نصوص أدبية

جواد المدني: ليلة رحيل أمي ..

رحلتِ على أجنحةِ الصبرِ،

تسبحين بحمدِ اللهِ،

وتهللين كملكةِ السّماءِ.

*

ليلةٌ غادرتني فيها قوافل الكرى

أراقبُ فيها عروجَكِ صوبَ الفِراديسِ،

جسدٌ عمّدَتهُ الآلامُ،

يتهجّدُ عند الفجرِ والمساءِ،

يحكي عن سنينَ حاصرَها الجوعُ،

وأصنافِ القهرِ والبلاءِ.

*

أتعلّقُ بأذيالِكِ

كطفلٍ يخافُ اللّيلَ..

كم توسّلتِ إلى اللهِ بالأسحارِ،

وفي مجالسَ نسوةٍ تعجُّ بالنذورِ والبخورِ،

لا يملكنَ غيرَ الذِكْرِ ، و الدّعاءِ.

*

هيا أُقدِمُ حضناً عذّبه الانتظار..

ها أنذا،

أتشبّثُ بطيفِكِ،

حاملًا يتميَ على ظهري،

أرتمي عندَ ثراكِ،

هناكَ، عندَ ظهرِ الكوفةِ.

*

أمدُّ يدي نحوكِ،

أُريحُ رأسي على صدرِكِ،

أتوسّدُ قلادةَ يتمي

التي ماتتْ حولَ جيدِكِ..

كم لهَتْ سنونٌ بخرزاتِها،

لأرتضعَ لبنَ الولاءِ،

وكم توسّدَ وجهي خُصائلَ شعرِكِ

المخضّبِ بالأذكارِ والحِناءِ.

*

أُمّاهُ..

مَنْ لي بعدَكِ يُؤنسُ وحدتي؟

آه يا سيّدةَ النقاء،

ها أنذا، بحارٌ بلا بوصلةٍ،

أبحرُ بغيرِ شراعٍ،

يبستْ شراييني،

وغارتْ روحي في الأعماقِ،

فما عادَ لي بعدَكِ،

وطنٌ يقلّني،

أو سقفٌ يظلّني.

*

كالبدويِّ بغيرِ راحلةٍ،

ضلَّ طريقَهُ،

وتاهَ في البيداءِ

***

جواد المدني

في نصوص اليوم