يا ابْنَ الطُفوفِ شهادَةً وَبِها أرى
شُهداءَ بيتِكَ يَلْحَقونَ الآلا
*
نهضَ الحُسينُ مُعزِّياً وَمُوالِياً
وَدَمي تَفَصّدَ فادِياً مَنْ والى
*
يا آلَ غزّةَ هاشمٍ شُهداؤُكم
عَرَجوا إلى حيثُ الشفيعِ مَآلا
*
وَنَقولُ صبراً آلَ غزّة إنّما
سَتَدورُ دائرةُ الحروبِ سِجالا
*
أبناءُ إسماعيلَ قد صعدوا إلى
مَلَكوتِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى
*
تركوا لنا المُلْكَ الرخيص وأيقنوا
سَنَظلُّ في عَرَصاتِهِ ضُلّالا
*
وَلَمحْتُ زينبَ في العَراءِ وحيدةً
خلفَ الجَنائزِ تَنْدُبُ الآجالا
*
وَشَهدْتُ مكلومَ الفُؤادِ مُرتّلاً
سُوَرَ الكِتابِ لِيَهْزِمَ الأنذالا
*
وهناكَ شيخُ الأكرَمينَ مُنادياً
بطريقهِ الأقطابَ والأبْدالا
*
وَسَمِعْتُ صوتَ الوائِليَّ مُرَدّداً
للصاعدينَ إلى السَما مَوّالا
*
ياوائِلَ الدحْدوحَ حُزْنُكَ هَدّنا
وَبَعثْتَ فينا الحُزنَ والآمالا
*
أدري جِمارَ الفقْدِ تلْتهِمُ الحَشا
وَرحيلَهم كَجِراحِنا قتّالا
*
لكنّهُ الطوفانُ إذ بلغَ الزُبى
فَتَفجّرتْ أوجاعُكُمْ زِلْزالا
*
وَيَلوحُ حمزةُ في مَرايا بَدْرِنا
يُلْقي على البطلِ الشَهيدِ سُؤالا
*
مَنْ أنتَ ياولدي المُعَفّرُ بالدِما
كَدَمي الذي من أجلِكم قد سالا؟
*
أنا إبْنُ منكوبِ الصحافَةِ في الوَغى
إذ نَسْلُ خيْبَرَ ينفثونَ وَبالا
*
وأنا سَميُّكَ بل حَفيدُكَ سَيّدي
وأرى النوائبَ في دَمي تَتَوالى
*
زيتونةَ اللهِ التي قد لامَسَتْ
كَبِدَ السماءِ حقيقةً وخيالا
*
أشكو ذوي القُربي إليكم سادتي
وَبَني سَلولَ وَرَهْطَهُ وَرِغالا
*
هل عاوَدَ الأعرابُ غَدْرَ نَبيِّهم
جهلاً وهل لَبِثوا بِها جُهّالا؟
*
هل أدْمنَ الوحشيُّ رَمْيَ خصومِها
بِرِماحِهِ فَبَنتْ لَهُ تِمْثالا؟
*
صالتْ على كَبِدِ الشهيدِ بِظُفْرِها
وَتَقطّعتْ بِنيوبِها أوصالا
*
مُتَفَجِّعاً يرنو لِغزّةَ كُلّما
أُحُدٌ تفتّتَ واستوى أطلالا
*
جَزَعاً على كَبِدٍ تمزّق في الفلا
وَجَرى بأوديةِ الغضا شّلّالا
*
جَبَلَ الرُماةِ! هل الرماةُ تَفَرّقوا؟
ولهيبُ نيرانِ الوغى يَتَعالى
*
هيَ غزوةُ الأحزابِ ثانِيَةً ولا
حُلُمٌ يُراودُ خندقاً وَرِمالا
*
أخذتْ قُريضةُ من قُريْشَ مَشورةً
وَأطالَتا خلفَ السِتارِ جِدالا
*
اشهرْ حُسامَكَ ياعَليُّ مكبِّراً
هُبّوا فقد وَجَبَ الجهادُ قِتالا
*
طَهّرْ عَليُّ بذي الفقارِ سماءها
وابعثْ إلى بلدِ الرباطِ رِجالا
*
فأخوكَ زيدُ الخيلِ من صنعائنا
رفعَ اللواءَ مُبارزاً خيّالا
*
جعلَ البحارَ وَبابَها عربيّةً
أبَداً لِأفلاكِ الورى غِرْبالا
*
والقَلْزَمَ المُحْمَرَّ كالشَفَقِ الذي
بِدَمِ القلوبِ يُخضّبُ الآصالا
*
زرعَ الشواطي الحانقاتِ كمائناً
للناقلاتِ إلى العِدا أموالا
*
حصرَ الجواري الحاملاتِ مَؤونةً
لِمُحاصِرينَ بِغزَةٍ أطفالا
*
زَحَفتْ جيوشُ الأوسِ من يَمَنٍ كما
كُرَماءُ خَزرجَ شاهرينَ نِصالا
*
أنصارُ دينِكَ إذ قُريشُ تواطأتْ
نَذَروا لَكَ الأعمامَ والأخوالا
*
هَزَموا قراصنةَ البحارِ كأنّهم
نُظراءُ غزّةَ عِزّةً ونضالا
*
لم يألفوا معنى التنازلِ في الوغى
وَتَعوّدوا دَفْنَ الغُزاةِ نِزالا
*
مَنَعوا عُبورَ الجارياتِ فَدَشّنوا
للعابرينَ نهايةً وَزوالا
***
د. مصطفى علي