نصوص أدبية

مصطفى علي: سينٌ وشينٌ وهالةُ القَمَرِ

وَلِهالةِ القمرِ البعيدِ قَداسَةٌ

نقلَ السُراةُ حديثَها مُتَواتِرا

*

رَشَفوا النبيذَ مُعتّقاً من دَنِّها

ثمّ اهتدوا وَرَمَقْتَها مُتَحيّرا

*

أَفَكُلّما كَرَزُ الصِحاحِ يَلوحُ لي

رِيقي يَسيلُ فأنثني مُتحذّرا؟

*

شَغِفتْ بزخْرفةِ الغلافِ بصيرتي

وَلِعلَّةٍ رَأتِ المِدادِ مُشفَّرا

*

حُبْلى السنابلِ في الصِحاحِ نُجلُّها

وَنَرُدُّ أشواكَ الضِعافِ تَحرُّرا

*

وَنُجلُّ من حَصَدوا السنابُلَ خُشّعاً

إذْ أنجزوا ما قد بَدا مُتَعذّرا

*

لَسْنا ذَوي تِرَةٍ على قُدَمائِنا

وَنَرى القطيعةَ صَرْعةً وَتَهوّرا

*

لكننا نهوى التراثَ مَراقِياً

للماوراءِ وَليسَ عَوْداً لِلْورا

*

فَكرامةُ المخلوقِ خيرُ فريضةٍ

فافتحْ شبابيكَ البصيرةِ كي تَرى

*

واصعدْ سماواتِ السرائرِ رائياً

أسرارَ آلاءِ الكتابِ تَدبُّرا

*

تُثْري فتوحاتُ الجوى ان أشرقتْ

مُتذوّقاً عَرِكَ الرُؤى مُتبصّرا

*

فَتتبّعوا آثارَ أسلافِ النَقا

وَتَوجّسوا أثَراً هُناكَ مُزوّرا

*

أثَراً على عَدَدَ الشفاهِ رُموزُهُ

وَسَرى بِعَنْعَنَةِ الأُلى… مُتَحوّرا

*

هَوَساً بتحريمِ المُباحِ فصارَ مَنْ

يَسموا بِموسيقى الغرامِ مُكفّرا

*

وكذا مُصافحةَ الضباءِ جزاءُها

سَفَرٌ إلى سَقَرِ فَوا نِعْمَ القِرى !

*

تَهْوي العقائدُ إذ تَصُبُّ ضِعافُها

للشاربينَ نجيعَهُنَّ الأحْمرا

*

فكأنّها صَبّتْ زُعافَ ضَلالِها

وأحالتْ المَزّاءَ لُؤْماً أصفرا

*

وجميعها هَتَفتْ بدعوى أنها

منحت ذوي الالبابِ غصناً أخضرا

*

نسجوا أسانيدَ السَديمِ سلاسِلاً

نصبت على عُنُقِ السؤالِ مُسوّرا

*

واهتزّتْ الاكوابُ نَخْبَ حِكايَةٍ

إذ غائبُ النُدماءِ يُطربُ حُضَّرا

*

وتعاقبَ الإملاءُ سَجْعَ مُرَدِّدٍ

يُمْلي وَيَسْتمْلي الندامى سُكّرا

*

سَكِروا وراويةُ القبيلةِ شاهدٌ

لِيُبدِّعَ المرتابَ والمتذمّرا

*

(لا تربطوا الجرباءَ قُرْبَ صحيحةٍ)

وَحَذارِ من داءِ العليلةِ لو سَرى!!

*

أنا لا أصدّقُ ناقلاً مُتعالماً

لِهياكِلِ التقديسِ عاشَ مُسيَّرا

*

فَلَكَمْ قَذى المنقولِ أوهنَ عارفاً

وأزاحَ عن تلكَ الديارِ مُنوّرا

*

هل تُصلحُ الجُلّاسَ صرخَةُ شاهِدٍ

فلطالما غَشيَ الظلامُ المِنْبرا

*

يسقي الأنامَ مِنَ (الضعيفِ) غُثاءَهُ

مُتَبلّداً مُتَغوّلاً مُتحجّرا

*

يغلي بمكذوبِ الحديثِ مَزاجُهُ

وَيُردّدُ المَلَأُ البليدُ مُكبّرا

*

سكرى الطوائفُ والرَوايا تنتشي

فَمتى تُساقينا (الصحيحَ) فَنَشْكُرا

*

وَلَرُبّما (المغشوشُ) أسكرَ قاتِلاً

بِدِماءِ زرعِ اللهِ خاضَ لِيْسكرا

*

كيف الوصولُ لِماءِ زَمْزَمَ خالِصٍ

والماءُ من صَدَأ الدِلاءِ تعكّرا

*

تركوا الفواكِهَ عندَ موْسِمِ قَطْفِها

والى حصاد الأمس عادوا القهقرى

*

بَعُدَ المرامُ على اللواقطِ في الفلا

وتناثرَ الملقوطُ في أُدُمِ الثَرى

*

رَجَعوا إلى زمنِ السَماءِ بلابِلاً

طفقتْ تُغرّدُ كي تُحاكي البيْدرا

*

لكنّما التغريدُ أضعَفَهُ النوى

والرجْعُ من وَجَعِ الغيابِ تَكدّرا

*

أَتَلَمّسَ القيّافُ يُنبوعَ الهُدى؟

فَسَلوا (بُخارى) الأمسِ أو (أ مَّ القُرى)

*

وَسَلوا (كُليْنَ* ) وَ* سائلوا (الرَيَّ ) التي

زَعَمَتْ بِأنَّ الصيْدَ في جوْفِ الفَرا

*

رَكِبوا سُروجَ الليلِ صوْبَ سِراجِنا

بِيضُ المقاصِدِ قاصِدينَ الجوْهرا

*

عطشى القوافلُ والخيالُ هَوادِجٌ

هَتَكتْ سرابَ البيدِ ترجو الكوْثَرا

*

طَلَبوا رضابَ الحوضِ ثُمّتَ أدركوا

عَسَلَ الرضابِ على الشِفاهِ تَغيّرا

*

صَدَحَ الأوائلُ بالنُقولِ شَفاهَةً

وتناقلوا شوكَ الجنائنِ أعْصُرا

*

وَتَلقّطوا ثَمَرَ الصدورِ رواجِعاً

كَمُقامرينَ وما أباحوا المَيْسِرا

*

بذلوا قصارى العشقِ في قَطْفِ الجَنى

وَقِطافُهم بِصدى السنينِ تَعفّرا

*

ياناقلي (سُنَنَ) الحَبيبِ رُويدكمْ

(سُنَنُ) الدُهورِ قد تُغيّرُ أسْطُرا

*

بِكنوزِهِ حَفِلتْ حوافظُ ثُلّةٍ

ترعى الأمانةَ والذِمامَ تَذُكُّرا

*

مادنّسوا دُرَرَ البِحارِ وإنّما

زَبَدُ الذَواكِرِ قد يُخالطُ أبْحُرا

*

كَثُرَ الحُداةُ على الرواحِلِ في الدُجى

وَبِدمعِهم ياما الدليلُ تَعثّرا

*

نَفَدَ المجازُ مع المِدادُ فَهَيْتَ لي

غُرَرَ القوافي الراحِلاتِ مع السُرى

***

د. مصطفى علي

 

في نصوص اليوم