لا...
لم تَعُدْ بديارِنا (الأزهَرا)
***
أنا لا أُحِبُّ مَدائِحاً وَ مِراءا
وَأُجيدُ في نَعْيِ العزيزِ رِثاءا
*
كَرِهَتْ تقاليدَ الهِجاءِ قصائدي
فَإذا بِشعري يَستفيقُ هِجاءا
*
وَعلى صُراخِ صغارها ونساءها
نَصَبَ القصيدُ سُرادِقاً وَ عَزاءا
*
وَمَآتِماً للصابرينَ على البَلا
لِيَزيدَني خَرَسُ الشيوخِ بَلاءا
*
عَتَبي على أعلى المنائِرِ أُخْرِسَتْ
وَبَدتْ وَأدْيِرَةَ الفلاةِ سَواءا
*
أَتَهَدّمتْ أرْكانُها وَتَصحَّرَتْ
وَأحالَها ذَنَبُ الطُغاةِ سِواءا ؟
*
أرثيكَ أم أرثي الكِنانَةَ بعدما
هَجَرتْ بواسِلَ أهْلِها القُدَماءا
*
فَبِها وَليُّ الأمْرِ غِرٌّ سادِرٌ
بِفجورِهِ قد أخجلَ العُملاءا
*
وَكِلابُ طاغيةِ البلادِ تَسعّرتْ
وَنُباحُها سَحَرَ الفُلولَ فضاءا
*
هُمْ ينبحونَ على الشهيدِ وأهْلِهِ
وَيباشرونَ مع الظلامِ عُواءا
*
شَتَموا الأعاجِمَ جاحِدينَ لِأنّهم
رَفعوا لِغَزّةَ رايَةً وَ لِواءا
*
طَعَنوا بإيمانِ الأُلى بَذلوا الدِما
وَتَعهّدوا أنْ ينصروا الضعفاءا
*
شَطَبوا الشهادةَ من معاجِمِنا كما
بصلاتِهم لم يَذْكروا الشُهداءا
*
عَربُ الهَوانِ تخلّفوا حينَ إرتقى
جُلُّ الأعاجمِ نخْوةً وَسَخاءا
*
وَلِأزهرِ الإسلامِ قُمْتُ مُعاصِياً
عَجَباً أراكَ تهادنُ الطُلَقاءا
*
أَتَرى الجياعَ تلوكُهم نارُ الوَغى
وتظلُّ تلهجُ خُطْبَةً وَدُعاءا.
*
خَلَعوا عِمامَةَ خائِفٍ مُتَوَجِّسٍ
لِيَصيرَ في قَدَمِ الخَئونِ حِذاءا
*
طَفَقَ المُعَطَّلُ خاصِفاً وَرَقَ الخَنا
وَمَضى يُوارِبُ سَوْءةً فَأساءا
*
رَهَباً إلى عَتَباتِهِ وَأصولِهِ
فَبَدا المُبَجّلُ للأنامِ خَواءا
*
أَسَفي على وَهَجِ الأشاعِرَةِ الذي
وَهَبَ العَقيدَةَ هَيْبَةً وَبَهاءا
*
خَرِستْ طيورُكَ لا تُغرّدُ مُذْ رأتْ
سَحَراً غُصونَكَ كالهَشيمِ هَباءا
*
ذَبُلَتْ زُهورُكَ والجُذورُ تَيَبّسَتْ
وَبَكتْ دِلاءُكَ في الرُواقِ جِباءا
*
زَبَداً طَفوْتَ على المياهِ بِنيلِها
وَذَهبْتَ إذْ عَطشَ الصِغارُ جُفاءا
*
كَثُرَ الشيوخُ على المنابِرِ إنّما
ظَهروا لِطوفانِ الكِرامِ غُثاءا
*
حِمَمُ القِيامةِ خَلْفَ سورِكَ تَرْتَمي
وَحَفَرْتَ في كَنَفِ الدُهورِ خِباءا
*
حَسَبوكَ إِذْ وَجَبَ النَفيرُ أمامَهُمْ
فَغَدوْتَ مُذْ غَدَرَ الفُلولُ وَراءا
*
دَفَنوا رُفاتَكَ عندَ آخِرِ كَبْوةٍ
وَعلى المُقطّمِ أسكنوكَ عَراءا
*
تَهِبُ الفَتاوى في الصغائِرِ حاذِقاً
وَعَنِ المَجازِرِ سادراً تَتَناءى
*
دُرَرَ الصِحاحِ تَلوكُها مُتَوارِياً
وَمُفَسِّراً سُوَرَ الكِتابِ حَياءا
*
فَكَأنَّ ذاكرَةَ الشُيوخِ تَصَدّعتْ
وَمَحَتْ بُراقَ رَسولِنا وَحِراءا
*
هَتَفَ الخطيبُ اللوْذَعِيُّ مُجَلْجِلاً
وَحَشا الحَواصِلَ غَبْرةً وَ هَواءا
*
وَكَسا العُراةَ بَلاغَةً مَثْقوبةً
وَلِسانُهُ مَنَحَ العُراةَ كِساءا
*
وَإمامُ أزهَرِنا الوديعُ مهابةً
غَفِلَ الشدائدَ واستطابَ رَخاءا
*
يخشى الفراعِنَةَ الصِغارَ ويَتَّقي
فمتى يُلبّي للجهادِ سَماءا
*
وَوزيرُ أوقافُ البلادِ مُباهِياً
جعلَ التَمائمَ للجياعِ دواءا
*
مَسَخَ التصوّفَ خِرْقةً وَعَوائداً
لِيُحيلَ نابِتةَ البلادِ جِراءا
*
قُتِلَ الأُلى حفظوا العهودَ وَشُرِّدوا
فَلِمنْ تُردّدُ يافُؤادُ نِداءا.
*
فَدِماءُ غزّةَ عندَ (رابِعَةَ) إبتدا
فتفجّرتْ كَبدُ الجِوارِ دِماءا
***
د. مصطفى علي