - 256) هجرية، وما بعده.
وكأننا لم ننجب فلاسفة ولا نمتلك مفاهيم فلسفية، فالحقيقة المغفولة أن معظم شعراء المعلقات فلاسفة، وخطباؤنا وحكماؤنا قبل الإسلام فلاسفة ومفكرون أجلاء.
وقبل عصر المأمون كانت في الأمة حركات فلسفية متنوعة، وأكثر الحركات والمدارس التي إنطلقت مبنية على قواعد فلسفية، بل يمكن القول حتى حركة الخوارج كانت ذات طابع فلسفي وفكري، فهي لم تندلع بإنفعالية بل على أسس فكرية ونظرة تأويلية فلسفية الأبعاد، والمعتزلة قبل ترجمات المأمون كانت منطلقاتهم فلسفية.
فلاسفتنا والمعاصرون منهم، نتجاهلهم ونتفاخر بأرسطو وأمثاله، وننكر ما عندنا من فلاسفة ومفكرين، فأين تكمن العلة؟
هل هي المشاعر الدونية المرسخة المعززة بتكرارية مقصودة؟
هل أنها التبعية المفروضة علينا؟
هل نكراننا لذاتنا وموضوعنا وهويتنا وتأريخنا يدفعنا لذلك؟
ماذا يجري في واقعنا؟
العرب عندهم فلسفة، لكنهم يطمرونها ويتبارون في النيل منها، ويبجلون ما عند الأجنبي من رؤى وتصورات وكأنهم بلا رؤوس.
منذ إقرأ وما قبلها، والأفكار الفلسفية تتوافد على مجتمعاتنا، ووضعت بخطب بليغة، وقصائد خالدة.
أ لم يكن شعراؤنا فلاسفة؟
فالشعر فيه فلسفة، وهو ديواننا!!
و"قل لمن يدعي في العلم فلسفة...حفظت شيئا وغابت عنك أشياء"
***
د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم